الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب نكاح الرقيق
لم يجز نكاح العبد، والأمة، والمكاتب، والمدبر، وأم الولد إلا بإذن السيد،
ــ
الأمثال ولم تجب القيمة في الخنزير لأنه من ذوات القيم وأخذ قيمته كأخذ عينه ولذا لو أتى لها بقيمة الخنزير لا تجبر على قبوله قال السروجي: ويرد عليه ما لو اشترى ذمي من مثله داراً بخنزير وشفيعها مسلم فإنه يأخذها بقيمة الخنزير فهلا كانت قيمته هنا كعينة وأجاب الشارح بأنها إنما تكون كعينة أن لو كانت بدلاً عنه كما في مسألتنا لا إن كانت بدلاً عن غيره كمسألة الشفعة إذ هي بدل عين الدار المشفوعة وإنما صير إليها للقدير لا غير، قال في (الحواشي السعدية): ولك أن تقول كذلك فيما نحن فيه بدل عنه منافع البضع وإنما صير إليها للتقدير بها، وأقول: لا نسلم إنما هنا بدل عن منافع البضع إذ منافعه إنما قوبلت بالخنزير وبالإسلام تعذر أخذ القيمة لما مر فيصار إلى مهر المثل والله الموفق للصواب.
باب نكاح الرقيق
لما فرغ من بيان نكاح من له أهلية النكاح من المسلمين شرع في بيان من ليس له ذلك وهو الرقيق وقدمه على الكافر لأن الإسلام فيهم غالب، والرقيق العبد كذا في (المغرب) وفي (الصحاح) الرقيق المملوك يطلق على الواحد والجمع قال في (البحر): والمراد هنا المملوك لقولهم إن الكافر إذا أسر فهو رقيق لا مملوك وإذا أخرج يعني إلى دار الإسلام فهو مملوك رقيق ولا عكس. وأقول: هذه التفرقة في عتق (فتح القدير) حيث أول ما يؤخذ الأسير يوصف بالرق لا المملوكية حتى يحرز بدار الإسلام انتهى. ومقتضاها أن الأمة لو تزوجت في هذه الحالة لا يتوقف نكاحها بل يبطل لأنه لا مجيز له آن وقوعه ولم أظفر بها صريحة في كلامهم (لم يجز نكاح العبد والأمة) لو قال: القن لأغناه عن ذكر الأمة قيل الصواب لم ينفذ ولا يخفى أن عدم الجواز في المعاملات التي منها النكاح يستعمل في عدم النفاذ كيف والقرينة عليه قائمة وهي ما مر من قوله ونكاح العبد والأمة بلا إذن السيد موقوف كنكاح الفضولي وما سيأتي في قوله طلقها رجعية إجازة النكاح الموقوف نعم دعوى التكرار مع أحسنية ما مر كما قال العيني لائحة غير أن ما ذكر في بابه لا يعد بما ذكر قبله/ استطراداً وقد مر مثله في غسل الإحرام.
(و) كالعبد (المكاتب) وما في حكمه كمعتق البعض على قول الإمام (والمدبر وأم الولد) وما في حكمها كمولاها من غير المولى (إلا بإذن السيد) لما
فلو نكح عبد بإذنه بيع في مهرها
ــ
حسنه الترمذي (أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر) أي: زان دل بإشارته أن العقد غير جائز إذ لو جاز لم يكن بالوطء زان شرعاً ولو شهدا أنه أعتق أمته وهو يجحد فقضى بالعتق ثم رجع فتزوجها أحدهما قال الثاني إن قبل القضاء بالقيمة عليهما لا يجوز وإلا جاز كذا في (الظهيرية).
قال في (البحر): وكأنه لما ..... الشاهد أنها أمة وبعد القضاء له خرجت عن ملكه انتهى وهو ظاهر في أن نكاح غيرهما صحيح مطلقاً والمراد بالسيد في الأمة من له ولاية التزويج مالكاً كان أو ولياً إذ الأب والجد والقاضي والوصي يملكون تزويج أمة اليتيم دون العبد وكذا المكاتب والمفاوض وما في (الدراية) من أن المضارب يملك ذلك فهو قول الثاني كالمأذون وشريك العنان وعندهما لا يملكونه نص عليه في (المحيط) وغيره ولم أر حكم نكاح رقيق بيت المال والرقيق في الغنيمة المحرزة بدارنا قبل القسمة والوقف إذا كان بإذن الإمام والمتولي وينبغي أن يصح في الأمة دون العبد كالوصي ثم رأيت في (البزازية) لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه وفي (التجنيس) الورثة يملكون إذن المكاتب لأن لهم الولاء وفي (الظهيرية) زوج الوصي أمة اليتيم من عبده لا يجوز ولو زوج الأب جارية ابنه من عبد ابنه جاز عند الثاني خلافاً لزفر انتهى. لكن في (المبسوط) ظاهر الرواية أنه لا يجوز أيضاً وقدمنا عن (الظهيرية) ما يفيد أن الأمة المشتركة لا يجوز نكاحها إلا بإذن الجميع وبه صرح في (المحيط) قيد بالنكاح لأن التسري بإذنه غير جائز وربما فعله بعض التجار فيدفع لعبده جارية ليتسرى بها فيجب التحرز عن مثله لأن النكاح لا يثبت شرعاً إلا بملك اليمين أو عقد النكاح والأول منتف فتعين الثاني وقد مر وفي (البزازية) إذنه أن يتزوج بدينار فتزوج بدينارين لا يصح النكاح ولو طلب منه أن يزوجه من معتقته فأبى فطلب منه الإذن في النكاح فأذنه كان له أن يتزوجها انتهى.
(فلو نكح عبد بإذنه) أي: بإذن السيد صريحاً أو دلالة كما سيأتي (بيع) أي: باعه سيده مرة واحدة (في مهرها) لأنه دين تعلق في رقبته وقد ظهر في حق المولى بإذنه فيؤمر ببيعه فإن امتنع باعه القاضي بحضرته إلا إذا رضي أن يؤدي قدر ثمنه كذا في (المحيط) فإن لم يوف المهر لم يبع ثانياً وطولب بالباقي بعد عتقه إلا إذا باعه منها كما في (الخانية).
وقالوا في دين النفقة: يباع مرة بعد أخرى يعني إذا اجتمع عليه من النفقة ما
وسعى المدبر، والمكاتب ولم يبع فيه،
ــ
يعجز عن أدائه يباع فيه ثم إذا اجتمع مرة أخرى يباع أيضاً لأن تجد وجوبها بمضي الزمان في حكم دين حادث، كذا في (المبسوط)، وهو ظاهر أنه إن لم يوف ثمنه بالمرة الأولى لا يباع لما بقي أطلق المهر فشمل المسمى ومهر المثل والمتعة لو طلقها قبل الدخول وأشار بقوله: بيع إلا أن المستحق غيره فلو كان هو بأن زوج عبده من أمته لم يجب على الأصح.
