المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في واجبات ما يلزم السلطان سياسة القيام بها وفاء بعهدة ما تحمله وطولب منه والمذكور منها جملة - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ٢

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌فِي التحذير من تِلْكَ الْمَحْظُورَات

- ‌الْمَحْظُور الأول

- ‌اتِّبَاع الْهوى

- ‌الْمَحْظُور الثَّانِي

- ‌الترفع عَن المداراة

- ‌الْمَحْظُور الثَّالِث

- ‌قبُول السّعَايَة والنميمة

- ‌الْمَحْظُور الرَّابِع

- ‌اتِّخَاذ الْكَافِر وليا

- ‌الْمَحْظُور الْخَامِس

- ‌الْغَفْلَة عَن مُبَاشرَة الْأُمُور

- ‌فِي جَوَامِع مَا بِهِ السياسة الْمَطْلُوبَة من السُّلْطَان وَمن يَلِيهِ

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي سياسة السُّلْطَان

- ‌السياسة الأولى

- ‌الْجُمْلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِي

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌شَهَادَة عيان

- ‌الْجُمْلَة الثَّانِيَة

- ‌الْحق الأول

- ‌الْفَائِدَة الأولى

- ‌الْفَائِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَائِدَة الثَّالِثَة

- ‌الْحق الثَّانِي

- ‌تحذير

- ‌الْحق الثَّالِث

- ‌الْحق الرَّابِع

- ‌الْحق الْخَامِس

- ‌الْإِشَارَة الثَّانِيَة

- ‌الْإِشَارَة الثَّالِثَة

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة الْأُمُور الْعَارِضَة

- ‌ الْجِهَاد

- ‌الْعَارِض الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الْعَارِض الثَّانِي

- ‌السّفر

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة

- ‌الْعَارِض الثَّالِث

- ‌الشدائد النَّازِلَة

- ‌التَّذْكِير الأول

- ‌التَّذْكِير الثَّانِي

- ‌التَّذْكِير الثَّالِث

- ‌التَّذْكِير الرَّابِع

- ‌التَّذْكِير الْخَامِس

- ‌الْحِكَايَة الأولى

- ‌الْحِكَايَة الثَّانِيَة

- ‌الشدَّة الأولى

- ‌الشدَّة الثَّانِيَة

- ‌الشدَّة الثَّالِثَة

- ‌فَائِدَة فِي تَنْبِيه

- ‌الْعَارِض الرَّابِع

- ‌الرسَالَة

- ‌الرِّعَايَة الأولى تحقق أَن موقع الرَّسُول من السُّلْطَان موقع الدَّلِيل من الْمَدْلُول وَالْبَعْض من الْكل فَفِي سياسة أرسطو اعْلَم أَن الرَّسُول يدل على عقل من أرْسلهُ إِذْ هُوَ عينه فِيمَا لَا يرى وَأذنه فِيمَا لَا يسمع وَلسَانه عِنْدَمَا غَابَ عَنهُ وَقَالُوا الرَّسُول قِطْعَة من الْمُرْسل

- ‌الرِّعَايَة الثَّانِيَة

- ‌الرِّعَايَة الثَّالِثَة

- ‌الرِّعَايَة الرَّابِعَة

- ‌الرِّعَايَة الْخَامِسَة

- ‌الرِّعَايَة السَّادِسَة

- ‌الرِّعَايَة السَّابِعَة

- ‌الرِّعَايَة الثَّامِنَة

- ‌الرِّعَايَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّعَايَة الْعَاشِرَة

- ‌الْعَارِض الْخَامِس

- ‌الْوُفُود

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي سياسة الْوَزير

- ‌السياسة الأولى

- ‌سياسة لنَفسِهِ

- ‌الضَّرْب الأول

- ‌المعتقدات العلمية

- ‌المعتقد الأول

- ‌المعتقد الثَّانِي

- ‌المعتقد الثَّالِث

- ‌المعتقد الرَّابِع

- ‌المعتقد الْخَامِس

- ‌الضَّرْب الثَّانِي

- ‌العزائم العلمية

- ‌الْعَزِيمَة الأولى

- ‌الْعَزِيمَة الثَّانِيَة

- ‌الْعَزِيمَة الثَّالِثَة

- ‌الْعَزِيمَة الرَّابِعَة

- ‌الْعَزِيمَة الْخَامِسَة

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة السُّلْطَان

- ‌الْأَدَب الرَّابِع

- ‌الْأَدَب السَّادِس

- ‌الْأَدَب السَّابِع

- ‌الْأَدَب الثَّامِن

- ‌الْأَدَب التَّاسِع

- ‌الْأَدَب الْعَاشِر

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌المتقي

- ‌السياسة الثَّالِثَة لخواص السُّلْطَان

- ‌وَسَائِر أَرْبَاب الدولة

- ‌الطَّبَقَة الأولى المسالمون

- ‌المدارة الأولى

- ‌المدارة الثَّانِيَة

- ‌المدارة الثَّالِثَة

- ‌المدارة الرَّابِعَة

- ‌المدارة الخانسة

- ‌الطَّبَقَة الثَّانِيَة

- ‌المتطلعون إِلَى مَنْزِلَته

- ‌الْمُقَابلَة الأولى

- ‌الْمُقَابلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمُقَابلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمُقَابلَة الْخَامِسَة

- ‌فِي سياسة سَائِر الْخَواص والبطانة

- ‌فِي صُحْبَة السُّلْطَان وخدمته

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌فِي التَّرْهِيب من مخالطته

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌التحذير من صحبته

- ‌خَاتِمَة إِفَادَة

- ‌فِي وَاجِبَات مَا يلْزم السُّلْطَان سياسة الْقيام بهَا وَفَاء بعهدة مَا تحمله وطولب مِنْهُ وَالْمَذْكُور مِنْهَا جملَة

- ‌الْوَاجِب الثَّالِث

- ‌إِقَامَة الْحُدُود

- ‌الْوَاجِب الرَّابِع

- ‌عُقُوبَة الْمُسْتَحق وتعزيزه

- ‌الْوَاجِب الْخَامِس

- ‌رِعَايَة أهل الذِّمَّة

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌فِي عوائد الْملك وعوارضه

- ‌فِي عوائق الْملك الْمَانِعَة من دَوَامه

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي التَّعْرِيف بالعوائق المنذرة بِمَنْع دوَام الْملك

