الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في الكفارة
وهي: تحرير رقبة
ــ
أنها في الظهار لرفع الحرمة وهي متعددة بتعددهن وفي الإيلاء لهتك حرمة الله تعالى وهو الواحد، ولو كرر الظهار من واحدة في مجلس أو مجالس تكررت الكفارة عليه إلا إذا نوى التأكيد بالثاني فيصدق قضاء ولو علقه بنكاحها بأن قال: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي مائة مرة كان عليه بكل مرة كفارة كما في (التاتارخانية).
فروع
أنت علي كظهر أمي في رجب ورمضان وكفر في رجب أجزأه عنهما، ولو ظاهر واستثنى يوم الجمعة مثلاً لم يجز كذا في (الفتح) وفي (التاتارخانية) إذا تزوجتك فأنت طالق ثم قال: إذا تزوجتك فأنت كظهر أمي فتزوجها وقع الطلاق ولا يلزم الظهار عند الإمام وقالا: لزماه جميعًا كذا في (البحر) والمذكور في (الخانية) لزومها جميعًا في هذه الصورة لأنهما يقعان في حالة واحدة وكذا لو قال: إذا تزوجتك فأنت علي كظهر أمي فأنت طالق فتزوجها لزماه، ولو قال: إذا تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي فتزوجها يقع الطلاق ولا يلزمها الظهار في قول الإمام وقالا: لزماه جميعًا بناء على أن الترتيب في التعليق يوجب الترتيب في النزول عنده وعندهما لا يوجب انتهى والله الموفق للصواب.
فصل في الكفارة
وهي كما في (القاموس) ما كفر به من نحو صدقة وصوم وقال غيره: هي من كفر الله عنه الذنب وكفر عن يمينه فعل الكفارة، والمراد بها هنا التكفير ولذا قال:(وهي: تحرير رقبة) أي: إعتاقها بنية الكفارة نبه بذلك على أنه لو ورث من يعتق عليه فنوى به الكفارة مقارنًا لموت المورث لم يجزه، وإطلاقه يشمل الكبير ولو شيخًا فانيًا والصغير ولو رضيعًا والمسلم والكافر والمرتدة وفي المرتد خلاف وبالجواز قال الكرخي: كما لو أعتق حلالاً لدم ومن منع قال: إنه بالردة صار حربيًا وصرف الكفارة إليه لا يجوز كذا في (المحيط)، أما العبد الحربي في دار الحرب فلا يجوز كما في (الفتح) وفي (التاتارخانية) هذا إذا لم يخل سبيله فإن خلي سبيله اختلف المشايخ فقيل: يجزئه وقيل: لا يجزئه وعلله في (المحيط) بأنه صرف الكفارة إلى الحربي فلا يجوز كما لو صرف إليه الطعام والكسوة، والصحيح والمريض إلا مريضًا لا يرجى برؤه لأنه ميت حكمًا كما في (التجنيس) ومباح الدم والمديون
ولم يجز الأعمى، ومقطوع اليدين، وإبهاميهما أو الرجلين والمجنون، والمدبر، وأم الولد والمكاتب الذي أدى شيئًا ....
ــ
والمرهون كما في (الجوامع) ولو اختار الغرماء استبقاء المديون، وعن محمد إن مباح الدم لا يجوز ولو عفي عنه والمغصوب إذا وصل إليه كذا في (المحيط) والآبق إذا علمت حياته، واعلم أنه يشترط في هذه الرقبة أن تكون كاملة الرق خالية عن بدل وما يفوت به جنس المتعة ومن ثم قال:(ولم يجز الأعمى) وفيه إيماء إلى جواز الأعور والأعمش والأعشى والأرمد (ومقطوع اليدين) أو أكثرهما وهو ثلاثة أصابع من كل يد غير الإبهامين لأن للأكثر حكم الكل، قيد بذلك لأن مقطوع أحد اليدين أو الرجلين من خلاف جائز بخلاف مقطوع أحد اليدين والرجلين من جهة واحدة فلا يجوز.
