المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مسكة الختام   تقدم أَن احدا لم يلغ فِي كَمَال الِاعْتِدَال فِي - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ٢

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌فِي التحذير من تِلْكَ الْمَحْظُورَات

- ‌الْمَحْظُور الأول

- ‌اتِّبَاع الْهوى

- ‌الْمَحْظُور الثَّانِي

- ‌الترفع عَن المداراة

- ‌الْمَحْظُور الثَّالِث

- ‌قبُول السّعَايَة والنميمة

- ‌الْمَحْظُور الرَّابِع

- ‌اتِّخَاذ الْكَافِر وليا

- ‌الْمَحْظُور الْخَامِس

- ‌الْغَفْلَة عَن مُبَاشرَة الْأُمُور

- ‌فِي جَوَامِع مَا بِهِ السياسة الْمَطْلُوبَة من السُّلْطَان وَمن يَلِيهِ

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي سياسة السُّلْطَان

- ‌السياسة الأولى

- ‌الْجُمْلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِي

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌شَهَادَة عيان

- ‌الْجُمْلَة الثَّانِيَة

- ‌الْحق الأول

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌الْحق الثَّانِي

- ‌تحذير

- ‌الْحق الثَّالِث

- ‌الْحق الرَّابِع

- ‌الْحق الْخَامِس

- ‌الْإِشَارَة الثَّانِيَة

- ‌الْإِشَارَة الثَّالِثَة

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة الْأُمُور الْعَارِضَة

- ‌ الْجِهَاد

- ‌الْعَارِض الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الْعَارِض الثَّانِي

- ‌السّفر

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌الْعَارِض الثَّالِث

- ‌الشدائد النَّازِلَة

- ‌التَّذْكِير الأول

- ‌التَّذْكِير الثَّانِي

- ‌التَّذْكِير الثَّالِث

- ‌التَّذْكِير الرَّابِع

- ‌التَّذْكِير الْخَامِس

- ‌الْحِكَايَة الأولى

- ‌الْحِكَايَة الثَّانِيَة

- ‌الشدَّة الأولى

- ‌الشدَّة الثَّانِيَة

- ‌الشدَّة الثَّالِثَة

- ‌فَائِدَة فِي تَنْبِيه

- ‌الْعَارِض الرَّابِع

- ‌الرسَالَة

- ‌الرِّعَايَة الأولى تحقق أَن موقع الرَّسُول من السُّلْطَان موقع الدَّلِيل من الْمَدْلُول وَالْبَعْض من الْكل فَفِي سياسة أرسطو اعْلَم أَن الرَّسُول يدل على عقل من أرْسلهُ إِذْ هُوَ عينه فِيمَا لَا يرى وَأذنه فِيمَا لَا يسمع وَلسَانه عِنْدَمَا غَابَ عَنهُ وَقَالُوا الرَّسُول قِطْعَة من الْمُرْسل

- ‌الرِّعَايَة الثَّانِيَة

- ‌الرِّعَايَة الثَّالِثَة

- ‌الرِّعَايَة الرَّابِعَة

- ‌الرِّعَايَة الْخَامِسَة

- ‌الرِّعَايَة السَّادِسَة

- ‌الرِّعَايَة السَّابِعَة

- ‌الرِّعَايَة الثَّامِنَة

- ‌الرِّعَايَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّعَايَة الْعَاشِرَة

- ‌الْعَارِض الْخَامِس

- ‌الْوُفُود

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي سياسة الْوَزير

- ‌السياسة الأولى

- ‌سياسة لنَفسِهِ

- ‌الضَّرْب الأول

- ‌المعتقدات العلمية

- ‌المعتقد الأول

- ‌المعتقد الثَّانِي

- ‌المعتقد الثَّالِث

- ‌المعتقد الرَّابِع

- ‌المعتقد الْخَامِس

- ‌الضَّرْب الثَّانِي

- ‌العزائم العلمية

- ‌الْعَزِيمَة الأولى

- ‌الْعَزِيمَة الثَّانِيَة

- ‌الْعَزِيمَة الثَّالِثَة

- ‌الْعَزِيمَة الرَّابِعَة

- ‌الْعَزِيمَة الْخَامِسَة

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة السُّلْطَان

- ‌الْأَدَب الرَّابِع

- ‌الْأَدَب السَّادِس

- ‌الْأَدَب السَّابِع

- ‌الْأَدَب الثَّامِن

- ‌الْأَدَب التَّاسِع

- ‌الْأَدَب الْعَاشِر

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌المتقي

- ‌السياسة الثَّالِثَة لخواص السُّلْطَان

- ‌وَسَائِر أَرْبَاب الدولة

- ‌الطَّبَقَة الأولى المسالمون

- ‌المدارة الأولى

- ‌المدارة الثَّانِيَة

- ‌المدارة الثَّالِثَة

- ‌المدارة الرَّابِعَة

- ‌المدارة الخانسة

- ‌الطَّبَقَة الثَّانِيَة

- ‌المتطلعون إِلَى مَنْزِلَته

- ‌الْمُقَابلَة الأولى

- ‌الْمُقَابلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمُقَابلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمُقَابلَة الْخَامِسَة

