المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فصل في جزاء الصيد - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: ‌ فصل في جزاء الصيد

فصل إن قتل محرم صيدًا أو دل عليه من قتله فعليه الجزاء

ــ

المشايخ في هذه المسالة فذكر فخر الإسلام في (جامعه) قارن حلق قبل أن يذبح فعليه دمان وقالا: ليس عليه إلا دم القارن وهكذا ذكر محمد في (الجامع (وقاضي خان في (جامعه) وقال بعضهم: دم القران واجب إجماعًا ويجب دم آخر إجماعًا بسبب الجناية على الإحرام ودم آخر عند أبي حنيفة بسبب تأخير الذبح عن الحلق وواليه مال صاحب (الكتاب) انتهى. وقو صاحب (العناية) /هذا يآباه فيما مر وقالا: لا شيء عليه في الوجهين فإنه تصريح بانهما لا يقولان في هذه الصورة بوجوب شيء يتعلق بهذه الكفارة أصلاً ورده في (الحواشي السعدية) بأن المرأة لا يجب شيء بسبب تأخير النسك إذ الكلام فيه وبه عرف أنه لا مناقضة بين كلامه إذ المنفي فيما سبق دم التأخير والمثبت هنا دم الجناية على الإحرام ودعوى الخبط في كلامه لعدم فهمه، وذلك أن ما مر في القران إنما هو عند العجز عن الذبح وتأخيره في هذه الحالة مرخص فيه لا يجب به دم، ولهذا لم ينقل ثمة الخلاف ولو كان الواجب دم جناية التأخير لكان لهما خلاف وإذا تقرر هذا فقوله في (البحر): نص محمد أن أحد الدمين دم القران والآخر لتأخير النسك عن وقته وقد وقع لكثير من المشايخ اشتباه بسبب ذكر الدم الواحد كافيًا للعلم بدم القران، وهذا الجمع لا نراه في غير هذا الكتاب وإنما أطلنا في هذا المقام لأنه من مزال الأقدام ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

[30]

‌ فصل في جزاء الصيد

لما كانت الجناية على الإحرام في الصيد نوعا آخر مغايرًا لما مر من أنواع الجنايات أوردها في فصل على حدة وجمعه مع ما تقدم في باب واحد للاتحاد في الجندر، ولا يخفى أن الصيد اسم للحيوان الممتنع للتوحش بأصل الخلقة أي: الذي يمنع نفسه عمن قصده إما بقوائمه أو بجناحه فخرج نحو الغنم والبقر من الحيوانات الأصلية وقيد بالمتوحش بأصل الخلقة ليدخل الحمام المسؤول والظبي المستأنس وليخرج الإبل المتوحشة وإنما لم تجب الزكاة أي: الذبح فيها للضرورة، وأورد على التعريف أنه صادق على الكلب والسنور المستوحشين وليسا بصيد، وأجيب بأن الكلب أهلي في الأصل لكن ربما توحش وأما السنور المتوحش ففيه روايتان، ولا كلام أن الأهلي منه ليس بصيد.

قال بعض المتأخرين: وبقي قيد أهملوه في التعريف وهو أن يكون مقصودًا بالأخذ لقولهم في الجرادة؟ إنها صيد لادن الصيد ما لا يمكن أخذه إلا بحيلة، ويقصد

ص: 132

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالأخذ وفي (الفتح) هذا القيد الزائد يلزم منه إما فساد التعريف السابق أو هذا اللاحق ثم إن كان توالده في البر فبري وإلا فبحري فالمعول عليه في كونه بريًا أو بحريًا إنما هو التوالد لا مع كون مثواه أي: إقامته فيه كما هو ظاهر عبارة من زاد ومثواه فيه، وعلى هذا فلا يجب الجزاء بقتل كلب أز الضفدع المائي وإن كان يعيش في البر، والمحرم على المحرم إنما هو صيد البر للآية الكريمة لا البحر مطلقًا في الأصح خلافا لما في (مناسك الكرماني) من تخصيص الإباحة فيه كالسمك لأن قتل محرم صيدًا بريًا مأكولاً أو مملوكًا عامدًا كان أو لا مباشرًا ولو غير متعمدًا كنائم انقلب على صيد أو متسببًا إذا كان متعديًا كما إذا نصب شبكة أو حفر له حفير بخلاف ما لو نصب فسطاطًا لنفسه فتعلق به صيد أو حفر حفرة للماء أو لحيوان مباح القتل كذئب فعطب فيها صيد أو أرسل كلبه إلى حيوان مباح فأخذ ما يحرم أو إلى صيد في الحل وهو حلال فجاوز إلى الحرم حيث لا يلزمه شيء لعدم التعدي، فما في (المحيط) لو خرج أربعة من بيتهم بمكة إلى منى وأمروا أحدهم أن يغلق الباب وفيه حمام مات عطشًا فعلى كل واحد جزاء، لأن الآمرين تسببوا والخالق بالإغلاق محمول على ما إذا علم الآمرون بذلك أو دل عليه من قتله فعليه الجزاء ليس مطلق الدلالة يوجما الجزاء بل مقيدة بأن يصدقه وأن لا يكون المدلول عالمًا بمكانه وأن لا ينفلت منه وأن يبقى الدال محرمًا إلى قتله وأن يتصل القتل بالدلالة فإن فقد واحد من هذه الشروط انتفى الجزاء وبقيت الكراهة، أي: التحريمية.

فقد صرح في (النهاية) الإثم فيها وليعر معنى التصديق أن يقول: صدقت بل أن لا يكذبه، وعن هذا قال في (الكافي) وغيره: لو أخبر محرم بصيد فلم يره حتى أخبره محرم آخر فلم يصدق الأول ولم يكذبه ثم طلب الصيد فقتله كان على كل واحد منهما الجزاء ولو كذب الأول لم يكن عليه، ولو أرسل المحرم محرمة إلى محرم يدله على الصيد فقتله المرسل إليه فعلى كل من الثلاثة الجزاء، قال في (البحر): وظهر بالشرط الثاني ضعف ما في (المحيط) عن (المنتقى) قال: خذ هذين وهو يراهما فقتلهما كان على الدال جزاء واحد وإن كان لا يراهما فجزاءان لأنه مع الرؤية عالم بمكانه ولذا لم يذكروا هنا الإشارة كما في الإحرام لاختصاصها بالحاضر وشرط وجوب الجزاء عدم العلم بالمكان، فالحاصل أنهما سواء في منع المحرم منهما لكن

ص: 133

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الدلالة موجبة للجزاء بشروطها والإشارة لا توجب الجزاء اللهم إلا أن يقال: إن الأمر بالأخذ غير الدلالة فيوجب الجزاء مطلقًا ويدل عليه ما في (الفتح) وغيره أو أمر غيره بأخذ صيد فامر المأمور آخر فالجزاء لم على الآمر الثاني لأنه لم يشتمل أمر الأول بخلاف ما لو دل الأول على صيد وأمره فامر الثاني ثالثا بالقتل حيث يجب الجزاء على الثلاثة انتهى.

وأقول: قدمنا في الإحرام أن كلأ من الإشارة والدلالة إنما يحرم إذا لم يعلم المحرم لا إن علم هو الأصح وقيل: يحرم مطلقًا وعلم منه ثبوت حرمة الإشارة مع عدم العلم اتفاقًا فيلزم الجزاء بها بل هي أقوى من الدلالة ثم رأيته في (البدائع) قال: لو دل عليه أو أشار إليه فإن كان المدلول يرى الصيد أو يعلم به من غير دلالة وإشارة فلا شيء على الدال، وإيه رآه بدلالته فقتله فعليه الجزاء عند أصحابنا، وفي (السراج) لو أشار المحرم لرجل إلى صيد فقال: خذ ذلك الصيد فأخذه وصيدًا كان معه في الوكر فعلى الآمر الجزاء في الأول دون الثاني فقولهم: إن الإشارة لا شيء فيها وأنهم لم يذكروها ممنوع ولا تلازم بين الإشارة وعلم الإشارة إليه قبلها كما هو واضح والشروط المتقدمة في الدلالة ينبغي إن ثابتة فيها الأول معنى لتكذيبه مع رؤيته وهذا وإن لم أره في كلامهم صريحًا إلا أن النظر الصحيح يقتضيه، وقولهم: اللهم إلا أن يقال: إلى آخره ممنوع من قبيل الدلالة فقد علل في (السراج) ما في (الفتح) من كون الجزاء في الآمر على الثاني فقط بأنه أمره بالقتل ولم يأمره بالدلالة فلم يكن ممتثلاً ما أمره به انتهى.

