الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإحرام
وإذا أردت أن تحوم فتوضأ والغسل أفضل
ــ
[18]
باب الإحرام
مناسبة ذكره بعد ذكر المواقيت التي لا يجوز للإنسان أن يجاوزها إلا محرمًا جلية أي: واضحة وهو لغة مصدر أحرم إذا دخل في حرمة لا تنتهك ورجل حرام أي محرم كذا في (الصحاح) وهذا أولى ص قوله في (العناية): إنه لغة مصادر أحرم إذا دخل في الحرام كوشتا إذا دخل في الشتاء وشوعًا الدخول في حرمات مخصوصة أي: التزامها غير أنه لا يتحقق شرعًا إلا بالنية مع الذكر والخصوصية كذا في (البشع، فيهما شوطان في تحققه لأجواء ماهيته كما توهمه في (البحر) إذا محرفة بنية النسك من الحج أو العمرة من الذكر أو الخصوصية وإذا تم لم يخرج عنه إلا بإتمام ما أحرم به إلا في الفوات فبالعمرة والإحصاء فبالذبح ولا بد في القضاء مطلقا ولو مظنونة حتى أحرم بالحج على حق أنه عليه فبان خلافه كان عليه المضي فيه فإن أبطله قضاه.
(وإذا أردت) أيها الطالب للحج أو العصور أولهما اختار الخطاب في هذا الباب تنبيهًا على الاهتمام بأحكام الإحرام لشدة الاحتياج إلى معرفتها بأن تحرمه أي: الإحرام (فتوضأ) بالمسكون يعني وضوءك للصلاة أو اغتسل (والغسل أفضل) لاختياره عليه الصلاة والسلام له لما أنه أعم وأبلغ في التنظيف المطلوب في هذه الحالة ولذا أمر به الحائض والنفساء والصبي وقد أمر عليه الصلاة والسلام أبا بكر حين نفست زوجته أسماء بابنه محمد أن يسموها أن تغتسل وأن تحرم بالحج) ولا يتصور حصول الطهارة لها ولذا لم يعتبر التيمم عند العجز عن الماء بخلاف الجمعة والعيدين كذا في (الشرح) وعزاه في (المعراج (إلى (روح بكر). وقال في (البحر): وفيه نظر لأن/ التيمم لم يشرع لهما محمد العجز إذا كان طاهرًا عم الجنابة ونحوها والكلام فيه.
وأقول: فيه نظر إذ مبناه على أن المخالفة راجعة إلى قوله: ولهذا لم يعتبر التيمم عند العجز والظاهر وجوعها إلى قوله والمراد بهذا الغسل تحصيل النظافة لا الطهارة بخلاف الجمعة والعيدين فإنه يلاحظ فيهما مع النظافة الطهارة أيضا لأنه إنما نوع للصلاة ولذا لم تؤمر به الحائض والنفساء مع أنه قد قيل: بأنهما يحضران العيد
والبس إزارًا، ورداء جديدين أو غسيلين، وتطيب، وصل ركعتين
ــ
كما مر نعم سوى في (الكافي) بين الإحرام والجمعة والعيدين وهو التحقيق لأن التراب لا أثر له في تحصيل النظافة لأنه ملوث ومحبو بقي أن هذا الغسل إنما شرع للإحرام فيشترط لنيل السنة فيه أن يحرم وهو على طهارته حتى اغتسل فأحدث ثم أحرم فتوضأ لم ينل فضله كذا في (البناية) لما معزيا إلى (جوامع الفقه). واعلم أنه ينبغي أن يندب الغسيل أيضًا لمن أهل عنه رفيقه أو أبوه لصغره لقولهم: إن الإحرام قائم بالمغمى عليه والصغير لا يمن أتى به لجوازه مع إحرامه عن نفسه وقد استقر ندبه لكل محرم هذا ويندب له أيضا كمال التنظيف من قص الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة وجماع أمله كذا في (الفتح) زاد غيره وحلق الرأس لمن لما اعتاده أو تسريح الشعر لما يعتده وغسل جسده بالخطمي والأشنان ونحوهما.
(والبس إزارًا) وهو ما يكون من السنة إلى الوجبة يذكر ويؤنث (ورداء) وهو ما يكون على الظهر ويسن أن يدخله تحت يمينه ويلقيه على كتفه الأيسر، وقيل: لير بسنة ولا يزره ولا يعقده ولا يخلله فإن فعل ذلك أساء ولا دم عليه حال كونهما (جديدين) قدم الجديد وأفضليته دفعة لقول بعض السلف بكراهته والأبيض منهما أفضل من غيره (أو غسيلين) لأنه- صلي الله عليه وسلم- (لبس الإزار والرداءة وأصحابه) رواه مسلم وهذا بيان السنة حتى لو اقتصر على لما تر العورة جاز (وتطيب) زاد القدومي إن كان طيب وفيه فائدتان الأولى أنه إن لم يكن عنده لا يطلبه كما في (العناية) الثانية أنه من سنن الفوائد لا الهدى كما في (الزواج) أطلقه فشمل أي: طيب كان بقيت عينه كالمسك والغالية أو لا في ظاهر الرواية هو المشهور وروى الأعلى عن محمد كراهة ما تبقى عينه وهو قول زفر قيل: لأنه إذا عرق تنتقل إلى موضع آخر من بدنه فيكون بمنزلة ابتدائه بعده لكنه تعليل في مقابلة النص وهو ما في (الصحيحين) من قول عائشة: (كأني أنظر إلى وبين الطيب في تفوق رسول الله طلا وهو محرم) والقميص اللمعان هذا في البدن أما الثوب ففيه روايتان والمأخوذ به أنه لا يجوز والفوز أنه اعتمد في البدن تابع والمتصل بالثوب منفصل عنه وأيضا المقصود من استناده وهو حصول الارتفاع حالة المنع منه حاصل بما في البدن فأغنى عن تجهيزه في الثوب (وصل) بعد ذلك (ركعتين) في غير وقت كراهة وأطلقه اكتفاء بما مر ولم
وفي دبر صلاتك تنوي بها الحج،
ــ
يقل شفعًا لعمومه وهذا الأحمر للندب وفي (الغاية، من السنة ويجزئ عنهما المكتوبة كالتحية ولو قرأ فيهما بالكافرون والإخلاص كان أفضل وقل: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني لأنه أداءه في أزمنة متفوقة وأماكن متباينة فناسب سؤال التيسر فيه وكذا في العمرة كما قال الكرخي فالقارئ أولى بخلاف الصلاة لأن مدتها يسيرة وأداؤها عادة متيسر كذا في (الهداية). وفي (التحفة) و (القنية) ما قال محمد: في الصلاة يجب أن يقول كذلك وعممه الشارح في كل العبادات وما في (الهداية) أولى.
(ولب دبر صلاتكم) بضم الباء وسكونها آخوها وهذا بيان الأفضل حتى لو لبى بعد ما استوت به راحلته جاز وقد اختلفت الروايات فيه الاله عليه السلام، وروايات أنه لبى بعد ما استوت به راحلته أكثر وأصح لكن أخرج أبو داود والحاكم وقال على شرط الشيخين من حديث جبير قلت لابن عباس: عجبت لاختلاف الصحابة في إذلاله عليه السلام فقال: إني لأعلم بذلك إنما كانت لرسول الله- صلي الله عليه وسلم- حظه حجة واحدة خرج رسول الله- صلي الله عليه وسلم- ظل حاجة فلما صلى بمسجده بذي الحليفة ركعتين أوجب في مجلسه وأهل بالحج حيث فرغ من ركعتين فسمع ذلك منه أقوام حفظته عنه ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرك ذلك أقوام فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك أقوام فقالوا: إنما أهل على شرف البيداء وأيم الله لقد أوجب في مصلاه وأهل حين انتقلت به ناقته وأهل حيث علا شرف البيداء وبهذا يقع الجمع ويزول الإشكال (تنوي بها) أي: بهذه التلبية (الحج) إن كنت مفردا به لأنها شرط لكل عبادة وفيه إيماء إلى أنها حاصلة بقوله: اللهم إني أريد الحج إلى آخوه لأنها أمر آخر/ لم وراء الإرادة وهو العزم على الشيء كما قال البرازي وقد أفصح عن ذلك ما قاله الراغب أن في واعي الإنسان للفعل على مراتب السانح ثم الخاطر ثم الفكر ثم الإرادة قيم الهمة ثم العزم ولو قال بلسانه: نويت الحج وأحكمت به لبيك إلى آخوه كان حسني ليجتمع القلب واللسان كذا في (الشرح لما، فال في (الفتح): وعلى قياس ما قدمنا في شروط الصلاة إنما يحسن إذا لم يجتمع عزيمته لا إذا اجتمعت ولم تعلم الرواة لنسكه عليه السلام فصلاً فصلاً قط وروى واحد منهم أنه سامعه عليه السلام يقول: (نويات العمرة والحج لله تعالى).
وهي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد، والنعمة لك والملك لا شريك لك، وزد فيها
ــ
(وهي) أي: التلبية (لبيك) مصدر مثنى لب تثنية أريد بها التكثيف أو المبالغة مهزوم النصب والإضافة والعامل فيه لفظه أي: أجبتك إجابة بعد إجابة وكانه من الحث بالمكان أقام به فهو مصدر محذوف الزوائد وقيل: مخير ذلك قال بعضهم: وفي مشروعية التلبية تنبيه محلى! نص أم الله تعالى لعباده بأن وفودا ما إنما كان باستدعاء منه واختلف في الداعي والأظهر أنه الخليل كما في (السراج).
(اللهم) يا الله البيت (لبيك لا شريك لك) في ملكك (لبيك إن الحمد) بالكسر والفتح والأول أفضل قال في (المحيط): لابنه عليه السلام فعله ورده في (البناية) بأنه لم يعرف نعم علل أكثرهم الأفضلية بأنه استئناف للثناء فتكون التلبية للذات بخلاف الفتح فإنه تعليل للتلبية أي: لبيك لأن الحمد لك (والنعمة والملكة وتعليق الإجابة التي لا نهاية لها بالذات أولى منه باعتبار صفة واعترض بان الكسر يجوز أن يكون تعليلاً مستأنفًا أيضًا ومنه {وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم} [التوبة: 103]، {إنه ليس من أهلك} [هود: 46]، وفي الخبر (إنها في الطوافين عليكم والطوافات) ومنه أيضًا علم ابنك العلم إن العلم نافعه وأجيب بأنه وإن جاز فيه كل منهما إلا أنه يحمل هنا على الاستئناف لأولويته بخلاف الفتح إذ ليس فيه سوى التعليل وحكى الشراح عن الإمام الفتح وعن محمد والكسائي والفراء الكسر إلا أن المذكور في (الكشاف) اختيار الإمام الكسر والشافعي الفتح وهو الذي يعطيه ظاهر كلام هم والله أعلم.
والنعمة لك: بالنصب على المشهور ويجوز الرفع محلى الابتداء ومتعلق الجار هو الخبر وفي كل ما يصل إلى الخلق من النفع والملك بدعم الميم سعة المقدور وقوع الحمد والنعمة وإفراد الملك لأن الحمد متعلق بالنعمة ولذا يقال: الحمد لله على نعمه فكأنه قال: لا حمد إلا لك لأن له لا نعمى إلا لك وأما الملك فهو معنى مستقل بنفسه ذكر تحقيق أن النعمة كلها لله تعالى لما أنه صاحب الملك قاله ابن المنير (لا شريك لك) في شيء من ذلك (وزد فيها) أي: زد على هذه الألفاظ ما شئت كذا في (الشرح) فالظرف بمعنى على لأن الزيادة إنما تكون بعد الإتيان بها لا في خلالها كما
ولا تنقص، فغذا لبيت ناويًا فقد أحرمت، فاتق الرفث،
ــ
في (السراج) وعن ابن عمر كان يقول: لبيك وسعديك والخير بيدك والرغباء إليك وهي مندوبة كما قال الحلبي والظاهر أن المراد مطلقها المشتملة على الثناء لا بقيد كونها مأثورة (ولا تنقص) منها شيئًا لأنه هو المنقول عنه عليه السلام باتفاق الروايات كذا في (الهداية) ومن ثم حكى ابن الملك الاتفاق على أن النقص مكروه وظاهر قول المصنف في (الكافي) أن لا يجوز أنها تحكيمية قال في (البحث): وفيه نظر ظاهر لأن التلبية سنة فإذا تركها أصلا ارتكب كراهة التنزيه فالنقص أولى وأقول: فيه نظر ففي (الفتح) التلبية مرة شوط والقيادة سنة قال في (المحيط): حتى يلزمه الإساءة بتركها ثم قال: إن رفع الصوت بها سنة وإن تركه مسيئا انتهى. فالنقص بالإساءة أولى.
