الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهرب بعد مقتل أَبِيه وَعَمه وَكَانَ يجول فِي السَّنَد والهند وَكتب حَفْص ابْن عمر صَاحب السَّنَد إِلَى الْمَنْصُور يُخبرهُ أنَّه وُجد فِي بعض خانات المُولْتان مكتوبٌ يَقُول عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن بن الْحسن انتهيتُ إِلَى هَذَا الْموضع بعد أَن مشيت إِلَى أَن انتعلتُ الدَّم وَقد قلت
(عَسى منهل يصفو فتَروي ظميئةٌ
…
أَطَالَ صداها المنهلُ المتكدِّرُ)
(عَسى جَابر الْعظم الكسير بلطفهِ
…
سيرتاح للعظم الكسير فيَجبُرُ)
(عَسى صُوَرٌ أَمْسَى لَهَا الْجور دافناً
…
سيبعثها عدلٌ يَجِيء فتَظهرُ)
(عَسى اللهُ لَا تيأس من الله إنَّهُ
…
يسيرٌ عَلَيْهِ مَا يعِزُّ ويَعسُرُ)
فَكتب إِلَيْهِ الْمَنْصُور قد قَرَأت كتابك والأَبيات وَأَنا وعليٌّ وأهلُه كَمَا قيل
(يحاول إذلالَ الْعَزِيز لأنَّهُ
…
بدانا بظلمٍ واستمرَّت مرائرُهْ)
إِن وقفت على خَبره فأعطِه وأَحسِنْ إِلَيْهِ وَقيل إنَّ هَذِه الْوَاقِعَة والأَبيات للقاسم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب على مَا ذكره ابْن الجرَّاح فِي الورقة
3 -
(عَلَاء الدّين بن عبد الظَّاهِر)
عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الظَّاهِر بن نشوان الجذامي الْمصْرِيّ الصَّدْر الرئيس النَّبِيل الْكَبِير عَلَاء الدّين ابْن القَاضِي فتح الدّين وَقد مرّ ذكره فِي المحمدين ابْن القَاضِي محيي الدّين وَقد مرّ ذكره فِي العبادلة وَتقدم ذكر أبي جدّه عبد الظَّاهِر فِي مَكَانَهُ كَانَ بَيته مجمع)
الأدباء والفضلاء نسخ عدَّة كتب بِخَطِّهِ الْفَائِق الْمَنْسُوب سمع بِقِرَاءَة الشَّيْخ شمس الدّين من ابْن الخلاّل ولد سنة ستّ وَسبعين وست مائَة وَكتب فِي الدولة المنصورية وعمره إِحْدَى عشرَة سنة سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتُوفِّي يَوْم الْخَمِيس رَابِع شهر رَمَضَان سنة سبع عشرَة وَسبع مائَة رحمه الله ورثاه القَاضِي شهَاب الدّين رحمه الله بقصيدة أنشدنيها إجَازَة أَولهَا
(الله أكبرُ أيُّ ظلٍّ زَالا
…
عَن آمليه وأيُّ رُكنٍ مَالا)
