الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكتب ابْن سعيد إِلَى السرَّاج الورَّاق
(أَتَى بارتسامي فِي المحبَّة مسطورُ
…
فَللَّه منظومٌ هُنَاكَ ومنثورُ)
(أهيمُ بمعناكم وَمعنى جَمالِكم
…
وأيُّ سراجٍ لَا يهيم بِهِ النورُ)
فَأجَاب السرَّاج وَمن خطّه نقلت
(كتابُك نورَ نَوْرٌ مُفَتَّحٌ
…
أريجُ الشذا من صوبِ عقلك ممطورُ)
(تأرَّجَ لي لمَّا تبلَّجَ حبَّذا
…
سطورٌ بهَا قد أشرق النَّوْرُ والنُّورُ)
3 -
(صَاحب شذور الذَّهَب)
عَليّ بن مُوسَى بن عَليّ بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن خلف أَبُو الْحسن بن النَّقَرات الْأنْصَارِيّ السالمي الأندلسي الجَيَّاني نزيل فاس ولي خطابة فاس وَهُوَ صَاحب كتاب شذور الذَّهَب فِي صناعَة الكيمياء توفِّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة لم ينظم أحدٌ فِي الكيمياء مثل نظمه بلاغَةَ معانٍ وفصاحَةَ أَلْفَاظ وعذوبة تراكيب حتَّى قيل فِيهِ إِن لم يعلِّمك صَنْعَة الذَّهَب فقد علَّمك صَنْعَة الْأَدَب وَقيل هُوَ شَاعِر الْحُكَمَاء وَحَكِيم الشُّعَرَاء وقصيدته الطائيَّة أبرزها فِي ثَلَاثَة مظَاهر مظهر غزل ومظهر قصَّة مُوسَى والمظهر الَّذِي هُوَ فِي الأَصْل صناعَة الكيمياء وَهَذَا دَلِيل الْقُدْرَة والتمكُّن وأوَّلها
(بزيتونة الدُّهنِ المباركةِ الْوُسْطَى
…
غنينا فَلم نبدل بهَا الأثلَ والخَمْطا)
(صُفُونا فآنسنا من الطورِ نارَها
…
تُشَبُّ لنا وَهْناً وَنحن بِذِي الأرطى)
(فلمَّا أتيناها وقرَّبَ صبرُنا
…
على السَّير من بُعد الْمسَافَة مَا اشتطَّا)
(نحاولُ مِنْهَا جذوةً لَا ينالها
…
مِنَ النَّاس من لَا يعرف الْقَبْض والبسطا)
)
(هبطنا من الْوَادي المقدِّس شاطئاً
…
إِلَى الْجَانِب الغربيِّ نمتَثِلُ الشرطا)
(وَقد أرجَ الأرجاءُ مِنْهَا كأَنَّها
…
لطيب شذاها تحرق العُودَ والقُسطا)
(وقمنا فألقينا الْعَصَا فِي طِلابها
…
إِذا هِيَ تسْعَى نحونا حيَّةً رَقطا)
(وثار لطيفُ النقعِ عِنْد اهتزازها
…
فأظلم من نور الظهيرة مَا غطَّى)
(وأهوت إِلَى مَا دُوننَا من رماله
…
وأمواهِهِ والصخرِ تنهمها سَرطا)
(فأَدبرَ من لَا يعرفُ السرَّ خِيفةً
…
وَأَقْبل مِنْهَا من يروم بهَا سقطا)
(ومدَّ إِلَيْهَا الفيلسوفُ يمينهُ
…
فجاذبها أخذا وأوسعَها ضغطا)
(فَصَارَت عَصا فِي كفِّه وأجنَّها
…
فأخرجها بيضاءَ تجلو الدُّجى كشطا)
(فَلم أرَ ثعباناً أذلَّ لعالِمٍ
…
سواهَا وَلَا مِنْهَا على جاهلٍ أسطى)
(هِيَ المركبُ الصعبُ المرامِ وإنَّها
…
ذلولٌ ولكنْ لَا لكلِّ من استمطى)
(فأَعْجِبْ بهَا من آيةٍ لمفكِّرٍ
…
يُقصِّر عَن إِدْرَاكهَا كلُّ من أخطا)
(وأعجبُ من أحوالها تِلْكَ عَوْدُها
…
إِلَى حَالهَا بَدءاً إِذا ملكتْ هبطا)
(وتفجيرُها من صخرةٍ عَشْرَ أعيُنٍ
…
واثنتين تَسْقِي كلُّ واحدةٍ سِبْطا)
(وتفليقُها رَهواً من البحرِ فَاسْتَوَى
…
طَرِيقا فمِن ناجٍ وَمن هالكٍ غمطا)
(فَتلك عصانا لَا عَصا خيزرانةٍ
…
ولكنَّ لِين الدُّهنِ صيَّرها نِفطا)
(وخضراءَ للشطآنِ تَحت ظلالها
…
