المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ولو حاضت عند الإحرام أتت بغير الطواف، وهو عند الصدر - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: ولو حاضت عند الإحرام أتت بغير الطواف، وهو عند الصدر

ولو حاضت عند الإحرام أتت بغير الطواف، وهو عند الصدر تركته كمن أقام بمكة.

‌باب الجنايات

ــ

أحدهما لم يجز محن الآخر كذا في (الدراية) وفيه تصريح باحتياج دم المتعة إلى النية، قال في (البحث): وفد يقال: إنه ليس فوق طواف الوطن ولا مثله وقد مر أنه لو نوى به التطوع أجزأه فينبغي أن ايكون الدم كذلك بل أولى وقد خالف المصنف أصله إذ وضع المسألة فيه في المرأة تبعًا (الجامع) إيماء إلى أنها مثال، وقد قال لهم: إنما وضعها فيها لأنها إما واقعة امرأة سالت عنها الإمام فنقلت كذلك أو لأن الجهل عليهن أغلب، (ولو حاضت) المرأة (محمد الإحرام) اغتسلت وأحرمت فإذا جاء أوان الأفعال (أتت بغير الطواف) من الموقفين ورمي الجمار وغيرها لقوله- صلى الله عليه وسلم لعائشة حين حاضت وسوف ككتف جبل بطريق المدينة:(افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) متفق عليه.

(ولو) حاضت (عند الصدر تركته) لابنه عليه الصلاة والسلام رخص للحيض تركه، حتى لو طهرت قبل أن تخرج لؤمها بشرط أن يكون للعشرة أو لأقل وتعطى شيئًا من أحكام الطهارة (كمن) أي: كترك منا أقام بمكة لأنه التحق بأهلها سواء أقام بعد ما حل النفط الأول وهو اليوم الثالث من أيام النحو أو لا، وهو قول أبي يوسف إلا أن ينوي الإقامة من بعد ما افتتح الطواف، والمروي محن الإمام محمد عدم سقوطه بعد ما حل قال في (الهداية): لأنه وجب عليه بدخول وقته فلا يسقط بنية الإقامة بعد وفيه نمو إذ السبب أو الصدر ولم يوجد والوقت شوط ولهذا لا يجب عليها لو حاضت بعد الحلول والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

[27]

باب الجنايات

لما فرغ من ذكر أقسام المحرمين وأحكامهم شرع في باب عوارضهم باعتبار الإحرام والحرم من الجنايات والفوات والإحصار وقدم الجنايات لأن أداء القاصر أفضل من العدم وهي ما تجنيه من شر، أي: تحدثه تسمية بالصدر ومن جنى عليه جناية وهو عام إلا أنه خص بما يحرم من الفعل، وأصله من جني الثمر وهو أخذه من الشجر

ص: 114

تجب شاة إن طيب محرم عضوًا، وإلا تصدق، أو

ــ

كذا في (المغرب) والمراد هنا خاص منه وهو ما يكون حومته بسبب الإحرام أو الحوم وجمعها باعتبار أنواعها.

(تجب شاة إن طيب محرم عضوًا) مق أعضائه كالفخذ والساق والوجه والرأس لتكامل الجناية بتكامل الارتفاق، والطيب جسم له رائحة طيبة كالزعفران والبنفسج والياسمين ونحو ذلك أطلقه فشمل العامد والناسي، ومحلم مق مفهوم شرطه أنه لو شيم طيبًا أو ثمارًا طيبة لا كفارة عليه وإن كوه، وقيد بالمحرم لأن الحلال لو طيب عضوا ثم أحرم فانتقل منه إلى آخر فلا شيء عليه اتفاقًا، وقيدنا بكونه من أعضائه لأنه لو طيب عضو غيره أو ألبسه المخيط فلا شيء عليه إجماعًا كما في (الظهيرية)، ومن هنا قال في (البحر): لو قال: عضوه لكان أولى، والبدن كله في حكم عضو واحد إن طيب كله في مجلس واحد لزمه كفارة واحدة ولو في مجالس لزمه لكل طيب كفارة كفر للأول أو لا عندهما، وأوجب محمد عليه واحدة إن لم يكفر للأول وعم قوله عفوًا ما لو طيب مواضع مق بدنه كل واحد منها أقل مق عضو لكن لو جمعت بلغته حيث تجب الكفارة والاقتصار على الشاة محله ما لو أزاله لوقته بعد الكفر فلو أبقاه لزمه أخرى في أظهر القولين، لأنه محظور فكان لدوامه حكم الابتداء ويوافقه ما في (المنتقى) مس طيبًا كثيرًا فأراق له دمًا ثم تركه على حاله وجب عليه لتركه دم آخر.

