الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا، وَلِأَنَّ النَّصَّ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِيلَاءِ مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَصْفِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْجِمَاعِ
فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ إمَّا لِأَنَّ فِيهِ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ وَهُوَ نَسْخٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ فِيهِ إبْطَالُ حُكْمِ النَّصِّ وَالتَّعْلِيلُ عَلَى وَجْهٍ يُبْطِلُ حُكْمَ النَّصِّ بَاطِلٌ بَلْ لَا يَجُوزُ تَعْلِيلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَنْصُوصِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ لَا بِالتَّعْلِيلِ وَإِنَّمَا التَّعْلِيلُ لِإِلْحَاقِ غَيْرِهِ بِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي، وَلَوْ قَرُبَهَا بَعْدَ مَا فَاءَ بِلِسَانِهِ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ لِتَحَقُّقِ الْحِنْثِ بِهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ بَاقِيَةٌ فِي حَقِّ الْحِنْثِ وَإِنْ بَطَلَتْ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ قَالَ رحمه الله (وَإِنْ قَدَرَ فِي الْمُدَّةِ فَفَيْؤُهُ الْوَطْءُ) أَيْ إنْ قَدَرَ عَلَى الْجِمَاعِ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ بَعْدَمَا فَاءَ إلَيْهَا بِاللِّسَانِ بَطَلَ ذَلِكَ الْفَيْءُ وَكَانَ فَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَيْءَ بِاللِّسَانِ خَلَفٌ عَنْ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ بَطَلَ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ. .
قَالَ رحمه الله (أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ وَكَذِبٌ إنْ نَوَى الْكَذِبَ وَبَائِنَةٌ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهُ)، وَهَذَا مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّفْصِيلِ فَنَقُولُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ فَكَانَ بَيَانُهُ إلَى الْمُجْمَلِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ يَصِيرُ بِهِ مُولِيًا؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] ثُمَّ قَالَ {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ فَهُوَ ظِهَارٌ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ فِيهِ حُرْمَةٌ فَإِذَا نَوَاهُ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ ظِهَارًا لِعَدَمِ رُكْنِهِ وَهُوَ تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْكَذِبَ فَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْمُحَلَّلَةَ بِالْحُرْمَةِ فَكَانَ كَذِبًا حَقِيقَةً فَإِذَا نَوَاهُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ ظَاهِرًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ إلَى غَيْرِهِ
وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَهُوَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الثَّلَاثَ وَقَدْ مَرَّ فِي الْكِنَايَاتِ وَقِيلَ يُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا، وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالْحَرَامُ عِنْدَهُ طَلَاقٌ وَلَكِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْعُرْفِ وَعُرْفُ النَّاسِ الْيَوْمَ إطْلَاقُهُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَلِهَذَا لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ وَعَنْ هَذَا قَالُوا لَوْ نَوَى غَيْرَهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ.
(بَابُ الْخُلْعِ)
الْخُلْعُ النَّزْعُ وَالْفَصْلُ لُغَةً يُقَالُ خَلَعَ نَعْلَهُ خُلْعًا وَخَلَعَ ثَوْبَهُ أَيْ نَزَعَهُ وَخَالَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا إذَا افْتَدَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِمَالٍ وَخَالَعَهَا وَتَخَالَعَا تَشْبِيهًا لِفِرَاقِهِمَا بِنَزْعِ الثِّيَابِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِبَاسُ الْآخَرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ أَخْذِ الْمَالِ بِإِزَاءِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَشَرْطُهُ شَرْطُ الطَّلَاقِ وَحُكْمُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَصِفَتُهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جِهَتِهَا وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ» وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ حَقُّهُ فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَالْقِصَاصِ، وَقَالَ الْمُزَنِيّ الْخُلْعُ غَيْرُ جَائِزٍ وَزَعَمَ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} [النساء: 20] الْآيَةَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ فَهُوَ ظِهَارٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَطْلَقَ الْحُرْمَةَ وَهِيَ أَنْوَاعٌ وَالظِّهَارُ مِنْهَا فَإِذَا نَوَاهُ بِهَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ مُحْتَمِلِهِ اهـ. (قَوْلُهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالْحَرَامُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْقَائِلِ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ) قَالَ فِي الْكَافِي فِي أَثْنَاءِ مَا يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَلَوْ قَالَ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ فِي الْأَظْهَرِ كَقَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ غُمُوضٌ فِي تَصْوِيرِهَا اهـ.