واعلم أن دعوى كون النقص لم يقع في رواية معارض بما في لا البخاري ما عن عائشة: (إني لأعلم كيف كان رسول الله- صلي الله عليه وسلم- يلبي) ولم يذكر الملك وشريك لك. (فإذا لبيت) حال كونك (ناويًا فقد أحرمت) هذا الشرط غير معتبر المفهوم لأن ظاهر المذهب أنه يصير محرما بكل ثناء وتسبيح ولو كان يحسن التلبية حتى بالفارسية وإن كان يحسن العربية والفرق بينه وبين الصلاة على قولهما سعة باب الحج دونها بدليل أن غير الذكر أقيم مقامه كتقليد البدنة وسموق الهدي ثم إن هذه العبارة لا يستفاد منها إلا أنه يصير محرمًا عند النية والتلبية أما أن الإحرام بهما أو بأحدهما بشرط ذكر الآخر فلا وذكر الشهيد أنه يصيب شارعًا بالنية ولكن عند التلبية لأمنها كشروعه في الصلاة فإنه بالنية لكن عند التكبير لا به كذا في (الفتح (تبعا للشارح وبه اندفع ما قد يتوهم من ظاهر كلام المصنف أنه يصير شارعًا بالتلبية بشرط النية مع أن المحكي عن الشهيد عكسه كما مر، ومن ثم غير بعض المتأخرين العبارة فقال: إذا نوى ملبيًا فقد أحرم لأن الأصل في انعقاد الإحرام أو النية وأنت خبير بأن إذا كان المفاد إنما هو صيرورته لم محورا عندهما فالعبارتان على حد سمراء، فاتق الفاء فصيحة أي: إذا أحرمت (فاتق الرفث) لقوله تعالى: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} [البقرة: 197]، جيء بالنهي على صورة النفي مبالغة والرفث الجماع ومنه:{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} [البقرة: 187] أو الكلام الفاحش لأنه من دواعيه أو ذكر الجماع بحضرة النساء فإن لم يكن لم يكره وعليه ابن عباس وذلك أنه أنشد وهو محرم:
وهن يمشين بنسا هميسا
…
إن يصدق الطير ننك لميسا
فقيل له: أترفث وأنت محرم فقال: إنما الرفث بحضور النساء ضميرهن يعود
والفسوق، والجدال، وقتل الصيد، والإشارة إليه، والدلالة عليه، ولبس القميص، والسراويل
ــ
على الإبل والهميس صوت نقل أخفافها وكانوا يتفاءلون بالطيور عند صياحها فقال: (إن يصدق هذا الطير بنك لميسان) تفعيل اسم امرأة والخلاف في المراد في الآية وإلا فالكل ممنوع وظاهر صنيع غير واحد ترجيح ما عن ابن عباس. واعلم أنه يؤخذ من كلامه ما قاله بعضهم في قوله- صلي الله عليه وسلم-: (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) أن ذلك من ابتدأ الإحرام لأنه لا يتسمى حاجًا قبله.
(والفسوق) المعاصي كذا قالوا قال في (الحواشي السعدية): وهذا التفسير مشعر بكون الفسوق جمع فسق كعلم وعلوم إلا أن المناسب من حيث اللفظ والمعنى أن يكون مصدرا كالدخول انتهى.
وأقول: أما وجه كونه مناسبا من حيث اللفظ فلأنه حينئذ يتناسق مع الرفث والجدال وأما من حيت المعنى فلان الجمع ليس مواده إذ المنهي عنه إنما هو إيجاد الفسق لا بقيد كونه جمعة وحينئذ فالمصدر أولى، (والجدال) أي: الخصام وهو المنازعة والسباب بين الرفقة والمجاري وما قيل: من أنه مجادلة المشركين في تقديم الحج وتأخيره فذاك باعتبار الآية لا في كلام الفقهاء إذ لا معنى لنهينا عن المجادلة الماضية في عهد المشركين.
(و) اتق أيضًا (قتل الصيد) أي: المصيد لا المعنى المصدري إذ لا يصح إسناد القتل إليه قيل أي: ذبحه ورده بعض المتأخرين بان المحرم لا يحل له قتل الصيد بأي طريق كان وأقول: الكلام فيما يحرم بالإحرام ولا شك أنه الذبح أما غيره فلا يخص المحرم وعبر بالقتل إيماء إلى أن ذبحه قتل والمراد صيد البر لما سيأتي (والإشارة إليه) حال حضرته (والدلالة عليها حال غيبته لما سيأتي من حديث أبي قيادة ومحل تحريمهما ما إذا لم يعلم المحرم أما إذا مسلم فلا وقيل: يحرم مطلقا والأول أصح.
(و) اتق أيضًا (لبس القميص) لو قال المخيط لأغناه ذلك عن ذكر (السراويل) والقباء إلا أنه أراد اتباع الحديث وهو ما أخرجه أصحاب الكتب الستة من حديث ابن عمر قال رجل: يا رسول الله ما تأمرنا أن نلبي من الثياب في الإحرام قال: ما لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الأخفاف إلا أن يكون أحد ليس له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا يلبسوا شيئا مسه زعفران ولا ورس)، ولما كان ما لا يجوز لباسه محصورة بخلاف ما يجوز عدل- صلي الله عليه وسلم- في الجواب
والعمامة، والقلنسوة والقباء، والخفين إلا أن لا تجد النعلين فأقطعهما أسفل من الكعبين، والثوب المصبوغ بورس، أو زعفران أو عصفر إلا أن يكون غسيلاً لا ينفض
ــ
إلى المحصور ليعلم الجواز فيما عداه وهذا من أسلوب الحكيم قال الحلبي: والضابط لنا أن كل شيء معمول على قدر البدن أو بعضه بحيث يستمسك عليه بنفسه بخياطة أو لزق وغيرهما يكون لبسًا فتمتنع الزدية والبرنس والسراويل جمع سروال يذكر ويؤنث وسهولته ألبسته السروال فتسرول (والعمامة والقلنسوة والقباء) بان يدخل يديه في كميه قيد باللبس لأنه لو اتزر بالقميص أو جعل القباء على عاتقه من غير إدخال الكمين جاز عندنا (والخفين إلا أن لا تجد النعلين فاقطعها أسفل هن الكعبين) والكعب هنانو المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشمراخ لا العظم الناتئ كما في الطهارة على ما مر ولم يذكر هذا في الحديث لكن لما كان الكعب يطلق عليه وعلى الثاني حمل عليه احتياطي وعن هذا قال المشايخ: يجوز لبس المكعب لأن الباقي من الخفض بعد القطع كذلك كذا في (الفتح) ما وعلى هذا يجوز لبس الزرموجة دون الجوربين ثم ظاهر الحديث يفيد أنه لو وجد تعليق لا يحل له قطع الخفين لما فيه من إتلاف المال بغير حاجة.
(و) اتق أيضًا لبس (الثوب المصبوغ بورس) بفتح الواو وسكون التاء قال في (المغرب): إنه صبغ أصفر وقيل: نبت طيب الرائحة وفي (القانون، هو شيء أحمر يشبه الزعفران وبالأول جزم في (الصحاح) و (الديوان) وقال العيني: إنه الكركم (أو زعفران أو عصفر) لما روينا إلا أن يكون الثوب غسيلأ أي: مغسولاً لا ينفض: الفقهاء ينسبونه إلى الفاعل والصواب بناؤه للمفعول لأنه يقال نفضت الثوب أنفضه نفضًا إذا حركته ليسقط ما عليه فالثوب مرفوض لا نافض وأجاب في لا العناية لما وغيرها بأن هذا من المجاز في الاستناد وزعم بعض المتأخرين أن الإسناد حقيقي لادن النفض كما يسند إلى من يحرك الثوب كذلك يسندا إلى الثوب قال المطرزي: النفض تحريك الشيء ليسقط ما عليه من غبار أو غيره يقاضي ة نفضه فانتفض وثوب نافض ذهب بعض لونه من حمرة أو صفرة وقد نفض نفضل وحقيقته نفض صبغه والنفض عند الفقهاء التناثر وعن محمد أنه لا يتعدى أثر الصبغ إلى غيره أو يفوح منه رائحة الطيب ومنه قولهم ما لم يكن نفض ولا درع وقوله: (إلا أن يكون غسيلا لا ينفض) انتهى.
ولا يخفى أن هذا ليخفيه دلالة قاطعة على أنه معنى حقيقي بل مجازي لمن تأمل ثم قيل: يعني ينفض يتناثر قال العيني: وهذا أقرب لمادة اللفظ وقيل: يفوح والوجهان مرويان عن محمد واقتصر في (الخانية) لا على الثاني وهو الوجه لان المنع
وستر الوجه، والرأس، وغسلهما بالخطمي ومس الطيب،
ــ
ليس إلا للرائحة لا اللون بدليل لبس المصبوغ برغوة ثم رأيت في (المحيط) و (السراج) ما أنه الأفصح وفي (الخاطبة (لا ينبغي له أن يتوسد الثوب المصبوغ بالزعفران ولا أن ينام عليه.
(و) إتش أيضًا (ستر الرأس) والوجه لقوله- صلي الله علي وسلم- في المحرم الذي وقصته ناقته: (لا تخمروا رأسه (و) لا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا) دل على أن للإحرام أثر في عدم تغطية (الوجه) غير أن أصحابنا قالوا: بتغطية وجه المحرم إذا مات لدليل آخر وهو ما روي أنه عليه السلام (سئل عن محرم عامر بتخمير رأسه ووجهه) وإنما أمر بذلك لانقطاع الإحرام بالموت لقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله لا) الحديث ولا شك أنه عمل قال بعض المتأخرين: وأما من وقصته ناقته فخص بقاء إحرامه فلذا نهاهم عن تخميرها وأراد سترو يعد تغطية لا ما لا يعد كحمل العدل والطبق والإجابة كذا في (الشرح)، ولا ينافيه ما في ما الثانية ما لو حمل المحرم على رأسه شيئا يلبسه الناس يكون لابسة وإن كان لا يلبسه الناس كالإهانة ونحوها لا يكون لابسة ويكره له تعصيب رأسه ولو فعل ذلك يوما أو ليلة كان عليه صدقة ولا شيء عليه لو عصب غيره من بدنه ولو لغير علة إلا أنه في هذه الحالة يكره.
(و) اتق أيضا (غسلهما) أي: الرأس والوجه وأراد به اللحية من إطلاق المحل على الحال بقرينة قوله: (بالخطمي) لأن الوجه لا يغسل به عادة وهو بكسر الخاء نبت قال الإمام: له رائحة طيبة وإن لم تكن زكية وقالا: بل يقتل الهوام ويليق الشاعر وأثر الخلاف لا يظهر في إنمائه للإجماع عليه بل في وجوب الدم عنده لا عندهما بل إنما تجب الصدفة والخلف إنما نشأ من الاشتباه فيه فهو لفظي كنكاح الصابئة ولذا قال بعضهم: لا خلاف في خطتي العراق لأن له رائحة طيبة كما لا خلاف في عدم وجوب الدم فيما لو غسل بالصابون والحرق أو الأشنان.
(و) اتق أيضًا (مس الطيب) وهو ما له رائحة طيبة كالزعفران والبنفسج والياسمين والغالية والورد والحرس لقوله- صلي الله عليه وسلم- (الحاج الشعث التفل) بكسر العين نعت وبفتحها مصدر وهو انتشار الشعر وتغيره لقلة تعهده والتفل بمثناة من التفل وهو ترك الطيب حتى توجد منه رائحة كريهة والمراد به استعماله في الثوب والبدن
وحلق رأسه، وقص شعره، وظفره لا الاغتسال، ودخول الحمام، والاستظلال بالبيت، والمحمل، وشد الهميان في وسطه، وأكثر التلبية متى صليت
ــ
حتى لو شمه كره فقط ولا شيء عليه كما في (الخانية) وغيرها وقالوا: لو ليس إزارًا مبخرًا لا شيء عليه لأنه ليس بمستعمل لجزء من الطيب وإنما حصل مجرد الرائحة ومن ثم قال في (الخانية) لو دخل بيتًا قد بخر فيه واتصل بثوبه شيء منه لم يكن عليه شيء.