فجعل الأمر الثاني دلالة ولا فرق بينه وبين الأول غاية الأمر أنه لما لم يشتمل أمره فكأنه كذبه وإنما تعدد الجزاء في الثانية باعتبار الدلالة لا الأمر لعدم امتثاله إياه فلم يبق ثمة إلا دلالة تعددت والأمر بعدها ليس تكذيبًا لها فما في (الفتح) لا دلالة فيه واقتصارهم علي الإشارة والدلالة فيه دلالة على ذلك فتدبر، ومما ألحق بالدلالة ما لو رأى محرم صيدًا في وضع لا يقدر عليه فدله محرم على الطريق أو صيدًا دخل غارًات فلم يعرف بابه فدله عليه قال في (المحيط): لأنه لما دله على الطرلمجتى فكانه على الصيد دله وعلى هذا لو رآه في موضع لا يقدر على أخذه إلا أن يرميه فدفع له ما يرميه به أو دل عليه سكينًا فقتله كان عليهما الجزاء وما في (الأصل) من عدم الجزاء على المعير حمله أكثر المشايخ على ما إذا كان مع القاتل سلاح آخر قال السرخسي: والأصح عندي أنه لا جزاء عليه مطلقا وبهذا عرف أنه لا حاجة لما في (البحر) من أن هذه الفروع من الإعانة لا الدلالة وأنه إذا فقد شروطها

ص: 134

وهو قيمة الصيد بتقويم عدلين في مقتله أو أقرب موضع منه

ــ

وجب الجزاء للإعانة لأن تعليله في (المحيط) يآباه ثم هذا الجزاء يتعدد بتعدد المقتول إلا إذا قصد به رفض إحرامه كما نص محليه في (الأصل).

(وهو) أي؟ الجزاء (قيمة الصيد) من حيث إنه صيد لا من حيثما ما زاد بالصنعة فيه كذا في (العناية) وهو أولى من قول ببعضهم تعتبر قيمته لحمآ إذ مقتضاه أن الجلد لا يقوم وليس موادًا، على أن المرأة عدم اعتبار الصنعة فيه حتى لو قتل صيدًا مملوكًا معلمًا كالبازي والحمام الذي يجيء من الأماكن البعيدة لزمه قيمته لمالكه معلمًا وعير معلم حقًا لله تعالى، والفرق لا يخفى، واختلفت الرواية فيما لو قتل حمامة مصوتة ففي رواية يضمن قيمتها ذلك، لأن ذلك من باب الحسن والملاحة والصيد مضمون بذلك كما لو قتل صيدًا حسنا له زيادة قيمة تجب قيمته على تلك الصفة كما لو قتل حمامة مطوقة، وفي أخرى إنما يضمن قيمتها غير مصوتة لأن هذا الوصف لا يرجع إلى كونه صيدًا وحق الله تعالى إنما يتعلق بذلك.

قال في (البدائع): وهذا يشكل بالمطوقة والصيد الحسن المليح (بتقويم عدلين) خبيرين بقيمة الصيد والواحد يكفي واثنان أحوذ، وقيل: يعتبر المثنى هاهنا بالنص والذين لم يوجبوه حملوا العدد في الآية على الأولوية لأن المقصود زياد الاهتمام والإتقان والظاهر الوجوب وقصد الإتقان لا ينافيه بل قد يكون داعيته كذا في (الفتح) ومن ثم صح في (شرح الدرر) اعتبار المثنى وعلى الأول فينبغي الاكتفاء بالقاتل حيث كان له معرفة بالقيمة كذا في (البحر)(في مقتله) أي: موضع قتله وهذا أولى من قوله في (الهداية) في الموضع الهذي أصابه بناء على أن الفاعل هو المحرم كما في (العناية) إذ ظاهره أنه لو أصابه فهي موضع وقتل في آخر اعتبر موضع الإصابة وهذا عار عن الإصابة لكن الظاهر أن الفاعل هو القتل (أو) في (أقرب موضع منه) أي: من مقتله إن كان في برية الفاء للتنويع.

قال في (المحيط): وعلى رواية (الأصل) اعتبر مع المكان الزمان في اعتبار القيمة وهو الأصح ثم هذا أعني كون الجزاء قيمها الصيد قول الإمام والثاني وخصه محمد بما لا مثل له ويجب له مثل مثله وفي نحو الظبي شاة وفي النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة لظاهر قوله تعالى: {فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95]، بناء على حمل المثل على المماثل صورة/ ومن النعم بيان للجزاء أو المثل أولهما أن المثل المطلق هو المثل صورة ومعنى على لا يمكن الحمل محليه فحمل على المثل معنى لكونه معهودا في الشرع كما في حقوق العباد والآية تحتمل ذلك لأنها اشتملت على شرط وجزاء حذف منه المبتدأ بعد فالجزاء والخبر أي: فالواجب جزاء

ص: 135

فيشتري بها هديًا وذبحه إن بلفت هديًا أو طعامًا، وتصدق به كالفطرة،

ــ

أو فعليه جزاء، وفيه قراءتان قرأ الكوفيون بتنوين ورفع مثل على أنه صفة والباقون بإضافة مثل إليه إضافة بيانية أي: فجزاء مثل ما قته ومن النعم بيان لما قتل أو للعائد إلميها أي: ما قتله من النعم الوحش، وقد جاء إطلاقه عليه لغة كالأهلي وهي في موضع الحال من الضمير في فتل وجملة يحكم به ذوا عدل صفة لجزاء الذي هو القيمة أو المثل الذي هو هي لأن مثلاً لا يتعرف بالإضافة فجاز وصفها ووصف ما أضيف إليها بالجملة وبهذا اندفع قول أبي البقاء إن الصفة إنما هي على ألتنوين أما على الإضافة فهي في موضع الحال من الضمير في مقدرة من الهاء في به أي: صائرًا أديًا به وذلك في نقس الأمو بواسطة الشراء، وبالغ الكعبة صفة لهدي لما أن إضافته لفظية وقوله: أو كفارة عطف على جزاء وطعام بدل منها أو عطف بيان أو خبر محذوف وقوله: أو عدل عطف# على كفارة وصياما تمييز للعدل.

(فيشتري) القاتل (بها) أي: (هديًا وذبحه) بالحرم ولم يقيده به اكتفاء بلفظ الهدي، والمراد من الكعبة في الآية الحرم كما قال المفسرون فعبر عنه بمعظمه وجعله تنبيهًا على أن استحقاقه الشرف لهذا الاختصاص لاشتماله على ذلك البقعة الشريفة، و (إن بلغت) قيمته أي: المقتول (هديًا) تجرى فيه الأضحية من إبل وبقر وغنم، لأن المعهود في إطلاقه في هدي المتعة والقوات والأضحية فيحمل عليه وإنما انصرف إلى الشاة في قوله: إن فعلت كذا فعلي هدي حملاً على الأدنى وإلى الثوب في قوله: فثوبي هذا هدي لأنه بقرينة التقييد جعل مجازًا عق الصدقة قال في (البدائع): ويقوم مقام الإبل والبقر سبع شياه وفي (الحقائق) ولا يجاوز عن الهدي في غير المأكول في ظاهر الرواية وفي المأكول تجب قيمته بالغة ما بلغت وإن بلغت هديين، ثم إذا ذبحه وجيمًا التصدق بلحمه على غير من لا تقبل شهادته له ولو أتلفه وأكل منه شيئًا ضمنه فيتصدق به، ولا ضمان لو سرق منه بعد الإراقة للضرورة بخلاف ما لو سرق قبلها لأن المقصود من الهدي هو التقرب بالإراقة مع التصدق بلحم القوبات ولم يوجد، واشترى بقيمة الصيد (أو طعامًا) وفيه إيماء إلى أن الخيار للمصدق، (وتصدق) على حصل مسكين (به الفطرة) أو تصدقًا كتصدق الفطرة المتقدمة، ولا يجوز إعطاء أقل من نصف صاع كذا في (الهداية)، وقدمنا خلافا في جواز إعطاء فطرته لأكثر من واحد وينبغي إجراؤه هنا، نعم لا يجوز الاقتصار على واحد لأن العدد منصوص عليه وفي كلامه إيماء إلى أنه لا يجوز لأصله وإن علا ولا لفرعه وإن سهل ولا لزوجته وإلى أن الذمي مصرف وإن كان المسلم أحب وإلى أن دفع القيمة جائز لكن يرد عليه أن الإباحة هنا كافية كما قال الإسبيجابي في صدقة الفطر