وقيل: يجب ثم يسقط وبه جزم البزازي حيث قال زوج عبده من أمته يسقط المهر لا النفقة وينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم تكن الأمة مأذونة مديونة فإن كانت بيع أيضاً ويدل عليه ما في (الفتح) مهر الأمة يثبت لها ثم ينتقل إلى المولى حتى لو كان عليها دين قضي من المهر وفي (البدائع) كلما وجب من مهر الأمة قنة أو مدبرة أو أم ولد إلا المكاتبة والمعتقة بعضها فإن المهر لها وفي (المحيط) ارتد قبل الدخول أو قبلت ابن زوجها قيل: لا يسقط لأن الحق للمولى وقيل: يسقط لأنه يجب لها ثم ينتقل إلى المولى إذا فرغ من حاجتها حتى لو كان عليه دين يصرف إلى حاجتها، وفيه ادعى الزوج أن التقبيل كان بشهوة وكذبه المولى بانت منه ولزمه نصف المهر. واعلم أنهم ذكروا في المأذون أن الولي لو باعه وهو مديون فللغرماء رد البيع إن كان الدين حالاً ولو عينه المشتري ضمنوا البائع أو المشتري قيمته أو أجازوا البيع وأخذ الثمن ولو أعتقه خير الغريم بين تضمينه القيمة أو ابتاع العبد لكل الدين ولو وهبه بغير إذنه كان له نقضها ولو بالإذن فروايتان وعلى رواية عدم النقض فللغريم بيعه وأخذ دينه منه لأنه انتقل إليه بدينه ولو دبره فإن شاء ضمنه القيمة أو استسعى العبد في جميع دينه ذكره في (المحيط) وغيره وهذه الأحكام تثبت في المهر أيضاً لأنه عن جملة الديون.
(وسعى المدبر) وأم الولد في المهر (و) كذا (المكاتب) ببقاء الكتابة احترازاً عما إذا عجز كما في (البحر) لأنه حينئذ لم يبق مكاتباً (ولم يبع فيه) واحداً منهما لعدم قبولهما النقل ولما كان الاستسعاء لا يستلزم عدم البيع إذ الزوجة لو اختارت/ استسعاء القن في مهرها ورضي به المولى جواز بيعه احتاج إلى نفي البيع صريحاً واعلم أن المهر كسائر الديون إنما يثبت في الذمة فإن أذن المولى ظهر في حقه فإن امتنع عن أدائه وأمكن استيفاؤه من ذات الزوج لكونه مالاً كالقن بيع وإلا بقي في ذمته وعلى هذا تفرع ما في (القنية) زوج مدبره ثم مات المولى فالمهر في رقبة العبد يؤاخذ به إذا عتق انتهى.
قال في (البحر): وفيه نظر لأن حكمه السعاية قبل العتق لا التأخير إلى ما بعد العتق وهذا مدفوع بأن ما في (القنية) فيه إفادة حكم سكتوا عنه هو أن المدبر إذا
وطلقها رجعية إجازة للنكاح الموقوف لا طلقها أو فارقها،
ــ
لزمته السعاية في حياة المولى فمات المولى هل يؤاخذ بالمهر بعد العتق قال: نعم وهو ظاهر في أنه يؤاخذ به جملة واحدة حيث قدر عليه ويبطل حكم السعاية (و) قول المولى لعبده (طلقها رجعية إجازة للنكاح الموقوف) على إذنه ولم يقل أذن لأنه لو كان لاحتجاج إلى الإجازة ومن ثم قالوا: لو زوجه فضولي فأذن المولى بالنكاح فإن أجازه العبد صح (لا) يكون قوله له (طلقها) ولو قال: بائناً كما في (المحيط)(أو فارقها) إجازة لأن الطلاق الصريح وإن كان فرع النكاح كذلك إلا أنه استعمل كثيراً في المتاركة في العقد الفاسد فكان مشتركاً من حيث الاستعمال بين الإجازة والرد. والثاني أليق بحال العبد المتمرد على مولاه فحمل عليه حتى لو أجازه بعد ذلك لا ينفذ وبهذا فارق الفضولي المحض لأنه معين والإعانة تنهض سبباً لإمضاء تصرفه ومن ثم قلنا: لو قال له طلقها كان إجازة كذا في (الفتح).
وأقول: وعلى هذا فينبغي أنه لو زوجه فضولي فقال المولى لعبده: طلقها إنه يكون إجازة إذ لا تمرد منه في هذه الحال بخلاف طلقها رجعية أو طلقة تملك بها الرجعة أو أوقع عليها الطلاق حيث تكون إجازة لأن شيئاً منها لم يستعمل في المتاركة ودل كلامه أن الإجازة تكون دلالة كما تكون صريحاً فمن الأول أيضاً هذا حسن أو الصواب أو نعم ما صنعت أو بارك الله لك فيها أو أحسنت أو أصبت أو لا بأس به في اختيار الفقيه وبه كان يفتي الشهيد وهو الذي يجب ترجيحه ما لم يعلم قصد الاستهزاء كما في (الفتح) لما مر من أنها لم تستعمل في المتاركة ونفى الفقيه أبو القاسم كون شيء منها إجازة ولا كلام أن سوق المهر أو شيء منه إجازة ومن الثاني أجزت أو رضيت أو أذنت كذا في (البدائع)، ولا ينافيه ما في (الفتح) لو أذن له السيد بعدما تزوج لا يكون إجازة فإن أجاز العبد ما صنع جاز استحساناً لأن الأول فيما إذا علم بالنكاح زاد في (البدائع) أنها تكون بالضرورة أيضاً كأن يعتق العبد أو الأمة الكبيرة أو الصغيرة فيتوقف على إجازته إن لم يكن لها عصبة وسيأتي ولو ورثها من لا تحل له بجماعة أو امرأة أو ابن المولى وقد كان وطئها أبوه أو أخته رضاعاً توقف على إجازة الوارث فإذا حلت بطل لأن الثبات طرأ على الموقوف فأبطله.
