الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَدَب الْعَاشِر
وَهُوَ رَأس الْأُمُور كلهَا وملاك هَذِه الْآدَاب تقوى الله تَعَالَى وَذَلِكَ فِي تَقْدِيم طَاعَته وَذَلِكَ لأمرين
أَحدهمَا أَن السُّلْطَان لَا طَاعَة لَهُ فِي مَعْصِيّة الله تَعَالَى لما تقرر ذَلِك شرعا وَأنْظر فِي موعظة الْحسن لِابْنِ هُبَيْرَة وَقد سَأَلَهُ عَن الْكتاب يرد عَلَيْهِ من سُلْطَانه بِمَا فِيهِ مُخَالفَة هَل لَهُ سَعَة فِي تَقْدِيم الطَّاعَة لَهُ فَقَالَ الله أَحَق أَن تُطِيعهُ وَلَا طَاعَة لَهُ فِي مَعْصِيّة الله فَأَعْرض كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ على كتاب الله فَإِن وجدته مُوَافقا لَهُ فَخذ بِهِ وَإِن وجدته مُخَالفا فَأَبْعَده يَا ابْن هُبَيْرَة اتَّقِ الله فَإِنَّهُ يُوشك أَن يَأْتِيك رَسُول من رب الْعَالمين يزيلك عَن سريرك ويخرجك من سَعَة قصرك إِلَى ضيق قبرك فتدع سلطانك ودنياك خلف ظهرك وَتقدم على رَبك وتنزل على عَمَلك يَا ابْن هُبَيْرَة وَإِن الله ليمنعك من يزِيد وَإِن يزِيد لَا يمنعك من الله وَإِنِّي لأحذرك بَأْس الله الَّذِي لَا يردهُ الْقَوْم الْمُجْرمين انْتهى الْمَقْصُود مِنْهُ
وأحصل فِي يَدَيْهِ إِذا خرجت عَن يَديك وَإِنَّمَا لَك عَليّ الطَّاعَة فِي طَاعَته وَلَيْسَ لَك عَليّ الطَّاعَة فِي مَعْصِيَته فَبكى الْملك واستدناه وَزَاد فِي إكرامه
الثَّانِي إِن بِتَقْدِير إيثاره بِالطَّاعَةِ فَهُوَ الَّذِي بتسليطه تعجل الْعقُوبَة فقد قَالَ المقتدر بِاللَّه لوزيره عَليّ بن عِيسَى اتَّقِ الله يعطفني عَلَيْك وَلَا تعصه فيسلطني عَلَيْك قَالَ الْمَأْمُون لبَعض وزرائه إياك أَن تَعْصِي الله فِيمَا تتقرب بِهِ إِلَيّ فيسلطني عَلَيْك
قلت وَأولى إِذا كَانَت الْمعْصِيَة بِالطَّاعَةِ لَهُ فِي مَحْظُور كَمَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث من أعَان ظَالِما عَلَيْهِ
كِفَايَة مَحْذُور قد دلّ الْوُجُود وَشهد العيان أَن الصدْق مَعَ الله تَعَالَى فِي تَقْدِيم طَاعَته ضَامِن للنجاة وتيسير الْخَلَاص الْجَمِيل كَمَا حكى عَن الْوَزير الَّذِي أمره ملكه بقتْله فَقَالَ لَهُ إِن رأى الْملك أَن يعرفنِي بِمُوجب ذَلِك فعل قَالَ لَهُ إِنَّك حملت نَفسك على مخالفتي على حَال لَا يستجيزها رشيد فَقَالَ لَهُ الْوَزير لَو كنت أَيهَا الْملك مالكي وَحدك لأنفذت مَا تَأْمُرنِي بِهِ من
غير مَسْأَلَة وَلَا استرابة وَلَكِنَّك تملك ظاهري ولي من سري وعلانيتي واحصل فِي يَدَيْهِ إِذا خرجت عَن يَديك وَإِنَّمَا لَك عَليّ الطَّاعَة فِي طَاعَته وَلَيْسَ لَك عَليّ الطَّاعَة فِي مَعْصِيَته فَبكى الْملك واستدناه وَزَاد فِي إكرامه