- ‌فِي سياسة سَائِر الْخَواص والبطانة

- ‌فِي صُحْبَة السُّلْطَان وخدمته

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فِي التَّرْهِيب من مخالطته

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌التحذير من صحبته

- ‌خَاتِمَة إِفَادَة

- ‌فِي وَاجِبَات مَا يلْزم السُّلْطَان سياسة الْقيام بهَا وَفَاء بعهدة مَا تحمله وطولب مِنْهُ وَالْمَذْكُور مِنْهَا جملَة

- ‌الْوَاجِب الثَّالِث

- ‌إِقَامَة الْحُدُود

- ‌الْوَاجِب الرَّابِع

- ‌عُقُوبَة الْمُسْتَحق وتعزيزه

- ‌الْوَاجِب الْخَامِس

- ‌رِعَايَة أهل الذِّمَّة

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌فِي عوائد الْملك وعوارضه

- ‌فِي عوائق الْملك الْمَانِعَة من دَوَامه

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي التَّعْرِيف بالعوائق المنذرة بِمَنْع دوَام الْملك

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التَّعْرِيف بكيفية طروق الْخلَل إِلَى الدول

- ‌بَيَان طروق الْخلَل فِي المَال

- ‌فِي عوارض الْملك اللاحقة لطبيعة وجوده

- ‌ فِي عوارض الْملك من حَيْثُ هُوَ

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي اخْتِيَار الْمنَازل الحضرية الِاجْتِمَاع

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي اكْتِسَاب المعاش بِالْكَسْبِ والصنائع وَفِيه مسَائِل

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي اكْتِسَاب الْعُلُوم

- ‌الخاتمة فِي سياستي الْمَعيشَة وَالنَّاس

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي التَّقْوَى

- ‌وفيهَا مسَائِل

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة فِي حسن الْخلق

- ‌السياسة الأولى

- ‌سياسة الْمَعيشَة

- ‌المطلع الأول

- ‌فِي كليات مِمَّا تدبر بِهِ الْمَعيشَة من جَانب الْوُجُود وَفِيه انارات

- ‌المطلع الثَّانِي

- ‌فِي أُمَّهَات مِمَّا تحفظ بِهِ من جَانب الْعَدَم وَفِيه اضاءات

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة النَّاس

- ‌وَقبل التَّلْخِيص لَهَا فَهُنَا مُقَدمَات

- ‌مسكة الختام

الفصل: ‌ ‌مسكة الختام   تقدم أَن احدا لم يلغ فِي كَمَال الِاعْتِدَال فِي

‌مسكة الختام

تقدم أَن احدا لم يلغ فِي كَمَال الِاعْتِدَال فِي اصول الاخلاق وفروعها مبلغ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمُقْتَضى ذَلِك مَعَ طلب الِاقْتِدَاء بِهِ أَن سيرته صلى الله عليه وسلم فِي سياسة الدّين وَالدُّنْيَا هِيَ السِّيرَة الجامعة لمحاسن الشيم وَمَكَارِم الاخلاق