قال في (البحر): وعلى هذا فما في (المحيط) لو تزوج المولى امرأة على رقبتها بطل النكاح الموقوف لأنه ملكها للمرأة فيه نظر بل ينبغي أن يتوقف على إجازة المرأة كما لو باعها من امرأة انتهى. واعلم أنه يستفاد من قوله الموقوف أنه عقد الفضولي فيتحرى فيه الأحكام من فسخ العبد والمرأة له قبل إجازة المولى ويدل
والإذن في النكاح يتناول الفاسد أيضاً،
ــ
على ذلك ما في (الولوالجية) و (المحيط) مكاتب أو قن تزوج بغير إذن المولى ثم طلق كان لك رداً منه لأن الطلاق يقطع النكاح النافذ فلأن يقطع الموقوف أولى فإن أجاز المولى بعد الثلاث لم يجز لأنه أجازه بعد الفسخ ولو أذن له بعد الثلاث يتزوجها فتزوجها لم يفرق بينهما لكنه يكره عندهما وقال الثاني: لا يكره وفي (الذخيرة) زوجت نفسها من صبي بغير إذن وليه كان للولي فسخه ولكل من العاقدين فسخ (والإذن) أي: إذن المولى لعبده (بالنكاح يتناول) العقد (الفاسد أيضاً) كما يتناول الصحيح عند الإمام وقصره على الثاني ولا خلاف أن التوكيل بالبيع يتناوله والتوكيل بالنكاح لا يتناوله فألحقاه بالتوكيل بالنكاح لأن علة الأصل تحصيل المقاصد في المستقبل من الإعفاف وغيره وذلك بالصحيح وألحقه بالبيع بجامع أن بعض المقاصد حاصلة به من ثبوت النسب ونحوه وذلك يكفي لتصحيح التعميم وإجراء اللفظ على إطلاقه وأثر الخلاف يظهر في بيعه وانتهاء الإذن به وأجمعوا أنه لا ينتهي بالموقوف كالوكالة حتى جاز لهما أن يجددا العقد ثانياً عليها أو على غيرها كذا في (الشرح).
قال في (البحر): قيد بالانتهاء احترازاً عن لزوم المهر فإن المأذون له في النكاح إذا تزوج بفضولي فأجازه كان المهر في رقبته يباع فيه فيتناول الإذن الموقوف في حق هذا الحكم وإن كان لم يتناوله في حق انتهاء الإذن ولم أره صريحاً انتهى.
وأقول: لا نسلم أنه يتناوله في حق هذا الحكم أيضاً إذ ثبوته بعد الإجازة ولا توقف إذ ذاك. واعلم أنه ينبغي أن يقيد/ الخلاف أيضاً بما إذا لم ينو المولى الصحيح فقط فإن نواه تقيد به أخذاً من قولهم لو حلف أنه ما تزوج في الماضي يتناول يمينه الفاسد أيضاً قال في (التلخيص): ولو نوى الصحيح صدق ديانة وقضاء وإن كان فيه تخفيف رعاية لجاني الحقيقة وعرف عن النهي هنا أنه لو قيده به لفظاً تقيد اتفاقاً.
قال في (البدائع): ولو أذن له في النكاح الفاسد نصاً ودخل بها يلزمه المهر في قولهم جميعاً أما في أصل الإمام فظاهر وأما على أصلهما فإن الصرف للصحيح لضرب دلالة أوجبت إليه فإذا جاء النص بخلافه بطلت الدلالة قال في (البحر): ومقتضاه أن لو تزوج صحيحاً في هذه الحالة لا يصح.
وأقول: فيه نظر بل ينبغي أن يصح اتفاقاً ويدل على ذلك قوله أما على أصله فظاهر يعني من أنه للتنصيص عليه غاية ما فيه أنه تنصيص على بعض ما يتناوله لفظه وهو به يملكه فإذا نص عليه أولى وأما على أصلهما فلأن الصرف إلى الصحيح لضرب دلالة هي أن مقاصده لا تنتظم بأفعاله فإذا جاء النص بطلت الدلالة المقتضية لعدم
ولو زوج عبداً مأذوناً له امرأة صح، وهي أسوة الغرماء في مهرها، ومن زوج أمته لا يجب عليه تبوأتها
ــ
دخول المقاصد وكل من الوجهين كما ترى صريح في الصحيح وكأنه النظر الصحيح وفي كلامه إيماء إلى أن الإذن به لا يتناول إلا مرة واحد ولو نوى مرة بعد أخرى لم يصح ولو نوى اثنتين يصح لأن ذلك كل نكاحه ولو قال ما شئت من النساء كان له أن يتزوج اثنتين (ولو زوج عبداً مأذوناً له) مديوناً ولم يقيده به اكتفى بذكر الغرماء (امرأة صح) النكاح لأنه ينبني على ملك الرقبة وهو باقي (وهي أسوة للغرماء في مهرها) قال في (القاموس): الأسوة وتضم القدرة وما يتأسى به الحزين جمع أسى وتضم انتهى.
قال في (الحواشي السعدية): وأنت خبير بأن هذا لا يناسب المقام فإن المرأة تأخذ معهم، وإذا كانت تأخذ معهم فهي مساوية لهم وبذلك فسر الشارحون الأسوة هنا إلا أنه في (المغرب) قال بعد أن ذكر ما في (القاموس) وقولهم: ما سوى التراب من الأرض أسوة أي تبع له مجاز انتهى. وهذا المعنى صحيح هنا وإذا كانت أسوتهم فتضرب في ثمنه بمهرها كما يضرب كل واحد بدينه وهذا الإطلاق قيده الشارح وغيره بما إذا كان النكاح بمهر المثل أو أقل فإن كان بأكثر طولب بالزيادة بعد استيفاء الغرماء كدين الصحة مع دين المرض إلا إذا باعه منهما لما في (الخانية) زوجه بألف وباعه منهما بتسعمائة وعليه دين ألف فأجاز الغريم البيع كانت التسعمائة بينهما يضرب الغريم فيها بألف والمرأة بألف ولا تبيعه المرأة ويبيعه الغريم بما بقي من دينه وفي كلامه تصريح بأن المهر كسائر الديون فلو مات العبد وكان له كسب يوفى منه وما في (الفتح) عن التمرتاشي لو مات العبد سقط المهر والنفقة يجب حمله في المهر على ما إذا لم يترك شيئاً (ومن زوج أمته) أو مدبرته أو أم ولده وحذفها استغناء بقوله فتخدمه وبه خرجت المكاتبة إذ لا خدمة عليها (لا يجب على المولى تبوأتها) أي: أن يهيأ بيتاً للزوج يبيت إليها فيه من بوأت للرجل منزلاً وبوأته منزلاً أي هيأته له كذا في (العناية) وعليه جرى العيني والأولى تفسيرها بما قال الخصاف في شرح النفقات أن يخلي بينها وبينه ويدفعها إليه ولا يستخدمها فإن كانت تذهب وتجيء وتخدم المولى لا تكون تبوئه ولم يعتبر فيها كون ذلك في منزله وذلك إنما هو تفسيرها، وحينئذ فلا حاجة إلى ما قيل من أن إسنادها إلى المولى باعتبار أنه يمكن الزوج من ذلك.
