الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا كتابي إليكم والنذير معا
…
فمن رأى مثل ذا رأيا ومن سمعا
لقد بذلت لكم نصحي بلا دخل
…
فاستيقضوا إن خير العلم ما نفعا
هذا والله حال المسلمين اليوم مع العالم الآخر، ولا يأس من روح الله، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وتبقى طائفة من المسلمين المؤمنين قائمة بالإسلام الصحيح، أتباع عهد النبوة والخلافة الراشدة، وينتصر الإسلام، ويقوى المسلمون، ويختم لهم بخير، خبر من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم «لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» (1).
الطريق إلى وحدة المسلمين
يحسن بنا في هذا العصر الذي تفجرت فيه المعلومات، وكثر فيه القُرَّاء والعلماء والباحثون، وتحررت فيه عقول من قيود التبعية لغير الله ورسوله، وبما أن الأساس الذي لا يختلف عليه المسلمون هو الإيمان بالله ربا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا وبالإسلام دينا، ولم تخدش وحدة المسلمين إلا بموت رسول الله وما تلا ذلك من أمر الخلافة، خلاف حدث بين أصحاب رسول الله في الاستحقاق وليس في الجواز، فإننا ندعو العقلاء اليوم على اختلاف مذاهبهم، ندعوهم إلى التجرد، ودراسة الحال بينهم بتجرد كامل، ونية صادقة للوصول إلى الحق وقبوله والعمل به، طاعة لله ورسوله، وعودة بالمسلمين إلى وحدة الاعتقاد والإتباع والمنهج، متخذين قول الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (2)، شعارا للتجرد والإنصاف، وإذا كان الإصلاح بين المؤمنين مطلوباً في الحقوق الخاصة والعامة، فإنه في العقيدة أوجب الوجبات، إن رسول الله يقول:«ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين: اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة» (3)، وما دام الأمر كذلك نتساءل ما أسباب هذا الافتراق؟ ، والجواب لم نقف
(1) البخاري حديث (3640) وفي مواضع عدة، ومسلم حديث (156) وفي مواضع عدة.
(2)
الآية (10) من سورة الحجرات.
(3)
رجاله ثقات، الدرامي حديث (2582).
على سبب فرَّق الأمم السابقة سوى الاعتقاد، وما بعث الله رسولا إلا قال لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ} (1)، قالها نوح، وإبراهيم، وهود، وصالح، وشعيب، وموسى، وعيسى، عليهم السلام، كانت دعوتهم متفقة على عبادة الله وحده لا شريك له؛ لأنها محور الوحدة بين العباد، وهي سبيل الله الذي لا يضيع سالكه أبدا؛ قال تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} (2)، ونهى تعالى عن سلوك أي سبيل آخر لأنها طرق ضلال نهايتها إبعاد سالكها عن الصواب؛ قال تعالى:{وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (3)، أكد تعالى هذا الشأن بأن جعله وصيته لعباده، لأن الوصية زيادة حرص على الموصى به، والعمل بها مضمون العاقبة؛ قال تعالى:{ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (4)، وأكثر مما ذكرت أن الله تعالى طالب كل أمة بعبادته وحده لا شريك له، وأمرهم باجتناب كل معبود سواه، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (5)، ومع ذلك لم يُرزق بعضهم الهداية إلى عبادة الله عز وجل، قال تعالى:{فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (6).
ويكفي دليلا على كثرة الفرق الضالة استعراض فرق الخوارج، والرافضة، ومن تسموا بالشيعة، وفرق الصوفية فإنه يُرى العجب العجاب من كثرة الفرق واختلافها في العقيدة والمنهج، وما بينها من العداوة والبغضاء؛ يكفر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا، ومن كان له عقل نظيف يجزم بأنهم ليسوا من الناجين،
(1) أنظر الآيات (72) من سورة المائدة، والآيات (59، 65، 73) من سورة الأعراف، والآية (50، 61، 84، 138) من سورة هود، والآية (16) من سورة العنكبوت، والآية (15) من سورة الشورى، والآية (64) من سورة الزخرف، والآيات في هذا الصدد كثيرة في كتاب الله عز وجل ..
(2)
من الآية (153) من سورة الأنعام.
(3)
من الآية (153) من سورة الأنعام.
(4)
من الآية (153) من سورة الأنعام.
(5)
من الآية (36) من سورة النحل.
(6)
من الآية (36) من سورة النحل.