وَقبل الْخَتْم بتلخيص ذَلِك تبركا فَهُنَا مَسْأَلَتَانِ

الْمَسْأَلَة الأولى

فِي فَوَائِد الْوُقُوف عَلَيْهِ وَهِي جملَة

الْفَائِدَة الأولى دلَالَته على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم وَلَكِن بعد الْعلم بِجَوَاز النُّبُوَّة فِي الْجُمْلَة على مَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْن التلمساني وان كَانَ الجاحظ اعتبرها على الاطلاق وَتَبعهُ الْغَزالِيّ فِي المنقذ من الضلاة والامام فَخر الدّين فِي المعالم وملخصها من تَقْرِير الْغَزالِيّ أَن من شَاهد احواله صلى الله عليه وسلم أَو بلغه مستفيض خَبَرهَا الْمُشْتَمل على اخلاقه واقوال وافعاله وسياسته لاصناف الْخلق بالهداية والتآلف والانقياد مُنْضَمًّا إِلَى مَا خص بِهِ من عجائب الاجوبة فِي مضائق الاسئلة وترافع التَّدْبِير ومحاسن الاشارة لتفاصيل الْأَحْكَام الَّتِي يعجز نحارير الْفُقَهَاء عَن ادراك اوائلها لم يبْق لَهُ ريب فِي أَن ذَلِك لَا قدرَة للبشر على اكتسابه بحيلة وانما يتَصَوَّر بتأييد سماوي وَقُوَّة الهية لَا سِيمَا وَهُوَ صلى الله عليه وسلم امي لم يقْرَأ كتابا وَلم تلمذ لاستاذ وَلَا رَحل فِي طلب الْعلم واذ ذَاك فَهُوَ قَاطع بصدقه وبصحة مَا أَتَى بِهِ وَمن ثمَّ كَانَ الْعَرَبِيّ القح يَقُول عِنْد رُؤْيَته ص وَمَا هَذَا وَجه كَذَّاب

ص: 471

الْفَائِدَة الثَّانِيَة

شَهَادَته بإنه اكرم الْخلق على الله تَعَالَى وارفعهم لَدَيْهِ مقَاما وَتَقْرِيره على طَريقَة الْأَمَام الْفَخر انه صلى الله عليه وسلم بلغ لهَذَا الْكَمَال الْعَظِيم فِي انْتِفَاع الْخلق بِهِ فِي الدعْوَة إِلَى التَّوْحِيد اولا والحث على مَكَارِم الاخلاق ثَانِيًا مبلغا لم يبلغهُ أحد من اكابر الْأَنْبِيَاء وَالرسل لانه عِنْد ظُهُوره صلى الله عليه وسلم قلب الدُّنْيَا من الْبَاطِل إِلَى الْحق وَمن الظلمَة إِلَى النُّور فِي اكثر بِلَاد الْمَعْمُور حَتَّى اطلق الالسنة بِالتَّوْحِيدِ وطهر النُّفُوس من خبائث الاخلاق وَرجع الْخلق من حب الدُّنْيَا إِلَى حب الْمولى بِحَسب الْإِمْكَان وَعند ذَلِك فَهُوَ صلى الله عليه وسلم اكرم الْخلق على الله تَعَالَى وافضل رَسُول بَعثه

قَالَ ابْن التلمساني لَا شكّ فِي فَضله من هَذَا الْوَجْه مَعَ مَاله من الْفَضَائِل

الْفَائِدَة الثَّالِثَة

اقتضاؤه بِهَذِهِ الدّلَالَة وَالشَّهَادَة اقْتِدَاء الْخلق بِهِ فِي سياسة الدّين وَالدُّنْيَا لامرين

أَحدهمَا وُرُود الْأَمر بذلك كتابا وَسنة بقوله تَعَالَى {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة لمن كَانَ} الاية قَالَ عِيَاض عَن التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم الاسوة فِي الرَّسُول الِاقْتِدَاء بِهِ والاتباع لسنته وَترك مُخَالفَته فِي قَول أَو فعل وَقَوله صلى الله عليه وسلم أَن احسن الحَدِيث كتاب الله وَخير الْهدى هدى مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها

ص: 472

الثَّانِي حصر السَّعَادَة فِي مُتَابَعَته صلى الله عليه وسلم إِمَّا فِي الدّين فَظَاهر واما فِي الدُّنْيَا فَلَمَّا تقرر وَقد تقدم أَن مصالحها إِنَّمَا تعْتَبر برعاية الشَّرْع لَهَا تحصيلا وجلبا وَمن ثمَّ اعْرِض الموفقون عَن اعْتِبَار سياسة الدُّنْيَا بِمَا يفهم مِنْهُ الاستبداد بِهِ لآراء الفلاسفة

حِكَايَة قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ كَانَ الْبَاجِيّ ينْتَظر يَوْمًا اذن احْمَد بن هود فجالسه ابْنه الملقب بالمؤتمن وَكَانَ يفلسف وجاذبه ذيل الحَدِيث فَقَالَ لَهُ هَل قَرَأت ادب النَّفس لافلاطون فَقَالَ لَهُ إِنَّمَا قَرَأت أدب النَّفس لمُحَمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ وعني بذلك مَا تضمنته الشَّرِيعَة من قُرْآن وَسنة فِي هِدَايَة الْبشر وايضاح السّنَن