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التَّعْرِيف بكيفية طروق الْخلَل إِلَى الدول

- ‌بَيَان طروق الْخلَل فِي المَال

- ‌فِي عوارض الْملك اللاحقة لطبيعة وجوده

- ‌ فِي عوارض الْملك من حَيْثُ هُوَ

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي اخْتِيَار الْمنَازل الحضرية الِاجْتِمَاع

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي اكْتِسَاب المعاش بِالْكَسْبِ والصنائع وَفِيه مسَائِل

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي اكْتِسَاب الْعُلُوم

- ‌الخاتمة فِي سياستي الْمَعيشَة وَالنَّاس

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي التَّقْوَى

- ‌وفيهَا مسَائِل

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة فِي حسن الْخلق

- ‌السياسة الأولى

- ‌سياسة الْمَعيشَة

- ‌المطلع الأول

- ‌فِي كليات مِمَّا تدبر بِهِ الْمَعيشَة من جَانب الْوُجُود وَفِيه انارات

- ‌المطلع الثَّانِي

- ‌فِي أُمَّهَات مِمَّا تحفظ بِهِ من جَانب الْعَدَم وَفِيه اضاءات

- ‌السياسة الثَّانِيَة

- ‌سياسة النَّاس

- ‌وَقبل التَّلْخِيص لَهَا فَهُنَا مُقَدمَات

- ‌مسكة الختام

الفصل: ‌في واجبات ما يلزم السلطان سياسة القيام بها وفاء بعهدة ما تحمله وطولب منه والمذكور منها جملة

الْبَاب الثَّانِي

‌فِي وَاجِبَات مَا يلْزم السُّلْطَان سياسة الْقيام بهَا وَفَاء بعهدة مَا تحمله وطولب مِنْهُ وَالْمَذْكُور مِنْهَا جملَة

الْوَاجِب الأول حفظ أصُول الدّين وَقد تقدم مَا يَتَّضِح بِهِ أَن ذَلِك هُوَ الْمَقْصُود الْأَعْظَم من السُّلْطَان وَالْغَرَض الْآن تَفْصِيل بعض مَا يكون بِهِ هَذَا النَّوْع من الْحِفْظ مَتى ظهر مُبْتَدع أَو منجم زائغ وفرضه فِي مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى الْقيام على المبتدع فِي الدّين بِمَا يكفه عَن ضلال بدعته من نَاحيَة الْوُلَاة وَغَيرهم وعَلى حِسَاب موقع الْبِدْعَة فِي الْمُخَالفَة يظْهر بِأَحْكَام مُتَفَاوِتَة الطّلب بِاعْتِبَار ذَلِك الْموقع تجْرِي عَلَيْهِ إرشادا أَو نكالا

أَحدهَا التَّعْلِيم وَإِقَامَة الْحجَّة كَمَا وَقع لِابْنِ عَبَّاس رضي الله عنهما مَعَ الْخَوَارِج حِين ذهب إِلَيْهِم مناظرا ومرشدا حَتَّى رَجَعَ مِنْهُم أَلفَانِ أَو ثَلَاثَة آلَاف ولعمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه مَعَ غيلَان القدري

ص: 127

الثَّانِي الهجران بترك الْكَلَام وَالسَّلَام كَمَا وَردت الْوَصِيَّة بذلك عَن غير وَاحِد من السّلف كَقَوْلِهِم إِذا ألفيت صَاحب بِدعَة فِي طَرِيق فَخذ فِي طَرِيق آخر وَقَوْلهمْ من جلس إِلَى صَاحب بِدعَة نزعت مِنْهُ الْعِصْمَة

الثَّالِث التَّغْرِيب كَفعل عمر رضي الله عنه بصبيغ حِين سَأَلَ عَن المشكلات على غير طَرِيق الِاتِّبَاع لنهج الصِّرَاط السوي حَتَّى أدْركهُ شؤمه النكال بذلك فَبَقيَ بَين قومه خاملا حَتَّى هلك بعد أَن كَانَ سيدهم

الرَّابِع الضجر قَالَ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو إِسْحَق الشاطبي كَمَا سجنوا الحلاج قبل قَتله بسنين عدَّة

قلت وَبعد ذَلِك كَانَ قَتله بفتوى فُقَهَاء ذَلِك الْعَصْر

الْخَامِس ذكره بِمَا هُوَ عَلَيْهِ تحذيرا مِنْهُ وتنفيرا بِشَرْط أَن لَا يتَعَدَّى فِيهِ الصدْق فَلَا يفترى عَلَيْهِ مَا لم يفعل وَأَن لَا يتَجَاوَز إِلَى ذكر معايبه الخلقية أَو شَرّ كَانَ فِي أَبِيه أَو أمه لِأَن مَا وَرَاء الْمُحْتَاج إِلَيْهِ بَاقٍ على التَّحْرِيم

ص: 128

السَّادِس الْقِتَال إِذا ناصبوا الْمُسلمين بِالْحَرْبِ وَخَرجُوا عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ والسنان كَمَا فعله عَليّ رضي الله عنه وَغَيره من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وأحكامهم فِي ذَلِك مُخَالفَة فِي أُمُور لقِتَال الْكفَّار وَهِي مقررة فِي موَاضعهَا

السَّابِع الْقَتْل إِذا عثر عَلَيْهِ وَلَا يَخْلُو إِذْ ذَاك أَن يظْهر بدعته أَو يسْتَتر بهَا فَإِن أظهرها وَلم يرجع عَنْهَا قتل بعد استتابته وَإِن استتر بهَا وَكَانَت كفرا أَو تؤول إِلَيْهِ قتل دون استتابته وَهُوَ

الثَّامِن قَالُوا لِأَنَّهُ فِي حكم الزنديق الْمَقْتُول عِنْد العثور عَلَيْهِ دون اسْتِتَابَة وَعند جمَاعَة لَا بُد من استتابته قَالَ ابْن زرقون وَبِه أفتى ابْن لبَابَة

التَّاسِع تَكْفِير من قَامَ الدَّلِيل على تكفيره إِمَّا لصراحة الْبِدْعَة بالْكفْر كالإباحة وَالْقَوْل بالحلول وَالِاخْتِيَار لتكفير مَا يؤول مِنْهَا إِلَى الْكفْر كَمَا ذهب إِلَيْهِ القَاضِي أَبُو بكر فِي جملَة من الْفرق