(وإلا) أي: وإن كان أقل من عضو (تصدق) كالفطرة وعندهما لقصور الجناية وقال محمد: يجب من الدم بقدره اعتبارًا للجزء بالكل وبه جزم الإسبيجابي. أعلم أن عبارات محمد قد اختلفت في الحد الفاصل بين الكثير والقليل ففي بعضها جعل الكثير هو العضو فقال: لو خضب رأسه أو لحيته بالحناء لزمه دم وفي بعضها جعل الكثير في نفس الطيب فقال: إذا اكتحل المحرم بكحل فيه الطيب يكفيه الصدقة ما لم يفعل مرارا فإذا فعل ذلك مرارًا فعليه دمه وقال في مواضع أخر: لو مس الطيب (أو) استلم الحجر فأصاب يده فإن كان كثيرًا فعليه دم كذا في (الذخيرة) فبعض المشايخ أخذ بالأول وعليه جرى المصنف وغيره والإمام الهنداوي أخذ بالثاني ووفق بعضهم باعتبار العضو عند قلة الطيب، والطيب محمد كثرته

هو التوفيق.

قال في (المحيط) وغيره: وهو الصحيح هذا في البدن، أما الثوب والفراش إذا أكثر فيه طيب اعتبر فيه الكثرة والقلة على كل وكان الفارق هو العنف وإلا فما يقع عند المبتلى. وفي (المجرد): لو كان في ثوبه شبر في أبو فمكث عليه يوما يطعم نصف صاع، وإن كان أقل مما فصدقة وهذا يفيد تقدير الطيب في الثوب بالزمان وأن

ص: 115

خضب رأسه بحناء،

ــ

الشبر في الشبر داخل في/ القلة كذا في (الفتح) إذ (خضب) عطف على طيب برأسه بحناء) بالمد والتنوين مصروفا لأن وزنه فعال لا فعلاء ليمنع صرفه ألفا التأنيث بل الهمزة فيه أصلية، ولذا ذكره الجوهري في باب الهمزة دون النون لقوله عليه الصلاة والسلام:(الحناء طيب) رواه البيهقي، وأفرد كلاً في الحناء والرأس بالذكر مع دخولها تحت الطيب والعضو لخفاء كون الحناء طيبة، وتنصيصًا على أن الرأس عضو مستقل تبعا لما في (الجامع الصغير)، وما في (الأصل) من قوله: وخضب وألمه ولحيته فالواو فيه بمعنى أو لأن اقتصاره في (الجامع) دل على أن كل واحد منهما مضمون كذا في (الهداية). قال الشارح: أي: بالدم وادعى في (البحر) أنه سهو بل اللحية مضمونة بالصدقة كما في (المعراج) عن (المبسوط).

وأقول: بل هو الساهي وذلك أن صاحب (المعراج (إنما نقل هذا عن (المبسوط) فيما لو اختضت بالقسمة بكسر السين وسكونها والأول أفصح شجرة ورقها خضاب فقال ما لفظه: ذكر في (المبسوط) خضب وألمه بالقسمة فعليه دم للخضاب بل لتغطية الرأسي هذا هو الصحيح، فإن خضب لحيته به فليس عليه دم ولكن إن خاف من قتل الدواب أعطى شيئا لأن فيه معنى الجناية من هذا الوجه لكونه غير متكامل فيلزمه الدم والصدقة منهما أي: من خضاب الرأس فإنه مضمون بالدم وخضاب اللحية فإنه مضمون بالصدقة كما ذكر في (المبسوط) انتهى.