ص: 136

أو صام عن إطعام كل مسكين يومًا، ولو فضل أقل من نصف صاع تصدق به، أو صام يومًا وإن جرحه، أو قطع عضوه، أو نتف شعره، ضمن ما نقص

ــ

كذا في (البحر) وأقول: قد عوف أن المشبه لا يلزم أن يعطي حكم المشبه به من كل وجه على أن الظاهر أن التشبيه إنما هو في المقدار لا غير كما جرى عليه الشار أوغيره.

(أو صام) القاتل (عن إطعام كل مسكين لمومًا) يعني يقومه طعامًا ثم يصوم كذلك لأنه لا قيمة للصوم فلا يمكن تقديره بالمقتول فقدر بالطعام وقد عهد في الشرع إقامة طعام مسمكين مقام صوم يوم كما في كفارة الظهار، (ولو فضل) من الطعام (أقل من نصف صاع) تمر أو شعير (تصدق به) إن شاء (أو صام يومًا) لأن صوم ما هو أقل من يوم غير مشروع وكذا لو كان هذا هو الواجب ابتداء كما إذا قتل نحو عصفور، وفيه تصريح بجواز الجمع بين الصوم والإطعام بخلاف كفارة أليمين والفرق أن الصوم هنا أصل كالإطعام بدليل جوازه مع القدرة على الإطعام وفي كفارة اليمين بدل عن المال بدليل أنه لا يصار إليه مع القدرة على المال والجمع بين الأصل والبدل لا يجوز، وعن هذا قلنا فلو فصل بعد الهدى وما يبلغ آخر أو أقل خير أيضًا.

(وإن جرحه) أي: جرح المحرم الصيد (أو قطع عضوه أو نتف شعره فحمن ما نقص) اعتبارًا للجزاء بالأصل هذا إذا أبرأ وبقي أثره أما إذا مات منه ضمن كله، ولم يكن يقيده به استغناء بالمقاتل ولا شيء لو لم يبق له أثو، وكذا لو قلع سنه فنبتت أو عينه فابيضت ثم زال البياض، وقال الثاني: يلزم صدقة الألم كذا في (المبسوط) لكن في (المبسوط) المذكور في (البدائع) عدم سقوط الضمان عنه وهو المناسب للإطلاق، ولو غاب عنه ولم يدر أمات أو لا لزمه ممل القيمة استحسانًا فإن وجده بعد ذلك ميتًا وعلم موته ابسبب آخر ضمن الجرح فقط، وعم كلامه ما لو قطع يده وآخر رجله إلا أن الثاني إنما يضمن ما نقص قيمته مجروحًا كما في (الخزانة) والمسألة مقيدة بأن لا يخرجه القطع عن حيز الامتناع فإذا أخرجه ضمن كما في (السراج (وهذا القيد يعلم من قوله بعد ونتف ريشه وأن يقصد القطع فإن له يقصده كما إذا خلص حمامة من سنور أو سبع أو شبكة أو خيط من رجله فقطعت فلا شيء عليه، وكذا في كل قتل قصد به الإصلاح كذا في (الدراية) وأن يقتله بعد قبل أن يكفر فإن قتل كان عليه كفارة واحدة وما نقصه الجرح يتساقط كذا في (الفتح) فإن كقر ثم قتله كان عليه أخرى، ولو جرحه ثم كفر أي: على موته فمات أجزأت لأنه أدي بعد السبب.

ص: 137

وتجب القيمة بنتف ريشة، وقطع قوائمه، وحلبه، وكسر بيضه، وخروج فرخ ميت به، ولا شيء بقتل غراب، ......

ــ

(وتجب القيمة بنتف ريشه) جمع ريشة (وقطع قوائمه) لأنه فوت الأمن عليه بتفويت آلة الامتناع كالإتلاف، (وحلبة) أي: تجب قيمة اللبن أيضًا بحلبة لأنه من أجزائه (وكسر بيضه) روي ذلك عن علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهم ولأنه أص الصيد وله عرضية أن يصير صيدًا فنزل منزلته احتياطيًا، وهذا الإطلاق مقيد بغير الفاسد فلا شيء عليه لأن ضمانه ليس لذاته لما علمت وما في (مناسك الكرماني) من أن هذا في غير بيض النعامة أما هو فيجب الجزاء بكسره ولو مذرًا لأن لقشرة قيمة رد بأن المحرم ليس ممنوعًا من التعرض للقشر بل للصيد وهذا المعنى مفقود في المذرة مالاً أ] ضًا، ولو أدى قيمة بيض كسره أو جراد شواه حل له ولغيره أكله لأنه لا يفتقر إلى الزكاة بدليل إباحة أكله قبل شيه فلم يصر ميتة كذا في (المحيط) والله الموفق.

(وخروج فرخ ميت به) أي: بكسرة استسحانًا والقياس أنه لا يلزمه غير البيض وجه الاستحسان أنه معد ليخرج منه الفرخ الحي، والكسر قول أو أنه سبب لموته فيحال عليه احتياطيًا وهذا مقيد أن هذا الحكم فيما إذا جهل أن موته قبله فلا شيء عليه، ولو عرفت حياته قبله كان عليه القيمة بالأولى ولا يجب في البيض شيء قيد بالميت لأنه لو خرج حيًا وطار لم يكن عليه شيء، ولو ضرب بطن ظبية فألقت جنينيًا وماتت الأم أيضًا كان عليه ضمانها أم الأم فظاهر وأما الجنين فلأن ضرب البطن سبب ظاهر لموته وقد ظهر عقبيه ميتًا فيحال عليه.

(ولا شيء) على المحرم ولا على الحلال في الحرم (يقتل غراب) يأكل الجيف أما العقعق فلا يسمى غرابًا لا يبتدئ بالأذى كذا في (الهداية) و (شروحها) وعليه جرى الشارح وغيره فقوله في (البحر) أطلق في الغراب فشمل أنواعه الثلاثة كما في (غاية البيان) ففيه نظر لأنه دائمًا يقع على دبر الدابة كما في (غاية البيان) فمردود قال في (البدائع): قال أبو يوسف: الغراب المذكور في الحديث الذي يأكل الجيف أو يخلط لأن هذا النوع هو الذي يبتدئ بالأذى انتهى. قيل: لأنه يقع على دبر الدابة وقول الاتقاني فيه نظر لأن العقعق يقع على دبر الدابة أيضًا أشار في (المعراج) إلى دفعه بأنه لا يفعل ذلك غالبًا وبه اندفع دعوى الديمومة فيه ولما كان المطرد هو ابتداؤه بالأذى اقتصر الإمام على الثاني في التعليل عليه، وقد أمر- صلى الله عليه وسلم بقتل خمس من

ص: 138

وحدأة، وذئب، وحية، وعقرب، وفارة، وكلب محاور، وبعوض، ونمل وبرغوث، وفراد، وسلحفاة، وبقتل قملة .....

