الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْع الثَّانِي
المتقي
وَهُوَ جملَة متقيات
المتقي الأول إِمْضَاء مَا فوض إِلَيْهِ من غير مطالعة (45) لَهُ بمهماته. فَفِي الافلاطونيات: إِذا استوزرك الْملك فَلَا تقبلن مِنْهُ تفويضه فَإِن ذَلِك مخطر بالوزير
قلت زَاد فِي العهود والتفويض مَظَنَّة للتكثير
قَالَ فَإِن أكرمك بذلك لموجب فأشرك مَعَك حَاكم الشَّرِيعَة وخلد كل مَا أمضيته فِي ديوَان مُفْرد لَهُ وطالع الْملك بجملة ذَلِك تسلم
المتقي الثَّانِي ترك التحفظ فِي كَلَامه عِنْد مُخَاطبَة السُّلْطَان كمجاوزة مِقْدَار الْحَاجة فِيهِ والاحتجاج لغيره فَفِي العهود تحفظ فِي كلامك عِنْد مخاطبته وَاحْذَرْ أَن يتَعَدَّى قَوْلك مَا دعت إِلَيْهِ الْحَاجة وَسلم النَّاس عَلَيْك فِيهِ
وجنب كلامك الِاحْتِجَاج بغيرك والتمثيل بسواك فَرُبمَا أضرّ هَذَا بك وبمن تذكره
المتقي الثَّالِث تقدم السُّلْطَان عَلَيْهِ فِيمَا يعود بصلاح الْملك جدا وتشميرا
فَفِي العهود وَاعْلَم أَن عارا ونقيصة بك أَن يتقدمك الْملك فِي الصَّبْر على الملاذ وهجر الدعة وَشدَّة الْيَقَظَة وَقُوَّة التفكير فِي مصلحَة
المملكة فَإِنَّهُ إِن سامحك بذلك وسره فِي نَفسه تقدمه عَلَيْك فِيهِ فَهُوَ يحطك لَدَيْهِ وَيرى أَنه لَا مؤازر لَهُ فِيمَا عداهُ وَتَابعه فاجتهد أَن يراك مُتَقَدما لَهُ فِيهَا وَلَا يحس مِنْك بتقصير عَنْهَا
المتقي الرَّابِع إِظْهَار مَا لَهُ من فَضَائِل تجَاوز فَضَائِل أهل طبقتك فَفِي الأفلاطونيات إِذا خدمت ملكا فَلَا تظهر مِنْك لَهُ فَضِيلَة تجَاوز فَضَائِل أهل طبقتك فَإِنَّهُ لَا يحسن موقعها لَك وَيرى بهَا أَن قعودك أَكثر من كفايتك
قلت ينظر إِلَى هَذَا قَوْله فِي مَوضِع آخر يَنْبَغِي لمن طَال لِسَانه وَحسن بَيَانه أَلا يحدث النَّاس بِغَرَائِب مَا يسمع فَإِن الْحَسَد لحسن مَا يظْهر مِنْهُ يحملهم على تَكْذِيبه وَترك الْخَوْض فِي الشَّرِيعَة وَإِلَّا حملتهم المنافسة على تكفيره
المتقي الْخَامِس إجَابَته لمشاركة السُّلْطَان فِيمَا يذهل بِهِ عَن التَّدْبِير والسياسة وَلَو فِي لَحْظَة من الزَّمَان فَفِيهَا إِذا اسْتعْملت على أَمر ملك والسياسة وَلَو فِي لَحْظَة من الزَّمَان فَفِيهَا إِذا اسْتعْملت على أَمر ملك فَلَا تأنس بلذة وَلَا بنعماء فِي الْوَقْت الَّذِي يَخْلُو بِهِ لذَلِك وَاسْتعْمل الْجد وَالتَّدْبِير فِي الْوَقْت الَّذِي يهزل فِيهِ وَإِن دعَاك إِلَى مشاركته أعلمته أَنه لَا يجب أَن يجتمعا على اللَّهْو لِئَلَّا يغيب نور الْعقل عَن المملكة
المتقي السَّادِس ذمّ رذيلة ظَهرت فِيهِ وَنَهْيه عَنْهَا فَفِيهَا لَا تذمن رذيلة ظَهرت فِي أحد من الْمُلُوك عِنْده وَلَا تنه عَنْهَا فَإِن الْأَمر وَالنَّهْي للْملك دُونك وَلَكِن أذكر لَهُ الْفَضِيلَة الَّتِي خرجت تِلْكَ الرذيلة عَنْهَا وحسنها عِنْده فَإِنَّهُ يلْزمهَا وَيضْرب عَمَّا ظهر مِنْهُ من تِلْكَ الرذيلة كَأَن يبخل
