المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[نذر الحج ماشيا] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٢

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌(فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ

- ‌(بَابُ الْقِرَانِ)

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[ بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ نَظَرَ الْمُحْرِم إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى]

- ‌[فَصْلٌ الصَّيْدَ فِي الحرم]

- ‌{بَابٌ: مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ}

- ‌(بَابٌ: إضَافَةُ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ)

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[الْعُمْرَة حُكْمهَا وَأَرْكَانهَا]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَعْرُوفِ

- ‌(بَابُ الْهَدْيِ)

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة]

- ‌[نَذْر الْحَجّ ماشيا]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[شُرُوط النِّكَاح وَأَرْكَانه]

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ)

- ‌ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ)

- ‌ النِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ

- ‌(بَابُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْمَهْرِ)

- ‌(بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ)

- ‌(بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ)

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ

- ‌(كِتَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ ضَرْبَانِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ)

- ‌(بَابُ الْكِنَايَاتِ)

- ‌[أَقْسَام الْكِنَايَات]

- ‌(بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ)

- ‌(بَابُ التَّعْلِيقِ)

- ‌(بَابُ الْمَرِيضِ)

- ‌(بَابُ الرَّجْعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

الفصل: ‌[نذر الحج ماشيا]

عَرَفَةَ يَنْظُرُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِمَامُ أَنْ يَقِفَ مَعَ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرَهُمْ نَهَارًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْوُقُوفِ وَإِنْ لَمْ يَقِفُوا عَشِيَّتَهُ فَاتَهُمْ الْحَجُّ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقِفَ مَعَهُمْ لَيْلًا لَا نَهَارًا فَكَذَلِكَ اسْتِحْسَانًا حَتَّى إذَا لَمْ يَقِفُوا فَاتَهُمْ الْوُقُوفُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقِفَ لَيْلًا مَعَ أَكْثَرِهِمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَقِفُوا مِنْ الْغَدِ اسْتِحْسَانًا لِمَا بَيَّنَّا، وَالشُّهُودُ فِي هَذَا كَوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى لَوْ وَقَفُوا بِمَا رَأَوْا، وَلَمْ يَقِفُوا مَعَ النَّاسِ فَاتَهُمْ الْحَجُّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْجَمْعِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَعَرَفَتُكُمْ يَوْمَ تُعَرِّفُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ»

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ تَرَكَ الْجَمْرَةَ الْأُولَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي رَمَى الْكُلَّ أَوْ الْأُولَى فَقَطْ) يَعْنِي لَوْ رَمَى فِيهِ الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَتَرَكَ الْأُولَى، وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخِيفِ فَإِنْ رَمَى الْأُولَى ثُمَّ الْبَاقِيَتَيْنِ فَجَائِزٌ، وَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ رَاعَى التَّرْتِيبَ الْمَسْنُونَ، وَإِنْ رَمَى الْأُولَى وَحْدَهَا أَجْزَأَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَلَافَى الْمَتْرُوكَ فِي وَقْتِهِ، وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا التَّرْتِيبَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُجْزِيهِ مَا لَمْ يُعِدْ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام رَمَاهُ مُرَتَّبًا فَلَا يَكُونُ غَيْرُهُ مَشْرُوعًا فَصَارَ كَمَا إذَا سَعَى قَبْلَ الطَّوَافِ، أَوْ طَافَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، أَوْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ قَبْلَ الصَّفَا قُلْنَا: إنَّ كُلَّ جَمْرَةٍ قُرْبَةٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِغَيْرِهَا، وَلَيْسَ بَعْضُهَا تَابِعًا لِلْبَعْضِ أَلَا تَرَى أَنَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحْدَهَا يَوْمَ النَّحْرِ قُرْبَةٌ تَامَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا رَمْيٌ بِخِلَافِ السَّعْيِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلطَّوَافِ، وَهُوَ دُونَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ قَبْلَ وُجُودِ الْأَصْلِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قُرْبَةٌ وَاحِدَةٌ شُرِعَتْ بِدَايَتُهَا بِالصَّفَا وَخَتْمُهَا بِالْمَرْوَةِ بِالنَّصِّ فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ

قَالَ رحمه الله (وَمَنْ أَوْجَبَ حَجًّا مَاشِيًا لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَطُوفَ لِلرُّكْنِ) أَيْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّذْرِ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ حَتَّى يَطُوفَ طَوَاف الرُّكْنِ، وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْحَجَّ عَلَى صِفَةِ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ أَشَقُّ عَلَى الْبَدَنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِيفَاءُ بِمَا الْتَزَمَ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُتَتَابِعًا وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ بِالنَّذْرِ وَهُوَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الشَّرْعِ وَهَذَا لَا نَظِيرَ لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا بَلْ لَهُ نَظِيرٌ؛ لِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهَا لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِمْ الرَّاحِلَةُ بَلْ يَجِبُ الْمَشْيُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ مِنْهُمْ عَلَى الْمَشْيِ، وَلَوْ رَكِبَ أَرَاقَ دَمًا؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِيهِ النَّقْصَ، وَكَذَا إذَا رَكِبَ فِي أَكْثَرِهِ، وَإِنْ رَكِبَ الْأَقَلَّ يَجِبُ عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ مِنْ الدَّمِ وَبِطَوَافِ الزِّيَارَةِ يَنْتَهِي الْإِحْرَامُ فَيَمْشِي إلَيْهِ، وَطَوَافُ الصَّدْرِ لِلتَّوْدِيعِ وَلَيْسَ بِأَصْلٍ فِي الْحَجِّ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى مَنْ لَا يُودِعُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَيْنَ يَبْتَدِئُ الْمَشْيَ قِيلَ: يَمْشِي مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْشِي مِنْ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ فِي الْعُرْفِ، وَهُوَ أَمْلَكُ، وَفِي الْأَصْلِ خَيَّرَهُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَشْيَ فِيهِ فَيَكُونُ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ وَأَتَمَّ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ لَا يُجْزِيهِ الْحَجُّ مَاشِيًا حَتَّى يَضْمَنَ الْمَأْمُورُ النَّفَقَةَ لَوْ حَجَّ مَاشِيًا، وَيَكُونُ الْحَجُّ لَهُ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ إنَّمَا يُطْلَقُ لَهُ الرُّكُوبُ إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ «عليه الصلاة والسلام رَأَى شَيْخًا يُهَادِي بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَالَ: مَا لَهُ قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لِغَنِيٍّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ» قَالُوا وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ الْتَزَمَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ لِكَوْنِهِ أَشَقَّ عَلَى الْبَدَنِ وَإِنَّمَا كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ يَسُوءُ خُلُقُهُ وَيُجَادِلُ رَفِيقَهُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا كُفَّ بَصَرُهُ مَا تَأَسَّفْت عَلَى شَيْءٍ كَتَأَسُّفِي عَلَى أَنْ لَا أَحُجَّ مَاشِيًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَ الْمُشَاةَ فَقَالَ {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج: 27] وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِمَامُ) يُنْظَرُ إعْرَابُ أَمْكَنَ زَيْدًا السَّفَرُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: فَاتَهُمْ الْحَجُّ) أَيْ لِأَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ جَازَ يَوْمَ الْوُقُوفِ فِي حَقِّ الْجَمَاعَةِ، وَوَقْتُ الْوُقُوفِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ فَلَا يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ بِانْفِرَادِهِ. اهـ. فَتْحٌ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا التَّرْتِيبَ) أَيْ وَتَرْكُ التَّرْتِيبِ لَا يَضُرُّهُ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: قُلْنَا: إنَّ كُلَّ جَمْرَةٍ قُرْبَةٌ) وَلَا يُقَالُ: كُلُّ صَلَاةٍ مَقْصُودَةٌ بِنَفْسِهَا أَيْضًا لَا تَعَلُّقُ بِجَوَازِهَا بِغَيْرِهَا، وَمَعَ هَذَا وَجَبَ التَّرْتِيبُ عِنْدَكُمْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» . اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّعْيِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ السَّعْيِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ اهـ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ دُونَهُ أَيْ لِانْفِصَالِهِ عَنْ الْبَيْتِ وَلَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَيُعَادُ تَحْقِيقًا لِلتَّبَعِيَّةِ. اهـ.

[نَذْر الْحَجّ ماشيا]

(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِيفَاءُ بِمَا الْتَزَمَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله: فَلَوْ حَجّ رَاكِبًا يُجْزِئُهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ اهـ وَوُجُوبُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ (قَوْلُهُ: قِيلَ: يَمْشِي مِنْ الْمِيقَاتِ) وَعَلَيْهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهَوَاهُ صَحَّ عِنْدِي لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِالْحَجِّ وَالْحَجُّ ابْتِدَاؤُهُ الْإِحْرَامُ وَانْتِهَاؤُهُ طَوَافُ الزِّيَارَةِ فَيَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا الْتَزَمَ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: يَبْتَدِئُ الْمَشْيَ مِنْ بَيْتِهِ وَمَالَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ مُعْتَبَرٌ فِي النَّذْرِ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمَشْيَ مِنْ بَيْتِهِ فَأَقُولُ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعُرْفَ مُعْتَبَرٌ فِي النَّذْرِ وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعُرْفَ كَمَا قَالَ، وَلَفْظُ النَّاذِرِ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ لِمَا قُلْنَا فَلَا يُوجِبُهُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعُرْفَ كَمَا قَالَ فَنَقُولُ: لَفْظُ النَّاذِرِ نُفُوذُ دَلَالَةِ الْعُرْفِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْصَرِفُ إلَى الْفَرْضِ فِي الْأَصْلِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (تَنْبِيهٌ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ حَجَّ الْآفَاقِيُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ أَمْ مَاشِيًا فَعِنْدَنَا رَاكِبًا أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلَيْهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَجَّ رَاكِبًا» فَاتِّبَاعُهُ أَوْلَى وَلِأَنَّ فِي الرُّكُوبِ إنْفَاقًا وَمُؤْنَةً بِالْمَالِ وَعَوْنًا عَلَى قُوَّةِ النَّفْسِ لِقَضَاءِ النُّسُكِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَكَانَ أَفْضَلَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَهُ: أَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «وَلِلْمَاشِي فَضْلٌ عَلَى الرَّاكِبِ كَفَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عَلَى سَائِرِ اللَّيَالِيِ» وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «لِلْحَاجِّ الرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا نَاقَتُهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَلِلْحَاجِّ الْمَاشِي بِكُلِّ قَدَمٍ يَرْفَعُهُ وَيَضَعُهُ

ص: 93