المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌المقدمة

- ‌القسم الأولخطوات الوحدة الإسلامية

- ‌الاصطفاء للرسالة:

- ‌نزول الوحي

- ‌العهد النبوي

- ‌ركائز وحدة الأمة

- ‌الركيزة الأولى: الوحدة في الإيمان:

- ‌الركيزة الثانية: الوحدة في المعبود:

- ‌الركيزة الثالثة: الوحدة في المتبوع:

- ‌الركيزة الرابعة: الوحدة في المنهج:

- ‌الركيزة الخامسة: حماية الركائز الأربع:

- ‌حماية الركيزة الأولى:

- ‌حماية الركيزة الثانية:

- ‌حماية الركيزة الثالثة:

- ‌حماية الركيزة الرابعة:

- ‌لماذا سموا أصحابا

- ‌فضل أصحاب رسول الله رضي الله عنهم

- ‌المفاضلة بين الصحابة رضي الله عنه

- ‌أصل المفاضلة:

- ‌عدالة الصحابة رضي الله عنه

- ‌كلام الله عز وجل

- ‌مراتب بلاغ القرآن:

- ‌المرتبة الأولى:

- ‌المرتبة الثانية:

- ‌المرتبة الثالثة:

- ‌المرتبة الرابعة:

- ‌كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المرتبة الخامسة:

- ‌الخلافة الراشدة

- ‌موقف الصحابة من الخلافة الراشدة

- ‌مكانة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌نسبه:

- ‌صفته رضي الله عنه

- ‌إسلامه رضي الله عنه

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌الوحدة الإسلامية في عهد أبي بكر رضي الله عنه

- ‌موقف أبي بكر رضي الله عنه من استخلافه:

- ‌أبرز الأحداث في خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌حروب الردة

- ‌بعد حروب الردة:

- ‌أبو بكر عند احتضاره رضي الله عنه

- ‌وفاة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌نسبه:

- ‌صفته رضي الله عنه

- ‌إسلامه:

- ‌خلافة عمر بن الخطاب

- ‌عمر بين الحياة والموت:

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌نسبه:

- ‌صفته رضي الله عنه

- ‌إسلامه رضي الله عنه

- ‌زواجه وهجرته رضي الله عنه

- ‌نفقته في سبيل الله:

- ‌لماذا لم يشهد بدرا رضي الله عنه

- ‌لماذا لم يشهد بيعة الرضوان رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌بروز البلوى التي وُعد بها عثمان: رضي الله عنه

- ‌لماذا يسميه الرافضة نعثلا

- ‌علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌نسبه رضي الله عنه

- ‌صفته رضي الله عنه

- ‌خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌قتل علي رضي الله عنه

- ‌موقف علي رضي الله عنه من الخلفاء قبله رضي الله عنهم

- ‌موقفه من أبي بكر:

- ‌موقف علي من عمر رضي الله عنهما:

- ‌موقف علي من عثمان رضي الله عنهما:

- ‌ختم الخلافة ووحدة الأمة:

- ‌الحقد على الإسلام

- ‌في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ادعاء النبوة:

- ‌لإدعاء النبوة سببان في نظري:

- ‌في عهد أبي بكر رضي الله عنه

- ‌في عهد عمر رضي الله عنه

- ‌ الحقد المجوسي

- ‌في عهد عثمان رضي الله عنه

- ‌فتنة الخلاف

- ‌فتنة الخروج:

- ‌مزاعم الرافضة ضد عثمان

- ‌القسم الثاني افتراق الأمة الإسلامية

- ‌فُرقة المسلمين في العهد الأول

- ‌الموقف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما

- ‌كل خير لابد أن يقابله شر

- ‌التحالف الثلاثي

- ‌عهد عمر رضي الله عنه

- ‌ الخوارج

- ‌الرافضة

- ‌ما الحكم في قوم هذا شأنهم

- ‌مسلمون ولكن

- ‌الطريق إلى وحدة المسلمين

- ‌ السنة والشيعة

- ‌الفرق بين الشيعة والتشيع

الفصل: ‌ الحقد المجوسي

بحديث سمعته من النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالا: حدثنا، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول إن الله أوحى إلى داود أن ابن لي بيتا أذكر فيه، فخط له هذه الخطة بيت المقدس، فإذا تربيعها بيت رجل من بني إسرائيل، فسأله داود أن يبيعه إياه فأبي، فحدث داود نفسه أن يأخذ منه، فأوحى الله إليه أن يا داود أمرتك أن تبني لي بيتا اذكر فيه، فأردت أن تدخل في بيتي الغصب وليس من شأني الغصب، وإن عقوبتك أن لا تبنيه، قال: يا رب فمن ولدي؟ ، قال: من ولدك"، قال فأخذ عمر بمجامع ثياب أبي بن كعب وقال: "جئتك بشيء فجئت بما هو أشد منه، لتخرجن مما قلت، فجاء يقوده حتى أدخله المسجد فأوقفه على حلقة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيهم أبو ذر فقال: إني نشدت الله رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكر حديث بيت المقدس حين أمر الله داود أن يبنيه إلا ذكره".