ــ

الفواشق في الحل والحرم الغريب (والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقود) متفق عليه (و) في لفظ لمسلم بدل الغراب (الحية) وقيد الغيران بالأبقع ومن هنا حمل الترمذي الغراب على غير الأبشع وهو الذي يأكل الزرع دفعًا للتعارض ومن ثم رأيته في (الظهيرين) قال: وفي العقيق روايتان والظاهر أنه من القيود والحدأة بكسر الحاء أما ب (الفتح) ففاس ينقر بها الحجارة لها رأسان، (وذئب) بالهمز والجمع ذهب وذئاب، قيل: اشتقاقه من ذهبت الريح إذا جاءت من كل وجه لما أخرجه الدارقطني عن ابق عمر قال: أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم (بقتل الذئب والفأرة والحدأة والغراب) ورواه ابق أبي شيبة مقتصرًا على الذئب، لأنه يبتدئ بالأذى غالبًا، والغالب كالمتحقق وأن له الطحاوي منها.

وعلى هذا فلا حاجة لما قيل المراد من الذئاب الكلب في الحديث أو أنه ألحق بالكلب دلالة بجامع الابتداء بالأذى وحية وعقرب وفأرة بالهمز أهلية أو وحشية وكلب عبور أي: وحشي لأنه صيد إلا أن أذاه أسقط جزاءه أما غيره فليس بصيد أصلاً وعن الإمام أنه لا فرق بينه وبين غيره (وبعوض ونمل) بسائر أنواعه إلا أن ما لا يؤذي لا يحل قتله، ومن ثم قالوا: لا يحل قتل المهلب الأهلي إذا لم يكن مؤذيًا والأمر بقتل/ الكلاب منسوخ كذا في (الفتح)، لكن رأيت في (الملتقط) ما لفظه: وإذا أكثرت الكلاب في قرية وأضر بأهل القرية أمر أربابها بقتلها وإن أبوا رفع الأمر إلى القاضي حتى يأمر بذلك انتهى.

فيحمل ما في (الفتح (على ما إذا لم يكن ثمة ضرر (وقراد وسلحفاة) بضم السمين وفتح اللام ووزع وذباب وزنبور وحلمه وصرصر وابق عرس وقنفذ وخنفس وصياح ليل لأمنها ليست بقيود بل من هوام الأرض على وحشراتها (وبقتل قملة) من بدنه أو رأسه أو ثوبه مباشرة أو تسببًا إذا كان قاصدًا له كما إذا ألقى ثوبه في الشمس أو غسله كذلك وقولهم إن ألقاه على الأرض كالقتل ينبغي أن يكون من حيث إنه سبب له فيشترط فيه القصد، فلو أمن الحلال برفع القمل أو دفع ثوبه إليه وقتله كان على الآمر الجزاء وكذا لو أشار إلى قملة فقتلها الحلال كان عليه جزاؤها، لأن الدلالة موجبة

ص: 139

وجرادة تصدق بما شاء، ولا يجاوز عن شاة بقتل السبع،

ــ

في الصيد فكذا ما في حكمه، قيدنا بكونها من بدنه وما عطف عليه لأنه لو وجدها على الأرض فقتلها لم يكن عليه شيء قال الخجندي: وكذا لو قتلها وهي على غيره فقول بعض المدخرين: أطلق القملة ليشمل قملة نفسه وغيره إذا الحكم فيها واحد ومن زاد على بدنه فقد أفسد سهو، إلا أنه ينبغي أن يقيد عدم الجزاء بكونها على غيره بما إذا لم يكن منه بوضعه،

ولو قال: وبقتل قليل القملة وجرادة يتصدق بما شاءت لكان أولى، إذ الثلاث من القمل كالواحدة وفي الزائد بالغا ما بلغ نصف صاع لابنه كثير وفي (الفتاوى) الكثير عشر فما زاد وجرادة قال في (البحر): لم أر من فرق بين القليل والكثير وينبغي أن يكون كالقمل وأقول: في (المحيط) مملوك أصاب جرادة وهو محرم إن صام يومًا فقد زاد وإن شاء جمعها حتى تصير عدة جراد ثم يصوم يوما انتهى. وينبغي أن يكون حكم القمل في حقه كذلك تصدق بما شاء، أما في القملة فلأن في قتله إزالة الشعث لما أنه لا دم من البدن كالشعر، وأما في الجراد فلقول عمر رضي الله عنه كما في (الموطأ):(تمرة خير من جرادة) ولأنه من صيد البر وأما ما رواه أبو داود والترمذي من أنه عليه الصلاة والسلام (أمر أصحابه بأكله وقال: إنه من صيد البحر) فقال النووي: اتفق الحفاظ على ضعفه لكن نقل في (المعراج) عن ابن عباس وكعب بن شجرة وأبي سعيد أنه من صيد البحر وقال جمهور العلماء والفقهاء: إنه من صيد البر ولذا يموت في الماء وفي قوله تصدق إيماء إلى اشتراط القليل وما في (الجامع) من قوله أطعم ما شاء يدل على جواز الإباحة وقدمنا عن الإسبيجابي التصريح بذلك ولم يذكر للصدقة مقدار لعدم ذكره في ظاهر الرواية وروى الحسن أن في الواحدة كقوة وفي الاثنين أو الثلاث قبضة من طعام وفي الأكثر نصف صاع كذا في (البدائع) وغيرها وفي (ألدراية) معزيا إلى (الجامع الصغير) أطعم شيئا يسيرا ككسرة خبز هذا في قملة واحدة وفي الاثنتين أو الثلاث كفر من حنطة، هكذا روي عن ابن عباسي، وفي الزائد على الثلاثة نصف صاع من حنطة (ولا يجاوز عن قيمة شاة بقتل السبع) وهو كل مختطف منتخب جارح قاتل عاد عادة سواء كان سباع البهائم كالأسد والفهد والنمو والفيل والخنزير أو الطير كالبازي والصقر.

وقول العتابي: الفيل المتوحش صيد ليس على ما ينبغي إذ المستأنس يجب

ص: 140

وإن صال لا شيء بقتله، بخلاف المضطر، وللمحرم ذبح شاة، وبقرة،

ــ

كونه صيدًا أيضًا لعروض الاستئناس ثم عدم التجاوز عن قيمة الشاة مذهبنا وقال زفر: تجب قيمته بالغة ما بلغت اعتبارا بمأكول اللحم ولنا قوله خلاصه: (الضبع صيد فإذا أصابه المحرم ففيه كبش مسن) رواه الحاكم ولأن اعتبار قيمته لمكان الانتفاع بجلده لا لابنه محارب مؤذ ومن هذا الوجه لا تزداد قيمته على قيمة الشاة ظاهرة وأيد في (الفتح)، ما ذهب إليه زفر بأن حديث الضبع يجب حمله على أنه كان قدر المالية في وقت التنصيص ولا تلزم المعارضة بينه وبين قوله تعالى:{فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] وقولهم: ولأن اعتبار قيمته إلى آخره معارض لعموم هذا النص لأنه واجب عليه قيمة المقتول مطلقًا فتعتبر قيمة مجرد جلده في بعض المقتول خروج عن مقتضاه مع أن أخذه لم ينحصر في أخذ جلده بل قد يكون لغرض أن يصطاد به ومن هذا الوجه تجب قيمته انتهى.

