الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخالف بامرأتين لا بأمة.
باب المهر
ــ
أن يزوجه فلانة أو فلانة فأيها زوجه جاز ولا يبطل التوكيل بهذه الحالة (مخالف) أمره (بامرأتين) أي: بتزويجه امرأتين يعني في عقد واحد قيد به في (الهداية) ولابد منه لأنه لا وجه إلى تنفيذهما للمخالفة ولا إلى التنفيذ في أحدهما غير عين للجهالة ولا إلى التعيين لعدم الأولوية.
قال في (الهداية): فيتعين التفريق ورده الشارح بأنه غير مستقيم إذ له أن يجيز أحدهما أيتها شاء أو نكاحهما والمنفي إنما هو اللزوم للمخالفة وأجاب في (الحواشي السعدية) بأن المراد إذا لم يجز تزويجهما ورده بقرينة السياق قيد بامرأة لأنه لو أمره أن يزوجه امرأتين في عقدة فزوجه واحدة فإنه يجوز، كما في (الخلاصة).
قال في (البناية): إلا إذا قال: لا تزوجني إلا امرأتين في عقد وقيدنا بكونه في عقد واحد لأنه لو زوجه أيهما في عقدين نفذ الأول وتوقف الثاني وقيد بامرأتين لأنه لا يكون مخالفاً بالواحدة ولو صغيرة لا يجامع مثلها إجماعاً إلا إذا وصفها بأن قال سوداء فزوجه بيضاء أو عكسه لا يجوز وكذا لو قال من قبيلة كذا فزوجه من أخرى ثم إذا لم يصفها واختلفا في تعيينها فقال الموكل هي هذه وقال الوكيل إنما زوجتك هذه كان القول للزوج إذا صدقته المرأة كذا في (الخانية)(لا) يكون مخالفاً (بأمة) ولو مكاتبة أو أم ولد بشرط أن لا تكون للوكيل التهمة وهذا عند الإمام، وقالا: لا يجوز إلا أن يزوجه كفؤاً وذكر في الوكالة أن هذا استحساناً عندهما لأن كل واحد لا يعجز عن التزويج بمطلق الزوج فكانت الاستعانة في التزويج بالكفؤ، كذا في (الهداية) وهو ظاهر في ترجيح قولهما ويوافقه ما في (شرح الطحاوي) أنه الأحسن للفتوى واختاره أبو الليث وأجمعوا أنه لو زوجه ابنته الصغيرة أو موليته لا يجوز ولو كبيرة فكذلك عند الإمام وقالا: يجوز ولو زوجه امرأة قد أبانها قبل التوكل لا يكون مخالفاً إلا أن يكون الموكل قد شكى إليه من سوء خلقها وكذا الزوجة من آلي منها أو حلف بطلاقها ثلاثًا إن تزوجها ويقع الطلاق وفيه خلافهما والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.
باب المهر
لما فرغ من بيان ركن النكاح وشرطه شرع في بيان حكمه وهو المهر فإن مهر المثل يجب بالعقد فكان حكماً، كذا في (العناية) قال في (الحواشي السعدية): لا أدري لم خص مهر المثل مع أن وجوب المهر مطلقاً مسمى كان أو مهر المثل من
صح النكاح بلا ذكره، وأقله عشرة دراهم
ــ
أحكام النكاح فكان الأولى الإجراء على العموم. وأقول: إنما خص مهر المثل لأن حكم الشيء هو أثره الثابت به والواجب بالعقد إنما هو مهر المثل، كما صرح به في (العناية) بعد ولذا قالوا إنه هو الموجب الأصلي في باب النكاح وأما المسمى فإنما قام مقامه للتراضي به ثم عرفه في (العناية) بأنه اسم للمال الذي يجب في عقد النكاح على الزوج في مقابلة البضع إما بالتسمية أو بالعقد انتهى لكنه غير جامع لعدم شموله الواجب بالوطء بشبهة ومن ثم عرفه بعضهم بأنه اسم تستحقه المرأة بعقد النكاح أو الوطء إلا أن يقال: المعرف إنما هو المهر الذي هو حكم النكاح بحكم العقد ويقال له الصداق والنحلة والأجر والفريضة والصدقة والحباء وجاء في السنة تسميته بالعقليقة والعقر وقد جمعها بعضهم:
صداق ومهر نحلة وفريضة .... حباء وأجر ثم عقر علائق
لكنه لم يذكر الصدقة قيل وقد سماه الله تعالى بالابتغاء وفي الصداق سبع لغات أوضحها عند تغلب فتح الصاد وعند الفراء والأخفش كسرها (صح) عقد (النكاح بلا ذكره) لأنه عقد انضمام لغة فيتم بالزوجين ثم المهر واجب شرعاً إبانة لشرف المحل فلم يحتج إلى ذكره لصحته ولذا لم ينقل عن أحد خلاف في صحته بدون ذكره وكذا يصح مع نفيه لما ذكرنا (وأقله) أي: أدناه (عشرة دراهم) فضية ولو غير مصكوكة لخبر الدارقطني: (لا مهر أقل من عشرة دراهم) وقد ضعف لكنه بتعدد طرقه ارتقى إلى الحسن فقد رواه البيهقي في السنن الكبيرة من طرق وضعفها وأخرج عن علي: (أقل ما تستحل به المرأة عشرة دراهم) لا فرق في ذلك بين الدين والعين لو تزوجها على عشرة/ له على زيد صح وتأخذها من أيهما شاءت فإن اتبعت المديون أجبر الزوج على أن يوكلها بالقبض منه ولو على الألف التي له على فلان إلى سنة فاتبعت الزوج أخذته بالمال إلى سنة، كذا في (الخانية) وفي (الظهيرية) تزوجها على ألف على أن ينقد ما تيسر له والباقي إلى سنة كان الألف كله إلى سنة إلا أن تقيم البينة على أنه تيسر له البعض أو الكل فتأخذه ولو تزوجها أحد الدائنين على حصته من دين لهما عليها ليس للثاني مشاركته ولو على دراهم مطلقة بقدر حصته من الدين وصار قصاصاً كان له المشاركة والفرق أن النكاح في الأول أضيف إلى دراهم عين فتعلق بعين ما في ذمتها له وفي الثاني إلى مطلقة فتعين بمثلها، كذا في (الذخيرة) وفي (الظهيرية) تزوجها على ما وجب له من الدية على عاقلتها لأنها
فإن سماها أو دونها فلها عشرة بالوطء، أو الموت، وبالطلاق قبل الدخول
ــ
مؤدية عنهم. قال في (المحيط): ولو تزوجها على عيب عبد اشتراه منها جاز لأنها بقبول النكاح صارت مقرة بحصة العيب لأن النكاح لابد له من مهر فيكون نكاحها بمال فإن كانت قيمة العيب عشرة دراهم فبها وإلا كانت لها وغير الدراهم يقوم مقامها باعتبار القيمة وقت العقد في ظاهر الرواية حتى لو تزوجها على ثوب أو مكيل أو موزون قيمته يوم العقد عشرة فصارت يوم القبض أقل ليس لها الرد وفي العكس لها ما نقص.
قال في (المحيط): ولو صارت أكثر وقد طلقها قبل الدخول بعدما استهلكته ردت نصف قيمته يوم القبض لأنه إنما دخل في ضمانها بالقبض فتعتبر قيمته يومه ولو كسدت الدراهم قبل القبض كان على الزوج قيمتها قبل الكساد كذا في (الخانية) وفي (الولوالجية) المختار يوم الكساد (فإن سماها) أي: العشرة (أو) سمى (دونها فلها عشرة بالوطء) ولو حكماً لتحقق تسليم المبذل وبه يتأكد البدل (أو الموت) أي: يموت أحدهما لأنه به ينتهي النكاح والشيء بانتهائه يتقرر بجميع مواجبه لكن بقي يتأكد أيضاً بوجوب العدة عليها لما سيأتي من أنه لو أبانها بعد الدخول ثم تزوجها في العدة وجب كل المهر وإن لم يدخل بها لأن وجوبها فوق الخلوة بها وحكم النكاح الفاسد في هذا حكم الصحيح وبما إذا زال بكارتها بحجر ونحوه، بخلاف ما إذا أزالها بدفعة حيث يجب النصف بالطلاق قبل الدخول ولو كان الدفع من أجنبي.
(و) جب (بالطلاق قبل الدخول) نصف المسمى على الزوج وعلى الأجنبي نصف صداق مثلها، وفي (الجامع الفصولين): تدافعت جارية مع أخرى فزالت بكارتها وجب عليها مهر المثل انتهى. وهو بإطلاق يعم ما لو كانت المدفوعة متزوجة يستفاد منه وجوبه على الأجنبي كاملاً فيما إذا لم يطلقها الزوج قبل الدخول فتدبره ثم إيجاب العشرة فيما إذا سمي ما دونها استحسان.
وقال زفر: يجب مهر المثل قياساً على عدم التسمية، وجه الاستحسان أن العشرة في كونها صداقاً لا تتجزأ شرعاً وتسمية بعض ما لا يتجزأ ككله ولأن في المهر حقين وهو ما زاد على العشرة إلى مهر مثلها وحق الشرع وهو العشرة فإذا أسقطت حقها برضاها بما دون العشرة بقي حق الشرع فوجب تكميلها قضاء لحقه وبالطلاق قبل الدخول والخلوة ولم يذكرها لأن اسم الدخول يشملها كذا في (المجتبي) تتنصف العشرة لقوله تعالى:{وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: 237] الآية وجعل في (البحر) الضمير في يتنصف عائداً إلى المسمى بناء
ينتصف، وإن لم يسمه أو نفها فلها مهر مثلها إن وطئ أو مات عنها،
ــ
على أن الفعل بالياء إلا أن كونه بالتاء الفوقية أولى لأنه لو سمي ما دونها لا يتنصف المسمى فقط في (المبسوط) وغيره تزوجها على ثوب قيمته خمسة فطلقها قبل الدخول كان له نصف الثوب ودرهمان ونصف وما في (الخلاصة) لو تزوجها على أقل من العشرة أو ثوب قيمته أقل من عشرة كان لها نصف المسمى عند الطلاق قبل الدخول محمول على هذا ومعنى تنصيفها استحقاق الزوج النصف منهما لا أنه يعود إلى ملكه كما فهمه في (البحر) فلا يرد أن هذا إذا لم يكن مقبوضاً لها فإن كان لم يبطل ملكها منه إلا بالقضاء والرضى ولذا نفذ تصرفها فيه بعد الطلاق من عتق أو بيع أو هبة وكان عليها نصف قيمته للزوج يوم القبض خلافاً لقول من قال إنه يسقط ويجب النصف بطريق المتعة وهذا القول وإن جرى عليه في (الهداية) في الرجوع عن الشهادات لكن خلاف طريق الأصحاب لعدم فائدته كما في (البدائع).
قال الحدادي: وأثر الخلاف يظهر فيما لو كان به رهن عندها فعلى ما في (الكتاب) لها إمساكه لا على الثاني ولو اختلفا في الدخول وعدمه فالقول لها كما في (القنية)، واعلم أن الزيادة في المهر أما متصلة أو متولدة كالسمن أو لا/ كالصبغ أو منفصلة متولدة كالولد أو لا كالأرش وكل إما أن يكون قبل القبض فينتصف إلا لغير متولدة أو بعده فلا (ينتصف) فالأقسام ثمانية والنقصان يصيبه من غيرها إن كان فاحشاً ردته وهو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين وقيل: ما لا يتغابن في مثله وقيل فيما يخرجه من الجيد إلى الوسط ومن الوسط إلى الرديء ثم لا يخلو إما أن يفعله قبل الطلاق أو بعده أو بفعلها أو أجنبي أو بفعل المهر نفسه أو بآفة سماوية وكل منها إما أن يكون في يده قبل الطلاق أو في يدها بعده قبل الحكم بالرد أو بعده. فهي خمسة وعشرون ففي الزوج والأجنبي إن شاءت أخذته مع النقصان أو قيمته من الزوج يوم العقد وظاهر الرواية أن فعل المهر كالزوج وفي الآفة إن شاءت أخذته بلا غرم أو قيمته وبفعلها صارت قابضة، كذا في (المحيط) وغيره وفيه تزوجها على أمة بعينها فماتت في يدها ثم علمت أنها كانت عمياء رجعت بنقصان العمى كما في البيع ولو لغير عينها ضمن قيمتها عيباً والزوج قيمة خادم وسط فيتقاضاه وترد الفضل ولو كانت قيمتها أكثر من الوسط ولم يرجع عليها بشيء.
(وإن لم يسمه) تسمية صحيحة أو سكتت عنه (أو نفاه فلها مهر مثلها إن وطء) ولو حكماً (أو مات عنها) أو ماتت، لما رواه أبو داود أن ابن مسعود قال: (في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها الصداق كاملاً عليها العدة ولها الميراث فقال معقل بن سنان أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بمثله) هذا لفظ أبو داود وله روايتان بألفاظ أخر قال البيهقي جميع روايات هذا الحديث وأسانيدها صحاح والأشهر في بروع كسر الباء وعم كلامه ما لو تزوجها على ألف على أن ترد عليه ألفاً بمقابلتها مثلها فبقي النكاح بلا تسمية، كذا في (الفتح).
وفي (القنية) لو قال: زوجيني نفسك بخمسين ديناراً وأبرئيني منها فقالت قبلت ينعقد بمهر المثل لعدم التسمية فأما لو تزوجها على حكمه أو حكمها أو أجنبي فلو حكم واحد من هؤلاء بأكثر من مهر المثل أو أقل توقف على رضى من له الحق وما لو سمى مجهولاً كدراهم أما لو ذكر معه معلوماً كما لو تزوجها على دينار وشيء كان لها الدينار ونصف إلا شيء فإن كان مهر المثل أقل من الدينار كان لها الدينار فقط، كذا في (المحيط) وفيه تزوجها على وزن هذا الحجر ذهباً ثم علم وزنه فالخيار للزوج لا للمرأة لأن تمليك المهر يستفاد من جهته كما في الشراء، ولو قال: تزوجتك على حصة مهر مثلك من ألف إذا قسمت على مهر مثلك ومهر فلانة فقبلت، كان لها مهر المثل لا تزاد على ألف انتهى.
وما لو سمى ما لا يصح مهراً لتأخير الدين عنها والتأخير باطل أو قال: على ما تلبسه العام أو تزنه أو على ما وجب له عليها من القصاص ويكون عفواً وعلى عتق أبيها أو طلاق فلانة، ويقع العتق على المعتق والطلاق رجعياً. ولو قال: عنها صح ولا شيء لها لثبوت الملك اقتضاء ولو على حجة كان لها قيمة حجة وسط، كما في (الظهيرية) ولو على أن يحج بها كان لها مهر المثل، كما في (الخانية) وفي (المحيط) تزوجها على بيت فإن كان بدويا كان لها بيت من شعر وإلا قال محمد لها: بيت وسط أي: ثياب وسط لقوله بعد مما جهز هنالك قالوا: هذا في عرفهم أما في عرفنا فلا ينصرف إلا إلى المبنى من المدر وأنه لا يصلح مهراً انتهى. يعني فوجب مهر المثل ولو تزوجها على مهر جائز في الشرع ففي (المعراج) عشرة وفي (القنية) مثل المهر وهاهنا فرعان في (المحيط) وغيره الأول قال في (النوادر): ولو قال لها: أتزوجك على أن تعطيني عبدك هذا فقبلت جاز النكاح بمهر المثل ولا شيء له من العبد لأن هذا شرط فاسد والنكاح لا يبطل به وأراد بالشرط الفاسد اشتراطه عليها أن تهب له العبد الثاني تزوجها على أن يدفع إليه هذا العبد قسم مهر مثلها على قيمة العبد وعلى مهر مثلها فما أصاب قيمة العبد فالبيع فاسد والباقي يصير مهراً كما في (أجناس
والمتعة إن طلقها قبل الوطء، وهي درع، وخمار، وملحفة،
ــ
الناطفي) ووجه الثاني في (الولوالجية) بأنها بذلت البضع والعبد بإزاء مهر مثلها والمبذول ينقسم على قدر قيمة المبذل فما أصاب قيمة العبد فالبيع فيه فاسد لأنها باعته بشيء مجهول والباقي يصير مهراً قال في (الفتح: وهذا اختلاف في القدر الذي يجب لها إذ مقتضى الأول أنه تمام مهر المثل بخلاف الثاني انتهى. وإنما لم يكن تمام مهر المثل في الثاني لرضاها بذلك وأما لو تزوجها على ألف على تدفع/ إليه هذا العبد صح البيع والنكاح والله الموفق.
