الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه وحاصروه عشرين يوما. فكتب الى عليّ: أترضى ان يقتل ابن عمك ويسلب ملكك. قال عليّ: لا والله. وبعث الحسن والحسين الى بابه يحرسانه. فتسوّر محمد ابن ابي بكر مع رجلين حائط عثمان فضربه أحدهم بغتة بمشقص في أوداجه وقتله الآخر والمصحف في حجره وذلك لعشر مضين من ذي الحجة سنة خمس وثلثين وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة بالتقريب وعمره نيّف وثمانون سنة [1] .
(عليّ بن ابي طالب)
لما قتل عثمان اجتمع الناس من المهاجرين والأنصار فأتوا عليّا وفيهم طلحة والزبير ليبايعوه. فقال عليّ لطلحة والزبير: ان أحببتما ان تبايعاني وان أحببتما بايعتكما. قالا له: لا بل نبايعك. فخرجوا الى المسجد وبايعه الناس يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة سنة خمس وثلثين للهجرة. وكان أول مبايعيه طلحة. وكان في إصبعه شلل فتطيّر منها حبيب بن ذؤيب وقال: يد شلاء لا يتمّ هذا الأمر ما أخلقه ان ينتكث. وتخلّف. عن بيعة عليّ بنو أمية ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص والوليد ابن عقبة. ولم يبايعه العثمانية من الصحابة وكانت عائشة تؤلّب [2] على عثمان وتطعن فيه وكان هواها في طلحة. فبينا هي قد أقبلت راجعة من الحج استقبلها راكب. فقالت:
ما وراءك. قال: قتل عثمان. قالت: كأني انظر الى الناس يبايعون طلحة. فجاء راكب آخر. فقالت: ما وراءك. قال: بايع الناس عليّا. قالت: وا عثماناه ما قتله الّا عليّ.
لاصبع من عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم. فقال لها رجل من أحوالها: والله اوّل من أمال حرفه لأنت. ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر. قالت: انهم استتابوه ثم قتلوه. ونعثل اسم رجل كان طويل اللحية وكان عثمان إذا نيل منه وعيّب شبّه به لطول لحيته. ثم انصرفت عائشة الى مكة وضربت فسطاطا في المسجد. وأراد عليّ ان ينزع معاوية عن الشام فقال له المغيرة بن شعبة: اقرار معاوية على الشام فانه يرضى بذلك.
وسأل طلحة والزبير ان يولّيهما البصرة والكوفة. فأبى وقال: تكونان عندي اتجمّل بكما فاني استوحش لفراقكما. فاستأذناه في العمرة فأذن لهما. فقدما على عائشة وعظّما أمر عثمان. ولما سمع معاوية بقول عائشة في عليّ ونقض طلحة والزبير البيعة ازداد قوة وجراءة وكتب الى الزبير: اني قد بايعتك ولطلحة من بعدك فلا يفوتكما [3] العراق. واعانهما بنو أميّة وغيرهم وخرجوا بعائشة حتى قدموا البصرة فأخذوا ابن حنيف أميرها من قبل
[1-) ] وسمي يوم قتله يوم الدار لأنهم هجموا عليه في داره وقتلوه بها.
[2-) ] تؤلّب ر تولّت.
[3-) ] يفوتكما ر يفوتنّكما.
عليّ فنالوا من شعره ونتفوا لحيته وخلّوا سبيله فقصد عليّا وقال له: بعثتني ذا لحية وقد جئتك امرد. قال: أصبت اجرا وخيرا. وقتلوا من خزنة بيت المال خمسين رجلا وانتهبوا الأموال. وبلغ ذلك عليّا فخرج من المدينة وسار بتسعمائة رجل. وجاءه من الكوفة ستة آلاف رجل. وكانت الوقعة بالخريبة. فبرز القوم للقتال وأقاموا الجمل وعائشة في هودج ونشبت الحرب بينهم فخرج عليّ ودعا الزبير وطلحة وقال للزبير: ما جاء بك. قال: لا أراك لهذا الأمر أهلا. وقال لطلحة: أجئت بعرس النبي تقاتل بها وخبّيت عرسك في البيت. اما بايعتماني. قالا: بايعناك والسيف على عنقنا. واقبل رجل سعديّ من اصحاب عليّ فقال بأعلى صوته: يا امّ المؤمنين والله لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون انه قد كان لك من الله ستر وحرمة فهتكت سترك وأبحت حرمتك. ثم اقتتل الناس. وفارق الزبير المعركة فاتبعه عمرو بن جرموز وطعنه في جربّان درعه فقتله. وامّا طلحة فأتاه سهم فأصابه فأردفه غلامه فدخل البصرة وأنزله في دار خربة ومات بها. وقتل تسعون رجلا على زمان الجمل. وجعلت عائشة تنادي:
البقيّة البقيّة. ونادى عليّ: اعقروا الجمل. فضربه رجل فسقط. فحمل الهودج موضعا وإذا هو كالقنفذ لما فيه من السهام. وجاء عليّ حتى وقف عليه وقال لمحمد بن ابي بكر:
انظر أحيّة هي أم لا. فأدخل محمد رأسه في هودجها. فقالت: من أنت: قال:
أخوك البرّ. فقالت: عقق. قال: يا أخيّة هل أصابك شيء. فقالت: ما أنت وذلك.