(و) ليتق أيضًا (حلق الرأس) فيه التفات ظاهر (وقص شعره) أي: إزالته ولو بالقص والإحراق والنورة من أي مكان كان مباشرة أو تمكينًا وخص الحلق بالرأس والقص بالشعر لأنه المطلوب في حق غير المحرم لكنه منع منه لقوله تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم} [البقرة: 196] الآية، دل بعبادته على النهي عن حلق الرأس وبدلالته عن حلق شعر البدن قال الحلبي: ويستثنى من ذلك قلع الشعر النابت في العثن فقد ذكر بعض المشايخ أنه لا شيء فيه (و) قلم (ظفره) لأن في كل ذلك إزالة الشعث وقضاء التفث.
(لا) يتق (الاغتسال) لأنه- صلي الله عليه وسلم- (اغتسال وهو محرم) رواه مسلم (و) لا (دخول الحمام) لأنه عيه الصلاة والسلام (لما دخل الحمام في الجحفة قال: ما يعبأ الله بأوساخنا شيئًا)(و) لا (الاستظلال بالبيت) والفسطاط (والمحمل) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية وفيه العكس أيضًا لأنه- صلي الله عليه وسلم- (استتر من الحر حتى رمي جمرة العقبة) رواه مسلم وأبو داود ولابد لا يصيب وجهه ولا رأسه فإن أصاب واحد منها كره.
(و) لا يتق أيضًا (شد الهيمان في وسطه) بكسر الهاء من همي الماء والدمع يهمي هميًا إذا سأل سمي به لأنه يهمي ما فيه ما يجعل فيه الدراهم ويشد على الحقو وفتح الهاء فيه غلط لا فرق في ذلك بين نفقته ونفقة غيره وأشار إل أن له أيضًا شد المنطقة والسيف/ والسلاح، ولا يتق أيضًا الاكتحال بغير المطيب والاحتقان والفصد والحجامة وقلع الضرس وحك رأسه وبدنه لكن برفق إن خاف سقوط شيء من الشعر به، (وأكثر التلبية) ندبًا (متى صليت) فرضًا أو نفلاً في ظاهر الرواية وخصه الطحاوي بالفرائض المؤداة دون النوافل والفوائت إجراء لها مجرى تكبير التشريق
أو علوت شرفًا وهبطت واديًا، أو لقيت ركبًا وبالأسحار رافعًا صوتك،
ــ
(أو علوت) أي: صعدت (شرفًا) بفتحتين يعني مكانًا مرتفعًا وقيل: إنه بضم الشن جمع شرفة قال بعض المتأخرين: هذا غير مناسب لقوله: (أو هبطت واديًا) إنما المناسب من الأول انتهى. يعني ليتناسق المعطوف عليه إفرادًا إذا بتقدير الأول كان ينبغي أن يقول: أو هبطت أو دية يعني من الأمكنة العالية (أو لقيت ركبًا) وهو أصحاب الإبل في السفر ولا يطلق على ما دون العشرة وهذا خرج مخرج العادة وإلا فالحكم كذلك إذا لقي بعضهم بعضًا كما عبر به بعضهم.
(وبالأسحار) عطف على متى صليت أي: وفي وقت الأسحار قيل: لو قال: أو أسحرت لكان أولى وهو ظاهر وخص الأسحار لأن فيها يستجاب الدعاء فهذه مواضع خمسة كان- صلي الله عليه وسلم- يلبي فيها ذكره في (الإلمام) وفي رواية ابن أبي شيبه عن خثيمة: (كانوا يستحبون التلبية عند هذه المواضع وزاد أو إذا استقلت بالرجل راحلته) ولذا قال الشارح: وعند كل ركوب ونزول وكذا لو استعطف دابته وفي (البدائع) وغيرها وكذا عند استيقاظه من منامه وأخرج الحاكم عنه عليه السلام: (ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله) قال في (الفتح): وهذا دليل ندب الإكثار غير مقيد بتغير الحالات وندب أن يكررها كلمًا أخذ فيها ثلاث مرات ويأتي بها على الولاء ولا يقطعها بكلام ولو رد السلام في خلالها جاز لكنه يكره السلام عليه في هذه الحالة وإذا رأى ما يعجبه قال: لبيك إن العيش عيش الآخرة ثم يصلي على النبي- صلي الله عليه وسلم- سرًا ويدعو بما شاء من الأدعية وأن يتبرك بالمأثور فحسن (رافعًا صوتك) بها لقوله- صلي الله عليه وسلم-: (أتاني جبريل فأمرني أن أمر أصحابي في أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية) رواه أبو داود وغيره ولأنها من شعائر الحج والسبيل فيها الإظهار والإشهار كالأذان ونحوه ولا ينبغي أن يجهد نفسه كيلاً يتضرر ولا تنافي بين هذا وبين ما جاء (أفضل الحج العج والثج) أي: أفضل أفراد الحج حج يشتمل على هذا لا أفضل أفعاله إذ الطواف والوقوف أفضل منهما والعج رفع الصوت بالتلبية والثج إسالة الدم بالإراقة لأن الإنسان قد يكون جهوري الصوت طبعًا فيحصل الرفع العالي مع عدم نعيه به وهذا الحديث هو الصارف للأمر الأول عن الوجوب.
وابدأ بالمسجد بدخول مكة، وكبر، وهلل تلقاء البيت، ثم استقبل الحر مكبرًا مهللاً
ــ
(وأبدأ بالمسجد) الحرام من باب بني شيبة وهي المسمى بباب السلام والباء للتعدية وفي قوله: (بدخول مكة) للسببية والمجرور في محل نصب على الحال أي: حال كونك ملتبسًا بدخولك مكة ففاعل المصدر محذوف لأن هذا أول شيء فعل- صلي الله عليه وسلم- وكذا الخلفاء بعده يعني لم يشتغل بشيء من أفعال الحج قبله فلا يرد أنه توضأ أولاً ويندب أن يدخلها من المعلى ويخرج من أسفل وأفاد كلامه أن مكة اسم للبلد ويقال لها: بكة أيضًا وقيل بالباء المسجد وبالميم البلد سميت بذلك لأنها تبك الذنوب أي: تذهبها وقيل: لأن الناس يتباكون فيها أي: يزدحمون في الطواف.
(وكبر) أي: قال الله أكبر ثلاثًا يعني من كل كبير وحذف المفضل عليه للتعميم فيدخل تحته الكعبة المعظمة (وهلل) أي: قبل لا إله إلا الله ومعناه التبري من عبادة غيره تعالى ويلزمه التبري عن عبادة (البيت) المشاهد وهذا أبلغ من قصد التبري عن عبادته بخصوصه ولم يعين محمد للمشاهد شيئًا من الدعوات لأن توقيتها يذهب برقة القلب لأنه يصير كمن يكرر محفوظة لكنه إن يتبرك بالمأثور منها كان حسنًا ومن أهم الأدعية طلب الجنة بلا حساب كذا في (الفتح).
قال الحلبي: ومن أهم الأذكار الصلاة على المختار- صلي الله عليه وسلم (ثم استقبل الحجر) الأسود لأنك تبدأ حين دخولك بتحية البيت وهي الطواف دون الصلاة اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام وإلا أن تدخل في وقت منع الناس من الطواف فيه أو كان عليه فائتة أو خاف خروج وقت المكتوبة أو فوت جماعتها أو الوتر أو سنة راتبة فيقدم كل ذلك على الطواف ثم طف فإن كنت حلالاً فطواف التحية أو محرمًا بالحج فطواف القدوم هذا إن دخل قبل النحر وإن دخل فيه أغنى طواف الفرض عن التحية أو بالعمرة فطوافها وللطواف قدوم لها كذا في (الفتح) /.
ووصف الحجر بالأسود باعتبار ما هو عليه الآن وإلا فقد أخرج الترمذي وصححه من حديث ابن عباس مرفوعًا: (نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني أدم) قال العسقلاني: وطعن بعض الملحدين كيف سودته الخطايا ولم تبيضه الطاعات أجيب عنه بأن الله أجرى عادته أن السواد يصبغ ولا يتصبغ وبأن في ذلك عظة ظاهرة هي تأثير الذنوب في الحجارة السواد فالقلوب أولى لكن أخرج الهندي في (فضائل مكة) بسند ضعيف عن ابن عباس: (إنما غير بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا لزينة الجنة) فإن ثبت هذا فهو الجواب (مهللاً مكبرًا)
مستلمًا بلا إيذاء وطف مضطبعًا،
ــ
لأنه- صلي الله عليه وسلم- دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستقبله فكبر وهلل رواه أحمد (مستلمًا) إليه استلامه تناوله باليد أو القبلة أو مسحه بالكف من السلمة بفتح السين وكسر اللام وهي الحجر والاستلام طلبه كذا في (المغرب).
وقال الأزهري: من السلام بالفتح بمعنى التحية ولهذا سمي المحيا عند أهل
اليمن لأن الناس يحيونه وعند الفقهاء هو أن يضع كفيه عليه ويقبله ففيه بلا صوت وفي (الخانية) ذكر مسح الوجه باليد مكان التقبيل لكن بعد أن يرفع يديه كما في الصلاة كذا في (المجتبى) و (مناسك الكرماني) زاد في (التحفة) ويرسلهما ثم يستلم وفي (البدائع) وغيرها الصحيح أن يرفعهما حذو منكبيه وهل يندب السجود عليه نقل ابن عبد السلام الشافعي عن أصحابنا ذلك وعن ابن عباس أنه كان يقبله ويسجد عليه وقال: رأيت عمر فعل ذلك ثم قال: (رأيت وسول الله- صلي الله عليه وسلم- يفعله ففعلت) رواه ابن المنذر والحاكم وصححه في (المعراج) وعن الشافعي أنه يقبله ويسجد عليه وعليه جمهور أهل العليا وقال مالك: السجود عليه بدعة وعندنا الأولى أن لا يسجد لعدم الرواية في المشاهير وجزم في (البحر) بضعف ما في (المعراج) وفيه نظر إذ صاحب الدار أدرى.
(بلا إيذاء) لقوله- صلي الله عليه وسلم-: (لعمر إنك رجل قوى لا تزاحم الناس على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وكبر وهلل) رواه أحمد لأبنه سنة والتحرز عن الإيذاء واجب وأورد أن كف النظر عن العورة واجب وقد ترك لإقامة سنة الختان وأجيب بأنه من سوق الهدي ولأنه لا خلف له بخلاف الاستلام قال بعض المتأخرين: والصواب أن يقال: وجوب الكف مقيد بغير الضرورة ومنها الختان والحاصل أنه إن لم يمكنه تقبيله بلا إيذاء وضع يديه وقبلهما أو أحدهما فإن لم يقدر أمر شيئا كالعرجون وقبله فإن لم يقدر رفع يديه على ما مر والمقتبلة بباطن كفيه وفي بقية الرفع في الحب يجعل يعني ناطق كفيه نحو السمراء إلا عند الجمرتين فنحو الكعبة في ظاهر الرواية كذا في (الخانية).