الْعَاشِر وَهُوَ مَبْنِيّ على ذَلِك أَن لَا يرثهم ورثتهم من الْمُسلمين وَلَا يرثوا أحدا مِنْهُم وَلَا يغسلون إِذا مَاتُوا وَلَا يدفنوا فِي مَقَابِر الْمُسلمين قَالَ

ص: 129

الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشاطبي وَلَا الْمُسْتَتر فَإِنَّهُ يحكم لَهُ بِحكم الْكَافرين وورثته أعرف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمِيرَاث

الْحَادِي عشر الْأَمر بِأَن لَا يناكحوا تَأْكِيدًا للهجران وَعدم المواصلة

قلت وَلما يَتَّقِي على وَلَده من سيران الْبِدْعَة إِلَيْهِ خُصُوصا بعد مَوته وتخلفه فِي حضَانَة نِسَائِهِم أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو حَفْص الْعَطَّار فِيمَا حَكَاهُ الْبُرْزُليّ

الثَّانِي عشر تجريمهم على الْجُمْلَة قَالَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَق الشاطبي فَلَا تقبل شَهَادَتهم وَلَا روايتهم وَلَا يكونُونَ وُلَاة قُضَاة وَلَا ينصبون فِي مناصب الْعَدَالَة من إِمَامَة وخطابة قَالَ إِلَّا أَنه قد ثَبت عَن جملَة من السّلف رِوَايَة عَن جمَاعَة مِنْهُم وَاخْتلفُوا فِي الصَّلَاة خَلفهم من بَاب الْأَدَب ليرجعوا عَمَّا هم عَلَيْهِ

الثَّالِث عشر ترك عِيَادَة مرضاهم زجرا وعقوبة

قلت لِأَن عيادته من بَاب التوقير لَهُم وَقد ورد من أَتَى صَاحب بِدعَة ليوقره أعَان على هدم الْإِسْلَام وروى مَرْفُوعا وَهُوَ ظَاهر الْمَعْنى

الرَّابِع عشر ترك شُهُود جنائزهم إهانة لَهُم وإذلالا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَة وَلَا يسلم على أهل الْبدع وَلَا يناكحون وَلَا يُصَلِّي خَلفهم جُمُعَة وَلَا غَيرهَا وَلَا تشهد جنائزهم

الْخَامِس عشر ضَربهمْ كَمَا فعل عمر رضي الله عنه بصيغ وَعَن مَالك فِي الْقَائِل بِخلق الْقُرْآن أَن يوجع ضربا ويسجن حَتَّى يَتُوب

وَعَن الشَّافِعِي حكمي فِي أَصْحَاب الْكَلَام أَن يضْربُوا بِالْجَرِيدِ ويجملوا

ص: 130

على الْإِبِل وَيُطَاف بهم فِي العشائر والقبائل وَيُقَال هَذَا جُزْء من ترك الْكتاب وَالسّنة وَأخذ فِي الْكَلَام قَالَ الْأَئِمَّة وعني بذلك أهل الْبدع

لأمر نصر السّنة بذلك

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة ركون المبتدع إِلَى الْوُلَاة من أعظم مَا يخل بِهَذَا الْحِفْظ لأمرين أَحدهمَا مَا فِيهِ من الإخافة لمن أَبى من الْإِجَابَة لَهُ سجنا وَضَربا وقتلا كَمَا وَقع لبشر المريسي بِعَهْد الْمَأْمُون وَلأَحْمَد بن أبي دَاوُد فِي أَيَّام الواثق وَفِي الْوَاقِع من ذَلِك نَظَائِر

الثَّانِي مَا ينشأ عَن ذَلِك من كَثْرَة المجيبين للدعوة لِأَن سوق أَكثر النُّفُوس لما يُرَاد مِنْهَا بوازع السُّلْطَان أمكن مِمَّا هُوَ بِمُجَرَّد الْبَاعِث الديني وَعند ذَلِك فَيجب على وُلَاة الْأَمر إبعاد هَذَا الصِّنْف المشؤوم وإسلامهم لإجراء

ص: 131

أَحْكَام السّنة عَلَيْهِم مَخَافَة الْفِتْنَة بهم أَولا وَإِدْخَال الضَّرَر بهم على الدّين ثَانِيًا

تَعْرِيف من عصمَة الْقيام بِهَذَا الْوَاجِب من وصمة الْإِخْلَال بِهِ مَا وَقع بِعَهْد أَمِير الْمُسلمين الْغَالِب بِاللَّه ابْن نصر أَيّدهُم الله فِي قَضِيَّة الْمَعْرُوف بالفزاري الظَّاهِر بمالقة أَيَّام المتغلب عَلَيْهَا إِذْ ذَاك من رُؤَسَاء بني إشقيلولة مُلَخصا من كَلَام الشَّيْخ ابْن الْخَطِيب أَن هَذَا الشقي لتناهي الْفِتْنَة بِهِ إِلَى أَن تخطى مُوجب ذَلِك إِلَى أَن ادّعى النُّبُوَّة كَانَ قد استهوى هَذَا الرئيس وتببعه لذَلِك ثاغية وراغية من الْعَوام الصم الْبكم مستبصرين فِيهِ جِنَايَة وَبعد زمَان من قَتله على يَد الْأُسْتَاذ أبي جَعْفَر بن الزبير بغرناطة وَذَلِكَ عِنْد إدالة الدولة بمالقة إِلَى أَمِير الْمُسلمين أبي عبد الله بن نصر وَتمكن الْأُسْتَاذ من الْمُطَالبَة لَهُ والاستظهار عَلَيْهِ بالشهادات

ص: 132

قلت ففاز هَذَا السُّلْطَان رحمه الله بمنقبة هَذَا الْوَاجِب فِي مثل هَذَا الدَّجَّال الْمفْتُون بِهِ من عميت عَلَيْهِ مراشده

نادرة فَائِدَة قَالَ الشَّيْخ ابْن الْخَطِيب حَدثنِي شَيخنَا أَبُو الْحسن بن الجياب قَالَ لما أَمر بالتأهب يَوْم قَتله وَهُوَ فِي السجْن الَّذِي اخْرُج مِنْهُ إِلَى مصرعه جهر بِتِلَاوَة سُورَة يسن فَقَالَ لَهُ أحد الزعرة مِمَّن جمع السجْن بَينهمَا اقْرَأ قراءتك لأي شَيْء تتطفل على قراءتنا الْيَوْم وَمَا فِي معنى هَذَا فَتَركهَا مثلا للوذعيته