وسأذكرها كَامِلَة فِي آخر هَذِه التَّرْجَمَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَكَانَ من الوجاهة فِي الدولة الناصرية أَولا فِي المحلّ الْأَقْصَى وَفِي الدولة الْمَذْكُورَة بعد قدوم السُّلْطَان من الكرك أَيْضا فِي محلٍّ دون الأوّل يرَاهُ النَّاس بِالْعينِ الأولى ويعظّمونه جدا وَكَانَ فِي خدمَة الْأَمِير سيف الدّين سلاّر يكْتب قدّامه ويوقّع أَيَّام نيابته فكرهه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَخْبرنِي القَاضِي شهَاب الدّين بن فضل الله من لَفظه قَالَ قَالَ لي السُّلْطَان مَا كرهته لأجل شَيْء وَإِنَّمَا خَان مخدومه يَعْنِي سلاْر لِأَنَّهُ اسْتَكْتَبَهُ شَيْئا واستكتمه فجَاء إليَّ وعرّفني بِهِ وَأَخْبرنِي أَيْضا عَنهُ قَالَ لما جَاءَ السُّلْطَان فِي المرّة الْأَخِيرَة من الكرك واستمرَّ الْأَمر لَهُ قَالَ للأمير عز الدّين أيدمر الدَّوادار السَّاعَة يَجِيء إِلَيْك طعامٌ من عِنْد ابْن عبد الظَّاهِر فاقبله مِنْهُ فَلم يكن قليلٌ حتَّى جَاءَ ذَلِك فَقبله مِنْهُ وعرَّف السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ السَّاعَة يبْعَث إِلَيْك خرفاناً وإوزًّا وسكرًا وَيَقُول يَا خَوَند أَنا مَا عِنْدِي من يطْبخ مَا يصحّ لَك دع مماليكك يشوون لَك هَذَا فَمَا كَانَ إلَاّ عَن قَلِيل حتَّى جَاءَ ذَلِك فَأَخذه وعرَّف السُّلْطَان وَقَالَ لَهُ السَّاعَة يجهّز إِلَيْك ذَهَبا وَيَقُول أُرِيد يكون هَذَا وَدِيعَة فِي خزانَة الْأَمِير فَإِنَّهُ أحرز من بَيْتِي فَمَا كَانَ إلَاّ أَن جرى ذَلِك وَقَالَ لي يَا خوند قد أبعتُ لي ملكا وأخاف يسرقُ ثمنه وَقد أرصدته للحجاز وأسأل أَن يكون فِي خزانتك فَأخذ الورقة وعرضها على السُّلْطَان فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ إِلَيْهِ فِي قفاها يَا علاءَ الدّين نَحن مَا نغيِّر شرف الدّين بن فضل الله وَإِن غيَّرناه فَمَا نولّي إلَاّ عَلَاء الدّين بن الْأَثِير فوفَّر ذهبك عَلَيْك وخلّيه عنْدك انْتفع بِهِ انْتهى
وَكَانَ السُّلْطَان إِذا رَآهُ بعض الْأَوْقَات يَقُول سُبْحَانَ الرازق وَالله مَا أشتهي أرَاهُ وَهُوَ يَأْكُل رزقه وَمَعَ ذَلِك فَهُوَ كَانَ رَئِيس الديار المصرية وجاهةً وشكلاً وإحساناً ونفعاً للنَّاس يحسن إِلَى الغرباء وَيَقْضِي حوائج النَّاس وَهُوَ عِنْد النَّاس مثل من هُوَ صَاحب الدِّيوَان وَلم يزل يُوقع فِي دست السُّلْطَان إِلَى أَن توفّي رحمه الله
