الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(عمَارَة)
3 -
(نجم الدّين اليمني)
عُمارة بن عَليّ بن زَيْدَانَ الْفَقِيه أَبُو مُحَمَّد الحَكَمي المذحِجي اليمني نجم الدّين الشَّافِعِي الفرضي الشَّاعِر الْمَشْهُور تفقَّه بزَبيد مُدَّة أَربع سِنِين فِي الْمدرسَة وحجَّ سنة تسع وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة ومولده سنة خمس عشرَة وَخمْس مائَة وصُلب سنة تسع وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة
وسيَّره صَاحب مكَّة قَاسم بن هَاشم بن فُلَيْتة رَسُولا إِلَى الفائز خَليفَة مصر فامتدحه بقصيدته الميميَّة فوصله ثمَّ ردَّه إِلَى مَكَّة وَعَاد إِلَى زَبيد ثمَّ حجَّ فَأَعَادَهُ صَاحب مكَّة فِي الرُّسلية فاستوطن مصر وَكَانَ شافعيًّا شَدِيد التعصُّب للسُنَّة أديباً ماهراً وَلم يزل ماشيَ الْحَال فِي دولة المصريِّين إِلَى أَن ملك صَلَاح الدّين فمدحه كثيرا ومدح الْفَاضِل كثيرا ثمَّ إنَّه شرع فِي أُمور وَأخذ فِي اتِّفَاق مَعَ رُؤَسَاء الْبَلَد فِي التعصُّب للعُبَيْدِيِّين وإعادة أَمرهم فنُقل أَمرهم وَكَانُوا ثَمَانِيَة من الْأَعْيَان فَأمر صَلَاح الدّين بشنقهم فِي شهر رَمَضَان ونُسب إِلَيْهِ بيتٌ أظنُّه من وضع أعاديه عَلَيْهِ فإنِّي أحاشيه من قَول مثل هَذَا وَالله أعلم وَهُوَ
(وَكَانَ مبدأ هَذَا الدِّين من رجلٍ
…
سعى فَأصْبح يُدعى سيِّدَ الأُممِ)
فَأفْتى الْفُقَهَاء بقتْله
وَيُقَال إنَّ السُّلْطَان صَلَاح الدّين لمَّا اسْتَشَارَ الفاضلَ فِي أَمر عُمارة قَالَ نسجنه فَقَالَ يُرجى خلاصه فَقَالَ نضربه عُقُوبَة فَقَالَ الكلبُ يُضربُ فيسكت ثمَّ ينبح فَقَالَ نشنقه فَقَالَ الْمُلُوك إِذا أَرَادوا شَيْئا فَعَلُوهُ ونهض قَائِما فَعلم السُّلْطَان أَن هَذَا هُوَ الرَّأْي
وَقيل أُحضر عُمارة فَأخذ الْفَاضِل فِي تلطيف أمره مَعَ السُّلْطَان بَينه وَبَينه فَقَالَ عُمارة بِاللَّه يَا مَوْلَانَا لَا تسمع مِنْهُ مَا يَقُوله فيَّ فَقَالَ السُّلْطَان نعم وَالله أعلمُ بِأَمْر الْفَاضِل وَأمر عُمارة رَحمَه الله تَعَالَى ثمَّ إِنَّه رسم فِيهِ مَا رسم فَقَالَ عُمارة للموكَّلين بِهِ بِاللَّه مُرُّوا بِي على بَاب القَاضِي الْفَاضِل لعلَّه يرقُّ لي فمرُّوا بِهِ وَكَانَ الْفَاضِل جَالِسا على بَاب دَاره فلمَّا رَآهُ مُقبلا دخل وأغلق الْبَاب فَقَالَ عمَارَة