[بَابُ الْخُلْعِ]
(بَابُ الْخُلْعِ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: التَّجْرِيدُ وَمُطْلَقُ لَفْظِ الْخُلْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ حَتَّى لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اخْلَعْ امْرَأَتِي فَخَلَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ لَمْ يَصِحَّ اهـ وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ السِّرَاجِيَّةِ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْخُلْعِ عَلَى مَالٍ طَلُقَتْ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ اهـ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَهُوَ فِي إزَالَةِ الزَّوْجِيَّةِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَإِزَالَةِ غَيْرِهَا بِفَتْحِهَا كَمَا اخْتَصَّ إزَالَةَ قَيْدِ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْإِطْلَاقِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَخَالَعَهَا وَتَخَالَعَا تَشْبِيهًا) قَالَ الْكَمَالُ صِيغَ مِنْهَا الْمُفَاعَلَةُ مُلَاحَظَةً لِمُلَابَسَةِ كُلٍّ لِلْآخَرِ كَالثَّوْبِ اهـ. (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ شَرْطُ الطَّلَاقِ) أَيْ وَهُوَ الْأَهْلُ وَالْمَحَلُّ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ) أَيْ: عِنْدَنَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَصِفَتُهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جِهَتِهَا إلَخْ) فَتُرَاعَى أَحْكَامُ الْيَمِينِ مِنْ جَانِبِهِ وَأَحْكَامُ الْمُعَاوَضَةِ مِنْ جَانِبِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا هُوَ يَمِينٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَسَيَأْتِي ثَمَرَةُ الْخِلَافِ اهـ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ) أَيْ: وَالْمَعْقُولُ. اهـ. كَافِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ} [البقرة: 158] إلَخْ) وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي ثَابِتٍ وَامْرَأَتِهِ وَهُوَ أَوَّلُ خُلْعٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الْكَشَّافِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ إلَخْ) وَسَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْمُبَارَأَةِ أَوْ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ أَوْ بَارَأْتُك أَوْ بِعْت نَفْسَك أَوْ طَلَاقُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِقَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ وَتَمَلُّكٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَزِمَهَا الْمَالُ لِالْتِزَامِهَا وَهِيَ مِنْ أَهْلِهِ لِوِلَايَتِهَا عَلَى نَفْسِهَا. اهـ. كَافِي. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ هُوَ الْفَصْلُ مِنْ النِّكَاحِ) لَيْسَ هَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي بِخَطِّ الرَّازِيّ هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ اهـ. .
