الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فأجا فِيهِ فِيهِ فِي
…
هـ بأيرٍ كمثلِ ذَا)
(لَيْت أيري وليت حِرْ
…
ك جَمِيعًا تآخَذا)
(فأخذُ ذَا بِشعر ذَا
…
وأخذُ ذَا بِشعر ذَا)
استقدم الْوَلِيد حماداً الراوية واستنشده هَذِه الأبيات فأنشدها إِيَّاه فَأمر لَهُ بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم ولعمارة بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا أخْبرك بِشَيْء لَا ضَرَر عَلَيْك فِيهِ وَهُوَ أحبُّ لعمارة من الدُّنْيَا وَلَو سيقت إِلَيْهِ بحذافيرها قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ إِنَّه لَا يزَال ينْصَرف من الحانات وَهُوَ سَكرَان فترفعه الشُّرَط فَيَضْرِبُونَهُ الحدّ وَقد قُطِّع بالسياط وَهُوَ لَا يدع الشَّرَاب فَكتب إِلَى عَامله بالعراق أَلا يرفع أحدُ عمَارَة من الحرس فِي سكر وَلَا غَيره إلَاّ ضُرب الرّافع حدِّين وأُطلق عمَارَة
3 -
(ابْن ابْن الزُّبير)
عُمارة بن حَمْزَة بن عبد الله بن الزبير بن العوّام بن خُوَيْلد يُقَال إِنَّه أعرق النَّاس فِي الْقَتْل لِأَن عمَارَة وَحَمْزَة قَتلهمَا الإباضية بقُدَيد وَعبد الله بن الزبير قَتله الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقفي على مَا تقدَّم وصلبه وَالزُّبَيْر قَتله عَمْرو بن جُرموز بوادي السبَاع على مَا تقدَّم والعوام قَتله بَنو كنَانَة وخويلد قَتله بَنو كَعْب بن عَمْرو من خُزَاعَة
3 -
(الْكَاتِب التَّيّاه)
عمَارَة بن حَمْزَة الْكَاتِب من ولد عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس توفّي فِي حُدُود الثَّمَانِينَ وَالْمِائَة
وَكَانَ أَعور ذَمِيمًا إلَاّ أنَّه كَانَ بليغاً كَاتبا صَدرا معظَّماً تيَّاهاً جواداً ممدَّحاً شَاعِرًا ولي عدَّة)
ولايات وَكَانَ الْمَنْصُور وَالْمهْدِي يعظّمانه ويحتملان أخلاقه لفضله وبلاغته وكفايته وَوُجُوب حقّه جُمع لَهُ بَين ولَايَة الْبَصَر وَفَارِس والأهواز واليمامة والبحرين وَالْعرض
كَانَ يَقُول مَا أعجب قَول النَّاس فلانٌ ربُّ الدَّار إنَّما هُوَ كلب الدَّار يخبز فِي دَاري كلَّ يومٍ ألفا رغيف يَأْكُل مِنْهَا ألف وتسع مائَة وتسع وَتسْعُونَ رغيفاً حَلَالا وآكل أَنا مِنْهَا رغيفاً وَاحِدًا حَرَامًا
أَرَادَ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور يَوْمًا أَن يبْعَث بِهِ فَأمر بعض خدمه أَن يبْعَث بِهِ وَيقطع حمائل سَيْفه لينْظر أيأخذه أم لَا فَفعل بِهِ ذَلِك وَسقط السَّيْف فَمضى عُمارة وَلم يلْتَفت