وَكَانَ حسن البزّة حسن السَّمت نظيف اللبَاس إِلَى الْغَايَة طيّب الرَّائِحَة لَهُ مَكَارِم وَفِيه تجمُّل زَائِد وإحسان إِلَى من ينتمي إِلَيْهِ وَله نثر جيد عمل مقامةً سمَّاها مراتع الغزلان وجوَّدها ولمَّا دخلت الديار المصرية سنة سبع وَعشْرين وَسبع مائَة طلب منِّي نظيرها فأنشأت المقامة الَّتِي وسمتُها ب عِبْرَة الكئيب بعثرة الكئيب وَمَا أظنّه كَانَ ينظم شَيْئا وَمن لإنشائه رحمه الله رسالةٌ فِي المفاضلة بَين الرمْح وَالسيف وجوَّدها وَهِي بعثتُ إِلَيْك رسالتي وَفِي علمي أنَّك الكميّ الَّذِي لَا يجاريك ندّ والشجاع الَّذِي أظهر حسن لوثتك للضدّ والبطل المنيع للْجَار والأسد الَّذِي لَك الأسَل وجَّار والباسل الَّذِي كمّ
لخمر الغمود بتجريدك عَن وُجُوه الْبيض انحسار وَلَك الْمعرفَة فِي الْحَرْب ولاماتها والشجاعة وآلاتها وَإِلَيْك فِي أمرهَا التَّفْضِيل ولديك علم مَا لجملتها من تَفْصِيل وَهَا هِيَ احتوت على المفاضلة بَين الرُّمح وَالسيف وَلم تدر بعد ذَلِك كَيفَ فإنَّ السَّيْف قد شرَع يَتَقوَّى بحدّه وَلَا يقف بِمَعْرِِفَة نَفسه عِنْد حدّه وَالرمْح يتكثّر بأنابيبه ويستطيل بِلِسَان سنانه وَلم يثنِ فِي وصف نَفسه فضلَ عِنانه وَقد أطرقتُها حماك لتَحكم بَينهمَا بالحقِّ السويّ وتُنصف بَين الضَّعِيف وَالْقَوِي أمَّا السَّيْف فإنَّه يَقُول أَنا الَّذِي لصفحتي الغُرَر ولحدِّي الغِرار وَتَحْت ظِلالي فِي سَبِيل الله الجنَّة وَفِي إظلالي على الأَعداء النَّار ولي البُروق الَّتِي هِيَ للبصائرِ لَا الأَبصارِ خاطفة وطالما لمعت فَسَحَّتْ سحب النَّصْر واكفة ولي الجفون الَّتِي مَا لَهَا غير نصر الله من بصر وَكم أغفت فمرَّ بهَا طيف من الظفر وَكم بَكت عليَّ الأَجفان لمَّا تعوَّضتُ عَنْهَا الأَعناقَ عُمودا وَكم جلبتُ الْأَمَانِي بيضَ والمنايا سُودًا وَكم ألحقتُ رَأْسا بقدم وَكم رعيت فِي خصيبٍ نبته اللّمم وَكم جَاءَ النَّصْر الْأَبْيَض لما أسلتُ النجيع الْأَحْمَر وَكم اجتُني ثَمَر التأييد من ورق حديدي الْأَخْضَر وَكم من آيَة ظفرٍ تلوتها لمَّا صلَّيتُ واتَّقد لهيب فكري فأصليت فوصفي هُوَ كذاتي الْمَشْهُور وفضلي هُوَ الْمَأْثُور فَهَل يَتَطَاوَل الرمْح إِلَى مفاخرتي وَأَنا الْجَوْهَر وَهُوَ الْعرض وَهُوَ الَّذِي يُعتاض عَنهُ بِالسِّهَامِ وَمَا عنِّي عوض وَإِن كَانَ ذَاك ذَا أسنَّة فَأَنا أُتَقَلَّدُ كالمِنَّة كم حَملته يدٌ فَكَانَت حمَّالة الْحَطب وَكم فَارس كَسبه بحَمَلاته فَمَا أغْنى عَنهُ مَا كسب حدّه لَيْسَ من جنسه ونفعه لَيْسَ من شَأْن نَفسه وَأَيْنَ سمر الرماح من بيض الصّفاح وَأَيْنَ ذُو الثعالب من الَّذِي يُحمى بِهِ أُسود الضرائب وَهل أَنْت إلَاّ طَوِيل بِلَا بركَة وعاملٌ كم عزلتك النبال بزائد حَرَكَة فَنَطَقَ الرمْح بِلِسَان سنانه مفتخراً وَأَقْبل فِي علمه)