(أو الإبهامين أو الرجلين) لأن بفوات هذه يفوت جنس المنفعة فيكون هالكًا معنى، ومن ثم لم يجز الأصم الذي لا يسمع شيئًا على المختار ولأنه بمنزلة الأعمى ولا ساقط الأسنان العاجز عن الأكل وجاز مقطوع المذاكير والأذنين وذاهب الحاجبين وشعر اللحية والرأس ومقطوع الأنف والشفتين إذا كان يقدر على الأكل، والعنين والمحبوب والخصي والرتقاء والقرناء (والمجنون) أي: المطبق لأن المنافع كلها في حقه فائتة، أما الذي يجن ويفيق فعتقه في حال إفاقته جائز.
(و) لم يجز أيضًا (المدبر وأم الولد) لنقصان الرق فيهما باستحقاقهما الحرية لجهة، أما المكاتب فرقه كامل وإن نقص الملك فيه فجاز عتقه ولا تلازم بينهما لعموم الملك فيه فجاز بثبوته في غير الآدمي فقول السروجي: لو قال: كل مملوك لي حر عتق مدبروه وأمهات أولاده وفيه دليل على كمال الرق فيهما رد بأنهم إنما أعتقوا لاقتضاء التركيب ملكًا تامًا والكلام في مكاتب لا يستحق/ العتق لا بجهة المكاتبة حتى لو كانت أم ولده ثم أعتقها عن الكفارة لم يجز.
(و) لم يجز أيضًا عتق (المكاتب الذي أدى شيئًا) من بدل الكتابة في المشهور من الرواية، لأنه عتق ببدل وفي (الاختيار) لو أبرأه عن الكتابة أو وهبه عتق فلو قال: لا أقبل صح عتقه ولم يبرأ من مال الكتابة.
قال في (البحر): وعلى هذا فينيبغي أن لا يجزئ عن الكفارة وأقول: يعني لو أبرأه ناويًا بذلك العتق عن الكفارة فإن يراد الإبراء أجزأه عن الكفارة ولو رده لا يجزئه إلا إن صحت بنيته عن الكفارة مع الإبراء يحتاج إلى نقل، وعندي أنها لا تصح لأن نيته إنما اقترنت بالشرط وهو الإبراء المتضمن للاستيفاء فلا يعتبر، ألا ترى أنه لو قال لعبد الغير: إن اشتريتك فأنت حر واشتراه ينوي به عن الكفارة لا يجوز لما قلنا، بخلاف ما لو قال: فأنت حر عن كفارة ظهاري فأبرأه يجزئه عن الكفارة قلت: ولم أر
فإن لم يؤد شيئًا أو اشترى قريبه ناويًا بالشراء الكفارة، أو حرر نصف عبده عن كفارته، ثم حرر باقيه عنها صح، وإن حرر نصف عبد مشترك، وضمن باقيه، أو حرر نصف عبده، ثم وطىء التي ظاهر منها ثم حرر باقيه لا .......
ــ
المسألة في كلامهم والذي ينبغي أن يقال: إن لم يقبل الإبراء لا يصح لأنه عتق ببدل وإن قبله صح والله الموفق، ثم المسألة مقيدة بما إذا لم يعجز نفسه فإن عجز بعدما أدى شيئًا فأعتقه جاز وهي الحيلة لجواز عتقه بعد أدائه شيئًا (فإن لم يؤد شيئًا) يعني جاز عتق المولى لما مر من أن الرق فيه كامل، وإذا جاز انفسخت كتابته ضمنًا، ولذا سلمت الأولاد والأكساب له، وقيدنا العتق بكونه من المولى لأنه لو مات فأعتقه الوارث عن كفارته لم يجز إجماعًا والفرق أنه لا ملك بالإرث لعدم قبوله النقل، بخلاف المولى فإن به فيه ملكًا وإن كان ناقصًا، وإنما صح عتق الوارث له ابتداء لتضمنه الإبراء عن بدل الكتابة، (أو اشترى) المظاهر أي: دخل في ملكه بسبب اختياري ولو بهبة أيضًا أو قبول صدقة أو وصية (قريبه)، أي: محرمه (ناويًا) حال من الفاعل (بالشراء الكفارة) جاز أيضًا لأن النية قارنت علة العتق فتصح على ما مر، قيد بالشراء لأنه لو نوى عند موت مورثه إعتاقه عنها لم يجز، وباقتران النية به لأنها لو تأخرت عنه لم يجز أيضًا وفي (الخانية) وكله بأن يشتري أباه ليعتقه بعد شهر عن ظهاره فاشتراه عتق كما اشتراه عن ظهار الأمر انتهى يعني ويلغو قوله بعد شهر لأن فيه تغييرًا للمشروع.