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة مَا يتَأَكَّد على السُّلْطَان أَن يمْنَع مِنْهُ مُنكرَات من الفضول المخلة برعاية هَذَا الْحِفْظ وَأَعْظَمهَا مُنْكرا

الْمُنكر الأول الكهانة وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَقد تقدم وَعِيد التَّلَبُّس بهَا شرعا وعَلى فرض عدم الذكرى بِهِ كَمَا عِنْد غير المتشرعين فقد شهدُوا بِضَرَر إِبَاحَة السَّمْح فِيهَا لآحاد الرّعية فَفِي العهود اليونانية لَا تطلق لأحد أَن يتكهن فِي مملكتك وَلَا يَدعِي علم شَيْء مِمَّا هُوَ كَائِن فَإِن ذَلِك يبْعَث سوء القَوْل فِي أيامك وَيُطلق السّنة المرجفين بك

الْمُنكر الثَّانِي الْجِدَال غير الْمَحْمُود لأمرين

أَحدهمَا مصير من اشْتغل بِهِ إِلَى الضلال بعد الْهوى فَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا ضل قوم بعد هدى إِلَّا أَتَوا الْجِدَال ثمَّ قَرَأَ مَا ضربوه لَك إِلَّا جدلا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح

ص: 133

الثَّانِي مآله للتفكير المفضي للتقاتل بِالسَّيْفِ والسنان فَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تتذاكر ينْزع هَذَا بِآيَة وَينْزع هَذَا بِآيَة فَخرج علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَأَنَّمَا يفقأ فِي وَجهه حب الرُّمَّان فَقَالَ يَا هَؤُلَاءِ بِهَذَا بعثتم أم بِهَذَا أمرْتُم لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض

مُطَابقَة فِي العهود اليونانية لَا تطلق الْجِدَال إِلَّا لمن اسْتحق الْفتيا فِيمَا جادل عَلَيْهِ من مَنْفَعَة فِي دين أَو عَالم بصناعة قد استقرى خواصها وناضل عَلَيْهَا بمعرفته بهَا فَإِن من قصد لمعارضة دين أَو إِفْسَاد مَعَاني علم من الْعُلُوم من غير خدمَة لَهُ وطالب بالأدلة مَا يعجز عَن نصرته ومرتبة التَّصْدِيق بِهِ فأذقه من بأسك مَا يردعه عَن سوء الْخَوْض فَإِنَّهُ يفْسد عَلَيْك النشأ ويحيل الْأَحْدَاث عَن خدمَة الْأَدْيَان والعلوم والمعايش وَيُرِيهمْ أَنه قد أعتقهم من رق الزلل وَإِنَّمَا تعبدهم للشكوك وحرمهم الارتياض بِمَا يسْتَمر عائده وَهُوَ من اضر مَا فِي مملكتك وأسوأهم أثرا فِي من أصغى إِلَيْهِ

الْوَاجِب الثَّانِي تَنْفِيذ الْأَحْكَام بَين المتشاجرين وَقطع الْخِصَام بَين المتنازعين قَالَ الْمَاوَرْدِيّ حَتَّى تعم النصفة فَلَا يتَعَدَّى ظَالِم وَلَا يضعف مظلوم

ص: 134

قلت وَهنا للنَّظَر الْكُلِّي طرفان أَحدهمَا فِيمَا يسوغ لَهُ فِي هَذَا الْمقَام رعيا للسياسة الْمُعْتَبرَة

الثَّانِي فِيمَا لَا يسوغ لَهُ مِمَّا لَا يعْتَبر من السياسة وَقبل ذَلِك فَهُنَا مقدمتان فِي تَنْبِيه

الْمُقدمَة الأولى أَن الْمَاوَرْدِيّ وَتَبعهُ الْقَرَافِيّ فِي النَّقْل عَنهُ فرضا مَا يذكر فِي الطّرف الأول بِاعْتِبَار صَاحب الْمَظَالِم وَصَاحب الجرائم وقصدنا ذكر ذَلِك من حَيْثُ هِيَ أَحْكَام سلطانية من غير تنزل لتِلْك الخطط لذهاب رسمها إِلَّا مَا كَانَ من خطة الشرطة حَسْبَمَا تقدم

الْمُقدمَة الثَّانِيَة انهما خصا ذَلِك بالسلطان دون القَاضِي كَأَنَّهُمَا يقصران النّظر السياسي وَإِن شهد لَهُم الشره بِالِاعْتِبَارِ على السُّلْطَان فَقَط وَإِن القَاضِي بمعزل عَن الْمُشَاركَة فِي ذَلِك وَابْن فَرِحُونَ قد نبه فِي كثير مِنْهَا على أَن القَاضِي لَهُ مُشَاركَة فِي ذَلِك لَا يخرج بهَا عَن مَوْضُوع خطته حَسْبَمَا يذكر عَنهُ إِن شَاءَ الله

الطّرف الأول فِي مَا يسوغ للسُّلْطَان فِي هَذَا الْمقَام وَفِيه مَسْأَلَتَانِ

الْمَسْأَلَة الأولى مَا جلبه الْمَاوَرْدِيّ فِي ذَلِك وَتَبعهُ الْقَرَافِيّ مَخْصُوصًا بِصَاحِب الْمَظَالِم وَهُوَ أُمُور

أَحدهمَا أَن لَهُ من الْقُوَّة والهيبة مَا لَيْسَ للقضاة

قلت لَا سِيمَا عِنْد مصير الْخُرُوج عَن عصبية الدولة والبعد عَن ولايتها بالنصرة والحماية إِلَى الضعْف الَّذِي تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِ عَن ابْن خلدون وَحَتَّى فِي وُلَاة خططها السُّلْطَانِيَّة فهم لذَلِك أقوى من الْقُضَاة وأهيب كَمَا فَرْضه الْمَاوَرْدِيّ وَمَعَ ذَلِك فَلَا يدْفع القَاضِي فِي الْجُمْلَة عَن تِلْكَ الخصوصية

ص: 135

فقد قَالَ سَحْنُون يَنْبَغِي للْقَاضِي أَن يشْتَد حَتَّى يستنطق الْحق وَلَا يدع من حق الله شَيْئا وَلَا يلين فِي غير ضعف نَقله ابْن بطال فِي مقنعه قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَهَذَا نَص فِي اسْتِعْمَال الْقُوَّة والهيبة

