المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الثامن من آفات القلب وهو الاقتداء بالغير] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٢

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّقْوَى] [

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي فَضِيلَة التَّقْوَى]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي فِي تَفْسِير التَّقْوَى]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ الْأَعْضَاءِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا التَّقْوَى]

- ‌[الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِي مُنْكَرَاتِ الْقَلْبِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْخُلُقِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ وَعَدَدهَا سِتُّونَ]

- ‌[الْأَوَّلُ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ ثَلَاثَة أَنْوَاع]

- ‌[الْأَوَّلُ كُفْر جَهْلِيٌّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي كُفْرٌ جُحُودِيٌّ وَعِنَادِيٌّ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْقَلْبِ حُبُّ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لِلْكُفْرِ كُفْرٌ حُكْمِيٌّ]

- ‌[السَّادِسُ اعْتِقَادُ الْبِدْعَةِ]

- ‌[السَّابِع اتِّبَاعُ الْهَوَى]

- ‌[الثَّامِنُ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ وَهُوَ الِاقْتِدَاءُ بِالْغَيْرِ]

- ‌[التَّاسِعُ الرِّيَاءُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الرِّيَاء]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي آلَةُ الرِّيَاءِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ مَا قَصَدَهُ الْمُرَائِي بِرِيَائِهِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي الرِّيَاءِ الْخَفِيِّ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِي أَحْكَامِ الرِّيَاءِ]

- ‌[الْأَمَلُ وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ مِنْ السَّبْعَةِ فِي أُمُورٍ مُتَرَدِّدَةٍ بَيْنَ الرِّيَاءِ وَالْإِخْلَاصِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ السَّابِعُ فِي عِلَاجِ الرِّيَاءِ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ الْكِبْرُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْكِبْرِ]

- ‌[الْكِبْرِ جَائِزٌ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ]

- ‌[التَّذَلُّلُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي مِنْ الْخَمْسَةِ لِلْكِبْرِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ مِنْ الْخَمْسَةِ فِي أَسْبَابِ الْكِبْرِ]

- ‌[وَالثَّانِي مِنْ الْأَسْبَابِ السَّبْعَةِ لِلْكِبْرِ الْعِبَادَةُ وَالْوَرَعُ]

- ‌[السَّبَبُ الثَّالِثُ لِلْكِبْرِ النَّسَبُ]

- ‌[وَالرَّابِعُ الْجَمَالُ مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ]

- ‌[وَالْخَامِسُ مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ الْقُوَّةُ الْبَدَنِيَّةُ وَشِدَّةُ الْبَطْشِ]

- ‌[وَالسَّادِسُ الْمَالُ وَالتَّلَذُّذُ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ]

- ‌[لَلتَّكَبُّرَ دُونَ الْكِبْرِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ أُخَرُ الْأَوَّلُ الْحِقْدُ]

- ‌[السَّبَبُ الثَّالِثُ لَلتَّكَبُّرُ الرِّيَاءُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي عَلَامَاتِ الْكِبْرِ وَالتَّكَبُّرِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ آخِرُ مَبَاحِثِ الْكِبْرِ فِي أَسْبَابِ الضَّعَةِ]

- ‌[الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ آفَات الْقَلْب الْعُجْبُ]

- ‌[الْخُلُقُ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ السِّتِّينَ مِنْ آفَات الْقَلْب الْحَسَدُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي مِنْ الْأَرْبَعَةِ فِي غَوَائِلِ الْحَسَدِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي الْعِلَاجِ الْعِلْمِيِّ وَالْعَمَلِيِّ لِلْحَسَدِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ أَسْبَابُ الْحَسَدِ سِتَّةٌ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ وَمِنْ الْآفَاتِ الْقَلْبِيَّةِ التَّطَيُّرُ]

- ‌[فَرْعٌ فِي حَدِيثِ الْجَامِعِ مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ]

الفصل: ‌[الثامن من آفات القلب وهو الاقتداء بالغير]

الْمُبَاحَاتِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ (قَالَ الْإِمَامُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ رحمه الله لَوْ سَكَنَ نَشَاطُهُ) فِي الْعِبَادَةِ (وَضَعُفَتْ رَغْبَتُهُ) فِيهَا (وَعَلِمَ أَنَّ التَّرَفُّهَ) التَّوَسُّعَ وَالرَّاحَةَ وَالتَّنَعُّمَ كَمَا فُهِمَ مِنْ الْقَامُوسِ (بِالنَّوْمِ أَوْ الْحَدِيثِ) كَمَنَاقِبِ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ (أَوْ الْمِزَاحِ) الْمُبَاحَيْنِ (فِي سَاعَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّنْكِيرَ لِلتَّقْلِيلِ أَوْ التَّحْقِيرِ (يَرُدُّ نَشَاطَهُ) وَرَغْبَتَهُ إلَى الطَّاعَةِ (فَذَلِكَ) التَّرَفُّهُ (أَفْضَلُ لَهُ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ الْمَلَالِ) ؛ لِأَنَّ مَلَاكَ الْأَمْرِ فِي الْعِبَادَةِ سِيَّمَا الصَّلَاةَ رَأْسًا وَأَسَاسًا حُضُورُ الْقَلْبِ وَالتَّفَهُّمُ وَالتَّعْظِيمُ وَالْهَيْبَةُ وَالرَّجَاءُ وَالْحَيَاءُ وَحُضُورُ الْقَلْبِ تَفْرِيغُ الْقَلْبِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ وَالتَّفَهُّمُ جَمْعُ اللَّفْظِ مَعَ الْمَعْنَى فَرُبَّمَا يَكُونُ حَاضِرًا مَعَ اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى، وَهُوَ مَقَامٌ يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ فَكَمْ مِنْ مَعَانٍ تَسْنَحُ لِلْمُصَلِّي فِي صَلَاتِهِ لَمْ تَكُنْ خَطَرَتْ بِقَلْبِهِ أَبَدًا وَلِهَذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالتَّعْظِيمُ أَنْ يُشَاهِدَ مِنْ لَوْحِ الْقَلْبِ عَظَمَتَهُ تَعَالَى وَكِبْرِيَاءَهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ مُسَخَّرٌ مَرْبُوبٌ وَمِنْهُ يَحْصُلُ الْخُشُوعُ وَالْهَيْبَةُ أَنْ يَثُورَ مِنْ زَاوِيَةِ مَعْرِفَةِ الْجَلَالِ خَوْفٌ يَنْتَشِرُ مِنْهُ عَلَى الْأَعْضَاءِ مَا تَكَادُ تَكِلُّ عَنْ حَمْلِهِ لَوْلَا الرَّجَاءُ فَإِنَّ مَنْ لَا يَخَافُ لَا يُسَمَّى هَائِبًا وَالْخَوْفُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْخَسِيسَةِ لَا يُسَمَّى هَيْبَةً وَالرَّجَاءُ بِأَنْ يَسْرَحَ النَّظَرُ فِي مَعْرِفَةِ لُطْفِ اللَّهِ وَكَرْمِهِ وَأَنْوَاعِ إنْعَامِهِ وَاسْتِغْنَائِهِ وَالْحَيَاءُ بِأَنْ يُجِيلَ النَّظَرَ فِي قُصُورِهِ عَنْ أَدَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَعْرِفَةِ حَقَارَةِ نَفْسِهِ وَخُبْثِ دَخْلِهَا وَقِلَّةِ خُلُوصِهَا وَإِخْلَاصِهَا وَمَيْلِهَا إلَى الْحَظِّ الْعَاجِلِ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ مَعَ الْمَلَالِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ (فَفِي الْحَقِيقَةِ هَذَا) أَيْ اتِّبَاعُ الْهَوَى فِي الْمُبَاحَاتِ لِأَجْلِ النَّشَاطِ (اتِّبَاعٌ لِلشَّرْعِ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ آنِفًا وَأَيْضًا عَنْ الْبُخَارِيِّ قِصَّةُ حَبْلِ زَيْنَبَ حَدِيثُ حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ بِنَشَاطِهِ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ كَمَا مَرَّ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ (لَا) يَكُونُ اتِّبَاعًا (لِلْهَوَى الْمَحْضِ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ إذَا قَصَدَ بِالْمُبَاحَاتِ التَّقَوِّي عَلَى الطَّاعَةِ أَوْ التَّوَصُّلَ إلَيْهَا كَانَتْ عِبَادَةً كَالْأَكْلِ وَالنَّوْمِ وَاكْتِسَابِ الْمَالِ وَالْوَطْءِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ» وَعَلَى هَذَا الْبَابِ يُحْمَلُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «نَوْمُ الْعَالِمِ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ الْجَاهِلِ» .