واعلم أن لابد في المعنى العرفي من التقييد بدفعها إليه كما ذكره بعضهم والاكتفاء بالتخلية كما ظن بعضهم غير واقع في تسليمها إليه بعد استيفاء الصداق
فتخدمه ويطؤها الزوج إن ظفر بها
ــ
واجب بمقتضى العقد وذلك بالتخلية والتبوئة أمر زائد عليها وإقدام المولى على هذا لا يستلزم رضاه بها بل بمجرد إطلاق وطئه إياها متى ظفر بها بتوفر مقتضاه كذا في (الفتح) وهو ظاهر في أن هذا القول كان في التسليم وبه صرح في (الدراية) حيث قال: التبوئة قدر زائد على التسليم يتحقق بدونها بأن قيل له متى ظفرت بها وطئتها فما في (البحر) من أنه بعد استيفاء الصداق يؤمر بأن يدخلها على زوجها معناه أنه يسلمها إليه وإطلاق المصنف يعم ما لو شرطها في العقد أو لا لأنه شرط ما لا يقتضيه العقد وأورد أنه لو شرط حرية أولادها فيه صح وعتق كل من ولدته في هذا النكاح مع أن الشرط لا يقتضيه العقد أيضاً وأجيب بأن قبول المولى الشرط والتزويج على اعتباره وهو معنى تعليق الحرية بالولادة وتعليق ذلك صحيح وعند وجود التعليق فيما يصح يمتنع الرجوع عن مقتضاه فتثبت الحرية عند الولادة جبراً من غير اختيار بخلاف اشتراط التبوئة فإن بتعليقها لا تقع هي عقد ثبوت الشرط بل يتوقف وجودها/ على معنى حسي اختياري من فاعل مختار فإذا امتنع لم توجد فالحاصل أن المعلق هنا وعد يجب الوفاء به غير أنه إن لم يف به لا يثبت متعلقه أعني نفس الموعود به كذا في (الفتح). قال في (البحر): ومقتضاه أنه لو باع الأمة ومات عنها قبل الوضع لا تثبت الحرية وبذلك صرح في (المبسوط) في قوله كل ولد تلدينه فهو حر إلا أن يفرق بين التعليق صريحاً ومعنى.
تنبيه مهم: واعلم أن الأولاد كما يكونون أحراراً بالشرط يكونون أحراراً بالغرور أيضاً لكن بالقيمة فلو قالت امرأة لرجل تزوجني فإني حرة فتزوجها فولدت ثم ظهر أنها أمة الغير فالأم رقيقة والولد حر بقيمته ولا يرجع إذ الرجوع بعقد المعاوضة ولم يوجد كذا في (جامع الفصولين) من التاسع والثلاثين وقيد الرجل في (الفتح) بالحر حتى لو كان عبداً كانت الأولاد عبيداً عندهما خلافاً لمحمد بقي لو ادعى الرجل أنه تزوجها على هذا هل يقبل قوله أو لابد من البينة ففي السادس عشر من (جامع الفصولين) ما يفيد أنه لا يقبل قوله وذلك أن قال أخبرته أمة أنها حرة فتزوجها على ذلك فولدت فاستحقت يقضى بها وبالولد للمستحق إلا أن يبرهن الزوج على أنه تزوجها على أنها حرة فحينئذ يكون الولد حراً وعلى أبيه قيمته فيما له حالاً وقت الحكم به دون الولد ولا بينة للزوج على ذلك وطلب يمين المولى على علمه حلفه لأنه يدعي عليه ما لو أقر به يلزمه فإن أنكر يحلف انتهى.
وقد صارت حادثة الفتوى (فتخدمه ويطؤها الزوج إن ظفر بها) أي: في أي زمان ومكان وقيده في (المحيط) بما إذا كانت فارغة عن خدمته حيث قال متى وجد
وله إجبارهما على النكاح، ويسقط المهر بقتل السيد أمته قبل الوطء
ــ
فرصة وفراغاً في خدمة المولى ليلاً ونهاراً يستمتع بها (وله) أي: للمولى حيث تم الملك (إجبارهما) أي: العبد والأمة ولو مدبرين أو كانت أم ولد (على النكاح) على معنى نفاذه منه عليهما بدون رضاهما لأن فيه إصلاح ملكه بتحصينه عن الزنا الذي هو سبب الهلاك والنقصان فيملكه بخلاف المكاتب والمكاتبة لأنهما التحقا بالأحرار تصرفا فاشترط رضاها وعلى هذا تفرعت مسألة استطرفت من (المحيط) نقلت هي أنه لو زوج المولى مكاتبته الصغيرة توقف النكاح على إجازتها فلو لم ترد حتى أدت فعتقت توقف على إجازته يعني إذا لم يكن لها عصبة غير المولى على ما مر فاعتبر التوقف على إجازتها حال رقها لأنها ملحقة بالبالغة فيما يبتنى على الكتابة ولم يعتبر بعد العتق لأنها لم تبق مكاتبة بل صغيرة وليست من أهل الإجازة.
