المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قبول السعاية والنميمة - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ٢

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌فِي التحذير من تِلْكَ الْمَحْظُورَات

- ‌الْمَحْظُور الأول

- ‌اتِّبَاع الْهوى

- ‌الْمَحْظُور الثَّانِي

- ‌الترفع عَن المداراة

- ‌الْمَحْظُور الثَّالِث

- ‌قبُول السّعَايَة والنميمة

- ‌الْمَحْظُور الرَّابِع

- ‌اتِّخَاذ الْكَافِر وليا

- ‌الْمَحْظُور الْخَامِس

- ‌الْغَفْلَة عَن مُبَاشرَة الْأُمُور

- ‌فِي جَوَامِع مَا بِهِ السياسة الْمَطْلُوبَة من السُّلْطَان وَمن يَلِيهِ

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي سياسة السُّلْطَان

- ‌السياسة الأولى

- ‌الْجُمْلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِي

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌شَهَادَة عيان

- ‌الْجُمْلَة الثَّانِيَة

- ‌الْحق الأول

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌الْحق الثَّانِي

- ‌تحذير

- ‌الْحق الثَّالِث

- ‌الْحق الرَّابِع

- ‌الْحق الْخَامِس

- ‌الْإِشَارَة الثَّانِيَة

- ‌الْإِشَارَة الثَّالِثَة

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة الْأُمُور الْعَارِضَة

- ‌ الْجِهَاد

- ‌الْعَارِض الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الْعَارِض الثَّانِي

- ‌السّفر

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌الْعَارِض الثَّالِث

- ‌الشدائد النَّازِلَة

- ‌التَّذْكِير الأول

- ‌التَّذْكِير الثَّانِي

- ‌التَّذْكِير الثَّالِث

- ‌التَّذْكِير الرَّابِع

- ‌التَّذْكِير الْخَامِس

- ‌الْحِكَايَة الأولى

- ‌الْحِكَايَة الثَّانِيَة

- ‌الشدَّة الأولى

- ‌الشدَّة الثَّانِيَة

- ‌الشدَّة الثَّالِثَة

- ‌فَائِدَة فِي تَنْبِيه

- ‌الْعَارِض الرَّابِع

- ‌الرسَالَة

- ‌الرِّعَايَة الأولى تحقق أَن موقع الرَّسُول من السُّلْطَان موقع الدَّلِيل من الْمَدْلُول وَالْبَعْض من الْكل فَفِي سياسة أرسطو اعْلَم أَن الرَّسُول يدل على عقل من أرْسلهُ إِذْ هُوَ عينه فِيمَا لَا يرى وَأذنه فِيمَا لَا يسمع وَلسَانه عِنْدَمَا غَابَ عَنهُ وَقَالُوا الرَّسُول قِطْعَة من الْمُرْسل

- ‌الرِّعَايَة الثَّانِيَة

- ‌الرِّعَايَة الثَّالِثَة

- ‌الرِّعَايَة الرَّابِعَة

- ‌الرِّعَايَة الْخَامِسَة

- ‌الرِّعَايَة السَّادِسَة

- ‌الرِّعَايَة السَّابِعَة

- ‌الرِّعَايَة الثَّامِنَة

- ‌الرِّعَايَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّعَايَة الْعَاشِرَة