الثَّانِي أَنه أفسح مجالا وأوسع مقَاما

قلت لوُجُود الْمُقْتَضى لذَلِك حسب مَا تقدم لتنبيه على مثله مرَارًا وللقاضي مِنْهُ حَظّ وافر كَمَا لَا يخفى

الثَّالِث مَا لَهُ من اسْتِعْمَال الإرهاب وكشف الْأُمُور بالإمارات الدَّالَّة وشواهد الْحَال اللائحة مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى ظُهُور الْحق

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وللقاضي أَن يَأْخُذ بالإمارات والقرائن فِي وُجُوه كَثِيرَة قَالَ وَقد نقل ابْن قيم الجوزية أَن مَالِكًا رَحمَه الله تَعَالَى ذهب إِلَى التَّوَصُّل بِالْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ بِمَا يرَاهُ الْحَاكِم استنادا لقَوْله تَعَالَى {إِن كَانَ قَمِيصه قد من قبل} الْآيَة

الرَّابِع أَنه يُقَابل من ظهر ظلمه بالتأديب

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَهُوَ الْمَذْهَب كتأديب أحد الْخَصْمَيْنِ إِذا آذَى صَاحبه أَو الشُّهُود

ص: 136

وَلابْن سهل أَن الْمُدَّعِي إِذا انْكَشَفَ للْحَاكِم انه مُبْطل فِي دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ يؤدبه واقل ذَلِك الْحَبْس ليندفع بذلك أهل الْبَاطِل واللدد عَن ذَلِك

الْخَامِس أَنه يتأنى فِي تردد الْخُصُوم عِنْد اللّبْس ليمعن فِي الْكَشْف بِخِلَاف الْقُضَاة إِذا سَأَلَهُمْ أحد الْخَصْمَيْنِ فصل الحكم لَا يُؤَخر

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَب كَمَا ذكره فِي آدَاب القَاضِي وَمِنْه إِذا طَال الْخِصَام فِي أَمر وَكثر التشغيب فِيهِ لَا بَأْس لَهُ أَن يخرق كتبهمْ إِذا رجا فِي ذَلِك تقَارب الْأَمر وَيفْسخ مَا بأيدهم من الْحجَج وَيَأْمُرهُمْ بإبداء الْخُصُومَة وَهُوَ فِي الْمُتَيْطِيَّة وَغَيرهَا

السَّادِس أَن لَهُ رد الْخُصُوم إِذا أعضلوا إِلَى وَاسِطَة الْأُمَنَاء ليفصل بَينهم صلحا عَن ترَاض وَلَيْسَ ذَلِك للْقَاضِي إِلَّا برضى الْخَصْمَيْنِ

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وقواعد الْمَذْهَب ومسائله تَقْتَضِي ذَلِك فقد ذكر فِي آدَاب القَاضِي انه إِذا خشِي تفاقم الْأَمر بإنقاذ الحكم بَين الْخَصْمَيْنِ أَو كَانَا من أهل الْفضل أَو بَينهمَا رحم أَو وَلَاء بَينهمَا أقامهما وَأَمرهمَا بِالصُّلْحِ وَقد أَقَامَ سَحْنُون رجلَيْنِ من صالحي جِيرَانه من بَين يَدَيْهِ وَقَالَ استرا على أنفسكما وَلَا تطلعاني على سركما قَالَ وَلَا بُد فِي هَذَا كُله من الوسائط

وَقد قَالَ عمر رضي الله عنه رددوا الْقَضَاء بَين ذَوي الْأَرْحَام حَتَّى يصطلحوا فَإِن فعل الْقَضَاء يُورث الضغائن

ص: 137

السَّابِع أَن لَهُ أَن يقم فِي مُلَازمَة الْخَصْمَيْنِ إِذا وضحت إمارات التجاحد وبادر فِي إِلْزَام الْكفَالَة فِيمَا يشرع فِيهِ تكفل لينقاد الْخُصُوم إِلَى التناصف ويتركوا التجاحد بِخِلَاف الْقُضَاة

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَعِنْدنَا أَنه يؤدبهما على ذَلِك

قلت وَهُوَ أعرف فِي السياسة وأجدى على نهج التَّقْوِيم بهَا

الثَّامِن أَنه يستمع شَهَادَة المستورين بخلافهم

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَالْمذهب أَن القَاضِي يسمع أَيْضا فِي مَوَاضِع عديدة كَمَا فِي الْقَضَاء بِشَهَادَة التوسم وبشهادة غير الْعُدُول للضَّرُورَة

التَّاسِع انه يحلف الشُّهُود أَن ارتاب فيهم بِخِلَاف الْقُضَاة

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَقد فعله ابْن بشير قَاضِي الْجَمَاعَة بقرطبة

وروى عَن ابْن وضاح أَنه قَالَ أرى لفساد الزَّمَان أَن يحلف الْحَاكِم الشُّهُود قَالَ وَابْن وضاح مِمَّن أَخذ عَن سَحْنُون

ص: 138

الْعَاشِر أَن لَهُ أَن يبْدَأ باستدعاء الشُّهُود ويسألهم عَمَّا عِنْدهم فِي الْقَضِيَّة بِخِلَاف الْقُضَاة لَا يسمعُونَ الْبَيِّنَة حَتَّى يُرِيد الْمُدَّعِي إحضارها وَلَا يسمعونها إِلَّا بعد مَسْأَلَة الْمُدَّعِي لسماعها

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَعِنْدنَا أَن للْقَاضِي أَن يفعل ذَلِك فِي مَوَاطِن

قَالَ فَتحصل من هَذَا أَن مَا ذكره الْقَرَافِيّ لَيْسَ هُوَ مَذْهَب مَالك رَحمَه الله تَعَالَى

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة مَا جعله من ذَلِك مَنُوطًا بوالي الجرائم وَهُوَ أُمُور

أَحدهَا سَماع قذف الْمُتَّهم من أعوان الْإِمَارَة فِي غير تَحْقِيق الدَّعْوَى الْمُعْتَبرَة وَيرجع إِلَى قَوْلهم هَل هُوَ من أهل هَذِه التُّهْمَة أم لَا فَإِن نزهوه أطلقهُ أَو قَذَفُوهُ بَالغ فِي الْكَشْف بِخِلَاف الْقُضَاة

