المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يجب دم، وندب رفضها. وإن أهل بعمرة يوم النحر لزمته - النهر الفائق شرح كنز الدقائق - جـ ٢

[سراج الدين ابن نجيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصوم

- ‌باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

- ‌ فرع

- ‌فصل في العوارض

- ‌ فروع

- ‌ فصل في النذر

- ‌كتاب الحج

- ‌باب الإحرام

- ‌فصل

- ‌فرع

- ‌باب القران

- ‌باب التمتع

- ‌باب الجنايات

- ‌فصل

- ‌ فصل في جزاء الصيد

- ‌باب مجاوزة الميقات بغير إحرام

- ‌باب إضافة الإحرام إلى الإحرام

- ‌باب الإحصار

- ‌باب الفوات

- ‌باب الحج عن الغير

- ‌باب الهدي

- ‌مسائل منثورة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل في المحرمات

- ‌باب الأولياء والأكفاء

- ‌فصل في الكفاءة

- ‌فرع

- ‌فصل في الوكالة

- ‌باب المهر

- ‌باب نكاح الرقيق

- ‌باب نكاح الكافر

- ‌باب القسم

- ‌كتاب الرضاع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل في إضافة الطلاق إلى الزمان

- ‌فصل في الطلاق قبل الدخول

- ‌باب تفويض الطلاق

- ‌فصل في الأمر باليد

- ‌فصل في المشيئة

- ‌باب التعليق

- ‌باب طلاق المريض

- ‌باب الرجعة

- ‌فصل فيما تحل به المطلقة

- ‌باب الإيلاء

- ‌باب الخلع

- ‌فرع

- ‌باب الظهار

- ‌فصل في الكفارة

- ‌باب اللعان

- ‌فرع

- ‌باب العنين وغيره

- ‌باب العدة

- ‌فرع

- ‌فصل في الإحداد

- ‌باب ثبوت النسب

- ‌باب الحضانة

- ‌باب النفقة

الفصل: يجب دم، وندب رفضها. وإن أهل بعمرة يوم النحر لزمته

يجب دم، وندب رفضها. وإن أهل بعمرة يوم النحر لزمته ولزمه الرفض والدم والقضاء؛ فإن مضى عليها صح، ويجب دم ومن فاته الحج فأحرم بعمرة أو حجة رفضها، والله أعلم.

‌باب الإحصار

لمن أحصر بعدو أو مرض

ــ

أفعال العمرة (يجب) عليه (دم) للجمع بينهما شكراً لأنه قارن لكن مسيء به أكثر من الأول، وقال فخر الإسلام: إنه دم جبر وهو الصحيح وأثر الخلاف يظهر في الأكل منه (وندب رفضها) أي: العمرة لفوات الترتيب من وجه بتقدم الطواف ولا يجب لأن هذا الطواف ليس ركناً فيه وعليه قضاؤها.

(ومن أهل) أي: أحرم (بعمرة يوم النحر) أو أيام التشريق (لزمته) لصحة الشروع فيها لكن مع كراهة التحريم (ولزمه الرفض) تخلصاً من الإثم (و) لزمه (الدم) للتحلل مها قبل الأفعال (والقضاء) تداركاً لما فات أطلقه فشمل ما إذا كان قبل الحلق أو قبل طواف الزيارة أو بعده وقيل: بعد الحلق لا يرفضها ذكره في (الأصل) والأصح أنه يرفضها وتأويل المذكور أنها لا ترتفض بلا رفض (فإذا مضى عليها) أي: العمرة (صح) لأن الكراهة لمعنى في غيرها هو كونه مغولاً بأفعال الحج (ويجب) عليه (دم) للجمع بينهما إحراماً وأفعالاً، وهو دم جبر (ومن فاته الحج) بفوت الوقوف (فأحرم بعمرة أو بحج رفضها)، لأن فائت الحج يتحلل بأفعال العمرة من غير أن ينقلب إحرامه العمرة والجمع بين حجتين أو عمرتين غير مشروع على ما مر فرض ما أحرم به وعليه دم للرفض والقضاء (والله) سبحانه وتعالى (الموفق) للصواب.

