الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العنين وغيره
هو: من لا يصل إلى النساء، أو يصل إلى الثيب دون الأبكار، وجدت زوجها مجبوبًا فرق في الحال
ــ
باب العنين وغيره
من المجبوب شروع في بيان من به مرض تعلق بالنكاح يقال: رجل عنين لا يقدر على إتيان النساء ولا يشتهي، سمي بذلك لأن ذكره يعن بقبل المرأة يمينًا وشمالاً أي: يعترض إذا أراد الإيلاج وامرأة عنينة لا تشتهي الرجال والفقهاء يقولون: به عنة، وفي كلام الجوهري ما يشبهه ولم أجده لغيره والمشهور بين التعنن كذا في (المصباح) وجمعه عنين فعيل بمعنى مفعول (هو من لا يصل) أي: من لا يقدر أن يصل (إلى النساء) أي: إلى جماعهن في القبل مع قيام الآلة لآفة أصلية أو لمرض أو ضعف أو كبر سن أو سحر (أو يصل إلى الثيب دون البكر) أو إلى بعض النساء الثيبات دون البعض انتصبت آلته أو لا، وليس منه من قصرت آلته بحيث لا يمكن إدخالها داخل الفرج كما في (المحيط).
وفي (المعراج) لو أولج الحشفة فقط فليس بعنين وإن كان مقطوعها فلا بد من إيلاج بقية الذكر ولو أنزل قبل أن يخالطها ثم لم تنتشر آلته بعد فهو عنين، قيدنا بالقبل لأنه لو قدر على إدخاله في الدبر فقط كان عنينًا خلافًا لأبي عقيل فإنه يقول الدبر أشد من القبل كذا في (المعراج).
(وجدت) الحرة البالغة الخالية عن الرتق ولو مجنونة (زوجها) ولو مريضًا أو صغيرًا أو مجنونًا (مجبوبًا) أي: مقطوع الذكر والخصيتين يقال جببته جبًا من باب قتل قطعته ولم يذكروا مقطوع الذكر فقط والظاهر أنه يعطى هذا الحكم أيضًا (فرق للحال)، إذ لا فائدة في التأخير لكن بطلبها إذ لا يقيد كونه على الفور حتى لو أقامت معه زمانًا وهو يضاجعها كانت على خيارها ما لم تعلم بحاله وقت العقد أو علمت ولم ترض، ولو أقام الولي بينة على رضاها بجبه أو عنته أو علمها بحاله عند العقد لم يفرق، ولو طلب يمينها على ذلك حلفت فإن نكلت لم يفرق، وفي قوله: وجدت إيماء إلى أنه لو جب بعدما وصل إليها لا خيار، وفي (التتارخانية) لو لم تعلم بحاله حتى جاءت بولد فادعاه وأثبت القاضي نسبه منه ثم علمت به وطلبت التفريق كان لها ذلك انتهى، وعلى هذا قالوا لو جاءت بولد بعد التفريق إلى سنتين ثبت نسبه منه ولا يبطل التفريق، وفي العنين يبطل ونظر فيه الشارح بأنه بالتفريق في العنين وقع
وأجل سنة لو عنينًا، أو خصيًا
ــ
البائن فكيف يبطل، ألا ترى أنها لو أقرت بعد التفريق أنه كان وصل إليها لا يبطل، وجوابه أنه بثبوت النسب في العنين ثبت أنه ليس بعنين بخلاف المجبوب فإن ثبوت النسب منه باعتبار إنزاله بالسحق وهذا لا ينافي كونه مجبوبًا، وإنما لم يقبل إقرارها لتناقضها مع احتمال كذبها، وفي (الخانية) لو شهد شاهدان على إقراراها قبل التفريق بأنه وصل إليها بطل التفريق، قيدنا بالحرة لأن الخيار في الأمة إنما هو للمولى عند الإمام وقال الثاني: لها ومحمد قيل: مع الإمام وقيل: مع الثاني كذا في (الخانية)، وبالبالغة لأن الصغيرة ينتظر بلوغها لجواز رضاها به بعد وبالخالية عن الرتق لأن الرتقاء لا خيار لها كما في (الخانية) والخصم فيما إذا كان أحدهما مجنونًا وليه فإن لم يكن نصب القاضي من يخاصم ولو كان يجن ويفيق هل تنتظر إفاقته لم أر المسألة والذي ينبغي أن يقال: إن كان هو الزوج لا ينتظر وفي الزوجة ينتظر لجواز رضاها به إذا هي أفاقت، كما لو كانت غير بالغة ويثبت كونه مجبوبًا بالمس من وراء الثياب فإن لم يمكن إلا بالنظر أمر القاضي أمينًا لينظر إليه ويخبر كذا في (الخانية).