- ‌الْعَارِض الْخَامِس

- ‌الْوُفُود

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي سياسة الْوَزير

- ‌السياسة الأولى

- ‌سياسة لنَفسِهِ

- ‌الضَّرْب الأول

- ‌المعتقدات العلمية

- ‌المعتقد الأول

- ‌المعتقد الثَّانِي

- ‌المعتقد الثَّالِث

- ‌المعتقد الرَّابِع

- ‌المعتقد الْخَامِس

- ‌الضَّرْب الثَّانِي

- ‌العزائم العلمية

- ‌الْعَزِيمَة الأولى

- ‌الْعَزِيمَة الثَّانِيَة

- ‌الْعَزِيمَة الثَّالِثَة

- ‌الْعَزِيمَة الرَّابِعَة

- ‌الْعَزِيمَة الْخَامِسَة

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة السُّلْطَان

- ‌الْأَدَب الرَّابِع

- ‌الْأَدَب السَّادِس

- ‌الْأَدَب السَّابِع

- ‌الْأَدَب الثَّامِن

- ‌الْأَدَب التَّاسِع

- ‌الْأَدَب الْعَاشِر

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌المتقي

- ‌السياسة الثَّالِثَة لخواص السُّلْطَان

- ‌وَسَائِر أَرْبَاب الدولة

- ‌الطَّبَقَة الأولى المسالمون

- ‌المدارة الأولى

- ‌المدارة الثَّانِيَة

- ‌المدارة الثَّالِثَة

- ‌المدارة الرَّابِعَة

- ‌المدارة الخانسة

- ‌الطَّبَقَة الثَّانِيَة

- ‌المتطلعون إِلَى مَنْزِلَته

- ‌الْمُقَابلَة الأولى

- ‌الْمُقَابلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمُقَابلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمُقَابلَة الْخَامِسَة

- ‌فِي سياسة سَائِر الْخَواص والبطانة

- ‌فِي صُحْبَة السُّلْطَان وخدمته

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فِي التَّرْهِيب من مخالطته

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌التحذير من صحبته

- ‌خَاتِمَة إِفَادَة

- ‌فِي وَاجِبَات مَا يلْزم السُّلْطَان سياسة الْقيام بهَا وَفَاء بعهدة مَا تحمله وطولب مِنْهُ وَالْمَذْكُور مِنْهَا جملَة

- ‌الْوَاجِب الثَّالِث

- ‌إِقَامَة الْحُدُود

- ‌الْوَاجِب الرَّابِع

- ‌عُقُوبَة الْمُسْتَحق وتعزيزه

- ‌الْوَاجِب الْخَامِس

- ‌رِعَايَة أهل الذِّمَّة

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌فِي عوائد الْملك وعوارضه

- ‌فِي عوائق الْملك الْمَانِعَة من دَوَامه

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي التَّعْرِيف بالعوائق المنذرة بِمَنْع دوَام الْملك

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التَّعْرِيف بكيفية طروق الْخلَل إِلَى الدول

- ‌بَيَان طروق الْخلَل فِي المَال

- ‌فِي عوارض الْملك اللاحقة لطبيعة وجوده

- ‌ فِي عوارض الْملك من حَيْثُ هُوَ

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي اخْتِيَار الْمنَازل الحضرية الِاجْتِمَاع

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي اكْتِسَاب المعاش بِالْكَسْبِ والصنائع وَفِيه مسَائِل

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي اكْتِسَاب الْعُلُوم

- ‌الخاتمة فِي سياستي الْمَعيشَة وَالنَّاس

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي التَّقْوَى

- ‌وفيهَا مسَائِل

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة فِي حسن الْخلق

- ‌السياسة الأولى

- ‌سياسة الْمَعيشَة

- ‌المطلع الأول

- ‌فِي كليات مِمَّا تدبر بِهِ الْمَعيشَة من جَانب الْوُجُود وَفِيه انارات

- ‌المطلع الثَّانِي

- ‌فِي أُمَّهَات مِمَّا تحفظ بِهِ من جَانب الْعَدَم وَفِيه اضاءات

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة النَّاس

- ‌وَقبل التَّلْخِيص لَهَا فَهُنَا مُقَدمَات

- ‌مسكة الختام

الفصل: ‌قبول السعاية والنميمة

قَالَ الْعلمَاء المداراة سنة والمداهنة مَعْصِيّة قَالَ ابْن قيم الجوزية وَالْفرق بَينهمَا أَن المدارى يتلطف بِصَاحِبِهِ حَتَّى يسْتَخْرج مِنْهُ الْحق أَو يردهُ إِلَيْهِ أَو عَن الْبَاطِل والمداهن يتلطف بِهِ ليقره على الْبَاطِل ويتركه على هَوَاهُ قَالَ فالمداراة لأهل الْإِيمَان والمداهنة لأهل النِّفَاق

