المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(موسى بن عمرم) - تاريخ مختصر الدول - جـ ١

[ابن العبري]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الدولة الاولى للأولياء قبل الدّخول إلى أرض الميعاد

- ‌(آدم)

- ‌(شيث بن آدم)

- ‌(انوش بن شيث)

- ‌(قينان بن انوش)

- ‌(مهلالايل بن قينان)

- ‌(يرد بن مهلالايل)

- ‌(حنوخ [1] بن يرد)

- ‌(متوشلح بن حنوخ)

- ‌(لمك بن متوشلح)

- ‌(شام بن نوح)

- ‌(أرفخشد بن شام)

- ‌(قينان بن أرفخشد)

- ‌(شالح بن قينان)

- ‌(عابر بن شالح)

- ‌(فالغ بن عابر)

- ‌(ارعو بن فالغ)

- ‌(ساروغ بن ارعو)

- ‌(ناحور بن ساروغ)

- ‌(ترح بن ناحور)

- ‌(ابراهيم بن ترح)

- ‌(اسحق بن ابرهيم)

- ‌(يعقوب بن اسحق)

- ‌(لاوي بن يعقوب)

- ‌(قاهاث بن لاوي)

- ‌(عمرم بن قاهاث)

- ‌(موسى بن عمرم)

- ‌الدولة الثانية المنتقلة من الأولياء الى القضاة قضاة بني إسرائيل

- ‌(أيشوع [1] بن نون)

- ‌(فينحاس [1] بن اليعازر بن هرون الكاهن)

- ‌(كوشن الأثيم [3] المتغلّب)

- ‌(عثنائيل)

- ‌(عجلون)

- ‌(اهور بن جارا)

- ‌(شمغر بن عناث)

- ‌ يابين ملك حاصور

- ‌(دبورا النبيّة وبارق)

- ‌(المذيانيّون)

- ‌(جذعون)

- ‌(ابيملك بن جذعون)

- ‌(تولع بن فوا)

- ‌(يائير الجلعدي)

- ‌(العمونيّون)

- ‌(يفتاح)

- ‌(ابيصان)

- ‌(الون)

- ‌(ابدون [3] بن هليان)

- ‌(الفلسطينيون)

- ‌(شمشون الجبّار المتقشف)

- ‌(مشايخ الأمّة)

- ‌(عالي الكاهن)

- ‌(شموايل النبيّ)

- ‌الدولة الثالثة المنتقلة من قضاة بني إسرائيل إلى ملوكهم

- ‌(شاول)

- ‌(داود بن ايشي)

- ‌ سليمان بن داود

- ‌(رحبعم بن سليمان)

- ‌(ابيّا بن رحبعم)

- ‌(آسا بن ابيّا)

- ‌(يوشافاط بن آسا)

- ‌(يورم بن يوشافاط)

- ‌(احزيا بن يورم)

- ‌(عثليا ام احازيا)

- ‌(يواش بن احزيا)

- ‌(اموصيا بن يواش)

- ‌(عوزيا بن اموصيا [1]

- ‌(يوثم بن عوزيا)

- ‌(أحاز بن يوثم)

- ‌(حزقيا بن أحاز)

- ‌(منشا بن حزقيا)

- ‌(امون بن مناشا)

- ‌(يوشيا بن امون)

- ‌(يهواحاز بن يوشيا)

- ‌(يوياقيم بن يوشيا)

- ‌(يوياخين [3] بن يوياقيم)

- ‌ صدقيا بن يوشيا

- ‌الدولة الرّابعة المنتقلة من ملوك بني إسرائيل الى ملوك الكلدانيّين

- ‌(بختنصّر بن نبوفلسّر)

- ‌(أول مرودخ بن بختنصر)

- ‌(بلطشاصر بن بختنصّر)

- ‌(داريوش المادي [1]

- ‌(كورش الفارسي)

- ‌(قمباسوس بن كورش)

- ‌(داريوش بن بشتسب [2] :

- ‌(احشيرش بن داريوش)