معتجراً وَقَالَ أَنا الَّذِي طُلتُ حتَّى اتَّخذت أسنَّتي الشُّهب وعلوتُ حتَّى كَادَت السَّمَاء تعقدُ عليَّ لِوَاء من السحُب كم مَيَّل نسيم النَّصْر غصني وميَّد وَكم وَهِي بِهِ للملحدين ركنٌ وللموحِّدين تشيّد وَكم شمس ظفرٍ طلعت وَكَانَت أسنَّتي شعاعها وَكم دِمَاء أطرت شَعاعها وطالما أثمر غصني الرؤوس فِي رياض الْجِهَاد وغدت أسنَّتي وكأنما صيغت من سرُور فَمَا يخطرن إلَاّ فِي فؤاد وَكم شبّهت أعطاف الحسان بِمَا لي من مَيَل وَضرب بطول ظلّ قناتي الْمثل وزاحمت فِي المواكب للرياح بالمناكب وحسبي الشّرف الْأَسْنَى أنَّ أَعلَى الممالك مَا عليَّ يبْنى مَا لمع سناني فِي الظلماء إلَاّ خَاله المارد من رجوم السَّمَاء فَهَل للسيف فخرٌ يطاول فخري أَو قدرٌ يُسامي قدري وَلَو وقف السَّيْف عِنْد حدّه لعلم أنَّه الْقصير وَإِن كَانَ ذَا الحلى وَأَنا الطَّوِيل ذُو العلى وطالما صدع هاماً فعادك هاماً وَقصر عِنْد العِدى وألمَّ بصفحته كَلَف الصدى وفلَّ حدّه وأذابه الرُّعب لَوْلَا غمده فَهَل يطعن فيَّ بِعَيْب وَأَنا الَّذِي أطعن حَقِيقَة بِلَا ريب وَمن هَاهُنَا آن أَن أمسك عَنْك لِسَان سناني وَنَرْجِع
إِلَى من يحكم برفعة شانك وشاني ونسعى إِلَى بَابه ونبثُّ محاورتنا برحابه وَقد أوردهما الْمَمْلُوك حماك فاحكم بَينهمَا بِمَا بصَّرك الله وأراك
وَقَالَ وَقد رُتّب معاليمهم على شَطَّنوف
(يَا أَمِيرا لَهُ من الْجُود بَحر
…
فَهُوَ جارٍ لنا بِغَيْر وقُوف)
(قد غرقنا فِي بَحر همًّ وغمًّ
…
فطلعنا بِذَاكَ من شَطَّنوف)
وأنشدني لنَفسِهِ إجَازَة العلامةُ شهَاب الدّين مَحْمُود مَا قَالَه فِي بُسْتَان القَاضِي عَلَاء الدّين الَّذِي بالمنشأة وَمن خطِّه نقلت
(إيوانُنا للجِنان عنوانُ
…
كأنَّه فِي سَناه كيوانُ)
(حُلْو الْمعَانِي كَلَفْظِ مُنشئهِ
…
يَقصُرُ فِي الوصفِ غُمدانُ)
(تقابلتْ إذْ عَلَتْ سُرُرٍ
…
من المسرّات فِيهِ إخوانُ)
(تركض فِي العيونُ فَهُوَ على
…
لُطْفٍ بِهِ للعيون مَيْدانُ)
(يسْتَقْبل الرَّوْحَ من صَباه وَمن
…
شذاه رَوْحٌ سارٍ ورَيْحانُ)