(وحرر نصف عبده عن كفارته ثم حرر باقيه عنها، صح) جواب للمسائل والصحة في الثالثة استحسان إذ غاية الأمر أنه أعتق رقبة كاملة لكلامين والنقصان في الباقي من آثار العتق الأول فلا يمنع، قيد بقوله ثم حرر باقيه لأنه لو حرر نصفًا من رقبة أخرى لم يصح وكذا لو كمل بالإطعام عند الإمام وعندهما إنما جاز لأن العتق لما لم ينجز صار متبرعًا بالإطعام كذا في (المحيط)، وفيه لو أعتق عبدين بينه وبين غيره لم يجز عند الكفارة انتهى، وينبغي أنهما لو أعتقاهما معًا عن كفارتهما أن يصح (وإن حرر) المظاهر (نصف عبد مشترك) بينه وبين غيره عن كفارته (وضمن) لشريكه حرر (باقيه) أي: النصف الآخر وأعتقه.
(أو حرر نصف عبده، ثم وطىء) المرأة (التي ظاهر منها ثم حرر باقيه قيد)، في المسألتين في الأولى إعتاق النصف الآخر بعد التضمين وإلا فمجرد الضمان لا يكفي لوضع المسألة لم يجز، أما في الأولى فلأن نصيب صاحبه انتقص على ملكه ثم تحول إليه بالضمان ومثله يمنع الكفارة وهذا بناء على تجزؤ العتق عند الإمام، وعندهما لا يتجزأ، فإن كان موسرًا أجزأه (لا) إن كان معسرًا، لأنه عتق ببدل وعلى
فإن لم يجد ما يعتق صام شهرين متتابعين ليس فيهما رمضان وأيام منهية،
ــ
هذا تفرعت الثانية فإن إعتاق النصف الثاني إنما حصل بعد التماس عنده وعندهما قبله لعدم تجزئته، وأورد على قول الإمام بأنه لو كان عتق النصف الثاني مانعًا من الإجزاء لما جاز عتق كامله بعده أيضًا مع أنه يجوز، وأجيب بأنه إنما جاز لأنه قبل المسيس الثاني، وتقرر الإثم بذلك المسيس لعدم وجود شرط حله وهو إعتاق رقبة كاملة (فإن لم يجد) أي: يملك المظاهر (ما يعتق) من رقبة بأن لم يكن في ملكه أو لم يقدر على ثمنها وقت الأداء ولو كانت في ملكه لكنه يحتاج إليها لزمه العتق كما في (التاتارخانية).
قال في (الخزانة): بخلاف المسكن وعلى هذا فما في (الحدادي) لو كان له عبد للخدمة لا يجوز له الصوم إلا أن يكون زمنا انتهى يعني العبد هذا هو الموافق لكلام (التاتارخانية) ويحتمل أن يرجع الضمير إلى المولى لكنه يحتاج إلى نقل، وغير خاف فإن الاحتياج شامل لما إذا احتاج إليها لقضاء الدين أيضًا وهو مذكور في (البدائع) أيضًا معللاً بأنه واجد حقيقة/ وأما إذا كان له مال لكن عليه دين فإن أدى الدين أجزأه الصوم فإن لم يؤده فقيل: يجزئه أيضًا وقيل: الابن يشتري رقبة ويعتقها حكاهما في (المحيط) قال: وعن محمد ما يدل على القولين وفيه معسر له دين على الناس أو عبد غائب يجزئه الصوم يريد بالغائب غير المملوك أما إذا كان في ملكه لا يجزئه الصوم، وبالدين ما لم يكن قادرًا على أخذه فإن قدر لا يجزئه أيضًا، وكذا لو تزوجت على عبد من قادر عليه ووجبت عليها كفارة لم يجزها الصوم انتهى.