(عبدُ الرَّحِيم قد احتجب
…
إنَّ الخلاصَ مِنَ العجبْ)
وَيُقَال إنَّه مرَّ قبلَ كائنته بيومين أَو ثَلَاثَة فَرَأى بَين القصرين مصلوباً فَقَالَ
(ومدَّ على صليبِ الصلبِ مِنْهُ
…
يَمِينا لَا تطول إِلَى شمالِ)
)
(ونكَّسَ رأسَه لعتابِ قلبٍ
…
دَعَاهُ إِلَى الغِوايةِ والضَّلالِ)
وَقَالَ بَعضهم عبرتُ بَين القصرين وَأَنا عائدٌ من دَار السُّلْطَان صَلَاح الدّين عشيَّةَ النَّهَار الَّذِي شُنق فِيهِ عُمارة اليمني فشاهدته هُنَاكَ مشنوقاً فَذكرت أبياتاً لَهُ عَملهَا فِي الصَّالح وَهِي
(إِذا قَدَرْتَ على العلياء بالغَلَبِ
…
فَلَا تُعرِّجْ على سعيٍ وَلَا طلبِ)
(وَلَا ترِقَّنَّ لي إِن كُربةً عرضتْ
…
فإنَّ قلبيَ مخلوقٌ من الكُرَبِ)
(واستخبِرِ الهولَ كم آنستُ وحشتَهُ
…
وَكم وهبتُ لَهُ روحي وَلم أَهَبِ)
وَمن شعره القصيدة الَّتِي مدح بهَا الفائز بنصر الله خَليفَة مصر وَهِي
(الحمدُ للعيسِ بعدَ العزمِ والهممِ
…
حمداً يقومُ بِمَا أولتْ من النَّعَمِ)
(لَا أجحد الحقَّ عِنْدِي للركاب يدٌ
…
تمنَّتِ اللجمُ فِيهَا رُتبةَ الخُطُمِ)
(قرَّبْنَ بُعد مزارِ العينِ من نَظَرِي
…
حتَّى رأيتُ إمامَ العصرِ فِي أَمَمِ)
(ورُحنَ من كعبة الْبَطْحَاء والحرمِ
…
وَفْدًا إِلَى كعبة الْمَعْرُوف والكرمِ)
(فَهَل درى البيتُ أنِّي بعد فُرقته
…
مَا سرتُ من حرمٍ إلَاّ إِلَى حَرَمِ)
(حيثُ الخلافةُ مضروبٌ سُرداقها
…
بَين النَّقيضينِ من عفوٍ وَمن نَقَمِ)
(وللإمامة أنوارٌ مقدّسةٌ
…
تجلو البغيضين من ظلمٍ وَمن ظُلَمِ)
(وللنبوَّة آياتٌ تُنصُّ لنا
…
عَن الحقيقين من علمٍ وَمن حكمِ)
(وللمكارم أحكامٌ تُعلِّمنا
…
مدحَ الجزيلين من بأسٍ وَمن كَرَمِ)
(وللعُلى ألسُنٌ تُثني محامدُها
…
على الجديدين من فضلٍ وَمن شِيَمِ)
(ورايةُ الشّرف البذَّاخ ترفعُها
…
يدُ الرفيعين من مجدٍ وَمن هِمَمِ)
(أقسمتُ بالفائزِ الْمَعْصُوم مُعتقداً
…
نورَ النجاةِ وأجرَ البِرِّ فِي القَسَمِ)
(لقد حمى الدِّين وَالدُّنْيَا وأهلَهما
…
وزيرُكَ الصالحُ الفراج للغمم)
(الَّلابسُ الفخرَ لم تنسِج غلائله
…
إلَاّ يدُ الصنعتين السَّيْف والقلمِ)