(فُرُوعٌ)

نُقِلَ عَنْ الْجَامِعِ فِي الْفَتْوَى وَالْمُجْتَبَى وَالْخَانِيَّةِ لَوْ غَلَبَهُ النَّوْمُ تُكْرَهُ لَهُ التَّرَاوِيحُ بَلْ يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ؛ لِأَنَّ فِي الصَّلَاةِ مَعَ النَّوْمِ تَهَاوُنًا وَغَفْلَةً وَتَرْكَ تَدَبُّرٍ وَيُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقْعُدَ فِي التَّرَاوِيحِ فَيَقُومَ عِنْدَ الرُّكُوعِ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ التَّكَاسُلِ وَتَشْبِيهِ الْمُنَافِقِ وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ، وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ» وَعَنْ الضَّحَّاكِ فِي قَوْله تَعَالَى - {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43]- أَرَادَ بِهِ سُكْرَ النَّوْمِ وَفِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَى مَرِيضٍ أَعْدَادُ الرَّكَعَاتِ أَوْ السَّجَدَاتِ لِنُعَاسٍ يَلْحَقُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ (وَ) بَيَانُ (الْعُجْبِ) الَّذِي هُوَ سَبَبُ اعْتِقَادِ الْبِدْعَةِ (سَيَجِيءُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) أَخَّرَهُ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى زِيَادَةِ تَفْصِيلٍ (وَأَمَّا التَّقْلِيدُ) الْمَذْكُورُ فِيمَا سَبَقَ (وَهُوَ) الْخُلُقُ.

[الثَّامِنُ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ وَهُوَ الِاقْتِدَاءُ بِالْغَيْرِ]

(الثَّامِنُ) مِنْ السِّتِّينَ الْمَذْمُومَةِ (مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ، وَهُوَ الِاقْتِدَاءُ بِالْغَيْرِ) اعْتِقَادًا أَوْ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا (بِمُجَرَّدِ حُسْنِ الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ) صَالِحَةٍ لِلِاقْتِدَاءِ فَخَرَجَ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ (وَتَحْقِيقٍ) بِالدَّلِيلِ وَقِيلَ أَوْ كَشْفٍ قَلْبِيٍّ فِي ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ فِي حُكْمِ ظَاهِرِ الشَّرْعِ (وَذَا) أَيْ التَّقْلِيدُ (لَا يَجُوزُ فِي الِاعْتِقَادِيَّةِ) أَيْ فِي أُصُولِ الْعَقَائِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِإِمْكَانِ الِاهْتِدَاءِ بِمُجَرَّدِ نَظَرِ الْعَقْلِ فَكُلُّ مَنْ لَهُ عَقْلٌ يُمْكِنُ لَهُ الِاسْتِدْلَال سِيَّمَا مِنْ الْأَثَرِ إلَى الْمُؤَثِّرِ فَلَا ضَرُورَةَ لَهُ إلَى التَّقْلِيدِ (بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَظَرٍ) صَحِيحٍ وَتَأَمُّلٍ مِنْ تَرْتِيبِ الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ لِلتَّأَدِّي إلَى الْمَجْهُولِ