وكيف يكون ما في (الجامع (دليلا على أن كل منهما مضمون على ما توهم ولا اشتراك بينهما إذ وجوب الدم يغاير وجوب الصدقة، ويلزمه إيجاب الصدقة أيضا فيما لو دهنها بالخطمي، وقد برش مما فيه بوجوب الدم عنده وعبارته في (الظهيرية): لو دقق لألمه أو لحيته بالخطمي وقد دم عند الإمام هذا كله إذا كان الحناء مائعا فإن كان متلبدة فعليه دم آخر لتغطية الرأس ولم يقيده به إحالة محلى ما سيأتي من أنه لو غطى وألمه يوم لزم دم وإلا فصدقة إذ لا شك أن التغطية بالتلبد لا يختص بالحناء بل قد تكون بالصمغ ونحوه وفيه يجب الدم فقط، قيد بالرأس لأنها لو خضبت يدها أو كفها كان عليها دم إن كان كثيرا فاحشا وإلا فصدقة ذكره الإسبيجابي وغيره بخلاف خضاب الرأس فإنه موجب للدم مطلقا كذا في (البحر).

وأقول: فيه نظر والتحقيق أن الرأس مثال لا قيد، والمراد بها العضو حتى لو خضب بها عضوا من أعضائه وجب الدم وهذا لأن من اعتبر في حد الكثرة العضو لا

ص: 116

أو أدهن، بزيت، أو لبس مخيطًا، أو غطى رأسه يومًا،

ــ

معنى للتفريق على قوله بين الرأس وغيره ولهذا سوى في (الفتح)، بين الرأس واليد فقال: وكذا لو خضبت يدها بها ولم يقيده بقلة ولا كثرة وما في الإسبيجابي مبني على اعتبار الكثرة في نفس الطيب ولا تنس ذلك التوفيق.

(أو ادهن بزيت) خصه من بين الأدهان التي لا رائحة لها ليفيد بمفهوم اللقب نفي الجزاء فيما عداه من الأدهان كالشحم والسمق، ولا بد على هذا من كونه عمم الزيت في الحل بفتح الحاء وتشديد اللام يعني دهن السمسم فقد ذكر في (المبسوط) أنه كالزيت الذي هو دهن الزيتون وهذا محند الإمام، وقالا ة عليه صدقة لأنه من الأطعمة إلا أن فيه ارتفاقًا فكانت الجناية قاصرة ولو أنه من أصل الطيب فإن الروائح تلقى فيه فتصير غالبة فصار كبيض الصيد في الأصالة يلزم بكسره الجزاء فكذا باستعماله وكونه مطعومًا لا ينافيه كالزعفران كذا قالوا، ولقائل أن يقول: كونه يصير طيبًا بإلقاء اللوائح فيه لا يقتضي إلحاقه به بخلاف البيض فإنه بعرضية أن يصير صيدًا، والخلاف مقيد بالزيت البحت بالمهملة أي: الخالص، أما المطيب منه فيجب به الدم اتفاقا قيد الادهان، لأنه لو أكل أو داوى به شقوق رجليه أو قطر أذنه لم يجب شيء بخلاف المسك وما أشبهه صن لعنبر والغالية حيث يلزمه الجزاء بالاستعمال على وجه التداوي، لكنه يتخير إذا كان لعذر بين الدم والصوم والإطعام على ما سيأتي هذا إذا أكله كما هو فإن جعله في طعام قد طبخ فلا شيء عليه، وإن خلطه بما يوصل بلا طبخ فإن كان مغلوبًا فكذلك غير أنه إذا وجدت معه الرائحة كره وإن غالبًا وجب الجزاء ولو بما يشرب غالبًا فدم وإلا فصدقة إلا أن يشرب مرارًا فيجب دم فإن كان تداويًا خير به كما مر، قال الحلبي: لم أرهم تعرضوا بماذا تعتبر الغلبة ولم يفصلوا بين القليل والكثير كما في أكل الطيب بعده وإنه بإثباته لجديد، والظاهر أنه إن وجد من الخالص رائحة الطيب كما قبل الخلط فهو غالب وإلا فمغلوب وإذا كان غالبًا فإن أكل منه أو شرب شيئًا كثيرًا وجب عليه دم والكثير ما يعده العارف العدل كثيرًا والقليل ما عداه، فلو أكل ما يتخذ من الحلوى المتخذة بالعود ونحوه فلا دم عليه غير أنه إن وجدت الرائحة منه كره بخلاف الحلوى المضاف إلى أجزائها الماورد والمسك فإن في أكل الكثير دمًا والقليل صدقة انتهى.