قُلْنَا شَرْطُ النَّسْخِ الْعِلْمُ بِتَأَخُّرِ النَّاسِخِ وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُوجَدَا، وَلِأَنَّ النَّهْيَ مُقَيَّدٌ بِإِرَادَةِ الزَّوْجِ اسْتِبْدَالَ غَيْرِهَا مَكَانَهَا وَالْآيَةُ الْأُولَى مُطْلَقَةٌ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى نَسْخِهَا بِهَا مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَعْدِمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ فِي الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا نُسَلِّمُ نَسْخَهَا، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ إلَّا إذَا كَرِهَتْهُ الْمَرْأَةُ وَخَافَتْ أَنْ لَا تُوَفِّيَهُ حَقَّهُ أَوْ لَا يُوَفِّيَهَا حَقَّهَا وَمَنَعُوا إذَا كَرِهَهَا الزَّوْجُ لِمَا تَلَوْنَا وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ إذَا تَشَاقَّ الزَّوْجَانِ وَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ بِمَالٍ يَخْلَعُهَا بِهِ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْعَادَةِ أَوْ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا مَخْرَجَ الشَّرْطِ وَأَرَادَ بِالْخَوْفِ الْعِلْمَ وَالتَّيَقُّنَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ قَالَ الشَّاعِرُ
إذَا مِتَّ فَادْفِنِي إلَى جَنْبِي كَرْمَةً
…
تُرْوِي عِظَامِي بَعْدَ مَوْتِي عُرُوقُهَا
وَلَا تَدْفِنَنِّي فِي الْفَلَاةِ فَإِنَّنِي
…
أَخَافُ إذَا مَا مِتَّ أَنْ لَا أَذُوقَهَا
أَيْ أَعْلَمُ وَأَتَيَقَّنُ، وَلِهَذَا رَفَعَهُ وَالتَّشَاقُّ الِاخْتِلَافُ وَالتَّخَاصُمُ مُشْتَقٌّ مِنْ الشَّقِّ وَهُوَ الْجَانِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَأْخُذُ شَقًّا خِلَافَ شَقِّ صَاحِبِهِ وَحُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَلْزَمُهُمَا مِنْ مُوَاجَبِ الزَّوْجِيَّةِ. .
قَالَ رحمه الله (الْوَاقِعُ بِهِ وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ) يَعْنِي الْوَاقِعُ بِالْخُلْعِ وَبِالطَّلَاقِ الصَّرِيحِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ يَكُونُ بَائِنًا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَلَكَ الْعِوَضَ فَوَجَبَ أَنْ تَمْلِكَ هِيَ الْمُعَوَّضَ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ وَذَلِكَ بِالْبَائِنِ، وَكَذَا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ الْمُبَارَأَةِ كَانَ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَهِيَ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ قَالَ لَمْ أَعْنِ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ أَمَارَةٌ صَادِقَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الطَّلَاقُ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ يُصَدَّقُ فِي لَفْظِ الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ؛ لِأَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ الْخُلْعُ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] إلَى أَنْ قَالَ {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] فَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا لَصَارَتْ التَّطْلِيقَاتُ أَرْبَعًا، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ حَتَّى يُفْسَخَ بِخِيَارِ الْعِتْقِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَالْبُلُوغِ فَكَذَا بِالتَّرَاضِي وَلَنَا مَا رَوَيْنَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّمَامِ، وَلِهَذَا لَا يَنْفَسِخُ بِالْهَلَاكِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَبِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ التَّمَامِ وَالْكَلَامُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ ثَابِتٌ ضَرُورَةً فَلَا يَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ الِاسْتِيفَاءِ وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِهِ فِي حَقِّ الْفَسْخِ، وَلِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ كِنَايَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا كَمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ مَالًا وَقَدْ رَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَنَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الطَّلْقَتَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] الْآيَةَ ثُمَّ ذَكَرَ الِافْتِدَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِعْلَ الزَّوْجِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ فِعْلَهُ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ لَكِنَّهُ بِعِوَضٍ ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ شَرَعَ طَلْقَتَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ نَفَى الْجُنَاحَ عَنْ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْهُمَا، وَلِهَذَا اكْتَفَى بِذِكْرِ فِعْلِهَا فِي الِافْتِدَاءِ وَإِلَّا لَذَكَرَ فِعْلَهُ؛ لِأَنَّ الِافْتِدَاءَ لَا يَتِمُّ بِفِعْلِهَا وَحْدَهَا أَوْ نَقُولُ ذَكَرَ الطَّلْقَتَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ طَلْقَةً بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ فَتَكُونُ الْآيَةُ حُجَّةً عَلَيْهِ فِي هَذَا وَفِي قَوْلِهِ الْمُخْتَلِعَةُ لَا يَلْحَقُهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ.
