الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أشهر وكانت خلافته تسع عشرة سنة وثمانية أشهر [1] وامّه امّ ولد ارمنيّة تسمّى أرجوان أدركت خلافته وخلافة ابنه المستظهر وخلافة ابن ابنه المسترشد.
وفي سنة ثلث وسبعين واربعمائة مات يحيى بن عيسى بن جزلة الطبيب البغداديّ وكان رجلا نصرانيا قد قرأ الطبّ على نصارى الكرخ [2] الذين كانوا في زمانه وأراد قراءة المنطق فلم يكن في النصارى المذكورين في ذلك الوقت من يقوم بهذا الشأن وذكر له ابو عليّ بن الوليد شيخ المعتزلة في ذلك الوقت ووصف بانه عالم بعلم [3] الكلام ومعرفة الألفاظ المنطقية فلازمه لقراءة المنطق. فلم يزل ابن الوليد يحسّن له الإسلام حتى استجاب وأسلم فسرّ بإسلامه ابو عبد الله الدامغاني قاضي القضاة يومئذ وقرّبه وأدناه ورفع محلّه بان استخدمه في كتابة السجلّات بين يديه وكان مع اشتغاله بذلك يطبّ اهل محلّته وسائر معارفه بغير اجرة ولا جعالة بل احتسابا [4] ومروءة ويحمل إليهم الادوية بغير عوض. ولما مرض مرض موته وقف كتبه لمشهد الامام ابي حنيفة. ومن مشاهير تصانيفه كتاب المنهاج وكتاب تقويم الأبدان مجدول.
(المستظهر بن المقتدي)
لما توفي المقتدي بأمر الله أحضر ولده ابو العباس احمد فبويع له ولقب المستظهر بالله وذلك في سنة سبع [5] وثمانين واربعمائة. (وفيها قتل السلطان بركيارق عمّه تكش وغرّقه وقتل ولده معه)[6] . وفي سنة ثمان [7] وثمانين قتل تتش [8] ابن ألب ارسلان واستقام الأمر والسلطنة لبركيارق. وفيها في ذي الحجة توفي المستنصر بالله بن الظاهر لاعزاز دين الله العلويّ صاحب مصر والشام وكانت خلافته ستين سنة وعمره سبعا وستين سنة وولي بعده ابنه ابو القاسم احمد ولقّب المستعلي بالله [9] . وفي
[1-) ] ويروى في كتابي الكامل والدولة الاتابكية لابن الأثير: خمسة أشهر س خمسة أشهر.
[2-) ] ويروى الكرج.
[3-) ] ويروى بسلّم الكلام.
[4-) ] ويروى إحسانا.
[5-) ] سبع ر ثماني.
[6-) ] ما طوقناه بهلالين نظنه زيادة من النساخ لان عم بركيارق هو تتش.
[7-) ] وفي سنة ثمان وثمانين ر وفيها.
[8-) ] تتش ر بقش.
[9-) ] كان المستنصر قد عهد بالخلافة لابنه نزار فخلعه الأفضل وبايع المستعلي بالله فهرب نزار الى الاسكندرية فبايعه اهل الاسكندرية وسموه المصطفى لدين الله فخطب الناس ولعن الأفضل فسار اليه الأفضل فحصره وتسلم المستعلي نزارا فبنى عليه حائطا فمات.