قال في (البحر)،: وينبغي التسوية بين المأكول والمشروب المخلوط منهما بطيب مغلوب إما بعدم وجوب شيء أصلاً أو وجوب الصدقة فيها (أو لبس مخيطًا أو غطى رأسه يومًا) قيد فيهما لأن الانتفاع الكامل لا يحصل إلا بالدوام إذ المقصد د منه دفع الحر والبرد واليوم يشتمل عليهما فقيدناه به أطلق في لبس المخيط

ص: 117

وإلا تصدق، أو حلق ربع رأسه، أو لحيته،

ــ

فشمل ما لو وجد اللبس بعد الإحرام أو أحرم وهو لابسه فدام عليه يومأ وليلة، وما لو كان مختارا أو مكرهًا أو نائمًا، نعم عدم الاختيار إنما أسقط الإثم فقط بخلاف ما لو ارتدى بالقميص أو الذردية أو وضع القبا على كتفيه والتقييد باليوم إنما هو لنفي الأقل لا الزيادة حتى لو دام على ذلك أيامًا أو كان ينزعه ليلاً ويعاود لبسه نهارًا أو عكسه فكذلك إلا أن يعزم على الترك عند الخلع، فإن عزم ثم لبس يعود الجزاء إن كفر للأول اتفاقًا، وإلا فكذلك عندهما خلافا لمحمد، وأجمعوا أنه لو لبس القميص والعمامة والخفين يومأ كان عليه دم واحد لأنه لبس واحد وقع على جهة واحدة هذا إذا لم يتعدد سبب اللبس فإن تعدد كما إذا اضطر إلى عمامة فلبسها مع قميص كان عليه كفارتان يتخير في أحدهما، وهي ما للضرورة دون الأخر ولو اضطر إلى قميص فلبس قميصين أو إلى قلنسوة فلبسها مع عمامة لزمه واحدة يخير فيها لاتحاد المسبب، ولو لبس لضرورة فزالت فدام بعدها يوما أو يومين فما دام في شك مق زوالها فليس عليه إلا كفارة واحدة، وإن تيقن زوالها كان عليه أخرى لا يتخير فيها قال الحلبي: ومقتضى هذا أنه لو لبس مخيطًا لبرد ثم صار يلبس وينزع حتى زال ذلك البرد ثم أصابه برد غير الأول عرف ذلك بوجه مق الوجوه فلبس كذلك إنه يلزمه كفارتان انتهى. والحكم في المذهب مسطور كذلك ففي (فتح القدير) من صور تعدد المسبب واتحاده كما إذا كان به مثلاً حمى يحتاج إلى اللبس لها ويستغني عنه في وقت زوالها كان عليه كفارة واحدة وإن تعدد اللبس ما لم تؤل عنه فإن زالت وأصابه مرض آخر أو حمى عيرها عرف ذلك فعليه كفارتان. واعلم أن عطف غطى على لبس يقتضي أنه غيره، فال في (البحر): والتحقيق أنه مق جملة لبس المخيط لما مر مق مسألة جمع اللباس.

وأقول: التحقيق أن بين لبس المخيط والتغطية عمومًا وخصوصًا مطلقًا فيجتمعان في التغطية بنحو العرقية المخيطة وتتفرد التغطية بوضع نحو الشاش مما ليس مخيطًا على رأسه وهذا كاف في صحة التغاير وأراد بها ما يغطى به محادة فخرج نحو الطشت والإجانة والعدل وسكت عن مقدار التغطية الموجبة للدم، والمذكور في (الأصل) تقديرها بربع العضو لا فرق في ذلك بيق الرأس والوجه وغيرهما وفيما دونه صدقة وروى ابن سماحة عن محمد اعتبار الأكثر، (وإلا) أي: وإن لم يلبس ولم يغط يومًا كاملاً والليلة كاليوم (تصدق) لقصور الجناية وجعل في (الخزانة) في الساعة نصف صاع وفيما دونها قبضة من بو وهو ظاهر في أنه أراد بها الساعة الفلكية (أو حلق) عطف على ما يجب فيه الدم من (ربع رأسه أو) ربع (لحيته)، لأن حلق هذا