(تخُرُّ فِيهِ الْمِيَاه مطربةً
…
كأنَّها فِي السماع ألحانُ)
(فأرضه روضةٌ مُنَوَّرةٌ
…
دارتْ بهَا للرُّخام غُدرانُ)
)
(أَو وَجَناتٌ غُرٌّ تلوح بهَا
…
من سود تِلْكَ الفصوص خيلانُ)
(أوافِقٌ زُهْرُهُ أزاهرَهُ
…
لكنّها لؤلؤٌ ومَرجانُ)
(لَهُ جَنَاحَانِ من هُنَا وَهنا
…
زاداهُ حسنا بحْرٌ وبستانُ)
(ذَا ترقص السُّفْنُ فِي ذراه إِذا
…
حُرِّكَ من ذَا للوُرقِ عيدانُ)
(وَقد بَدَت كالطاووس فِي حللِ ال
…
وشيِ سقوفٌ لَهُ وأركانُ)
(دارت عَلَيْهِ لحسنهِ وعلتْ
…
فَهِيَ عقودٌ لَهُ وتيجانُ)
(كَأَنَّمَا قائمُ الرُّخامِ بهِ
…
فِي خدمَة الجالسين غِلمانُ)
(أَو حِبَرٌ أُلِّفَتْ ونوّعها ال
…
راقمُ حُسناً فهنَّ ألوانُ)
(أَو شجرٌ أسْبَلَتْ خمائلها
…
فَمَا لَهَا فِي العيان أغصانُ)
(أنشأه للأضياف مالكهُ
…
فكمَّل الحُسْنَ فِيهِ إحسانُ)
(يسْتَقْبل الْوَفْد قبل رُؤْيَته ال
…
بِشرُ فَقل جنةٌ ورضوانُ)
(فجَاء فَردا كبيته أرِجاً
…
كذكرهم مشرقاً كَمَا كَانُوا)
(أَحْيَا عليٌّ آثَارهم فبهِ
…
بَان سنا مجدهم وَقد بانوا)
(صَدْرٌ رحيبٌ وملتقًى حَسَنٌ
…
ونائلٌ كالغمام هتّانُ)
(بنى فعلَّى لَكِن تقى وندًى
…
فَلَا وَهِي من عُلاه بُنيانُ)
(ودام يجني ثمارَ أنعُمهِ
…
فالشكر نَوْرٌ والجود أفنانُ)
وأنشدني أَيْضا لنَفسِهِ إجَازَة قَالَ يرثي عَلَاء الدّين الْمَذْكُور وَكتب بذلك إِلَى نَاصِر الدّين شَافِع رحمهم الله أَجْمَعِينَ
(الله أكبرُ أيُّ ظلِّ زَالا
…
عَن آمليه وأيُّ طَود مَالا)
(أنعى إِلَى النَّاس المكارم والندى
…
والجود وَالْإِحْسَان والإفضالا)
(أنعى علاءَ الدّين صدرَ زمانهِ
…
خَلْقاً وخُلْقاً بارعاً وجلالا)
(ومهذّباً مَلأ القلوبَ مهابةً
…
والسمعَ وَصفا والأكفَّ نوالا)
(حَاز الرِّئَاسَة فاغتدى فيهابهُ
…
أهلُ المفاخر تضرب الأمثالا)
(وحوى من الْآدَاب مَا أضحى بِهِ
…
أهل الْبَيَان على علاهُ عيالا)
(طلقُ المحيّا لَو يُقَابل وجهَهُ
…
الأنواءُ ظلَّ جَهامُها هطّالا)
)
(متمكنٌ من عقله فكأنَّهُ
…
قد شَدَّ فِيهِ عَن الهنات عِقالا)
(رَحب الندى تُنسي بشاشةُ وَجهه
…
مَا زَاده أوطانه والآلا)
(طرقته أَيدي الحادثات فزحزحت
…
منهُ مَآلًا للعُفاة ومالا)
(وسطتْ على الشّرف الرفيع فقلَّصت
…
عَن ذَلِك الحَرَم المنيع ظلالا)
(فُجِعَت يتامى من ذؤابة هاشمٍ
…
أَمْسَى أَبَا لهمُ وَإِن يكُ خالا)
(فقدت أيامهم بفقدِ عليِّهم
…