تَمْثِيل وَقد ضرب لذَلِك مثلا مطابقا وَهُوَ رجل بِهِ قرحَة عرف حالتها الطَّبِيب المداري الرفيق فلينها حَتَّى نَضِجَتْ ثمَّ بطها بِرِفْق ثمَّ وضع عَلَيْهَا المرهم حَتَّى منع فَسَاد موضعهَا وَنبت فِيهِ اللَّحْم ثمَّ رد على مَا نبت مِنْهُ مَا نشفت الرُّطُوبَة عَنهُ إِلَى أَن تمّ برؤها والمداهن يَقُول لصَاحِبهَا لَا بَأْس عَلَيْك هِيَ لَا شَيْء فأله عَنْهَا فَلم تزل مَا دتها تقوى وتستحكم حَتَّى عظم فَسَادهَا انْتهى

‌الْمَحْظُور الثَّالِث

‌قبُول السّعَايَة والنميمة

ويتضح ذَلِك من جِهَات

الْجِهَة الأولى حَقِيقَة النميمة

قَالَ الْغَزالِيّ كشف مَا يكره كشفه سَوَاء كرهه الْمَنْقُول عَنهُ أَو الْمَنْقُول إِلَيْهِ أَو كرهه ثَالِث أَو سَوَاء كَانَ الْكَشْف بالْقَوْل

ص: 17

أَو الْكِنَايَة أَو بالرمز أَو بِالْإِيمَاءِ أَو نَحْو ذَلِك وَسَوَاء كَانَ الْمَنْقُول قولا أَو عملا عينيا أَو غَيره

قَالَ فحقيقتها إفشاء السِّرّ وهتك السّتْر مِمَّا يكره كشفه

قلت وَاخْتَصَرَهُ البلالي بقوله نقل مَكْرُوه ليفسد

قَالَ وضابطها كشف مَا يكره من شَيْء بِكُل مَا يفهم

الْجِهَة الثَّانِيَة حكمهَا وَهُوَ التَّحْرِيم قَالَ النَّوَوِيّ وَقد تظاهرت بذلك الدَّلَائِل الصَّرِيحَة من الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع

قلت ويغنى عَن ذَلِك أَمْرَانِ

أَحدهمَا النَّهْي عَن طَاعَة صَاحبهَا فِي الْمَنْقُول مَعَ الْمُبَالغَة فِي ذمه قَالَ الله تَعَالَى وَلَا تُطِع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم منا للخير مُعْتَد أثيم عتل بعد ذَلِك زنيم قَالَ الطرطوشي ذكر الله تَعَالَى أَصْنَاف أهل الْكفْر والإلحاد والتثليث وَالْفِسْق وَالظُّلم وشبههمفلم يسب تَعَالَى وَاحِدًا مِنْهُم إِلَّا النمام بِهَذِهِ الْآيَة قَالَ وحسبك بهَا خسة ورذيلة وسقوطا وضعة

قلت وَلقَائِل أَن يَقُول السَّبَب بِهَذِهِ المثالب لَيْسَ لمُجَرّد النميمة فَقَط بل لِأَن من نزلت فِيهِ الْآيَة كَانَ متصفا بهَا فَمن ثمَّ سَبَب الْجَمِيع تنفيرا عَن مُتَابعَة

ص: 18

الثَّانِي مَنعه من دُخُول الْجنَّة مَعَ التعذيب عَلَيْهَا فِي الْقَبْر فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن حُذَيْفَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة نمام وَفِيهِمَا عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فَقَالَ إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير قَالَ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ بلَى إِنَّه كَبِير أما أَحدهمَا فَكَانَ يمشي بالنميمة وَأما الآخر فَكَانَ لَا يستبري من الْبَوْل قَالَ النَّوَوِيّ من الْعلمَاء معنى وَمَا يعذبان فِي كَبِير أَي كَبِير فِي زعمهما وكبير تَركه عَلَيْهِمَا