ص: 80

(وَاسْتِدْلَالٍ وَلَوْ عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ) بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِعِبَارَةٍ مُحَرَّرَةٍ عَلَى تَفْصِيلِ اصْطِلَاحِ الْقَوْمِ بَلْ فِي ذِهْنِهِ مَعْنَى يَسْتَحْصِلُ الْمَقْصُودَ لَعَلَّ هَذَا حَاصِلُ الْإِيمَانِ الْإِجْمَالِيِّ فَإِنْ قِيلَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ جَارِيًا فِي نَحْوِ ذَاتِهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ لَكِنْ لَا يَجْرِي فِي أَكْثَرِ الِاعْتِقَادِيَّاتِ كَأُمُورِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّ الْعَقْلَ لَا يَهْتَدِي فِيهَا بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْكَلَامِيَّةِ الْمَطَالِبُ إمَّا عَقْلِيٌّ مَحْضٌ كَأُمَّهَاتِ الشَّرَائِعِ مِنْ نَحْوِ وُجُودِهِ تَعَالَى وَصِدْقِ رَسُولِهِ أَوْ نَقْلِيٌّ مَحْضٌ كَأُمُورِ الْآخِرَةِ وَوُجُودِ غُرَابٍ الْآنَ فِي مَنَارَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة أَوْ بِهِمَا كَحُدُوثِ الْعَالَمِ قُلْنَا قَدْ سَبَقَ الْإِشَارَةُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أُصُولُ الِاعْتِقَادِيَّةِ الْكَلَامِيَّةِ يَعْنِي أُمَّهَاتِ الشَّرَائِعِ أَوْ لِكُلِّ شَيْءٍ نَظَرٌ وَاسْتِدْلَالٌ عَلَى حَالِهِ فَاسْتِدْلَالُ هَذَا الْجِنْسِ بِأَدِلَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ لَكِنْ يَشْكُلُ أَنَّ الْإِيمَانَ الْإِجْمَالِيَّ جَائِرٌ عِنْدَنَا وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ، وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ لَكِنْ قُلْنَا بِكَوْنِهِ إثْمًا فَعَدَمُ الْجَوَازِ يُصْرَفُ إلَيْهِ (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلِ انْظُرُوا} [يونس: 101] تَفَكَّرُوا {مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [يونس: 101] مَا وَضَعَهُ فِيهِمَا مِنْ الْعَجَائِبِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِهِ وَالْغَرَائِبِ الْمُنْبِئَةِ عَنْ صِفَاتِهِ الْكَامِلَةِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبَعِيرِ وَأَثَرُ الْقَدَمِ عَلَى الْمَسِيرِ فَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ وَأَرْضٌ ذَاتُ فِجَاجٍ أَفَلَا تَدُلَّانِ عَلَى اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ (وَالْآيَاتُ فِيهِ) فِي وُجُوبِ النَّظَرِ (وَفِي ذَمِّ الْمُقَلِّدِينَ) لَا مُطْلَقًا بَلْ (فِي الِاعْتِقَادِ كَثِيرَةٌ جِدًّا) قَطْعًا نَحْوَ قَوْله تَعَالَى - {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]- وَنَحْوَ {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف: 22] وَنَحْوَ {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170]- (وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فِي الْعَقَائِدِ، وَأَمَّا الْمُخَالِفُ فَإِمَّا خِلَافُهُ بَعْدَ مُضِيِّ قَرْنِ الْإِجْمَاعِ السَّابِقِ فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ إذْ الْخِلَافُ اللَّاحِقُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْمَاعَ السَّابِقَ بَلْ هُوَ نَفْسُهُ سَاقِطٌ لِامْتِنَاعِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ بَقِيَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا فِي الدُّنْيَوِيِّ وَلَا فِي الْعَقْلِيِّ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْعَقْلِيِّ قُلْنَا، وَإِنْ فُهِمَ كَذَلِكَ مِنْ ظَاهِرِ التَّوْضِيحِ لَكِنَّ التَّلْوِيحَ أَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَقْلِيَّ قَدْ يَكُونُ ظَنِّيًّا فَبِالْإِجْمَاعِ يَصِيرُ قَطْعِيًّا كَمَا فِي تَفْضِيلِ الصَّحَابَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الِاعْتِقَادِيَّاتِ هَذَا لَكِنْ لَا يَخْلُو عَنْ تَأَمُّلٍ (فَالْمُقَلِّدُ فِي الِاعْتِقَادِ آثِمٌ) كَافِرٌ عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا (وَإِنْ كَانَ إيمَانُهُ صَحِيحًا عِنْدَنَا) الْمَاتُرِيدِيَّةُ وَقِيلَ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ نَعَمْ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ لَا قِيلَ الْكَلَامُ فِي مُقَلِّدٍ حَصَلَ لَهُ ثَبَاتٌ بِحَيْثُ لَا يُزَحْزِحُهُ تَشْكِيكٌ أَقُولُ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مَنْصِبُ الِاسْتِدْلَالِ لَا التَّقْلِيدُ ثُمَّ الْمُوجِبُونَ الِاسْتِدْلَالَ مَعَ نَفْيِ التَّقْلِيدِ كَالْأَشْعَرِيِّ وَالْبَاقِلَّانِيّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَقِيلَ مَالِكٌ أَيْضًا فَالْمُقَلِّدُ مُؤْمِنٌ عَاصٍ وَقِيلَ لَيْسَ بِعَاصٍ إلَّا ذَا كَانَ مَعَهُ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ وَأَهْمَلَهُ بِالتَّكَاسُلِ وَقِيلَ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ أَصْلًا فَأَوْرَدَ بِلُزُومِ إكْفَارِ عَوَامِّ الْمُؤْمِنِينَ أَقُولُ قَدْ أُشِيرَ