ص: 118

وإلا تصدق كالحالق، أو رقبته، أو إبطيه، أو أحدهما، أو محجمه،

ــ

المقدار منها فيه ارتفاق كامل لأنه معتاد لما أن بعض الأتراك يحلقون رؤوسهم وبعض العلوية نواصيهم وأخذ الربع من اللحية معتاد بأراضي العراق إلا أن هذا احتمال أن فعلهم للواحة أو للزينة فتجب الكفارة احتياطًا، والتقدير بالربع وهو قول علمائنا الثلاثة وهو الصحيح خلافا لما حكاه الطحاوي عنهما من التقدير بالأكثر، ولو حلق رأسه وأراق دمًا ثم لحيته وهو في قيام واحد فعليه لم آخر بخلاف ما إذا لم يكفرا لأول وما في (مناسك الفارسي) لو سقط من شعرات رأسه ولحيته عند الوضوء يلزمه كف من طعام إلا إن زيد على ثلاث شعرات فإن بلغ عشوا لزمه دم، وكذا إذا أخبر فاحترقا ذلك.

قال في (الفتح): إنه غير صحيح لما علمت من التقدير بالربع نعم في الثلاث كفى مق الطعام عق محمد وهو خلاف ما في (الخانية) قال: لو نتف من رأسه أو أنفه أو لحيته شعرات فلكل شعرة كف من طعام، وفي (الخانية): في الخصلة نصف صاع، ومن هنا قال في (البحر) إن قوله؟ (وإلا) أي: فإن لم يكن المحلوق قدر الربع (تصدق) استثناها بناء على أن المراد بالصدقة المطلقة نصف صاع من بر كما في (الهداية) وغيرها، جرى الشارح وغيره إلا ما يجب بقتل القملة والجرادة أطلقه فشمل ما إدا كان في رأسه ما يبلغ ربعًا فحلق ما دونه أو لا، حتى لو كان أصلع والذي على ناصيته أقل من الربع فحلقه تصدق، وعلى هذا تفوع من بلغت لحيته الغاية في الخفة كالحالق أي: تصدق (كتصدق الحالق) رأس غيره، لا فرق بيق كونه محرمًا أو حلالاً وكذا المحلوق رأسه إلا إذا كانا حالق، إلا أن في كلامه اشتباه أيضًا وذلك أن المحلوق رأسه لو كان حلالاً وكان الحالق محرمًا تصدق بما شاء وفي غيره نصف صاع، (أو رقبته) بالنصف عطف على ربع وأسه أي: فحلق رقبته كلها (أو) حلق (إبطيه أو أحدهما أو محجمه) بفتح الميم موضع المحجمة لأن كل واحد مما ذكر عضو كامل وبحلقه يكمل الارتفاق وعبارته في (الجامع الصغير) أخصر وأفود منها هنا حيث قال: وقال أبو يوسف ومحمد: إذا حلق عضوا فعليه دم وإن كان أقل من ذلك فطعام وإذا لأن الجزاء يلزم بحلق الصدر والساق والعانة أيضًا وخصصهما بالذكر لأن الرواية محفوظة عنهما لا غير، واعتبر في هذه الأعضاء الكل وفي الرأس واللحية الربع لأن العادة لم تجر فيها بالاقتصار على البعض ارتقاقًا وهذا في المحجمة قول الإمام، وقالا:(عليه صدقة لأنه- صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم) متفق عليه وحمله

ص: 119

وفي أخذ شاربه حكومة عدل، وفي شارب حلال، أو قلم أظفاره طعام،

ــ

الإمام على أنه احتجم في موضع لا شعو فيه أطلق في محجمه وهو مقيد هنا بما إذا كان الحلق لهذا الموضع وسيلة إلى الحجامة أما إذا لم يكن حلقه ولم يحتجم لزمه صدقة كذا في (البحر) معزيًا إلى (فتح القدير) ولم أجده في نسختي منه.