الْجِهَة الثَّالِثَة فضيحتها لصَاحِبهَا بدلالتها على خبث أَصله ورداءة عنصره قَالَ ابْن حزم مَا فِي جَمِيع النَّاس شَرّ من النمام وَإِن النميمة لطبع يدل على نَتن الأَصْل ورداءة الْفَرْع وَفَسَاد الطَّبْع وخبث النشأة

قلت حكى الطرطوشي عَن القدماء لَا يكون نمام إِلَّا وَفِي نسبه شَيْء قَالَ وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه لَا ينم على النَّاس إِلَّا ولد بغي

ص: 19

قَالَ وَلما سعى رجل بآخر إِلَى بِلَال بن أبي بردة وَكَانَ أَمِير الْبَصْرَة قَالَ لَهُ انْصَرف حَتَّى اكشف عَنْك فكشف عَنهُ فَإِذا هُوَ لغير رشدة يَعْنِي ولد زنى

قلت وَإِن صَحَّ أَن الزنيم فِي قَوْله تَعَالَى {بعد ذَلِك زنيم} هُوَ الدعي الَّذِي لَا يعرف أَبوهُ كَمَا قيل فِيمَن سبّ بذلك فِي الْآيَة الْكَرِيمَة فَهُوَ من شَوَاهِد ذَلِك وأوضح بيناته

الْجِهَة الرَّابِعَة مفاسدها فِي الْجُمْلَة كَثِيرَة يَكْفِي مِنْهَا اثْنَتَانِ

أَحدهمَا إِفْسَاد الْمحبَّة بهَا بَين النَّاس فَفِي الحَدِيث خِيَار عباد الله الَّذين إِذا رؤوا ذكرُوا الله وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بَين الْأَحِبَّة الباغون الْبَراء بِالْعَيْبِ

الثَّانِيَة حُصُول الْمضرَّة بهَا فِي أقرب زمَان قَالَ أَكْثَم بن صَيْفِي لِبَنِيهِ

إيَّاكُمْ والنميمة فَإِنَّهَا نَار محرقة وَإِن النمام ليعْمَل فِي سَاعَة مَا لَا يعْمل السَّاحر فِي شهر

ص: 20

قيل فِي مَعْنَاهُ

(إِن النميمة نَار ويك محرقة

فعد عَنْهَا وجانب من تعاطاها)

الْجِهَة الْخَامِسَة مضارها بِاعْتِبَار السُّلْطَان وَيَكْفِي من متعمد ذَلِك مضرتان

الْمضرَّة الأولى إذاية من سعر بِهِ إِلَيْهِ فِي النَّفس فَمَا دونهَا وَمن ثمَّ جعلهَا الطرطوشي مهلكة

قَالَ لِأَنَّهَا تجمع إِلَى مذمة الْغَيْبَة ولؤم النميمة والتغرير بالنفوس وَالْأَمْوَال والقدح فِي الْمنَازل وَالْأَحْوَال وتسلب الْعَزِيز عزه وتحط الْحَكِيم عَن مَكَانَهُ وَالسَّيِّد عَن مرتبته

الْمضرَّة الثَّانِيَة وَهِي أدهى من ذَلِك وَأمر لعودها بخراب ملكه وانتقاض الْأَمر عَلَيْهِ مَتى كَانَت فِيمَا هُوَ من طَرِيق ذَلِك

قَالَ ابْن حزم مَا هَلَكت الدول وَلَا انتقضت الممالك وَلَا سفكت الدِّمَاء ظلما وَلَا هتكت الأستار بِغَيْر النمائم وَالْكذب وَلَا أكدت الْبغضَاء إِلَّا بهما ثمَّ لَا يحظى لَا بالمقت والخزي والذل

الْجِهَة السَّادِسَة مُشَاركَة سامعها فِي مَعْصِيّة السَّعْي بهَا إِلَيْهِ قَالَ تَعَالَى {سماعون للكذب أكالون للسحت}

ص: 21

قَالَ الطرطوشي فشرك سُبْحَانَهُ بَين السَّامع وَالْقَائِل فِي الذَّم بِسَبَبِهَا على أَن سامع النميمة نمام فِي الحكم