قال في (الفتح): هكذا توارده الشارحون والذي يقتضيه النظر عدم التوقف على إجازته بعد العتق بل بمجرد عتقها ينفذ النكاح لما صرحوا به من أن العبد لو تزوج بغير إذن فأعتقه المولى نفذ لأنه لو توقف فإما على إجازة المولى وهو ممتنع لانتفاء ولايته وإما على العبد فلا وجه له لأنه صدر من جهته فكيف يتوقف ولأنه كان نافذاً من جهته وإنما توقف على السيد هنا لأنه ولي مجبر وإنما التوقف على إذنها لعقد الكتابة وقد زال فبقي النفاذ من جهته فهذا هو الوجه وكثيراً ما يقلد الساهون الساهين ولقد أحسن صاحب (البحر) في الجواب حيث قال: إن المسألة صرح بها محمد في (الجامع الكبير) وليست تخريجاً لينسب المخرج والمقلد فيها إلى السهو معللاً توقفه على إجازة المولى بأنه تجدد له ولاية لم تكن وقت العقد هي الولاء بالعتق ولذا قيدت بعدم ولي أقرب منه فصار كالشريك إذا زوج العبد ثم ملك الباقي وكمن أذن العبد ابنه أو نافلته ثم مات الابن والحاصل أن الولاية التي قارنها برضاه بتزويجها ولاية بحكم الملك والمتجددة بعد العتق بحكم الولاء كذا في (شرح تلخيص الجامع الكبير) ومنه لو عجزت المكاتبة والحالة هذه بطل النكاح فلو مكاتباً لم يبطل لكن لابد من إجازة المولى وإن رضي أو لا كأنه إنما رضي بتعلق مؤن النكاح كالمهر والنفقة بكسب المكاتب لا يملك نفسه وهو بعد العجز ملك المولى (ويسقط المهر) عن ذمة الزوج (بقتل السيد أمته) مباشرة أو تسبباً عمداً كان أو خطأ كما هو مقتضى الإطلاق والدليل الآتي وبالخطأ صرح في (فتح القدير)(قبل الوطء) عند الإمام وقالا: لا يسقط اعتبارً بموتها حتف أنفها إذ المقتول ميت بأجله وله أنه منع البدل قبل التسليم فيجازى بمنع المبدل إذا كان من أهل المجازاة. وأقول:
لا بقتل الحرة نفسها قبله والإذن في العزل لسيد الأمة،
ــ
وينبغي أن يقيد الخلف بما إذا لم تكن مأذونة لحقها به دين فإن كنت لا يسقط اتفاقاً لما مر من أن المهر في هذه الحالة لها يوفى منه ديونها غاية الأمر أنه إذا لم يف بدينها كان على المولى قيمتها للغرماء فيضم إلى المهر ويقسم بينهم وسيأتي/ أنه لو أعتق المديون كان عليه قيمته فالقتل أولى وإذا سقط عن ذمته فإن لم يكن مقبوضاً امتنعت المطالبة وإن كان رده السيد عليه كما في (المبسوط) قيد بالقتل لأنه لو باعها وذهب بها المشتري من المصر أو غيبها بموضوع لا يصل إليه الزوج لا يسقط نعم لا يجب دفعه على الزوج قبل حضورها وفي (الخانية) لو أبقت فلا صداق لها ما لم تحضر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وبالسيد لأن قتل غيره لا يسقط المهر به اتفاقاً وفي قتلها نفسها روايتان والصحيح عدم سقوطه كما في (الخانية) وهو قولها وفي ردتها وتقبيلها ابن زوجها روايتان أيضاً كما في (الشرح) وينبغي ترجيح عدم السقوط كما في قتلها نفسها إذ لا تفويت من المولى في هذه الحالة وفي (الفتح) لا رواية في ردتها فاختلف المشايخ قيل لا يسقط لأن المنع وهو المسقط لم يجر ممن له الحق وهو المولى وقيل يسقط لأن المهر يجب أولاً لها ثم ينتقل إلى المولى بعد الفراغ من حاجتها حتى لو كان عليها دين يصرف إليه ولا يخفى ضعف الثاني لأنه وجب لها أولاً لكنه يستقر للمولى فوقت الردة والتقبيل كان مستقراً له فلا يسقط إلا بفعل منه وبهذا عرف أن ما في (غاية البيان) من حكاية الاتفاق على سقوطه بالردة ضعيف وإطلاقه السيد يقتضي أنه لا فرق بين البالغ وغيره إلا أن في غير البالغ روايتين وفي (الفتح) قالوا: يجب أن لا يسقط في قول أبي حنيفة انتهى. فقتل المجنون أولى، وقيد بالأمة ولو مدبرة أو أم ولد لأن المكاتبة لو قتلها سيدها لا يسقط اتفاقاً وبكونه قبل الوطء ولو حكماً لأنه لو كان بعده لم يسقط اتفاقاً.
(لا) يسقط (بقتل الحرة نفسها قبله) لأن جناية الحر على نفسه هدر في أحكام الدنيا بخلاف ردتها فإنها معتبرة في أحكام الدنيا حتى حبست بها وعزرت وانفسخ نكاحها وسقط بها المهر وبتسليم أنها ليست هدراً فقتلها نفسها تفويت بعد الموت وبالموت صارت للورثة فلا وإذا لم يسقط بقتلها نفسها مع أن الحق لها أولاً فعدم السقوط بقتل الوارث أولى (والإذن في العزل) وهو الإنزال خارج الفرج (لسيد الأمة) ولو مدبرة أو أم ولد أما المكاتبة فينبغي أن تكون كالحرة وهذا هو ظاهر الرواية عن الثلاثة لأن حقها في نفس الوطء قد تأدى بالجماع وأما سفح الماء ففائدته الولد والحق فيه للمولى فاعتبر إذنه في إسقاطه فإذا أذن فلا كراهة في العزل عند عامة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العلماء وهو الصحيح وبذلك تظافرت الأخبار وفي (الفتح) وفي بعض أجوبة المشايخ الكراهة وفي بعضها عدمها.
أقول: وينبغي أن يقيد احتياجه إلى إذن المولى بالبالغة أما الصغيرة فله العزل عنها بغير إذن المولى كما يفيده التعليل السابق ثم على الجواز في أمته لا يفتقر إلى إذنها وإذا عزله ولو بلا إذن فظهر بها حبل هل يحل نفيه؟ إن لم يعد إليها أو عاد ولكن بال قبل العود حل نفيه وإن لم يبل لا يحل كذا عن علي انتهى. لكن في (الخانية) له أمة غير محصنة ويعزل عنها فجاءت بولد وأكبر ظنه أنه ليس منه كان في سعة من نفيه وإن كانت محصنة لا يسعه نفيه لأنه ربما يعزل فيقع الماء في الفرج الخارج ثم يدخل فلا يعتمد على العزل وهذا يفيد ما مر من أن النفي مع العزل بعدم التحصين قيد بالأمة لأن العزل عن الحرة لا يحل إلا بإذنها أقول وينبغي أن يقيد بما إذا كانت بالغة.
قال في (البحر): وينبغي أن يكون سد المرأة فم رحمها كما تفعله النساء بغير إذن الزوج غير جائز قياساً على عزله بغير إذنها أقول فيه نظر لأن لها أن تعالج نفسها في إسقاطها الولد قبل اكتمال الخلقة كما سيأتي بشرطه فمنع سبب بالجواز أحرى والفرق بين هذا وبين كراهة العزل بغير إذنها لا يخفى على متأمل وفي (الخانية) قالوا: في زماننا يباح لسوء الزمان، قال في (الفتح): فيعتبر مثله من الأعذار مسقطاً لإذنها انتهى. وعل هذا فيباح لها سد فم الرحم بغير إذنه بقي هل يباح الإسقاط بعد الحمل؟ نعم يباح ما لم يتخلق منه شيء ولم يكن ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوماً وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح وإلا فهو غلط لأن التخليق يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة كذا في (الفتح)، وإطلاقهم يفيد عدم توقف جواز إسقاطها قبل المدة المذكورة على إذن الزوج وفي كراهة (الخانية) ولا أقول بالحل إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه لأنه أصل الصيد فلما كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقل من أن يلحقها إثم لهذا إذا أسقطت بغير عذر انتهى.