- ‌(ارطبانس)

- ‌(ارطحششت الطويل اليدين)

- ‌(احشيرش الثاني)

- ‌ سغدينوس [5]

- ‌(داريوش نوثوش [6]

- ‌(ارطحششت الثاني)

- ‌(ارطحششت الثالث)

- ‌(ارسيس [3] بن اوخوس)

- ‌(داريوش بن ارشك)

- ‌الدولة السّادسة المنتقلة من ملوك الفرس المجوس إلى ملوك اليونانيّين الوثنيّين

- ‌ الإسكندر بن فيليفوس

- ‌(بطلميوس بن لاغوس)

- ‌(بطلميوس فيلاذلفوس)

- ‌(بطلميوس اورغاطيس)

- ‌(بطلميوس فيليفاطور)

- ‌(بطلميوس افيفانوس)

- ‌(بطلميوس فيلوميطور)

- ‌(بطلميوس اورغاطيس الثاني)

- ‌(بطلميوس فيسقوس)

- ‌ بطلميوس فيسقوس

- ‌(بطلميوس الاكسندروس)

- ‌(بطلميوس ذيانوسيوس)

- ‌(قلاوفطرا)

- ‌(اغوسطس قيصر)

- ‌(طيباريوس قيصر)

- ‌(غاييوس قيصر)

- ‌(قلوذيوس قيصر)

- ‌(نارون قيصر)

- ‌(اسفسيانوس قيصر)

- ‌(طيطوس قيصر)

- ‌(ذوميطيانوس قيصر)

- ‌(طريانوس قيصر)

- ‌(اذريانس قيصر)

- ‌(طيطوس انطونيانس قيصر)

- ‌(مرقوس اورليوس قيصر)

- ‌(فرطيناخس قيصر)

- ‌(سوريانس قيصر)

- ‌(انطونيانس قيصر)

- ‌(ماقرينوس قيصر [2]

- ‌(انطونيانس قيصر المعروف باليوغالي)

- ‌(الإسكندروس قيصر)

- ‌(مكسيميانوس قيصر)

- ‌(غورديانس [5] قيصر)

- ‌(فيليبوس قيصر)

- ‌(ذوقيوس قيصر)

- ‌(غالوس قيصر)

- ‌(اولارينوس قيصر)

- ‌(غالوس قيصر الثاني)

- ‌(قلوذيس قيصر)

- ‌(اورلينوس قيصر)

- ‌(ططقيطوس قيصر)

- ‌(فروبوس قيصر)

- ‌(قاروس قيصر)

- ‌(ذيوقليطيانوس قيصر)

- ‌(قسطنطيس قيصر الكبير)

- ‌(قسطنطينوس قيصر القاهر)

- ‌(قسطنطينوس وقسطوس وقسطنطيس)

- ‌(يوليانوس قيصر)

- ‌(يوينيانس قيصر)

- ‌(اولنطيانس قيصر)

- ‌(واليس قيصر)

- ‌(غراطيانس قيصر)

- ‌(ثاوذوسيوس قيصر الكبير)

- ‌(ارقاذيوس قيصر)

- ‌(ثاوذوسيوس قيصر الصغير)

- ‌(مرقيانوس قيصر)

- ‌(لان قيصر) :

- ‌(لاونطيوس قيصر)

- ‌(زينون قيصر)

- ‌(انسطس قيصر)

- ‌(يوسطينيانس قيصر [4]

- ‌(يوسطينيانس قيصر الصغير)

- ‌(يوسطينيانس قيصر الثالث)

- ‌الدولة الثامنة المنتقلة من ملوك الإفرنج إلى ملوك اليونانيين المتنصّرين

- ‌ طيباريوس قيصر

- ‌(موريقي قيصر)

- ‌(فوقا قيصر)

- ‌(هرقل قيصر)

- ‌(محمد بن عبد الله عليه السلام

- ‌(ابو بكر الصديق)

- ‌(عمر بن الخطاب)

- ‌(عثمان بن عفّان)