وبه عرف أنه لو كان مال غائب انتظره وإن نقل الرازي ذلك عن أصحاب الشافعي موافق لمذهبنا أيضًا، وفي (المحيط) لا يجوز صومه لأنه صام وهو قادر على التكفير بالمال ويستفاد منه أنه لو كان عليه كفارتا ظهار وفي ملكه رقبة فصام عن أحدهما ثم أعتق عن الأخرى أنه لا يجوز، بخلاف ما لو أعتق أولاً، (صام شهرين) فإن كان صومه بالأهلة أجزأه ولو كانت الأيام ثمانية وخمسين يومًا، وإن بالأيام فلا بد من ستين يومًا (متتابعين) فلو أفطر يومًا منها بعذر سفر أو مرض استقبل بخلاف ما لو أفطرت للحيض في كفارة القتل أو الفطر في رمضان حيث لا تستأنف فتصل قضاءها بعد الحيض لأنها لا تجد شهرين وليس فيهما أيام حيض عادة، وعن هذا روي عن محمد أيضًا لو آيست بعدما حاضت استقبلت كما في (المحيط).
وقالوا: إن النفاس يقطع التتابع ولو لم تصل القضاء بعد الحيض استقبلت كما في (البدائع)(ليس فيهما) شهر (رمضان وأيام منهية) يعني يومي العيد وأيام التشريق
وإن وطىء ليلاً، أو يومًا ناسيًا، أو أفطر استأنف الصوم، ولم يجز للعبد إلا الصوم وإن أطعم أو أعتق عنه سيده فإن لم يستطع الصوم
ــ
لأن التتابع منصوص عليه وهو في سعة من صومهما خاليين عن هذه الأيام فبدخولها ينقطع التتابع، لأن رمضان لم يشرع غيره في حق الصحيح المقيم، والصوم في تلك الأيام منهي عنه فلا يتأدى به الكامل، وكل صوم شرط فيه التتابع كالمنذور والمشروط فيه ذلك معينًا أو مطلقًا فهو كالكفارة وأما الخالي عن اشتراطه كرجب مثلاً فإن التتابع فيه وإن لزم لكنه لا يستقبل لأنه لا يزيد على رمضان كذا في أيمان (فتح القدير).
(فإن وطىء) المظاهر (فيهما ليلا) لم يقل كما قال القدوري: عامدًا لأنه لا فرق بين العمد والنسيان كما في (البدائع) والتقييد به اتفاقي للاحتراز عن النسيان كما قد توهم (أو يومًا ناسيًا) قيد بالنسيان لأنه لو جامعها نهارًا عامدًا استأنف اتفاقًا ولم يعف عن وطىء الناسي، كما عفي عنه في الصوم لأنه فيه على خلاف القياس بالحديث وبهذا عرف أن قوله: ناسيًا ليس قيدًا فيهما ولم يقل: نهارًا ليدخل فيه ما بين الفجر إلى طلوع الشمس كذا في (الشرح) وكأنه عنى العرفي وإلا فالشرعي من طلوع الفجر وقد مر في الصوم، (أو أفطر) ولو بعذر سفر (استأنف الصوم) عندهما وخصه الثاني بالإفطار ولما أن الشرط كونه قبل المسيس بالنص وهو مفقود هنا، والخلاف مقيد بوطىء المرأة المظاهر منها أما بوطئ غيرها ناسيًا فلا يستأنف به اتفاقًا كذا في (النهاية)، وقيد بكفارة الظهار لأنه في كفارة القتل لو وطئ ناسيًا لا يستأنف لأن المنع من الوطء فيها لمعنى يختص بالصوم كذا في (الجوهرة).