الْفَائِدَة الرَّابِعَة

اعلامه بِأَن أدب هَذَا الِاقْتِدَاء فِي الظَّاهِر عنوان مثله فِي الْبَاطِن لوَجْهَيْنِ

أَحدهمَا أَن سرائر الْقُلُوب منابع الاعمال ومغارس بذرها فَمَتَى عذب موردها واينع روضها دلّ على أَن الْقلب صَالح السريرة لَا محَالة

الثَّانِي أَن انوار السرائر إِذا اشرقت على الظَّوَاهِر زينتها بدلت مساويها محَاسِن

ص: 473

قَالَ الْغَزالِيّ وَمن لم يكن صَدره مشكاة الانوار الإلهية لم يفض على ظَاهره جمال الاداب النَّبَوِيَّة انْتهى

الْفَائِدَة الْخَامِسَة

احالته فِي هَذَا الِاقْتِدَاء على الْقُرْآن الَّذِي كَانَ خلقه صلى الله عليه وسلم وَاصل تهذيبه وتكميله

قَالَ الْغَزالِيّ وَمِنْه يشرق النُّور على كَافَّة الْخلق

قلت وَعند ذَلِك فَمن اقْتدى بِغَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم ضل وَمن استضاء بسواه بَقِي فِي الْعَمى وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

فِي سِيَاق مَا يدل من الْأَخْبَار على فَضله صلى الله عليه وسلم مَعَ الاشارة إِلَى جمل من اوصافه الظَّاهِرَة واخلاقه الْبَاطِنَة الشَّاهِد ذَلِك كُله بِاسْتِحْقَاق ذَلِك الْفضل الْعَظِيم وَالْمَذْكُور من ذَلِك خبران

الْخَبَر الأول يرْوى أَن عمر رضي الله عنه سمع بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول وَهُوَ يبكي بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله لقد كَانَ لَك جذع تخْطب النَّاس عَلَيْهِ فَمَا كثر النَّاس اتَّخذت منبرا لتسمعهم فحن الْجذع لفراقك حَتَّى جعلت يدك عَلَيْهِ فسكن فأمتك اولى بالحنين عَلَيْك حِين فَارَقْتهمْ بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله لقد بلغ من فضلك عِنْد رَبك أَن جعل طَاعَتك طَاعَته فَقَالَ من يطع الرَّسُول فقد اطاع الله بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله لقد بلغ من فضيلتك عِنْد أَن اخبرك بِالْعَفو

ص: 474

عَنْك قبل أَن يُخْبِرك بذنبك فَقَالَ عَفا الله عَنْك لم اذنت لَهُم بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله لقد بلغ من فضيلتك عِنْده أَن بَعثك آخر الْأَنْبِيَاء وذكرك فِي اولهم فَقَالَ تَعَالَى وَإِذا اخذنا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح وابراهيم ومُوسَى وَعِيسَى بن مَرْيَم لقد بلغ من فضيلتك عِنْده أَن أهل النَّار يودون لَو يَكُونُوا اطاعوك وهم بَين اطباقها يُعَذبُونَ {يَقُولُونَ يَا ليتنا أَطعْنَا الله وأطعنا الرَّسُول} بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله لَئِن كَانَ مُوسَى بن عمرَان اعطاه الله حجرا يتفجر مِنْهُ الانهار فَمَا ذَاك بِأَعْجَب من اصابعك حِين نبع مِنْهَا المَاء صلى الله عليه وسلم بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله لَئِن كَانَ سُلَيْمَان بن دَاوُود اعطاه الله الرحي غدوها شهر ورواحها شهر فَمَا ذَاك بِأَعْجَب من الْبَراء حِين سرت عَلَيْهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة ثمَّ صليت الصُّبْح من ليلتك بالابطح صلى الله عليه وسلم بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله لَئِن كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم اعطاه الله احياء الْمَوْتَى فَمَا ذَاك بِأَعْجَب من الشَّاة المسمومة حِين كلمتك وَهِي مَسْمُومَة فَقَالَت لَا تأكلني فَإِن مَسْمُومَة بِأبي أَنْت أُمِّي يَا رَسُول الله لقد دَعَا نوح على قومه فَقَالَ رَبِّي لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا وَلَو دعون علينا مثلهَا لهلكنا عَن آخِرنَا فَلَقَد وطأ ظهرك وادمى وَجهك وَكسرت رباعيتك فأبيت أَن تَقول إِلَّا خيرا فَقلت اللَّهُمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله لقد ابتعك فِي قلَّة سنيك وَقصر عمرك مَا لم يتبع نوحًا فِي كَثْرَة سنه وَطول عمره فَلَقَد آمن بك الْكثير وَمَا آمن مَعَه إِلَّا قَلِيل بِأبي أَنْت وَأمي يَا