(وأجل) أي: أجل القاضي الزوج (سنة) قمرية بالأهلة في ظاهر الرواية ورجحه في (الواقعات) أو شمسية بالأيام على ما عليه الفتوى كما في (الخلاصة) وهي تزيد على القمرية أحد عشر يومًا وقيل عشرة أيام وربع عشر يوم تقريبًا/ ولا خلاف في الاعتبار بالأيام فيما إذا كان التأجيل في أثناء الشهر كما في (المجتبى) ودل كلامه على أن تأجيل غير القاضي لا عبرة فيه، وأطلق الزوج فشمل المجنون والمعتوه إلا أن يكون مريضًا فيؤخر تأجيله إلى صحته مطلقًا على المفتى به، أو صغيرًا فينتظر بلوغه فإن بلغ أربعة عشر سنة ولم يصل إليها ووصل إلى غيرها يؤجل كما في (الخانية)، أو محرمًا فبعد الإحرام ولو مظاهرًا لا يقدر على الإعتاق أمهله القاضي شهرين ثم أجله، ولو ظاهر بعد التأجيل لا يلتفت إليه وتحسب المدة عليه وتحسب منها أيام حيضها ورمضان وحجه وغيبته وكذا مرضه ومرضها وعليه فتوى المشايخ كذا في (غاية البيان) وعن محمد هذا فيما دون الشهر أما الشهر التام فلا.
وفي (الخانية) وهو أصح الأقاويل ولا يحسب منها حجها وغيبتها وحبسها وامتناعها عن المجيء إلى السجن بعد أن يكون فيه موضع خلوة ولو على مهرها (لو) كان عنينًا لأنه بعد السنة تبين أن العجز أصلي فيه، (أو) كان (خصيًا) بفتح الخاء فقيل: بمعنى مفعول تقول: خصيت العبد أخصيه خصيًا بالمد والكسر سللت خصيته، والفرس قطعت ذكره فهو مخصي، ويجوز استعمال فعيل ومفعول فيهما ولا بد أن لا ينتشر ذكره فلو انتشر فليس به كما في (المحيط)، وعلى هذا فعطفه عليه
فإن وطىء، وإلا بانت بالتفريق إن طلبت فلو قال: وطئت، وأنكرت وقلن: بكر خيرت، وإن كانت ثيبًا صدق ....
ــ
من عطف الخاص على العام لخفائه وإن كان بأو ولأن الفقهاء يتسامحون في ذلك، ولو قال الشيخ الكبير: لا أرجو الوصول إليها أو كان خنثى يبول مبال الرجال أجل أيضًا، وفي كلامه إيماء إلى دفع ما عن الهندواني من أنه يؤتى بطشت فيه ماء بارد فيجلس فيه العنين فإن تقلص ذكره أو تروى علم أنه لا عنة به وإلا علم أنه عنين، إذ لو اعتبر هذا لزم أن لا يؤجل.
(فإن وطىء) مدة واحدة في المدة بطل التأجيل لاستيفائها حقها بمرة وما زاد فهو مستحق عليه ديانة، ولذا يأثم إذا تركها متعننًا مع القدرة وعليه فالأمة مع احتياجها إليه ينبغي أن لا يأثم كذا في (النهاية) (وإلا) أي: وإن لم يطأ بإقراره (بانت) منه أي: طلقت طلقة بائنة (بالتفريق) أي: بتفريق القاضي بينهما عند امتناعه عن تطليقها لأنه وجب عليه التسريح بالإحسان حين عجز عن الإمساك بالمعروف فإذا امتنع كان ظالمًا فناب عنه، وأضيف فعله إليه وقيل: يكفي اختيارها نفسها ولا يحتاج إلى القضاء كخيار العتق قيل: وهذا الأصح كذا في (غاية البيان) وجعل في (المجمع) الأول قول الإمام والثاني قولهما فظاهر أن قوله: تطليقه إياها لا يقال: فيه تفريق فقول العيني أي: تفريق الزوج أو القاضي فيه مؤاخذة ظاهرة، (إن طلبت) المرأة قيد في الأفعال كلها أعني فرق وأجل وبانت لا بقيد كونه على الفور أيضًا حتى لو وجدته عنينًا ومضت مدة من غير أن تخاصم أو مضت مدة الأجل ولم تخاصمه كذلك لا يبطل حقها.