واعلم أن المتفوق مق الحلق يجمع كالطيب، وذكر الحلق في الإبطين تبع فيه (الجامع الصغير) إيماء إلى جوازه وإن كان النتف بان ينظر إلى المأخوذ ما نسبته من اللحية معتبرًا معها الشارب كما يفيده ما في (المبسوط) من الشارب طرف من اللحية هو معها عضو واحد لا أنه ينسب مق وبع اللحية وحدها فإن كان المأخوذ مثل ثمنها معه وجب ثمن الشاة أو أقل أو أكثر فبحسابه وهذا رواية (الجامع الصغير) وجعله الجرجاني قول محمد، والأصح أنه يجب نصف صاع لأن عند الإمام ما لا يجب فيه الدم تجب فيه الصدقة، قيل: في ذكر محمد الأخذ في الشارب وهو القص دلالة على أنه السنة فيه دون الحلق، وفيه نظر أن الحلق أخذ أيضًا فإن ادعى أن استعماله في القص أكثر منعناه، ولئن سلم فليس المقصود من ذكره أولاً ما ذكر بل بيان ما فيه إزالة الشعو على المحرم ألا توى أنه ذكر الحلق في الإبطين والسنة فيهما النتف هذا واختلف في المسنون منهما، والمذهب عند بعض المتأخرين من مشايخنا أنه القص، قال في (البدائع): وهو الصحيح وقال الطحاوي: القص حسن والحلق أحسن، وهو قول علمائنا الثلاثة.

(وفي) أخذ المحرم (شارب الحلال أو قلم أظافره طعام)، لأنه لا يعرى عن نوع ارتفاق لما أنه يتأذى بتفث غيره وإيه كان أقل من التأذي بتفث نفسه فيلزمه الطعام، وفسره الشارح بالصدقة، وقال العيني: كالفطرة وهو معالم في قلم الأظافر على ما في (المبسوط) حيث قال: الجواب في قص الأظافر هنا كالجواب في الحلم وفي (المحيط): قال عليه صدقة.

قال في (شروح الطحاوي) نصر عن الإمام: لكن في (الأصل) و (الكافي) لو حلق المحور رأس حلال تصدق بشيء وإيه حلق المحور رأس محرم آخر بأمره أو بغير أمره فعلى المحلوق دم وعلى الحالق صدقة ثم قال: والجواب في قص الأظافر كالجواب في الحلق وهذه العبارة تقتضي في الحلال أنه يطعم أي شيء شاء وبذلك صرح قاضي خان في (شرح الجامع) حيث قال: محرم أخذ من شارب حلال أو قص

ص: 120

أو قص أظفار يديه ورجليه بمجلس، أو يدًا أو رجلاً، وإلا تصدق، كخمسة متفرقة ولا شيء بأخذ ظفر منكسر،

ــ

أظافره أو حلق رأسه أطعم ما شاء وفي (التاتارخانية) لو حلق رأس أو أخذ من شارب لم حلال وفي (الجامع الصغير) أو قلم أظافير غيره أطعم ما شاء عندنا خلافًا للشافعي، وعلى هذا الخلاف إذا حلق رأس محرم أو أخذ من شارب محرم انتهى.

وبهذا علم أن أخذ المحرم شارب غيره يوجب الطعام سواء كان المأخوذ شاربه حلالاً أو لا فالحلال ليس فيدًا غير أن المذكور في غير كتاب أنه في أخذ شارب الحلال يتصدق بما شاء لا بقيد كونه كالفطرة والأولى أن يقال: عبر بالطعام دون الصدقة إيماء إلى أنه يطعم ما شاء كما مر عن (الأصل) و (الكافي) وهو الموافق لما في (الهداية)، (أو قص) عطف على ما يجب فيه الدم بقوينة قوله: وإلا تصدق (أظفار يديه ووجليه في مجلس) واحد لتكامل الجناية مع اتحاد النوع قيد بالمجلس الواحد لأنه لو قصها في مجالس تعدد الدم سواء كفر للأول أو لا عندهما خلافًا لمحمد، لأن الغالب في هذه الكفارة معنى العبادة بدليل إيجابها على المكره والنائم والمخطئ والناسي والمضطر والجاهل بالحرمة ولا خلاف في تعددها مع اتحاد المحل كما إذا حلق رأسه أربع مرات كل مرة ربعًا.