وَكَانَ من تيهه إِذا أَخطَأ يمْضِي على خطأه ويتكبَّر عَن الرُّجُوع وَيَقُول نقضٌ وإبرام فِي سَاعَة وَاحِدَة الْخَطَأ أَهْون من هَذَا وَكَانَ يَوْمًا يمشي مَعَ الْمهْدي فِي أَيَّام الْمَنْصُور وَيَده فِي يَده فَقَالَ لَهُ رجل من هَذَا أيُّها الْأَمِير فَقَالَ أخي وَابْن عمِّي عُمارة بن حَمْزَة فَلَمَّا ولَّى الرجل ذكر الْمهْدي ذَلِك لعمارة كالمازح فَقَالَ عُمارة انتظرتُ أَن تَقول مولَايَ فأنفض وَالله يَدي من يدك فَضَحِك الْمهْدي
وَبلغ مُوسَى الْهَادِي حَال بنتٍ جميلةٍ لعمارة فراسلها فَقَالَت لأَبِيهَا فَقَالَ قولي لَهُ ليَأْتِي إِلَيْك وضعيه فِي مَوضِع يخفى أَثَره فَأرْسلت إِلَيْهِ فَحَضَرَ إِلَيْهَا فأدخلته حجرَة لَهُ قد أُعدَّت بالفرش الْجَمِيل فلمَّا صَار فِيهَا دخل إِلَيْهِ عُمارة فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك أيُّها الْأَمِير مَاذَا تصنع هَاهُنَا اتَّخذناك وليَّ عهدٍ فِينَا أَو فحلاً لنسائنا ثمَّ أَمر بِهِ فبطح مَكَانَهُ وضربه عشْرين دِرَّةً خَفِيفَة وردَّه إِلَى منزله فحقدها عَلَيْهِ الْهَادِي فلمَّا ولي الْخلَافَة دسَّ عَلَيْهِ رجلا يدَّعي عَلَيْهِ أنَّه غصبه الضَّيْعَة الْفُلَانِيَّة بِالْكُوفَةِ وَكَانَ قيمتهَا ألف ألف دِرْهَم فَبينا الْهَادِي ذَات يَوْم جالسٌ للمظالم وَعمارَة بِحَضْرَتِهِ إذْ وثب الرجل وتظلَّم مِنْهُ فَقَالَ لَهُ الْهَادِي قُم واجلس مَعَ خصمك وَأَرَادَ إهانته فَقَالَ إِن كَانَت الضَّيْعَة لي فَهِيَ لَهُ وَلَا أُساوي هَذَا النذل فِي الْمجْلس ثمَّ قَامَ وَانْصَرف مغضباً
وَكَرِهَهُ أهل الْبَصْرَة لتيهه وعجبه فَرفع أهل الْبَصْرَة إِلَى الْمهْدي أنَّه اختان مَالا كثيرا فَسَأَلَهُ الْمهْدي عَن ذَلِك فَقَالَ وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو كَانَت هَذِه الْأَمْوَال الَّتِي يذكرونها فِي جَانب بَيْتِي مَا نظرتُ إِلَيْهَا فَقَالَ الْمهْدي صدقت وَلم يُرَاجِعهُ فِيهَا وَقيل إنَّه كَانَ لَهُ ألف دُوَّاج بوبرٍ سوى مَا لَا وبر لَهُ)
وَكَانَ الْفضل بن يحيى بن برمك شَدِيد الْكبر عَظِيم التيه فعوتب على ذَلِك فَقَالَ هَيْهَات هَذَا شيءٌ حملت عَلَيْهِ نَفسِي لما رَأَيْته من عُمارة بن حمرَة فإنَّ أبي كَانَ يضمن فَارس من الْمهْدي فحلَّ عَلَيْهِ ألف ألف دِرْهَم فَأمر الْمهْدي أَبَا عون عبد الله بن يزِيد بمطالبته وَقَالَ لَهُ إِن أدَّى إِلَيْك المَال قبل أَن تغرب الشَّمْس من يَوْمنَا هَذَا وإلاّ فأتني بِرَأْسِهِ
وَكَانَ متغضِّباً عَلَيْهِ وَكَانَت حيلته لَا تبلغ عشر المَال فَقَالَ يَا بنيّ إِن كَانَت لنا حِيلَة فَلَيْسَ إلَاّ من قبل عُمارة بن حَمْزَة وإلاّ فَأَنا هَالك فامضِ إِلَيْهِ فمضيت إِلَيْهِ فَلم يعرني الطّرف ثمَّ تقدَّم بِحمْل المَال فحُمل إِلَيْنَا فلمَّا مضى شَهْرَان جَمعنَا المَال فَقَالَ أبي امضِ إِلَى الشريف الحرّ الْكَرِيم فأدِّ إِلَيْهِ مَاله فلمَّا عرَّفته الْخَبَر غضب فَقَالَ وَيحك أكنتُ قسطاراً لأَبِيك فَقلت لَا ولكنَّك أحييته ومننت عَلَيْهِ وَهَذَا المَال وَقد اسْتغنى عَنهُ فَقَالَ هُوَ لَك فعدتُ إِلَى أبي فَقَالَ لَا وَالله مَا تطيب بِهِ نَفسِي لَك وَلَكِن لَك مِنْهُ مئتا ألف دِرْهَم فتشبَّهتُ بِهِ حتَّى صَار خلقا لَا أَسْتَطِيع مُفَارقَته