(فلو قال) الزوج يعني بعد السنة دل على ذلك الإتيان بالغًا: (وطئت، وأنكرت) المرأة ذلك نظر إليها النساء، فإذا فعلن (وقلن) إنها (بكر خيرت) للحال بين الإقامة والفرقة في مجلسها، فإن اختارت نفسها أمره القاضي بالتطليق فإن أبى فرق بينهما والواحدة تكفي وشرط الحاكم عدالتها والاثنان أحوط في بعض الكتب أفضل وعلى هذا فقوله قلن بناء على ما هو الأولى، غاية الأمر أنه أطلق الجمع على المثنى وطريق معرفة أنها بكر أن تدفع يعني المرأة في فرجها أصغر بيضة للدجاج فإن دخلت من غير عنف فهي ثيب وإلا فبكر، أو تكسر وتسكب في فرجها فإن دخل فثيب وإلا فبكر، وقيل: إن أمكنها تبول على الجدار فبكر وإلا فثيب، وظاهر كلامه أنها لا تستحلف، ولم أر ما لو رجعت الواحدة عن الشهادة أو الاثنتان بعد التفريق هل يضمنان نصف المهر كشهود الطلاق قبل الدخول أو مقتضى كونه إخبارًا حتى اكتفى فيه بالواحدة عدم الضمان، (وإن كانت ثيبًا) يعني بأن قلنا: إنها ثيب (صدق)
بحلفه، وإن اختارته بطل حقها ولم يخير أحدهما بعيب.
ــ
الزوج (بحلفه) إذ ليس من ضرورة ثبوت الثيابة الوصول إليها لجواز زوالها بغيره فيحلف، بخلاف البكارة وفيه إيماء إلى إلغاء قولهن ولذا لو كانت الثيابة فيها أصلية قبل قوله بيمينه. وقال الشارح: هذا كله في الانتهاء وسكت المصنف عن كيفية ثبوت العنة للتأجيل ابتداء ولابد منه أيضًا وأجاب في (البحر) بأن قوله فلو قال: وطأت حينئذ شامل لما إذا اختلف في الابتداء/ والانتهاء، وقوله: خيرت أي: في التأجيل أو التفريق وقوله: وإن كانت ثيبًا صدق شامل لهما أيضًا، وأنت خبير بأن الإتيان بإلغاء بعد قوله وأجله حينئذ ينبو عنه كما أشرنا إليه وكأن المصنف استغنى بذكر الانتهاء عن الابتداء لاتحاد الحال فيهما ولو امتنع عن الحلف وقد وطئها فرق القاضي بينهما ولا يسعها أن تتزوج بآخر ولا يسعه أيضًا أن يتزوج بأختها كذا في (المحيط).
(وإن اختارته) ولو دلالة بأن وجد منها ما يدل على الإعراض بأن قامت من مجلسها أو أقامها أعوان القاضي أو قام القاضي عن مجلسه كما في (الخانية)(بطل خيارها) لأن المخير بين شيئين ليس له أن يختار إلا أحدهما وفي كلامه إيماء إلى أنه لو فرق بينهما ثم تزوجته فلا خيار لها كما لو تزوجته عالمة بحاله على ما عليه الفتوى.
واختلفت الروايات فيما لو تزوج بأخرى عالمة بحاله وذكر في الأصل أنه لا خيار لها وبه يفتى، وذكر الخصاف: أن لها الخيار لأن العجز عن الأولى لا يدل عن العجز عن غيرها، قال في (الخانية): وهو الصحيح (ولم يخبر أحد الزوجين بعيب) في الآخر سواء كان عيبًا يخل الجماع كالقرن والرتق أو يعافه الطبع كالجنون والبرص والجذام وهذا عندهما، وقال محمد: لها الخيار وإذا كان في الزوج واحد من الثلاثة الأخيرة وقيده في الحقائق بما إذا كانت بحال لا تطيق المقام معه ولنا أن نقول: فوت الاستيفاء أصلاً بالموت لا يوجب الفسخ فإحلاله بهذه العيوب أولى كذا في (الهداية)، وتعقب بأن النكاح يوقت بحياتهما يعني وإنما لا يوجبه لعدم قبوله إياه أما مع هذه العيوب فيقبله ولم أر من أجاب عنه من الشارحين وأجاب في (البحر) بجوابين: الأول: أن النكاح بالموت ينتهي لا أنه ينفسخ، والشيء بانتهائه لا ينفسخ والثاني: وهو الأحسن أنه على حذف مضاف أي لا يوجب خيار الفسخ حتى لا يسقط به شيء من مهرها.
وأقول: كل من الجوابين غير مانع في دفع هذا الإيراد لمن تأمل والذي ينبغي أن يقال أراه إن فوت الاستيفاء أصلاً بالموت يعني قبل التسليم لا يوجب فسخ