(والمتعة) عطف على قوله لها مهر مثلها أي ولها المتعة واجبة و (إن طلقها) أو فارقها بإيلاء أو لعان أو جب أو عنة أو ردة أو إباء منه أو تقبيل ابنتها أو أمها بشهوة بخلاف ما لو فارقته بخيار البلوغ أو عتق أو عدم كفاءة أو إرضاع أو تقبيل ابنه بشهوة حيث تسقط المتعة وكذا لو اشترى منكوحة من مولاها لمشاركة المولى الزوج في سبب السقوط (قبل الوطء) هذا إذا أنسدت التسمية من كل وجه أما لو صحت من وجه كما إذا تزوجها على ألف وكرامتها أو على أن يهدي لها هدية وجب لها نصف المسمى لا المتعة مع أنه لو دخل بها وجب مهر المثل لا ينقص من الألف كما في (غاية البيان) كذا في (البحر) انتهى.
وأقول: قدمنا عن (المحيط) أنه لو تزوجها على ألف أو ألفين وجب مهر المثل عند الإمام خلافاً لهما قال: ولو طلقها قبل الدخول كان لهما خمسمائة بالإجماع وهي عنده بحكم المتعة لأن الظاهر أن قيمة المتعة عنده لا تزيد على خمسمائة حتى لو زادت كان لها المتعة عنده كما في العشرة والعشرين انتهى. وهذا يقتضي أن إيجاب الخمسمائة فيما إذا تزوجها على ألف وكرامتها أو على أن يهدي إليها ليس لصحة التسمية من وجه بل لأن قيمة المتعة لا تزيد عليه وحينئذ فلا حاجة إلى هذا التقييد (وهي درع) بكسر المهملة ما تلبسه المرأة فوق القميص كذا في (المغرب) قال في (البحر): ولم يذكر في (الذخيرة) وإنما ذكر القميص وهو الظاهر.
وأقول: درع المرأة قميصها والجمع أدرع وعليه جرى العيني وعزاه في (البناية) لابن الأثير وعلى هذا فكونه في (الذخيرة) لم يذكره مبني على تفسير المطرزي (وخمار ما تغطى به المرأة رأسها (وملحفة) بكسر الميم ما تلحف به المرأة من قرنها إلى قدمها. قال فخر الإسلام: هذا في ديارهم أما في ديارنا فتزاد على هذا إزار ومكعب، كذا في (الدراية) ولا يخفى عنا الملحفة عن الإزار إذ هي بهذا التفسير إزار إلا أن يتعارف تغايرهما كما في مكة المشرفة. ولو دفع قيمتها أجبرت على القبول كما في (البدائع) ولم يبين المصنف بماذا تعتبر. وقد قال الكرخي: يعتبر كما في (البدائع) حالها واختاره
وما فرض بعد العقد، أو زيد لا ينتصف،
ــ
القدوري. واختار السرخسي اعتبار حاله ورجحه في (الهداية) قال في (الفتح): وقد يقال إن هذا يناقض قولهم أنها لا تزاد على نصف مهر المثل ولا تنقص عن خمسة دراهم يعني إذا كان نصف مهر مثلها أقل منها نص عليه في (الأصل) و (المبسوط) وهو صريح في اعتبار حالها وهذا لأن مهر المثل هو العوض الأصلي وقد تعذر تنصيفه لجهالة فيصار إلى المتعة خلفاً عنه فلا تجوز الزيادة على نصف المهر ولا تنقص عن خمسة لأن أقل المهر عشرة.
وأجاب في (البحر) بأن اعتبار حاله مقيد بأن لا يزاد على نصف المهر المثل لأنه عند التسمية التي هي آكد لا يزاد على نصف المسمى فعند عدمها أولى ودعوى الصراحة في اعتبار حالها ممنوعة لأنها لو كانت غنية قيمة متعها مائة والزوج فقيراً يناسبه أن تكون عشرين وجب المائة على اعتبار حالها والعشرون على اعتبار حاله وفي عكسه يجب عشرون يعني على كل الأقوال لا باعتبار حالها بل لما ذكرنا انتهى. وفيه نظر فتدبره واعتبر الخصاف حالهما وهو أشبه بالفقه قال في (الولوالجية): وهو الصحيح وعليه الفتوى وفي (الذخيرة) وهي الوسط لا جيد غاية الجودة ولا رديء غاية الرداءة.
قال في (الفتح): وهذا الإطلاق لا يوافق رأياً من الثلاثة وفي (البحر) لعله سهو فإن اعتبار الوسط موافق للآراء كلها كأنها لو كانت فقيرة وجب لها الكرباس الوسط على قول من اعتبر حالها أو متوسطة فقز وسط أو غنية فإبريسم وسط وكذلك حاله على قول من اعتبر حاله وعلى اعتبار حالهما فإن غنيين وجب إبريسم وسط أو فقيرين فكرباس وسط انتهى. وعندي أنه ليس سهواً بل هو الساهي إذ ظاهر الإطلاق في (الذخيرة) يفيد أن يجب من القز أبداً لأنه الوسط المطلق وهذا لا يوافق رأياً من الثلاثة. ولا نسلم أن إيجاب الوسط من القز أو الكرباس إيجاب وسط مطلق بل إيجاب وسط من الأعلى أو من الأدنى فظاهر أن المطلق خلاف المقيد نعم صرف الكلم على ظاهر بحمل ما في (الذخيرة) على ما ادعاه في (البحر) ممكن واعتراضه في (الفتح) ليس إلا على الإطلاق والله الموفق.
(وما) أي: والذي (فرض بعد العقد) الخالي عن/ المهر (أو زيد) على المهر المسمى عند العقد (لا ينتصف) بالطلاق قبل الدخول أما الأول فلأن هذا الفرض تعين للواجب بالعقد وهو مهر المثل وذلك لا ينتصف فكذا ما نزل منزلته لا فرق في ذلك الرض بين أن يكون بتراضيهما أو بفرض القاضي لأن لها أن تطالبه عند القاضي بأن يفرض لها مهراً إذا لم يكن فرض عند العقد ذكر التمرتاشي كذا في (الدراية) و (فتح القدير)، والمراد بفرض القاضي مهر المثل لما في (البدائع)، ولو تزوجها على أن لا مهر لها وجب مهر المثل بنفس العقد عندنا ثم قال: والدليل على صحته ما قلنا أنها لو طلبت الفرض من
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزوج يجب عليه الفرض حتى لو امتنع فالقاضي يجبره على ذلك ولو لم يفعل ناب منابه في الفرض وهذا دليل الوجوب قبل الفرض انتهى. ثم رأيت في (المحيط) ما لفظه: فإن فرض القاضي والزوج بعد العقد جاز لأن ذلك يجري مجرى التقدير لما وجب بالعقد من مهر المثل زاد ونقص لأن الزيادة على الواجب صحيحة والحط عنه جائز ويلتحق بأصل العقد لئلا يلزمها تحمل جهالة مهر المثل وهذا ينبغي أن يحمل على ما إذا رضيا بذلك وإلا فالزيادة على مهر المثل عند إبائه والنقص عنه عند إبائها لا يجوز وأما الثاني فإنما لا يتنصف لاختصاص التنصيف بالمفروض في العقد للنصف المفيد بالفائدة وفي كلامه إشارة إلى جواز الزيادة فيه سواء كانت من جنس المهر أو لا من زوج أو ولي فقد صرحوا بأن الأب والجد لو زوج ابنه ثم زاد في المهر صح بشرط أن تكون معلومة القدر حتى لو راجعها ثم قال: زدتك في مهرك لا يصح للجهالة، كما في (الخانية).
وبشرط أن تقبل في المجلس على الأصح كما في (الظهيرية) أو يقبل وليها لو صغيرة وفي اشتراط بقاء المهر في ذمته خلاف ففي (القنية) راقماً لقاضي خان قال: بعد الهبة جعلت ألف درهم مهرك لا يلزم وفيها الزيادة في المهر بعد الهبة تصح وفي (الخانية) لو وهبته مهرها ثم أشهد أن لها عليه كذا وكذا من المهر تكلموا فيه واختار الفقيه الصحة إذا قبلت ويحمل على أنه زادها في مهرها وفي (البزازية) الأشبه أن لا يصح ولا يجعل زيادة بلا قصد الزيادة وكذا في اشتراط بقائها في عصمته ففي (المحيط) الزيادة في المهر صحيحة حال قيام النكاح عند علمائنا الثلاثة خلافاً لزفر والخلاف فيه نظير الخلاف في الزيادة في الثمن وفي إكراه شيخ الإسلام الزيادة في المهر بعد الفرقة باطلة وهكذا روى بشر عن الثاني فيمن طلق امرأته ثلاثاً قبل الدخول بها أو بعده ثم زادها في مهرها لم تصح الزيادة لكن ذكر القدوري أن الزيادة بعد الموت جائزة عند الإمام خلافاً لهما واستنبط منه في (أنفع الوسائل) جوازها بعد البائن وانقضاء العدة في الرجعي بالأولى.
وأقول: الظاهر عدم جوازها بعد الموت والبينونة وإليه يرشد تقييد (المحيط) بحال قيام النكاح إذ قد نقلوا أن ظاهر الرواية أن الزيادة بعد هلاك المبيع لا يصح وفي رواية (النوادر) تصح ومن ثم جزم في (المعراج) وغيره بأن شرطها بقاء الزوجية حتى لو زادها بعد موتها لم تصح والالتحاق بأصل العقد وإن كان يقع مستنداً إلا أنه لابد أن يثبت أولاً في الحال ثم يثبت وثبوته متعذر لانتفاء المحل فتعذر استناده وما ذكره القدوري موافق لرواية (النوادر) وقد قالوا: لو أعتق المشتري الجارية ثم زاد في الثمن لم يصح وهو قولهما ورويا عنه الصحة ذكره في (البزازية) ولوجود النكاح بزيادة ألف قيل: على قول الإمام والثاني لا يلزم الألف الثانية وعلى قول محمد يلزمه وقيل: الخلاف على عكس هذا وفي
وصح حطها، والخلوة
ــ
(الكافي) ظاهر المنصوص في الأصل أنه يلزمه الألفان على قول الإمام، وعند الثاني المهر وهو الأول وفي (الولوالجية) زوجت نفسي منك بألف فقبل بألفين إن قبلته قبل التفريق لزماه لا بعده وهذا يجب أن يكون قو أبي يوسف ومحمد بناء على أن الألفين ألف وزيادة وعلى الفتوى، قال في (الفوائد): والحاصل أن الصور ثلاث الزيادة بلفظ الزيادة ويستوي فيها ما كان قبل الهبة وبعدها الثانية: الإقرار بعد الهبة أن عليه مهرها وهو كذا الثالثة: تجريد النكاح بزيادة وقد مر الكل بحمد الله تعالى. وفي قوله ويستوي/ إلى آخره إيماء إلى أن الخلاف في الزيادة بعد الهبة محله ما إذا لم يكن بلفظ الزيادة وهو حسن والله الموفق.
(وصح حطها) أي: إسقاطها المهر كلاً أو بعضاً قبل أو لا وهل يرتد بالرد؟ قال في (أنفع الوسائل): لم أر فيه نفلاً والظاهر أنه يرتد قال في (البحر): وقد ظفرت به في (مداينات القنية) قالت لزوجها: أبرأتك ولم يقل قبلت أو كان غائباً فقالت: أبرأت زوجي يبرأ إلا إذا رده انتهى. ولا يخفى أن المدعي إنما هو رد الحط وكأنه نظر إلى أنه إبراء معنى وقيده في (البدائع) بما إذا كان المهر ديناً للاحتراز عما إذا كان عيناً فإنه لا يصح ومعنى عدم صحته أن لها أن تأخذ منه ما دام قائماً فلو هلك في يده سقط المهر عنه لما في (البزازية) أبرأتك عن هذا العبد يبقى العبد وديعة عنده انتهى.
وظاهر كلامهم أنه صحيح ولو بعد الموت والبينونة وقد قالوا إن الحط بعد هلاك المبيع صحيح لأنه إسقاط محض فلا يشترط لصحته قيام العقد لكن لابد فيه من المرض ومن ثم قال في (الخلاصة) من الهبة: خوف امرأته بضرب حتى وهبت مهرها لا يصح إن كان قادراً على الضرب وفي (القنية) لو تزوجها سراً فقال لها: أصدقاؤه إن لم تبرئيه من المهر وإلا قلنا للشحنة كذا وكذا فيسود وجهك، فأبرأته خوفاً كان إكراهاً ولا يبرأ ولو لم يقولوا فيسود وجهك فليس بإكراه ولو قال لها أبرئيني من مهرك حتى أهب لك كذا فوهبته وأبى الزوج أن يهب لها يعود المهر وعلى هذا لو قالت: وهبته منك على أن لا تظلمني أو على أن تحج في وإن لم يكن هذا شرطاً في الهبة لا يعود المهر لو قالت: وهبته لك بشرط كذا وقال: بغير شرط فالقول لها وقد عرف أنها في مرض الموت وصية تتوقف على الإجازة إلا أن تكون مبانة منه وقد انقضت عدتها فينفذ من الثلث فلو وهبته له ثم ماتت فقال الزوج: كانت في الصحة والورثة في المرض فالقول له لأنه ينكر المهر كذا في (الخلاصة) قيد بحيطها لأن حط أبيها لو بالغة يتوقف على إجازتها ولو صغيرة بطل (والخلوة) شروع
بلا مرض أحدهما، وحيض، ونفاس، وإحرام، وصوم فرض
ــ
في بيان الخلوة الصحيحة وهي الخالية عن المانع الحسي والطبعي والشرعي كالوطء في تأكيد المهر بها أشار إلى الأول بقوله (بلا مرض) في أيهما كان لكن الأصح أن مرضها يمنع إلا إذا لحقه به ضرر ومنه أن يكون بفرجها شعر أو قرن وهو غدة غليظة أو لحكمة أو عظم أو عفل وهو شيء مدور يخرج في الفرج ومنه أن يكون صغيراً لا يجامع مثله أو صغيرة كذلك ومنه أن يكون معها ثالث بصيراً كان أو أعمى نائماً كان أو يقظاناص صغيراً كان أو كبيراً إلا أن يكون مجنوناً أو مغمى عليه أو لا يعقل وفسره في (الخانية) بالذي لا يمكنه أن يعبر عما يكون بينهما لكن في (البزازية) في المجنون والمغمى عليه إن في الليل صحت لا في النهار وكذلك الأعمى في الأصح ولا تمنع جارية (أحدهما) في (المختار) كما في (الخلاصة)، قال في (المبتغى): وعليه الفتوى وقالوا: إن كلبها مانع بخلاف كلبه إلا أن يكون عقوراً قال في (الفتح): وعندي أن كلبه لا يمنع وإن كان عقوراً لأنه قط لا يعتدي على سيده ولا على من يمنعه عنه سيده ومنه عدم صلاحية المكان كالمسجد والطريق والصحراء والسطح واختلف في البيت إذا كان بابه مفتوحاً أو طوابقه بحيث لو نظر إنسان رآهما ففي (النوازل) إن كان لا يدخل عليهما أحد إلا بإذنه فهي خلوة واختاره في (الذخيرة) أنه مانع والصالح كما في (شرح الطحاوي) أن يكونا في مكان يأمنان اطلاع الناس عليهما كالدار والبيت يعني المغلوق بابهما وإلى الثاني بقوله (وحيض ونفاس) لكنه إنما يكون كذلك عند درور الدم لا عند عدمه مع أنه شرعي فيهما أيضاً والظاهر أنه لا يوجد طبعي إلا وهو شرعي فلو اكتفوا بالشرعي عنه لكان أولى كذا في (البحر) وجعل منه في (البدائع) وجود الثالث وجعله في (الأسرار) من الحسي وإلى الثالث بقوله (وإحرام) وأطلقه إيماء إلى أنه لا فرق فيه بين إحرام الفرض والنفل والعمرة قالوا: لأنه يلزم من الوطء معه الدم والفساد والمضي والقضاء وهذا يقتضي أنه لو خلا بها بعد الوقوف أو بعد طواف أكثر العمرة صحت والجواب مطلق ويمكن أن يقال: المنظور إليه إنما هو لزوم الدم ولا شك أن البدنة فوقه وأما لزوم الفساد فمؤكد للمانع فقط/ بقوله (وصوم فرض).