(ولم يجز للعبد) ولو مكاتبًا أو مستسعى (إلا الصوم) المذكور وهو شهران متتابعان، (ولو أعتق عنه المولى أو أطعم) ولو بأمره لم يجز لأنهما يعتمدان الملك ولا أهلية فيه له، إلا في الإحصار فإن إطعام المولى عنه جائز جزم به جنايات (الفتح) وفي (البدائع) نقلاً عن (مختصر) الكرخي أن المولى لا يلزمه ذلك لأن لزومه لحق العبد ولا يجب للعبد على مولاه حق فإذا أعتق وجب عليه وذكر القاضي في (شرح مختصر) الطحاوي أن على المولى ذلك لأنه وجب لبلية ابتلي بها العبد بإذن المولى فصار بمنزلة النفقة وليس للمولى منعه من هذا الصوم لتعلق حق المرأة به بخلاف سائر الكفارات، وإنما لم تتنصف لما فيها من معنى العبادة، واعلم أن المحجور عليه بالسفه بناء على قولهما الراجح يكفر بالصوم لا بالمال فلو أعتق عبده في كفارة الظهار سعى في قيمته ولم يجز عن تكفيره كذا في (خزانة الأكمل) وغيرها.
وذكره ابن وهبان في (منظومته) في الحجر (فإن لم يستطع الصوم) لمرض لا
أطعم ستين فقيرًا كالفطرة أو قيمته، فلو أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره، ففعل أجزأه، وتصح الإباحة في الكفارات، والفدية
ــ
يرجي زواله أو لكبر (أطعم ستين مسكينًا) ولو حكمًا فإن كان فيهم من ليس بمراهق/ لم يحز كذا في (البدائع) أي: ملكهم قدرًا (كالفطرة) يعني نصف صاع من بر أو صاعًا من تمر أو شعير ودقيق كل كأصله، وكذا السويق ولو دفع البعض من الحنطة والبعض من الشعير جاز ويكون التشبيه في المصرف على ما مر ودفع قيمته يعني من غير ما نص عليه حتى لو دفع نصف صاع تمر يبلغ قيمة نصف صاع بر أو صاعًا من البر (أو) أقل من نصف صاع بر عن صاع تمر و (قيمته) تبلغه لم يجز لأن العبرة في المنصوص عليه لعين النص لا لمعناه، ولو لم يعتبر لزم إبطال التقدير المنصوص عليه في كل صنف وهو باطل، وعليه أن يتم للذين أعطاهم ما قدر من ذلك الجنس فإن لم يجدهم استأنف هكذا في (الفتح).
وما في (البحر) من أنه أفاد ذلك أعني كونه من غير المنصوص عليه بالعطف ففيه نظر إذ القيمة أعم من قيمة المنصوص عليه أو غيره ولا يجوز في سائر الكفارات أن يعطي الواحد أقل من نصف صاع وفي الفطرة خلاف، وقدمنا أن الجواز جزم به غير واحد وأنه صحيح وعليه فالفرق أن العدد المنصوص عليه في الكفارة بخلاف غيرها وقوله في (البحر): إن هذا الفرق مفرع على القول الضعيف ممنوع.