(أو) قص (يدًا) أي: أظافير يد (أو رجلاً) إقامة للربع مقام الكل، (وإلا) أي: وإن لم تكن يدًا كاملة أو رجلاً (تصدق) لقصور الجناية (كخمسة؟ أي: كما يتصدق بقص خمسة من الأصابع (متفرقة) عندهما إلا أن يبلغ ذلك دما فيدفع عنه ما شاء وأوجب محمد عليه الدم اعتبارا بما إذا حلق ربع رأسه من مواضع متفرقة والفرق لهما أن الجناية هنا قاصرة لأنه يشينه بخلاف الحلق فإنه على هذا الوجه معتاد وإنما قال؟ كخمسة متفرقة مع دخولها في قوله: وإلا تصدق إيماء إلى أنه ليس المراد بالصدقة نصف صاع فقط بل كما يتصدق في قص خمسة متفرقة وقد استقر أنها عن كل ظفر نصف صاع وبه اندفع ما في (البحر) أن في كلامه اشتباهًا وخص الخمسة وإن كان الحكم في الزائد عليها كذلك تنصيصًا على محل الخلاف.

(ولا شيء) عليه (بأخذ ظفر منكسر) سواء انكسر بعد الإحرام أو كان قبله منكسرًا قال في (البحر): وهذا أولى مما في (الهداية) و (الخانية) من التقييد بظفر المحرم يعني أنه لا فرق بين كون المأخوذ ظفره محرما أو حلالاً وكان الأخذ محرمًا

ص: 121

وإن تطيب، أو لبس، أو حلق بعذر، ذبح شاة، أو تصدق بثلاثة أصوع على ستة، أو صام ثلاثة أيام.

ــ

لكن لا يخفى عليك أن التقييد بالمحرم يفهم أنه لا شيء بأخذ ظفر الحلال بالأولى فالعبارتان على حد سواء، وإذا لأنه إنما لم يكن عليه شيء لأنه لا ينتفع به فكان قطعه كقطع عضو يابس أو منكسر، كذا علل به في (شرح الجامع) الصغير وهذا أولى من قوله في (الهداية) لأنه لا ينمو بعد الانكسار فأشبه اليابس من شجر الحرم إذ عدم النمو غير معتبر لأن إزالة ما تم نموه جناية أيضًا.

(وإن تطيب) المحرم (أو لبس) مخيطًا (أو حلق) رأسه أو لحيته (بعذر) كخوف الهلاك من البرد أو المرض ولبس السلاح للقتال ونحو ذلك (ذبح شاة) في الحرم وأطلقه لما سياتي، قيد بالعذر لأنه لو فعل ذلك بلا عذر أثم ووجب عليه دم أو صدقة وهل يرفعانه بلا توبة، فال في (البحر): لم أره وينبغي أن يكون مبنيًا على الاختلاف في الحدود هي كفارات أو لا والظاهر أنه لا يخرج الحج بذلك عن كونه مبرورًا وأفاد كلامه أنه يخرج عن العهدة بمجرد الذبح فلو ذلك أو سرف لا يجب غيره، وإنما لا يأكل منه رعاية لجملة التصدق، ولو ذبح في غيره لكنه تصدق باللحم علي ستة مساكين من كل واحد منهم قدر قيمة نصف صاع من حنطة أجزأه ذلك بدلاً عن الإطعام كذا في (شرح الطحاوي).

(أو تصدق بثلاثة أصوع) كأرجل جمع صاع، قيل: وفيه دلالة على أنه لا بد فيه من التمليك ولذا لو قال: تصدقت بهذا الشيء عليك فقيل: كان هبة فيثبت له الملك بالقبض وهذا قول محمد وقال أبو يوسف: تكفي الإباحة قال الإتقاني: وهذا أصح عندي ولا نسلم إن بناء الصدقة على التمليك ولذا قال عليه الصلاة والسلام: (نفقة الرجل على أهله صدقة) وإنما يكون ذلك بالإباحة واختلف النقل عن الإمام ففي (الظهيرين) أنه مع محمد وفي (شرح الطحاوي): أنه مع الثاني، (على ستة) كل واحد نصف صاع حتى لو تصددا بها على ثلاثة أو سبعة فظاهر كلامهم أنه لا يجوز لأن العدد منصوص عليه وعلى قول من اكتفى بالإباحة ينبغي أنه لو غدى مسكينًا واحدًا أو عشاه ستة أيام أنه يجوز أخذًا من مسألة الكفارات وأو صام ثلاثة أياما متتابعة أو متفرقة لقوله تعالى:{فمن كان منكم مريضًا} [البقرة: 184] الآية وهذه الكفارة فسرها رسول الله- صلى الله عليه وسلم ففي (الصحيحين) عن كعب بن عجرة بضم

ص: 122