اعلم أنه لا خلاف في أن أداء رمضان مانع واختلف فيما عداه من التطوع والنذور والكفارات والقضاء والأصح أنه غير مانع لعدم وجوب الكفارة بالإفساد وعلى هذا فقول القدوري أو كان أحدهما صائماً في رمضان من الحسن بمكان أقول: بقي أن هذا يقتضي أنه لو أكل ناسياً ثم أمسك وخلا بها أن تصح وعلى هذا كلما أسقط الكفارة وإذا عرف هذا فقوله في (البحر): فتقييده بالفرض ليس على قول من الأقوال فكان ينبغي أن يقيده بالأداء أو يطلق وأقول: عبارة قاضي خان في (الفتاوى) تفيد أن ثمة خلافاً في الفرض وآخر
كالوطء،
ــ
في التطوع وذلك أنه قال: إن الخلوة في صوم الفرض أو صلاة الفرض لا تصح وفي صوم القضاء والكفارات والمنذور روايتان والأصح أنه لا يمنع الخلوة وصوم التطوع لا يمنع الخلوة في ظاهر الرواية وقيل: يمنع انتهى.
وفي شرح (الهداية) أن رواية المنع في التطوع شاذة وعلى هذا فالتقييد بالفرض صحيح غاية المر أنه اختار المرجوح والصلاة كالصوم فرضها كفرضه ونفلها كنفله كذا في (الهداية)، وفي (شرح الوقاية) أن الواجبة منها كالنفل قال في (البحر): وينبغي أن يكون الفرض في الصوم ولو منذوراً مانعاً اتفاقاً لأنه يحرم إفساده وإن كان لا كفارة فيه وكذا ينبغي أن يكون مطلق الصلاة مانعاً لحرمة الإفساد لغير عذر وأقول: لا شك أن الحرمة في الأداء أقوى منها في غيره لما اشتملت عليه من إفساد الصوم وهتك حرمة الشهر ولذا غلظ عليه بالكفارة مع القضاء ولابد من التزام هذا في الصلاة وإلا أشكل. تتميم: من الموانع الشرعية أن يعلق طلاقها بخلوتها كقوله إن تزوجت فلانة فخلوت بها فهي كذا لحرمة وطئها حينئذ بالبينونة، فلا يتمكن من وطئها ويجب نصف المهر ولا عدة عليها، كما في (الخلاصة) وسيأتي ما ينافيه ومنها أن لا يعرفها حين اجتماعها لأن التسليم والتمكن لا يحصل بدون المعرفة، كذا في (المحيط) قال في (الخانية): ويصدق في أنه لا يعرفها بخلاف ما إذا لم تعرفه والفرق لا يخفى ولو كان نائماً صحت علم أو لم يعلم كما في (الخلاصة) فجعلوه كاليقظان وقالوا: إن الكافر إذا خلا بامرأته بعدما أسلمت صحت الخلوة ولو أسلم الكافر وامرأته مشركة فخلا بها لم يصح وكأن الفرق هو أن المانع في الأول منه إذ بيده إزالته وفي الثاني منها وهذا أولى مما في (البحر) من أن الفرق لعله مبني على أن الكافر غير مخاطب بالفروع فكان متمكناً من وطئ المسلمة بخلاف وطء المسلم المشركة. قال: وينبغي أن يكون منها كونه مظاهراً منها لحرمة وطئها عليه ويدل عليه تفسير الدبوسي الشرعي بما يحرم معه جماعها عليه كذا في (البحر).
وأقول: الظاهر أنه ليس منها ولذا أغفلوه وذلك أن المانع منه وبيده إزالته بالتكفير (كالوطئ) لرواية الدراقطني: (من كشف خماره امرأة ونظر إليها وجب المهر دخل أو لم يدخل) وعليه إجماع الصحابة كما قال الطحاوي وظاهر كلامه يعطي أنها كالوطء في حق تأكد المهر لأنه جعله سبباً ثالثاً لتأكده ووجوب العدة كما سيأتي وما زاده الشارح وغيره من وجود النفقة والسكنى في هذه العدة ومنع الأربع والإماء واعتبار زمن الطلاق فالتحقيق أنه من فروع وجوب العدة وإن كان راجعاً إليها كما في (عقد الفرائد) وكذا كون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المختار ووقوع طلاق بائن آخر في هذه العدة وهذا مما غفل عنه في (عقد الفرائد) و (البحر) بقي أن مما زيد أيضاً النسب وجعله في (البحر) من أحكام العقد وهو الظاهر وعلى هذا النمط من التحقيق جرى الإمام الخصاف في (أدب القاضي) حيث قال: إنها قائمة مقامه في تكميل المهر ووجوب العدة ولم تقم مقامه في حق بقية الأحكام انتهى وهي الإحصان وحرمة البنات وحلها للأول والرجعة والميراث وتزويجها كالأبكار كما جزم به غير واحد وفي (المجتبي) أنها تزوج كالثيب والأول أولى لأنه في المبسوط) لم يحك فيه خلافاً وإسقاط مطالبتها بالوطء مرة في العمر زاد ابن وهبان أن عنته بها لا تسقط ولا يكون أتياً بالفيء لو كان مولياً ولا تفسد عبادته ولا تكفير عليه ول كان صائماً ولا غسل وقد كنت نظمت ما أقيمت فيه وما لم تقم ضامناً إليه ما زاده ابن وهبان تتميماً وإن كان مثله لا يخفى ولذا أغفله أهل التحقيق فقلت:
وخلوة الزوج مثل الوطء في صور .... وغيره وبهذا العقد تحصيل/
تكميل مهر وأعداد كذا نسب .... إنفاق سكنى ومنع الأخت مقبول
وأربع وكذا قالوا الإماء ولقد .... راعوا زمان فراق فيه ترحيل
وأوقعوا فيه تطليقاً إذا لحقا .... وقيل لا والصواب الأول القيل
أما المغاير فالإحصان يا أملي .... ورجعة وكذا التوريث مقبول
وسقوط وطء وإحلال لها وكذا .... تحريم بنت نكاح البكر مبذول
كذلك الفيء والتكفير ما فسدت .... عبادة وكذا بالغسل تكميل
واعلم أن عد التكفير هنا مما لا ينبغي إذ الكلام في الصحيحة وصوم الأداء يفسدها كما مر. قال في (عقد الفرائد): قولهم بعدم حرمة البنات فيه نظر عندي؛ لأنهم قد أوجبوا العدة بها، وهي إنما شرعت لصون الماء واستبراء الرحم لما أنها قائمة مقام الوطء ولأنهم أثبتوا حرمة المصاهرة فمسه ابنته منها، وهو يظنها الأم التي هي زوجته والخلوة لا تخلو عنه وعن تقبيل غالباً إلا أن يحمل على المجرد عن ذلك، وقد رأيت ذلك منقولاً ولله المنة قال في (البزازية): في مسائل الخلوة وفي تحريم البنت اختلفوا وإن خلى بها وهو محرم أو صائم عن رمضان ثم طلقها له أن يتزوج بابنتها خلافاً للإمام والثاني انتهى. وأنت تعلم أن هذه الخلوة غير صحيحة ثم رأيت في (الظهيرية) لا تثبت حرمة المصاهرة بالخلوة عند محمد خلافاً لأبي يوسف ولعل هذا محمول على غير الصحيحة وفي (النجنيس والمزيد) بعد أن رقم (لأجناس الناطفي) قال في (نوادر أبي يوسف): إذا خلا بها في رمضان أو حال الحرمة لا يحل له أن يتزوج بابنتها وقال محمد: يحل له أن يتزوج بابنتها فإن الزوج لم يجعل واطئاً حتى كان لها نصف المهر، وجه رواية أبي يوسف أنه
ولو مجبوباً أو عنيناً
ــ
يجعل واطئاً فيما يحتاط فيه حتى وجبت العدة والحرمة مما يحتاط فيها فيجعل واطئاً في حق الحرمة كما في حق العدة انتهى. وبهذا يظهر لك أن الحمل الذي حملناه عليه كلام (الظهيرية) هو الحق ليس إلا وإن محمد يقول: إن في هذه الخلوة لا تجب العدة لأن الزوج لم يجعل واطئاً ولهذا لا يلزمه إلا نصف المهر فقط وإما إذا كانت صحيحة فيلزمه كل المهر فيجعل واطئاً فقياسه الحرمة على قول محمد أيضاً جرياً على مقتضى هذا التعليل ويكون الخلاف خاصاً بهذه الصورة التي يكون الفساد فيها لأمر شرعي مع التمكن من الوطء حقيقة وهذا تحرير المذهب في هذه المسألة وقد نقبت فيه كثيراً انتهى. فحاصله أن حرمة البنات بالخلوة الصحيحة لا خلاف فيها بين الصاحبين واختلفوا في الفاسدة، قال محمد: لا تحرم وحرمها الثاني لكن كلامه ظاهر في أن القول بحرمة البنات في الخلوة الصحيحة مما لا خلاف فيه وهو ممنوع ففي (الخلاصة) بعد ما نقل عن (الأجناس) كما في (التجنيس) قال: وجملته أن الخلوة توجب تكميل المهر والعدة إلى آخر ما مر ولا توجب الإحصان والإباحة للزوج الأول وفي تحريم البنت عليه بعد الخلوة اختلفت الروايات وأنت خبير بأن هذا إنما هذا إنما هو في الخلوة الصحيحة والظاهر عدم الحرمة ففي (الشرح) و (فتح القدير) وغيرهما أقام أصحابنا الخلوة الصحيحة مقام الوطء في حق بعض الأحكام تأكد المهر إلى آخره ولم يقيموها مقامه في الإحصان وحرمة البنات فجزم هؤلاء الأعلام بعدم الحرمة دليل على ضعف ما عداه بلا كلام.
(ولو) كان الزوج (مجبوباً) أي: مقطوع الذكر والخصيتين من الجب وهو القطع قال في (الغاية): والظاهر أن قطع الخصيتين ليس بشرط في المجبوب ولهذا اقتصر الإسبيجابي على قطع الذكر وهذا عند الإمام وقالا: إنما يجب عليه نصف المهر لأنه أعجز من المريض وله أن المستحق عليها التسليم في حق المستحق لأنه وسع مثلها في هذه الحالة وقد أتت بما وجب عليها وأورد بأنه كان ينبغي على هذا القول أن يجب عليه للرتقى كل المهر إذ ليس هذا تسليم غيره وأجيب بأن الرتق قد يزول فكأن هذا التسليم منتظراً غيره وهو الكامل واقتضى كلامه ثبوت النسب منه كما قال أبو سليمان وقال التمرتاشي: هذا إذا علم أنه ينزل والأول أحسن إذ علم القاضي بأنه ينزل أو لا ربما يتعذر أو يتعسر كذا في (الفتح).
(أو) كان (عنيناً) لأن الحكم أدير على سلامة الآلة وقد/ وجدت قال في (عقد الفرائد): ولو كان عدم القدرة على الوطء لمانع هو الكبر لم أقف على نقل فيه والظاهر أنه لا يكون مانعاً لثبوت القدرة قبل ذلك ثم رأيته في بحث العنين هو من لم يصل إلى النساء إلى آخره وقد يكون ذلك لمرض أو ضعف في خلقته أو كبر في سنه انتهى. وهذا تصريح
أو خصياً. وتجب العدة فيها وتستحب المتعة لكل مطلقة إلا للمفوضة قبل الوطء،
ــ
في أنه من أقسام العنين (أو خصياً) وهو من سلت خصيتاه وبقي ذكره يقال بخصاه نزع خصيتيه يخصيه خصياً على فعال والإخصاء في معناه خطأ وأما الخصي على فعل فقياس وإن لم نسمعه والمفعول حصي على فعيل والجمل خصيان كذا في (المغرب) قال في (البحر): وأشار المصنف إلى صحة خلوة الخنثى بالأولى.
وأقول: يجب أن يراد به من ظهر حاله أما المشكل فنكاحه موقوف إلى أن يتبين حاله ولهذا لا يزوجه وليه من مخنثته لأن النكاح الموقوف لا يفيد إباحة النظر، كذا في (النهاية) وأفاد في (المبسوط) أن حاله يتبين بالبلوغ فإن ظهرت فيه علامة الرجال وقد زوجه أبوه امرأة حكم بصحة نكاحه من حين عقد الأب فإن لم يصل إليها أجل كالعنين وإن تزوج رجلاً تبين بطلانه وهذا صريح في عدم صحة خلوته قبل ذلك وبهذا التقرير علمت أن ما نقله في (الأشباه) عن (الأصل) لو زوجه أبوه رجلاً فوصل إليه جاز وإلا فلا علم لي بذلك أو امرأة فبلغ فوصل إليها جاز وإلا أجل كالعنين ليس على ظاهره والله الموفق. وتجب العدة فيها أي: في الخلوة وهذا وإن عرف من كونها كالوطء إلا أن وجوبها لا يختص بالخلوة التي هي كالوطء بل تجب في الفاسدة أيضاً استحساناً فلا جرم نص عليها وهذا لأن توهم الشغل قائم والعدة حق الشرع والولد للنسب فلا تصدق في إبطال حق الغير بخلاف المهر وذكر القدوري أن المانع إن كان حسياً كالمرض (و) الصغر لا (تجب).
وإن كان شرعياً وجبت واختاره التمرتاشي وقاضي خان ويؤيده ما قاله العتابي تكلم مشايخنا في (العدة فيها) الواجبة بالخلوة الصحيحة أهي واجبة ظاهراً أو حقيقة فقيل: لو تزوجت وهي متيقنة عدم الدخول حل لها ديانة لا قضاء إلا أن الأوجه على هذا أن يختص الصغير بغير القادر والمرض بالمدفف لثبوت التمكن حقيقة في غيرهما كذا في (الفتح).
واعلم أن الموت أيضاً أقيم مقام الدخول في حق العدة والمهر لا فيما سواهما وعلى هذا لو ماتت الأم قبل الدخول بها حلت ابنتها (وتستحب المتعة لكل مطلقة) دخل بها الزوج أو لا (إلا للمفوضة) بكسر الواو من فوضت أمرها إلى وليها فزوجها بلا مهر، وبالفتح من فوضها وليها إلى الزوج بلا مهر. وقال العيني: هي بالكسر التي فوضت نفسها إلى زوجها منه بلا مهر وجوز بعضهم فتح الواو على معنى أن وليها زوجها بغير تسمية المهر قال في (المغرب): وفيه نظر (قبل الوطء) فيجب لها على ما مر. قال العيني: هذا التركيب لا يخلو عن خلل لأن الذي يعينهم منه أن المتعة تستحب لكل مطلقة إلا المفوضة فإنها لا تستحب لها وليس كذلك فيكون استثناء الواجب من المستحب فلا يصح لأن اسم المستحب لا يطلق على الواجب في اصطلاحهم وإن كان مستحباً وزيادة
ويجب مهر المثل في الشغار، وخدمة زوج حرمته للإمهار،
ــ
انتهى. ولا يخفى أن دعوى الخلل ممنوعة إذ غاية الأمر استثناء منقطع لأن الواجب خلاف جنس المستحب في الاصطلاح ثم الكلية شاملة للتي طلقها قبل الدخول وقد سمى لها مهراً وهو الموافق لما في (المبسوط) وغيره، وفي (مختصر القدوري) تستحب المتعة لكل مطلقة إلا لمطلقة واحدة وهي التي طلقها قبل الدخول وقد سمى لها مهراً وفي بعض النسخ ولم يسم لها مهراً والثانية من الأولى أولى إذ مقتضى الأول أن لا تكون المتعة واجبة للمفوضة وقد تقدم أنها واجبة ومقتضى هذا التقدير أن لا تكون صحيحة وقد يقال: أراد كل مطلقة دخل بها أو سمى لها مهراً وأما من طلقها قبل الدخول ولم يسم لها مهراً فقد قدم أن لها المتعة فلا حاجة لإدراجها في الكلية وعلى هذا فالأولى أولى فتدبره. والاستثناء مبني على رأيه كما نص عليه في مشكلاته من أنها في هذه الحالة ليست واجبة ولا سنة ولا مستحبة لا على معنى أنه لا ثواب فيها بل على أنها من أحكام الطلاق كما في (الإتقاني).