ص: 475

رَسُول الله لَو لم تجَالس الاكفؤا مَا جالستنا وَلَو لم تنْكح الاكفؤا مَا انكحت إِلَيْنَا وَلَو لم تؤاكل إِلَّا كُفؤًا مَا واكلتنا لبست الصَّيف وَركبت الْحمار وَوضعت طَعَامك على الأَرْض ولعقت اصابعك تواضعا مِنْك صلى الله عليه وسلم

قَالَ الرشاطي قد جمع هَذَا الْخَبَر كثيرا من آيَاته ومعجزاته صلى الله عليه وسلم تَسْلِيمًا

الْخَبَر الثَّانِي روى عَن ابْن أبي هَالة التَّمِيمِي عَن الْحسن بن عَليّ رضي الله عنهما قَالَ سَأَلت خَالِي هِنْد بن أبي هَالة وَكَانَ وصافا عَن حلية النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنا اشتهي أَن يصف لي مِنْهَا شَيْئا اتعلق بِهِ

قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وَجهه تلألؤ الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر اطول من المربوع واقصر من المذب عَظِيم الهامة رجل الشّعْر أَن انفرقت عقيقته فرقها وَألا فَلَا يُجَاوز شعره شحمة اذنيه إِذا هُوَ وفره ازهر اللَّوْن وَاسع الجبين ازج الحواجب سوابغ فِي غير قرن بَينهمَا عرق يدره الْغَضَب اقنى الْعرنِين لَهُ نور يعلوه يحسبه من

ص: 476

لم يتأمله اشم كث اللِّحْيَة سهل الْخَدين ضليع الْفَم مُفْلِح مشذب الاسنان دَقِيق المسربة كَأَن عُنُقه جيد دمية فِي صفاء الْفضة معتدل الْخلق بادن متماسك سَوَاء الْبَطن عريض الصَّدْر بعيد مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ ضخم الكراديس انور المتجرد مَوْصُول مَا بَين اللبة والسرة بِشعر يجْرِي كالخط عَار يالثديين والبطن مَا سوى ذَلِك اشعر الذراعين والمنكبين واعال يالصدر طَوِيل الزندين رحب الرَّاحَة شتن الْكَفَّيْنِ والقدمين شائل الاطراف خمصان الاخمصين مسبج الْقَدَمَيْنِ ينبو عَنْهُمَا المَاء إِذا زَالَ زَالَ قلعا يخطو تكفيا وَيَمْشي هونا ذريع المشية إِذا مَشى كَأَنَّمَا ينحط من صبب وَإِذا الْتفت الْتفت جَمِيعًا خافض الطّرف نظره إِلَى الأَرْض اطول من نظره إِلَى السَّمَاء جلّ نظره الملاحظة يَسُوق اصحابه ويبدر من لقِيه بِالسَّلَامِ

قَالَ قلت صف لي مَنْطِقه قَالَ كَانَ صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان دَائِم الْفِكر لَيست لَهُ رَاحَة طَوِيل السُّكُوت يفْتَتح الْكَلَام ويختمه باشراقة وَيتَكَلَّم بجوامع الْكَلم فصل لَا فضول وَلَا تَقْصِير دمث لَيْسَ بالجافي وَلَا المهين يعظم النِّعْمَة وان قلت لَا يذم مِنْهَا شَيْئا لَا يذيم ذواقا وَلَا يمدحه وَلَا تغضبه الدُّنْيَا وَمَا كَانَ لَهَا فَإِذا تعدى الْحق لم يعرفهُ أحد وَلم يقم لغضبه شَيْء حَتَّى ينتصر لَهُ وَلَا يغْضب لنَفسِهِ وَلَا ينتصر لَهَا

ص: 477

إِذا أَشَارَ أَشَارَ بكفه كلهَا وَإِذا تعجب قَلبهَا وَإِذا تحدث اتَّصل بهَا فَضرب براحته الْيُمْنَى بطن ابهامه الْيُسْرَى وَإِذا غضب اعْرِض واشاح وَإِذا فَرح غض طرفه جلّ ضحكة التبسم ويفتر عَن مثل حب الْغَمَام