فقال أبو ذر: "أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال آخر: أنا سمعته، وقال آخر أنا سمعته، يعني من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: فأرسل عمر أبيا، قال: وأقبل أبي على عمر فقال: يا عمر أتتهمني على حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: يا أبا المنذر، لا والله ما أتهمتك عليه، ولكني كرهت أن يكون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرا، قال: وقال: عمر للعباس: اذهب فلا أعرض لك في دارك، فقال العباس: أما إذ فعلت هذا فإني قد تصدقت بها على المسلمين، أوسع بها عليهم في مسجدهم، فأما وأنت تخاصمني فلا، قال: فخط عمر لهم دارهم التي وبناها من بيت مال المسلمين"(1)، الله أكبر أي عدل هذا، وأي بحث عن الحق، والتزام به عند ظهوره، إن هذا نتاج مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم.

لكن يبقى الحاقدون على الإسلام يمارسون ما تهوى أنفسهم من الضلال، والانتقام للجاهلية الجهلاء، فيظهر‌

‌ الحقد المجوسي

منتقما.

الحقد المجوسي:

علمنا من تأويل رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤياه، ورؤى الأنبياء حق، قال صلى الله عليه وسلم: «رأيت الناس مجتمعين في صعيد فقام أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفي بعض نزعه ضعف

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 4/ 22.

ص: 138

والله يغفر له ثم أخذها عمر فاستحالت بيده غربا فلم أر عبقريا في الناس يفري فريه حتى ضرب الناس بعطن» (1)، قال العلماء: هذا المنام مثال واضح لما جرى لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في خلافتهما، وحسن سيرتهما، وظهور آثارهما، وانتفاع الناس بهما، وكل ذلك مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم ومن بركته وآثار صحبته، فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو صاحب الأمر فقام به أكبر قيام، وقرر قواعد الإسلام، ومهد أموره وأوضح أصوله وفروعه، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وأنزل الله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (2)، ثم توفي صلى الله عليه وسلم فخلفه أبو بكر رضي الله عنه سنتين وأشهرا، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم ذنوبا أو ذنوبين - وهذا شك من الراوي - والمراد ذنوبان، كما صرح به في الرواية الأخرى، وحصل في خلافته قتال أهل الردة وقطع دابرهم، واتساع ملك الإسلام، ثم توفي فخلفه عمر رضي الله عنه، فاتسع الإسلام في زمنه، وتقرر لهم من أحكامه ما لم يقع مثله، فعبَّر بالقليب عن أمر المسلمين، لما فيها من الماء الذي به حياتهم وصلاحهم، وشبَّه أميرهم بالمستقى لهم، وسقيه هو قيامه بمصالحهم، وتدبير أمورهم.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في أبي بكر رضي الله عنه: وفي نزعه ضعف، فليس فيه حطّ من فضيلة أبي بكر، ولا إثبات فضيلة لعمر عليه، وإنما هو إخبار عن مدة ولايتهما، وكثرة انتفاع الناس في ولاية عمر لطولها، ولاتساع الإسلام وبلاده، والأموال وغيرها، والفتوحات، ومصَّرَ الأمصار، ودوَّنَ الدواوين.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: والله يغفر له، فليس فيه تنقيص له، ولا إشارة إلى ذنب، وإنما هي كلمة كان المسلمون يدعمون بها كلامهم، ونعمت الدعامة، وقد سبق في صحيح مسلم أنها كلمة كان المسلمون يقولونها: افعل كذا والله يغفر لك.

قال العلماء: وفي كل هذا إعلام بخلافة أبي بكر وعمر، وصحة ولايتهما، وبيان صفتها، وانتفاع المسلمين بها (3).

(1) البخاري حديث (3633).

(2)

من الآية (3) من سورة المائدة.

(3)

مسلم حديث (2392) تعليق محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله.