سنة تسع وثمانين حكم المنجمون بطوفان يكون في الناس يقارب طوفان نوح. فأحضر الخليفة ابن عيسون المنجم فسأله. فقال: ان في طوفان نوح اجتمعت الكواكب السبعة في برج الحوت والآن فقد اجتمع ستة منها وليس فيها زحل فلو كان معها لكان مثل طوفان نوح ولكن أقول ان مدينة او بقعة من الأرض يجتمع فيها عالم كثير من بلاد كثيرة فيغرقون. فخافوا على بغداد لكثرة من يجتمع فيها من البلاد فأحكمت المسنّيات والمواضع التي يخشى منها الانفجار. فاتفق ان الحجّاج نزلوا في وادي المناقب فأتاهم سيل عظيم فأغرق أكثرهم ونجا من تعلّق بالجبال وذهب المال والدوابّ والأزواد. فخلع الخليفة على المنجم. وفي سنة تسعين واربعمائة قتل ملك خراسان ارسلان ارغون بن ألب ارسلان أخو السلطان ملكشاه قتله غلام له. فقيل له: لم فعلت هذا. فقال: لا ريح الناس من ظلمه. ثم ملك بركيارق خراسان وسلمها الى أخيه الملك سنجر. وفي سنة احدى وتسعين جمع بردويل ملك الافرنج [1] جمعا كثيرا وخرج الى بلاد الشام وملك انطاكية. وكان الافرنج قبل هذا قد ملكوا مدينة طليطلة من بلاد الأندلس وغيرها ثم قصدوا جزيرة سقليّة فملكوها وتطرقوا الى أطراف افريقية فملكوا منها شيئا. فلما سمع قوام الدولة كربوقا [2] بحال الافرنج وملكهم انطاكية جمع العساكر وسار الى الشام ونزل على انطاكية وحاصرها وفيها من الملوك بردويل وسنجال وكندفري والقومص صاحب الرها وبيموند صاحب انطاكية. وقلّت الأقوات عندهم فأرسلوا الى كربوقا يطلبون منه الامان ليخرجوا من البلد فلم يعطهم وقال: لا تخرجون الا بالسيف. وكان مع الافرنج راهب مطاع فيهم وكان داهية من الرجال فقال لهم: ان فطروس السليح كان له عكازة ذات زجّ مدفونة بكنيسة القسيان [3] فان وجدتموها فإنكم تظفرون والا فالهلاك متحقق.
وأمرهم بالصوم والتوبة ففعلوا ذلك ثلثة ايام. فلما كان اليوم الرابع أدخلهم الموضع جميعهم ومعهم عامّتهم وحفروا عليها في جميع الأماكن فوجدوها كما ذكر. فقال لهم: أبشروا بالظفر. فقويت عزيمتهم وخرجوا اليوم الخامس من الباب متفرّقين من خمسة وستة ونحو ذلك. فقال المسلمون لكربوقا [2] : ينبغي ان تقف على الباب فتقتل كلّ من خرج.
فقال: لا تفعلوا لكن امهلوهم حتى يتكامل خروجهم فنقتلهم. فلما تكاملوا ولم يبق بأنطاكية احد منهم ضربوا مصافّا عظيما فولّى المسلمون منهزمون وآخر من انهزم
[1-) ] لم يكن ملك الفرنج بل من امرائهم والذي أوهم المؤلف هو انه ملك على أورشليم.
[2-) ] كربوقا ر كدبوقا.
[3-) ] هي الحربة التي طعن بها جنب المسيح وكانت مدفونة في كنيسة القديس بطرس الرسول بالقرب من المذبح.
وقد روى هذا الخبر ثقات من المؤرخين كريموند دي اجيل وكان ممن شهدوا المعجزة.
سقمان [1] بن ارتق فقتل الافرنج منهم الوفا وغنموا ما في العسكر من الأقوات والأموال والدواب والاسلحة فصلحت حالهم وعادت إليهم قوّتهم وساروا الى معرّة النعمان فملكوها.