(ويجب مهر المثل في الشغار) وهو أن يشاغر الرجل الرجل أي: يزوجه حريمته على أن يزوجه الآخر حريمته ولا مهر إلا هذا، كذا في (المغرب) أي: على أن يكون بضع كل صداقاً عن الأخرى وهذا/ القيد لابد منه في مسمى الشغار حتى لو لم يقل ذلك ولا معناه بل قال: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك فقبل أو على أن يكون بضع بنتي صداقاً لبنتك فلم يقبل الآخر بل زوجه بنته ولم يجعلها صداقاً لم يكن شغاراً بل نكاحاً صحيحاً اتفاقاً وإن وجب مهر المثل في الكل لما أنه سمى ما لا يصح صداقاً وأصل الشغور الخلوة يقال: بلدة شاغرة إذا خلت عن السلطان والمراد هنا الخلو عن المهر لأنها بهذا الشرط كأنما أخليا البضع عنه (و) يجب أيضاً في التزويج على (خدمة زوج حرمته للإمهار) أي: لجعله إياها مهراً وهي لا تصلح مهراً فصح العقد ووجب مهر المثل عندهما وقال محمد: لها قيمة خدمته سنة قيد بالخدمة لأنه لو تزوجها على سكنى داره أو ركوب دابته أو الحمل عليها أو على أن تزرع أرضه ونحو ذلك من منافع الأعيان مدة معلومة صحت التسمية، لأن هذه المنافع مال وألحق به لمكان الحاجة، كذا في (البدائع)، ولابد في زراعة أرضه أن لا يكون له شيء من الخارج أما لو تزوجها على أن تزرع أرضه بالنصف ببذرها صح وفسدت فيجعل مهرها نصف أجر مثل الأرض وربعه إن طلقها قبل الدخول وإن كان هو العامل ببذرها في أرضها يجعل مهرها نصف أجر مثل عمله لا مهر المثل وعلى أن تزرع هي ببذره وهو أرضها ببذره وجب مهر المثل كذا في مزارعة (المجمع) ويكون الزوج خادماً لأنه لو تزوجها على خدمة عبده أو أمته صح ولو على خدمة معينة تستدعي مخالطة حر آخر صحت هو الصحيح وترجع على الزوج بقيمة خدمته كذا في (العناية)
وتعليم القرآن، ولها خدمته لو عبداً، ولو قبضت ألف المهر، ووهبته له فطلقها قبل الوطء رجع عليه بالنصف
ــ
وهذا يشير إلى أنه لا يخدمها فإما لأنه أجنبي لا تأمن الانكشاف عليه مع مخالطته وإما لأنه بغير أمره ولم يجزه حتى لو كان بأمره ينظر فإن كانت خدمة معينة تستدعي المخالطة لا يأمن معها الانكشاف والفتنة وجب أن تمنع وتعطى القيمة أو لا تستعدي وجب تسليمها وإن كانت غير معينة حتى صارت أحق بها لأنه جبر وحد فإن صرفته في الأول فكالأول أو في الثاني فكالثاني كذا في (الفتح).
واختلفت الرواية في رعي غنمها وزراعة أرضها للتردد في تمحضها خدمة وعدمه فعلى رواية (الأصل) و (الجامع) لا يجوز وهو الأصح وروى ابن سماعة أنه يجوز ألا ترى أن الابن لو استأجره أباه للخدمة لا يجوز ولو استأجره للرعي والزراعة يصح كذا في (الدراية)، وهذا شاهد قوي ومن هنا قال المصنف في كافيه بعد ذكر رواية (الأصل): الصواب أن يسلم لها إجماعاً وبكونه حراً احتراز عما سيأتي واعلم أن الظاهر من كلامهم يعطي أنه لا فرق في الزوجية بين الحرة والأمة بل الثاني المعلل به في الأمة أقوى منه في الحرة نعم لو تزوج أمة على أن تخدم سيدها سنة أو حرة على أن يخدم وليها سنة ينبغي أن يصح ولم أره.
(و) يجب أيضاً في التزويج على (تعليم القرآن) لأنه ليس أجرة بل عبادة ولذا لا يستحق الأجر عليه كالأذان والإقامة والحج وعند الشافعي يجوز أخذ الأجرة على هذه فتصح تسميتها كذا في (الفتح). لكن سيأتي في الإجازات أن المتأخرين اختاروا جواز الاستئجار على تعليم القرآن والفقه وعليه فينبغي أن تصح تسميته والظاهر أنه يلزمه تعليم كله إلا إذا قامت قرينة على إرادة البعض والحفظ ليس من مفهومه كما لا يخفى (ولها) أي: المزوجة (خدمته) يعني: الزوج فيما لو تزوجها على أن يخدمها مدة معينة (لو) كان الزوج (عبداً) مأذوناً في ذلك قيد به القدوري وكأن المصنف طواه تحت قوله: ولها أن الخدمة لا تكون لها إلا إذا كان مأذوناً فيه لأنها مال لما فيه من تسليم رقبته ولأنه يخدم مولاه يعني حيث كان يأمره ومن هنا لم تحرم خدمته لها، كما في (غاية البيان) بخلاف خدمة الحر فإنها حرام صرح به غير واحد لما فيه من الإهانة والإذلال وكذا استخدامه كما في (البدائع).
(ولو قبضت) الزوجة (ألف المهر ووهبت له) المقبوض (فطلقت قبل الوطء) والخلوة (رجع عليها بالنصف) أي: بنصف المقبوض لأنه لم يصل إليه عين ما يستحقه بل غيره لعدم تعيين الدراهم في العقود والفسوخ وكذا لو أشار في النكاح إلى دراهم كان له أن يمسكها ويدفع مثلها جنساً ونوعاً وقدراً وصفة ولو لم تهب شيئاً والمسألة بحالها كان لها إمساك المقبوض ودفع غيره ولذا تزكى الكل ولو كان المهر سائمة زكت نصفها
فإن لم تقبض الألف، أو قبضت النصف ووهبت الألف، أو وهبت العرض المهر قبل القبض أو بعده
ــ
ولا شيء على الزوج لأن استحقاقه النصف بغير اختيارها كالهلاك وحكم المكيل والموزون غير المعين وهو ما كان في الذمة حكم النقد أما المعين منه فكالفرض واختلف في التبر والنقر من الذهب والفضة ففي رواية هي كالعرض وفي أخرى كالمضروب كذا في (البدائع).
(فإن لم تقبض الألف/ أو قبضت النصف ووهبت الألف) قوله قبضت الألف وقوله وهبت الألف عائد إلى المسألتين ومعنى وهبت الألف بعد قبض النصف إنما وهبت له المقبوض وغيره (أو هبت العرض المهر) معيناً كان أو في الذمة (قبل القبض أو بعده) وهذا أيضاً تصريح بمفهوم التقييد بالألف لم يرجع عليها بشيء أما إذا لم تقبض شيئاً فالقياس أن يرجع عليها بخمسمائة لأن الواصل إليه وإن كان نفس الدين لكن بسبب غير الطلاق وهو الإبراء واختلاف الأسباب توجب اختلاف المسببات شرعاً وجه الاستحسان أنه وصل إليه عين ما يستحقه ذاتاً بسبب الإبراء ولا يبالي باختلاف السبب عند حصول المقود سابقاً إذا لم يؤثر شيئاً حينئذ ولهذا استغنى عما تكلف في دفع لزوم اختلاف السبب باختلاف المسبب من تخصيص الدعوة بالأعيان لأنها تقبل التغير بتغير صفاتها بخلاف الأوصاف كالدين فيما نحن فيه لاستحالة القيام بالصفة مع أنه فاسد لأن ثبوت التغيير شرعاً لا يتوقف على ذلك إنما هو اعتبار شرعي وقيام الصفة بمعنى الاختصاص الباعث ليس محالاً على ما عرف في موضعه وأما إذا قبضت النصف فقط فعدم الرجوع قول الإمام وقالا: يرجع عليها بنصف المقبوض إلحاقاً للبعض بالكل ولأن هبة البعض حط فتلحق بأصل العقد وله أنها لما قبضت النصف انصرف إلى حقها فإذا أبرأته بعد ذلك كان الواصل إليه عين ما تستحقه على ما مر والحط لا يلتحق بأصل العقد في النكاح ألا ترى أن الزيادة لا تلتحق حتى لا تنتصف كذا في (الهداية) وغيرها.
قال في (فتح القدير): وهو مشكل فإن التحاق الزيادة بأصل العقد هو الرافع لقول المانعين لها لو صحت كان ملكه فإذا لم يلتحق بقي إبطالهم بلا جواب فالحق أنها تلتحق كما يعطيه كلام غير واحد من المشايخ وإنما لم تنتصف لأن الانتصاف خاص بالمفروض في نفس العقد قال في (البحر): إنه تناقض كلامهم فصرحوا هنا بعدم الالتحاق وفي مسألة زيادة المهر بالالتحاق فيرجح المحقق ما صرحوا به في المسألة السابقة وأبطل كلامهم هنا والحق أن كلامهم في الموضعين صحيح لأن قولهم هناك بالالتحاق إنما هو من وجه دون وجه لتصريحهم بأنها لو حطت من المهر حتى صار الباقي أقل من عشرة لا يضر ولو التحق الحط بأصل العقد من كل وجه أوجب تكميلها وأوجب مهر المثل لو حطت الكل كأنه لم
فطلقت قبل الوطء لم يرجع عليها بشيء ولو نكحها بألف على أن لا يخرجها، أو على أن لا يتزوج عليها،
ــ
يسم شيئاً وقولهم هنا بعدمه إنما هو من وجه دون وجه عملاً في كل موضع بما يناسبه فروعي جانب الالتحاق لتصحيح الزيادة حتى لا يكون ملكه وجانب عدمه هنا لأنه لا داعي إليه لأن المقصود سلامة النصف للزوج وقد حصل فلا ضرورة إلى القول الذي هو خلاف الأصل انتهى ومما يتخرج على الخلاف لو قبضت النصف ووهبت النصف الباقي لم يرجع شيء عند الإمام، وقالا: يرجع وبه علم أن التقييد بهبة الألف في الثانية اتفاقي نعم التقييد بالنصف للاحتراز عما إذا قبضت أكثر منه حيث ترد ما زاد عنده ونصف المقبوض عندهما ولا يرد عليه ما لو قبضت أقل من النصف لأنه معلوم بالأولى وأما إذا كان المهر عرضاً معيناً فوهبته له قبل القبض أو بعده فعدم الرجوع عليها بشيء استحسان لأنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول لتعيينه في النسخ كالعقد بدليل أنه ليس لواحد منهما دفع بدله حتى لو تعيب فاحشاً فوهبته له رجع عليها بنصف قيمته يوم القبض قيد بالهبة لأنها لو باعته فطلقها قبل الدخول رجع عليها بالنصف كما في (غاية البيان) يعني بنصف قيمته يوم القبض، وعلى هذا يتخرج ما في (المبسوط) لو وهبته من أجنبي بعد القبض ثم وهبه الأجنبي منه رجع عليه بالطلاق قبل الدخول بنصف الصداق والحاصل أن هذه المسألة على ستين وجهاً لأن المهر إما ذهب أو فضة أو مثلي غيرهما أو قيمي فالأول على عشرين لأن الموهوب إما الكل أو النصف وكل منهما إما أن يكون قبل القبض أو بعده أو بعد قبض النصف أو أقل منه أو أكثر فهي عشرة وكل منها أن يكون مضروباً أو تبراً والعشرة الأولى في المثلي وكل منها إما أن يكون معيناً أو لا وكذا في القيمي والأحكام قد مرت والله الموفق.
(ولو نكحها بألف على أن يخرجها) من البلد (أو على أن لا يتزوج عليها) أو على أن لا/ يتسرى أو على أن يطلق ضرتها أو يعتق أخاها أو يكرمها أو يهدي لها هدية حاصله شرط ما فيه منفعة لها أو لأبيها أو لأخيها أو لذي رحم محرم منها لكن لابد أن يكون مما لا يحل كخمر ونحوه فإن كان المسمى عشرة فصاعداً وجبت لها وبطل الحرام وإلا أكمل مهر المثل لها أما لو شرطت تلك المنفعة لأجنبي نحو أن تقول على أن لا يعتق ولده ولم يوف به فليس لها إلا المسمى كذا في (المحيط)، وبه عرف أنه لو شرط ما يضرها كالتزوج عليها فليس إلا المسمى بالأولى كذا في (البحر)، وقيدوا المسألة في طلاق الضرة وعتق الأخ بالمضارع لأنه لو كان بالمصدر طلقت وعتق الأخ بقبول الناكح فإن قال عنها كان الولاء لها (أو على الألف إن أقام بها) في بلدها أو إن كانت مولاة أو ثيباً.
أو على ألف إن أقام بها، وعلى ألفين إن أخرجها فإن وفى وأقام فلها الألف وإلا فمهر المثل،
ــ
(وعلى ألفين إن أخرجها) منها أو كانت عربية أو بكراً حاصلة أنه سمى لها مهراً على تقدير آخر وتقديم الألف غير شرط بل كذلك لو قدم الألفين (فإن وفى) لها بما اشترطه لها من عدم إخراجها والتزوج عليها في الصورة الأولى (وأقام) بها في بلدها في الثانية (فلها الألف) المسماة لرضاها بها مع صلاحيتها لأن تكون مهراً (وإلا) أي: وإن لم يوف ولم يقم فلها نصف المثل عند الإمام لا يزاد به على ألفين ولا ينقص عن الألف ولو طلقها قبل الدخول بها يجب نصف المسمى بناء على أن لا خطر فيها، وكذا المسألة الأولى لأن بالطلاق قبل الدخول يسقط اعتبار هذا الشرط وقالا الشرطان جائزان لأن الإقامة والإخراج كل منهما مقصور عرفاً فاختلافهما كالاختلاف في النوع فلا يجتمع في كل حال تسميتان فصار كما لو تزوجها على ألف إن كانت قبيحة وعلى ألفين إن كانت جميلة وله أن أحد التسميتين منجزة والأخرى معلقة فإذا أخرجها فقد اجتمعا فيفسدان لأن المعلق لا يوجد قبل شرطه والمنجز لا ينعدم بوجود المعلق لكن هذا لا يتم في قوله على ألف إن طلق ضرتها وعلى ألفين إن لم يطلق إذ المنجز هنا إنما هو الثانية فينبغي فساد الأولى وأما في قوله إن كانت مولاة فلم يعلم المنجز منهما من المعلق كذا في (البحر)، وإنما صح الشرطان اتفاقاً في قوله على ألف إن كانت قبيحة وعلى ألفين إن كانت جميلة لأنه خطر في التسمية الثانية لأن أحد الوصفين ثابت الأمر جزماً غير أن الزج يجهله وجهالته لا توجب خطراً بالنسبة إلى الوقوع وعدمه كذا فرق الدبوسي وغيره ورده الشارح بأن مقتضاه ثبوت الصحة اتفاقًا فيما لو تزوجها بألف إن كانت مولاة أو ليست له امرأة وبألفين إن كانت حرة الأصل أو له امرأة لكن الخلاف مقول فيه.
قال في (الفتح): والأولى أن تجعل مسألة القبيحة والجميلة على الخلاف فقد نص في (نوادر ابن سماعة) عن محمد على الخلاف فيها وجزم في (البحر) بضعف هذا الخلاف وفرق بين القبح والجمال وغيره بأن الجهالة فيه يسيرة لمشاهدته فنزلت منزلة العدم وفي غيره متفاحشة لعدم المشاهدة فكانت فيها مخاطرة ولا يخفى أن مبنى النكاح على الشهرة كيف هو بالتسامع يثبت فكان ينبغي الصحة في قوله وعلى ألفين إن كانت له امرأة الجهالة فيه لما علمت وكونها يسيرة خلاف الأصل واعمل أن جعل الكرامة والهدية من الصورة الأولى هو ظاهر ما في (الهداية) والمذكور في (المحيط) في الكرامة وجوب مهر المثل لأنها مجهولة القدر والجنس فكانت متفاحشة ثم رأيت في (المبسوط) ما يؤيد ما في (الهداية) وذلك أنه بعد أن ذكر عبارة محمد لو تزوجها على الألف وكرامتها أو يهدي لها هدية (فلها مهر مثلها) لا
ولو نكحها على هذا العبد أو على هذا الألف حكم مهر المثل
ــ
ينقص من الألف قال: هذه المسألة على وجهين إما أن يكرمها أو يهدي لها هدية أو لم يكرمها ولم يهد لها فإن أكرمها أو أهدى لها هدية فبها ونعمت ولها المسمى وإلا فلها مهر مثلها انتهى.
وهذاكما ترى مقيد للإطلاق والظاهر أنه يكفي في ذلك أدنى ما يعيد إكراماً وهدية (ولو نكحها على هذا العبد) أو على هذا العبد (أو على هذا الألف) أو على هذا العبد أو على ألف أو ألفين حاصله سمى شيئين مختلفي القيمة اتحد الجنس أو اختلف (حكم مهر المثل) أي: حكمه القاضي أي: على معنى يجعله حكماً فإن كان أكثر من أرفعهما أو مثله فلها الأرفع أو أقل من أوكسهما أو مثله إن كان فلها الأقل وإلا وجب مهر المثل عند الإمام وقالا: لها الأقل والخلاف كما في (الهداية) وغيرها مبني على الخلاف في الواجب الأصلي في النكاح قال الإمام هو مهر المثل لأنه أعدل فلا يعدل عنه إلا عند صحة التسمية وقد فسدت/ للجهالة بإدخال كلمة أو وقالا هو المسمى فلا يعدل عنه إلا إذا فسدت التسمية من كل وجه وذاك منتف بإيجاب الأقل للتيقن به.