(وطف) بالبيت حال كونك (مضطبعًا) ووجه إيماء إلى أنه ينبغي له أن يفعله
وراء الحطيم أخذًا عن يمينك مما يلي الباب سبعة أشواط
ــ
قبل طوافه والاضطباع افتعال تاؤه طاء لوقوعها إثر حر ف إطباق وهو أن يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن ويلقيه على كتفه الأيسر سمي بذلك الإبداء الضبع وهو العضد يقال: اضطبع بثوبه وردائه وأما اضطبع رداءه كما في (الهداية) فهو سهو ذكره في (المغرب) وأقره الشارون وأجاب بعض المتأخرين بأنه لما فسره بالجعل نبه بذلك على تضمينه إياه إظهارًا لجهة تعديه وهو سنة لفعله- صلي الله عليه وسلم- له ولو تركه كالرمل لا شيء عليه إجماعًا (وراء الحطيم) أي: خارجه والوراء كما قال الزمخشري: اسم اللجهة التي يوازيها الشخص من خلف أو قدام والحطيم قال ابن عباس: إنه الجدار يعني جدار حجر العبة كذا في (الصحاح) ومن فسره بالبناء المحيط بالحجر فقد تسامح فعيل بمعنى مفعول من الحطم بمعنى الكسر لأنه كسر من البيت أو بمعنى فاعل إما لأن من دعا على من ظلمه فيه حطمه الله تعالى أو لأن العرب كانت تطرح فيه ما طافت به من الثياب فتبقى حتى تحطم بطول الزمان والطواف وراءه واجب لأنه ستة أذرع منه من البيت على ما جاء في حديث عائشة كما في مسلم حتى لو تركه أعاد الطواف إما من أصله أو من الحطيم ما دام بمكة فإن رجع ولم يعده لزمه دم ولو استقبله وحده لا تجوز صلاته لأن فريضة التوجه ثبتت بالقاطع فلا يتأدى بما ثبت بالظني احتياطيًا (آخذًا عن يمينك مما يلي الباب) بيان لجهة الطواف لا لمبدئه للعلم به بقوله: ثم استقبل الحجر وهذا لأن الابتداء من الحجر واجب ويتعين أن يكون من الجهة التي فيها الركن اليماني ليكون مارًا بجميع بدنه على الحجر والأخذ من اليمين واجب أيضًا فلو طاف منكوسًا صح وأثم ويعيده ما دام بمكة فإن رجع ولم يعده أراق دمًا ولو افتتحه من غير الحجر لم يذكره محمد في (الأصل).
واختلف المتأخرون فيه قال بعضهم: لا يجوز/ لأنه ترك فرضًا وجوزه آخرون مع ترك الواجب فيعيده على ما مر وفي جنايات (فتح القدير) ظاهر الرواية أن الابتداء به سنة وجعله في (المحيط) قول عامة المشايخ حتى لو افتتح من غيره جاز وكره ولو أريد بالسنة المؤكدة وبالكراهة التحريمية لقربه من الثاني، (سبعة أشواط) جمع شوط وهو جرى مرة كذا في (المغرب)، وهو من الحجر إلى الحجر ولو طاف الثامن عامدًا فالأصح أنه يلزمه إتمام الأسبوع لأنه شرع فيه ملتزمًا بخلاف ما لو طاف على ظن أنه السابع لأنه شروع فيه مسقطًا كالعبادة المظنونة وأفاد كلامه أن المسجد كله محل السابع لأنه شروع فيه مسقطًا كالعبادة المظنونة وأفاد كلامه أن المسجد كله محل للطواف حتى لو طاف من وراء السواري جاز وأطلقه فعم كل الأوقات لما أنه ليس بصلاة حقيقة بدليل جواز الكلام فيه والأكل والشرب والبيع وإن كره لغيره حاجة وأما
ترمل في الثلاثة الأول فقط،
ــ
الإفتاء فيه فلا بأس به وقراءة القرآن بغير رفع الصوت مباحة ورفع الصوت بها مكروه كما في (الكافي) والذكر أفضل منها في الطواف وقد قال- صلي الله عليه وسلم-: (من طاف بالبيت سبعًا لا يتكلم فيه إلا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله محي عنه عشر سيئات ورفع له بها عشر درجات) رواه ابن ماجد ولو خرج منه إلى جنازة أو مكتوبة أو تجديد وضوء ثلاث عاد بنى كذا في (المحيط).
وأعلم أن ركز الطواف من الأشواط أكثرها وهو أربعة في الأصح وقال الجرجاني: ثلاثة وثلثا شوط والزائد واجب فقط (ترمل في التلاثة الأول فقط) بيان للسنة والرمل بفتحتين سرعة المشي مع تقارب الخطى وهز الكتفين لخبر الشيخين أنه- صلي الله عليه وسلم- لما قدم مكة بأصحابه وقد وهنتهم الحمى ولقوا منها شدة أمرهم عليه الصلاة والسلام أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم فلما فعلوا قال المشركون: (هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى وهنتهم هم أجلد من كذا وكذا) قال ابن عباس ولم يمنعهم أن يرملوا كل الأشواط إلا الإبقاء عليهم وهذا السبب قد زال وعن هذا قال ابن عباس أنه ليس بسنة وبه قال بعض المشايخ: كما في (مناسك الكرماني) لكن العامة على أنه سنة لأن الحكم الشرعي يستغني عن قيام علته الشرعية في بقائه وإنما يفتقر إليها في ابتدائه والتقييد بالشرعي في الحكم والعلة لإخراج العقلي فإنه يفتقر في بقائه إلى علته العقلية عند المحققين كذا في (الفتح)، من العشر لكن في (التقرير الأكملي) أن العلة الآن هي رمله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع تذكيرًا لنعمة الأمن بعد الخوف ويجوز أن يثبت الحكم بعلل متبادلة فحين غلبه المشركين كانت العلة إيهامهم قوة المؤمنين ومحمد زوالها هي تذكيرًا للنعمة كما أن علة الرق في الأصل استنكاف الكافر عن عبادة ربه ثم صارت علته حكم الشرع برقه وإن أسلم وأشار بقوله فقط إلى أنه لو تركه في الشوط الأول لم يرمل إلا في الشوطين بعده ولو نسيه في الثلاثة لم يرمل في الباقي.
وقالوا: لو زحمه الناس وقف فإذا وجد فرجة رمل ولا يتركه ولو رمل في الكل قال في (البناية): لا شيء عليه أي: لا دم وإلا فالزائد مكروه والقرب من البيت أفضل فإن لم يقدر فالبعد منه أفضل من الطواف بلا رمل قال في (السراج): كل طواف بعده سعي ففيه الرمل والاستلام وما لا فلا وفي (الغاية) لو كان قارنًا وقد رمل في
واستلم الحجر كلمات مررت به إن استطعت واختم الطواف به، وبركعتين في المقام،
ــ
طواف العمرة كما يرمي في طواف القدوم وفي (المحيط) لو طاف للتحية محدثا وسعى بعده كان عليه أن يعمل في طواف الزيارة ويسعى بعده لحصول الأول بعد طواف ناقص وإن لم يعده فلا شيء عليه.
(واستلم الحجر كلما مررت به) بيان للسنة كما في (غاية البيان) وقصرها في (المحيط) وغيره على الابتداء والانتهاء وفيما بين ذلك أدب لحديث البخاري أنه- صلي الله عليه وسلم- (طاف على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر) ولأن أشواط الطواف كركعات الصلاة فكما يفتتح كل ركعة بالتكبير كذلك يفتتح كل شوط بالاستلام وهذا التعليل يشير إلى أنه لا يرفع يديه في هذا الاستلام كما لا يرفعها في تكبير الانتقال إلا أن عموم الرفع في الاستلام يؤذن بأنه رفع، قال في (الفتح): واعتقادي أن الصواب هو الأول ولم يرو عنه عليه الصلاة والسلام خلافه ولم يذكر استلام غير الحجر لكرامة استلام العراقي والشامي بل في (غاية البيان) أنه لا يجوز لأنه لم يثبت ولأنهما ليسا على قواعد إبراهيم لأن بعض الحطيم من البيت بركنين في الحقيقة وأما اليماني فظاهر الرواية أنه مندوب لكن بلا تقبيل وذكر الرازي قول الثاني مع الإمام كما في (البناية).
وقال محمد: إنه سنة ويقبله كالحجر لما أخرجه أبو داود عن ابن عمر (كان عليه الصلاة والسلام لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه) وروى البخاري في (تاريخه) أنه- صلي الله عليه وسلم-: (استلم الركن اليماني وقبله)(إن استطعت) ذلك بلا إيذاء وإلا/ فافعل كما مر.
(واختم الطواف به) افتداء بفعله- صلي الله عليه وسلم- في حجة الوداع (و) اختمه أيضًا (بركعتين) تقرأ فيهما والكافرون والخلاص تبوكًا بفعله عليه الصلاة والسلام (في المقام) يعني مقام إبراهيم عليه السلام وهو الحجر الذي أثرت فيه قدماه والموضع الذي كان فيه الحجر حين وضع عليه قدميه ودعا الناس إلى الحج ورفع بناء البيت وهو موضعه الآن قاله البيضاوي وفي (المستصفى) هو حجارة كان يقوم عليها حين نزوله وركوبه من الإبل حين يأتي إلى زيارة هاجر وإسماعيل وهما واجبان (لأنه- صلي الله عليه وسلم-
أو حيت تيسر هن المسجد للقدوم، وهو سنة لغير المكي، تم اخرج إلى الصفا،
ــ
لما انتهى إلى المقام قرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [البقرة: 125](فصلى ركعتين) رواه مسلم نبه بالتلاوة قبل الصلاة أنها إنما كانت امتثالا للأمر إلا أن ذلك التنبيه ظني فكان الثابت به الوجوب كذا في (الفتح) حتى لو تركها ذكر في بعض المناسك أن عليه دما كذا في (السراج) لكن في (البناية) هذا قول أبي طاهر وعند الإمام وأصحابه لا يجبران بالدم بل يصليهما في أي مكان شاء ولو بعد الرجوع إلى أهله وعليه فكونهما في المقاوم. (أو حيث تيسر من المسجد) سنة والأولى أقوى غير أنه إن أراد طوافة كره له تحريمًا فعله قبل صلاتهما لكراهة وصل الأسباع عندهما خلافًا لأبي يوسف فيما إذا انصرف عن وتو والخلاف مقيد بما إذا لم يكن وقت كراهة فإن كان لم يكره إجماعًا كذا في (السراج) ويتفرع على الخلاف ما لو نسيهما فلم يتذكر إلا بعد الشروع في طواف آخر فإن كان قبل إتمام شوط رفضه لا ما إذا أتمه (للقدوم) متعلق بطف (وهو) أي: طواف القدوم (سنة لغير المكي) لأنه كتحية المسجد لا تسن للجالس فيه قال في (البحر): وليس كالتحية من كل وجه لما عرف من أن الفرض والسنة يغني عنها وطواف القدوم ليس كذلك لما سيأتي من أن القارئ يطوف للعمرة أولاً ثم للقدوم ثانيًا.
وأقول: قد مر بأنه إذا دخل يوم النحر أغناه طواف الفرض عن القدوم وإنما لم يغن طواف العمرة عنه لأن الغنى محن الشيء فرع عن طلب ذلك الشيء وهو لم يطلب إذ ذاك بل لو أراد به القدوم لم يقع إلا عن العملة لما أن زمنه لا يقبل غيره كرمضان على ما سيأتي هذا ويندب له بعد ذلك الالتزام بالملتزم والشرب من ماء زمزم، (ثم أخرج إلى الصفا) عبد بثم إيماء إلى اشتراط تقدم الطواف أو أكثره لصحة السعي فلو سعي ثم طاف أعاده لأنه تبع للطواف فلا يقدم عليه كما في (الولوالجية) وإلى أن إيقاعه عقب الطواف ليس بشرط وإن كان أو السنة ولم يعين من أي باب يخرج إشارة إلى أنه يخرج من أي باب شاء وخروجه عليه الصلاة والسلام من باب بني مخزوم) وهو المعروف الآن بباب الصفا لأنه كان أقرب إليها لا أنه سنة كذا في (الهداية) والمذكور في (السراج) أن الخروج منه أفضل من غيره والصفا والمروة علمان لجبلين قيل ذكر الأول لأن آدم وقف عليه وأنث الثاني لن حواء وقفت عليه
وقم عليه مستقبلاً البيت مكبرًا مهللاً مصليًا على النبي- صلي الله عليه وسلم- راعيًا ربك بحاجتك، ثم اهبط نحو المروة ساعيًا بين الميلين الأخضرين، وافعل عليها فعلك على الصفا، وطف بينهما لسبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة
ــ
وفي (الكشاف) لأنه كان على الأول صنم يدعي أساف وعلى الثاني آخر يدعي نائلة روي أنهما كانا رجلاً وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدًا.
