الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المهدي وهم في معسكر المعتصم بالمدائن سنة عشرين ومائتين: أنت أبا زكريا اخي ابن ابي. فقال يوحنا لإبراهيم: اشهد على إقراره فو الله لأقاسمنّه ميراثه من أبيه. فقال له بختيشوع: ان أولاد الزنا لا يرثون. فانقطع يوحنا ولم يحر جوابا. ومن الأطباء في ايام الرشيد صالح بن بهلة [1] الهندي. ومن عجيب ما جرى له ان الرشيد في بعض الأيام قدّمت له الموائد. فطلب جبريل بن بختيشوع يحضر اكله على عادته في ذلك فلم يوجد فلعنه الرشيد. فبينما هو في لعنته إذ دخل عليه. فقال له: اين كنت وطفق يذكره بشرّ.
فقال: ان اشتغل امير المؤمنين بالبكاء على ابن عمه ابراهيم بن صالح وترك تناولي بالسب كان أشبه. فسأله عن خبر ابرهيم. فأعلمه انه خلّفه وبه رمق ينقضي آخره وقت صلاة العتمة. فاشتد جزع الرشيد من ذلك وأمر برفع الموائد وكثر بكاؤه. فأشار جعفر ابن يحيى البرمكي ان يمضي صالح الطبيب الهندي اليه ويعاينه ويجس نبضه. فمضى وتأمله ورجع الى جعفر قائلا: ان مات هذا من هذه العلة كل امرأة في طالق ثلاثا بتاتا.
فلما كان وقت العتمة ورد كتاب صاحب البريد بوفاة ابراهيم على الرشيد فأقبل يلعن الهند وطبهم. فحضر صالح بين يدي الرشيد فقال: الله الله ان تدفن ابن عمك حيا فو الله ما مات. قم حتى أريك عجبا. فدخل اليه الرشيد ومعه جماعة من خواصه. فأخرج صالح ابرة كانت معه وأدخلها بين ظفر إبهام يده اليسرى ولحمه. فجذب ابراهيم يده وردها الى بدنه. فقال صالح: يا امير المؤمنين هل يحس الميت بالوجع. ثم نفخ شيئا من الكندس في أنفه. فمكث مقدار سدس ساعة ثم اضطرب بدنه وعطس وجلس وكلّم الرشيد وقبّل يده. وسأله الرشيد عن قضيته. فذكر انه كان نائما نوما لا يذكر انه نام مثله قط طيّبا الا انه رأى في منامه كلبا قد أهوى اليه فتوقّاه بيده فعض إبهام يده اليسرى عضة انتبه بها وهو يحسّ بوجعها وأراه موضع الابرة. وعاش ابراهيم بعد ذلك دهرا وولي مصر وتوفي بها وهناك قبره.
(الأمين بن الرشيد)
انتهى الأمر اليه بعد أبيه باثني عشر يوما. بويع له في عسكر الرشيد وكان المأمون حينئذ بمرو. وفي سنة اربع وتسعين ومائة قدم الفضل ابن الربيع العراق من طوس ونكث عهد المأمون وسعى في إغراء الأمين وحثه على خلع المأمون والبيعة لابنه موسى بولاية العهد. فأمر الأمين بالدعاء على المنابر لابنه موسى ونهى عن الدعاء للمأمون. وأمر بابطال ما ضرب المأمون من الدراهم والدنانير بخراسان.
وندب الأمين عليّ بن عيسى بن ماهان للقاء المأمون. ولما عزم على المسير من بغداد
[1-) ] بهلة ر نهلة.
ركب الى باب زبيدة ام الأمين ليودّعها. فقالت له: يا عليّ اعرف لعبد الله المأمون حق ولادته ولا تقتسره اقتسار العبيد إذا ظفرت به ولا تعنف عليه في السير وان شتمك فاحتمله. ثم دفعت اليه قيدا من فضة وقالت: قيده بهذا القيد. ثم خرج عليّ في عشرة آلاف فارس. وبلغ الخبر المأمون فتسمى بأمير المؤمنين وانهض هرثمة بن أعين في اقل من اربعة آلاف فارس وعلى مقدمته طاهر بن الحسين. ثم خرج طاهر في أصحابه من الري على خمسة فراسخ. وسار اليه عليّ وزحف الناس بعضهم الى بعض وحملت ميمنة عليّ وميسرته على ميسرة طاهر وميمنته فأزالتاهما عن موضعيهما. وحمل قلب طاهر على قلب عليّ فهزموه. ورجع المنهزمون من معسكر طاهر على من بازائهم فهزموهم. ورمى رجل اسمه داود شاه عليّا بسهم فقتله. وحمل رأسه الى طاهر وأنفذه الى المأمون. وكان عليّ قليل الاحتياط من طاهر. وكان يقول لأصحابه: ما بينكم وبين ان ينقصف طاهر انقصاف الشجر من الريح الا ان نعبر [1] عقبة همذان. ولما قتل عليّ بعث المأمون الى طاهر بالهدايا وأمره ان يمضي الى العراق. فأخذ طاهر على طريق الأهواز وأخذ هرثمة على طريق حلوان. فشغب الجند على محمد الأمين ووثبوا عليه وخلعوه وحبسوه مع أمه زبيدة وولده. ثم أخرجوه وبايعوه وكان حبسه يومين. ثم حاصر طاهر وهرثمة محمدا الأمين وجعلا يحاربان أصحابه سنة ببغداد فقل أصحابه وخفت يده من المال وضعف أمره. فوجه الى هرثمة يسأله الامان. فأمنه وضمن له الوفاء من المأمون. فلما علم ذلك طاهر اشتد عليه وأبي ان يدعه يخرج الى هرثمة وقال: هو في حيّزي والجانب الذي انا فيه وانا أخرجته بالحصار حتى طلب الامان فلا ارضى ان يخرج الى هرثمة فيكون له الفتح دوني. وكان الأمين يكره الخروج الى طاهر لمنام رآه. فلما كان ليلة الأحد لخمس بقين من محرم سنة ثماني وتسعين ومائة خرج بعد العشاء الآخرة الى صحن الدار ودعا بابنيه وضمهما اليه وقبلهما وقال: استودعكما الله عز وجل. ثم جاء راكبا الى الشط. فإذا حراقة هرثمة فصعد إليها وأمر هرثمة الحراقة ان تدفع. فأدركهم اصحاب طاهر في الزواريق وحملوا على الحراقة بالنفط والحجارة فانكفأت بمن فيها وسقط هرثمة الى الماء فتعلّق الملاح بشعره فأخرجه. واما الأمين فانه لما سقط الى الماء شق ثيابه وسبح حتى خرج بشط البصرة. فأخذه اصحاب طاهر وجاءوا الى بيت وهو عريان عليه سراويل وعمامة وعلى كتفه خرقة خلقة فحبسوه هناك. فلما انتصف الليل دخل عليه قوم من العجم معهم
[1-) ] نعبر ر يعبر.