(وُجوده أوجد الأَيام مَا اقترحَتْ
…
وَجُوده أعدم الشاكين للعَدَمِ)
(قد ملَّكتْه العوالي رِقَّ مملكةٍ
…
يُعيرُ أنف الثريَّا عزَّةَ الشَّمَمِ)
(أَتَى مقَاما عظيمَ الشأنِ أوهمني
…
فِي يقظتي أنَّه من جملَة الحُلُمِ)
)
(لَيْت الكواكبَ تَدْنُو لي فأنظمَها
…
عقودَ دُرٍّ فَمَا أرْضى لكم كَلِمي)
(ترى الوزارةَ فِيهِ وَهِي باذلةٌ
…
عِنْد الْخلَافَة نصحاً غيرَ مُتَّهَمِ)
(خلافةٌ ووزيرٌ مدَّ عدلُهما
…
ظلاًّ على مفرِقِ الْإِسْلَام والأُممِ)
(زيادةُ النيلِ نقصٌ عِنْد فيضهما
…
فَمَا عَسى تتعاطى منَّة الدِّيَمِ)
وَمِنْه يمدح الموفَّق بن الخلاّل
(مَا هاج مُزنةَ دمعهِ المترقرقِ
…
إلَاّ تألُّقُ بارقٍ بالأَبرقِ)
(برقٌ يذكِّرني وميضَ مباسمٍ
…
يسري الهَوَى فِي ضوئها المتألِّقِ)
(من كلِّ ثغرٍ مِنْك ثغر مخافةٍ
…
عافٍ طريقُ رُضابه لم يُطرقِ)
(نسج العفافُ عَلَيْهِ ثوبَ صيانةٍ
…
همُّ الخيانةِ عِنْدهَا لَا يرتقي)
(سقيا لأيام الشبابِ فإنَّها
…
روضُ الحياةِ وزهرِها المستنشَقِ)
(أَيام يصطحب الغواني والغنى
…
فِي ظلِّ أغصانِ الشبابِ المورقِ)
(ومواطنُ اللذاتِ خَالِيَة القذى
…
تُثني على نِعَم الشبابِ المغدِقِ)
(والليلُ يخلعُ فوقهنَّ ممسَّكاً
…
والصبحُ ينسجُ ثَوْبه بمخلَّقِ)
(وَيَد النَّعيم تخطُّ فَوق عراصها
…
من لم يُقَضِّ بك الحياةَ فقد شقي)
(واللومُ يفرَق أَن يُلمَّ بمسمعي
…
نَزِقٌ مَتى مَا لم يلاطَفْ ينزَقِ)
(تندى أسرَّةُ وَجهه فكأَنَّه
…
ريَّانُ من ماءِ النضارةِ قد سُقي)
(كالبدرِ إلَاّ أنَّه مستوهبٌ
…
نورَ المحيَّا من سوادِ المفرِقِ)
(عبثَ الفراقُ بشملهِ فتفرَّقتْ
…
أثوابُ ذَاك العيشِ كلَّ ممزَّقِ)
(واعتاضَ بعد نمارقٍ مصفوفةٍ
…
حرَّ الهواجرِ وافتراشَ النُّمْرُقِ)
(مستبدلاً بلذيذ عيشٍ مُونِقٍ
…
وصدورِ أنديةٍ ظهورَ الأينق)
(يَا حاديَ البُلْقِ النواجي قلْ لَهَا
…
نُصِّي إِلَى صدرِ الزمانِ وأعتقي)
(وتجنَّبي ثَمَدَ النِّطافِ وأوردي
…
هِيَمَ المنى بحرَ الموفَّقِ تستقي)
وَمِنْه
(بَات يرْعَى السُّهى مُؤرَّقْ
…
وفؤادٍ من الغرام مُحَرَّقْ)
(لَيْت أَيَّامه السوالفَ يرجع
…
نَ ويجمعن طيبَ عيشٍ تفرَّقْ)
)
(دِمَنٌ أنبتَ الجمالُ ثراها
…
ورعى الشوقُ غصنَها حِين أورقْ)
(فتح الطلُّ زهرَها وتولَّى