قَالَ فكتمتها عَن الْحسن زَمَانا ثمَّ حدثته فوجته قد سبقني إِلَيْهِ فَسَأَلَ عَمَّا سَأَلت عَنهُ وَوَجَدته قد سَأَلَ اباه عَن مدخله ومخرجه ومجلسه وشكله فَلم يدع مِنْهُ شَيْئا قَالَ الْحسن سَأَلت أبي رَحمَه الله تَعَالَى عَن دُخُول النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ كَانَ دُخُوله لنَفسِهِ مَأْذُونا لَهُ فِي ذَلِك فَكَانَ إِذا آوى إِلَى منزله جزأ دُخُوله ثَلَاثَة اجزاء جزأ لله تَعَالَى وجزأ لأَهله ثمَّ جُزْء بَينه وَبَين النَّاس فَيرد ذَلِك على الْعَامَّة والخاصة وَلَا يُؤَخر عَنْهُم شَيْئا أَو قَالَ يدّخر فَكَانَ من سيرته فِي جُزْء الْأمة ايثار أهل الْفضل بِإِذْنِهِ وقسمه على قدر فَضلهمْ فِي الدّين فَمنهمْ ذُو الْحَاجة مِنْهُم ذُو الحاجتين وَمِنْهُم ذُو الْحَوَائِج فيتشاغل بهم ويشغلهم فِيمَا يصلحهم والامة من مسألتهم عَنهُ واخبارهم بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُم وَيَقُول ليبلغ الشَّاهِد مِنْكُم الْغَائِب وابلغوني حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع ابلاغها فَإِنَّهُ من ابلغ سُلْطَانا حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع ابلاغها ثَبت الله قَدَمَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة لَا يذكر عِنْده إِلَّا ذَلِك وَلَا يقبل من أحد غَيره يدْخلُونَ رَوَّادًا وَلَا يتفرقون إِلَّا عَن ذواق وَيخرجُونَ أَدِلَّة

ص: 478

قَالَ فَسَأَلته عَن مخرجه كَيفَ كَانَ يصنع فِيهِ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لِسَانه إِلَّا فِيمَا يعنيه ويؤلفهم وَلَا ينفرهُمْ ويكمر كل كريم قوم ويوليه عَلَيْهِم ويحذر النَّاس ويحترس مِنْهُم من غير أَن يطوي عَن أحد مِنْهُم بشره وَلَا خلقه ويتفقد اصحابه ويسألأ النَّاس عَمَّا فِي النَّاس وَيحسن الْحسن ويقويه ويقبح الْقَبِيح ويوهيه معتدل الْأَمر غير مُخْتَلف لَا يغْفل مَخَافَة أَن يغفلا أَو يميلوا لكل حَال عِنْده عتاد لَا يقصر عَن الْحق وَلَا يجوزه الَّذين يلونه من النَّاس خيارهم افضلهم عِنْده اعمهم نصيحة واعظمهم عِنْده منزلَة احسنهم مواساة ومومازرة

قَالَ فَسَأَلته عَن مَجْلِسه فَقَالَ كَانَ صلى الله عليه وسلم لَا يقوم وَلَا يجلس إِلَّا على ذكر وَلَا يوطن الاماكن وَينْهى عَن اياطنها وَإِذا انْتهى إِلَى قوم جلس حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمجْلس وَيَأْمُر بذلك وَيُعْطِي كل جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ لَا يحْسب جليسه أَن احدا اكرم عَلَيْهِ مِنْهُ من جالسه أَو فاوضه فِي حَاجَة صابرة حَتَّى يكون هُوَ المنصرف عَنهُ وَمن سَأَلَهُ حَاجَة لم يردهُ إِلَّا بهَا أَو بميسور من القَوْل قد وسع النَّاس مِنْهُ بَسطه وخلقه فَصَارَ لَهُم ابا وصاروا عِنْده فِي الْحق سَوَاء مَجْلِسه

ص: 479

مجْلِس علم وحياء وامانة لَا ترفع فِيهِ الاصوات وَلَا تؤبن فِيهِ الْحرم وَلَا تنثى فلتاته متعادلين يتفاضلون فِيهِ بالتقوى متواضعين يوقرون فِيهِ الْكَبِير ويرحمون الصَّغِير ويؤثرون ذَا الْحَاجة أَو قَالَ ويحفظون الْغَرِيب