قال ابن وهبان: ومن الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأب الصبي ما يستأجر به الظئر ويخاف هلاكه ونقل عن (الذخيرة) / لو أرادت الإلقاء قبل مضي زمن ينفخ فيه الروح هل يباح لها ذلك أم لا؟ اختلف المشايخ فيه وكان الفقيه علي ابن موسى يقول: إنه يكره فإن الماء بعدما وقع في الرحم ماله الحياة فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم ونحوه في (الظهيرية): قال ابن وهبان: فإباحة الإسقاط محمولة على حالة العذر أو أنها لا تأثم إثم القتل انتهى. وبما في (الذخيرة)
ولو عتقت أمة، أو مكاتبة خيرت، ولو زوجها حراً،
ــ
تبين أنهم أما أرادوا بالتخليق إلا نفخ الروح وإن قاضي خان مسبوق بما مر من التفقه والله الموفق.
(ولو عتقت أمة) ولو مدبرة أو أم ولد (أو مكاتبة) ولو حكماً كمعتقة البعض (خيرت) في مجلس على العتق ولو في عدة الرجعي كما في (جامع القصولين) سواء كان النكاح برضاها أو لا ولو صغيرة تأخر إلى بلوغها وليس لها خيار بلوغ في الأصح ولو اختارت نفسها بلا علم الزوج يصح وقيل: لا يصح بغيبته كذا في (جامع الفصولين) ولم لم تعلم أن لها الخيار حتى ارتد ولحقا بدار الحرب ثم علمت به ولو في دار الحرب تفسخت صح إلا إذا قضي باللحاق، وكذا الأمة الحربية إذا تزوجها حربي ثم عتقت خيرت سواء علمت في دار الحرب أو في دارنا بعد الإسلام وليس هذا بحكم على ما دار الحرب بل فتوى كذا في (كافي المصنف) ويبطل بما يدل على الأعراض كخيار المخيرة ولو جعل لها قدراً على أن تختاره ففعلت سقط خيارها.
(ولو) كان (زوجها حراً) لقوله صلى الله عليه وسلم لبريرة حين أعتقت: (ملكت بضعك فاختاري) وكان زوجها حراً كما في (الصحيحين) وأورد أن هذا لا يتناول المكاتبة لأنها كانت مالكة لبضعها قبل العتق ومن ثم قال زفر: إنه لا خيار لها وأجيب بالمنع لأن ملك البضع تابع لملك نفسها ولم تكن مالكة لها بل لأكسابها ولقائل أن يقول قوله: ملكت بضعك ليس معناه إلا منافع بضعك إذ لا يمكن ملكها لعينه فملكها لأكسابها تبع لملكها لمنافع نفسها وأعضائها فلزم كونها ملكها لبضعها بالمعنى المراد قبل العتق فلم يتناولها النص كذا في (الفتح) ويمكن أن يجاب بأن المراد ملكاً تاماً وقبل العتق ليس تاماً ألا ترى أن نكاحها كان موقوفاً على إذنه ولأنه يقبل النقض بالتعجيز وعن هذا المراد ما في (الموطأ أن بريرة كانت مكاتبة.
واعلم أن خيار العتق خالف خيار البلوغ في أنه يبطل بالقيام عن المجلس وإن الجهل به عذر وأنه يثبت للأمة فقط وأنه لا يبطل بالسكوت وإن كانت بكراً وأن الفرقة فيه لا تتوقف على القضاء كذا في (الخانية) وبقي الجهل بأن لها الخيار عذر كما مر والأول هو الجهل بالعتق وفرق بينهما بأن الأمة لا تتفرغ للعلم بخلاف الحرة قال في (الجامع الفصولين): ومقضاه أن المخيرة لو كانت أمة تعذر بالجهل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال في (البحر): والظاهر الإطلاق إذ قد عللوا بأن سبب الخيار في العتق لا يعرفه إلا الخواص لخفائه بخلاف خيار البلوغ لأنه ظاهر يعرفه كل واحد وهذه مفيدة لأن ثبوت الخيار مع التخيير ظاهر يعرفه كل أحد وقالوا: إن الفرقة به ليست بطلاق ولذا كان لها أن تختار ولو حائضاً.
تتمة: فرق النكاح إلى اثني عشر بعضها طلاق وبعضها فسخ منها ما يحتاج إلى القضاء ومنها ما لا يحتاج في (فتح القدير) وقد جمع بعض الفضلاء في قوله في خيار البلوغ والإعتاق
فرقة حكمها بغير طلاق .... فقد كفؤ كذا ونقصان مهر
ونكاح فاسده باتفاق .... ملك أحد الزوجين أو بعض زوج
وارتداد كذا على الإطلاق .... ثم جب وعتقه ولعان
وأبا الزوج فرقة بطلاق .... وقضى القاضي في الكل شرط
غير ملك وردة وعتاق. وقوله: باتفاق احتراز عن الحامل من الزنا فإن نكاحها جائز عندهما فالفرقة منه طلاق، فاسد عنده فالفرقة من فسخ وقوله: احتراز عن قول محمد فإنه يقول: إن الردة من الزوج طلاق ومن المرأة فسخ انتهى. ويزاد الإيلاء وهو طلاق والفرقة بتقبيل ابن الزوج وهي فسخ وكذا لو سبي أحد الزوجين وبمهاجرة أحدهما مسلماً أو ذمياً وكذا لو خرجا مستأمنين فأسلم أحدهما أو صار ذمياً فإنها إذا حاضت ثلاث حيض وقعت بينها والكل فسخ كذا في طلاق الفسخ ولا شك أن قصد الاستثناء على الثلاثة غير سديد إذ النكاح الفاسد كذلك وكذلك تباين الدارين ولما من الله بهذا الجمع نظمته طبق ما مهدت فقلت:
فرق النكاح أتتك حقاً نافعاً .... فسخ طلاق وهذا القد يحكيها
متباين الدار مع نقصان مهر/ .... فاسد عقد وفقد الكفؤ يبغيها
خيار عتق بلوغ ردة وكذا .... ملك لبعض وتلك الفسخ يحصيها
تقبيل سبي وإسلام المهاجر .... أو شطر الجميع خلا إسلام
مستأمن قد زيد يتلوها
أما الطلاق فجب عنة وكذا .... إيلاؤه ولعان الزوج يقضيها
قضى قاض أي عتق .... وملك كذا ما زيد يدينها
إيلاؤها وفساد العقد منه كذا .... تباين الدار رب اغفر لبانيها
وقولي ملك لبعض يفهم أن الملك الكامل يوجب ذلك بالأولى في إطلاقه يعم الزوج والزوجة وبقى ما لو تزوج أختين في عقدين ولم يدر الأول فإنه يجب التفريق
ولو نكحت بلا إذن فعتقت نفذ بلا خيار،
ــ
بينهما. قال في (الفتح): والظاهر أن هذه الفرقة طلاق حتى ينقص من طلاق كل منهما طلقة (ولو) تزوجها بعد ذلك كذا في هامش المصنف بخطه وهو ساقط من أكثر النسخ (نكحت) أمة أو مكاتبة (بلا إذن) وفرضها في الأمة وإن كان العبد كذلك ليترتب عليها المسألة التي تليها تفريعاً (فعتقت) بأي سبب كأن (نفذ) النكاح عليها (بلاخيار) عتق لها أما النفاذ فلأن التوقف إنما كان لحق المولى وقد زال ونقض هذا التعليل بما لو تزوج بغير إذن مولاه ثم أذن لا يجوز حتى يجيز ما صنع وبما إذا زوج فضولي شخصاً ثم وكله توقف على إجازته بعد الوكالة وما إذا زوج ولي أبعد مع وجود الأقرب فغاب الأقرب أو مات حتى تحولت الولاية للمزوج توقف على إجازة مستأنفة، وكذا سيد المكاتبة لو زوجها بلا إذنها توقف على إجازتها فإذا عتقت بالأداء لم يجز إلا بإجازة السيد مع أنه المزوج وأجيب عن الأول والثاني بأن الإذن والتوكيل فكذا الحجر فيما يستقبل لا فيما مضى وكأن مقتضى هذا أن لا يجوز بالإجازة أيضاً إلا إذا استحسناه.