وفي سنة اثنتين وتسعين واربعمائة لما رأى المصريّون ضعف الأتراك صاروا الى البيت المقدس وحصروه وبه الأمير سقمان وايلغازي ابنا ارتق التركماني وابن عمهما سونج ونصبوا عليه نيّفا وأربعين منجنيقا وملكوه [2] بالأمان وخرج عنه سقمان وأصحابه واستناب المصريّون فيه رجلا يعرف بافتخار الدولة. فقصده الافرنج ونصبوا عليه برجين وملكوه من الجانب الشمالي وركب الناس السيف ولبث الافرنج في البلد أسبوعا يقتلون فيه المسلمين. وقتل بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفا [3] وغنموا منه ما لا يقع عليه الإحصاء. وفي سنة ثلث وتسعين جرى حرب بين السلطان بركيارق وبين أخيه السلطان محمد وانهزم بركيارق وتنقّل في البلاد الى أصفهان. ولم يدخلها وسار الى خوزستان. وفي سنة اربع وتسعين كان المصاف الثاني بينهما وكان مع بركيارق خمسون ألفا ومع أخيه محمد خمسة عشر ألفا فالتقوا واقتتلوا فانهزم السلطان محمد وسار طالبا خراسان الى أخيه الملك سنجر وهما لامّ واحدة فأقام بجرجان وأتاه الملك سنجر في عساكره الى الدامغان وخرب العسكر البلاد وعمّ الغلاء تلك الأصقاع حتى أكل الناس بعضهم بعضا بعد فراغهم من أكل الميتة والكلاب. وفي سنة خمس وتسعين توفي المستعلي بالله الخليفة العلويّ المصريّ وكانت خلافته سبع سنين [4] وولي بعده ابنه ابو عليّ المنصور وعمره خمس سنين ولقّب الآمر بأحكام الله ولم يقدر يركب وحده على الفرس الصغر سنّه وقام بتدبير دولته الأفضل [5] بن امير الجيوش احسن قيام. وفي سنة سبع وتسعين وقع الصلح بين السلطانين بركيارق وأخيه محمد ابني ملكشاه وتقرّرت القاعدة ان بركيارق لا يعترض أخاه محمدا في الطبل وان لا يذكر معه على منابر البلاد التي صارت له وهي ديار بكر والجزيرة والموصل والشام. وفي سنة ثماني وتسعين توفي السلطان بركيارق بن ملكشاه وكان قد مرض باصفهان بالسلّ والبواسير فلما ايس من نفسه خلع على ولده ملكشاه وعمره حينئذ اربع سنين وثمانية أشهر واحضر جماعة الأمراء وأعلمهم
[1-) ] يقال سقمان وسكمان. كربوقا وكربوغا.
[2-) ] تملك المصريون على البيت المقدس سنة تسع وثمانين واربعمائة ثلاث سنين قبل تملك الفرنج عليه.
[3-) ] هذا غلو فلا يدخل تحت التصديق وان غد فريد تسارع الى كف الجيش عن القتل.
[4-) ] وكان مولده سنة سبع وستين واربعمائة.
[5-) ] ويروى الايصل وهو تصحيف.
انه قد جعل ابنه وليّ عهده في السلطنة وجعل الأمير أياز اتابكه [1] فأجابوه كلهم بالسمع والطاعة وخطب لملكشاه بالجوامع ببغداد. وفي سنة تسع وتسعين [2] واربعمائة سار السلطان محمد من اذربيجان الى الموصل ليأخذها من جكرميش صاحبها وحصرها.
فقاتل اهل البلد اشدّ قتال وكانت الرجالة تخرج ويكثرون القتل في العسكر ودام القتال من صفر الى جمادى الاولى. فوصل الخبر الى جكرميش بوفاة السلطان بركيارق فأرسل الى محمد يبذل له الطاعة. ودخل اليه وزير محمد وقال له: المصلحة ان تحضر الساعة عند السلطان فانه لا يخالفك في جميع ما تلتمسه منه. وأخذ بيده وقام فسار معه جكرميش فلما رآه اهل الموصل قد توجّه الى السلطان جعلوا يبكون ويضجّون ويحثون التراب على رؤوسهم. فلما دخل على السلطان محمد اقبل عليه وأكرمه وعانقه ولم يمكنه من الجلوس وقال: ارجع الى رعيتك فان قلوبهم إليك وهم متطلعون الى عودتك. فقبّل الأرض وعاد وعمل من الغد سماطا بظاهر الموصل عظيما وحمل الى السلطان من الهدايا والتحف ولوزيره أشياء جليلة المقدار. وفي سنة خمسمائة سار الجاولي سقاوو الى الموصل محاربا في ألف فارس وخرج