ومن ثم عدل قاضي خان في شرح (الجامع الصغير)، عن هذا حيث قال: ولأن قتله إنما كان حراما موجبة للجزاء باعتبار إراقة الهدم لا باعتبار فساد اللحم لأنه غيار مأكول وبإراقة الدم لا يجب إلا دم واحد أما ما حول اللحم ففيه فساد اللحم أيضا فتجب قيمته بالغة ما بلغت، (وإن صالح أي: ولب حتما في (الصحاح)(لا شيء) عليه أي: لا جزاء (بقتله) إذ الكلام فيه فلا يرد وجوب قيمته لو كان مملوكة، لأنه حينئذ التحق بالفوارق وقيده في (المنتقى) بما إذا لما يمكن دفعه إلا بالقتل حتى لو أمكنه الدفع بغيره فقتله لزم الجزاء، قيد بما إذا صال لابنه لو لم يصل لؤمه الجزاء وما في (البدائع) من أن هذا فيما لا يبتدئ / بالأذى كالضبع والثعلب وغيرهما، (ما ماء) يبتدئ به غالبًا كالأسد والذئب ق النمر والفهد فللمحرم قتله ولا شيء عليه، قال بعض المتأخرين: إنه بمذهب الشافعي أنسب.

واعلم أن هذا الحكم لا يخص السبع لأن غيره إذا لا شيء بقتله أيضًا ذكره شيخ الإسلام فكان عدم التخصيص أولى، إذ المفهوم معتبر في الولايات اتفاقا ومنه أقوال الصحابة كما في (الحواشي السعدية) وينبغي تقييده بما يدرك بالرأي لا ما لا يدرك به، وبخلاف المفوض إلى الأكل إذا ذبح صيدا وأكله حيث يجب عليه جزاؤه، والفرق أن الإذن عند الأذى مطلق وعند الاضطرار مقيد بالكفارة بالخص أعني قوله تعالى:{فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه} [البقرة: 196] الآية فإنه وإن ورد في الحالف المعذور إلا أن الاضطرار ألحق به دلالة (وللمحرم ذبح شاة وبقرة

ص: 141

وبعير، ودجاج، وبط أهلي، وعليه الجزاء بذبح حمام مسؤول، وظبي مستأنس، ولو ذبح المحرم صيدا حرم، وغرم بأكله،

ــ

وبعير ودجاج وبط أهلية لأنها لامست بقيود وعليه الإجماع وأراد بالأهلي ما يكون في المساكن والحياض لأنه ألوف بأصل الخلقة وقيد به لأن الطائر منه صيد وينبغي أن تكون الجواميس كذلك لما أنها بالسودان لا يعرف منها مستأنس كذا في (الشرح) ولو نزا ظبي على شاة فالولد كأمه، هو عليه الجزاء بذبح حمام مسرول) بفتح الواو في رجليه ريش كأنه سراويل بوظبي مستأنس) لأنهما متوحشان بأصل الخلقة فالاستئناس فيهما عارض بالمسؤول وإن كان كل الحمام كذلك تنصيصًا على محل الخلاف بيننا وبين مالك حيث قال بجواز أكله وليعلم غيره بالأولى، (ولو ذبح محرم صيدًا) أو حلال صيد الحرم (حرم) أكله على كل أحد، لأن الزكاة فعل مشروع وهذا إحرام فلا يكون ذكاء كذبيحة المجوسي، وعدل عن قول القدومي فهو ميتة لا يحل أكله لما أنه ليس ميتة حقيقة بل حكمًا بدليل أنه لو اضطر إلى أكل الميتة وصيد فإنه يذبح الصيد هياكله في قول الإمام والثاني.

وقال محمدي زفر: يأكل الميتة كذا في (المبسوط (إلا أنه في (الثانية (جعل الميتة أولى في قول الإمام ومحمد وقال أبو يوسف والحسن: يذبح الصيد ولو كان مذبوحا كان أولى بأن في الصيد ارتكاب محظورين الذبح والميتة، لأنه ميتة حكما يعني: فكان أغلظ حرمة، هذا إذا لم تكن الميتة ميتة آدمي فإن كانت ذبح الصيد استحسانا، لأمن لحم الإنسان حرام حقا لله تعالى وللعبد، والصيد حرام حفل لله تعالى فقط، كذا في (الواقعات) والكلام فيما هو الأولى حتى لو تناول من لحم الإنسان جاز، واستثنى الشافعية ما إذا كان نبيل ولو وجد صيدا حيًا ومال إنسان فالصيد أولى، وذكر الكرخي أن مال المسلم أولى وعن محمد الصيد أولى من لحم الخنزير. (وغرم) الذابح زيادة على الجزاء الذابح قيمة ما أكله عند الإمام سواء ضمان المذبوح قبل الأكل أولا غير أنه إن أداء قبله ضمن ما أتلفه على حدته بالغا ما بلغ، وإن أكل قبله دخل ما أكل في ضمان الصيد فلا يجب له مميز ولا فرق بين أكله وإطعام كلابه، وقالا: لا يغرم (بأكله) شيئا لأن تناول الميتة لا يوجب غير الاستغفار وله أد حرمته باعتبار كونه ميتة وباعتبار كونه محظورًا له هو الذي أخرج الصيد عن المحلية والذابح عن الأسلية فصارت حرمة التناول لهذه الوسائط مضافة إلى إحرامه، فظاهر كلام بعضهم أن الخلاف مقيد بما إذا أكل بعدما الجزاء لا قبله، والتحقيق ما أسمعتك، وقول بعض المتأخرين: الخلاف إنما هو في إيجاب القيمة زيادة على الجزاء الواجب بالقتل لا في إيجابها مطلقا زائدة كانت على الجزاء

ص: 142

لا محرم آخر، وحل له لحم ما صاده حلال وذبحه،، إن لم يدل عليه ولم يأمره بصيده، وبذبح الحلال صيد الحرم ..

ــ

وداخلة فيه مدفوع، بان كونها داخلة فرع كونها زائدة وفي (المحيط) محرم وهب ومحرم صيدا فأكله لزمه قيمتان للذبح والأكل وثالثة للواهب لفساد الهبة وعلى الواهب قيمة، وقال محمد: لا شيء عليه بالأكل (لا) يغرم (محرم آخر) بأكله ولا حلال قتل صيد الحرم فأكل منه، وتقييده في (الفاتح) بكونه أن القيمة اتفاقي لأنهما لم يتناولا محظورة باعتبار الإحرام ولا الحرم إذ الأصل ليعمل من محظورات الحرم، بل تفويت الأمن الذي استحقه لحلوله في الإحرام فقير وقد ضمنه وكانت الحرمة لأكل الميتة فقط وقدمنا أنه لا ضمان عليه بأكل برفح الصيد الذي كسره وأدى جزاء هـ، ونقل في (خزانة الأكمل) لواهة بيعه فإن باعه حيط وإن شاء جعل ثمنه في الغد، وكذا شجر الحرم واللبن.

ووحل لها أي: للمحرم (ما) أي: (اصطاده حلال وذبحها سواء اصطاده لمحرم أو دلا، لأن أبا قيادة اصطاد حمار وحقق لأصحابه وهم محرمون فأباحه لهم عليه الصلاة والسلام (كره الطحاوي وإن لم يدل) المحرم (عليه ولم يأمره) بصيدها لحديث أبي قيادة المتقدم، قيد بذلك لأبنه لو وجد أحدهما حرم على المحرم في رواية الطحاوي، وهو المختار، قال الجرجاني: لا محرم وغلطه القد وري فاعتمد رواية الطحاوي، وفق الإتقاني أن الروايتين في حركة الصيد على الحلال وعدم حرمته وعليه جرى بعض المطورين لم إذ حكى عن الحلواني عن أسسا أي: علي النجفي أنه قال: كنت في سفر الحج فدخلت على القاضي أبي عاصم العامود وهو يدرس في هذه المسالة ويقول: إن الصيد يحوم على الهلال فقلت: إن الرواية محفوظة أنه لا يحرم وأحضرت رواية (الزيادات) فشكرني طلى ذلك ثم قال؟ ولهذا تبين أن الاعتماد على ما قاله الجرجاني وأن القديري لم كيمب في تخطئته له، وأنت خبير بان الكلام فيما يحل للمحرم وما يحرم عليه فلا وجه لإدخال الحلال في هذا ولا خفاء أن مبنى التخطئة على أن القولين في المحرم وهو الحق (وبذبح حلال صيد الحرم) تجب قيمته لأنه استحق الأمن بالحرم لموله:(ولا ينفي صيدها) استفيد منه بطريق الدلالة حرمته فتجب القيمة وعليه انعقد الإجماع، وعبر هنا بالذبح وفي المحرم

ص: 143

قيمة

ــ

بالقتل إيماء إلى أن الذبح قبل، ولهذا لم يفترق الحال بين أن يكون سكين أو عصا أو نحو ذلك، ولا فرق فيه أيضا بين المباشرة والسبب، وقد أفاد الثاني بقوله: ومن أخرج ظبية الحرم إلى آخره وما في (البحر) من أنه أراد الإتلاف حقيقة أو حكمة كما سيصرح به بعد ومن أخرج ظبية الحرم إلى آخره يعني فيدخل التسبب في الثاني ففيه نظر، إذ بتقديره يستغنى عما سيأتي بعد.