(وقم عليه) بحيث يكون البيت بمرأى منك حال كونك (مستقبلاً البيت مكبرًا مهللاً) بصوت مرتفع كما في (الخانية)(داعيًا ربك بحاجتك) لم يذكره في الاستلام لأن تلك الحالة حالة ابتداء العبادة وهذه حالة ختمها وهي محل الدعاء كذا في (النهاية)(ثم اهبط نحو المروة) حال كونك (ساعيًا بين الميلين الأخضرين) هذا تغليب وإلا فأحدهما أصفر وهما شيئان على شكل الميلين فجوتان من نفحة جدار المسجد غير أنهما منفصلان عنه وهل ما علامتان لموضع الهرولة في ممر بطن الوادي بين الصفا والمروة كذا في (المغرب)، (وافعل عليها) أي: على المروة (فعلك على الصفا) مش استقبال البيت والتكبير والتهليل والدعاء بالحاجة بما هو مسنون حتى لو تركه لا دم عليه (وطف بينهما) أي: الصفا والمروة (سبعة أشواط) هذا أعني السعي بعد طواف القدوم إنما هو رخصة لاشتغاله يوم النحر بطواف الفرض والذبح ورمي الجمار وإلا فالأفضل تأخيره إلى ما بعد طواف الفرض لأنه واجب فجعله تابعا أولى كذا في (الفتح) وغيرها (ابتداء) الشوط الأول مش هذه السبعة (بالصفا) بقوله- صلي الله عليه وسلم-: (ابدؤوا بما بدأ الله به) أخرجه النسائي وغيره حتى لو بدأ بالمروة لم يعتبر ذلك الشوط إلى الصفا لأن شروط الواجب بمثل ما ثبتت أو أقصى حالاته وهو مما يثبت بالآحاد فكذا شرطه (ويختم بالمروة) قال في (الذخيرة): لا خلاف بين أصحابنا أن الذهاب من الصفا إلى المروة شوط وأما الرجوع منها إليه هل هو شوط آخر أشار محمد في (الأصل) إلى أنه شوط آخر/ وكان الطحاوي لا يعتبره شوطًا آخر والأصح أنه شوط آخر انتهى. وهو ظاهر المذهب
وقوله: لا يعتبره شوطًا آخر يحتمل بل شوطًا لتحصيل الثاني، أو لأنه عنده من الصفا إلى الصفا فهو بعضه قياسًا على الطواف وبه صرح الشارح تبعًا للإسبيجابي وغيره فدعوى بعض المتأخرين تعيين الاحتمال الأول لا دليل عليه، وقد أبطلوا قول الطحاوي بقول جابر: فلما كالا آخر طوافه على المروة قال: لو استقبلت من أمري
ثم أقم بمكة حرامًا لأنك محرم بالحج، فطف بالبيت كلما بدا لك،
ــ
الحديث وبأنه يلزم على قوله أن تكون الأشواط أربعة عشر وقد اتفقت روايات نسكه عليه السلام بأنه إنما طاف سبعًا، وأجيب عن الأول بأنه على الاحتمال الأول لا شك أن المروة ورجوعه عنها إلى حال سبيله وعلى الثاني يصح أن يقال عند رجوعه من المروة وهذا آخر طوافه بالمروة وإن احتاج إلى رجوعه إلى الصفا ليتمم الشوط، وعن الثاني بأنه إنما يتم بناء على أن يقول: هذا اعتباركم لا اعتبار الشرع وأقل الأمور إذا لم يثبت عن الشارع تنصيص في مسماه أن يثبت احتمال أنه كما قلتم وكما قلته، وقد رأينا إطلاق الشوط في الطواف على ما مر من المبدأ إلى المبدأ شرعا فوجب أن يحتمل عليه إطلاقه في السعي كذا في (الفتح)، وأنت خبير بأنه على قوله تكون الأشواط أربعة، فقط والظاهر أن الاحتمال الأول أقوى إذ الثاني يتوقف على ثبوت أنه عليه الصلاة والسلام عاد عند اختتامه باروه إلى الصف ولم ينقل، وأحسن ما يستدل به لقول العامة أن مسمى الشوط لغة يصدق على كل من الذهاب من الصفا إلى المروة والرجوع منها إلى الصفا لأنه في الأصل مسافة يعدوها الفرس ونحوه جمرة واحدة فسبعة أشواط قطع مسافة مقدرة سبع مرات فإذا قال: بين كذا وكذا طبعا صدق بالتردد من كل جانب من الغايتين إلى الأخرى سبعة بخلاف طاف بكذا فإن حقيقته متوقفة على أن يشتمل بالطواف ذلك الشيء فإذا قال: طاف به سبعا كان بتكرير تعميمه بالطواف سبعًا فمن هنا افترق الحال بين الطواف بالبيت والسعي والله الموفق.
تتميم: يندب له إذا فرغ من السعي أن يدخل المسجد فيصلي ركعتين لأنه- صلى الله عليه وسلم فعل ذلك رواه أحمد ولأن ختم السعي كختم الطواف (ثم) بعد ذلك (أقم بمكة حرامًا) أي: محرمك (لأنك تحرم بالحج) فلا تتحلل قبل الإتيان بأفعاله وفيه إيماء إلى أنه لا يجوز له أن يفسخ الحج بالعملة وأما أمره محليه الصلاة والسلام بذلك أصحابه إلا من ساق الهدي فمخصوص بهم ومنسوخ، (وطف بالبيت كلما بدا) أي: ظهر (لك) لأنه كما جاء في السنة وهو خير موضوع وكذا الطواف إلا أن صلاة التطوع للمكي أفضل منه بخلاف الغريب لأن المكي لا يفوته الأمران فعند
ثم اخطب قبل يوم للتروية بيوم وعلم فيها المناسك، ثم زي يوم التروية إلى مني،
ــ
الاجتماع الصلاة أفضل وأما الغريب فيفوته الطواف لا الصلاة كما في (العناية) قال في (السراج): ونظيره الغازي في دار الحرب فإن التطوع أفضل في حقه إن ثم غيره وإلا فالحرب قال في (البحر): وينبغي تقييده يؤمن أن موسم وإلا فالطواف أفضل من الصلاة مطلقا انتهى. ولو أقيمت وهو يطوف أو يسعى ترك ذلك وصلى ثم بنى.
تكميل: سكت المصنف عن دخول البيت ولا شك أنه مندوب إذا لم يشتمل على إيذاء نفسه أو مخيمه وهذا مع الزحمة قل ما يكون، ويندب لداخله أن يقصد مصلاه عليه الصلاة والسلام فيصلي فيه، (وكان ابن عمر إذا دخله جعل الباب قتل ظهره ومشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي هو قبل وجهه ثلاث أذرع ثم يصلي)، وينبغي له أن يلزم الأدب ما استطاع ظاهرة أو باطنه وأن يضع خده على الجدار الذي صلى إليه ويستغفر الله تعالى ويحمده ثم يأتي الأركان فيحمد الله
تعالى ويهلله ويسبحه ويكبر ويسأله ما شاء مما يليق به ولا يرفع بصره إلى السقف (ثم اخطب قبل يوم التروية بيوم) وهو اليوم السابع صن ي الحجة ويوم التروية وهو الثامن سمي بذل ك إما لأن الناس كانوا يروون إبلهم فيه استعدادًا للوقوف وإما لأن رؤيا الخليل عليه السلام كانت في ليلته وتروى فيه من الوادي أن ما رآه من الله أو لا، لأن الإمام يروي للناس مناسكهم فيه وإما لأن الناس يرون ظهورهم فيه إلى منى قال العسقلاني في (شرح البخاري): وما عدا الأول شاذ وعبارته في (المغرب) تعطي تعيين الثاني حيث قال: وأصلها الهمز وأخذها من الرواية خطا وصن لوبي منظور فيه (وعلم فيها المناسك) الذي يحتاجون إليها من الإحرام لم بالحج والخروج إلى منى، وهذه أول الخطب والثانية بعرفات والثالثة بمنى وكلها واحدة بعد الزوال والصلاة يبدأ فيها بالتكبير ثم بالتلبية ثم بالتحميد إلا الثانية فإنها اثنتان وقبل الصلاة قال في (السراج): ولو خطب قبل الزوال جاز وكره، وقال زفر: يخطبها متوالية أولها السابع وما قلناه هو المروي عنه عليه السلام.
(ثم رب يوم التروية إلى منى) قوية في الحرم على فوسعت من مكة الغالب فيها التكسير والصرف وقد تكتب بالألف كذا في (المغرب) ولم يبين خصوص وقت الخروج إيماء إلى جوازه في أي وقت شاء، واختلف في المستحب انه والأصح أنه بعد طلوع الشمس فيبيت بها عملاً بالسنة ولو تركه جاز وأساء، وينبغي له أن لا يترك التلبية في الأحوال كلها وفي المسجد إلا حال طوافه، ويلبي عند الخروج إلى منى،
ثم إلى عرفات بعد صلاة الفجر يوم عرفة، ثم اخطب تم صلّ بعد الزوال الظهر والعصر بأذان
ــ
ويدعو بما شاء ويندب أن ينزل بالقرب من مسجد الخير، (ثم) رد بعد ذلك (إلى عرفات) جمع سمي به قارعات وكسر ونون مع العلتين أعني العلمية والتأنيث لأن تنوين الجمع تنسيق مقابلة لا تمزيق وقال الزمخشري: إنه مصروف لادن تافه ليست للآنية وإنما هي والألف للجمع ولا يصح تقديم غيرها لأن هذه التاء لاختصاصها بجمع المؤنث يأبى ذلك كما لا تقدر في بنت مع أن التاء المذكورة مبدلة من الواو ولكن اختصاصها بالمؤنث يأبى ذلك.
وقال ابن مالك: اعتبر تاء عودة في منع الصمود أولى من اعتبار نحو عرفة ومسلمة لأنها للتأنيث معه جمعية لأمنها علامة لا تتغير وصلت ولا وفقآ ومن ثم سميت بذلك، إما لأمن الخليل عوف فيها أن الحكم من الله تعالى أو لأن جبريل عليه الصلاة والسلام محرف فيها المناسك أو لأمن آدم وحوى تعارفا ثمة بعد الهبوط، أو لأن الناس يتعارفون فيها كذا في (الكشاف)، (بعد صلاة الفجر) من (يوم عرفة) بيان للسنة، ويندب أن يسير على طريق ضب ملبيا إلى أن يدخل عرفات ويعود على المأزمين اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام، وقد عهدنا ذلك في العيدين، وينزل مع الناس وكونه بقرب الجبل أفضل، ونزوله وحده أو على الطريق مكروه، لأن الانفراد تجبر والمقام مقام خضوع وتحير، ولمحي النزول في الطريق تضييق على المارة، وليس للإمام أن لا ينزل بندوة لادن نزوله عليه السلام بها مما لا نزاع فيه. (ثم اخطب) كان ينبغي أن يقول: خطبتين بعد الزوال والأداء بين يديه قبل الصلاة بجلوس بينهما كما مر، وأجاب في (البحر) بأنه إنما أطلقه لإفادة أنها جائزة قبل الزوال، ثم قال: لما كان الإطلاق منصرفًا إلى المعهود ولابنه إذا صعد المنبر أذن المؤذن بين يديه.
وأقول: لا يخفى ما بين الأول والثاني من التدافع إذ لو انصرف إلى المعهود لما أفاد الجواز قبل الزوال ولم يقل ة يعلم فيها المناسك يعني الوقوف بعرفة والمزدلفة الإفاضة منهما ورمي جمرة العقبة يوم النحو والذبح والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة استغناء بما مر.
(ثم صل بعد الزوال الظهر والعصر) بقراءة سرية كما في (المحيط)(بأذان) واحد (وإقامتين)، لأن العصر في غير وقتها المعتاد فأقيم لها للإعلام، وقوله: بعد
بشرط الإمام ولإحرام
ــ
الزوال يحتمل أن يكون المراد عقبه بأن أخذ بالاشتغال في مقدمات الصلاة من غير تأخير وهو ظاهرة قول القدوري، وإذا زالت الشمس يصلي الإمام إلى آخره ويحتمل أن يكون المراد آخره يصدق ما بعد الزول عليه وبه صرح قاضي خان في شرح (الجامع الصغير) وفي قوله الظهر والعصر إيماء إلى أنه لا يتطوع بينهما، وعلى ذلك اتفقت كلمتهم ومنه سنة الظهر البعدية لكن في (الذخيرة) و (المحيط) وعليه جرى في (الكافي)، أنه يأتي بها، قال في (الفتح): وهذا ينافي إطلاقهم في التطوع بينهما لأنه يقال على السنة أيضا انتهى.