(فلو أمر غيره أن يطعم عنه عن ظهاره، ففعل) الغير ذلك (أجزأه)، لأنه طلب منه التمليك معنى ويكون الفقير قابضًا له أولاً ثم لنفسه وهل يرجع؟ إن قال: على أن يرجع علي رجع وإن سكت لم يرجع عند الإمام في ظاهر الرواية، خلافًا للثاني وأجمعوا أنه في الدين يرجع بمجرد الأمر، وفرق في وكالة (السراج) بأنه لو رجع بمجرد الآمر لرجع بأكثر مما أسقط عن ذمة الأمر بدليل أن الوجوب كان من أحكام الآخرة وثبوت الرجوع يقتضي وجوبه في الدنيا والآخرة ولا يجوز أن يرجع بأكثر مما أسقط عن ذمته، أما الدين فحق مضمون في الدنيا والآخرة انتهى، ومقتضاه أنه لا يرجع ولو شرطه وقد علمت أنه يرجع، قيد بالآمر لأنه لو أطعم عنه بلا أمر لم يجز، وبالإطعام لأنه لو أمره بالعتق عن كفارته لم يجز عندهما خلافًا لأبي يوسف، ولو بجعل سماه جاز اتفاقًا وتكفير الوارث بالإطعام جائز وفي كفارة اليمين بالكسوة أيضًا بخلاف الإعتاق، ولذا امتنع تبرعه في كفارة القتل كما في (المحيط) (وتصح الإباحة في) إطعام (الكفارات) أعني كفارة الظهار واليمين والصوم وقول العيني: والقتل سهو.
(و) في (الفدية) كفدية الشيخ الفاني عن الصوم والجنايات في الحج ونحوها
دون الصدقات، والعشر والشرط غداءان أو عشاءان مشبعان، أو غداء وعشاء وإن أعطى فقيرًا شهرين صح، ولو في يوم لا إلا عن يومه،
ــ
(دون الصدقات والعشر) لأن المنصوص عليه في الكفارات والفدية الإطعام وهو حقيقة في التمكين وجواز التمليك بدلالة النص، وفي غيرها الإيتاء وهو للتمليك حقيقة (والشرط) في إطعام الإباحة أكلتان مشبعتان (غداءان) تثنية غداء والسحور كالغداء (أو عشاءان) تثنية (مشبعان، أو غداء وعشاء)، لأن المعتبر دفع حاجة اليوم وذلك بالغداء أو العشاء عادة ويقوم قدرهما مقامهما فاكتفى بغدائين أو عشاءين مما يؤكل غالبًا من غير أدام، أما خبز الشعير والذرة فلابد فيهما من الأدام بناء على القول بإجزائهما فيه وإليه مال الكرخي، وجزم به الشارح وغيره معللاً اشتراط الأدام بقوله ليمكنه الاستيفاء إلى الشبع، وعلي هذا فاشتراط الأدام يؤخذ من قوله مشبعان وقيل: بالمنع وأفاد به أيضًا أنه لو كان فيهم شبعان.
قال: الشارح أو فطيم لم يجز، وقدمنا عن (البدائع) أنه ما لم يكن مراهقًا لا يجوز، وأنه لا يعتبر في الإباحة كونه نصف صاع ولذا روي عن الإمام في كفارة اليمين أنه لو قدم بين يدي عشرة أربعة أرغفة أو ثلاثة فشبعوا أجزأهم وإن لم يبلغ ذلك نصف صاع، نعم يعتبر ذلك المقدار في التمليك ولو جمع بينهما بأن غدا واحدًا وأعطاه مدًا ففيه روايتان وجزم في (البدائع) بالجواز وكذا لو ثلاثة وأعطاهم قيمة العشاء أو عكسه وفي (الينابيع) لم أطعم مائة وعشرين مسكينًا أكلة واحدة مشبعة لم يجز إلا عن نصف الإطعام وفي (البدائع) لو أوصى بأن يطعم عنه فعد الوصي العدد المنصوص عليه ثم ماتوا قبل العشاء استأنفه انتهى.
ولو غابوا انتظرهم فإن لم يجدهم استأنف أيضًا، وهل يجب الانتظار على الوصي؟ لم أر المسألة في كلامهم، وينبغي القول بالوجوب في حقه دون غيره إلى أن يغلب على ظنه عدم وجودهم فيستأنف.
(ولو أعطى فقيرًا) واحدًا أي: أعطاه ما يطعم (شهرين صح) لأن المقصود سد خلة الفقير بفتح المعجمة أي: حاجته وهي تتجدد بتجدد الأيام فكان الدفع إليه في اليوم الثاني كالدفع إلى غيره كذا قالوا:/ لكنه إنما يتم بها على أن ستين مسكينًا مراده به الأعم من الستين حقيقة أو حكمًا فستين حاجة أعم من كونها حاجات ستين أو حاجات واحد إذا تحقق تكررها فيكون من عموم المجاز بلا خلاف، أما في التمليك.