قال في (الفتح): وهذا إن كان منقولاً عنهم فلا كلام وإن كان تخريجاً فليس بلازم لجواز أن يتفقوا على أن هذا الأصل مهر المثل ثم يختلفوا في فساد التسمية في هذه المسألة فعنده فسدت لإدخال أو تصير إلى مهر المثل وعندهما لم تفسد لأن المهور بينهما لما تفاوتت ورضيت هي بأيهما كان فقد رضيت بالأوكس فتعين أنه منقول عنهم مستنداً إلى أنه في (غاية البيان) عزاه إلى (الجامع الكبير). وأقول: في (المبسوط) بعدما ذكر الخلاف قال: وأصل المسألة أن النكاح بمثل هذه نكاح بتسمية مجهولة لإدخال كلمة الشك في قول أبي حنيفة وجهالة التسمية توجب مهر المثل وهما يقولان: إن المال وجب على الزوج والأقل منه متيقن والشك وقع في الزيادة فلا تجب الزيادة بالشك وهذا ظاهر في أن مبنى الخلاف فيه فساد هذه التسمية وعدم فسادها لا أن الأمر الموجب الأصلي عنده مهر المثل وعندهما المسمى وسيأتي أنهما لو اختلفا في قدر المهر حكم مهر المثل عند الإمام ومحمد وقال أبو يوسف: القول له.
قال في (الهداية): ولهما أن القول في الدعاوى قول من يشهد له الظاهر والظاهر شاهد لمن يشهد له مهر المثل لأنه الموجب الأصلي في باب النكاح وهذا صريح في أن محمداً يجعله موجباً أصلياً فيه وهو يعين أن ما مر تخريج فقط وإلا لزم مخالفة أصله السابق فتدبر ولا خلاف أنها لو طلقت قبل الدخول كان لها نصف الأوكس لأن
وعلى فرس وحمار يجب الوسط أو قيمته،
ــ
الواجب في مثله المتعة ونصف الأوكس يزيد عليها عادة فوجب لاعترافه بالزيادة كذا في (الهداية)، وهذا يفيد أن نصف الأقل لو كان أقل من المتعة وجبت وبه صرح في (الدراية) فالحكم في الطلاق قبل الدخول ليس إلا متعة مثلها كذا في (الفتح)، ولو قال: على أحد هذين العبدين فالحكم كذلك كما في (المحيط) ولا كلام أنه لو شرط الخيار في تعيين المعطى لها أو له صحت التسمية وكذا إذا اتحدت قيمة العبدين كما في (الغاية)، ومما يتخرج على إطلاق الخلاف لو تزوجها على ألف حالة أو مؤجلة إلى سنة ومهر مثلها ألف أو أكثر فلها الحالة وإلا فالمؤجل وقالا: لها المؤجلة ولو على ألف حالة أو ألفين إلى سنة ومهر مثلها كالأكثر فالخيار لها وإن كان كالأقل فله وإن كان بينهما وجب مهر المثل وعندهما الخيار له قيد بالنكاح لأنه في الخلع والإعتاق والإفراد يجب الأقل اتفاقاً والفرق أن هذه ليس لها موجب أصلي فيصار إليه فوجب الأقل ولا يخالفه ما في (الخانية) لو كان هذا في الخلع تعطيه المرأة أيهما شاءت كما توهمه في (البحر) كما لا يخفى.
(و) لو تزوجها (على فرس أو) تزوجها على (حمار) ولو أظهر الفعل في المعطوف لكان أولى دفعاً لتوهم أنه من المسألة الأولى إذ موضوع هذه أنه تزوجها على حيوان بين جنسه دون نوعه (يجب) لها (الوسط أو قيمته) تضمن كلامه صحة التسمية لأن النكاح معاوضة مال بغير مال فجعلناه التزام المال ابتداء حتى لا يفسد بأصل الجهالة كالدية وشرطنا أن يكون المسمى مالاً وسطه معلوم رعاية للجانبين وذلك عند إعلام الجنس لاشتماله على الجيد والرديء والوسط ذو حظ منهما بخلاف مجهول الجنس لأنه لا وسط له لاختلاف معاني الأجناس والوسط من العبيد في مصر الحبش والأبيض الأعلى والسود الأدنى وتقدير الإمام في السود بأربعين وفي البيض بخمسين لما كان في زمانه ويجبر لأن الوسط لا يعرف إلا بالقيمة فكانت في الإيفاء وتعتبر القيمة بحسب اختلاف الأوقات من الغلاء والرخص هو الأصح قيد بالمبهم لأنه في المعين كهذا العبد والفرس يثبت الملك فيه لما بمجرد القبول إن كان مملوكاً له وكذا لو لم يكن مشاراً إليه إلا أنه أضافه لنفسه كعبدي وإلا فلها أن تأخذه لشرائه لها فإن عجز عن شرائه لزمته قيمته كذا في (الفتح) يعني فلا تجبر في المضاف على قبول القيمة لأن الإضافة إلى نفسه من أسباب التعريف كالإشارة وهذا بخلافها في الوصية فإن من أوصى لإنسان بعشرة من رقيقه فهلكوا واستفاد آخرين لا تبطل الوصية ولو التحقت الإضافة بالإشارة لبطلت كما لو أشار إلى الرقيق فهلكوا فإنها تبطل لأن الإضافة بمنزلة الإشارة من وجه من حيث أن كل واحدة وضعت للتعريف إلا أنها
وعلى ثوب
ــ
بمنزلة الإطلاق من وجه من حيث أنها لا تقطع الشركة من كل وجه والعمل بالشبهين متعذر في جميع العقود فعملنا بشبه الإشارة في الإيمان والنكاح والخلع وشبه الإطلاق في الوصية عملاً بهما/ بقدر الإمكان كذا في (الذخيرة).
قال في (البحر): وبهذا عرف أنه لا يسوى هنا بين المشار إليه والمضاف من كل وجه لأن المشار إليه ليس فيه شركة أصلاً ولذا تملكه المرأة بمجرد القبول إن كان ملكاً للزوج وأما المضاف فلا تملكه المرأة بمجرد القبول حتى يعينه الزوج فما في (فتح القدير) من التسوية بينهما في هذا الحكم غير صحيح.
وأقول: هذا سهو بل هو صحيح وذلك أن المدعى إنما هو ثبوت الملك لها بمجرد القبول ولا شك أن هذا القدر ثابت في المشار إليه والمضاف غير أنه في الأولى مستغنى عن التميز بخلاف الثاني فإذا قال: على عبدي وله أعبد ثبت لها الملك في واحد وسط مما في ملكه وعليه تعينه ودعوى توقف ملكه لها غير صحيح إذ لو كان كذلك لاستوى الإبهام والإضافة في هذا فإنه لو عين لها في الإبهام وسطاً أجبرت على قبوله وإذا عرف هذا في (الخانية) لو قال: تزوجتك على ناقة من إبلي هذه قال أبو حنيفة: لها مهر مثلها وقال أبو يوسف: يعطيها ناقة من إبله ما شاء مشكل وقد سوى في (البدائع) بين الجمل والعبد في صحة التسمية ولا فرق يظهر بين الجمل والناقة.
قال في (البحر): إلا أن يقال إنه مجهولة ولا يمكن إيجاب الوسط مع التقييد بقوله من إبلي هذه فالمفسد للتسمية قوله من إبلي لا مطلق ذكر الناقة ويدل عليه ما في (الدراية) لو تزوجها على ناقة من هذه الإبل وجب مهر المثل وإن لم يكن المشار إليه والمضاف في ملكه كان لها أن تأخذه بشرائه فإن عجز لزمته القيمة.
(و) لو تزوجها (على ثوب) ذكر ثلاث مسائل يجب فيها مهر المثل الأولى: ما لو تزوجها على مجهول الجنس كثوب ودابة ولم يزد على ذلك وقدمها لأنها بيان المفهوم ما قبلها أما لو قال على عشرة دراهم وثوب ولم يصفه كان لها العشرة فقط ولو طلقها قبل الدخول بها كان لها خمسة إلا أن تكون متعتها أكثر من ذلك كذا في (الخانية) وكان ينبغي وجوب الخمسة ولو كانت متعتها أكثر لصحة التسمية ولو وصفه بأن قال هروي أو مروي صح وخير بين دفعه أو القيمة على ما مر وكذا لو بالغ في وصفه بأن قال طوله كذا وعرضه كذا في ظاهر الرواية وعن الإمام أنه يجبر على دفع عين الوسط منه نعم لو ذكر الأجل مع هذه المبالغة كان لها أن لا تقبل القيمة والأصل فيه كما قال محمد إن كل ما جاز فيه السلم كان لها أن لا تأخذ إلا المسمى وما لم يجز فيه يخير الزوج فيه وصحة السلم في الثاني موقوفة على ذكر الأجل إلا في
أو خمر، أو خنزير، أو على هذا الخل فإذا هو خمر،
ــ
المكيل والموزون فإنه إذا ذكر وصفته كجيدة خالية من الشعير صعيدية أو بحيرية يتعين المسمى وإن لم يذكر الأجل لأن الموصوف فيها ثبت في الذمة حالاً أيضاً كالقرض. واعلم أن الفقهاء يجعلون المقول على كثيرين مختلفين في الأحكام جنساً وإن اتحدت الحقائق والمقول على كثيرين متفقين فيها نوعاً ومن هنا صح جعل الثوب جنساً وإن كان نوعاً عند أهل المعقول لأن من القطن والكتان والحرير والأخير لا يحل لبسه وغيره يحل وبهذا عرف أنه لا حاجة إلى حمل الجنس على اسم الجنس ولا على النوع وأشار إلى الثانية بقوله: (أو) نكحها على (خمر أو خنزير) لم يقيده بإسلام الزوج مع أن فساد التسمية مشروط بذلك لأن المسمى ليس بمال متقوم في حق المسلم حتى لو تزوج مسلم ذمية على رطل من خمر وجب مهر المثل لأن الكلام في نكاحه وسيأتي بيان غيره وفيه إيماء إلى فساد تسمية الدم والميتة بالأولى وقيد بتسمية الخمر فقط لأنه لو سماه مع أقل المهر وجب أقل المهر المسمى ولو طلقها قبل الدخول وكانت متعتها أكثر من خمسة فمقتضى ما مر عن (الخانية) وجوب المتعة وفيه ما علمت ونبه على الثالثة بقوله أو نكحها على هذا العبد فإذا هو حر.
(أو على هذا الخل فإذا هو خمر) يعني: سمى حلالاً وأشار إلى حرام وقوله وجب مهر المثل جواب للمسائل الثلاثة وهذا في الثالثة قول الإمام وقال الثاني تصح التسمية ويجب عليه في المثلي مثله وفي القيمي قيمته ومحمد مع الإمام في القيمي ومع أبي يوسف في المثلي ولا خلاف بينهم في اعتبار المشار إليه حيث كان المسمى من جنسه وإلا فالمسمى إنما الخلاف في التخريج قال الإمام الحر مع العبد والخل مع الخمر جنس واحد لاتحاد الصورة والمعنى فالعبرة للإشارة والمشار إليه لا يصلح مهراً فوجب مهر المثل وقال الثاني جنسان مختلفان لاختلافهما حكماً فالعبرة للمسمى ووافقه محمد في الخل مع الخمر لأن المطلوب منه غير المطلوب من الآخر وظاهر (الهداية) يقتضي افتراقهم في معاني الخلاف والتحقيق ما أسمعك وعلى هذا فما قدمناه من أن/ الجنس هو المقول على كثيرين مختلفين بالأحكام إنما هو على قول أبي يوسف وعند محمد مختلفين بالمقاصد وعند الإمام هو المقول على متحدي الصورة والمعنى قال الشارح: ثم إذا تعلق العقد بالمسمى عند اختلاف الجنس يعني على قول الثاني ينكحها إن كان المسمى مما يمكن أن يجعل مهراً وثبت في الذمة ثبوتاً صحيحاً لزمه تسليمه من غير خيار، وإلا فإن بين جنسه دون وصفه فلها الوسط منه ويجبر الزوج وإلا فمهر المثل على ما تقدم ولهذا أوجب أبو
أو على هذا العبد فإذا هو حر يجب مهر المثل، وإن أمهر عبدين وأحدهما حر فمهرها العبد،
ــ
يوسف في الخل مثله وفي العبد القيمة وإنما لم يجب عبد وسط لاعتبار الإشارة من جهة انتهى. وبه اندفع ما في (الفتح) من أن اللائق كون الجواب على قول الثاني وجب القيمة أو عبد وسط لأن اعتبار المسمى يوجب كون الحاصل أنه تزوجها على عبد وحكمه ما قلناه قد يكون المشار إليه خمراً أو حراً لأنه لو كان طلاً أو مدبراً أو مكاتباً أو أم ولد كان لها مثل الدن من الخل وقيمة العبد، كذا في (الخانية) وكان ينبغي في غير الطلا وجوب مهر المثل لأن المشار إليه لا يصلح مهراً أما الطلا فصرح في (المبسوط) بأنه مال وأجاب في (البحر) بأنه ما لم يخرج عن المالية بالكلية صحت التسمية واعتبر المسمى انتهى.
وأقول: في أشربه الواني يصح بيع غير الخمر من الأشربة المحرمة وضمن متلفه فالطلاب وهو العصير إن طبخ فذهب أقل من ثلثه ليس بقيد إذ السكر وهو الني من ماء الرطب، ونقيع الزبيب إن اشتد وغلا كذلك وإذا عرف هذا فالمثلث العنبي بالأولى لأنه لا يحل شربه عند الإمام لا على قول محمد قيل: هذا في أم ولد على قول الإمام ممنوع وقد عرف من هذا أنهما لو كانا حلالين وقد اختلفا جنساً كما إذا قال على هذا الدن من خلال فإذا هو جارية أو على هذا الثوب الهروي فإذا هو قوهي كان له مثل ذلك الدن خلا وعبداً بقيمة الجارية وثوب هروي بقيمة القوهي كما في (الذخيرة) إلا أن المذكور في (الخانية) أنهما لو كانا حلالين وجب لها مهر مثل ذلك المسمى ومقتضاه وجوب عبد وسط أو قيمته ويكون المسمى دون المشار إليه حلالًا لأنه لو كان العكس كما إذا قال على هذا الحر فإذا هو عبد كان لها المشار إليه في الأصح عند الإمام وعرف من كلامه أنهما لو كانا حرين وجب مهر المثل بالأولى ودل إطلاقه أن الحر لو كان حربياً فاسترق وملكه الزوج لم يجبر على تسليمه اتفاقاً ذكره في (الأسرار) وكذا الخمر لو تخللت وفي (البدائع) تزوجها على هذا الدن من الخمر وقيمة الظرف عشرة فصاعداً ففي رواية لها الدن لا غير وأوجب مهر المثل في أخرى والله الموفق.
(وإذا أمهر العبدين) بأن قال تزوجتك على هذين العبدين (و) الحال أن (أحدهما حر فمرها العبد) الباقي عند الإمام إن ساوى أقل المهر والأكمل وقال الثاني: لها قيمة الحر لو كان عبداً وقال محمد: لها الباقي وتمام مهر مثلها إن كان أكثر من قيمة العبد وقد خرجت المسألة على ما مر من الأصل فعند الإمام تسمية العبد عند الإشارة إلى الحر لغو فصار كأنه تزوجها على عبد فقط واعتبرها الثاني وإذا سمى عبدين وعجز عن تسليم أحدهما وجبت قيمته ومحمد يقول كما قال الإمام
وفي النكاح الفاسد إنما يجب مهر المثل بالوطء
ــ
لكنها لم ترض بتمليك بضعها بعبد واحد فوجب مهر المثل دفعاً للضرر عنها لهما في عدم الاقتصار على الباقي الإلحاق بما مر أعني ما إذا تزوجها بألف على أن لا يخرجها من البلد ولم يف حيث يكمل لها المهر المثل لأنها لم ترض بذلك القدر فقط وقد امتنع الباقي فلم يجب الاقتصار عليه وفرق الإمام بأن ترك الإخراج مما يمكن الوفاء به فلم تكن راضية بالمسمى بدونه والحر لا يمكن الوفاء به لأنه ليس بمال فكانت راضية بالباقي ولأنه لا يمكن الوقوف على المشروط قبل العقد بخلاف معرفة الحر فكان التقصير منها كذا في (الغاية) قال في (الفتح): وكونها مقصرة في ذلك ممنوع بأن العادة مانعة من التردد في أن المسمى حر أو عبد ورجح قول أبي يوسف وأراد بالعبدين القيمين فشمل ما لو تزوجها على هذه الثياب العشرة فإذا هي تسعة قال الإمام لها التسعة لا غير وبه يفتى وقال محمد لها ذلك مع تمام مهر مثلها إن كان أكثر ولو زاد الهروية كان لها مع التسعة هروي وسط بالإجماع والفرق أنه لما لم يصفها صار كأنه تزوجها على هذه التسعة وثوب آخر وهو مطلق فيلغو بخلاف ما إذا وصفها لأن المعنى أنه تزوجها على هذه التسعة وثوب هروي فلا تبطل تسميته غير أن مقتضى (الأصل) أن يتخير بين عبده وقيمته كذا في (الفتح) ولو وجدتها/ أحد عشر قال محمد: يعطيها عشرة من أيتها شاء وقال الإمام إن كان مهر مثلها مثل أجود العشرة أو زيادة فلها أجود العشرة وهو الأصح وعليه الفتوى قيد بكون أحدهما حراً لأنه لو استحق كان لها مع الباقي قيمته اتفاقاً.