قلت بل يزِيد عَلَيْهِ بِاعْتِبَار آخر كَمَا يرْوى عَن الْفضل بن سهل أَنه وَقع على ظهر كتاب بسعاية نَحن نرى قبُول السّعَايَة أَشد من السّعَايَة لِأَن السّعَايَة دلَالَة وَالْقَبُول إجَازَة وَلَيْسَ من دلّ على شَيْء كمن قبل وَأَجَازَ لِأَن من فعل شَرّ مِمَّن قَالَ

الْجِهَة السَّابِعَة مَا على سامعها من الْوَظَائِف العاصمة لَهُ من الْمُشَاركَة فِي الْمعْصِيَة مَا قَالَ البلالي على سامعها أَن جهل كَونهَا نميمة أَو نصحا أَن يتَوَقَّف حتما فَإِن تبين أَنَّهَا نميمة فَعَلَيهِ أَن لَا يصدقهُ لفسقه بهَا ثمَّ ينهاه عَنْهَا وينصحه ثمَّ يبغضه فِي الله تَعَالَى مَا لم يتب وَلَا يظنّ بأَخيه الْغَائِب سوءا أَو يحرم بَحثه عَنهُ وحكاية مَا نقل إِلَيْهِ

قلت فَالْأول لقَوْله تَعَالَى {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما بِجَهَالَة}

ص: 22

وَالثَّانِي لوُجُوب النَّصِيحَة وَالنَّهْي عَن الْمُنكر

وَالثَّالِث لوُجُوب البغض فِي الله

وَالرَّابِع لقَوْله تَعَالَى {اجتنبوا كثيرا من الظَّن إِن بعض الظَّن إِثْم} الْآيَة

وَالْخَامِس لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تجسسوا}

وَالسَّادِس لِئَلَّا يَقع فِي النميمة كالناقل

فَائِدَة فِي تَنْبِيه

الْمَنْع من النميمة نقلا وقبولا إِنَّمَا هُوَ مَا لم تكن فِيهِ مصلحَة شَرْعِيَّة

قَالَ النَّوَوِيّ فَإِن دعت حَاجَة إِلَيْهَا فَلَا منع مِنْهَا كَمَا إِذا أخبر أَن إنْسَانا يُرِيد الفتك بِهِ وبأهله أَو بِمَالِه وَأخْبر الإِمَام أَو من لَهُ ولَايَة بِأَن إنْسَانا يفعل أَو يسْعَى بِمَا فِيهِ مفْسدَة

قَالَ وَيجب على صَاحب الْولَايَة الْكَشْف عَن ذَلِك وإزالته فَمثل هَذَا لَا يحرم

قَالَ وَقد يكون وَاجِبا ومستحبا على حسب المواطن انْتهى

هِدَايَة من المحكي فِي أَعْرَاض الْأُمَرَاء عَن قبُول السّعَايَة مَعَ توبيخ السَّاعِي كثير وَيَكْفِي من ذَلِك حكايتان

ص: 23

الْحِكَايَة الأولى روى أَن رجلا ذكر لعمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه رجلا بِشَيْء فَقَالَ لَهُ عمر رضي الله عنه إِن شِئْت نَظرنَا فِي أَمرك فَإِن كنت كَاذِبًا فَأَنت من أهل هَذِه الْآيَة {إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ} وَإِن كنت صَادِقا فَأَنت من أهل هَذِه الْآيَة {هماز مشاء بنميم} وَإِن شِئْت عَفَوْنَا عَنْك

قَالَ الْعَفو يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا أَعُود أبدا

الْحِكَايَة الثَّانِيَة قيل رفع إِنْسَان رقْعَة إِلَى الصاحب بن عباد يحثه فِيهَا على أَخذ مَا يَتِيم وَكَانَ مَالا كثيرا فَكتب على ظهرهَا النميمة قبيحة وَإِن كَانَت صَحِيحَة وَالْمَيِّت رحمه الله واليتيم جبره الله وَالْمَال ثَمَرَة الله والساعي لعنة الله

قلت وَهُوَ حقيق باللعنة فَفِي حَدِيث ذكر فِيهِ لعن طَائِفَة مَلْعُون كل نمام

ص: 24