الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (1)، فقلت: فتبارك الله أحسن الخالقين" فنزلت: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (2).
وليست موافقاته رضي الله عنه محصورة في هذه الخصال، فقد وافق في أكثر من الأربع المذكورة.
ومما وافق فيه القرآن قبل نزوله: في النهي عن الصلاة على المنافقين، قال تعالى:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} (3)، وفي قوله لليهود: من كان عدوا لجبريل، فنزلت الآية {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} (4)، وهي أكثر فقد عد الحافظ أبو موسى المديني من ذلك اثنتي عشرة خصلة (5).
خلافة عمر بن الخطاب
بويع عمر بن الخطاب بالخلافة يوم وفاة أبي بكر في السنة الثالثة عشرة من الهجرة، وثبتت خلافته بالعهد من أبي بكر رضي الله عنه، فبايعه الناس، وثبتت له البيعة باتفاق الأمة عليه، من عهِد أبي بكر رضي الله عنه واستخلفه أبو بكر رضي الله عنه لما يعلم من فضله على سائر من بقي من الصحابة رضي الله عنهم، وصلابته في الحق، ولم ينازعه في ذلك أحد من الصحابة رضي الله عنهم، فلما بايعه الصحابة رضي الله عنهم تواضع لهم، وواسى نفسه بهم، فلم يكن عليه باب ولا حجاب، يصلي الصلاة ثم يقعد فيكلمه من شاء (6).
(1) الآيات (12 - 14) من سورة المؤمنون.
(2)
تمام الآية (14) من سورة المؤمنون.
(3)
الآية (84) من سورة التوبة.
(4)
من الآية (97) من سورة البقرة.
(5)
فتح الباري لابن رجب 3/ 97، 98.
(6)
المعارف 1/ 182، 183.
وتوجهت إرادته إلى السير فيما سار فيه خليفة رسول الله أبو بكر رضي الله عنه، حيث عزم على ما عزم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسيير الجيوش لفتح الأمصار وإعلاء كلمة الله عز وجل التي أُرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لنشرها، وشُرع من أجلها الجهاد في سبيل الله، فكان ذلك الاقتداء من الخليفتين أبي بكر وعمر أمرا شرعيا، وعملا مرضيا، ففتح الله على يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سني خلافته أمصارا كثيرة من أرض فارس والعراق والشام، في معارك ضارية منها: الأهواز، ودستميسان، واليرموك، وبيت المقدس، ودمشق، وميسان، والجابية، وجلولاء، وقيساريّة، وبابل، ونهاوند، أرّجان، وإصطخر الأولى، وهمذان (1)، وأجنادين، وقد سار عمر رضي الله عنه في خلافته سيرة عظيمة، لم يكن لمن تلاه مثلها إلى يومنا هذا، ولربما إلى يوم الدين، سوى ما ذكر من أمر المهدي عند أهل السنة، فقد ورد أنه يملأ الأرض عدلا (2).
إن فضائل عمر كثيرة، والأدلة في هذا كثيرة، فهو أول من وضع للعرب التاريخ الهجري، واتخذ بيت المال، وأمر ببناء البصرة والكوفة، وهو أول من دوّن الدواوين في الإسلام، لقَّبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفاروق، وسراج الجنة، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، قال أبو بكر رضي الله عنه حين عهد له بالخلافة: ولّيت عليهم خيرهم، وصدق أبو بكر رضي الله عنه فإن عمر بن الخطاب أفضل الأمة بعد أبي بكر رضي الله عنهما، وقد كان عمر رضي الله عنه دوّخ الفرس، والروم وأذلهم، وأزال ملكهم، وألجأهم الى الهرب، حتى وصلت خيوله افريقية، وأوائل خراسان، وأوائل الهند، فذلّ الشرك كله بذلك، وعَزّ الإسلام بمكانه وسلطانه، وبه عز من أسلم منهم، وبذلك ظهر الإسلام ظهورا كبيرا بالفتوحات، شرقا وغربا، وصارت كلمة الله هي العليا بما جرى في تلك الأمصار.
(1) المعارف 1/ 182.
(2)
تاريخ الطبري 4/ 202.