ودخل عليّ البصرة ووبخ أهلها وخرج منها الى الكوفة. ولما بلغ معاوية خبر الجمل دعا اهل الشام الى القتال والمطالبة بدم عثمان. فبايعوه أميرا غير خليفة. وبعث عليّ رسولا الى معاوية يدعوه الى البيعة. فأبى. فخرج عليّ من الكوفة في سبعين ألف رجل.
وجاء معاوية في ثمانين ألف رجل فنزل صفّين وهو موضع بين العراق والشام فسبق عليّا على شريعة الفرات. فبعث عليّ الأشتر النخعي فقاتلهم وطردهم وغلبهم على الشريعة.
ثم ناوشوا الحرب أربعين صابحا حتى قتل من العراقيين خمسة وعشرون ألفا ومن الشاميّين خمسة وأربعون ألفا. ثم خرج عليّ وقال لمعاوية: علام تقتل [1] الناس بيني وبينك.
أحاكمك الى الله عز وجل فأيّنا قتل صاحبه استقام الأمر له. فقال معاوية لأصحابه:
يعلم انه لا يبارزه احد الّا قتله. فأمرهم ان ينشروا المصاحف وينادوا: يا اهل العراق بيننا وبينكم كتاب الله ندعوكم اليه. قال عليّ: هذا كتاب الله فمن يحكم بيننا. فاختار الشاميّون عمرو بن العاص والعراقيّون أبا موسى الاشعري. فقال الأحنف: ان أبا موسى
[1-) ] تقتل ر نقتل.
رجل قريب القعر كليل الشفرة اجعلني مكانه آخذ لك بالوثيقة واضعك من هذا الأمر بحيث تحبّ. فلم يرض به اهل اليمن. فكتبوا القضية على ان يحكم الحكمان بكتاب الله والسنّة والجماعة وصيّروا الأجل شهر رمضان. ورحل عليّ الى الكوفة ومعاوية الى الشام. فلما دخل عليّ الكوفة اعتزل اثنا عشر ألفا من القرّاء وهم ينادونه: جزعت من البليّة ورضيت بالقضيّة وحكمت الرجال والله يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ. 6: 57 ثم اجتمع ابو موسى الاشعري وعمرو بن العاص للتحكم بموضع بين مكّة والكوفة والشام بعد صفّين بثمانية أشهر وحضر جماعة من الصحابة والتابعين. فقال ابن عباس لابي موسى: مهما نسيت فلا تنس ان عليّا ليست فيه خلّة واحدة تباعده من الخلافة وليس في معاوية خصلة واحدة تقرّبه من الخلافة. فلما اجتمع ابو موسى وعمرو للحكومة ضربا فسطاطا.
وقال عمرو: يجب ان لا نقول شيئا الا كتبناه حتى لا نرجع عنه. فدعا بكاتب وقال له سرا: ابدأ باسمي. فلما أخذ الكاتب الصحيفة وكتب البسملة بدأ باسم عمرو. فقال له عمرو: امحه وابدأ باسم ابي موسى فانه أفضل مني وأولى بأن يقدّم. وكانت منه خديعة. ثم قال: ما تقول يا أبا موسى في قتل عثمان. قال: قتل والله مظلوما. قال:
اكتب يا غلام. ثم قال: يا أبا موسى ان إصلاح [1] الأمة وحقن الدماء خير ممّا وقع فيه عليّ ومعاوية. فان رأيت أن تخرجهما وتستخلف على الأمة من يرضى به المسلمون فان هذه امانة عظيمة في رقابنا. قال: لا بأس بذلك. قال عمرو: اكتب يا غلام. ثم ختما على ذلك الكتاب. فلما قعدا من الغد للنظر قال عمرو: يا أبا موسى قد أخرجنا عليّا ومعاوية من هذا الأمر فسمّ له من شئت. فسمّى عدّة لا يرتضيهم عمرو. فعرف ابو موسى انه يتلعّب به.
ثم قال عمرو: ان هذا قد خلع صاحبه وانا ايضا خلعته كما خلعت هذا الخاتم من يدي. وافترقا. وعزم عليّ المسير الى معاوية. وبايعه ستون ألفا على الموت.
فشغلته الخوارج وقتالهم. وأخذ معاوية في تسريب السرايا الى النواحي التي يليها عمّال [2] عليّ وشنّ الغارات وبعث جيشا الى المدينة ومكّة. فبايعه بقية أهلها. ثم تعاقد ثلثة نفر من الخوارج داود [3] والبرك وابن ملجم ان يقتلوا عمرو بن العاص ومعاوية وعليّا ويريحوا العباد من أيمة الضلال. اما داود فانه أتى الى مصر ودخل المسجد وضرب خارجة
[1-) ] إصلاح ر صلاح.
[2-) ] عمال ر اعمال.
[3-) ] ويروى زادويه ودادويه. ويروى: عمرو بن بكير.