فتحسن لَهُ تَوْفِيَة الْأَشْيَاء وإعطاءها حُقُوقهَا وتقبح عِنْده الْخرق والسرف فَإنَّك إِذا عَرفته بذلك رأى قبح الْبَخِيل فيجتنبه
المتقي السَّابِع إقدامه على مجاوبة معادية فِي الْمجْلس السلطاني إِلَّا بِإِذن
فَفِيهَا إِذا نابزك أحد بَين يَدي الْملك فَلَا تكَلمه إِلَّا بِإِذْنِهِ وَاذْكُر لَهُ أَنَّك لَا تطلق لسَانك فِي مَجْلِسه لجلالته عنْدك بِجَمِيعِ مَا يحضرك فِيهِ وَأظْهر التهاون بذلة والتبسم مِنْهُ فَإِنَّهُ يتشيظ وَتَقَع بِهِ التُّهْمَة وَأَنت وادع
المتقي الثَّامِن تَغْطِيَة بِحَضْرَة السُّلْطَان فَفِيهَا لَا تتغيظ بَين يَدي الْملك فَإِن الغيظ يُحَرك الِانْتِصَار وَلَا يكون فِي مَجْلِسه إِلَّا بِهِ وَلَكِن حرك غضب الْملك بِوُجُوب الْحجَّة وخل بَينه وَبَين الْأَمر
المتقي التَّاسِع تشفي الغيظ بِهِ من عَدو مكافح إيهاما أَن ذَلِك من مصَالح ملكه فَفِيهَا أَشد الْأَشْيَاء على الرئيس أَن قد تتشفى بِهِ من عَدوك وتوهمه أَن ذَلِك من مصلحَة أمره فَإنَّك تُقِيمهُ مقَام الْكَلْب الَّذِي تحركه على مَا ينفعك دونه فاحذر هَذَا وَلَا
تظهر لَهُ بغضا لأحد أَو محبَّة وَاجعَل غضبك ورضاك تِلْقَاء استخفاف النَّاس من مَمْلَكَته
المتقي الْعَاشِر تكلفه للسُّلْطَان مَا لَا يُوفي بِهِ مِقْدَاره فَفِي العهود لَا تنزل من الْملك منزلَة تحْتَاج فِيهَا إِلَى تكلّف مَا لَيْسَ فِي طبعك والاستعانة عَلَيْهِ فِي شَيْء مِنْهَا وإيقاع حِيلَة فِي مساورتها فَلَيْسَ عَائِد مَا عَلَيْك بِمِقْدَار أخطارها بك
المتقي الْحَادِي عشر قبُول رَضِي السُّلْطَان بعد العتب عَلَيْهِ إِلَّا بعد ظُهُور صحبته فَفِي العهود إِذا عتب عَلَيْك فِي شُبْهَة لاحت فِي أَمرك فَلَا تقبل رِضَاهُ عَنْك إِلَّا بعد أَن تقدم حجتك وأره انك لَا تُؤثر الْحَيَاة إِلَّا بِبَرَاءَة الساحة من سوء الظنة فَإِن ذَلِك زَائِد فِي محلك ومنبه على خطرك
المتقي الثَّانِي عشر كَثْرَة تردد حرم السُّلْطَان إِلَيْهِ فِي طلب الْحَوَائِج
فَفِي الأفلاطونيات ليحذر الْوَزير انصباب حرم الْملك إِلَيْهِ فِي حوائجهم ولتكن الْوَاسِطَة بَينه وَبينهمْ أما أم الْملك أَو من وقف الْملك على غيرته على الْوَزير من حرمه
المتقي الثَّالِث عشر سروره على مَا يخْتَص بالسلطان من ملبوس ومركوب ومتزين بِهِ فَفِي العهود وَاحْذَرْ لِبَاس ثَوْبه وركوب مركبه واستخدام مَا يتزين بِهِ
المتقي الرَّابِع عشر إفراط الدَّالَّة على السُّلْطَان لسوء منقلبها فَفِي العهود وَاحْذَرْ مصَارِع الدَّالَّة فَإِنَّهُ أَكثر أعدائك فِي سمو حالك واستقامة أَمرك
قلت فَفِي الأفلاطونيات شَرّ الإدلال الإدلال على الْمُلُوك وَمِنْه إمساكك عَن الِاعْتِذَار فِيمَا فرقت بِهِ عِنْد الْمُلُوك واستهانتك بخصمك حَتَّى يتأثر الْملك بقوله
المتقي الْخَامِس عشر مساواته للسُّلْطَان فِي الزِّينَة
