المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[والرابع الجمال من أسباب الكبر] - بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية - جـ ٢

[محمد الخادمي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي التَّقْوَى] [

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي فَضِيلَة التَّقْوَى]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي فِي تَفْسِير التَّقْوَى]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ الْأَعْضَاءِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا التَّقْوَى]

- ‌[الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِي مُنْكَرَاتِ الْقَلْبِ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْخُلُقِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ وَعَدَدهَا سِتُّونَ]

- ‌[الْأَوَّلُ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ ثَلَاثَة أَنْوَاع]

- ‌[الْأَوَّلُ كُفْر جَهْلِيٌّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي كُفْرٌ جُحُودِيٌّ وَعِنَادِيٌّ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْقَلْبِ حُبُّ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ لِلْكُفْرِ كُفْرٌ حُكْمِيٌّ]

- ‌[السَّادِسُ اعْتِقَادُ الْبِدْعَةِ]

- ‌[السَّابِع اتِّبَاعُ الْهَوَى]

- ‌[الثَّامِنُ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ وَهُوَ الِاقْتِدَاءُ بِالْغَيْرِ]

- ‌[التَّاسِعُ الرِّيَاءُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الرِّيَاء]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي آلَةُ الرِّيَاءِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ مَا قَصَدَهُ الْمُرَائِي بِرِيَائِهِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي الرِّيَاءِ الْخَفِيِّ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِي أَحْكَامِ الرِّيَاءِ]

- ‌[الْأَمَلُ وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ مِنْ السَّبْعَةِ فِي أُمُورٍ مُتَرَدِّدَةٍ بَيْنَ الرِّيَاءِ وَالْإِخْلَاصِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ السَّابِعُ فِي عِلَاجِ الرِّيَاءِ]

- ‌[الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ الْكِبْرُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِ الْكِبْرِ]

- ‌[الْكِبْرِ جَائِزٌ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ]

- ‌[التَّذَلُّلُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي مِنْ الْخَمْسَةِ لِلْكِبْرِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ مِنْ الْخَمْسَةِ فِي أَسْبَابِ الْكِبْرِ]

- ‌[وَالثَّانِي مِنْ الْأَسْبَابِ السَّبْعَةِ لِلْكِبْرِ الْعِبَادَةُ وَالْوَرَعُ]

- ‌[السَّبَبُ الثَّالِثُ لِلْكِبْرِ النَّسَبُ]

- ‌[وَالرَّابِعُ الْجَمَالُ مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ]

- ‌[وَالْخَامِسُ مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ الْقُوَّةُ الْبَدَنِيَّةُ وَشِدَّةُ الْبَطْشِ]

- ‌[وَالسَّادِسُ الْمَالُ وَالتَّلَذُّذُ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ]

- ‌[لَلتَّكَبُّرَ دُونَ الْكِبْرِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ أُخَرُ الْأَوَّلُ الْحِقْدُ]

- ‌[السَّبَبُ الثَّالِثُ لَلتَّكَبُّرُ الرِّيَاءُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي عَلَامَاتِ الْكِبْرِ وَالتَّكَبُّرِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ آخِرُ مَبَاحِثِ الْكِبْرِ فِي أَسْبَابِ الضَّعَةِ]

- ‌[الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ آفَات الْقَلْب الْعُجْبُ]

- ‌[الْخُلُقُ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ السِّتِّينَ مِنْ آفَات الْقَلْب الْحَسَدُ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّانِي مِنْ الْأَرْبَعَةِ فِي غَوَائِلِ الْحَسَدِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي الْعِلَاجِ الْعِلْمِيِّ وَالْعَمَلِيِّ لِلْحَسَدِ]

- ‌[الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ أَسْبَابُ الْحَسَدِ سِتَّةٌ]

- ‌[الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ آفَاتِ الْقَلْبِ سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ وَمِنْ الْآفَاتِ الْقَلْبِيَّةِ التَّطَيُّرُ]

- ‌[فَرْعٌ فِي حَدِيثِ الْجَامِعِ مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ]