ص: 139

هذا ما أثار الحقد المجوسي، ولاسيما فتح بلاد فارس، وتطهيرها من عبادة غير الله عز وجل، فحرك المجوس أصابعهم، واستطاعوا بقدر من الله عز وجل أن يصلوا إلى رمز الإسلام عمر بن الخطاب بتحريك ذلك العلج المجوسي ليقضي الله أمرا كان مفعولا، كان أبو لؤلؤة المجوسي أشقى الخلق بما أقدم عليه من قتل عمر بن الخطاب، وكان أبو لؤلؤة المجوسي مملوكا للمغيرة، وكان قتلُه عمر مؤامرة منه مع غيره من المجوس الأسرى، الذين جيء بهم أسرى إلى المدينة (1)، فقال: إن المغيرة قد جعل عليَّ من الخراج ما لا أطيق، قال: كم جعل عليك؟ قال: كذا وكذا، قال: وما عملك؟ قال: أجوب الأرجاء (2)، قال: وما ذاك عليك بكثير، ليس بأرضنا أحد يعملها غيرك، ألا تصنع لي رحى؟ ، قال:"بلى والله، لأجعلن لك رحى يسمع بها أهل الآفاق"، فخرج عمر إلى الحج، فلما صدر اضطجع بالمحصب، وجعل رداءه تحت رأسه، فنظر إلى القمر فأعجبه استواؤه وحسنه، فقال:"بدأ ضعيفا ثم لم يزل الله يزيده وينميه حتى استوى، فكان أحسن ما كان، ثم هو ينقص حتى يرجع كما كان، وكذلك الخلق كله"، ثم رفع يديه فقال:"اللهم إن رعيتي قد كثرت وانتشرت فاقبضني إليك غير عاجز ولا مضيع" فصدر إلى المدينة فذُكر له أن امرأة من المسلمين ماتت بالبيداء، مطروحة على الارض يمر بها الناس لا يكفنها أحد، ولا يواريها أحد حتى مر بها كليب بن البكير الليثي، فأقام عليها حتى كفنها وواراها، فذكر ذلك لعمر فقال:"من مر عليها من المسلمين؟ "، فقالوا: لقد مر عليها عبد الله بن عمر فيمن مر عليها من المسلمين، فدعاه وقال:"ويحك! مررت على امرأة من المسلمين مطروحة على ظهر الطريق، فلم توارها ولم تكفنها؟ ، قال: ما شعرت بها ولا ذكرها لي أحد، فقال: لقد خشيت أن لا يكون فيك خير، فقال: من واراها وكفنها؟ قالوا: كليب بن بكير الليثي، قال: والله لحري أن يصيب كليب خيرا"، فخرج عمر يوقظ الناس بدرته لصلاة الصبح، فلقيه الكافر أبو لؤلؤة فطعنه ثلاث طعنات بين الثنة والسرة، وطعن كليب بن بكير فأجهز عليه، وتصايح الناس، فرمى رجل على رأسه ببرنس ثم اضطبعه إليه، وحمل عمر إلى الدار

(1) مصنف ابن أبي شيبة 8/ 576.

(2)

جمع رحى، فهو يقطعها من الحجارة، ويصنعها ..

ص: 140

فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس، وقيل لعمر: الصلاة فصلى وجرحه يثعب، وقال:"لا حظ في الاسلام لمن لا صلاة له" فصلى ودمه يثعب، ثم انصرف الناس عليه فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنه ليس بك بأس، وإنا لنرجو أن ينسئ الله في أثرك ويؤخرك إلى حين، أو إلى خير، فدخل عليه ابن عباس وكان يعجب به، فقال:"اخرج فانظر من صاحبي؟ " ثم خرج فجاء فقال: أبشر يا أمير المؤمنين، صاحبك أبو لؤلؤة المجوسي: عبد المغيرة بن شعبة، فكبر حتى خرج صوته من الباب، ثم قال:"الحمد لله الذي لم يجعله رجلا من المسلمين، يحاجني بسجدة سجدها لله يوم القيامة" ثم أقبل على القوم فقال: "أكان هذا عن ملإ منكم؟ " فقالوا: معاذ الله، والله لوددنا أنا فديناك بآبائنا، وزدنا في عمرك من أعمارنا، إنه ليس بك بأس، قال:"أي يرفأ، ويحك، اسقني" فجاءه بقدح فيه نبيذ حلو فشربه، فألصق رداءه ببطنه، قال: فلما وقع الشراب في بطنه خرج من الطعنات، قالوا: الحمد لله، هذا دم استكن في جوفك، فأخرجه الله من جوفك، قال: أي يرفأ، ويحك، اسقني لبنا، فجاء بلبن فشربه، فلما وقع في جوفه خرج من الطعنات، فلما رأوا ذلك علموا أنه هالك، قالوا: جزاك الله خيرا، قد كنت تعمل فينا بكتاب الله، وتتبع سنة صاحبيك، لا تعدل عنها إلى غيرها، جزاك الله أحسن الجزاء، قال:"بالإمارة تغبطونني، فو الله لوددت أني أنجو منها كفافا لا علي ولا لي، قوموا فتشاوروا في أمركم، أمروا عليكم رجلا منكم، فمن خالفه فاضربوا رأسه" قال: فقاموا وعبدالله بن عمر مسنده إلى صدره، فقال عبدالله:"أتؤمرون وأمير المؤمنين حي؟ "، فقال عمر:"لا، وليصل صهيب ثلاثا، وانتظروا طلحة، وتشاوروا في أمركم، " قال: "اذهب إلى عائشة فاقرأ عليها مني السلام، وقل: إن عمر يقول: إن كان ذلك لا يضر بك ولا يضيق عليك، فإني أحب أن أدفن مع صاحبي، وإن كان يضربك ويضيق عليك، فلعمري لقد دفن في هذا البقيع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين من هو خير من عمر" فجاءها الرسول فقالت: "إن ذلك لا يضر ولا يضيق عليّ" قال: "فادفنوني معهما" قال عبدالله بن عمر: "فجعل الموت يغشاه وأنا أمسكه إلى صدري" قال: "ويحك ضع رأسي بالأرض" قال: "فأخذته غشية فوجدت من ذلك"

ص: 141