مَقيلٌ تَقِيّ عَن بردِهِ الرومَ والقِبطا)
(تسيل بِمَاء الخُلد أبيضَ صافياً
…
إِذا مَا شرطناها على سَاقهَا شرطا)
(وَمن قبل مَا أغوى أَبَانَا بذوقها
…
فذاق فأخطا وَالْقَضَاء فَمَا أخطا)
(قطفتُ جناها واعتصرتُ مياهَها
…
فأجمدتُ مَا استعلى وذوَّبتُ مَا انحطَّا)
(وليّنة الأَعطاف قاسية الحشا
…
إِذا نفثت فِي الصخر تصدعَهُ هبطا)
(كأَنَّ عَلَيْهَا من زخارفِ جلدهَا
…
رِدَاء من الوشيِ المُفوَّفِ أَو مِرطا)
(تَوَصَّلَ إبليسٌ بهَا فِي هُبُوطه
…
إِلَى الأَرضِ من عَدْنٍ ففارقها شحطا)
(وَكَانَت وشَيْطائيلُ حَربًا لآدمٍ
…
وحوَّاءَ مَا داما على الكرة الْوُسْطَى)
(أمتُّ بهَا حيًّا وسوَّدتُ أبيضاً
…
وأسرعتُ فِي قلع السوَاد فَمَا أَبْطَا)
(وأحييتُ تلكَ الأرضَ من بعد مَوتهَا
…
بريٍّ وَكَانَت تَشْتَكِي الجدب والقحطا)
)
(ولاقطة حَبَّ الْقُلُوب بحسنها
…
تُعذِّبها شوقاً وتقتلها نَحطا)
(كأَنَّ العيونَ الثابتاتِ بخصرها
…
عُقِدْنَ نطاقاً أَو على جيدها سِمطا)
(كأَنَّ من الْبَدْر الْمُنِير مشابهاً
…
وَمن أنجمُ الجوزاء فِي أذنها قُرطا)
(كأَنَّ من الصُّدغ الَّذِي فَوق خدِّها
…
على ورده نوناً وَمن خَاله نَقطا)
(ظفرتُ بهَا بِالنَّفسِ من جِسم أُمِّها
…
كَمَا ظفرتْ بِالْقَلْبِ فِي صَدره لَقطا)
(ورضعتُها بالدرِّ من ثدي بنتهَا
…
فَعَاشَتْ وَكَانَت قبلُ مَاتَت بِهِ عَبطا)
(وصيَّرتُها بِنْتا وصيَّرتُ بنتَها
…
لَهَا مُرضعاً فاعْجَبْ لراضعةٍ شَمطا)
(فحالت هُنَاكَ البنتُ والأُم دفْعَة
…
فَتى لم يزاحمه العِذارُ وَلَا اخْتطَّا)
(لهُ منظرٌ كَالشَّمْسِ يُعطي ضياءه
…
وَلَيْسَ كَمثل الْبَدْر يأخذُ مَا أعْطى)
(فَهَذَا الَّذِي أعيا الأَنامَ فأضمروا
…
لمن وضع الأَرمازَ فِي علمه سخطا)
(وَهَذَا هُوَ الْكَنْز الَّذِي وضعُوا لَهُ
…
بَرابِيَّ إخميمٍ وخصُّوا بهَا قِفطا)
(وتحصيله سهلٌ بِغَيْر مشقَّةٍ
…
لمن عرف التطهيرَ والعقدَ والخلطا)
(وأقدرُ إنسانٍ عَلَيْهِ مُجَرَّبٌ
…
أَقَامَ بنورِ الْقلب فِي وَزنه القِسطا)
(أَبَا جعفرٍ خُذْها إِلَيْك يتيمةً
…
تَوَرَّع لوقا أَن يورِّثها قُسطا)
(ولكنَّني لمَّا رأيتُك أهلَها
…
سمحتُ بهَا لفظا وأثبتُّها خطَّا)
وَمن شعره أَيْضا فِي الصِّنَاعَة
(لقد قلبتْ عَيْنَايَ عَن عينه قلبِي
…
بليِّنة الأَعطافِ قاسية القلبِ)
(يهيمُ الْفَتى الشرقيُّ مِنْهَا بغادةٍ
…
تشوق إِلَى شرقٍ وترغب عَن غربِ)
(هِيَ الشَّمْس إلَاّ أنَّها قَمَريَّةٌ
…
هِيَ البدرُ إلَاّ أنَّه كامنُ الشُّهُبِ)
(إِذا الفلكُ الناريُّ أطلع شهبها
…
على الذِّروة الْعليا من الغُصُنِ الرطبِ)
(تراءتْ عروساً بَرْزَةَ الْوَجْه تبتغي
…
زِفافاً وَكَانَت خلفَ ألفٍ من الحُجبِ)
(فزوَّجها بِكراً أخاها لأمّها
…
أَبوهَا رَجَاء فِي المودَّة والقربِ)
(فَعَاد بهَا حيًّا وَكَانَ فرقُها
…
لَهُ سَببا أَن مَاتَ من شدَّة الحبِّ)
(فجُنَّ هوى لمَّا استجنَّتْ بِنَفسِهِ
…
وطارا فَقَالَت بعد جَهْدٍ لَهُ حسبي)
(ولمَّا ثَنَتْهُ عَن طَبِيعَته الَّتِي
…
بدتْ عنهُ إلَاّ أَن يُباعِلَها قلبِي)