- ‌(عليّ بن ابي طالب)

- ‌(الحسن بن عليّ بن ابي طالب)

- ‌(معاوية بن ابي سفيان)

- ‌ يزيد بن معاوية

- ‌(معاوية بن يزيد)

- ‌(مروان بن الحكم)

- ‌(عبد الملك بن مروان)

- ‌(الوليد بن عبد الملك)

- ‌(سليمان بن عبد الملك)

- ‌ عمر بن عبد العزيز

- ‌(يزيد بن عبد الملك)

- ‌(هشام بن عبد الملك)

- ‌(الوليد بن يزيد بن عبد الملك)

- ‌ يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌(ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك)

- ‌(مروان بن محمد بن مروان بن الحكم)

- ‌(ابو العباس السفاح)

- ‌(ابو جعفر المنصور)

- ‌(المهدي بن المنصور)

- ‌(الهادي بن المهدي)

- ‌(هرون الرشيد بن المهدي)

- ‌(الأمين بن الرشيد)

- ‌(المأمون بن الرشيد)

- ‌(المعتصم بن الرشيد)

- ‌(الواثق بالله هرون بن المعتصم)

- ‌(المتوكل على الله جعفر بن المعتصم)

- ‌(المنتصر بن المتوكل)

- ‌(المستعين احمد بن محمد بن المعتصم)

- ‌(المهتدي بن الواثق)

- ‌(المعتمد بن المتوكل)

- ‌(المعتضد بن الموفق)

- ‌(المكتفي بن المعتضد)

- ‌(المقتدر بن المعتضد)

- ‌(القاهر بن المعتضد)

- ‌(الراضي بن المقتدر)

- ‌(المتّقي بن المقتدر)

- ‌(المستكفي بن المكتفي)

- ‌(المطيع بن المقتدر)

- ‌(الطائع بن المطيع)

- ‌(القادر بن اسحق بن المقتدر)

- ‌(القائم بن القادر)

- ‌(المقتدي بن محمد بن القائم)

- ‌(المستظهر بن المقتدي)

- ‌(المسترشد بن المستظهر)

- ‌(الرشيد بن المسترشد)

- ‌(المقتفي بن المستظهر)

- ‌(المستنجد بن المقتفي)

- ‌(المستضي بن المستنجد)

- ‌(الناصر بن المستضيء) :

- ‌(الظاهر بن الناصر) :

- ‌(المستنصر بن الظاهر)

- ‌(المستعصم بن المستنصر) :

- ‌الدولة العاشرة المنتقلة من ملوك العرب المسلمين الى ملوك المغول

- ‌(هولاكو بن تولي خان [1]

- ‌(جلوس قوبلاي قاان على كرسي المملكة) :

- ‌(اباقا ايلخان)

- ‌(السلطان احمد)

- ‌(ارغون ايلخان)

الفصل: ‌(موسى بن عمرم)

فرعون امونفاثيس [1] خانق مولودي العبرانيين فوجدته ابنة فرعون هذا واتخذته ولدا وسلمته الى يانيس ويمبريس الحكيمين فعلماه الحكمة وقصة تعلّمه منهما غير مذكورة في التوراة وقد ذكرها الرسول بولس نقلا عن ارسطامونيس [2] .

(موسى بن عمرم)

بعد ما أتت عليه أربعون سنة من عمره وهو في بيت فرعون رأى شخصا مصريا يفتري على شخص اسرائيلي فالتفت الى جوانبه فلم ير أحدا فضربه وقتله. وبعد ايام رأى اسرائيليين يتخاصمان فأخذ ينكر عليهما. فقال له أحدهما: من جعلك علينا واليا قد جئت تقتلنا كما قتلت بالأمس المصري. ففزع موسى لئلا يظهر ذلك لفرعون فهرب الى ارض العرب وتزوج صافورا الزنجية ابنة يثرون بن رعوئيل المدينيّ ابن دادان بن يقش [3] بن ابرهيم من قنطورا زوجته التركية. وولدت صافورا الزنجية لموسى ابنين أحدهما جرشون اي الغريب والآخر ايليعازر اي الله اعانني. ولما بلغ موسى ثمانين سنة وكان يرعى غنم يثرون حميه، تراءى له ملاك الرب في جبل حوريب وهو طور سينا بلهيب النار في العوسج والعوسج لا يحترق فدعاه الله من العوسج قائلا:

يا موسى يا موسى. فقال: ها انا. فقال له: حلّ نعليك من قدميك لان المكان الذي أنت قائم عليه مقدس. ثم قال له الرب: قد سمعت استغاثة شعبي من المصريين ونزلت لخلاصهم على يدك. فقال موسى: من انا حتى امضي الى فرعون رسولا. فقال له الله:

انا أكون معك. قال موسى: فان قالوا لي ما اسم ربك ماذا أقول لهم. قال: قل اهيا اشر اهيا اي الازلي الذي لا يزال. فقال موسى: ان لساني الثغ ثقيل النطق كيف يقبل مني فرعون. قال الله له: اني قد جعلتك إلها لفرعون وهرون أخاك نبيا بين يديك يقول لفرعون ما تقص عليه فيرسل ابني بكري إسرائيل وانا أقسّي قلب فرعون فلا يطيعكما فأظهر آياتي بأرض مصر. فلما مضيا موسى وهرون الى فرعون بالرسالة قال لهما:

اصنعا لي آية. فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ 26: 45 تنيّن. فدعى فرعون السحرة ففعلوا كذلك فابتلعت عصا موسى عصيّهم. ومع هذا أبى فرعون ان يرسلهم. فصنع الرب بمصر من الآيات ما قد شرح في التورية من تغيّر الماء دما واظهار الجراد والضفدع والظلام والحشرات والنار وغير ذلك. وفي الليلة التي قتل الله فيها جميع أبكار المصريين من بكر

[1-) ] وهو المعروف الآن باسم امينوفيس وهو ابو رعمسيس الثاني المشهور عند اليونيين باسم سيزوسترس الذي وجدت جثته منذ عهد قريب.

[2-) ] ارسطامونيس س [؟] ارطمونيس.- انما ذكر بولس الرسول هذه القصة نقلا عن تقليد قديم لليهود. وقد ورد ذكر هذين الحكيمين في الرسالة الثانية الى تيموتاوس (ص 3 ع 8) .

[3-) ] يقش ص يقشن س [؟] .

ابن العبري- 2

ص: 17

فرعون وما دون اذن فرعون لموسى وهرون ان يخرجا بني إسرائيل من مصر ويمضون ويعبدون امام الرب ثم يعودون الى مصر. فاستعار بنو إسرائيل من جيرانهم حلي الذهب والفضة والملابس الفاخرة بحجة العود وخرجوا من مصر ستمائة ألف رجل سوى الحشم والأثقال بعد ان تم لهم بمصر اربعمائة سنة وثلثون سنة. ولما لم يرجعوا لما أمروا اتّبعهم فرعون وجنوده.

فدمدم بنو إسرائيل على موسى قائلين: قد كان الأصلح ان نخدم المصريين ولا نهلك في البر فضرب موسى بعصاه البحر فانفلق وعبر بنو إسرائيل فيه. ودخل فرعون وجنوده خلفهم فغرقوا. وسار بنو إسرائيل في البر أياما. ثم ثاروا على موسى قائلين: كنا نؤثر الموت بمصر ولا نموت بالجوع في هذا البر. فأمطرهم الله تعالى الخبر من السماء وانزل عليهم المن والسلوى وكان الغمام يظلهم نهارا وعمود نار يضيئهم ليلا سائرا بين أيديهم. وقال الله لموسى: اصعد اليّ أنت وهرون وناذاب وابيهو ولداه وسبعون شيخا. ففعلوا ذلك ودنا موسى وحده والباقون وقفوا أسفل الجبل فعرّفهم موسى وصايا الله ثم نزلوا واقام موسى بالجبل أربعين يوما صائما. وتقدم الله اليه بالفرائض مكتوبة في لوحين من حجر. ولما استبطأ بنو إسرائيل مجيء موسى قالوا لهرون: قم اعمل لنا إلها يمضي امامنا لان أخاك ما نعلم ما كان منه. واحضروه حلي الذهب التي لنسائهم وأولادهم وصاغ منها عجلا وقال: هذا إلهك يا إسرائيل الذي أخرجك من مصر. ولما عاد موسى وعرف فعلهم غضب غضبا شديدا وضرب باللوحين سفح الجبل وكسرهما وألقى العجل في النار وبرد سبيكته بالمبارد ناعما وألقاه في البحر وأمر بني إسرائيل ان يشربوا منه جميعهم وقال لبني لاوي: الرب يأمركم ان يقتل الرجل منكم أخاه ونسيبه. فقتل منهم ثلثة آلاف رجل.