وقيد بالحلم لأن المحرم وإيه لزمته (قيمته) لكنه يخير فيها لأن حرمة الإحرام أقوى، واقتصر على الذبح إيماء إلى أنه أته لا شيء فيها إلا الإثم بخلاف المحرم، والفرق أن الضمان على المحرم جزاء الفعل والدلالة فعل وعلى الحلال جزاء المحل، وبمها لم يتصل به شيء، ويصفي كون بعض قوائمه فيه حتى لو كانت قوائمه ورأسه في غير الحرم فلا شيء عليه، ولو كانت قوائمه أو بعضها في الحرم كان عليه الجزاء، هذا إذا كان قائما أما لو كان مضطجعًا فالعبرة لرأسه لسقوط اعتبار قوائمه في هذه الحالة، كذا في (البدائع (وغيرها، ولو كان على غصن شجرة في الحرم وأصلها في الحل كان منعه، ومقتضى هذا أنه لو رماه من الحل إلى الحرم غير أن سمو السهم كان في الحرم إذ لا يلزم العزاء به صرح في (المبسوط) لكنه ذكر في موضع آخر أن عليه الجزاء وفي (البدائع) لا يجب عليه قياسا ويجب استحسانا انتهى.

ويكره أكله في كل حد ل قال في (البحران: ولم أر حكم جزء صيده كبيضه ولبنه، ولا شك أنه معتبر بالكل ثم رأيت في (المحيط) بان جراحته مضمونة: وثمة فروع لم أرها وإن تمكين استخراجها من كلامهم، لو نفر صيدًا فهلك في حد ل هربه وينبغي أن يكون ضامنا، ومنها لو صاح عليه فمات من صياحه وينبغي أن يقاس على ما لو على صغير فمات، ومنها ما لو حفر بئرا فمات فيها صيد وأقول: المذكور في (البدائع) لو حفر وفيرة في الحرم إن كانت للصيد كان عليه الجزاء كمالي نصب فيه شبكة، وإيه كانت للماء لا شيء عليه كما لو نصب خيمة فتعلق فيها صيد على وزن ما مر انتهى.

ومنها ما لو جرح الحلال الصعيد في الحل ثم دخل الحرم فجرحه أيضًا ومات منهما، وينبغي أن يلزمه قيمته مجروحًا كما مر، ومنها لو أمسك صيدا في إلا وله فرخ في الحرم فمات وينبغي أن يكون ضامنا لتسببه في وأقول: هذه المسالة تعرف مما مر فيما لو قفل الباب على صيد فمات عطشا، ومنها لو وقف على غصن في الحل وأصله في الحرم ورمى إلى الصعيد أو كان الغصن في الحرم والشجرة والصيد في الحل وينبغي أن يكون كالطائر فلا ضمان في الأولى بخلاف الثانية.

ص: 144

يتصدق بها لا صوم، ومن دخل الحرم بصيد أرسله، فإن سامحه رد البيع إن بقي

ــ

وأقول: في (السويج) لو كان الرامي في الحرم والصيد في الحل أو على العكس فهو من صيد الحرم، ولو رمى إلى صيد في الحل فنفر فأصابه في الحرم فعليه الجزاء ولو أصابه في الحل ومات في الحرم يحل أكله قياسًا، ويكره استحسانًا انتهى. والفرع الأول يعلم منه ما لو كان الرامي عي غصن في الحرم والمراد به حرم مكة فإنها حرم منذ خلق الله السموات والأعرض على الأفصح، لا بسؤال إبراهيم أما المدينة فلا حرم لها محنتنا، ومنها لو رمى خلال وهو في الحرم صيدًا في الحل هل يحل له أن يغدو إليه أنتهي.

وأقول: لا ينبغي أن يتوقف في الجواز إذ لا منع ثمة، (يصدق بهاء على الفقراء الأن الجزية (صوم) لأنها غرامة لا كقارة فأشبهت ضمان الأصول وهذا لأدن الضمان فيه باعتبار المحل وهو الصيد، بخطف المحرم فإنه باعتبار الفعل فكان لصفارة الصوم يصلح جزاء الأفعال لا ضمان المحال، وفيه إيماء إلى جواز الهدي، وهو ظاهر الرواية وروي الحسن عدم الإجزاء وأثر الخلاف يظهر فيما إذا صانت قيمة الهدي أقل من قيمة الصيد وفيما إذا سردته المذبوح فعالى ما روى الحسن يجب أن يتصددتى بتمام القيمة وبعده ل المذبوح وهو على الظاهر لا.

(ومن دخل الحرم بصيد) في يده أعني الجارحة (أرسله) أي: وجب عليه إرساله لأنه بدخيرل الحرم صار من صيده لا فردتي في ذلك بين أدن يكون جارحة أو حتى لو كان بازيل قتل بعد الإرسال فلا شيء عليه، وشمل إطلاقه لم ما لو غصبه وهو احلال فاحرم فإنه يلزمه إرساله وعليه قيمته، فلو رب برئ ولزم الجزاء كذا في (الدراية) معزيا إلى (المنتقى) وسيأتي أنه لو كان في بيته أو في قفصه لا يجب إرساله.

(فإن باعه) سواء كان البيع في الحرم أو الحل حرم البيع إن بقيت أي: بقي الصيد أي: فسخ لوسا: ولو تبايعا في الحرم صيدا في الحل جاز عند الإمام خلافا لمحمد، قياسا على منع رسمه من الحرم إلى صيد في الحلل، وفوق الإمام بان البيع ليس بتعريض له حسب بل حكمة، بخلاف ما لو رماه من الحرم للاتصال الحسي، وما في (المحيط)، من أنه لو أخرج ظبية من الحرم فباعها أو ذبحها أو أكلها جاز البيع والأكل لكنه يكره فضعيف موافق لرواية ابق سماعة قال في (البدائع): روى ابق سماعة عن محمد في رجل أخرج صيدا من الحرم أن ذبحه والانتفاع بلحمه ليس يحرم سواء أد ى جزا ءه أو لم يؤد غير أني أكره هذا الصنع، فإن باعه واستكان بقيمته في جزائه جاز.

ص: 145

وإن فات فعليه الجزاء، ومن أحرم وفي بيته أو قفصه صيد لا يرسله، ولو أخذ حلال صيدًا فاحرم فمن مرسله، ولو أخذ محرم، لا يضمن، فإن قتله محرم أخر ضمنًا

ــ

(وإن فتات) أي: الصيد (فعليه الجزاء) لأن رد البيع لوجوب إرساله فإن تعذر نزل منزلة إتلافه كذا في (البدائع) قيل: وهذا أولى ص قول صاحب (الهداية) لأنه تعرض للصيد بتفويت الأمن الذي استحقه لما روي من أن البيع ليس بتعريض له حسًا بل حكمًا.