…
نشرهُ راحةُ النسيمِ الَّذِي رقْ)
وَمِنْه من قصيدة
(إِذا كَانَ هَذَا الدُّرُّ معدِنه فمي
…
فصونوه عَن تقبيلِ راحةِ واهبِ)
(رأيتُ رجَالًا أصبحتْ فِي مآدبٍ
…
لديكم وحالي أصبحتْ فِي نوادبِ)
(تأخَّرتُ لمَّا قدَّمتهم عُلاكُمُ
…
عليَّ وتأبى الأُسْدُ سبقَ الثعالبِ)
(تُرى أَيْن كَانُوا فِي مواطنيَ الَّتِي
…
غدوتُ لكم فيهنَّ أكرمَ نائبِ)
(لياليَ أتلو ذكركُمْ فِي مجالسٍ
…
حديثُ الوَرَى فِيهَا بغمزِ الحواجبِ)
وَمِنْه قصيدة مدح بهَا صَلَاح الدّين وسمَّاها شكاية المتظلِّم ونكاية المتألِّم
(أَيا أُذُنَ الأيامِ إنْ قلتُ فاسمعي
…
لنفثةِ مصدورٍ وأنَّةِ موجَعِ)
(وعِي كلَّ صوتٍ تسمعين نداءهُ
…
فَلَا خيرَ فِي أُذُنٍ تُنادَى فَلَا تَعِي)
(تقاصر بِي خَطْوُ الزمانِ وباعُهُ
…
فقصَّر من ذَرعي وقصَّر أذرُعي)
(وأخرجني من موضعٍ كنتُ أهلَهُ
…
وأنزلني بالجور فِي غير موضِعِ)
(بسيفِ ابْن مهديٍّ وَأَبْنَاء فاتكٍ
…
أقضَّ من الأوطان جَنْبي ومضجعي)
(تيمَّمتُ مصرا أطلبُ الجاه والغنى
…
فنلتهما فِي ظلِّ عيشٍ مُمَنَّعِ)
(وزرتُ ملوكَ النِّيل أرتادُ نَيلهم
…
فَأَحْمَد مُرتادي وأخصب مربعي)
(وفزتُ بألفٍ من عطيةِ فائزٍ
…
مواهبهُ للصنع لَا للتصنُّعِ)
(وَكم طرقتني من يدٍ عاضِديَّةٍ
…
سَرتْ بَين يقظى من عيونٍ وهُجَّعِ)
(وجاد ابْن رُزِّيكٍ من الجاه والغنى
…
بِمَا زَاد عَن عزمَيْ رجائي ومطمعي)
(وَأوحى إِلَى سَمْعِي ودائع شعره
…
فخبّرتُه مني بأكرم مودَعِ)
(وَلَيْسَت أيادي شاوَرٍ بذميمةٍ
…
وَلَا عهدُها عِنْدِي بعهدٍ مُضيَّعِ)
(ملوكٌ رعَوْا لي حُرْمةً صَار نبتُها
…
هشيماً رعتْه النائباتُ وَمَا رُعي)
(ورُدَّت بهم شمسُ العطايا لوفدهمْ
…
كَمَا قَالَ قومٌ فِي عليٍّ ويوشعِ)
(مذاهبهم فِي الْجُود مذهبُ سُنَّةٍ
…
وَإِن خالفوني فِي اعتقادِ التشيُّعِ)
(فقُلْ لصلاحِ الدّين والعدلُ شأنهُ
…
من الحاكمُ المُصغي إليَّ فأدَّعي)
)
(سكتُّ فَقَالَت ناطقاتُ ضرورتي
…
إِذا حلقاتُ البابِ عُلِّقن فاقرعِ)
(فأدْللتُ إدلالَ المحبِّ وقلتُ مَا
…
أَتَانِي بعفوِ الطبعِ لَا بالتطبُّعِ)
(وَعِنْدِي من الْآدَاب مَا لَو شرحتُهُ
…
تيَقَّنتَ أَنِّي قدوةُ ابْن المقفَّعُ)
(أقمتُ لكم ضيفاً ثَلَاثَة أشهرٍ
…
أَقُول لصدري كلّما ضَاقَ وسِّعِ)