الفصل: ‌[والرابع الجمال من أسباب الكبر]

نُوحٍ يَامْ (هَلْ نَفَعَهُمَا نَسَبُهُمَا) مَعَ كَوْنِهِمَا مِنْ أَوْلَادِ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَوْ كَانَ لِلنَّسَبِ نَفْعٌ لَنَفَعَهُمَا وَلَيْسَ فَلَيْسَ كَمَا نُقِلَ عَنْ تَفْسِيرِ الْعُيُونِ وَغَيْرِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ كَنْعَانَ حِينَ سَمِعَ {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: 43] اتَّخَذَ صُنْدُوقًا مِنْ رَصَاصٍ وَجَعَلَ فِيهِ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَسَدَّ بَابَهُ بِالرَّصَاصِ الْمُذَابِ، فَلَمَّا عَلَاهُ الْمَاءُ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِالْبَوْلِ إلَى أَنْ امْتَلَأَ الصُّنْدُوقُ فَغَرَّقَهُ بِبَوْلِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «لَيَدَعَنَّ قَوْمٌ الْفَخْرَ بِآبَائِهِمْ وَقَدْ صَارُوا فَحْمًا فِي جَهَنَّمَ» لَكِنْ يَشْكُلُ الْمَطْلَبَ الْفَخْرُ مَعَ الْإِيمَانِ وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ فَلَا تَقْرِيبَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] وَقَالَ {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82] وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لَا فَائِدَةَ بِالنَّسَبِ إلَّا نَسَبَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَلْيُتَأَمَّلْ (ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى نَسَبِك الْحَقِيقِيِّ) الَّذِي كَانَ عُنْصُرُك الْأَصْلِيُّ مِنْهُ (فَإِنَّ أَبَاك الْقَرِيبَ) مِنْهُ (نُطْفَةٌ قَذِرَةٌ) يُسْتَقْذَرُ مِنْهَا لَا مَسَاغَ إلَّا إلَى غَسْلِهَا لَوْ تَلَوَّثَ بِهَا ثَوْبٌ (وَجَدُّك الْبَعِيدُ) الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ أَبُوك آدَم عليه السلام (تُرَابٌ ذَلِيلٌ) يُدَاسُ تَحْتَ الْأَقْدَامِ فَأَصْلُك تُرَابٌ مَهِينٌ يُدَاسُ بِأَقْدَامِ الْأَقْوَامِ وَفَصْلُك مِمَّا يُغْسَلُ مِنْهُ الْأَبْدَانُ (فَكَيْفَ يَلِيقُ بِك التَّكَبُّرُ بِالنَّسَبِ) .

ثُمَّ لَا شَكَّ أَنَّ أَجْدَادَك وَآبَاءَك إنْ نَجَوْا فَإِنَّمَا نَجَوْا بِنَحْوِ التَّوَاضُعِ وَكَسْبِ الصَّلَاحِ لَا بِالتَّكَبُّرِ، بَلْ لَا أَنْسَابَ فِي يَوْمِ الْهَوْلِ وَالشِّدَّةِ بَلْ تَتَلَذَّذُ الْأُمُّ الشَّفِيقَةُ الْمُؤْمِنَةُ بِعَذَابِ وَلَدِهَا الْكَافِرِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ - وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ - وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس: 34 - 36] وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَجِبْت لِابْنِ آدَمَ يَفْخَرُ وَأَوَّلُهُ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ وَآخِرُهُ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ وَهُوَ بَيْنَهُمَا يَحْمِلُ الْعَذِرَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَعَجَبًا مِنْ الْمُتَكَبِّرِ الْفَخُورِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَوَّلَهُ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ وَآخِرَهُ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ» وَعَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَنْ آبَائِهِ الْكِرَامِ عَجِبْت أَنْ أُعَظِّمَ نَفْسِي وَقَدْ خَرَجْت مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْإِحْيَاءِ وَيَكْفِيهِمْ عَنَى آيَةٌ وَاحِدَةٌ {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} [عبس: 17]{مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [عبس: 18]{مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} [عبس: 19]{ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20]{ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} [عبس: 22] فَأَشَارَ إلَى أَنَّ أَوَّلَ الْإِنْسَانِ بَعْدَ كَوْنِهِ فِي كَتْمِ الْعَدَمِ دُهُورًا وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا أَذَلُّ الْأَشْيَاءِ ثُمَّ مِنْ أَقْذَرِهَا إذْ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ ثُمَّ جَعَلَهُ عِظَامًا ثُمَّ كَسَا الْعِظَامَ لَحْمًا فَكَانَ هَذَا بِدَايَةَ وُجُودِهِ.