(وفي النكاح الفاسد) وهو المفقود منه شرط من شرائط الصحة كالشهود ونحو ذلك وجعل منه في (المحيط) ما لو تزوج ذمي مسلمة ويجب على القاضي إذا علم به أن يفرق بينهما كي لا يلزم ارتكاب المحظور اغتراراً بصورة العقد قاله الإتقان وقول الشارح ولكل منهما فسخة بغير محضر من صاحبه لا يريد به عدم الوجوب إذ لا شك أنه خروج من المعصية والخروج منها واجب بلا فائدة أي: لكل منهما وحده أنه أمر ثابت له وحده (إنما يجب مهر المثل بالوطء) في القبل لأنه لا جائز أن يجب بالعقد لفساده ولا بالخلوة لوجود المانع الشرعي فيها وبالوطء قد استوفى منافع بضعها وخص المهر مع أن حرمة أمها إنما تكون أيضاً به لأن الكلام فيه ولو ادعت فساده وهو صحته فالقول له وعلى عكسه فرق بينهما وعليها العدة ولها نصف المهر إن لم يدخل والكل إن دخل كذا في (الخانية) لكن ذكر الحاكم أنه لو ادعى أحدهما أن النكاح في صغره فالقول له ولا نكاح بنيهما أو لا مهر إن لم يكن دخل بها قبل الإدراك فيخص هذا من إطلاق (الخانية) وفي (المحيط): صبي أو مجنون جامع امرأة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثيباً وهي نائمة فلا مهر عليه ولو كانت بكراً فافتضها فعليه مهر مثلها وروى هشام عن محمد صبي جامع امرأة بشبهة نكاح فلا مهر عليه لأن الولي لا يملك النكاح الفاسد في حقه ولا الإذن له فسقط اعتبار قوله فصار كأنه وطيء في حق نفسه من غير شبهة عقد وتجب عليها العدة لأن فعلها جائز في حق نفسها لنفوذ العقد في حقها انتهى، قال في (البحر): وينبغي أن يلزمه المهر في الحالتين حيث كانت نائمة لأنه يؤاخذ بأفعاله ولا يسقط حقها إلا بالتمكين ولم يوجد انتهى.
وأقول: فيه نظر إذ الضمان فيما إذا كانت بكراً ضمان إتلاف وكذا تدافعت جارية مع أخرى فأزالت بكارتها وجب عليها مهر المثل كما قدمناه عن (جامع الفصولين) ولا إتلاف فيما إذا كانت ثيباً وإذا كان على ما روى هشام مع شبهة العقد لا مهر فمع عدمه أولى، إلا أنه ينبغي أن يقيد رواية هشان بغير البكر كما لا يخفى.
تتمة: قال في (الخلاصة): من النكاح التصرفات الفاسدة عشرة جمعتها تفقها تسهيلاً لحفظها وهي النكاح والبيع والإجارة والرهن والصلح والقرض والهبة والمضاربة والمكاتبة والمزارعة وأحكامها مختلفة بينها رحمه الله تعالى وقد نظمتها طمعاً في مزيد تسهيل حفظها فقلت وبالله الإعانة ومنه التوفيق:
وفاسد من العقود عشر .... إجارة وحكم هذا الأجر
وجوب أدنى مثل أو مسمى .... أو كله مع فقد المسمى
والواجب الأكثر في الكتابة .... من الذي سماه أو قيمته
وفي النكاح المثل إن يكن دخل .... وخارج البذر لمالك أجل
والصلح والرهن لكل نقضه .... أمانة أو كالصحيح حكمه
ثم الهبة مضمونة يوم قبض .... وصح بيعه لعبد افترض
مضاربة وحكمها الأمانة .... والمثل في البيع وإلا القيمة
وبقي من التصرفات الفاسدة الصدقة والخلع والشركة والسلم والكفالة والوكالة والوقف والإقالة والصرف والوصية والقسمة أما الصدقة ففي (جامع الفصولين) أنها كالهبة الفاسدة مضمونة بالقبض وأما الخلع فحكمه أنه إذا بطل العوض فيه وقع بائناً وذلك كالخلع على خمر أو خنزير أو ميتة وأما الشركة وهي المفقود منها شرطها مثل أن يجعل الربح فيها على قدر المال كما في (المجمع) ولا ضمان عليه لو هلك المال في يده كما في (جامع الفصولين) وأما السلم وهو ما فقد فيه شرط من شرائط الصحة فحكم رأس المال فيه كالمغصوب فيصح فيه أن يأخذ به ما بدا له كذا في الفصول وأما الكفالة إذا جهل المكفول عنه مثلاً كقوله ما بايعت أحداً فعلي
ولم يزد على المسمى، ويثبت النسب
ــ
فحكمها عدم الوجوب عليه ويرجع بما أداه حيث كان الضمان فاسداً كذا في (الفصول) أيضاً وأما الوكالة والوقف والإقالة والصرف والوصية فالظاهر أنهم لم يفرقوا بين فاسدها وباطلها وصرحوا بأن الإقالة كالنكاح/ لا يبطلها الشرط الفاسد وقد عرف أنه لا فرق بين فاسدة وباطلة وقالوا: لو وقعت الإقالة بعد القبض بعدما ولدت الجارية فهي باطلة.
(ولم يزد على المسمى) لأنها أسقطت حقها في الزيادة لرضاها بما دونها ولم يقل ولم ينقص منه إيماء إلى أنه لو كان أكثر من مهر المثل وجب مهر المثل فقط وظاهر كلامهم ولو كان ذلك أقل من العشرة وفي قوله المسمى إشارة إلى أنه معلوم ولو كان مجهولاً وجب المثل بالغاً ما بلغ وفي (الخانية) لو تزوج محرمة فلا حد عليه في قول الإمام وعليه مهر مثلها بالغاً ما بلغ وحكى في (جامع الفصولين) خلافاً فيه فقيل باطل عنده وسقوط الحد لشبهة الاشتباه وقيل فاسد وسقوطه لشبهة العقد والظاهر أن ما في (الخانية) بناء على الثاني، وفي (الظهيرية) زوج أحد الموليين أمة ودخل بها الزوج فإن نقض الآخر كان له نصف مهر المثل وللزوج الأقل منه ومن نصف المسمى انتهى.
وإيجاب نصف مهر المثل للناقض يعني بالغاً ما بلغ (وثبت النسب) أي: نسب المولود في النكاح الفاسد احتياطاً إحياء للولد وابتداء مدته عند محمد من وقت الدخول وبه يتفى، قيل: وعندهما من وقت العقد والمذكور في كتاب الدعوى أن الأمة إذا تزوجت بغير إذن ودخل بها الزوج فولدت لستة أشهر منذ تزوجها فادعاه المولى والزوج فهو ابن الزوج فاعتبره من وقت العقد ولم يحك خلافاً وذكر شيخ الإسلام أن النكاح لا ينعقد في الفاسد إلا بالدخول وأول المسألة بأن الدخول كان عقب النكاح بلا مهلة وهذا بعد ثبوت الخلاف لا حاجة إليه إذ ما في (الأصل) مفرع على قولهما إلحاقاً للفاسد بالصحيح واستبعد بأن الفاسد ليس بداع إلى الوطء لحرمته بخلاف الصحيح ولا يخفى أن النسب حيث كان يحتاط في إثباته فالاعتبار بوقت العقد به أمس، قال في (الغاية): قد اعتبروا العدة من وقت التفريق فكان الأحوط في النسب من وقت التفريق أيضاً لا من وقت النكاح ورده الشارح بأنهم إنما اعتبروها من وقت النكاح ليثبت نسبه بمجرد العقد إقامة للتمكن من والوطء بالشبهة مقام الوطء حتى لو جاءت بولد لستة أشهر من وقت العقد ولأقل منها من وقت الدخول ثبت نسبه كما في (الصحيح) ولا ينافي ذلك اعتبارها من وقت التفريق ألا ترى أنها لو جاءت بولد لأكثر من سنتين من وقت النكاح ولم يفارقها وهي معه نسبه ولو
والعدة،
ــ
كان الاعتبار لوقت التفريق لا غير لما ثبت وكذا لو فارقها بعد عشر سنين لا يمكن الاعتبار لوقت التفريق لا غير، قال في (الفتح) بعد ذكره والحاصل أنه يعتبر من وقت التفريق إذا وقعت فرقة وما لم تقع فمن وقتها النكاح أو الدخول قال في (البحر): ويرد عليه ما إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر من يوم العقد ولأقل منها من وقت التفريق يثبت النسب ومقتضى ما في (الفتح) خلافه. وأقول: اعتبار ابتداء المدة من وقت النكاح أو الدخول معناه نفي الأقل حتى لو جاءت به لأقل من سنة من هذا الابتداء لا يثبت نسبه واعتبارها من وقت التفريق معناه أنها لو جاءت به لأكثر من سنتين من وقت التفريق لا يثبت النسب فهي نفي للأكثر لا للأقل كما في (الصحيح) فلا يرد ما ذكر فتدبر.
(و) تثبت (العدة) أي: عدة الطلاق وجوباً إلحاقاً للشبهة بالحقيقة في موضع الاحتياط ولو قال: لم أدخل بها فالقول له لا عدة الوفاة لو مات عنها كما في (الفصول) وغيره وابتداؤها من وقت التفريق، قال في (الدراية): أو عزم الوطئ على ترك وطئها والظاهر أن المراد بها المتاركة إذ لا اطلاع لنا عليه ولذا قال في (الفتح): ابتداؤها من وقت التفريق أو الافتراق بالمتاركة هو الصحيح وقال زفر: من آخر الوطئات واختاره الصفار ولا تحقق المتاركة إلا بالقول كتاركتك أو خليت سبيلك أو خليتها أو تركتها هذا في المدخول بها أما غيرها فبتفريق الأبدان.
قال في (الفتح): ويجب أن يكون هذا في القضاء أما فيما بينها وبين الله تعالى إذا علمت أنها حاضت بعد آخر وطء ثلاثًا ينبغي أن يحل لها التزوج قال في (البحر): ومحله فيما إذا فرق بينهما أما إذا حاضت ولم يفارقها فليس لها التزوج اتفاقاً كما أشار إليه في (غاية البيان) وظاهر الزيلعي يوهم خلافه انتهى. وفيه نظر وعلم غير المارك ليس بشرط لصحة المتاركة في (الأصح) كما في (الصحيح) كذا في (الشارح) وقيل بشرط، قال في (القنية): وهو الصحيح وإياك أن تظن أن ما في (الشرح) يفيد أن المتاركة/ تكون منها أيضاً لأنه قدم أولاً تخصيص المتاركة بالزوج فالمراد كما قال غيره إن علم المرأة ليس بشرط ويؤيده قوله كما في الصحيح لكن قالوا: لكل منهما فسخه بغير محضر من الآخر وقيل: بعد الدخول لابد من حضوره وهذا يقتضي صحة الفسخ منها بمحاضره إجماعاً.
قال في (البحر): ولا شك أنه متاركة إلا أن يفرق بينهما وهو بعيد وأقول من تصفح كلامهم جزم بالفرق بينهما وذلك أن المتاركة في معنى الطلاق فيختص به
ومهر مثلها يعتبر بقوم أبيها إذا استويا سناً وجمالاً مالاً وبلداً وعصراً وعقلاً وديناً وبكارة
ــ
الزوج أما الفسخ فدفع العقد فلا يختص به وإن كان في معنى المتاركة وإنكار النكاح بحضرتها متاركة وإلا لا وشرط في (الفصول) أن يقول لها اذهبي وتزوجي وإن يم يقل لها ذلك لا يكون متاركة (ومهر مثلها) أي: الحرة إذ الكلام في نكاحها أما الأمة فعلى قدر الرغبة منها وعن الأوزاعي هو ثلث قيمتها كذا في (المجتبي) وغيره (يعتبر) أي: يعتبره القاضي (بقوم أبيها) لقول ابن مسعد في المفوضة: (لها مهر مثلها مثل نسائها) والظاهر من إضافة النساء إليها أنها باعتبار قرابة الأب لأن الإنسان من جنس أبيه وكذا صحة خلافة ابن الأمة إذا كان أبوه قرشياً، قال في (الخلاصة): ويعتبر بأخواتها وعماتها وبناتهن فإن لم يكن لها أخت ولا عمة فبنت الأخت لأب وأم وبنت العم انتهى. وهذا يفيد في الاعتبار بقوم أبيها فهو مقيد لإطلاق المصنف (إذا استويا سناً) أي: صغراً وكبراً (وجمالاً) قيل هذا في أوساط الناس أما بنت الحسب والشرف فلا يعتبر فيهم الجمال، قال في (الفتح): وهذا جيد انتهى، وإطلاق الكتاب كغيره يرده (ومالاً وبلداً وعصراً) أي: زماناً (وعقلاً وديناً) أي: تقوى (وبكارة) لأن المهر يختلف باختلاف الأوصاف لاختلاف الرغبات فيها.
قال في (الفتح): حتى لو كانت من قوم أبيها لكن اختلف مكانهما أو زمانهما لا تعتبر بمهرها لأن البلدين تختلف عادة أهلها في المهر في غلائه ورخه وبقي أنه يشترط أن يستويا أيضاً علماً وأدباً وكمالة خلق وعدم ولد وقالوا: يعتبر حال الزوج أيضاً بأن يكون زوج هذه كأزواج أمثالها من نسائها في المال والحسب وعدمها، كذا في (الفتح) قال في (البحر): وينبغي أن يكون للجمال والبلد والصغر والتقوى والسن مدخل فيه أيضاً إذ الشاب والمتقي يزوج بأرخص من الشيخ والفاسق وإنما تعتبر هذه الأوصاف وقت التزويج كما في (الذخيرة) وفي (المنتقى) يشترط أن يكون المخير بمهر المثل رجلين أو رجلاً وامرأتين ويشترط لفظه فإن لم يوجد على ذلك شهود عدول فالقول قول الزوج مع يمينه فظاهره أنه لا يصح القضاء بمهر المثل إلا بالشهادة أو الإقرار ويخالفه ما مر عن (المحيط) من أن الزوج أو القاضي لو فرض بعد العقد جاز لأنه يجري مجرى التقدير لما وجب بالعقد من مهر المثل زاد أو نقص لأن الزيادة على الواجب صحيحة والحط منه جائز، كذا في (البحر) وبما قدمناه من حمل ما في (المحيط) ترتفع المخالفة فارجع إليه قال: ولم أر حكم ما لو ساوت امرأتين من قوم أبيها في كل الأوصاف واختلف مهرها قلة وكثيرة بما تعتبر هذه
فإن لم يوجد فمن الأجانب، وصح ضمان الولي المهر،
ــ
وينبغي أن كل مهر حكم به القاضي صح (فإن لم يوجد) أحد من قوم أبيها أو من يماثلها في الأوصاف كلها أو بعضها (فمن الأجانب) أي: فتعتبر منهم قال الشارح من قبيلة هي مثل قبيلة أبيها وهو مقيد بإطلاق (الكتاب) ويوافقه ما في (الخلاصة) فإن لم يكن مثلها في قبيلتها ينظر في قبيلة أخرى مثلها.