(أُعَلِّلُ غلماني وخيلي ونسوتي
…
بِمَا ضقتُ من ذرعٍ ضعيفٍ مُرقَّعِ)
(ونُوّابكم للوفد فِي كلِّ بلدةٍ
…
تفرِّقُ شملَ السَّائِل المتورِّعِ)
(وَكم من ضيوف الْبَاب مِمَّن لسانُه
…
إِذا قطعوه لَا يقوم بإصبعِ)
(مشارعُ من نعمائكم زرتُها وَقد
…
تكدَّر بالإسكندرية مشرعي)
(فيا راعيَ الْإِسْلَام كَيفَ تركتنا
…
فريقي ضياعٍ من عرايا وجُوَّعِ)
(دعوناك من قربٍ وبُعدٍ فَهَب لنا
…
جوابك فالباري يجيبُ إِذا دُعي)
(إِلَى الله أَشْكُو من ليَالِي ضرورةٍ
…
رَجعْنَا بهَا نَحْو الجنابِ المُرجَّعِ)
(قنعنا وَلم نَسْأَلك صبرا وعفَّةً
…
إِلَى أَن عَدِمنا بُلغةَ المتقنِّعِ)
(ولمَّا أغصَّ الريقُ مجْرى حلوقنا
…
أَتَيْنَاك نشكو غُصَّة المتجرِّعِ)
(ألم تَرْعَني للشافعيِّ فإنَّه
…
أجلُّ شفيعٍ عِنْد أَعلَى مُشفِّعِ)
(ونصري لَهُ فِي حيثُ لَا أَنْت ناصري
…
بضربِ صقيلاتٍ وَلَا طعن شُرَّع)
(لياليَ لَا وقتُ الْعرَاق بسَجْسَجٍ
…
بمصرَ وَلَا ريحُ الشآمِ بزَعزعِ)
(كأنّي بهَا من آل فرعونَ مؤمنٌ
…
أُصارع عَن ديني وَإِن خَابَ مصرعي)
(أَمن حَسَنَات الدَّهْر أم سيِّئاته
…
رضاك عَن الدُّنْيَا بِمَا فعلتْ معي)
(ملكتَ عنانَ النصرِ ثمَّ خذلتني
…
وحالي بمرأى من عُلاك ومسمعِ)
(فَمَا لَك لم توسع عليَّ وتلتفت
…
إليَّ التفاتَ المنعِم المتبرِّع)
(فإمّا لِأَنِّي لستُ دون معاشرٍ
…
فتحتَ لَهُم بَاب العطايا الموسَّعِ)
(وإمّا لما أوضحتُهُ من زعازعٍ
…
عصفنَ على ديني وَلم أتزعزعِ)
(ورَدِّي ألوفَ المالِ لم ألتفت لَهَا
…
بعيني وَلم أحفل وَلم أتطلَّعِ)
(فَإِن سُمْتَني نظماً ظَفرت بمُفْلِقٍ
…
وَإِن سمتني نثراً ظفرتَ بمِصْقعِ)
(طباعٌ وَفِي المطبوع من خطراته
…
غنى عَن أفانين الْكَلَام المصنَّعِ)
)
(سألتُكَ فِي دَينٍ لياليك سُقْنَهُ
…
وألزمتَنيه كَارِهًا غيرَ طيِّعِ)
(وهاجرتُ أَرْجُو منكَ إطلاقَ راتبٍ
…
تقرَّرَ من أزمان كسْرَى وتُبَّعِ)
(وليتك مِمَّن أطلع الْبَرْق مطلعي
…
لتعلمَ نبعي إِن عجمتَ وخِرْوعي)
(وَمَا أَنا إلَاّ قائمُ السَّيْف لم يُقَم
…
بكفٍ ودُرٌّ لم يجد من مرصِّعِ)
(وياقوتةٌ فِي سلك عقدٍ مدارُهُ
…
على خرزاتٍ من عقيقٍ مجزَّعِ)
(وَكم مَاتَ نضناض اللِّسَان من الظما
…
وَكم شَرقَتْ بِالْمَاءِ أشداق ألكعِ)