وَبعث أَبُو أيّوب المكّي بعض وَلَده إِلَى عُمارة فَأدْخلهُ الْحَاجِب قَالَ وأدناني إِلَى ستر مُسبل فَقَالَ ادخل فَدخلت فَإِذا هُوَ مُضْطَجع محوِّلٌ وَجهه إِلَى الْحَائِط فَقَالَ الْحَاجِب سلِّم فسلَّمت فَلم يردّ عليَّ فَقَالَ الْحَاجِب اذكر حَاجَتك فَقلت جعلني الله فداءك أَخُوك أَبُو أَيُّوب يُقْرِئك السَّلَام وَيذكر دينا بهضه وفتر وَجهه وَيَقُول لَك لولاه لَكُنْت مَكَان رَسُولي تسْأَل أَمِير الْمُؤمنِينَ قَضَاءَهُ عنِّي فَقَالَ وَكم دين أَبِيك فَقلت ثَلَاث مائَة ألف دِرْهَم فَقَالَ أوَفي مثل هَذَا أكلِّم أَمِير الْمُؤمنِينَ يَا غُلَام احملها مَعَه وَلم يلْتَفت إليَّ وَلم يكلِّمني بِغَيْر هَذَا وَقَالَ الْفضل بن الرّبيع كَانَ أبي يَأْمُرنِي بملازمة عُمارة بن حَمْزَة فاعتلَّ عُمارة وَكَانَ الْمهْدي سيئ الرَّأْي فِيهِ فَقَالَ أبي يَوْمًا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَوْلَاك عُمارة بن حَمْزَة عليلٌ وَقد أفْضى إِلَى بيع فرشه وَكسوته فَقَالَ غفلنا عَنهُ وَمَا كنت أظنُّ حَاله بلغت إِلَى هَذَا احْمِلْ إِلَيْهِ خمس مائَة ألف دِرْهَم وأعلمه أنَّ لَهُ عِنْدِي بعْدهَا مَا يحبّ قَالَ فحملها أبي إِلَيْهِ من سَاعَته وَقَالَ لي اذْهَبْ بهَا إِلَى عمّك عُمارة فَقَالَ فَأَتَيْته وَوَجهه إِلَى الْحَائِط فسلَّمت فَقَالَ من أَنْت قلت ابْن أَخِيك الْفضل بن الرّبيع فَقَالَ مرْحَبًا بك فَقلت لَهُ أَخُوك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول لَك أذكرتُ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمرك فَاعْتَذر من غفلته عَنْك وَأمر لَك بِهَذَا المَال فَقَالَ لي قد كَانَ طَال لزومك لنا وكنَّا نحبُّ أَن نكافئك على ذَلِك وَلم يمكنَّا قبل هَذَا الْوَقْت انْصَرف بِالْمَالِ)
فَهُوَ لَك قَالَ فهبته أَن أردَّ عَلَيْهِ فَتركت البغال على بَابه وانصرفتُ إِلَى أبي وأعلمته الْخَبَر قَالَ يَا بني خُذْهَا بَارك الله لَك فِيهَا فَلَيْسَ عُمارة ممَّن يراجَع
وَدخل عُمارة يَوْمًا على الْمهْدي فأعمه فلمَّا قَامَ قَالَ لَهُ رجلٌ من أهل الْمَدِينَة من القرشيين يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من هَذَا الرجل الَّذِي أعظمته هَذَا الإعظام كلَّه فَقَالَ لَهُ هَذَا عُمارة بن حَمْزَة مولَايَ فَسمع عُمارة كَلَام الْمهْدي فَرجع إِلَيْهِ وَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