(ومن أحرم وفي بيته أو قفصه صيدًا لا يرسله) أي: لا يجب إرساله لأن الصحابة كانوا يحرمون وفي بيوتهم صيود دواجن ولم ينقل عنهم الإرسال فكان إجماعًا فعليًا والدواجن جمع داجن وهو الذي يألف المكان أي: صيود وحشيات ومستأنسة ومن خص الصيود بالطيور والدواجن بغيرها كالغزالة فقد أبعد، وقوله: أو قفصه شامل لما إذا كان القفص في يده بناء على أن كونه فيه ليس في يده ولهذا جاز للمحدث أخذ المصحف بغلافه، وقيل: يجب إرساله لكن على وجه لا يضيع كأن يودعه بناء على أنه ولو كان في القفص فهو في يدله ألا ترى أنه صيبوا غاصبًا له بغصب القفص وهو فيه، وعبارة فخر الإسلام تؤذن بتوجيج الأول حيث قال: ويستوي إذا كان القفص في يده أو في رحله وقال بعض مشايخنا: إن في يده يلزمه إرساله وأفاد في (الفوائد الظهيرية (أن يد خادمه كوحله وبه اندفع منع بعض المتأخرين مق إيداعه على القول بإرسائه فإن يد المودع جده فهلا كانت يد خاد ، كيده ....... من يده عند الإمام إذا كان لا يقدر على إمساكه إلا بحيلة كذا في (الدراية).

وقالا: (لا يضمن) لأنه آمر بمعروف ناه محن ينكر، وله أنه ملك الصيد بالأخذ ملكة محترمة فلا يبطل احترامه بإحجامه لابنه أثره إنما هو حرمة البعوض لا زال الملك وذلك حاصل بإرسماله في بيته قيدنا بكون الإرسال من يده إنه لو الإرسال من قفصه ضمنه اتفاقات اتفاقا لأنه لا يملكه بالأخذ لحرمته عليه بالنص فصار كالخمر والخنزير كما في (السراج)، وهو ظاهر في أن بيعه له باطل لكن المصرح به في (المحيط (فساده بخلاف الأولى لملكه إياه، وكذا لو وجده بعد الإرسمال في يد آخر أخذه وفي #ذه ?، واعلم أن عدم ملك المحرم الصيد إنما هو إذا كان بسبب اختياري كالشراء أو الهبة والوصية، أما إذا كان يجري كالفرت فيملكه كذا في (البحر) معزيا إلى (المحيط) لكن في (السراج): إنه لا يملكه بالميراث وهو الظاهر لما سيأتي.

(فإن قتله محرم آخر) بالغ مسلم في يد المحرم (فحمنا) أما الأول فبالأخذ وأما الثاني فبالقتل، قيدنا بذلك لأنه لو كان صبيا أو نصرانيًا فلا ضمان عليه يعني: لا

ص: 146

ورجع آخذه محلى قاتله. فإن قطع حشيش الحرم، أو للمجرم غيره ملوك، ولا مما ينبته الناس، ضمن قيمته إلا فيما جف

ــ

يجب عليه الجزاء، لكن للآخذ أن يرجع عليه بالقيمة لابنه يلزمه حقوق العباد، كما لو كان القاتل حلالا والصيد ليس صيد اليوم، وفي قوله: محرم إيماء إلى أن القاتل لو كان بهيمة ضمن الآخذ فقط، (ويرجع آخذه محلى قاتلهم إن كفر يعني بغير الصوم كما في (المنتقى) قيل: الرجوع يستلزم تعميق ما ليس بمملوك وأجيب بان الضمان لا يستلزم المثلث لجواز أن يكون في مقابلة يد محترمة وفي موجودة ها لتمكين الأخذ بيده من الإرسال وإسقاط الجلاء عن نفسه وقد فوتها القاتل عليه فيضممنه، كغاصب المدبر إذا أتلفه إنسان في يده فأدى الغاصب وليمته فإنه يرجع على القاتل بقيمته، كما لو مداه، وإن حسان المدبر لا يقبل الانتقال ما من مثلث إلى آخر، والفرق بين هذا وبين ما لو غصب مسلم خمر الذمي فاستهلاكه مسلم آخر في يده حيث يضمن الآخذ ولا يرجع على مع ممتلكه لأن اتحاد اعتقاد سقوط تقويمها يمنع من رجوع المسلم على المستهلك.

(فإن قطع حشيش الحرم) سواء كان القاطع محرمة أو حلالا وقيد به لأنه لو نصب الفسطاط أو الوقوف عليه منه أو من الدواب فلا شيء عليه، كذا في (السراج) (أو) قطع (شجرًا غير مملوك) قيد فيهما وكذا قوله: أولا مما ينبته الناسخ كالشيح ونحوه (ضمن قيمته)، لخبر (الصحيحين) لم:(لا يختلي خلاها ولا يعضد شوكها) والخلق مقصور الوطن من الحشيش الواحدة، كذا في (الصحاح) وفي (المغرب) إنه بالقصور الحشيش واختلاه قطعه والعضد قطع الشجرة من باب ضرب، ولهذا عارف أن الرطب سمي حشيشا فقولي بعحهم أنه خاص باليابس منه ولا يقال له: رطبا حشيش إلا من باب (أعصر خمرًا) ليوسف: 36 بقرينة وإلا فيما جفت ممنوع، والشجر اسم للقائم الذي بحيث ينمو فإذا جف فهو حطب، قيل: التقييد بكونه غير مملوك حشو، لوجوب القيمة مع المهللة أيضا فقد قالوا: لو نبت في ملكه أم غيلان وقطعها إنسان لسان عليه قيمته لمالكها وأخرى لحق الشرع بناء على قولهما، وفي رواية الحسن وبه يفتى من تصور بملك أرض الحكم لا على ما هو ظاهر الرواية عن الإمام من أن أرضها مموائب، والحق أن هذا القيد إنما هو لإخراج ما لو أنبته إنسان فلا شيء عليه لقطعه بملكه إياه، ولا يرد ما مر لأمن المتون إنما هي على قول الإمام، وإيه رجح خلافه، وقد علمت أن تملكه أن أرضه على قول الإمام غير

ص: 147

وحرم رعي حشيش الحرم وقطعه، إلا الإذخر. وكل لشيء على المفرد به دم فعلى القارئ دمان،

ــ

متحقق وحينئذ فوجوب القيمتين مخير متصور، وهذا مما خفي على كثير من الناظرين في هذا المقام، وقد سألني بعض الأحبة من أكابر الدولة عن حل هذا الإشكال فكتبت له رسالة عزيزة المثال ضمنتها هذا الجواب وأوضحت فيها طريق الصواب، وبهذا التقرير استغني عن قوله في (البحر) المراد بغير المملوك الذي لم ينبته أحد سواء كان مملوكًا أو وقيد بقوله ولا مما ينبته الناس فلأنه لو قطع ما نبت بنفسه من جنس ما ينبته الناس فلا شيء عليه لأن كونه من هذا الجنس يقطع النسبة إلى الحرم كإنباتهم وكذلك قطع الشجر المثمر لأن إثماره أقيم مقام الإنبات إلا ما جف أو إنكار لأنه ليس بنام فكان من جملة الحطب، ولذا جاز الكمية منه لعدم نموها ثم القيمة ملكه مخير أنه يكره له بيعه والانتفاع به بعد، أما المشتري فمباح له ذلك، لأن الكراهة في حق القاطع خوف التطور وهذا المعنى مفقود في حق المشتري، كذا في (المحيط) أما الصيد الذي أدى جزاؤه فلا يجوز بيعه بحال، والسوق لا يخفى.

(وحرم رعي حشيش الحرم) بالدواب أيضا (قطعه) بالمناجل لما روينا من قوله- صلى الله عليه وسلم: (لا يختلي خلاها) قال فيه (الفتح): منع القطع مطلقا أعم من كونه بالمناجل والمشاعر ومشفر كل شيء حرفه، ومن ذلك شفرة السبق حرفه وشفير الخندق والنهر والبئر حرفه ومشفر البعير شرفته انتهى، وفيه إشارة إلى أنه لو اقتصر على قوله وحرم قطعه لكفاه لكنه أراد الرد على الثاني إذ أباح الرعي للضرورة مع اندفاعها بحمله على الحل وإلا الفذ خرج نبت زفر الرائحة معروف بمكة لقول العباس يا رسول الله إلا الأذخر فإنه لرعي دوابنا وقبورنا فقال عليه الصلاة والسلام:(الإذخر) ومثله يسمى بالاستثناء التلقيني ولهم عطف تلقيني أيضا ومنه قالوا: (والمقصرين الحديثة) والظاهر أنه عليه الصلاة والسلام علم بعد سؤال العباس بالوحي حل الله له تخفيفًا فاستثناه.