وعن الثالث والرابع بأن كلاً من الأبعد والسيد حين زوج لم يكن ولياً فوجب توقفه على إجازته بعد صيرورته ولياً ليثبت ظهور كونه أصلح وأما عدم الخيار فلأن النفاذ إنما كان بعد العتق فلم يتحقق ازدياد الملك عليها ولو اقترنا كما لو زوجها فضولي وأعتقها آخر فأجاز المولى الكل فلا خيار أيضاً كما في (تلخيص الجامع) وقيد بالنكاح لأنها لو اشترت شيئاً بغير إذن مولاها ثم عتقت بطل لتغير المالك وبالأمة لأن الحرة الصغيرة لو نكحت بلا إذن ثم بلغت توقف على إجازتها أطلق في الأمة فشمل المدبرة وأم الولد إلا أن هذا مسلم في المدبرة إذا أعتقت في حياة المولى أما إن أعتقت بموته ولم يخرج من الثلث توقف نفاذه حتى تؤدي السعاية عند الإمام وعندهما يجوز، كذا في (الظهيرية) وأما أم الولد فإن دخل بها الزوج قبل العتق نفذ وإلا لا سواء عتقت في حياته أو بموته جزم به في (الخلاصة) و (البزازية) لأن العدة بالعتق وجبت عليها من المولى وهي تمنع نفاذ النكاح غير أنها لما وجبت من الزوج بوطئه لم تجب من المولى.
قال في (المحيط): وهذا إنما يصح على رواية ابن سماعة عن محمد من وجوب العدة على الزوج وأما على ظاهر الرواية فلا تجب على الزوج بل على المولى ووجوبها منه يوجب انفساخ النكاح وقدم أولاً أن مرجع الخلاف وجوب العدة في
فلو وطئ قبله فالمهر له، وإلا فلها، ومن وطئ أمة ابنه
ــ
النكاح الموقوف على رواية ابن سماعة وعلى ظاهر الرواية لا تجب وعلى هذا تفرع ما لو زوجت الأمة نفسها بلا إذن فدخل بها الزوج ثم مات المولى فأجازه الابن جاز على رواية ابن سماعة لا على رواية (الأصل).
(فإن وطئ) الزوج الأمة (قبله) أي: قبل العتق (فالمهر) أي: المسمى وقت العقد (له) أي: للمولى لأنه استوفى منافع مملوكه وكان ينبغي وجوب مهر المثل لعدم صحة التسمية حينئذ لكن نفاذ العتق لما استند إلى وقت وجود العقد صحت التسمية لا يقال فيجب أن يكون المهر لها لأن بالاستناد صارت مالكة لمنافع بضعها من وقت العقد لأنا نقول الاستناد يظهر في القائم لا في الفائت ومنافع البضع فاتت وحين فاتت كانت على ملك المولى فكان بدلها له وظاهر أن العقد لو خلي عن التسمية وجب لها مهر المثل قيل: كان ينبغي أن لا يكون الكل له لما مر في توجيه قول الإمام أن لها حبس نفسها للمهر ولو دخل بها بأن المهر مقابل بجميع وطئات توجد في النكاح لئلا يخلو الوطء من المهر وأجاب في (البحر) بأن قسمته على جميع الوطئات إنما هي إذا لم يختلف المستحق لأن الجهالة لا تضر فيه أما إذا اختلف كما هنا لم يمكن قسمته بل يستحقه من حصل الوطء على ملكه وفيه بحث إذ يلزم على ما ادعاه أنه لو اشترى جارية فزوجها ودخل بها/ الزوج ثم استحق نصفها أن لا يقسم المهر بينهما وهو خلاف الواقع.
(ومن وطئ أمة ابنه) ولو صغيرًا نبه بإضافة الأمة إليه إلى أنها ملكه ويشترط بقاء هذا الملك من حين العلوق إلى التمليك وما في (البحر) من أن الإضافة تفيد ذلك ففيه نظر لا يخفى فلو جاءت به في غير ملكه أو فيه وأخرجها عن ملكه ثم استردها لم تصح الدعوة لأن الملك إنما يثبت بطريق الاستناد إلى وقت العلوق فيستدعي قيام ولاية التملك من حين العلوق إلى التملك.
وأقول: هذا يفيد أنه لو باعها لأخيه مثلًا أن تصح الدعوة ولم أره وعلى هذا تفرع ما في (المحيط) لو جاءت الأمة بولدين وباع المولى أحدهما ثم ادعاهما الأب صحت وعتق ما في يد الابن بلا شيء وما في يد الأجنبي عبد. قال في (البحر): هذا إن كذبه الابن فإن صدقه صحت الدعوة ولا يملك الجارية كما إذا ادعاه الأجنبي ويعتق على المولى كما في (المحيط).