ص: 81

آنِفًا وَحُرِّرَ سَابِقًا أَنَّهُمْ مُسْتَدِلُّونَ إجْمَالًا فِي وِجْدَانِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى إتْيَانِ عِبَارَةٍ جَامِعَةٍ فَالْعَوَامُّ إنْ سُئِلُوا مَنْ أَوْجَدَ هَذِهِ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ يَقُولُونَ اللَّهُ وَفِي مُحَاوَرَاتِ كُلِّهِمْ اللَّهُ فَعَلَ كَذَا وَأَعْطَى كَذَا وَمَنَعَ كَذَا فَلَزِمَهُمْ الِاسْتِدْلَال، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا وَجْهَ اسْتِدْلَالِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، (وَأَمَّا التَّقْلِيدُ فِي الْأَعْمَالِ) الْفَرْعِيَّةِ (فَجَائِزٌ) تَقْلِيدُهُ (لِمَنْ كَانَ عَدْلًا) فَإِنَّ الْفَاسِقَ لَا يُؤْمِنُ عَلَى خَبَرِهِ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ بَلْ قَدْ يُخْبِرُ بِحُكْمٍ، وَهُوَ خِلَافُ عِلْمِهِ وَقِيلَ هُوَ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ الْحِكْمَةُ وَالشَّجَاعَةُ وَالْعِفَّةُ (مُجْتَهِدًا) قَدْ يُؤْخَذُ الْعَدْلُ فِي مَفْهُومِ الِاجْتِهَادِ فَافْهَمْ لَكِنْ بِلَا لُزُومِ مُجْتَهِدٍ مُعَيَّنٍ بَلْ يَجُوزُ بِأَيٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ لِعَدَمِ نَصٍّ عَلَى تَعْيِينِهِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَلْفِيقٍ، وَأَنَّهُ إنْ وَقَعَ تَقْلِيدٌ بِوَاحِدٍ هَلْ يَلْزَمُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ أَوْ يَجُوزُ الِانْتِقَالُ مِنْهُ إلَى آخَرَ لِضَرُورَةٍ أَوَّلًا، وَإِنْ قَلَّدَ فِي عَمَلٍ بِمُجْتَهِدٍ آخَرَ مَعَ تَقْلِيدِهِ فِي عَمَلٍ بِمُجْتَهِدٍ آخَرَ أَوْ إنْ قَلَّدَ فِي عَمَلٍ بِمُجْتَهِدٍ فِي وَقْتٍ وَبِمُجْتَهِدٍ آخَرَ فِي وَقْتٍ آخَرَ فِي ذَلِكَ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ لَعَلَّهُ قَدْ سَبَقَ بَعْضُ تَفْصِيلِهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ (وَلَكِنْ لَمَّا انْقَطَعَ الِاجْتِهَادُ مُذْ زَمَانٍ طَوِيلٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ انْقِطَاعُ الْقِيَاسِ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ فَلَا يَجُوزُ بَعْدَهَا لِأَحَدٍ لَكِنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ.

وَأَمَّا عِنْدَمَا يُجَوِّزُهُ فَلَا يَنْقَرِضُ الْمُجْتَهِدُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَبَدًا وَقَدْ يُقَالُ فِي لُزُومِ كَوْنِ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي مُجْتَهِدًا مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ وَمُطَالَعَتُهَا وَأَنَّ أَيَّ حُكْمٍ أُخِذَ مِنْ أَيِّ دَلِيلٍ وَعَلَى أَيِّ قَاعِدَةٍ وَأَصْلٍ وَنَحْوِهَا وَيَقْرُبُ إلَيْهِ قَوْلُهُ (انْحَصَرَ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ مَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ الْمُقَلَّدِ فِي نَقْلِ كِتَابٍ مُعْتَبَرٍ مُتَدَاوَلٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ) فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى اعْتِبَارِ غَيْرِ الْعُلَمَاءِ أَوْ اعْتِبَارِ غَيْرِ الثِّقَاتِ مِنْ الْعُلَمَاءِ (مُصَحَّحٍ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى مُطَالَعَتِهِ وَاسْتِخْرَاجِهِ) فَهْمِ مَعَانِي مَسَائِلِهِ (وَإِخْبَارِ عَدْلٍ مَوْثُوقٍ بِهِ فِي عِلْمِهِ وَعَمَلِهِ) فَيُخْبِرُ بِقَوْلِ

ص: 82