ثم رقي موسى للجبل مرة ثانية ومعه لوحان آخران من حجر واقام فيه أربعين يوما صائما طاويا لياليها وعاد نازلا وبيده اللوحان مكتوبا فيهما العشر وصايا وهي: الرب إلهك واحد. لا تحنث في يمينك. احفظ يوم السبت. أكرم والديك. لا تقتل. لا تزن.

لا تسرق. لا تشهد بالزور. لا تتمنّ منزل أخيك. لا تتمنّ قنية رفيقك. وقال الله:

ملعون من يشتم والديه. ملعون من يظلم جاره. ملعون من يضل الأعمى عن السبيل.

ملهون من يحيف في القضاء على اليتيم والمسكين. ملعون من يضاجع أخته ومن يلامس امرأة أبيه ومن يضرب صاحبه غيلة ومن يرشو في قتل نفس. ملعون من لا يثبت على هذه السنن. فان أنتم خالفتموها تزرعون ويأكل زرعكم أعداؤكم وتنهزمون من غير ان يطردكم احد وأرسل عليكم الوحوش فتفنيكم ولا تشبعون طعاما ولا تروون ماء ولا تقبل لكم صلاة واخرّب أرضكم وابدّدكم بين الأمم المبغضة لكم واختسّ قدركم. وقال

ص: 18

الله لموسى: قل لبني إسرائيل يفردون لي ذهبا وفضة ونحاسا وثياب أرجوان وقزا وإبريسما ومرعزّى وأديما وخشب شمشار ويعملون لي مسكنا بينهم زمان تقلّبهم خارج ارض الميعاد ويكون أخوك هرون وبنوه يلهبون السرج فيه من العشاء الى الصباح. فعملوا كما أمرهم الله تعالى وسار بنو إسرائيل وموسى امامهم يعدّ لهم منزلا. وتغطرس هرون ومريم على موسى لأجل زوجته الزنجية وقالا: ألعلّ موسى وحده كلمه الله فمعنا ايضا قد تكلم.

فقال لهما الله: ان تمّت نبوؤتكما فاني سرا اتجلى عليكما واما موسى فقد ائتمنته على بيتي ومن فم لفم اكلّمه. وعند ذلك برصت مريم وابيض جسمها كالثلج. وتضرع موسى الى الله ان يطهّرها. فقال الله: لو ان أباها تفل في وجهها لكان يجب ان تستحي منه فلتنعزل عن الحلّة سبعة ايام ثم تدخل. ففعلت وطهرت. فجاء بنو إسرائيل الى البرّ المعروف بصين. وماتت هناك مريم اخت موسى وهرون ودفنت حيث توفيّت. ثم جاءوا الى جبل هور ومات هناك هرون وولي مكانه ايليعازر ابنه. ولما عبر بنو إسرائيل نهر الاردنّ قال الله: يا إسرائيل ان عملت بوصايا إلهك بوركت في قريتك بوركت في حقلك بورك ثمار كرومك وولد بعيرك يسلم الله عدوك في يديك ويجيئك من طريق واحد ويهرب في سبع طرق يبارك الله الأرض التي يعطيك ويجعلك له شعبا مقدسا كوعده لك. وان خالفت هذه الوصايا تنقلب بركاتك لعنات ويبددك الله في جميع الأمم ويعطيك قلبا فزعا ووجع العين ورماك بالنيّط وتكون مرعوبا بالليل والنهار.