قَالَ كَيفَ كَانَت سيرته فِي جُلَسَائِهِ قَالَ كَانَ صلى الله عليه وسلم دَائِم الْبشر سهل الْخلق لين الْجَانِب لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب وَلَا عياب وَلَا مزاح يتغافل عَمَّا لَا يَشْتَهِي وَلَا يويس مِنْهُ وَلَا يُجيب فِيهِ قد ترك نَفسه من ثَلَاث المراء والاكثار وَمَا لَا يعنيه وَترك النَّاس نم ثَلَاث كَانَ لَا يذم احدا وَلَا يعيره وَلَا يطْلب عَوْرَته وَلَا تكمل إِلَّا فِيمَا رجا ثَوَابه إِذا تكلم اطرق جُلَسَاؤُهُ كَأَنَّمَا على رؤوسهم الطير فَإِذا اسْكُتْ تكلمُوا وَلَا يتنازعون عِنْده من تكلم انصتوا لَهُ حَتَّى يفرغ حَدِيثهمْ عِنْده حَدِيث اولهم يضْحك مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ ويتعجب مِمَّا يتعجبون مِنْهُ ويصبر للغريب لعى الجفوة فِي منْطقَة ومسألته حَتَّى أَن كَانَ اصحابه ليستجلونه وَيَقُول إِذا رَأَيْتُمْ صَاحب الْحَاجة يطْلبهَا فارفدوه وَلَا يطْلب الثَّنَاء إِلَى فِي من مكافئ وَلَا يقطع على أحد حَدِيث حَتَّى يتجوزه فيقطعه بانتهاء أَو قيام

ص: 480

قَالَ قلت كَيفَ كَانَ سُكُوته صلى الله عليه وسلم قَالَ على ارْبَعْ عَن الْحلم والحذر وَالتَّقْدِير والتفكر فَأَما تَقْدِيره فَفِي تَسْوِيَة النّظر وَالِاسْتِمَاع من النَّاس واما تذكره قَالَ أَو تكفره فَفِيمَا يَنْبَغِي وَيَعْنِي وَجمع لَهُ الحكم صلى الله عليه وسلم فِي الصَّبْر فَكَانَ لَا يغضبه شَيْء وَلَا يستفزعه وَجمع لَهُ فِي الحذر ارْبَعْ اخذه بالْحسنِ ليقتدي بِهِ وَتَركه الْقَبِيح لينتهي عَنهُ واجتهاد الرَّأْي فِيمَا يصلح امته وَالْقِيَام لَهُم بِمَا جمع لَهُم أَمر الدُّنْيَا والاخرة انْتهى

انجاز موعد

إِذا تقرر هَذَا فَكَانَ صلى الله عليه وسلم زَائِدا على مَا تقدم لَهُ من اوصاف جَلَاله وكماله وَهُوَ فِي مَعْنَاهُ اعْلَم النَّاس واشجعهم واعدلهم واعفهم واصدقهم واوفاهم والينهم عَرِيكَة فِي الْأمة واكرمهم عشرَة من رَآهُ هابه وَمن عاشره احبه يخصف النَّعْل ويرقع الثَّوْب يخْدم فِي مهنة اهله يُجيب دَعْوَة الْمَمْلُوك يمشي وَحده وَتارَة حافيا يردف خَلفه يقبل الْهَدِيَّة ويكافئ عَلَيْهَا لَا يقبل الصَّدَقَة يعصب عَن بَطْنه الْحجر من الْجُوع

قَالَ البلالي قيل الْحجر تَصْحِيف وَلَا يَصح الصاقه الْبَطن الْكَرِيم بالحصباء فِي حَدِيث لحكمة دفع حرارة الْجُوع لَهُ فَتَأَمّله قَالَ وللتأسي بِهِ وتظاهره بالبشرية كَيْلا يتغالى فِيهِ وَمن ثمَّ وقيت امته مَحْذُور المغالاة انْتهى يَأْكُل مِمَّا حضر وَمِمَّا يَلِيهِ احب اللَّحْم إِلَيْهِ كتف