باب الإحصار

لما كان التحليل بالإحصار نوع جناية بدليل أن ما يلزمه ليس له أن يأكل منه ذكر عقب الجنايات وأخره لأن مبناه على الاضطرار وتلك على الاختيار وبهذا اعرف أن ما في (العناية) من أنه لما كان من الإحصار ما هو جناية على المحرم يعني الإحصار بالعدو أعقبه بباب الجنايات منظور فيه وهو لغة: المنع قال في (الكشاف): يقال: أحصر فلان إذا منعه أمر من خوف أو مرض أو عجز وحصر إذا حبسه عدو عن المضي أو سجن هذا هو الأكثر وحكاه في (المغرب) ثم قال: هو المشهور وفي الشرع منع عن الوقوف والطواف فإذا قدر على أحدهما فليس به كذا في (الشرح) لكنه لا يشمل الإحصار من العمرة وسيأتي أنه يتحقق فيزداد فيه أو الطواف والسعي (لمن أحصر بعدو) آدمي ولو كافراً وغيره، (أو مرض) يزداد بالذهاب.

ص: 156

أن يبعث شاة تذبح عنه فيتحلل، ولو قارناً بعث دمين ويتوقف بالحرم لا بيوم النحر

ــ

والركوب وكذا لو هلكت نفقته في الطريق بشرط عدم قدرته على المشي، قال في (المبسوط): ولا يبعد أن يلزمه المشي بعد الشروع وإن كان لا يلزمه ابتداء ألا ترى أن حج النفل لا يلزمه ابتداء وبالشروع يلزمه وجعل هذا في (المحيط) قول محمد وقال الثاني: إن قدر عليه في الحال لكن خاف العجز لا يلزمه قال في (السراج): ولو مات محرمها في الطريق كانت بمنزلة المحصر يعني لا تحل إلا بالدم لأنها لو أحرمت ابتداء بلا زوج ولا محرم كانت محصرة ولا تحل إلا بالدم كما في (الفتح)، فكذا هذا، لأنها منعت شرعاً منعاً آكد من المنع بالعدو فإن قلت: بقي ما لو أحرم عبده أو أمته ولو بإذنه فإن قلت: له أن يحللهما كالزوج إذا كان الإحرام بغير إذنه ولو باعهما أو تزوجت المحرمة كان للمشتري والزوج فعل ذلك أيضاً وكلامه لا يشمل هذا قلت: يمكن إدخاله في قوله بعدو بأن يراد القاهر إلا أن الظاهر أن كلامه في محصر يتوقف تحلله على الهدي كما سيأتي وتحلل هؤلاء لا يتوقف عليه فقد قالوا: إن تحلل الزوج والسيد أن يصنع بهما أدنى ما يحظر في الإحرام من قص ظفر أو شعر أو تطيب أو تقبيل وفي كراهته بالجماع قولان حكاهما في (المحيط).

وينبغي أن ترجح/ الكراهة ثم تبعث الحرة هدياً، وأما الأمة والعبد فبعد العتق [156/ ب](أن يبعث شاة) أو قيمتها ليشتري به شاة أو سبع بدنة، ولا يدخل الصوم والإطعام هنا، (تذبح عنه) في الحرم ولا شيء عليه لو سرقت بعده، لكن لو أكل الذابح منها شيئاً ضمن قيمة ما أكل إن كان غنياً ويتصدق به على المحصر، ولو كان معسراً بقي محرماً إلى أن يحج إن زال قبل فوات الحج، ويتحلل بالطواف والسعي إن استمر الإحصار حتى فاته الحج كذا في (الفتح)، (فيتحلل) بعد الذبح فلو ظن ذبحه ففعل ما يفعله الحلال ثم ظهر أنه لم يذبح كان عليه جزاء كذا في (العناية).