وقد يقال: الإطلاق بناء على اصطلاحهم في تغير الماضيتين عرفت وأثر الخلاف يظهر فيما لو صلاها فعلى الأول يعاد الأذان للعصر لا على الثاني وظاهر الرواية هو الأول، وعن محمد أنه لا يعاد (بشرط الإمام) الأعظم أو نائبه حتى لو مات جمع نائبه فإن لم يكن صلوا وحدانًا، (والإحرام) بالحج حتى لو لم يكن محرمًا أصلاً أو كان محرمًا بالعمرة ولو في الظهر فأحرم بالحج في العصر لم يجمع وإطلاقه يفيد أنه لا فرق بين أن يوجده قبل الزوال أو بعده لكن قبل الصلاة وهو ألا صح وفي رواية لا بد في إيجاده قبل الزوال وبقي من الشرائط صحة الأولى حتى لو تبين أنه صلاها محدثة أعادهما ويمكن أخذه من قوله صلى الظهر أي: أوجدها والمفاسدة عدم، والوقت حتى لو صلى بهم في يوم مخيم فتبين أن الظهر قبل الزوال والعصر بعده أعادهما استحسانا، وهذا يؤخذ من قوله بعد الزواج، والمكان وأخذه من سيادتي الكلام ظاهر، والمجماعة فلو صلى كل في رحلة وهو الإمام الأعظم لا يجمع وعلى هذا تفرع ما لو أحدث الإمام في الظهر ثم لم يرجع حتى فرغ الخليفة من العصر لا يجمع، ولو نفروا بعد شروعه جاز، واختلفوا فيما لو نفروا قبله قال الشارح: ووجه لم الجواز على قوله الضرورة إذ لا يقدر أن يجعل غيره مقتدين به وجزم في (البحث) بعدم اشتراط الجماعة وحتى لو لحق الناس فزع بعرفات فصلى الإمام وحده الصلاتين جاز إجماعا على الصحيح كما في (الوجيز) فيما في (النقاية)، و (الجوهرة) والجمع من اشتراط الجماعة ضعيف انتهى.
وأقول: فيه نظر فقد نقل غير واحد اشتراط الجماعة على قول الإمام قال الإسبيجابي وهو الصحيح، وأما مسألة الفهم فتقدير تسليمه إنما جازاه الجمع ضرورة
ثم إلى الموقف، وقف بقرب الجبل وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة حامدًا مكبرًا مهللاً ملبيًا مصليًا داعيًا
…
ــ
كما علل به الشارح فيما إذا نفروا لأن الجماعة غير شرط، ثم هذا كله قول الإمام وقالا: لا يشترط إلا الإحرام في حق العصر.
(ثم) رض (إلى الموقف وقف) راكبًا أو راجلاً والأول حيث أمكن أفضل (بقرب الجبل) الذي في وسط عرفات يعني جبل الرحمة ويقال له: خلال كهلال وأما صعوده كما يفعله العوام فلم يذكر أحد ممن يعتد به فيه فضيلة بل حكمه حكم سائر أراضي عرفات، وادعى الطبري والماوردي أنه مستحب، ورده النووي بأنه لا أصل له لأنه لم يرد فيه خبر ضعيف ولا صحيح، (وعرفات كلها موقف) بكسر القاف أي: موضع وقوف (إلا بطن عرنه) بفتح الراء وضمها واد بحذاء عرفات وبتصغيرها سميت عرينة التي ينسب إليها العرنيون لحديث البخاري: (عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة بالمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر، وشعاب مكة كلها منحر)، (حامدًا مكبرًا مهللاً ملبيًا) ساعة بعد أخرى (داعيًا) بحاجتك وهذه أحوال مترادفة وذو الحال هو المستكين في وقف وهو الأظهر وكونها متداخلة بان تكون الثانية حالا من المستكن في الحال الأولى والثانية ص المستحق في الثانية وعلى هذا ففيه بعد لا يخفى إذ لا يتصف بكونه مكبوت إلا بعد الفراغ من اتصافه بالحمد فتأمله وفد صح أنه عليه الصلاة والسلام كان يجتهد في الدعاء في هذا الموقف. واعلم أن تواضع استجابة الدعاء أي: فترة رجاء استجابته حصروها في خمسة عشر موضعا في الحج جمعتها في قولي:
دعاء البرايا يستحاب بكعبة
…
وملتزم والموقعين كذا الحجر
طواف وسعي بروتين وزمزم
…
مقام وميزان جمارك تعتبر
والمراد بالموقفين عرفة والمشعر الحرام.
تتميم: ظاهر قوله- صلي الله عليه مسلو: (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) رواه البخاري وقوله كما في مسلم: (الإسلام يهدم ما كان قبله والهجرة تهدم ما كان قبلها والحج يهدم ما كان قبله) يقتضي أن الحج يكفر الصغائر والكبائر ولو من حقود االعباد وقد التزموا ذللت في الحربي فقالوا: لو قتل وأخذ المال فأحرزه بداره ثم أتعلم لم يؤاخذ بشيء من ذلك لكن قال الأكمل: في (شرح المشارق)
ثم إلى مزدلفة بعد الغروب وانزل بقوة جبل قزح ومما بالناس العشاءين بأذان وإقامة،
ــ
إن الهجرة والحج لا يكفران المظالم ولا يقطع فيهما بمحو الكبائر وإنما يكفران الصغائر وذكرهما إنما كان للتأكيد في شان الحربي والترغيب في مبايعته، ويجوز أن يقال: إنهما يكفران الكبائر التي ليبست من حقوق العباد أيضا كالإسلام من أهل الذمة وحينئذ لا نشك أن ذكرهما كان للتأكيد انتهى. وقال فياض: أجمع أهل السنة أن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة ولا نعلم قائلا بسقوط الدين عنه به سواء كان حقا للعبد أو لله تعالى، كد يا الصلاة والصوم والزكاة، نعم أثم المطل وتأخير الصلاة ونحوها يسقط عنه وهذا معنى التكفير محلى القول به والله الموفق.
(ثم) رح (إلى المزدلفة) مسرعًا إن وجدت زوجة ويندب أن يدخلها ماشيا حامدًا مكبرًا مهللاً ملبيًا والازدلاف الاجتماع، سميت بذلك إما لاجتماع الناس أو الأبوين فيهما أو لاقتراب الساعة فيها من منى (بعد الغروب) أي: عقبه حتى لو مكث بعدما أفاض الإمام كثيرا بلا عذر أساء، ولو أبو الإمام ولم يفض حتى ظهر الليل أفاضوا لأنه أخطا السنة، قيد بما بعد الغروب لأبنه لو دفع قبله فإن جاوز حدود محرفة لزمه دم إلا أن يعود قبله ويدفع بعده فيسقط عندنا خلافا لعفو وهو إحدى الروايتين عن الإمام، بخلاف مايو أعاد بعده، (وانزل بقوة جبل قزح) الإعاقة بيانية إنه هو علم على الجبل من قازح الشيء ارتفع، ولم يصرف للعلتين الظاهرتين فيه وهو المشعر الحرام محلى الأصح كما في (الكشاف)، وفي (المطالع): إنه موقف قوية في الجاهلية إذ كانت لا تقف بعرفة وينبغي أن ينزل عن يمين الطريق أو يساره، (وصل بالناس العشاءين) أي: المغرب والعشاء (بأذان) واحد (وإقامة) واحدة، وقال زهو بإقامتين قياسًا محلى الجمع الأصول اواختاره الطحاوي قلنا: قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام فعل كذلك كما في (مسلم) ولأنه ثمة العصر متقدمة عن وقتها المعهود فاحتيج إلى الإقامة، وان مغرب والعشاء وقتهما واحد بدليل أنه ينوي في المغرب الأداء لا القضاء كما في (الزواج (وبه اندفع ما في (البحث) من أن المغرب تقع قضاء وقوله بالناس بيان لكونها بجماعة لكنها ليبست شموط بل مندوبة قبل أن يحط رحله، قال الإمام المحبوبة: وكذا الإمام والإحرام أقول: وينبغي اشتراط الإحرام لكن في المغرب مؤديًا وأشار بقوله وإقامة إلى أنه لا يتطوع بينهما ولو سنة مؤكدة في الأصح، فلو
ولم يجز المغرب في الطريق، تم صل الفجر بغلس، تم قف مكبرًا مهللاً ملبيًا مصليًا على النبي- صلي الله عليه وسلم- داعيًا ربك بحاجتك، وقف على جبل قزح إن أمكنك وإلا فبقرب منه وفي موقف إلا بطن محصر، ثم إلى منى بعدما أسفر جدًا
ــ
فعل أعاد الإقامة ومقابل الأصح أنه لا يعيدها لو أتى بالراتبة على وزان ما هو في الجمع الأول، هذا وينبغي له إحياء هذه الليلة الجامعة لشرف الزمان والمكان وقد وقع السؤال في شرفها على ليلة الجمعة وقدم كنت ممن مال إلى ذلك ثم رأيت في (الجوهرة) أنها أفضل ليالي السنة، (ولم يجز المغرب) أي: لم يحل (في الطريق) لقوله- صلي الله علي وسلم- لأسامة حين قال وقد كانوا في الطريق: الصلاة يا رسول الله أمامك أي: وقتها أو مكانها حكام ما الشارح، وكلامهم يعطي أن المواد وقت جوازها، وفيه إيماء إلى أنها لا تحل في عرفات بالأولى وإلى أن العشاء لا يجوز أيضا أما الحكم بالصحة فموقوف إن أعادها في المزدلفة، قبل طلوع الفجر كانت في الفوز وانقلبت الأولى نفلا وإلا جازت وكذلك العشاء وهذا التفصيل ثابت أيضا فيما لو قدم العشاء على المغرب في للمزدلفة هذا إذا لم يخف طلوع الفجر في الطريق فإن خافه صلاهما.
قال في (البحر): وتعبيرهم بعدم الجواز يوم ما عدم الصحة فلو عبروا بعدم الحل لزال الاشتباه وأقول: أنى يتوهم عدم الصحة للصلاة بعد دخول وقتها، (ثم صل الفجر بغلس) مبالغة في الصلاة أول الوقت إذ الغطس ظلمة آخر الليل، (وقف) بالمزدلفة (على جبل قزح إن تيسر وإلا فبالقرب منه) وأشارت إلى أن ابتداء وقته بعد الطلوع وينتهي بطلوع الشمس، فلو وقفت قبل الصلاة صح، وكذا لو هو بجزء من أجزائها فيه ولو تركه بعذر زحمة ونحوها فلا شيء عليه (مكبر ًا مهللاً ملبيًا مصليًا على المختار- صلي الله علي وسلم- داعيًا ربك بحاجتك وهي) أي: المزدلفة (موقف إلا بطم محسر) استثناء منقطع كبطن عرضه لادن وادي محور بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المشددة سمي بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حسرتنا وعيي ليس منها كما قال الأزرقي فصا في (البدائع) من أنه لو وقفت به أو ببطء محولة جاز مع الكراهة مخالف للمشهور من كلامهم والذي يقتضيه كلامهم، عدم الإجراء كذا في (الفتح).
(ثم) رح (إلى منى بعد ما أسفر) الصبح (جدًا) بحيث لم يبق له طلوع إلا مقدار ركعتين كما في (المحيط) وغيره، وينبغي له الإكثار من الذكر والصلاة والدعاء ذاهبة فإذا بلغ وادي محور أسهم بالسير أو الرؤى قدر رمية حجر اقتداء بفعله عليه
فارم جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات كحصى الخذف
ــ
الصلاة والسلام (فارم جمرة العقبة) سميت بذلك لتجميع ما هنالك من الحصباء من تجمر القوم إذا اجتمعوا، وقيل: الجمار وقيل: الصغار من الأحجار جمع جمرة وبه سمى المواضع التي ترمى جمار أو جمرات لما بينهما من الملابسة، ووقته المسنون بعد الطلوع وينتهي ذلك إلى الزوال، ومنه إلى الغروب صباح، ومنه إلى طلوع الفجر أو تبله مكروه، كذا في (المحيط)، (من بطن الوادي) بيان السنة حتى لو رماها من فوق العقبة أجزأه مع كراهة التنزيه (سبع حصيات) نفي للأقل حتى لو زاد لم يضره كما في (المحيط) وإن كان خلاف السنة وأراد سبع رميات بها فلو رماها دفعة واحدة كان عن واحدة، ويندب غسيلها وأخذوا من قارعة الطريق، وفي (مناسك الحصيري) جرى التوارث بحمل الحصى من جبل على الطريق فيحمل عنه سبعين حصاة لكن المذكور في (مناسك النص ماني (أنه يدفع بسبع حتميات، وقال قوم بسبعين حصاة وليس مذهبنا كما في (الدراية).