قال في (الفتح): أي: مثل قبيلة أبيها وهذا التفسير متعين وبهذا اندفع ما في (البحر) من أن الأولى أن يرجع الضمير إلى المرأة ليكون موافقاً لما في (الكتاب) من الاعتبار بالأجنبيات مطلقاً وعن الإمام عدم الاعتبار بالأجنبيات ويجب حمله على ما إذا كان لها الأقارب وإلا امتنع القضاء بمهر المثل في النظر إلى ما يماثل فالمروي صحيح وأنت قد علمت بأن ما في (المحيط) لا يمكن إجراؤه على ظاهره فلا يتم الاستشهاد به والله الموفق.
(وصح ضمان الولي) سواء كان ولي الزوج أو الزوجة صغيرين كانا أو كبيرين بشرط أن يكون ذلك في صحته فإن كان فيمرض الموت وهو وارثه لم يصح وإلا صح من الثلث وأن تقبل المرأة أو غيرها في مجلس الضمان لأن الموجود شرط فلا يتوقف على ما وراء المجلس في المذهب كذا في (البزازية) فهو ظاهر في أن هذا/ شرط في ضمان ولي الصغيرة إلا أن إطلاقهم يفيد أن إيجابه يقوم مقام القبول عنها أما ضمان ولي الكبير منهما فظاهر لأنه في هذه الحالة كالأجنبي ثم إن كان عن إذن رجع وإلا لا، وأما ولي الصغيرين فإنما يصح ضمانه لأنه في النكاح سفير ومعبر فإذا مات الضامن كان للزوجة أن ترجع في تركته ولباقي الورثة الرجوع في نصيب الصغير وقال زفر لا يرجعون لعدم أمر المكفول عنه قلنا: بل صدرت بأمر معتبر من المكفول عنه لثبوت ولاية الأب عليه فإذن الأب إذن منه معتبر وإقدامه على الكفالة دلالة ذلك من جهته، كذا في (الفتح) وفيه إيماء إلى أن (المهر) لا يلزم الأب بعقد إذ لو لزمه به لما أفاد الضمان شيئاً وهذا أعني عدم لزومه هو المذكور في (المنظومة وشروحها) وفي (شرح الطحاوي) لها مطالبة الأب به ضمن أو لا.
قال في (الفتح): والمعول عليه هو الأول وحمل في (البحر) ما في (شرح الطحاوي) على ما إذا كان للصغير مال فإن لها حينئذ مطالبة الأب به لأنه مال لزم ذمة الصغير بالعقد فإن قلت: فإذا ضمن حينئذ كان ينبغي أن لا يصح ضمانه لعدم فائدته قلنا: فائدته تظهر فيما إذا مات كان لها الأخذ من تركته بخلاف ما إذا لم يضمن قال في (الفتح): ولا يرجع إذا أدى عن ابنه الصغير وضمن عنه للعرف يتحمل مهور الصغار اللهم إلا أن يشهد أنه يدفع له ليرجع عليه في أصل الضمن ولا يخفى أن هذا
وتطالب زوجها، أو وليها، ولها منعه من الوطء والإخراج للمهر، وإن وطئها،
ــ
مقيد بما إذا لم يكن للصغير مال انتهى وفيه نظر لما في (غاية البيان) لو أدى الأب من مال نفسه فالقياس أن يرجع وفي الاستحسان لا رجوع له لأن الآباء يتحملون المهر عن أبنائهم عادة ولا يطمعون في الرجوع والثابت بالعرف كالثابت بالنص إلا إذا شرط الرجوع في أصل الضمان فحينئذ يرجع لأن الصريح يفوق الدلالة بخلاف الوصي إذا أدى بحكم الضمان فإنه يرجع كبقية الأولياء غير الأب انتهى.
وفي (الشرح) لو أدى الولي بعدما ضمن من مال نفسه فله الرجوع في مال الصغير أن أشهد أنه يؤديه ليرجع وإن لم يشهد فهو متطوع استحسان انتهى وأنت قد علمت أن عدم الرجوع عند عدم الإشهاد خاص بالأب فإطلاق الشارح الولي فيه مؤاخذة ظاهرة نعم لو اشترى الأب له ما يؤكل ونقد من مال نفسه كان له الرجوع في ماله لعدم العرف كما في (الذخيرة) وإذا كان في ذي المال لا يرجع إلا إذا أشهد ففي الفقير أولى بقي أن غير الأب هل يرجع بدون الإشهاد في الفقير لم أره لهم فتدبره.
(وتطالب زوجها) إن شاءت يعني إن كان بالغاً ولم يقيده به لظهور أن غير البالغ لا يطالب لعدم الفائدة وأيضاً التخيير المستفاد من قوله (أو وليها) إنما يتم لو كان الزوج بالغاً وإلا طالبت الولي فقط ولو قال: أو الولي لكان أولى ليطابق إطلاق صحة ضمان الولي لأن الضامن لو كان وليه خيره أيضاً (ولها منعه) أي: الزوج من الوطء) فيما ينبغي ولم أره لهم ثم رأيت ابن الملك قال لها أن تمنعه من الاستمتاع بها وهذا نص في المسألة ولله الحمد ولا يحل له أن يطأها عن كره منها عند الإمام خلافاً لهما كذا في نفقات (المحيط) وينبغي تقييد الخلاف بما إذا وطئها أولاً برضاها أما إذا لم يطأها ولم يخل بها كذلك فلا يحل اتفاقاً.
(والإخراج) من بيتها أو بلدها وهذا أولى من تخصيصهم بالإخراج من البلد كما في (الهداية) وعليه جرى الشارح وغيره (للمهر) أي: لأجله (وإن وطئها) ولو حكماً برضاها يتعين حقها في البدل كما تعين حق الزوج المبدل فصار كالبيع وهذا التعليل لا يصح إلا في المهر الدين لا العين كما لو تزوجها على عبد بعينه لأنه بالعقد ملكته وتعين حقها فيه حتى ملكت عتقه كذا في (الفتح) ويمكن أن يقال المراد التعيين التام المخروج عن الضمان ولن يكون ذلك إلا بالتسليم ألا ترى أن العبد المهر في ضمانه ما بقي في يده ثم التشبيه بالمبيع يقتضي أن المهر لو كان عيناً يقال لهما سلماً معاً كما في بيع المقايضة قال في (الفتح): ومثله لا يتأتى في النكاح إذا كان المهر عبداً معيناً مثلاً ولا في معينة الخلوة لإطلاق الجواب بأن لها الامتناع إلى أن تقبض ورده في (البحر) بأن المراد بالتسليم/ هنا التخلية برفع الموانع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو ممكن في العبد أيضاً بأن يخلى بينه وبينها بشرط التخلية برفع الموانع ويخلى بينه وبين نفسها برفع الموانع هذا قبل الاطلاع على النقل ثم رأيت في (المحيط) وإن كان عيناً فإنهما يتقابضان كما في بيع المقايضة وبهذا سقط ما في (الفتح) انتهى.
وأقول: ما في (الفتح) منقول كلامهم قال في (البدائع): وإذا كان يعني الثمن عيناً يسلمان معاً وههنا يقدم تسليم المهر على كل حال سواء كان ديناً أو عيناً لأن القبض والتسليم معاً متعذر ولا تعذر في البيع انتهى. وفي (المحيط) ولا يشترط إحضار المرأة لاستيفاء الأب مهر ابنته وعند أبي يوسف وزفر يشترط ولهما أن العادة جرت أن تسليم المرأة يتأخر عن قبض صداقها زماناً فلما علم الزوج بذلك كان راضياً بتعجيل الصداق وتأخير تسليمها ولا كذلك في البيع ولو طالب الزوج الأب بتسليم المرأة وهو لا يقدر على تسليمها فليس له قبض الصداق ولو كانت في منزله ولكن اتهمه الزوج فالقاضي يأمر الأب بأن يعطيه كفيلاً بالمهر ولو كانت الخصومة بالكوفة والبنت بالبصرة لا يكلف الأب نقل البنت ولكن يقال للزوج: ادفع المهر إلى الأب واخرج معه إلى البصرة لتأخذ المرأة انتهى. وهذه الإطلاقات إنما تناسب ما في (البدائع) فما في (المحيط) أولاً يحمل على أنه رواية وأطلق في المهر وهو ظاهر فيما لو شرطاً تعجيل كله أما لو شرطا تأجيله ولو بعد العقد فليس لها الامتناع وعن الثاني أن لها الامتناع.
قال في (الولوالجية): ويفتى به استحساناً وفي (الخلاصة) كان الأستاذ ظهير الدين يفتي بالأول والصدر الشهيد بالثاني انتهى ولا خلاف أنه لو شرط الدخول فيها قبل حلوله فليس لها الامتناع ولو سكتا اعتبر عرف بدلهما على ما عليه الفتوى وجزم به في غير كتاب بقي لو تزوجها على مائة مثلاً على حكم الحلول على أن يعطيها قبل الدخول أربعين والباقي على حكمه كان لها الامتناع حتى تقبضه وقول الشارح ليس لها أن تحبس نفسها فيما تعورف تأجيله ولو كان حالاً أي: بمقتضى العقد وليس في اشتراط تعجيل البعض مع النص على حلول الجميع دليل على تأخير الباقي إلى الطلاق والموت بوجه من وجوه الدلالات والذي عليه العادة في مثل هذا التأخير اختيار المطالبة وقال الزاهدي: صار تأخير الصداق إلى الطلاق والموت بخوارزم عادة مأثورة وشريعة معروفة عندهم انتهى. وهو خلاف الواقع في مصر والشام وما وراءهما كذا في (القاسمية) وتسوية المصنف بين ما لو وطئها أو لا قول الإمام وقالا إن دخل بها راضية وهي مما يعتبر رضاها فليس لها المنع ولا خلاف أنه لو دخل بها كارهة أو غير مكلفة فزال الإكراه وصارت مكلفة أن لها الامتناع وأفهم كلامه أن لها إخراجها إن
وإن اختلفا في قدر المهر حكم مهر المثل
ــ
أوفاها المهر وكلام بعضهم يعطي جوازه من القرية إلى المصر وعكسه اتفاقاً وحكى في (القنية) خلافاً في نقلها من المصر إلى الرستاق قال: والصواب أن له ذلك وحكوا الخلاف لإخراج إلى مصر أخرى فظاهر الرواية أن له ذلك لإطلاق النص في (جامع الفصولين) وغيره وعليه الفتوى وأفتى الفقيه بأنه ليس له ذلك جبراً عليها وبه أفتى كثير من المشايخ، وفي (المختار) وعليه الفتوى، وفي (المحيط) وهو المختار وبه جزم البزازي وغيره وهو الذي عليه العمل في ديارنا وما شنع به ظهير الدين من الأخذ بكتاب الله أولى من الأخذ بقوله الفقيه يرد لأن الكتاب مقيد بعدم المضارة بقوله ولا تضاروهن بعد أسكنوهن ولا شك أن في النقل إلى غير بلدها مضارة وجعل الولوالجي جواب ظاهر الرواية باعتبار ما كان في زمانهم يعني من غلبة الصلاح والأمن عليها بخلاف زماننا وبهذا اندفع ما في (البحر) من أنه لا تفصيل في ظاهر الرواية بين كونه مأموناً عليه أو لا.
(ولو اختلفا) أي: الزوجان (في قدر المهر) نقداً كان أو مكيلاً أو موزوناً أو ديناً ولم يقيده بحال الحياة لأن اختلافهما لا يتصور إلا كذلك (حكم مهر المثل) أي: جعل حكماً فمن كان من جهته كان القول له مع يمينه وإن لم يكن من جهته أحد بأن كان بين الدعوتين تحالفا ويعطي مهر المثل عند الإمام ومحمد على تخريج الرازي وعلى تخريج الكرخي يتحالفا في الفصول كلها ثم يحكم مهر المثل وبه جزم المصنف في باب التحالف حيث قال: لو اختلفا في المهر قضي لمن رهن وإن رهنا فالمرأة وإن عجز تحالفا ولم يفسخ النكاح بل يحكم مهر المثل فيقضى بقوله لو كان كما قال أو أقل وبقولها لو كان كما قالت أو أكثر وبه لو بينهما. قال في (البحر): ولم أر من رجح تخريج الرازي والذي رجحه في (المحيط) وفي (المبسوط) تخريج الكرخي فيحمل كلام المصنف هنا عليه ليطابق ما صرح به في التحالف/.
وأقول: تقديم الشارح وغيره تبعاً لصاحب (الهداية) ما خرج الرازي يؤذن بترجيحه وصححه في (النهاية)، وقال القاضي خان: إنه الأولى ولم يذكر في (شرح الجامع الصغير) وغيره واختيار المصنف له هنا لا ينافي اختيار غيره في موضع آخر وحمل كلامه هنا على ما قاله في التحالف ظاهر البعد إذ وجه المسألة حينئذ تحالفا وحكم مهر المثل ولا دلالة في كلامه على هذا المحذوف ولم يذكر الخلاف في باب التحالف من يبتدئ بيمينه إيماء إلى أنه لو بدأ بأيهما كان صح نعم. قال في (غاية البيان): يندب أن يقرع بينهما واختار كثير أن الأولى البدأة فيمين الزوج لأن أول التسليمين عليه فيكون أول اليمينين عليه كتقديم المشتري في التحالف وقوله وإن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
برهنا فللمرأة ظاهر فيما إذا كان مهر المثل شاهداً له أما إذا شهد لها فتقديم بينتها أحد قولين وجزم الشارح وغيره بأن البينة له لأنها تظهر حط الألف عن مهر المثل ولو كان بينهما تهاتراً في الصحيح ويجب مهر المثل فيه فيخير فيه الزوج بين دفع الدراهم والدنانير وفي التحالف السابق يجب قدر ما اتفقا عليه على أنه يسمى كما في النكول والزائد على أنه مهر المثل فيخير فيه الزوج أيضاً والفرق أن بينة كل واحد منهما تتقي تسمية صاحبه فخلا العقد عن تسمية فوجب مهر المثل ولا كذلك التحالف وسوى قاضي خان بين الفصلين.
قال في (البحر): والظاهر الأول وهذا كله عندهما وقال الثاني: القول للزوج إلا أن يأتي بشيء مستنكر واختلفت الروايات عنه في معناه فروي عنه في (الجامع الصغير) أن المستنكر عرفاً يعني ما لا يتعارف مهراً وصححه في (الهداية) وغير وعنه كما في (البدائع) أنه المستنكر شرعاً وهو ما دون العشرة ورجحه الإسبيجابي وغيره وقال الوبري: إنه الأشبه بالصواب وقوله في (الجامع) إلا أن يأتي بشيء قليل لا يعين هذا كما توهمه عبارة بعضهم إذ التعليل كما جاز أن يكون عرفاً وفي (المحيط) قال محمد: رجل أقام بينة أنه تزوج هذه المرأة بألف وأقامت بينة أنه تزوجها بألفين فالمهر ألف ولو أقام بينة أنه اشترى هذه الدار بألف والبائع بينة أنه باعها بألفين فهي بالألفين والفرق أن بالبيع أمكن العمل بالبينتين لاحتمال أنه اشتراها منه بألفين فيصح لأن البيع يحتمل الفسخ والنكاح لا يحتمله وكل منهما ادعى عقداً غير ما ادعاه الآخر فتهاترت البينتان ووجب الألف باعتراف الزوج انتهى.
فهذا إن كان نقلاً للمذهب لا قوله وحده فمعنى قولهم وإن برهنا فالمرأة ما إذا أشهدت ببينة فإن المهر ألف وبينتها بأنه ألفان ولو تقع الشهادة بالعقد أما إذا وقعت به مع المسمى فقد علمت حكمه كذا في (البحر) ولا يخفى ما فيه فتدبره قيد بالاختلاف في قدره لأنه لو كان من جنسه بأن قالت تزوجتني على عبد فقال: بل على جارية أو صفة من الجودة والرداءة أو نوعه كالتركي مع الرومي أو ذرعه إن كان مذروعاً والمسمى عين أو اختلفا في قيمته وهو هالك فالقول قوله ولا يتحالفان لأنهما اتفقا على المسمى إلا أنها تدعي عليه ضماناً زائداً وهو ينكر ولو كان ديناً فهو كالاختلاف في الأصل ولو اختلفا في الوصف والقدر جميعاً فالقول له في الوصف ولها في القدر إلى تمام مهر مثلها كذا في (المحيط) وفي (البدائع) الاختلاف في الجنس والنوع والصفة إذا كان المهر ديناً كالاختلاف في العينين إلا الدراهم والدنانير فكالألف والألفين لأنها لا تملك إلا بالتراضي بخلاف الدراهم
والمتعة لو طلقها قبل الوطء، ولو في أصل المسمى يجب مهر المثل،
ــ
والدنانير فإنهما وإن اختلفا جنساً إلا أن المهر يقضى من جنسهما فجاز أن يستحق المائة دينار مثلاً من غير تراض بخلاف العبد لأن مهر المثل لا يقضى من جنسه فلم يجز أن يملكه من غير تراض فيقتضي بقدر قيمته إن كان غنياً وكان الاختلاف في الجنس كالعبد والجارية فكالاختلاف في الألف والألفين إلا إذا كان مهر مثلها مثل قيمة الجارية وأكثر فلها قيمة الجارية لا عينها هذا حاصل ما قاله وفيه ما لا يخفى من المخالفة لما في (المحيط).