وقيد في (الكافي) قولهما بما إذا كان الإحصار في الحل أما إذا كان في الحرم فيحلق يعني على وجه الوجوب كما في (السراج)، (ولو) كان المحصر (قارناً بعث دمين) لأنه محرم بإحرامين ولا يحتاج إلى تعيين ما عن أحدهما فلو بعث واحداً ليتحلل به عن إحرام الحج يتحلل عن واحد منهما لأن في ذلك تغيير المشروع (ويتوقف) دم الإحصار (بالحرم) يعني بالمكان (لا بيوم النحر) يعني لا يتوقف بالزمان وهذا عند الإمام، وقالا: يتوقف بالزمان أيضاً كهدي المتعة والقران، ولا خلاف في أن المحصر بالعمرة لا يتوقت دمه بالزمان، وله أنه دم كفارة حتى لا يجوز الأكل منه فيختص بالمكان دون الزمان كسائر دماء الكفارات بخلاف دم المتعة

ص: 157

وعلى المحصر بالحج إن تحلل حجة وعمرة، وعلى المعتمر عمرة، وعلى القارن حجة وعمرتان. فإن بعث، ثم زال الإحصار، وقدر على الهدي، والحج توجه وإلا لا،

ــ

والقران لأنه دم نسك (وعلى المحصر بالحج إن تحلل) ولم يحج من عامه (حجه) قضاء عما فاته (وعمرة) لأنه في معنى فائت الحج يتحلل بأفعال العمرة، فإن لم يأت بها قضاها على أن هذا مروي عن ابن عباس وابن عمر، قيدنا بكونه لم يحج من عامه لأنه لو حج منه كان عليه حجة فقط وهل يحتاج إلى نية القضاء؟ إن تحولت السنة وكان الحج نفلاً احتيج إليها؟ لا إن كانت حجة الإسلام.

(وعلى المعتمر) إذا أحصر قضاء (عمرة) وهذا نوع تحقيق الإحصار عنها، ومن فروع المسألة ما لو أهلك بنسك مبهم فأحصر قبل التعيين كان عليه أن يبعث بهدي واحد ويقضي عمرة استحساناً، وفي القياس حجة وعمرة لأن إحرامه إن كان للحج لزماه فكان فيه الاحتياط لكنه استحسن المتيقن وهو العمرة فتصير ديناً في ذمته، قيل: فيه نظر لأنه إن كان متمكناً من الخروج عن ذلك بأداء عمرة فكذا بغيره، بخلاف ما لو كان عين نسكاً فنسيه حيث يحل بهدي ويلزمه حجة وعمرة لأن ثمة تيقناً بعدم نية الحج وهنا جاز كون المنوي الحج (وعلى القارن حجة وعمرتان) يقضيها بقران أو إحرام، وهذا إذا تحولت السنة فإن لم تتحول وحج من عامه كان عليه عمرة القران فقط، قال في (البحر): ويرد عليه ما قالوه في هذا الباب من أنه إذا زال الإحصار، إنما لم يجب عليه أن يأتي بالعمرة التي وجبت بالشروع في القران لأنه غير قارن على أدائها على الوجه الذي التزمه وهو أن تكون أفعال الحج مترتبة عليها وبفوات الحج يفوت ذلك فإن هذا يقتضي تعيين القران، والحق هو الأول لأنه بالشروع التزم أصل القربة لا صفتها وهذا هو الموافق لما قدمه جواز القران للمفرد في القضاء.

(فإن بعث) الهدي (ثم زال الإحصار وقدر على) إدراك (الهدي والحج توجه) لأداء الحج لقدرته على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل، (وإلا) أي: وإن لم يقدر عليهما أو قدر على أحدهما دون الآخر (لا) أي: لا يلزمه التوجه أما إذا لم يقدر عليهما أو قدر على الهدي فقط فظاهر لكنه لو توجه للتحلل بأفعال العمرة جاز لأنه هو الأصل في التحلل، وفيه سقوط العمرة عنه في القضاء وله أن يأتي بالعمرة لو قارناً لما مر وأما إذا قدر على الحج دون الهدي فجواز التحلل قول الإمام وهو الاستحسان، والقياس أن لا يجوز وبه قال زفر وجه الاستحسان أنه لو لم يتحلل لضاع ماله مجاناً وحرمة المال كحرمة النفس إلا أن الأفضل أن يتوجه قالوا: وهذه القسمة لا تتأتى على قولهما لما مر من توقيت دم الإحصار بالزمان فيلزم من إدراك الحج إدراك الهدي

ص: 158

ولا إحصار بعدما وقف بعرفة، ومن منع بمكة عن الركنين فهو محصر وإلا لا.