قَالَ الطرطوشي إِذا كَانَ الْوَزير يُسَاوِي الْملك فِي الْهَيْئَة والطباعة فليصرعه الْملك فَإِن لم يفعل فَليعلم أَنه المصروع
قلت لِأَنَّهَا مبدأ الاستبداد عَلَيْهِ كَمَا يرد إِن شَاءَ الله وقديما تخوف من ذَلِك على الوزراء وحذروا من سوء عاقبته
يحْكى أَن وَالِد بعض الوزراء قَالَ لوَلَده وَقد رَآهُ تجَاوز الْحَد فِي حَاله يَا بني إِنَّه لقد غمني نظام أَمرك وَمَا رَأَيْت من فَسَاده فَقَالَ لَهُ ابْنه وَمَا أنْكرت مني فَقَالَ رَأَيْت هَيْئَة ابْن الْملك وعدده أقل من هيئتك وعددك وَرَأَيْت الْجند قد أعطوك من إعظامهم مَا لَيْسَ عِنْدهم فِيهِ
مستزاد للْملك ولاان يعمر مَنْزِلَته فَأنْزل مِمَّا رقيت إِلَيْهِ من قبل أَن يرميك الْملك عَنهُ
المتقي السَّادِس عشر تعرضه بالتوسع فِي الْحَال لتغيير السُّلْطَان عَلَيْهِ فَفِي الأفلاطونيات أَكثر استثقال الْمُلُوك من خدمهم على كَثْرَة مَا يحتجنون من الْأَمْوَال ويملكون من الضّيَاع والآلات فَإِذا رأى مِنْك مَا يستكثره فَرده إِلَيْهِ وعرفه بأنك جمعته لَهُ بِاسْمِك وَالْتزم هَذَا لَهُ وَإِن أظهر كرهه لَهُ
قلت وعَلى أَن توسعه قد يكون بِحَسب مَا يُطلق لَهُ عناية بِهِ لاسيما فِي الدول الْعَظِيمَة الوفر كَمَا يحْكى عَن الْوَزير أبي الْفرج يَعْقُوب أَن مخدومه الْعَزِيز صَاحب مصر أقطعه مائَة ألف دِينَار وخوله بعد مَوته من العبيد والممالك أَرْبَعَة آلَاف وخوله جوهرا بأربعمائة ألف دِينَار
المتقي السَّابِع عشر
إفراط سَعْيه فِي تَكْثِير الْبَنِينَ والأتباع فَفِي العهود تجنب الانهماك فِي طلب كَثْرَة الْوَلَد وَالزِّيَادَة فِي الحشم فَإِن الْحَاسِد يراهم وَمَا
يضْطَر إِلَيْهِ لَهَا من نعمه وَإِنَّمَا هم مُؤنَة مستهلكة لعائدك لَهُم وردهَا وَعَلَيْك صدرها والاقتصاد فِي أمورك أدوم لسلامتك وأغض لطرفك الساهر عَنْك وأروح لقلبك وجوارحك
قَالَ وَليكن وكدك وَنِهَايَة خوضك فِي استقراء حَال المملكة وَتَأمل أقطارها وَمَا عَلَيْهِ كل جُزْء مِنْهَا من زِيَادَة أَو نُقْصَان أَو سداد ثغر أَو تَدْبِير مصلحَة تبقى لَك شرفها وَيحسن بك أَثَرهَا
المتقي الثَّامِن عشر ظُهُور موجدته على استوائه فِي الْعَائِد مَعَ من دونه فَفِي العهود إِذا كنت للْملك أنصح من جَمِيع وزرائه وساوى عائدك عائدهم فَلَا كربك ذَلِك لِأَنَّك تَأْخُذ مِنْهُ مَا فَرْضه لَك الْعقل وهم يَأْخُذُونَ مَا أَعْطَاهُم إِيَّاه الْهوى الَّذِي لَا يثبت مَعَ التكشف
المتقي التَّاسِع عشر
إِقَامَة الْحجَّة عِنْد قصد السُّلْطَان لَهُ أَو لأحد من أَتْبَاعه بِتَغَيُّر حَال دون طلب الْعذر فَفِي الأفلاطونيات إِن قصدك الْملك فِي تَابع لَك أَو فِي شَيْء من أمورك فَلْيَكُن طلب الْعذر لَهُ فِي ذَلِك أرشد من طلب الْحجَّة الَّتِي تعصم مِنْهُ
وَلَا يتأثر كَلَام الأتباع فِيهِ وَانْظُر على ولدك فضلا عَن غَيره بِعَين الْملك تسلم من انحرافه
المتقي الْعشْرُونَ
طلب الترفع عِنْد الْمَزِيد لَهُ فِي الْكَرَامَة فَفِي الأفلاطونيات زد فِي