ولو أخذها من جمار رميت منها جاز وأسماء وكذا لو رمى بالنجس كذا في (المحيط) فما في (الفتح) من أن أخذها من المرمى إنما هو مكروه تنزيها فيه نظر، ويكره أيضًا أن يكسر من حجر سبعين حصاة ونبه بذكر الحصاة إلى أنه يجوز بكل ما كان من أجزاء الأرض كالطين والدودة والكحل والزرنيخ وكف من تراب، وظاهر الإطلاق يعطي جوازه بالياقوت والفيروز وفيه خلاف، ومتعه الشارحون وغيرهم بناء على اشتراط الاستهانة بالمرمى وأجازه بعضهم بناء على نفي ذلك الاشتراط وممن ذكر جوازه الفارسي في (مناسكه)، كذا في (الفتح) وهذا يفيد ترجيح اعتبار الشرط المذكور ومقتضى كلام الشارح تبعا (للغاية) عدم اعتباره وحيت جزما بجوازه بالأحجار النقية بخلاف الخشب والعنبر واللؤلؤ يعني كباره لأنها ليبست من أجزاء الأرض وأما الذهب/ والفضية فنثار وليس برمي (كحصى الخذف) أي: مثل حصى الخزف بالمعجمتين وهي الرمي الخاص، واختلف في كيفيته فقيل: هو أن يحلق سبابته ويضعها على مفصل إبهامه ولا يخفى محسوب وخصوصا مع الرحمة والأصح أنه يأخذنا بطرف إبهامه وسبابته وهذا الخلاف في الأولوية لا في أصل الجواز حتى لو رمى على أي حال جاز بعد أن لا يكون وضعا لانتفاء ماهيته، وهل الحصاة مقدار الحمصية أو النواة أو الأنملة؟ أقوال: وهذا بيان المندوب وأما الجواز فيكون ولو بالأكبر لكن مع الكراهة، ومقدار الرمي، المسنون أن يكون بين موضع الرامي وموضع
وكبر بكل حصاة، واقطع التلبية بأولها، ثم اذبح، ثم أحلق،
ــ
السقوط خمسة أذرع كما رواه الحسن عن الإمام، ولو وقعت على ظهر رجل أو محمل وثبتت عليه حتى طرحها إلى الحامل ألا: لا لأن وقعت بنفسها عند الجمرة، (وكبر بكل حصاة) أي: معها فالياء للمصاحبة يعني: قل الله أكبو ولو هلل أو منح أجزأت وظاهر الروايات أنه يقتصر على التكبير وروى الحسن أنه يؤيد رغما للشيطان وحزبه وزاد بعضهم اللهم اجعل حجي مبرورا وسعيي مشكورا وذنبي مغفورا، وقد جمع في (النهاية) بين الكل ولم يذكر الدعاء لأنه لا يقف عندها على ما سيأتي.
(واقطع التلبية بأولها) أخبر الشيخين: (لم يزل- صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة) أطلقه فشمل المفرد والقارئ وفاسد الحج أيضا لو زار البيت قبل الرمي والحلق والذبح قطع التلبية في قول الإمام، وظاهر الرواية عن الثاني، ولو حلق قبل الرمي قطعها اتفاقا، ولو ذبح قبل الرمي وهو متمتع أو قارن قطعها في قول الإمام لا إن كان مفردا إليه أشار في (البدائع) قيد بالمحرم بالحج لأن المعتمر يقطعها إذا استلم الحجر الأسود ويكون مدركًا لأن فائت الحج يقطعها حين يأخذ في الطواف الثاني والمحور إذا ذبح # فيه والقارئ يأخذ في طواف الثاني.
(ثم اذبح) هذا المر للندب إذ الكلام في المفرد ولا ذبح عليه نعم هو علي القارئ والتمتع، وقد جاء في حديث جابر:(أنه عليه الصلاة والسلام نحر بيده ثلاثا وستين بدنة وأمر عليه بذبح ما بقي وأشوكه في هديه) وإنما اقتصر على ذلك لأن مدة عمره كانت إذ ذاك تبلغ هذا العدد فجعل عن كل سنة بدنة قال ابن حبان: (ثم) بعد ذلك (احلق) جميع رأسك وهذا بيان للسنة أما الواجب فالربع قال الكرماني: بفتح الكاف وكسرها في (القاموس) وأنكر شارح البخاري الفتح وسمعت من ثقة عن ابن خلكان بفتح الراء أيضا. ولو حلق أو قصور اقل من النصف أجزأت وهو مسيء وأراد به إزالة الشعر وأفاد أنه لو أزاله بالصورة أو الإحراق أو النتف كفاه إلا أنه خلاف السنة، ثم الإزالة فرع وجودها يزال فلو لم يكن ثمة شيء وجب إمرار الموسى على رأسه إن أمكن هو المختار وإلا بان كان بها قروح ولا يمكن التقصير أيضا سقط عنه الواجب وحل كالحالق، ولو لم يجد آلة أو ممن يحلق لم يكن عذرا فلا يجزئه إلا
أو قصر، والحلق أحب، وحل لك كل شيء غير النساء،
ــ
الحلق أو التقصير لأمن إصابة الآلة والفاعل مرجو في كل وقت بخلاف برء القروح)، (أو قصر) وهو أن يأخذ الوجل أو المرأة من رؤوس شعب ربع الرأس مقدار الأنملة كذا في (الشرح) أي: أن يأخذ من كل شعرة هذا المقدار كما في (المحيط) وفي (البدائع) قالوا: يجب أن يزيد في التقصير على قدم الأنملة حتى يستولي قدرها من كل شعوب لأن أطراف الشعر غير متساوية عادة واستحسنه الحلبي في (مناسكه) وهذا بيان الواجب ومن فسره كصاحب (الهداية) بأن يتخذ من رؤوس شعره مقدار الأنملة أراد به المسنون ثم إذا التخييل فرع إمكانهما فلو لم يمكن إلا أحدهما تعين.
(والحلق أحب) من التقصير لأنه- صلى الله عليه وسلم للمحلقين بالوحدة فقيل: والمقصرين ففي الرابعة قال: والمقصرين، وإطلاقه يفيد أن حلق النصف أولى من التقصير، ولم أره، وأما حلق الربع فقط فينبغي أن يكون التقصير منه أولى لما موقن أنه مسيء وفي التقصير لا إساءة قالوا: ويندب البدأة بيمين الحالق لا المحلوق إلا أن ما في (الصحيحين) يفيد العكس وذلك أنه- صلى الله عليه وسلم قال للحلاق: خذ وأشار إلى الجانب الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس، قال في (الفتح): وهو الصواب وإن كان خلاف المذهب انتهى.
أقول: ويوافقه ما في (الملتقط) عن الإمام حلقت وأسي بمكة فخراني الحلاق في ثلاثة أشياء لما أن جلست قال: استقبل القبلة وناولته الجانب الأيسر فقال: ابدأ بالأيمن فلما أردت أن أذهب قال: ادفن شعرك فرجعت ودفنته انتهى. ويندب أيضا الدعاء عند الحلق وبعد الفراغ من التكبير وقص أظفاره وشواربه بعده، وهل يأخذ شيئًا من لحيته مع الحلق؟ عندنا الائذا في غير المحصن أما المحرر فلا حلق عليه أي: واجب، (وحل لك كل لشيء غير النساء) من الطيب والصيد ولبس الثياب لحديث الدارقطني:(إذا رميتم وذبحتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء) وحل لكم التيار والطيب بخلاف وطء النساء وما كان من دواعيه كالقبلة والمس إلا أنه في (الخانية) رجح عدم حل الطيب أيضا لأنه من دواعي الجماع وجزم في (البحر) بضعفه لما مر ومنع أبو الليث الصيد وضعفه لا يخفى.
ثم إلى مكة يوم النحر أو غدًا، أو بعده. فطف للركن سبعة أشواط بلا رمل وسعي عن قدمتها وإلا فعلاً، وحل لك النساء، وكره تأخيره عن أيام النحر،
ــ
(ثم) رح (إلى مكة يوم النحر) بيان لاحول وقت طواف الركن ويمتد إلى آخر العمل وقوله: وأو مخدر أو بعده) بيان لوقته الواجب يعني أيام النحر، فلو أخره عنها لزمه دم عند الإمام وأفضلها أولها، وقد ثبت أنه- صلى الله عليه وسلم طاف يوم النحر بعد الزوال (فطف للركن) ويسمى أيضا طواف الإفاضة والزيارة ويوم النحر (سبعة أشواط) هذا ظاهر فيه أن الكل ركن ولا قائل به عندنا وقد من أنه أربعة في الأصح، ويجب أن يكون قائما ماشية فلو طاف ناصبًا ساقيه فقط أو محمولاً أو راكبًا أو معنى كذلك لزمه ولو نذره كذلك لزمه ولو نذر قيل لا شيء عليه، لأنه أداه كما التزمه، ثم هل يخرج الحامل عن طواف محليه نعم وجزم به في (الفتح) وغيره، وقيل: لا، والخلاف مقيد بأن لا يقصد حمل المحمول فإن قصده لم يقع عن نفسه بناء محلى أن نية الطواف الواقع جزء نسك ليبست شرطا بل الشرط أن لا ينوي شيئا آخر ولذا لم يجز لو طاف هاربا من عدو أو طالبة لغريم، والحاصل أن كل من طاف طوافة في وقته وقع عنه بعد أن ينوي أصل الطواف نواه بعينه أولاً، ونوى طوافة آخر لأن النية تعتبر في الإحرام لأنه عقد على الأداء فلا تعتبر في الأداء، فلو قدم معتمد وطاف وقع عن العمرة أو مفيد قبل النحر فعن العمرة والثاني عن القدوم وبعده في الزيارة وإيه نوى نذرت، ولو بعدما حل النفط وقع عق الصدر ولو نواه نفلح، ويجب أيضًا أن يكون على طهارة.
وقال ابق شجاع: في سنة، وأن يكون مستور العورة فلو طاف وقد انكشفت منه قدرًا لا تجوز الصلاة معه وجبتا إعارته ما دام بمكة فإن رجع لزمه دم فلو طاف ومحليه نجاسة مانعة كرة فقط وصرح الاسبيجابي بأنه مسيء، والفرق بينه وبين كشف العورة أن النجاسة لم يمنع منها لمعنى يختص بالطواف نفسه بل لخوف تلويت المسجد بخلاف الكشفي بدليل النهي عن طواف العريان فأورث نقصًا فيه، (بلا رمل) في هذا الطواف (و) بلا (سعي) بعده (إن قدمتهما) في طواف القدوم (وإلا فعلام قيل: كان ينبغي أن يقول: أفعالهم ليتناسق مع ما قبله من الأوامر لم يفعلا هذا الطواف أيضا لأن تكرارها لم يشرع وقد من أن الأفضل تأخيرهما إلى هذا الطواف (وحل لك النساء) بالحلق السابق لا بالطواف بدليل أنه لو طاف قبل أن يحلق لا يحل غاية الأمر أن أثر الحلق تأخر إلى ما بعد الطواف كالطلاق الرجعي.
(وكره) تحريمًا (تأخيره) أي: طواف الركن (عن أيتام النحر) ولياليها نبه بذلك على أن إيقاعه فيها إنما هو واجب فقط وإلا لقال: حرم، وفيه رد لما ذكره القدوري
ثم إل منى فارم الجمار الثلاث في ثاني النحر بعد الزوال بادئًا بما يلي المسجد، ثم بما يليها ثم بجمرة العقبة وقف عند كل رمي بعده رمي،
ــ
من أن آخره أيام التشريق، فظاهر أن الكراهة إنما هي لتقوية الواجب، فإذا منع منه كالحائض أنى تكون؟ وعن هذا قال في (المحيط): لو طهرت في آخر أيام التشريق فإن أمكنها الطواف أربعة أشواط قبل الغروب فلم تفعل لزمها دم وإلا لا.
