الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قسطنطيس قيصر الكبير)
ملك اثنتي عشرة سنة أخرى بعد موت ذيوقليطيانوس [1] .
وكان به برص فأشار عليه خدم الأصنام ان يذبح أطفال المدينة ويغتسل بدمائهم فيبرأ من مرضه [2] . فأخذ جماعة من الأطفال ليذبحهم فصارت مناحة عظيمة في المدينة فأحجم عن قتلهم. وفي تلك الليلة رأى في منامه فطروس وفولوس يقولان له: وجه الى سيليبيطريس اسقف رومية فجئ به فهو يبرئ مرضك [3] . فلما أصبح وجه في طلبه.
فأتوه به ووعظ الملك وأوضح له سر النصرانية فدعا له. وتعمّد فذهب مرضه وأمر ببناء كنائس النصارى المهدومة. ومع هذا كان تمسكه بالدين واهيا [4] .
(قسطنطينوس قيصر القاهر)
ملك اثنتين وثلثين سنة. وفي السنة الثانية له ملك على الفرس سابور بن هرمزد تسعا وستين سنة. وفي السنة الثالثة لملكه أمر 1 فبني [5] لبوزنطيا سور فزاد في ساحتها اربعة أميال وسماها قسطنطينية ونقل الملك إليها. وفي السنة السابعة استعد لغز ومكسانطيس ابن بنت ذيوقليطيانوس لأنه عصى ولم يبايعه وغلب على رومية. وكان قسطنطينوس يتفكر الى اي الآلهة يلجئ امره في هذا الغزو.
فبينما هو في هذا الفكر رفع رأسه الى السماء نصف النهار فرأى راية الصليب في السماء مثال النور وكان فيه مكتوب ان بهذا الشكل تغلب. فصاغ له صليبا من ذهب وكان يرفعه في حروبه على رأس الرمح. ثم انه غزا رومية فخرج اليه مكسانطيس ووقع في نهر فاختنق. فافتتح قسطنطينوس مدينة رومية. واعتمد في هذا الوقت برومية من اليهود وعبدة الأصنام زهاء اثني عشر ألف خلا النساء والصبيان. ثم تنصرت هيلاني أمه بعد ذلك واعتمدت وشخصت الى أورشليم حاجّة وطلبت صليب المسيح بعناية وأمرت ببناء كنائس المسيح فيها وأخذت الصليب وحملته الى قسطنطينية. ولم يزل دين النصرانية يظهر ويقوى الى ان دخل فيه اكثر الأمم المجاورة للروم من الجلالقة والصقالبة وبرجان والروس واللان والأرمن والكرج وجميع اهل مصر من القبط وغيرهم وجمهور اصناف السودان من الحبشة والنوبة وسواهم. وآمن بعد هؤلاء اصناف من الترك ايضا.
[1-) ] والصواب انه ملك سنتين أخريين بعد ان اعتزل ذيوقليطيانوس الملك. ومات قبله بسبع سنين.
[2-) ] مرضه ر برصه.
[3-) ] مرضك ر برصك.
[4-) ] ان ما رواه المؤلف من مرض قسطنطيس والرؤيا التي رآها في المنام قد وافقه عليه سائر المؤرخين. الا انهم ينسبون ذلك الى ابنه قسطنطينوس القاهر. واعلم ان قسطنطيس لم يتنصر وان كان له عطفة على النصارى. وكان مقامه ببلاد الفرنجة المسماة لذلك العصر «غاليا» لا بمدينة رومية.
[5-) ] فبني سور ر فبنى سورا.
وبنى قسطنطينوس بيعة عظيمة بالقسطنطنية وسماها أجيا سوفيا اي حكمة القدوس.
وبيعة أخرى على اسم السلّيحين. وبنى بيعة بمدينة بعلبك وكان أهلها يتشاركون في النساء ولم يخلص لأحدهم نسب فكفّهم عن ذلك فكفّوا. وبنى بأنطاكية هيكلا ذا ثماني زوايا على اسم السيدة. وفي أيامه حاصر سابور ملك الفرس مدينة نصيبين ثلثين يوما. وبدعاء مار يعقوب اسقفها ومار افريم تلميذه رحل عنها خائبا. وفي عودته غزا ما بين النهرين. فنهض قسطنطينوس لمحاربته وعند وصوله الى نيقوموذيا أدركته المنية سنة اثنتين وأربعين وستمائة للإسكندر [1] وذلك يوم الأحد لثمان بقين من أيار وكان عمره خمسا وستين سنة. وفي مرضه قسم الملك على أولاده الثلاثة وملّك الكبير المسمى باسمه قسطنطينوس على قسطنطينية. ورتّب الآخر المسمى قسطنطيس على مصر والشام وما بين النهرين وارمينية. ورتب الصغير المسمى قوسطوس على رومية واسفانيا وما يليها من ناحية المغرب.
وفي هذا الزمان ظهر آريوس المبتدع. هذا كان قسيسا خطيبا بالاسكندرية. فعلا ذات يوم مشهود [2] المنبر ليخطب كعادته وابتدأ بخطبته من كلام سليمان بن داود وهو قوله: الرب خلقني في أول خلائقه. وأخذ يقرر انه عنى بذلك كلمة الله فهي مخلوقة مباينة بالجوهر لذات الله لأنها عبارة عن العقل الذي هو المعلول الاول وهو أول ما خلق الله. فكتب الملك كتابا الى جميع الاساقفة وقال فيه: انه لا شيء آثر عندي ولا أزين في عيني من خشية الله ومراقبته. وقد رأيت الآن ان تعزموا على القدوم الى مدينة نيقيا من غير وني لكي تفحصوا عن أمر دينيّ دعت الحاجة الى تحقيقه. فاجتمع ثلاثمائة وثمانية عشر اسقفا ونظروا فيما تفوه به آريوس فوجدوه مخالفا لاصل المذهب فزيّفوا علمه الفاسد ورتبوا الامانة المشهورة واجتمعت الفرق المسيحية كلها على صحتها الى يومنا هذا. وكان اجتماعهم سنة ستمائة وست وثلثين للإسكندر. وكان في هذا المجمع اسقف يرى رأي ناباطيس. فقال له الملك: لم لا توافق الجمهور في قبول من تاب عن معاصيه منيبا الى الله. فأجابه الأسقف: انه لا مغفرة لمن فرطت منه كبيرة بعد الايمان والعماد بدليل قول فولوس الرسول حيث يقول: لا يستطيع الذين ذاقوا كلمة الله ان يدّنّسوا بالخطيئة ليطهروا بالتوبة ثانية. فقال له الملك هازئا به: ان كان الأمر كما تزعم فانصب
[1-) ] والصواب سنة ثمان وأربعين وستمائة.
[2-) ] مشهود ر مشهور.