ــ

ضرورة وفي (السراج) أنه يتأتى على قولهما أيضاً بأن أحصر بعرفة وأمرهم بالذبح قبل طلوع الفجر يوم النحر أقول: الإحصار قبيل الفجر بحيث يدرك الحج دون الهدي لأن الذبح بمنى، واعترضه في (البحر) بما سيأتي من أنه لا إحصار بعرفة فلو قال: بمكان قريب من عرفة لاستقام وأقول: هذا الاعتراض منشؤه التحريض وما في (السراج) إنما هو لو أحصر بعرنة بالنون وكيف يصح أن يكون بحيث يدرك الحج.

قال في (المحيط): ولو زال الإحصار وحدث آخر فنوى أنه يكون الهدي للأول عن الثاني جاز، وإن لم ينو حتى نحر لم يجز وكذا لو بعث جزاء صيد أو قلد بدنة تطوع وأوجبها ثم أحصر فنوى أن/ يكون ذلك عن الإحصار جاز، (ولا إحصار)[157/ 1] يتحقق شرعاً (بعد) ما (وقف بعرفة) لوقوع الأمن من الفوات وأورد أن هذا القدر ثابت في العمرة مع تحقق الإحصار بها وأجيب بأن الأمن في الحج بتحقق الفعل بخلافه في العمرة لأنه لو لم يتحلل للزمة الضرر بامتداد الإحرام فوق ما التزمه بخلاف المحصر بالحج لتمكنه من التحلل بالحلق يوم النحر في حق غير النساء ثم إن دام الإحصار لزمه دم لترك كل واجب بعد من الوقوف بالمزدلفة ورمي الجمار وكذا التأخير بالحلق والطواف عند الإمام خلافًا لهما، قال في (البحر): وقدمنا عن (البدائع) وغيرها أن واجب الحج يسقط بالعذر حتى لو ترك الوقوف يعني بالمزدلفة خوف الزحام لا شيء عليه، وكذا لا شيء على الحائض بترك طواف الصدر، ولا شك أن الإحصار عذر قال: وقد ظهر لي أن كلامهم في الإحصار بالعدو أما بالمرض فهو عذر سماوي فيكون مسقطاً، ونظيره ما مر في التيمم، هذا واختلف في تحلله في مكانه قيل: لا يفعل لوقوع الحلق في غير الحرم ولو أخره وقع في غير زمانه لكن تأخره عن الزمان أهون منه عن المكان ويدل عليه قوله في (الأصل): هو حرام حتى يطوف طواف الزيارة، وقيل: يفعل ويدل عليه قوله في (الجامع الصغير): وهو محرم عن النساء حتى يطوف طواف الزيارة قال العتابي: وهو الأظهر وكأنه لإمكان حمل الإطلاق في (الأصل) على هذا التقييد والله الموفق.

(ومن منع بمكة عن الركنين) يعني الوقوف والطواف قال العيني: لم يقل: أحصر لأن الإحصار لا يتحقق بمكة عندنا خلافاً للثلاثة وأقول: هذا يرده قوله: (فهو محصر) وما ادعاه رواية مرجوحة وإن قال في (المحيط): إنه ظاهر الرواية والأصح ما في (الهداية) وغيرها من تحقق الإحصار فيها عند الكل حيث كان عن الركنين (وإلا) أي: وإن لم يمنع عنهما بل قدر على أحدهما (لا) أي: لا يكون محصراً أما إذا قدر على الوقوف فلما مر وأما على الطواف فلأن فائت الحج يتحلل به والدم بدل عنه فيه فلا حاجة إلى الهدي والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

ص: 159