(ثم) رح (إلى منى) فبت بها لذويها ويكره أن يبيت بمكة أو في الطريق، (فارم الجمار الثلاث في ثاني النحو بعد الزوال)، بيان لأول وقته وهذا المشهور عن الإمام وعنه أنه أحب فقط حتى لو رمى قبله أجزاه، والمروي من فعله عليه الصلاة والسلام لبيان ألا فضل، والظاهر الأول وآخره عند طلوع الشمس من الغد، فلو رمى ليلة صح وكره كما في (المحيط)، وفيه لو أخر رمي الجمار كلها إلى اليوم الرابع رماها على التأليف، لأن أيام التشريق كلها وقت الرمي فيقضي مرتبًا وعليه دم واحد عند الإمام، ولو أخرها حتى غابت الشمس من أيام التشريق سقط لانقضاء وقته، وعليه دم واحد اتفاقا، (بادئًا مما) أي: بالجمرة التي (تلي المسجد) أي: مسجد الخيف.
(ثم بما) أي: بالجمرة التي (تليها) وهي الوسطى (ثم بجمرة العقبة) بذلك جاءت الأخبار، وكلامه ظاهر في ترتيبه الثانية وهل هو متعلق أو مسنون؟ لا دلالة في كلامه عليه، وعبارته في (المجمع) صريحة في عدم تعينه، قال: ويسقط الترتيب، وصرح في (المناسك) بأنه سنة حتى لو بدأ في الثاني بجمرة العقبة ثم بالوسطى ثم بالتي تلي المسجد فإن أعاده على الوسطى ثم على العقبة في يومه فحسن، وإن لم يعد أجزأه وفي (المحيط) لو رمى كل جمرة بثلاث أتم الأولى بأربع ثم أعاد الوسطى بسبع ثم العقبة كذلك، ولو كل واحدة بأربع أتم/ كل واحدة بثلاث ثلاث ولا يعيد الادن للأكثر حكم الكل فكأنه رمى الثانية والثالثة بعد الأولى، وإيه استقبل فيها فهو أفضل، وعن محمد لو رمى الجمار الثلاث فإذا في يده أربع حريات لا يدري من أيتهن يوميين على الأولى ويستقبل الباقيتين لاحتمال أنها من الأولى فلا يجوز رمي الأخيرتين، ولو كل ثلاثة أعاد على كل جمرة واحدة ولو كانت حصاة أو حصاتين أعاد على كل واحدة ويجزئه لأبنه رمى كل واحدة بأكثرها انتهى. قال في (الفتح): وهذا صريح في الخلاف زاد في (البحث) وفي اختيار السنة وأقول: هذا سهو بل في اختيار التعيين نعم قال في (الفتح): الذي يقع عندي استعان الترتيب لا تعينه بخلاف تعين الأيام للرمي والفرق لا يخفى على محصل، (وقف عند) تمام (كل رمي بعده رمي) قدر سورة البقرة داعيا مثبتًا، وظاهر الرواية أنه يجعل باطن كفيه في هذا
ثم غدًا كذلك، ثم بعد كذلك إن مكثت، ولو رميت في اليوم الرابع قبل الزوال وصح، وكل رأي بعده رمي فارمه ماشيًا وإلا فراكبًا، وكره أن تقدم ثقلك إلى مكة، وتقيم بمنى للرمي
ــ
الدعاء نحو الكعبة كذا في (السراج) وقال الثاني: يرفع يديه حذاء منكبيه كما في سائر الأدعية، واقتصر عليه في (البحر).
(ثم) ارم (غدًا كذلك) يعني كما راجت في اليوم الأول (ثم بعده كذلك إن مكثت) إلى طلوع فجر اليوم الرابع في الظاهر عن الإمام، وعنه إلى الغروب من اليوم الثالث، وفيه إيماء إلى تخييره بين المكث وعدمه والأول أفضل اقتداء به عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى:(فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه)[البقرة: 203] الآية فالتخيير بين الفاضل والأفضل، كالمسافر في رمضان حيث خير بين الصوم والإفطار والأول أفضل إن لم يضره اتفاقًا، وقوله:(لمن اتقى)[البقرة: 203]، متعلق بما قبله على اعتبار حاصل المعني أين هذا التخيير ونفى الإثم عنها للمتقي لئلا يقع في قلبه أن أحدهما يوجب إثمًا في الإقدام عليه، لولو رميت في اليوم الرابع قبل الزوال صحي عند الإمام استحسانًا وقالا: لا يصح اعتبارا لسائر الأيام، ومذهبه مروي عق ابن عباس كما أخرجه البيهقي ولا كلام في أفضلية الرمي بعد الزوال، وما في (المحيط) من كراهته قبله على قوله ينبغي أن يراد به التنبيه.
(وكل رأي بعده رمي) كالأول والوسطى في الأيام الثلاثة (فارم) حال كونك (ماشيًا وإلا) أي: إن لم يكن بعده رمي كجمرة العقبة والأخيرة من الثلاثة فارم حال كونك (فراكبًا) بيان للأفضل كما رواه إبراهيم بن الجراح عق الثاني، والحكاية معه مشهورة اختاره المصنف تبعا لصاحب (الهداية) واختلف النقل عق الإمام ومحمد ففي (الثانية) أنه راكبًا أفضل مطلقا وفي (الظهيرين) بعدما حكى أنه ماشية أفضل ذكر عق الثاني لكن الثابت عنه عليه الصلاة والسلام إنما هو الرمي راكبًا وكان الثاني حمله على أنه إنما ركب ليظهر فعله فيقتدي به،
(وكره أن تقدم ثقلك) بفتح المثلثة والقاف متاع المسافر وخدمة من والجمع أثقال وبكسر الثاء وتحريك القاف مصدر وبسكونها واحد الأثقال وإلى مكة وتقيم بمنى للرمي) لأن فيه شغل قلبه عن العبادة، وقد كان محمر يمنع منه ويؤدب عليه، وهذا يؤذن بأنها تحريضية إذ لا يؤدب على التنبيه فما في (البحر) من الظاهر أنها تنزيهية ففيه نظر، وعلم من ك. من أن الذهاب إلى عرفات وتركها بمكة مكروه بالأولى لأمن القلب ثمة أشد كراهة من غيره وظاهر أنه إذا أمر عليها فلا كراهة لانتفاء الشغل.
ثم إلى المنصب فطف للصدر سبعة أشواط، وهو واجب
ــ
(ثم) رح (إلى المحصب) بضم الميم وفتح المهملتين موضع ذو حصل بين مكة ومنى، وليست المقابر منه فانزل به لأنه- صلى الله عليه وسلم نزل به قصدًا لا اتفاقا على الأصح، وذلك أن الكفار كانوا يتحالفون فيه على إضراره عليه الصلاة والسلام فلما أجلاهم الله وأعز الإسلام نزل عليه الصلاة والسلام قراءة للطيف صنع الله به وتكويمه بنصرته فصار سنة يكون مسيئا بنوكها بلا عذر، وأدناها أن يقيم فيه ساعة، وكمالها أن يصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع هجعة ثم يدخل مكة.
قال في (البحر): وعبارته في (المجمع): ثم ينزل إذا نزل بالمحصب أولى لأن الرواح إليه لا يستلزم النزول فيه، ولا يخفى أن المصنف في هذا الباب استعمل الرواح إلى الشيء بمعنى النزول فيه ومنه ثم رد إلى منى ثم إلى عرفات (فطف) الفاء فصيحة أي: إذا رحت إليه ونزلت (للصدر) بفتحتين يعني الرجوع عن أفعال الحج ويقال له؟ طواف الوداع والإفاضة وآخر عهد بالبيت والواجب وعن الثاني وابن زياد أنه الرجوع إلى الوطن، وأثر الخلاف يظهر فيما لو أتى به ثم قام بمكة لحاجة لا يعيده عندنا خلافًا لهم نعم يندب الإعادة وأول وقته لم بعد طواف الزيارة إذا كان على عزم السفر لو طاف كذلك ثم أطال الإقامة بمكة ولم ينوها ولم يتخذها دارت جاز طوافه ولا أجر له وهو مقيم، بل لو أقام عامًا لا ينوي الإقامة فله أن يطوف ويقع أداء نعم المستحب إيقاعه عند إرادة السفر، ولو نفر ولم يطف وما عليه ما لم يجاوز الميقات الرجوع ليطوف، فإن جاوزه خير بين إراقة الدم والرجوع بإحرام جديد بعمرة مبتدئًا ثم بطوافها ثم بالصدر ولا شيء عليه لتأخيره، والأول أولى تيسيرًا عليه ونفعًا للفقراء.
(سبعة أشواط) بيان لكميته والركن منه أكثرها، والظاهر أن ما مر من الخلاف في معنى الأكثر يأتي هنا يفترق الحال في أن الباقي من طواف الركن يجبر بالدم وفي هذا في الصادقة كما في (المحيط) ويصلي بعده ركعتين ولم يذكرهما اكتفاء بما مر، (وهو) أي: الصادر (واجب) لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت) رواه مسلم وغيره وفي رواية إلا أنه خفف عن المرأة الحائض متفق عليه، ولم يقيده بالمحرم بالحج ولا بمن أدركه ليفيد أن المعتمر
إلا على أهل مكة، ثم اشرب من زمزم والتزم الملتزم، وتشبث باقة ستار والتصق بالجدار.
ــ
ليس عليه طواف صدر وكذا من فاته الحج لاستحقاق العود إليه لأن الكلام فيه. (إلا على أهل مكة) ومن هو في حكمهم لمن كان داخل المواقيت وكذا الآفاقي الذي اتخذ مكة دارا يعني استوطنها، حتى لو لم يستوطنها وأقام بها سنين لم يسقط عنه، وقيد في (البدائع) بأن ينويها قبل أن يحل النفر الأول أما إذا نوايا بعد لم يسقط عنه في قول الإمام خلافا للثاني لأنه نوابا في الأول قبل طواف الصدر لأنه وضع لختم أفعال الحج وهذا المعنى موجود في حقهم، وكذا لا يجب على حائض ونفسا.
(ثم) بعد ذلك (اشرب من) ماء (زمزم) قائمة مستقبل القبلة متنفسًا منه مرارًا صابًا منه على جسدك وهي مشتقة من الهمزة التي هي الغمز بالعقب في الأرض كما أتوجه الفاكهة عن مجال د بإسناد صحيح، وقيل (غير ذلك)، (والتزم الملتزمة وهو ما بين الباب والحجر والتزامه أن يلزق وجهه وصدره به والأصح ما هنا، (وتشبث) أي: تعلق (بالأستار) أي: ستار البيت الشريف إن كانت قريبة بحيث تناولها وإلا ضع يدك على رأسك مبسوطتين على الجدار قائمتين، (والتصق بالجدار) مجتهدًا في البكاء والتنوع مع مؤيد الخشوع والخضوع على الفراق ناظور إليه فعسى أن يعقبه تلاقي.
تنبيه: لم يذكر تقبيل العتبة قبل الشرب كما في (الفتح)، ولا الاستقاء منه ولا رجوع القهقرى كما في (المجمع) لما قيل: من أنه لم يثبت شيء من ذلك من فعله عليه الصلاة والسلام، وأما الالتزام والتشبث فجاء فيهما حديثان ضعيفان.
خاتمه: تكره المجاورة بمكة عند الإمام خلافا لهما وبقوله قال الخائفون المحتاطون من العلماء كما في (الأحياء) قال: ولا يظن أن كراهة القيام تناقض فضل البقعة لأن هذه الكرامة علتها ضعف الخلق وقصوره م عن القيام بحق الموضع.
قال في (الفتح): وعلى هذا فيجب كون الجوار في المدينة المشرفة كذلك يعني مكروها عنده فإن تضاعف السيئات أو تعاظمها إن قعد فيها فمخافة السآمة وقلة الأدب المفضي إلى الإخلال لوجوب التوقير والإجلال قائم.
تكميل: في زيارة قبو المصطفى- صلى الله عليه وسلم قال مشايخنا: هي أفضل من المندوبات، وفي (مناسك الفارسي) و (شرح المختار) أنها قريبة من الوجوب لمن له سعة وكفاك داع إليها ما رواه الدارقطني:(من زار قبوي وجبت له شفاعتي) ثم إن كان الحج فوضع فالأحسن أن يبدأ به ثم يثني بالزيارة، وإن كان تطوعا كان بالخيار، ثم إذا نوى زيارة القبو فلينو معه زيارة المسجد قال في، (الفتح): والأولى، فيما يقم عندي تجريد