ص: 481

الشَّاة وَمن الْبُقُول الدُّبَّاء وَمن لاصباغ الْخلّ وَمن التَّمْر الْعَجْوَة يلبس مَا وجد ركب مرّة بَعِيرًا وَأُخْرَى حمارا يحب الطّيب وَيكرهُ الرَّائِحَة الكريهة يكتحل بالاثمد ويجيب الْوَلِيمَة وَيكثر دهن رَأسه ولحيته يلبس خَاتمًا فضَّة يلازم السِّوَاك يحتجم عِنْد الْحَاجة يباسط أَهله يُطِيل الصَّلَاة يقصر الْخطْبَة يعود الْمَرِيض يشْهد الْجَنَائِز يُجَالس الْفُقَرَاء يؤاكل الْمَسَاكِين يقبل المعذرة لَا يمازح فِي حق يصل الرَّحِم من غير ايثار على من هُوَ افل مِنْهُم لَا يهوله شَيْء من أَمر الدُّنْيَا لَا يحقر مِسْكينا لَا يهاب ملكا مَا لعن قطّ امْرَأَة وَلَا خَادِمًا قَالَ البلالي إِلَّا أَصْحَاب الْمعاصِي بِلَا تعين مَا ضربت يَده صلى الله عليه وسلم إِلَّا فِي سَبِيل الله مَا انتقم لنَفسِهِ قطّ مَا اخْتَار إِلَّا ايسر الْأَمريْنِ ابعد النَّاس عَن المآثم يصابر ذَا الْحَاجة حَتَّى ينْصَرف وَلَا يُرْسل يَده حَتَّى يرسلها الآخر لَا يواجه احدا بِمَا يكره يتحدث مَعَ اصحابه إِذا ذكرُوا أَمر الدُّنْيَا أَو أَمر الْجَاهِلِيَّة يضْحك ويبتسم لَا يمْضِي لَهُ وَقت فِي غير عمل لمعاده أَو ضَرُورِيّ لمعاشه يخرج إِلَى بساتين اصحابه يكرم الدَّاخِل عَلَيْهِ ويؤثره بالوسادة يجلس مُسْتَقْبل الْقبْلَة إِذا جلس إِلَيْهِ أحد وَهُوَ يُصَلِّي خفض صلَاته يَدْعُو اصحابه بكناهم ارأف النَّاس بِكُل مُؤمن خير النَّاس للنَّاس جهير الصَّوْت حسن النغمة يعرض عَن الْجَاهِل يكنى عَن الْمَكْرُوه عِنْد الِاضْطِرَار إِلَيْهِ إِذا نزل بِهِ الْأَمر فوض الْمخْرج فِيهِ إِلَى الله تَعَالَى احب الطَّعَام إِلَيْهِ مَا كثرت عَلَيْهِ الْأَيْدِي لَا يَأْكُل الثوم وَلَا البصل وَلَا الكراث

ص: 482

لَا يتنفس فِي الْإِنَاء لَا يسْأَل أَهله طَعَاما وَلَا سحرة عَلَيْهِم يُعجبهُ الثِّيَاب الْخضر اكثر لِبَاسه الْبيَاض إِذا لبس جَدِيدا على خلق ثِيَابه اعطاه مِسْكينا لَا يجزيء بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح رَقِيق الْبشرَة يعرف فِي وَجهه رِضَاهُ ومغضبه اجود النَّاس كفا واوسعهم صَدرا واصدقهم لهجة قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه ناعتا لَهُ لم ار قبله وَلَا بعده مثله صلى الله عليه وسلم

إِلَى هُنَا انْتهى تَمام الْقَصْد وكماله وتحققت فِي انجاز مواعده بتميهد قَوَاعِده مطامعه وآماله

فنحمد الله تَعَالَى على مَا يسر من مرامه ونشكره على المعونة فِي عقده وانبرامه وَنَسْتَغْفِرهُ من خطأ مَا خطه البنان وزلل مَا طَغى بِهِ الْقَلَم وجمح بِهِ الْعَنَان وَنُصَلِّي ونسلم على سيد ولد آدم عربا وعجما وافضل من ورد اسْمه فِي الْكتب السوالف بِالسنةِ الْخَوَالِف مترجما سيدنَا ومولانا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم الَّذِي اوقف عَلَيْهِ وصف الْكَمَال وقصره وايده الْمقَام الصعب بالقاء الرعب وَنَصره صَلَاة تتيمن بهَا فتحا وختما ونؤدي من فَرضهَا اللَّازِم بِمُقْتَضى أمرهَا الْجَازِم حتما وعَلى آله الْأَبْرَار وَأَصْحَابه الناصحين لَهُ فِي الإعلان والاسرار مَا تعاقب الزَّمَان يَوْمًا وَغدا وَرَاح إِلَيْهِ مشتاق الْوُصُول وَغدا بِمُقْتَضى امرها الْجَازِم حتما وعَلى آله الابرار واصحابه الناصحين لَهُ فِي الاعلان والاسرار مَا تعاقب الزَّمَان يَوْمًا وَغدا وَرَاح إِلَيْهِ مشتاق الْوُصُول وَغدا

ص: 483