أقول تأمل ايها القارئ كيف جعل الله وعده ووعيده لبني إسرائيل مقصورين على ما يرونه في دنياهم من غير ان يذكر لهم شيئا من احوال الآخرة وامور المعاد وذلك لغلظ طباعهم وقصورهم عن النظر الى العالم الروحانيّ.

ثم اوحى الله الى موسى قائلا: ها أنت ماض في طريق آبائك فادع يوشع بن نون تلميذك وأوصه بان يقوم بتدبير هذا الشعب فاني اعلم انه يضل بعد موتك ويتخذ الأصنام ويعبدها فيحل غضبي بهم فيلحقهم بؤس وذل. ولست أورثهم ارض الجبابرة المغلة عسلا ولبنا من قبل ورعهم وصلاحهم لكن لسوء اعمال سكانها قبلهم ولما وعدت به آباءهم ابرهيم واسحق ويعقوب. فلما فرغ موسى مما اوصى به يوشع بن نون خاصة وبني إسرائيل عامة أصعده الله الى جبل نابو وأراه ارض كنعان وهي ارض الميعاد التي سيورثها لبني إسرائيل. ومات هناك ودفنته الملائكة من غير ان يعرف له قبر الى آخر الدهر. وكانت سنّه مائة وعشرين سنة ولم يضعف بصره ولم تتشنج وجنتاه. ويوشع بن نون امتلأ روح الحكمة بوضع موسى يده عليه وأطاعه بنو إسرائيل. فمن آدم الى وفاة موسى على الرأي

ص: 19

السبعيني ثلثة آلاف وتسعمائة واحدي وخمسون [1] سنة وعلى رأي اليهود الفان واربعمائة واحدي وتسعون سنة.

وقيل في زمان موسى صار طوفان ثالث في تاساليا. وانونيوس [2] الحكيم أوجد علم السيميا. وخيرون اخترع الطب. وما يندروس [3] استنبط نوعا من الشعر يسمى قوموذيا وفيه يذكر الرذائل والاهاجي والقبائح المشتركة بين الناس والبهائم. واستنبط آخر نوعا آخر من الشعر يسمّى طراغوذيا وفيه يذكر الفضائل والمدائح والمرائي المشتركة بين الناس والملائكة. وزعم المعنيون بتعريف طبقات الأمم انه كان بمصر بعد الطوفان علماء بضروب علوم الفلسفة من الرياضية والطبيعية والالهية وخاصة بعلم الكيمياء والطلسمات والنيرنجيات والمراءي المحرقة. وتصديق ذلك قول الله في التوراة عن موسى انه حذق جميع حكم المصريين. وكانت دار الملك والعلم بمصر في قديم الدهر مدينة منف. فلما بنى الإسكندر الاسكندرية رغب الناس في عمارتها لحسن هوائها وطيب مائها وكانت دار العلم والحكمة بمصر الى ان تغلّب عليها المسلمون واختط عمرو بن العاص على نيل مصر المدينة المعروفة بفسطاط عمرو فانسرب العرب والعجم لسكناها فصارت قاعدة مصر.

[1-) ](3951) س على رأي انيانوس (3851) وعلى الرأي السبعيني (3882) وفي النسخة العبرانية والسريانية (2500) .

[2-) ] ويروى انوميوس. ولعل انونيوس تصحيف زينون لاشتباه حرفي الألف والزاي بالسريانية. الا ان زينون كان بعد هذا الزمان بمدة طويلة.

[3-) ] مايندروس س [؟] منندروس.- مينندروس مستنبط القوميديا توفي سنة 290 قبل المسيح.

فيكون بعد زمن موسى بأكثر من ألف ومائتي سنة.

ص: 20