اليه جكرميش صاحبها في الفي فارس. فلما اصطفوا للحرب حمل الجاولي من القلب على قلب جكرميش فانهزم من فيه وبقي جكرميش وحده لا يقدر على الهزيمة لفالج كان به فهو لا يقدر يركب وانما يحمل في محفّة فأسر وأحضر عند الجاولي فأمر بحفظه وحراسته. ولما وصل الخبر الى الموصل اقعدوا في الأمر زنكي بن جكرميش. ثم ان الجاولي حصر الموصل وامر ان يحمل جكرميش كل يوم على بغل وينادى أصحابه بالموصل ليسلموا البلد ويخلصوا صاحبهم مما هو فيه ويأمرهم هو بذلك فلا يسمعون منه وكان يسجنه في جبّ فأخرج يوما ميتا [3] . فكتب أصحابه الى الملك قلج ارسلان بن سليمان بن قتلميش السلجوقي صاحب مدينة قونية واقسرة يستدعونه إليهم ليسلموا البلد اليه. فسار في عساكره. فلما سمع جاولي بوصوله رحل عن الموصل فتوجه قلج ارسلان الى الموصل وملكها ونزل بالمغرقة [4] وخرج اليه زنكي ولد جكرميش
[1-) ] أتابك مركبة من بك وهي معروفة واتا ومعناها اب. كان هذا اللقب أولا يعطى لمن يفوضه السلطان تربية احد أولاده الصغار. وكان الاتابك يدبر باسم الولد المدينة التي كانت العادة ان يوليها السلطان لابنه.
ثم توسعوا في معنى هذا القلب ومنحوه لاول المتوظفين لأمير الجيوش. ثم صار السلطان يعطيه للعظماء كلقب شرف.
[2-) ] ويروى هذا الخبر في الكامل لسنة ثمان وتسعين.
[3-) ] كان عمره نحو ستين سنة.
[4-) ] ويروى في الكامل: بالمعروفة.
وأصحابه وخلع عليهم وجلس على التخت وأسقط خطبة السلطان محمد وخطب لنفسه واحسن الى العسكر ورفع الرسوم المحدثة في الظلم ثم سار عنها الى جاولي وهو بالرحبة والتقيا على نهر الخابور فهزم اصحاب جاولي اصحاب قلج ارسلان وألقى قلج ارسلان نفسه في الخابور وحمى نفسه من اصحاب جاولي بالنشاب فانحدر به الفرس الى ماء عميق فغرق. وظهر بعد ايام فدفن بالشمسانية. وسار جاولي الى الموصل وملكها. وفي سنة اثنتين وخمسمائة استولى مودود وعسكر السلطان محمد على الموصل وأخذوها من اصحاب جاولي. وفي سنة ثلث وخمسمائة سار تنكري الفرنجي صاحب انطاكية الى الثغور الشامية فملك طرسوس واذنة ونزل على حصن الأكراد فسلّمه اهله اليه. وملك الفرنج مدينة بيروت وكانت بيدّ نوّاب الخليفة العلوي. وفي سنة ستّ في المحرّم سار الأمير مودود صاحب الموصل الى الرها فنزل عليها ورعى عسكره زروعها ورحل عنها الى سروج وفعل بها كذلك ولم يحترز من الفرنج بل اهملهم فلم يشعر الا وجوسلين صاحب تلّ باشر قد دهمهم وكبسهم وكانت دوابّ العسكر منتشرة في المرعى فأخذ كثيرا منها وقتل كثيرا من العسكر وعاد الى تلّ باشر. وفيها مات باسيل الارمني صاحب دروب بلاد ابن لاون وهو المسمّى كوغ باسيل اي اللص باسيل لأنه سرق عدّة قلاع من الثغور فتملكها الأرمن الى الآن. وفي سنة سبع وخمسمائة اجتمع المسلمون وفيهم الأمير مودود بن التون تكش [1] صاحب الموصل ودخلوا بلاد الفرنج والتقوا عند طبرية واشتدّ القتال وصبر الفريقان. ثم ان الفرنج انهزموا فأذن الأمير مودود للعساكر في العود والاستراحة ثم الاجتماع في الربيع. ودخل دمشق ليقيم بها عند طغدكين [2] صاحبها الى الربيع فدخل الجامع ليصلّي فيه فوثب عليه باطنيّ كأنه يدعو له ويتصدّق منه فضربه بسكين فجرحه اربع جراحات فمات من يومه. وقتل الباطنيّ وأخذ رأسه فلم يعرفه احد فأحرق. وفي سنة احدى عشرة في ذي الحجة مرض السلطان محمد بن ملكشاه ابن ألب ارسلان فلما أيس من نفسه احضر ولده محمودا وقبّله وبكى كل واحد منهما وامره ان يخرج ويجلس على تخت السلطنة وعمره إذ ذاك قد زاد على اربع عشرة سنة.