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَقد استحبوا للْقَاضِي أَن يتَّخذ كاشفا قد ارْتَضَاهُ يكْشف عَن أَحْوَال الشُّهُود فِي السِّرّ وَيقبل مِنْهُ مَا نقل إِلَيْهِ وَقَالُوا يَنْبَغِي أَن يستبطن أهل الدّين وَالْأَمَانَة وَالْعَدَالَة ليستعين بهم على مَا هُوَ بسبيله ويقوى بهم على التَّوَصُّل إِلَى مَا ينوبه وأجازوا التجريح فِي السِّرّ بِالْوَاحِدِ الْعدْل وَهُوَ نَحْو مَا ذكره من أعوان الْإِمَارَة

الثَّانِي أَنه يُرَاعِي شَوَاهِد الْحَال وأوصاف الْمُتَّهم فِي قُوَّة التُّهْمَة وضعفها بِأَن يكون الْمُتَّهم بِالنسَاء متصنعا لَهُنَّ فتقوى التُّهْمَة أَو مُتَّهمًا بِالسَّرقَةِ وَفِيه اثر ضرب مَعَ قُوَّة بدن وَهُوَ من أهل الدعارة فتقوى أَولا يكون شَيْء من ذَلِك فتخف وَلَيْسَ ذَلِك للقضاة

ص: 139

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَعِنْدنَا يجوز للْقَاضِي مُرَاعَاة شَاهد الْحَال

الثَّالِثَة تَعْجِيل حبس الْمُتَّهم للاستبراء والكشف ومدته شهر أَو حسب مَا يرَاهُ بِخِلَاف الْقُضَاة قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَذَلِكَ أَيْضا للْقَاضِي

ثمَّ ذكر عَن ابْن سهل فِي قَضِيَّة الرَّامِي بِالدَّمِ من غير حُضُور بَيِّنَة أَن الْمُتَّهم بِهِ يحبس من خَمْسَة عشر يَوْمًا إِلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَغير الْمُتَّهم يحبس كاليومين وَالثَّلَاثَة وَنَحْوهَا ثمَّ إِن أَتَى طَالب الدَّم فِي دَاخل الْمدَّة بِسَبَب قوي وَجَبت الزِّيَادَة فِي حَبسه بِقدر مَا يرَاهُ

الرَّابِع أَنه يجوز لَهُ مَعَ قُوَّة التُّهْمَة ضرب المتهوم ضرب تَقْرِير ليصدق فَإِن أقرّ وَهُوَ مَضْرُوب لِيُقِر لم يعْتَبر إِقْرَاره تَحت الضَّرْب وَإِن كَانَ ليصدق عَن حَاله قطع ضربه واستعاد إِقْرَاره

فَإِن أقرّ بِخِلَاف الْإِقْرَار الأول أَخذه بِالثَّانِي وَيجوز الْعَمَل بِالْإِقْرَارِ الأول مَعَ كَرَاهَة وَلَيْسَ ذَلِك للقضاة

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَذَلِكَ عندنَا يجوز للْقَاضِي تعاطيه فِي الدعاوي على أهل التهم والعدوان لَكِن لَا يخرجهم ذَلِك عَن صفة الضَّرْب الْمَحْدُود وَلَا يعاقبهم بِغَيْر الْعُقُوبَات الشَّرْعِيَّة

الْخَامِس أَن لَهُ فِيمَن تَكَرَّرت مِنْهُ الجرائم وَلم ينزجر بالحدود اسْتِدَامَة حَبسه إِذا أضرّ بِالنَّاسِ فِي جرائمه حَتَّى يَمُوت ويقوته ويكسوه من بَيت المَال بِخِلَاف الْقُضَاة

ص: 140

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَذَلِكَ مِمَّا يَفْعَله القَاضِي وَذكر من ذَلِك عَن ابْن سهل أَن من شهد فِيهِ انه من أهل الْفساد والتعدي وَجب عَلَيْهِ الْأَدَب الموجع وَالْحَبْس الطَّوِيل

قَالَ فَإِن الإغلاظ على أهل الشَّرّ وَالْأَخْذ على أَيْديهم مِمَّا يصلح الله بِهِ الْعباد والبلاد

السَّادِس أَن لَهُ تَحْلِيف الْمُتَّهم للاختبار حَاله ويغلظ عَلَيْهِ الْكَشْف ويحلفه بِالطَّلَاق وَالْعتاق وَالصَّدَََقَة كَإِيمَانِ بيعَة السُّلْطَان وَلَا يحلف قَاض أحدا فِي غير حق وَلَا يحلف إِلَّا بِالْيَمِينِ بِاللَّه

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وللقاضي أَن يحلف الْمُتَّهم وَهُوَ مَشْهُور وَأما الْيَمين بِالطَّلَاق فَإِنَّمَا ذكروها فِي الْوَالِي يَأْخُذ الشَّارِب فيحلفه بِالطَّلَاق مكْرها على أَلا يشرب الْخمر وَلَا يفسق وان لَا يغش فِي عمله وَلَا يتلَقَّى الركْبَان وَفِي الْوَالِد أَن يحلف وَلَده مكْرها لَهُ على الْيَمين تأديبا لَهُ قَالَ وألزموا الْحَالِف الْيَمين وَإِن أكره عَلَيْهَا

قَالَ وَكَانَ ابْن عَاصِم محتسبا بالأندلس وَكَانَ يحلف بِالطَّلَاق تَغْلِيظًا بِهِ

قَالَ ابْن وضاح وَذكرت ذَلِك لسَحْنُون فَقَالَ من أَيْن أَخذ ذَلِك فَقلت لَهُ من الْأَثر الْمَرْوِيّ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه تحدث للنَّاس أقضية يقدر مَا أَحْدَثُوا من الْفُجُور فَقَالَ سَحْنُون مثل ابْن عَاصِم يتَأَوَّل هَذَا تَعْظِيمًا لشأن ابْن عَاصِم لِأَنَّهُ مِمَّن أَخذ عَن ابْن الْقَاسِم

قلت وَعَن الشَّيْخ ابْن مهْدي الوانوغي من أَصْحَاب

ص: 141

ابْن عَرَفَة أَنه كَلَام يحْتَمل الْمَدْح والذم ذكره فِي تَعْلِيقه على الْمُدَوَّنَة