وأقول: المذكور في (الشرح) وعليه جرى في (فتح القدير) وغيره أنه لا يشترط في صحتها عوى الشبهة ولا تصديق الابن وفيه إيماء إلى أن الملك له فيها
فولدت فادعاه ثبت نسبه، وصارت أم ولده وعليه قيمتها لا عقرها، وقيمة ولدها، ودعوة الجد، كدعوة الأب حال عدمه، ولو زوجها أباه فولدت لم تصر أم ولد له،
ــ
تام إذ الإضافة تفيد الاختصاص ولو كانت مشتركة بينه وبين الأب أو غيره وجبت حصة الشريك من العقر وقيمة باقيها لانتفاء موجب الملك إذ ما فيها من الملك له يكفي لصحة الاستيلاد وإذا صح ثبت الملك في باقيها حكمًا له لا شرطًا كذا في (الفتح) وأراد بالأمة القنة إذ هي القابلة للانتقال من ملك إلى آخر بقرينة قوله بل صارت أم ولد فلو ادعى أم ولده المنفي أو مبرته أو مكاتبته توقف صحتها على تصديق الابن كما في (المحيط) قيد بابنه لأنه لو وطئ أمة أصله وإن علا أو زوجته فادعى ما جاءت به لم يثبت نسبه إلا أن يصدق المالك في أنها حلال له، وأن الولد منه وإذا لم يصدق ثم ملكها يثبت نسبه كما في (الخانية) ، (فولدت) قيد بذلك لأنها لو لم تلد وجب عقرها وارتكب محرمًا ولا يحد قاذفه في الوجهين (فادعاه) الأب حرًا مسلمًا عاقلًا فلو كان عبدًا أو مكاتبًا أو مجنونًا أو كافرًا لم تصح دعوته لعدم الولاية نعم لو كان أمن أهل الذمة ولو اختلفت ملتاهما صحت ولو أفاق المجنون ثم ولادته لأقل من ستة أشهر صحت استحسانًا.
قال في (البحر): وفيه إشارة إلى أنه لو ادعاه قبل الولادة لم تصح ولم أره وأقول: ينبغي أنها لو ولدته لأقل من ستة أشهر من وقت دعوته أن تصح وظاهر أن فرض المسألة فيما إذا ادعاه وحده فلو ادعاه مع الابن قدم الابن ولو كانا شريكين قدم الأب والفرق لا يخفى على متأمل (ثبت نسبه) منه أي: من الأب صيانة لمائة عن الضياع (وصارت) الأمة (أم ولد له وعليه قيمتها) فقيراً كان أو موسراً لأنه وإن كانت له تملك مال ابنه للحاجة إلى البقاء ولهذا كان له تملك أمته للحاجة إلى صيانة ماله إلا أن الحاجة إلى بقاء نسله دونها إلى بقاء نفسه فلذا تملك أمته بقيمتها والطعام بغير قيمته (لا عقرها) أي: مهرها لأن الملك ثبت له مستنداً تصحيحاً لاستيلاده فبان أن الوطء في ملكه (و) لا (قيمة ولدها) لأنه انعلق حراً لتقدم ملكه (ودعوة الجد) أب الأب وإن علا لأنه الذي يقوم مقامه حال عدمه أما أب الأم وكذا سائر ذوي الأرحام فلا تصح دعوتهم (كدعوة الأب حال عدمه) أي: عدم الأب حقيقة أو حكماً لعدم ولايته لكفر أو رق أو جنون ويشترط ثبوتها من وقت العلوق إلى وقت الدعوى فلو جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت انتقال الولاية إليه لم تصح لما مر في الأب (ولو زوجها إلى زوج أمته (أباه) ولو فاسداً أو تزوجها الأب بأن كان الولد صغيراً كما في (الخانية) ولو قال: ولو تزوجها الأب لأفاد المسألتين (لم تصر) أي: إذا ولدت منه (أم ولد له) لأن نكاحه صحيح عندنا إذ الأمة ملك للولد من كل وجه بدليل أن له من
ويجب المهر لا القيمة وولدها حر. حرة قالت لسيد زوجها أعتقه عني بألف، ففعل فسد النكاح،
ــ
التصرفات فيها ما لا يجامعه ملك وبه يصير ماؤها مصوناً وفي (النهاية) أو كان بشبهة معللاً له بأنه غير محتاج إلى تملكها لإثبات النسب بل النكاح أو شبهة النكاح تكفي لذلك. قال في (البحر): وعلى هذا فالمسألة الأولى مقيدة بما إذا كان عالماً بالحرمة مع أنهم قالوا كما مر: لا فرق بين أن يدعي الشبهة أو لا فظاهر كلامهم أن الوطء بالشبهة ليس كالنكاح.
(ويجب) عليه (المهر) لالتزامه إياه بالنكاح وهو إن لم يكن سمى مهر مثلها في الجمال أي ما يرغب به في مثلها جمالاً فقط وأما ما قيل ما يستأجر به مثلها للزنى ولو جاز فليس معناه بلى العادة إنما يعطى لذلك أقل مما يعطى مهراً لأن الثاني للبقاء بخلاف الأول والعادة زيادته عليه كذا في (الفتح) وفي (الجوهرة) ذكر السرخسي أن العقر أي: المهر في الحرائر هو مهر المثل وفي الإماء عشر قيمتها لو بكراً أو نصف عشر لو ثيباً (لا) تجب (القيمة) لعدم تملكها (وولدها حر) بملك أخيه له وقيل بعتق قبل انفصاله وأثر الخلاف يظهر في الإرث بموت المولى فعلى الأول لا يرث وعلى الثاني يرث والوجه هو الثاني لأنه حدث على ملك الأخر من حين/ العلوق فلما ملكه عتق عليه بالقرابة، كذا في (غاية البيان).
قال في (البحر): والأول هو الظاهر لأنه لم يملكه من كل وجه بدليل عدم صحة بيعه وهبته وإن صح إعاقته والإيصاء به ولو قال: كل مملوك أملكه فهو حر لم يعتق لأنه ليس بمملوك من كل وجه (حرة) متزوجة برقيق (قالت لسيد زوجها) الحر العاقل البالغ: (أعتقه عني بألف) وزادت ورطل من خمر لأن الفاسد ملحق بالصحيح هنا (ففعل) ما أمر به بأن قال: أعتقه (فسد النكاح) عندنا خلافاً لزفر مبنى الخلاف على أن العتق يقع عن المأمور عنده وعن الآمر عندنا لأنه أمكن تصحيح كلامه صوناً عن إلغائه بتقديم الملك اقتضاء قولها: أعتق طلب للتمليك منه بألف وقوله أعتقت تمليك منه ففسد النكاح للتنافي وأورد أن هذا ملك غير مستقر ومثله لا يوجب انفساخ النكاح ألا ترى أن الوكيل لو اشترى زوجته لا يفسد نكاحه، وأجيب بأن الملك ملزوم للانفساخ فإذا ثبت ثبت وعدم الانفساخ في الوكيل لعدم ثبوت الملك له بل يقع ابتداء للموكل على المختار، واعلم أنه لو صرح بالبيع فقال: بعتك إياه وأعتقته وقع العتق عن المأمور لعدم القبول كذا في (الحواشي السعدية) والشيء قد يثبت ضمناً وإن لم يثبت صريحاً كبيع الأجنة في الأرحام انتهى.