(و) ملكه (في يوم) واحد بدفعات فقيل: إنه جائز والأصح أنه (لا) يجوز (إلا عن يومه) فقط لانعدام حاجته في ذلك اليوم فإن قلت: لو كسى مسكينًا واحدًا عشرة
ولا يستأنف بوطئها في خلال الإطعام، ولو أطعم عن ظهارين ستين فقيرًا كل فقير صاعًا صح عن واحد، وعن إفطار وظهار صح عنهما، ولو حرر عبدين عن ظهارين، ولو يعين صح عنهما ومثله الصيام والإطعام وإن حرر عنهما رقبة، أو صام شهرين صح عن واحد، وعن ظهار، وقتل لا.
ــ
أثواب في عشرة أيام جاز مع انتفاء حاجته له في اليوم الثاني قلت: تجدد الحاجة إليه تختلف باختلاف أحوال الناس ولا يمكن تعليق الحكم فيه بغير الحاجة فأقيم مضي الزمان مقامها لأنها به تتجدد وأدنى ذلك اليوم وما دونه ساعات لا يمكن ضبطها.
(ولا يستأنف) الإطعام (بوطئها) أي: يطأ المظاهر منها (في خلال الإطعام) لأنه تعالى ما شرطه فيه أن يكون قبل المسيس، ومن قواعدنا أنا لا نحمل المطلق على المقيد وإن كانا في حادثة واحدة إلا أن يكونا في حكمين وإنما منع من الوطء قبله منع تحريم لجواز قدرته على العتق والصيام فيقعان بعده كذا قالوا، وفيه نظر فإن القدرة حال قيام العجز بالفقر والكبر والمرض الذي لا يرجى زواله أمر موهوم، وباعتبار الأمور الموهومة لا تثبت الأحكام ابتداء بل تثبت بالاستحباب.
(ولو أطعم) المظاهر أي: ملك ما يطعم ناويًا عن كونه (عن ظهارين) لمتحدة أو متعددة (ستين فقيرًا كل فقير صاعًا) من البر (صح عن) ظهار (واحد) عندهما لأنه زاد في قدر الواجب ونقص عن المحل والتعيين مع اتحاد الجنس لغو وقال محمد: يجوز عنهما وعلى هذا الخلاف لو أعطى عشرًا كل واحد صاعًا عن يمينين والخلاف مقيد بما إذا كان دفعة واحدة فإن كان بدفعات جاز اتفاقًا ذكره الشارح وغيره.
(و) لو أطعمهم ذلك المقدار ناويًا كونه (عن) كفارة (إفطار وظهار صح عنهما) لاختلاف الجنسين، (أو حرر) أي: عتق (عبدين عن ظهارين، ولم يعين) نية أحدهما (صح) الإعتاق (عنهما وكذا) حكم (الصيام) يعني لو صام أربعة أشهر عن ظهارين ولم يعين، (والإطعام) بأن أطعم مائة وعشرين مسكينًا عن ظهارين ولم يعين صح أيضًا لاتحاد الجنس فلا حاجة إلى التعيين، ولو كان عليه كفارات مختلفة الأجناس أعتق عنها عبيدًا لا يجزئه عن كفارة، ولو نوى بكل واحدة لا بعينها جاز إجماعًا ولا تضر جهالة المكفر عنه كذا في (المحيط).
(وإن حرر عنهما) أي: الظهارين (رقبة واحدة، أو صام) عنهما (شهرين صح عن واحد) يعينه المعتق (و) حرر مؤمنة (عن ظهار وقتل لا) أي: لا يجوز عن واحد منهما، قيد بالمؤمنة لأنه لو أعتق كافرة كانت عن الظهار استحسانًا، وإن اختلف الجنس لعدم صلاحيتها للثانية، والأصل أن نية التعيين في الجنس المتحد لغو فبقي