السَّابِع أَن لَهُ أَخذ المجرم بِالتَّوْبَةِ قهرا وَيظْهر لَهُ من الْوَعيد مَا يَقُودهُ إِلَيْهِ طَوْعًا ويتوعده بِالْقَتْلِ فِيمَا لَا يجب فِيهِ لِأَنَّهُ إرهاب لَا تَحْقِيق وَيجوز أَن يحققه بالدب فَقَط بِخِلَاف الْقُضَاة

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَلم أَقف عَلَيْهِ فِي حق القَاضِي

الثَّامِن أَن لَهُ سَماع شَهَادَة أهل المهن إِذا كثر عَددهمْ وَلَا يسمعهم القَاضِي

قَالَ ابْن فَرِحُونَ وللقاضي ذَلِك عِنْد الضَّرُورَة

التَّاسِع أَن لَهُ النّظر فِي المواثبات وَإِن لم يُوجب غرما وَلَا حدا ثمَّ إِن لم يكن بِوَاحِد مِنْهُمَا أثر سمع قَول السَّابِق فِي الدَّعْوَى وَإِن كَانَ بِأَحَدِهِمَا اثر فَقيل يبْدَأ بِسَمَاع دَعْوَى ذِي الْأَثر

وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ يبْدَأ بِسَمَاع السَّابِق والمبتدي بالمواثبة اعظم جرما وتأديبا وَيخْتَلف تأديبهما باختلافهما بالجرم وباختلافهما بالهيئة

قَالَ ابْن فَرِحُونَ ومسائل الْمَذْهَب تَقْتَضِي أَن للْقَاضِي ذَلِك

قَالَ وعَلى الْجُمْلَة فقد قَالَ أَبُو إِسْحَاق ابْن الْأمين للْقَاضِي النّظر فِي جَمِيع الْأَشْيَاء إِلَّا فِي قبض الْخراج وَاخْتلف هَل لَهُ قبض أَمْوَال الصَّدقَات وصرفها فِي مستحقها إِذا لم يحضر نَاظر أم لَا

ص: 142

قلت وَإِلَّا مَا أخرج عَن نظره بِحكم النَّص أَو الْعَادة كَمَا تقدم عَن ابْن قيم الجوزية

الطّرف الثَّانِي فِيمَا لَا يسوغ لَهُ مِمَّا لَا يعْتَبر من السياسة وَمن ذَلِك الحكم بالفراسة

قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ الفراسة لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا حكم وَقد كَانَ قَاضِي الْقُضَاة الشَّامي الْمَالِكِي بِبَغْدَاد أَيَّام كَونه بِالشَّام يحكم بالفراسة جَريا على طَرِيق القَاضِي إِيَاس بن مُعَاوِيَة وَقد كَانَ إِيَاس قَاضِيا فِي أَيَّام عمر بن عبد الْعَزِيز وَله أَحْكَام كَثِيرَة بطرِيق الفراسة

قَالَ وَكَانَ شَيخنَا فَخر الْإِسْلَام أَبُو بكر الشَّاشِي صنف جُزْءا فِي الرَّد عَلَيْهِ كتبه لي بِخَطِّهِ وأعطانيه

قَالَ وَذَلِكَ صَحِيح فَإِن مدارك الْأَحْكَام مَعْلُومَة شرعا مدركة قطعا وَلَيْسَت الفراسة مِنْهَا انْتهى

قَالَ ابْن فَرِحُونَ فَالْحكم بهَا مثل الحكم بالحزر والتخمين وَذَلِكَ فسق وجور من الْحَاكِم وَالظَّن يُخطئ ويصيب وَإِنَّمَا أجيزت شَهَادَة الوسم فِي مَحل مَخْصُوص بِالضَّرُورَةِ

ص: 143

قلت فِي قَوَاعِد الْمقري يمْنَع فِي حكم الدّين اعْتِمَاد الحزر والتخمين

وَمن ثمَّ منع الحكم بالنجوم والفأل وَإِن كَانَ يُعجبهُ الْحسن مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ الزّجر والرمل والفراسة وَإِن كَانَت الفراسة من صِفَات الْمُؤمن وَفِي التَّنْزِيل {إِن فِي ذَلِك لآيَات للمتوسمين}

قَالَ وينقض الحكم بذلك وَإِن وَافق الْحق لفساد مبناه

قَالَ وَكره الْمَالِكِيَّة أَن يكون القَاضِي داهية كَذَلِك وغن استحسنوا أَن يكون ذكيا فطنا بِحَيْثُ لَا يخدع انْتهى الْمَقْصُود مِنْهُ

تَكْمِلَة فِي تَنْبِيه

إِذا كَانَت الفراسة بالمقدار الَّذِي يتَوَصَّل بلطف الْحِيلَة بِهِ إِلَى اسْتِخْرَاج الْحق بعد ظُهُور الْإِمَارَة الْمُعْتَبرَة فِي استناد الحكم إِلَيْهَا فَهِيَ من مستحسن مَا يعد من ذكاء المتصف بهَا من الْمُلُوك وَسَائِر الْوُلَاة وَيَكْفِي من الْمَنْقُول من ذَلِك حكايتان

الْحِكَايَة الأولى يرْوى عَن الْمَنْصُور أَنه جلس فِي إِحْدَى قباب مدينته فَرَأى رجلا ملهوفا يجول فِي الطرقات فَأرْسل إِلَيْهِ من أَتَاهُ بِهِ فَسَأَلَ عَن حَاله فَأخْبرهُ أَنه خرج فِي تِجَارَة فَأفَاد مَالا وَأَنه رَجَعَ بِالْمَالِ إِلَى منزله فَدفعهُ إِلَى أَهله فَذكرت امْرَأَته أَن المَال سرق من بَيتهَا وَلم ير نقبا بِالدَّار وَلَا أثرا فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور مُنْذُ كم تَزَوَّجتهَا قَالَ مُنْذُ سنة قَالَ أبكرا تَزَوَّجتهَا أم ثَيِّبًا قَالَ ثَيِّبًا قَالَ أفلها ولد من سواك قَالَ لَا قَالَ فشابة هِيَ أم مُسِنَّة قَالَ بل حَدثهُ فَدَعَا الْمَنْصُور بقارورة طيب كَانَ يتَّخذ لَهُ حاد الرَّائِحَة غَرِيب