(فيا وَاصل الأرزاق كَيفَ تَرَكتنِي
…
أمدُّ إِلَى زند العُلا كفَّ أقطع)
(أعندكَ أَنِّي كلّما عطس امرُؤٌ
…
بِذِي شَممٍ أقنى عطستُ بأجدَعِ)
(ظلامةُ مصدوع الْفُؤَاد فَهَل لَهَا
…
سبيلٌ إِلَى جبر الْفُؤَاد المُصدَّعِ)
(وأقسمتُ لَو قَالَت لياليك للدجى
…
أعِدْ غاربَ الجوزاء قَالَ لَهَا اطلُعي)
(غَدا الأمرُ فِي إِيصَال رِزْقِي وقطعه
…
بحكمك فابذل كَيْفَمَا شئتَ واصنعِ)
(كَذَلِك أقدارُ الرِّجَال وَإِن غدتْ
…
بأمرِك فاحفظ كيفَ شئتَ وضيِّعِ)
(فيا زارع الْإِحْسَان فِي كلِّ تربةٍ
…
ظفرتَ بأرضٍ تُنبت الشُّكْر فازرعِ)
(فعندي إِذا مَا العُرْفُ ضَاعَ غريبُه
…
ثناءٌ كعرفِ المسكةِ المتضوِّعِ)
(وَقد صدرتْ فِي طيِّ ذَا النّظم رقعةٌ
…
عدا طمعي فِيهَا إِلَى غير مطمع)
(أريدُ بهَا إطلاقَ دَيني وراتبي
…
فأطلِقهما والأمرُ مِنْك فوقِّعِ)
(فبيني وَبَين الجاه والعزِّ والغنى
…
وقائع أخشاها إِذا لم توقِّعِ)
(وَمَا هِيَ إلَاّ مدَّةٌ تستمدّها
…
وَقد فُجَّتِ الأرزاقُ من كلِّ منبعِ)
(إِلَى هَاهُنَا أُنهي حَدِيثي وأنتهي
…
وَمَا شئتَ فِي حقِّي من الْخَيْر فاصنعِ)
(فَإنَّك أهلُ الجودِ والبرِّ والتُّقى
…
ووضعِ الأيادي البيضِ فِي كلِّ موضعِ)
قلتُ الَّذِي أظنُّه وتقضي بِهِ ألمعيَّتي أنَّ هَذِه القصيدة كَانَت أحد أَسبَاب شنقه وَالله أعلم لأنَّ الْمُلُوك لَا يخاطبون بِمثل هَذَا الْخطاب وَلَا يواجَهون بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ وَهَذَا الإدلال الَّذِي يؤدِّي إِلَى الإذلال وأظنُّ أَن هَذِه القصيدة مَا أجْدَت شَيْئا فَمَال عمَارَة حينئذٍ وانحرف وَقصد تَغْيِير الدولة وَالله أعلم وَكَانَ من أمره مَا كَانَ وعَلى الْجُمْلَة فَقتل مثل هَذَا الْفَاضِل قَبِيح من الْفَاضِل إِن كَانَ ذَلِك عَن رَأْيه وَمن شعر عمَارَة أَيْضا)
(أيُّها الناسُ والخطابُ إِلَى من
…
هُوَ من حَيْثُ فضلُه إنسانُ)
(هَذِه خطْبَة إِلَى غير شخصٍ
…
نَظَمتْ نثر عقدهَا الأوزانُ)
(لم أخصِّص بهَا فلَانا لأنّي
…
فِي زمانٍ مَا فِي بنيه فلانُ)
(من يكنْ عِنْده مَزِيَّةُ فهمٍ
…
فَلْيَكُن سَامِعًا فعندي لسانُ)
(لم يميِّز بَين البريَّةِ إلَاّ
…
حسناتٌ يَزينها الإحسانُ)
(والخطايا مستورةٌ بالعطايا
…