وَكَذَا الْيَتَامَى عِصمةً وثِمالا)
(ونضت ملاءةَ كلِّ مكرُمةٍ ضَفَتْ
…
عَنْهَا فَعَاد لباسُها الأسمالا)
(وأعادت الْمجد المؤثَّلَ بَعدهُ
…
كَانَا غديرَ حَيا فعادا آلا)
(من للسماحة والفصاحة بَعدهُ
…
قولا يُقَال وَكَانَ قبلُ فِعالا)
(من للوجاهة والنباهة بعدهُ
…
إِن جال فِي نَادِي الندى أَو قَالَا)
(من للفتوة والمروءة أزمعا
…
لمّا ترحَّل بعدهُ الترحالا)
(من للكتابة حِين أضحى جيدُها ال
…
حَالي بِدُرِّ بيانهِ مِعْطالا)
(قد كَانَ فارسها الَّذِي بيراعهِ
…
كم رَاع قبلُ أسنَّةً ونصالا)
(وجوادَها إِن رام سبقاً حازهُ
…
فِيهَا وقَرْطَسَ إِن أَرَادَ نضالا)
(وخطيبها مَا أمَّ مِنبر كفِّهِ
…
قلمٌ فغادر للأنام مقَالا)
(من للبلاغة رامها من بعدهِ
…
كُلٌّ وَكَانَت كَالنُّجُومِ منالا)
(يَا نَجْلَ فتحِ الدّين أغلق رُزؤكم
…
بابَ الرَّجَاء وأوثقَ الأقفالا)
(لَهْفي على تِلْكَ البشاشةِ كم بهِ
…
بسطتْ لِوفد ربعه آمالا)
(لهفي على تِلْكَ المكارم كم سقتْ
…
ظامي الرجاءِ الباردَ السلسالا)
(لهفي على تِلْكَ الْمُرُوءَة كم قضتْ
…
سؤلاً لمن لم يُبْدِ فِيهِ سؤالا)
(لهفي على آلائه كم أثقلتْ
…
ظهرا وَكم قد خفَّفت أثقالا)
(لهفي على تِلْكَ المآثر لم تُطِع
…
فِي فعلهَا اللُوّامَ والعُذّالا)
(أبْكِي عَلَيْهِ وقلَّ مني أنني
…
أبْكِي عَلَيْهِ وأُكثرُ الإعوالا)
(أَدْعُو دموعي والعزا فيجيبُني
…
ذَا هاملاً ويصدُّ ذَا إهمالا)
(وَإِذا اعتبرتُ الحزنَ كَانَ حَقِيقَة
…
وَإِذا اعتبرتُ الصبرَ كانَ مُحالا)
)
(وَإِذا غفلتُ أَقَامَ لي إحسانهُ
…
فِي كل وقتٍ من سناه مِثالا)
(وَإِذا هجعتُ فإنَّما زار الْكرَى
…
ليروعَ قلبِي أَن أرَاهُ خيالا)
(قد كَانَ يُكرم جَانِبي ويجلُّني
…
وَإِذا ذُكِرْتُ أطابهُ وأطالا)
(ويُحِلُّني كأبيه فِي تبجيله
…
حتَّى أَقُول قد استوينا حَالا)
(فعلامَ لَا أبْكِي وأستسقي لهُ
…
سُحُبَ الْقبُول من الْكَرِيم تَعَالَى)
(وَلَقَد صحبتُ أَبَاهُ قبلُ وجدَّهُ
…
وهما هما مجداً سما وكمالا)
(فوجدتُهُ قد حَاز مجدهما مَعًا
…
فَرْداً ونال من العُلى مَا نالا)
(وَمضى حميدا طَاهِرا مَا دنَّست
…
أَيدي الهَوَى لبرودهِ أذيالا)
(عَجِلَ الحِمامُ على صباهُ فَلَا ترى
…
إلَاّ دموعاً تستفيضُ عجالى)
(يَا ناصرَ الدّين ادّرِعْ صبرا فقد
…
فَارَقت ثمَّ صبرتَ ذَاك الخالا)
(ورزئتَ قبل فِرَاق خالِكَ بِابْنِهِ
…
فحملتَ أعباء الخطوب ثقالا)