فقال لوالده انه يوم غير مبارك يعني من طريق النجوم. فقال: صدقت ولكن على أبيك واما عليك فمبارك بالسلطنة. فخرج وجلس على التخت بالتاج والسوارين. وكان
[1-) ] س التونطاش.
[2-) ] ويروى طغتكين. ويروى: طغركين بالراء بدل الدال وهو تصحيف.- س ظغتكين.
السلطان محمد عظيم الهيبة عادلا حسن السيرة شجاعا [1] . وفي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة سادس عشر ربيع الآخر توفي الامام المستظهر بالله وكان عمره احدى وأربعين [2] سنة وستة أشهر وخلافته أربعا وعشرين سنة. ومضى في أيامه ثلاثة سلاطين خطب لهم بالحضرة وهم تاج الدولة تتش بن ألب ارسلان والسلطان بركيارق والسلطان محمد ابنا ملكشاه.
قال ابو الصلت أميّة المغربي: لما دخلت الى مصر في حدود سنة عشر وخمسمائة أدركت بها طبيبا انطاكيا يسمّى جرجيس ويلقّب بالفيلسوف على نحو ما قيل للغراب ابو البيضاء وللّديغ سليم. وقد تفرّغ للتولّع بأبي الخير سلامة بن رحمون اليهودي الطبيب المصري والإزراء عليه وكان يزوّر فصولا طبيّة وفلسفية يبرزها في معارض ألفاظ القوم وهي محال لا معنى لها فارغة لا فائدة فيها ثم ينفذها الى من يسأله عن معانيها ويستوضحه أغراضها فيتكلم عليها ويشرحها بزعمه دون تيقظ ولا تحفظ باسترسال واستعجال وقلّة اكتراث وإهمال فيوجد فيها عنه ما يضحك منه. (قال) وأنشدت لجرجيس هذا في ابي الخير سلامة بن رحمون وهو من احسن ما سمعت في هجو طبيب مشؤوم:
ان أبا الخير على جهله
…
يخفّ في كفّته الفاضل
عليله المسكين من شؤمه
…
في بحر هلك ما له ساحل
ثلثة تدخل في دفعة
…
طلعته والنعش والغاسل
(قال) وكان ابو الخير هذا يهوديا مصريا قد نصب نفسه لتدريس كتب المنطق جميعها وجميع كتب الفلسفة الطبيعية والالهية وشرح بزعمه وفسّر ولخّص ولم يكن في تحصيله وتحقيقه هنالك بل كان يكثر كلامه فيضلّ. ويسرع جوابه فيزلّ. وكان مثله في عظيم ادعائه وقصوره عن أيسر ما هو متعاطيه كقول الشاعر:
يشمّر للج عن ساقه
…
ويغمره الموج في الساحل
(قال) ورأيت بمصر ايضا رزق الله المنجم المعروف بالنخاس [3] وكان شيخ اكثر المنجمين بمصر وكبيرهم وكان شيخا مطبوعا متطايبا. ومن حكاياته الظريفة عن نفسه
[1-) ] كان عمره سبعا (وروى ابو الفداء ستا) وثلاثين سنة واربعة أشهر. وأول ما دعي له بالسلطنة ببغداد سنة اثنتين وتسعين وقطعت خطبته عدة دفعات. فلما توفي اخوه بركيارق اجتمع الناس عليه اثنتي عشرة سنة.
[2-) ] س خمسا وعشرين سنة وخمسة أشهر.
[3-) ] بالنخاس ر بالنخاس.