وَأَمَّا وَسَطُ أَحْوَالِهِ فَمُدَّةُ حَيَاتِهِ إلَى الْمَوْتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} [عبس: 20]- فَأَحْيَاهُ بَعْدَمَا كَانَ جَمَادًا مَيِّتًا تُرَابًا أَوْ نُطْفَةً وَأَسْمَعَهُ بَعْدَ كَوْنِهِ أَصَمَّ وَبَصَّرَهُ بَعْدَ عَمَاهُ وَقَوَّاهُ بَعْدَ ضَعْفِهِ وَعَلَّمَهُ بَعْدَ جَهْلِهِ وَأَغْنَاهُ بَعْدَ فَقْرِهِ وَأَشْبَعَهُ بَعْدَ جُوعِهِ وَكَسَاهُ بَعْدَ الْعُرْيِ وَهَدَاهُ بَعْدَ الضَّلَالِ، فَكَانَ فِي ذَاتِهِ لَا شَيْءَ ثُمَّ صَارَ شَيْئًا فَإِنَّمَا خَلَقَهُ مِنْ التُّرَابِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ أَذَلُّ مِنْ كُلِّ ذَلِيلٍ وَلَا يَلِيقُ بِهِ إلَّا التَّوَاضُعُ وَلَا يَلِيقُ التَّعْظِيمُ إلَّا بِاَللَّهِ، وَأَمَّا آخِرُ أَحْوَالِهِ فَالْمَوْتُ الْمُشَارُ بِقَوْلِهِ - {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]- فَيَعُودُ جَمَادًا كَمَا فِي الْبِدَايَةِ فَيَصِيرُ جِيفَةً مُنْتِنَةً قَذِرَةً كَرِيهَةً تَبْلَى أَعْضَاؤُهُ وَتَتَفَتَّتُ أَجْزَاؤُهُ وَيَأْكُلُهُ الدُّودُ ثُمَّ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأَمْسِ وَلَيْتَهُ بَقِيَ كَذَلِكَ، بَلْ يَحْيَا بِطُولِ الْبَلَايَا وَشَدَائِدِ الْأَحْوَالِ وَالْإِفْزَاعِ فَمَنْ هَذَا حَالُهُ كَيْفَ يَتَكَبَّرُ.

[وَالرَّابِعُ الْجَمَالُ مِنْ أَسْبَابِ الْكِبْرِ]

(وَالرَّابِعُ الْجَمَالُ) ضِدُّ الْقُبْحِ وَعَنْ سِيبَوَيْهِ دِقَّةُ الْحُسْنِ (وَذَلِكَ أَكْثَرُ مَا يَجْرِي فِي النِّسَاءِ) وَقَدْ يَجْرِي فِي الْغِلْمَانِ الْحِسَانِ لِانْجِذَابِ الْقُلُوبِ يَفْتَخِرُونَ وَيَتَكَبَّرُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لِنُقْصَانِ عَقْلِهِنَّ؛ لِأَنَّ الْجَمَالَ سَرِيعُ الزَّوَالِ (وَهَذَا أَيْضًا) كَالْكِبْرِ بِالنَّسَبِ (جَهْلٌ إذْ هُوَ فَانٍ) مِنْ الْفَنَاءِ (سَرِيعُ الزَّوَالِ) وَكُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ لَهُ بَقَاءٌ فَالتَّكَبُّرُ بِهِ جَهْلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ، بَلْ يَدُهُ كَيَدِ مُسْتَعِيرٍ سَيَزُولُ فِي أَوَانِهِ

ص: 217