ص: 144

النَّوْع فَدَفعهَا غليه وَقَالَ لَهُ تطيب من هَذَا الطّيب فَإِنَّهُ يذهب همك

قَلما دخل الرجل من عِنْد الْمَنْصُور قَالَ الْمَنْصُور لأربعة من ثقاته ليقعد كل وَاحِد مِنْكُم على بَاب من أَبْوَاب الْمَدِينَة فَمن مر بِهِ أحد فشم مِنْهُ هَذَا الطّيب فليأتيني وَخرج الرجل بالطيب فَدفعهُ إِلَى امْرَأَته وَقَالَ لَهَا وهبه لي أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا شمته بعثت بِهِ إِلَى رجل كَانَت تحبه

وَقد كَانَت دفعت المَال إِلَيْهِ وَقَالَت لَهُ تطيب من هَذَا الطّيب فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ وهبه لزوجي فتطيب مِنْهُ الرجل

مر مجتازا بِبَعْض أَبْوَاب الْمَدِينَة فشم الْمُوكل بِالْبَابِ رَائِحَة الطّيب مِنْهُ فَأَخذه فَأتى بِهِ الْمَنْصُور فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور من أَيْن اسْتَفَدْت هَذَا الطّيب فَإِن رَائِحَته غَرِيبَة معجبة فَقَالَ اشْتَرَيْته فَقَالَ أَخْبرنِي من أَيْن اشْتَرَيْته فتلجلج الرجل وَاخْتَلَطَ كَلَامه فدعى الْمَنْصُور صَاحب شرطته وَقَالَ لَهُ خُذ هَذَا الرجل إِلَيْك فَإِن أحضر كَذَا وَكَذَا من الدَّنَانِير فخله يذهب حَيْثُ يَشَاء وَإِن امْتنع فَاضْرِبْهُ ألف سَوط من غير مُؤَامَرَة

فَلَمَّا خرج من عِنْده دَعَا صَاحب شرطته وَقَالَ لَهُ هول عَلَيْهِ وجرده وَلَا تقدمن بِضَرْب حَتَّى ترى أَمْرِي فَخرج بِهِ صَاحب الشرطة فَلَمَّا جرده وسجنه أذعن ورد الدَّنَانِير ودعا الرجل

وَقَالَ أريتك إِن رددت عَلَيْك الدَّنَانِير بِأَعْيَانِهَا تحكمني فِي امْرَأَتك قَالَ نعم قَالَ فَهَذِهِ دنانيرك وَقد طلقت الْمَرْأَة عَلَيْك

وَأخْبرهُ بخبرها

ص: 145

الْحِكَايَة الثَّانِيَة يرْوى أَن رجلا قدم بَغْدَاد يُرِيد الْحَج وَكَانَ مَعَه عقد يُسَاوِي ألف دِينَار فاجتهد فِي بَيْعه فَلم يتَّفق فجَاء إِلَى عطار مَوْصُوف بِالْخَيرِ فأودعه إِيَّاه ثمَّ حج وَعَاد فَأَتَاهُ بهدية فَقَالَ لَهُ الْعَطَّار من أَنْت وَمَا هَذَا

فَقَالَ لَهُ الرجل أَنا صَاحب العقد الَّذِي أودعتك إِيَّاه فَأنكرهُ وَدفعه من دكانه وَقَالَ يَدعِي عَليّ مثل هَذِه الدَّعْوَى فَاجْتمع النَّاس وَقَالُوا للْحَاج وَيلك هَذَا رجل خير فَمَا وجدت من تَدعِي عَلَيْهِ إِلَّا هَذَا فتحير الْحَاج وَتردد إِلَيْهِ فَمَا زَاده إِلَّا شتما وَضَربا فَقيل لَهُ اذْهَبْ إِلَى عضد الدولة فَلهُ فِي هَذِه الْأَشْيَاء فراسة فَكتب قصَّته وَجعلهَا على قَصَبَة ورفعها إِلَى عضد الدولة فصاح بِهِ فجَاء فَسَأَلَهُ عَن حَاله فَأخْبرهُ بالقصة فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ إِلَى الْعَطَّار غدْوَة واقعد على دكانه فَإِن مَنعك فَاقْعُدْ على دكان يُقَابله من بكرَة إِلَى الْمغرب وَافْعل هَذَا ثَلَاثَة أَيَّام فَإِنِّي أَمر عَلَيْك فِي الْيَوْم الرَّابِع وأقف وَأسلم عَلَيْك فَلَا تقم لي وَلَا تزدني على رد السَّلَام وَجَوَاب مَا أَسأَلك عَنهُ وَإِذا انصرفت عَنْك فأعد عَلَيْهِ ذكر العقد ثمَّ أعلمني بِمَا يَقُول لَك فَإِن أعطاكه فجيء بِهِ إِلَيّ فَقَالَ فجَاء إِلَى دكان الْعَطَّار ليجلس فَمَنعه فَجَلَسَ مُقَابِله ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع جَاءَ عضد الدولة فِي موكبه الْعَظِيم فَلَمَّا رأى الْخُرَاسَانِي وقف فَقَالَ لَهُ سَلام عَلَيْك فَقَالَ الْخُرَاسَانِي وَلم يَتَحَرَّك وَعَلَيْكُم السَّلَام فَقَالَ يَا أخي تقدم فَلَا تأت إِلَيْنَا وَلَا تعرض عَن حوائجك علينا فَقَالَ كَذَا اتّفق وَلم يشبعه الْكَلَام وعضد الدولة يسْأَله ويحتففي بِهِ وَقد وقف الْعَسْكَر كُله والعطار قد أُغمي عَلَيْهِ من الْخَوْف فَلَمَّا انْصَرف الْتفت الْعَطَّار إِلَى الْحَاج فَقَالَ لَهُ وَيحك مَتى أودعتني هَذَا العقد وَفِي أَي شَيْء كَانَ ملفوفا فذكرني لعَلي أذكر فَقَالَ من صفته كَذَا وَكَذَا فَقَامَ يفتش ثمَّ نفض جرة عِنْده فَوَقع العقد فَقَالَ قد كنت نَسِيته وَلَو لم تذكرني فِي الْحَال مَا ذكرته ثمَّ أَخذ العقد وَقَالَ أَي فَائِدَة لي أَن أعلم عضد الدولة ثمَّ قَالَ لنَفسِهِ فَلَعَلَّهُ يُرِيد أَن يَشْتَرِيهِ فَذهب إِلَيْهِ وأعلمه فَبعث بِهِ مَعَ الْحَاجِب وعاقب الْعَطَّار

ص: 146