كم جميلٍ بِهِ المَساوي تصانُ)
(لَا يَغُرَّنَّكُم زيادةُ حالٍ
…
فالزياداتُ بعْدهَا نقصانُ)
(وَإِذا الدوحُ لم يُظِلَّ من الشم
…
سِ فَلَا أورقتْ لَهُ أغصانُ)
(وأحقُّ الْأَنَام بالذَّمِّ جيلٌ
…
بَين أبنائه كريمٌ يهانُ)
(طُرُق الجودِ غيرُ مَا نَحن فِيهِ
…
قد سمعنَا الدَّعْوَى فَأَيْنَ البيانُ)
(أصبح الجودُ قصَّة عِنْد قومٍ
…
مستحيلٌ فِي حقِّها الإمكانُ)
(وعَدِمْنا نشراً يدلُّ عَلَيْهِ
…
إِنَّمَا النارُ حيثُ نمَّ الدخانُ)
(كذَّبوني بواحدٍ يهب الأل
…
ف وأنَّى من السَّماع العِيانُ)
وَمِنْه
(إِذا كَانَ عمري رَأس مَالِي فَمَا الَّذِي
…
دَعَاني إِلَى تبذيره فِي التعلُّلِ)
(وَهل لي وَقد شارفت سِتِّينَ حِجَّةً
…
سوى شرفٍ آتيه أَو تُربِ جَنْدَلِ)
(وَلَا خيرَ فِي وِردِ الزُّلالِ على الظما
…
إِذا لم يكن نهرُ المجرَّةِ جَدْولي)
وَمِنْه
(مصاحبتي إيّاكما يَا ابْن لاجئٍ
…
مصاحبةُ الخُصْيَيْنِ للأير فاعْلما)
(هما يحْملَانِ الأيرَ حتَّى إِذا بَدَت
…
لَهُ فرصةٌ خلاّهما وتقدَّما)
وَأما قصيدته اللاميَّة الَّتِي رثى بهَا أهل الْقصر فإنَّها تقدَّمت كَامِلَة فِي تَرْجَمَة العاضد
وَكَانَ عمَارَة يَغُضُّ من المهذَّب والرشيد وَلَدي الزُّبير وَقيل إِنَّه كَانَ مِمَّن سعى فِي قَتلهمَا وَبَالغ فِيمَا أدّى إِلَى إتلافهما وتعرّض عمَارَة للمهذَّب أيّام رُزِّيك وَعَابَ شعره فَبلغ الْمُهَذّب ذَلِك فَقَالَ
(قولا لذا الشَّاعِر الْفَقِيه ألن
…
تبدي مقالَ النصيح إِن سمعا)
)
(وَيحك لَا تُكْثِرَنَّ من قَوْلك ال
…
شعرَ وتطويله فَمَا نفعا)
(أَنا بشعري على ركاكته
…
فِي كلِّ يَوْمَيْنِ ألبس الخِلَعا)
(مُذْهبَةً تُذهبُ الهموم عَن ال
…
قلب إِذا برقُ طرِزها لمعا)
(هَذَا وغيري على تداقُنِهِ
…
لَو رام فِي النّوم خرقَة صُفِعا)
وَبلغ الْمُهَذّب أَيْضا أنَّ عمَارَة عَابَ دقَّةَ جِسْمه ونحافته فَقَالَ
(وَذي حُمُق عَابَ مني نُحو
…
لَ جسمي وَلم يَغدُ لي مُنصفا)
(وَمَا علم النَّذْلُ أنَّ الجفا
…
ءَ مَا زالَ قطُّ حليفَ الجفا)
(وَمَا يعدمُ المُخْطَفُ الجسمِ أَن
…
يرقَّ طباعاً وَأَن يظرفا)
(وَلَو أنَّني مثله للصفاع
…
خُلقتُ لكنتُ غليظَ الْقَفَا)
(وَمَا زَالَ مُذ قطُّ فضلُ البزا
…
ةِ فِي أَن تخفَّ وَأَن تلطفا)