(و) حكمت (المتعة لو طلقها قبل الوطء) أو الخلوة فمن شهد له متعة مثلها كان القول له مع يمينه أو يحلفان مطلقاً على اختيار الكرخي ثم يحكم على ما مر ولا خلاف أنها إذا لم تشهد لأحد يحلفان وهذا رواية (الجامع الكبير) والمذكور في (الأصل) وعليه جرى في (الجامع الصغير) أن القول للزوج ووفق بينهما بأن وضع المسألة في (الأصل) في الألف والألفين ومتعة مثلها لا تبلغ نصف الألف الذي يقر به فلا يفيد التحكيم وفي (الجامع الكبير) في العشرة والمائة ومتعة مثلها تزيد على نصف العشرة عادة فيفيد ووجهه أن المتعة موجبة بعد الطلاق قبل الدخول/ فتحكم كمهر المثل وقد يقال: لا نسلم أنها موجبة مطلقاً بل فيما إذا لم يكن ثمة تسمية وقد اتفقا عليها هنا فقلنا ببقاء ما اتفقنا عليه وهو نصف ما أقر به الزوج ويحلف على نفي دعواها الزائد وعن هذا صدر في (البدائع) بتحقيق الخلاف وصحح أن القول للزوج ثم حكى التوفيق والجواب مع كون التسمية موجودة بل أحدهما غير عين وهو لا ينفي الرجوع إلى الأصل إذا تعذر القضاء بأحدهما عيناً كعدمها إليه أشار في (الفتح) وبه اندفع ما في (البحر) من اختيار أن القول فيه للزوج هذا إذا كان المسمى ديناً وإن كان عيناً كما مر في العبد والجارية كان لها المتعة إلا أن يرضى الزوج بأن يأخذ نصف الجارية لأن نصف الألف هناك ثابت بيقين لاتفاقهما على تسمية الألف فكان القضاء بنصفها حكماً بالمتيقن وتمليك نصف الجارية ليس ثابتاً بيقين لعدم اتفاقهما فلم يكن القضاء بنصف الجارية إلا باختياره وإذا لم يوجد سقط البدلان فوجب الرجوع إلى المتعة كذا في (البدائع).
(ولو كان الاختلاف (في أصل المسمى يجب مهر المثل) اتفاقاً سواء كان في حياتهما أو بعد موت أحدهما ولو بعد الطلاق قبل الدخول وجبت المتعة لأنه هو الأصل عندهما وعند الثاني تعذر القضاء بالمسمى فيصار إليه كذا في (الهداية) واستشكله الشارح بأن محمداً مع الثاني في أن المسمى هو الأصل كما صرح به قبلها فيما إذا تزوجها على هذا العبد أو هذا وأجاب في (البحر) بأنه أصل في التحكيم لا
ولو ماتا، ولو في القدر فالقول لورثته، ومن بعث إلى امرأته شيئاً فقالت: هو
ــ
بالنسبة إلى المسمى وقد مر فيما لو تزوجها على هذا العبد أو على هذه العبد ما يعينك عن هذا الجواب وما فيه من التعسف وإذا وجب لا يزاد به على ما تدعيه ولا ينقص عن ما ادعاه وهل يحلف عندهما؟ نعم فإن نكل ثبت المسمى وإن حلف وجب مهر المثل وأما عند الإمام، فقال صدر الشريعة: ينبغي أن لا يحلف عنده في النكاح وهذا وهم بل هو بالإجماع لأنه لا ينكر الاستحلاف في المهر كما سيأتي كذا في (إيضاح الإصلاح).
(ولو ماتا) أي: الزوجين واختلف ورثتهما (ولو) كان الخلاف (في القدر) فضلاً عن كونه في أصل المسمى (فالقول لورثته) فما اعترفوا به لزمهم وإلا لا وجعلاه كالاختلاف في حياتهما فإن في القدر حكم مهر المثل على قول محمد وأبو يوسف مر على أصله وأن القول للزوج ويحلفه الوارث إلا أن يأتي بشيء قليل فالقول للمنكر عنده وعندهما يقضي بمهر المثل ويحلفه الوارث إلا إذا برهن الوارث على الإيفاء أو على إقرار ورثتها به لأنه لو كان في ذمته فلا يسقط بالموت كالمسمى واستدل الإمام في الكتاب على ذلك بقوله: أرأيت لو ادعى ورثة علي على ورثة عمر مهر أم كلثوم بنت علي أكنت أقضي فيه بشيء وهذا يشير إلى أن عدم القضاء به عند تقادم العهد أما إذا لم يتقادم فإنه يقضى به والخلاف مقيد بما إذا لم تقم بينة على المهر فإن أقامها الوارث قضي له بها على ورثة الزوج وعبارته في (المحيط) قال أبو حنيفة: لا أقضي بشي حتى يثبت بالبينة أصل التسمية وبه اندفع ما وجه به بعض المشايخ قول الإمام من أن مهر المثل من حيث هو قيمة البضع يشبه المسمى ومن حيث أنه يجب بغير شرط يشبه النفقة والصلة فباعتبار الشبه الأول لم يسقط بموت أحدهما وباعتبار الثاني سقط ولذا قال في (الفتح): إن تعليل (الهداية) أوجه قال المشايخ: هذا كله إذا لم تسلم المرأة نفسها فإن سلمت لا يحكم لها بمهر المثل بل يقال لها إما أن تقري بما تعجلت وإلا حكمنا عليك بالمتعارف تعجيله ثم يعمل في الباقي كما ذكرنا كذا في (الشرح) تبعاً (للمحيط) وغيره.
قال في (البحر): ولا يخفى أن محله ما إذا ادعى الزوج إيصال شيء لها، لا ما إذا لم يدع وفي (المحيط) عن (النوادر) ادعت بعد موته أن لها عليه ألفاً من مهرها، فالقول قولها إلى تمام مهر مثلها عند الإمام لأن مهر المثل يشهد لها وهذا يخالف ما ذكره المشايخ انتهى. وأقول: لا مخالفة بعد إذ هذا المطلق محمول على المقيد (ومن بعث إلى امرأته شيئاً) من النقدين أو العروض أو مما يؤكل قبل الزفاف أو بعدما بنى بها (فقالت هو)
هدية وقال هو من المهر فالقول له في غير المهيأ للأكل،
ــ
أي: المبعوث (هدية) ولا رجوع فيها (وقال) أي: الزوج (هو من المهر) أو الكسوة أو عارية (فالقول له) بيمينه لأنه المملك فكان أعرف بجهة التمليك وقد أنكره في العارية والأصل عدمه (في غير المهيأ للأكل) وهو: ما يفسد ببقائه كالعسل والسمن والشاة الحية والثياب ونحو ذلك أما المهيأ له كالطعام والدجاج/ المطبوخ والفواكه التي لا تبقى فلا يقبل قوله فيه بل القول لها مع اليمين، كما في (الدراية) لأن الظاهر شاهد لها للعرف ومن قنا قال الفقيه المختار أن ما يجب عليه من الخمار والدرع ونحو ذلك لا يقبل قوله فيه لأن الظاهر يكذبه بخلاف ما لا يجب كالخف والملاءة لكن هذا إنما ينفي احتسابه من المهر أما الكسوة فلا لأن الظاهر معه في هذا ثم إذا حلف والمبعوث قائم إن كان من غير جنس المهر ولم يرضيا ببيعه أخذه وإن هلك وقد بقي لأحدهما شيء رجع به ولو بعث له أبوها شيئاً وكان قائماً رجع به إن كان من ماله لا إن كان من مال الزوجة لأنه لا رجوع لها فيما وهبته له ونقل الشارح عن (فتاوى أهل سمرقند) أنها لو عوضته بعدما بعث إليها هدية ثم ادعاه عارية كان لها أن تسترد ما عوضته له علله البزازي بأن المرأة زعمت أن الإعطاء كان عوضاً عن الهبة ولم تثبت الهبة فلا يثبت العوض انتهى.
ولا خفاء أن هذا التعليل يأتي في دفع أبيها من مالها بإذنها فينبغي أن يرجع أيضاً وفي (التجنيس) بعث إليها بقرة عند موت أبيها وتصرفت فيها ثم طلب منها القيمة إن اتفقا على عدم ذكرها فلا رجوع له أو على ذكر الرجوع بها كان له الرجوع وإن اختلفا فالقول لها وهذا قد يشكل على ما مر لأنه المملك في هذه الحالة فكان أعرف بجهة التمليك ولذا قال القاضي: ينبغي أن يكون القول للزوج وفي (البزازية) اتخذ لها ثياباً ولبستها حتى تخرقت، ثم قال: هو من المهر، وقالت: هو من النفقة أعني الكسوة فالقول لها قيل فما الفرق بينه وبين ما إذا كان الثوب قائماً حيث يكون القول ثمة له، قلنا: الفرق أن في القائم اتفقا على أصل التمليك وإن اختلفا في صفته والقول للمالك لأنه أعرف بجهة التمليك بخلاف الهالك فإنه يدعي سقوط بعض المهر والمرأة تنكر ذلك فإن قيل لِمَ لم يجعل هذا اختلاف في جهة التمليك كالقائم قلنا بالهلاك خرج عن المملوكية والاختلاف في أصل التمليك أو في جهته ولا ملك بحال باطل فيكون اختلافاً في ضمان الهالك وبدله فالقول لمن يملك البدل والضمان انتهى.
وهذا يقتضي أن القول لها فيما لو كان هالكاً في مسألة (الكتاب) لأنه بذلك
ولو نكح ذمي ذمية بميتة،
ــ
يدعي عليها ضمان الهالك وهي تنكر وهو مخالف لما قدمناه والفرق يعسر فتدبره. وفي (الخلاصة) قال: هو من الكسوة وقالت: هو هدية فالقول له، والبينة بينتها، وينبغي أن يكون كذلك في مسألة (الكتاب).
قال في (الفتح): والذي يجب اعتماده في ديارنا أن جميع ما ذكر من الحنطة واللوز والدقيق والسكر والشاة الحية وباقيها يكون القول فيه قول المرأة لأن المتعارف في ذلك له إرساله هدية فالظاهر مع المرأة لا معه ولا يكون القول له إلا في نحو الثياب والجارية انتهى.
وأقول: وينبغي ألا يقبل قوله أيضاً في الثياب المحمولة مع السكر ونحوه للعرف هذا كله إذا لم يذكر مصرفاً فإن ذكره كقوله اصرفوا بعض الدراهم إلى الشمع والبعض إلى الحناء ثم قال: هي من المهر لم يقبل قوله كما في (القنية) قيد بدعواه المهر لأنها لو قالت هو منه وقال هو وديعة فإن من جنسه فالقول لها وإلا له كذا في (الشرح).
تتمة: زفت إليه بلا جهاز يليق فيه فله مطالبة الأب بما دفعه إليه من الدراهم والدنانير إلا إذا سكت طويلاً فليس له الخصومة بعد ولو جهز بنته وسلمه إليها ليس له في الاستحسان استرداده منها وعليه الفتوى ولو أخذ أهل المرأة منه شيئاً عند التسليم فله استرداده لأنه رشوة كذا في (البحر) معزياً إلى (المبتغي).
وأقول: في (البزازية) عن المرغيناني في الصحيح أنه لا يرجع على الأب بشيء لأن المال في النكاح غير مقصود وقال قبله المختار في مسألة الجهاز أن العرف إن كان مستمراً أن الأب يدفع الجهاز ملكاً لا عارية كما في ديارنا فالقول للزوج وإن كان مشتركاً فالقول للأب انتهى. قال الشهيد: وهذا التفصيل هو المختار للفتوى والعرف في مصر مشترك قال الإمام قاضي خان: وينبغي أن يقال إن كان الأب من الأشراف لم يقبل قوله أنها عارية وإن كان ممن لا يجهز البنات بمثل ذلك قبل قوله، وها لعمري من الحسن بمكان والحيلة أن يشهد عند التسليم إليها أنه إنما سلمها هذه الأمتعة عارية، أو يكتب بها نسخة ويشهد الأب على إقرارها أن ما في هذه النسخة ملك والذي عندي عارية لكن هذا إنما يصلح للقضاء لا للاحتياط؛ لجواز أنه اشترى لها بعض هذه الأشياء في صغرها وبهذا الإقرار لا يصير له في الديانة فالاحتياط أن يشتريه بثمن منها ثم تبريه، (ولو نكح ذمي ذمية بميتة) سواء كانوا يتمولونها كالموقوذة أو لا كالميتة حتف أنفها أو دم بيان لمهور الكفار بعد/ مهر المسلمين وما في (غاية البيان) من أنه بيان لأنكحتهم جزم في (البحر) بأنه سهو وليس كما قال، بل إنما أراد
أو بغير مهر وذا جائز عندهم فوطئت، أو طلقت قبله، أو مات، فلا مهر لها وكذا الحربيان، ثم ولو تزوج ذمي ذمية بخمر أو خنزير عين فأسلما أو أسلم أحدهما لها الخمر والخنزير، وفي غير العين لها قيمة الخمر، ومهر المثل في الخنزير.
ــ
به بيان لحكم أنكحتهم ولا شك أن المهر من أحكامه ثم الأولى أن يقال كافر ليعم المستأمن فإنه كالذمي هنا كما في (العناية)(أو بغير مهر) بأن نفياه صريحاً أو سكتا عنه (وذا) أي: والحال أن ذا أي: النكاح المذكور (جائز عندهم) أي: في دينهم (فوطئت أو طلقت قبله أو مات) عنها (فلا مهر لها) ولو أسلما أو ترافعا إلينا وهذا عند الإمام وقالا لها مهر المثل إن دخل بها أو مات عنها والمتعة لو طلقها قبل الوطء لأن أهل الذمة التزموا أحكامنا في المعاملات والنكاح منها، ولذا جرت عليهم أحكامه من لزوم النفقة والعدة وثبوت النسب والتوارث وخيار البلوغ وحرمة المطلقة ثلاثاً ونكاح المحارم وله أنهم لم يلتزموها فيما يعتقدون خلافه منها إلا ما شرط عليهم ولم يؤمر بالتزامهم بل تركهم وما يدينون فإذا دانوا ذلك فقط اتفقوا على عدم المهر، وقيل: في الميتة والسكوت روايتان والأصح أن الكل على الخلاف كذا في (الهداية)، وفي (فتح القدير) وظاهر الرواية وجوب مهر المثل في السكوت عنه لأن النكاح معاوضته فما لم ينص على نفي العوض يكون مستحقاً لها وذكر الميتة كالسكوت لأنها ليست مالاً عندهم فذكرها لغو.
(وكذا) إذا تناكح (الحربيان ثم) بفتح المثلثة ظرف مكان أي: في دار الحرب باتفاق الثلاثة خلافاً لزفر لأنهم لا يلتزمون الأحكام ولا ولاء لنا عليهم للتباين (ولو تزوج ذمي ذمية بخمر أو خنزير عين) أي: أشار إليه (فأسلما أو أسلم أحدهما) قبل القبض ولم يقيده به لأن التفرقة بين المعين وغيره إنما تتأتى في هذه الحالة أما بعد القبض فليس لها إلا ما قبضته ولو كان غير عين وقت العقد (لها الخمر والخنزير) فتخلل الخمر وتسيب الخنزير (ولها في غير العين) بالإشارة (قيمة الخمر ومهر المثل في الخنزير) عند الإمام، وقال الثاني: لها مهر المثل في الوجهين والثالث لها القيمة في الوجهين لهما أن القبض مؤكد للملك في العين ألا ترى أنه لو هلك أو تعيب فاحشاً قبله هلك من مال الزوج فكان له شبه بالعقد فيمتنع بالإسلام كما في غير المعين غير أن الثاني يقول لو كانا مسلمين وقت العقد يجب مهر المثل فكذا هنا ومحمد يقول: صحت التسمية لكون المسمى مالاً عندهم إلا أنه امتنع التسليم للإسلام فوجب القيمة وله أن الملك في المعين يتم بنفس العقد ولذا ملكت التصرف فيه وبالقبض ينتقل من ضمان الزوج إلى ضمانها وذلك لا يمتنع بالإسلام وفي غير المعين القبض موجب فيمتنع بالإسلام فوجب قيمة الخمر لأنه من ذوات