(وكل شيء مر محلى المفرد به دم) من لجنايته على إحرام، ولو قال: دم كفارة لكان أولى، لأن الصدقة تثني على القارئ أيضا (فعلى القارن) ويلحق به المتمتع الذي ساق الهدي (دمان) لجنايته على الإحرامين وأورد أن إحرام الحج أقوى لكونه فرضا دون

ص: 148

إلا أن يجاوز الميقات غير محرم. وهو قتل المحرمان صيدًا، تعدد الجزاء، ولو حلالان، لا.

ــ

العمرة فينبغي الأضعف كالمعدوم كقتل المحور صيد الحرم وأجيب بمنع كونه أقوى بل مساو لإحرام العمرة بدليل أن إحرام العمرة يحرم به جميع ما يحرم بإحرام الحج، لكن يرد عليه ما مر من أنه لو جامع بعدما طاف لها أربعة أشواط تجب شاة ولو كان ذلك بعد الوقوف فبدنة فقالوا: في الفرق إظهار للتفاوت بينهما ولو تساويا لم يتفاوت وقدمنا خلافا في أنهما إحرام العملة بالوقوف وعدمه وعليه يتفرع تعدد الدم واضحا ? هـ.

(إلا أن يجاوز المعيقات يخص محرم) استثناء منقطع لأمن ذلك ليس مما ذكره يعني يلزم دم واحد ولو أحرم بعد ذلك قارنًا لأن الواجب عليه أن يحرم من الميقات بأحدهما وتأخر واجب واحد لا يجب إلا جزاء واحد وقال زفر: يتعدد وما في (غاية البيان) من أن الاقتصار علي استثناء هده المسألة فيه نظر لأن القارئ لو أفاض قبل الإمام أو طاف للزيارة جنبًا وقد رجع إلى أهله يلي من دم واحد وكذا لو قتل صيدا بعد الوقوف أو حلق قبل الذبح فلو قطع حشيش الحرم كان عليه قيمة واحدة مدفوع بما أشرنا إليه من الكلام فيما كان جناية على الإحرام وليس في الإضافة وعدم الطهارة في الطواف إلا ترك واجب فقط ألا أنه لو كان غير محرم ثم طاف بلا طهارة يلي، وقتل الصيد بعد الوقوف قد مر ما فيه وكيف يرد الحلق قبل الذبح والكلام فيما على المفرد به دم ولا ذبح محلى المفرد وأما وجوب القيمة بقطع شجر الحرم فمن باب الغواصة إدخال الصوم فيها.

(ولو قتل محرمان) فأكثر (صيدا تعدد الجزاء) فيجب علي كل واحد جزاء كامل (ولو) قتل (حلالان) لاند صيد الحرم الآن أفي: لا يتعدد الجزاء، والفرق أن الضمان في حق المحور بدل الجناية وهي متعددة وفي الحلال بدل المحل وهو متحد كما مصر، إلا أن فيه معنى الجزاء لوجوبه حقا لله تعالى، وللأخذ أن يرجع على القاتل اتفاقا كذا في (البدائع) ودل كلامه أنه لو كان أحدهما حرمًا كان على الحلال نصف القيمة وعلى المحرم جميعها إن كان مفردا وإن كان قال آنا فقيمتان، ولو كان مع الحلال مفرد وقارن كان عليه ثلثا القيمة فقط وعلى هذا قالوا؟ لو اشترك محرمون وغيرهم في قتل صيد الحرم وجوب جزاء واحد يقدر على عددهما، ويجب على كل محرم ما حصته من ذلك جزاء كامل ولو كان فيهم من لا تجب عليه كصبي وكافر كان على الحلال ما يخصه من القسمة لو قسمت على الكل. واعلم أن قتل الحلاقين إن كان بضربة فلا شك في لزوم النصف على كل أما إذا ضرب كل ضربة فعلى كل نصف قيمته مضروبة بضربتين كذا في (الفتح)، وقيد في (المحيط) بما إذا وقعتا معا بعدما فرض المسألة

ص: 149

ويبطل بيع المحرم صيدًا وشراؤه، ومن أخرج ظبية الحرم فولدت فماتا ضمنهما، فإن أدى جزاءها فولدت لا يضمن الولد.

ــ

من محرم وحلال أما إذا لم يقعا معه بأن جرحه الحلال أولا ثم ثنى المحرق ضمن الحلال ما انتقص بجرحه صحيحة ونصف قيمته وبه الجرح الأول، وفيه حلا J قطع يد صيد ثم فقأ محرم عينه ثم جرحه فإن كان على الحلال قيمته وعلى الثاني قيمته وبه الجرح الأول وعلى القارئ قيمتان وبه الجراحتان.

(وبطل بيع المحرمة وسائر تصرفاته من الهبة ونحوها (صيدًا) ولو من حلال (و) كذا (شراؤه) صيدا ولو كان البائع حلالا والصيد حي، لأنه بعد الذبح ميتة وكذا قبله إذا كان هو المشتري لما أنه محرم العيش في حقه بقوله تعالى:{وحرم عليكم صيد البر ما دمتم} [المائدة: 96]، لما عرف من إضافة التحريم سلمى الأعيان بعدم المشروعية فلم يبق محلا لسائر التصرفات أما إذا كان بائعا فلو أخذه لا ل إحرامه فكذلك، وإن قبله لكنه باعه بعد الإحرام فالبيع فاسد حتى لو هلك في يد المشتري ضمن قيمته للبائع مع الجلاء ش في الباطل لا ضمان، قيد بالبيع لأن توكيله به جائز عند الإمام خلافا لهما، ولو وقع البيع قبل إحرامهما فلم يقبضه المشتري حتى إحرام أحدث ما بطل في قيام قول الإمام والثاني، كذا في (الروح (ولو قبضه حتى وجد به المشتري عيبا بعد إحرام أحدث ما تعيق الوجود بالنقصان.

(ومن) أي: وكل محرم أو حد ل (أخرج ظبية اليوم فولدت وماتا ضمنهما) لأن الصيد بعد الإخراج بقي ممشوق الأمن شرعًا، وهذه صفة شرعية كالون والحرية فخسرت إلى الولد عند حدوثه فيصير خطاب رد الولد مستمرة فكان الإمساك تعريضه، فإذا اتصل به الموت ثبت الضمان بخلاف ولد المغصوب لأن سبب الضمان الغصب ولم يوجد في حق الود حتى لو منع الولد فيه حتى مات فحمله أيضًا (وإن أدى جزاءها فولدت لا يضمن الولد) لأنه حينئذ لم يسر إليه استحقاق الأمن لانتفاء هذه الصفة قبل وبعد لو ذبح الأم والأولاد يحل لكن مع الكراهة كما في (الغاية) وكل زيادة في الصيد كالسوق والشعر فضمانهما على التفصيل،

قال في (الفتح) والذي يقتضيه النظر أن أداء الجزاء كان حال القدرة على إعادة أمها لا يمنع الصفارة ولا يحل بعد التعرض لها وإن كان لها النحر عنه بان هربت في الحل خرج به عن العهد فلا يضمن ما يحدث بعده من أولادها وله اصطيادها لكن مع الكراهة كشبهة كون دوام العجز أداء الكفارة إذا كان للرد فقد صرح هو بان الأخذ ليس سببًا للضمان بل القتل بالنص فالتكفير قبله واقع قبل السبب فلا يقع إلا نفلح، فإذا ماتت بعد ذلك لؤمه الجزاء قال: وهذا ما إذا أتى الله به ونازعه في (البحر)

ص: 150