قَالَ رحمه الله (وَلَزِمَهَا الْمَالُ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِخُرُوجِ الْبُضْعِ عَنْ مِلْكِهِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا فِي الْمَجْلِسِ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ قَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بَارَأْتُك أَوْ طَلَّقْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَبُولُ إلَيْهَا فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ قَامَتْ قَبْلَ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا بَطَلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ بَدَأَتْ هِيَ فَقَالَتْ اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بَارِئْنِي أَوْ طَلِّقْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ فَطَلَّقَهَا كَمَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ فَالْمَالُ لَهَا لَازِمٌ وَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا فَهِيَ امْرَأَتُهُ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ، وَقَالَ الرَّازِيّ وَلَكِنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذَا كَانَ بِقَبُولِهَا الْمَالَ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَإِذَا قَبِلَتْ لَزِمَهَا الْمَالُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ. اهـ. وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي: وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَالْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا فَيَكُونُ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ كَانَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَكَذَا كُلٌّ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ مَعَ حَذْفٍ. (قَوْلُهُ وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ الْخُلْعُ فَسْخٌ) قَالَ فِي الْكَافِي وَأَصَحُّ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ طَلَاقٌ. اهـ
(فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ مَنْ خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ زَادَتْ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ زِيَادَةً أَنَّ الزِّيَادَةَ بَاطِلَةٌ. اهـ. تَتَارْخَانِيَّةُ. (قَوْلُهُ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّمَامِ إلَخْ) وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ فِي الْحَالِ فَجَعَلَ لَفْظَ الْخُلْعِ عِبَارَةً عَنْ رَفْعِ الْقَيْدِ فِي الْحَالِ وَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِالطَّلَاقِ. اهـ. كَافِي. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ التَّمَامِ إلَخْ) فَكَانَ فِي مَعْنَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِتْمَامِ. اهـ. كَافِي. (قَوْلُهُ وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَنَا) قَالَ فِي الْكَافِي. وَأَمَّا الْآيَةُ فَاَللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ التَّطْلِيقَةَ الثَّالِثَةَ بِعِوَضٍ وَغَيْرِ عِوَضٍ، وَلِهَذَا لَا يَصِيرُ أَرْبَعًا اهـ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أَيْ التَّطْلِيقُ الشَّرْعِيُّ تَطْلِيقَةٌ بَعْدَ أُخْرَى عَلَى التَّفْرِيقِ دُونَ الْجَمْعِ وَالْإِرْسَالِ دُفْعَةً فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَةَ التَّثْنِيَةِ بَلْ التَّكْرِيرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] وَنَحْوَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. وَقَوْلُهُ {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] تَخْيِيرٌ لِلْأَزْوَاجِ بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهُمْ كَيْفَ يُطَلِّقُونَ بَيْنَ إمْسَاكِهِنَّ بِحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَالْقِيَامِ بِوَاجِبِهِنَّ وَبَيْنَ التَّسْرِيحِ بِالْجَمِيلِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ حَقَّهَا وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهَا اهـ ش بِالْمَعْنَى لِلْهِنْدِيِّ
إلَّا بِهِ وَهُوَ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا كَحَقِّ الْقِصَاصِ فَوَجَبَ بِالْتِزَامِهَا لَهُ قَالَ رحمه الله (وَكُرِهَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ إنْ نَشَزَ) يَعْنِي يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا إنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]، وَلِأَنَّهُ أَوْحَشَهَا بِالْفِرَاقِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى إيحَاشِهَا بِأَخْذِ الْمَالِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ نَشَزَتْ لَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا لَا يُكْرَهُ لَهُ الْأَخْذُ، وَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، وَقَالَ الْقُدُورِيُّ إنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْهَا كُرِهَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لِامْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ أَرَادَتْ الْفُرْقَةَ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ وَزِيَادَةً فَقَالَ عليه الصلاة والسلام أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا»
وَقَدْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْهَا، وَلَوْ أَخَذَ الزِّيَادَةَ جَازَ قَضَاءً وَكَذَا إذَا أَخَذَ شَيْئًا وَالنُّشُوزُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] الْجَوَازُ حُكْمًا وَالْإِبَاحَةُ وَقَدْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ فِي حَقِّ الْإِبَاحَةِ لِمُعَارِضٍ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20]. وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا» فَبَقِيَ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْبَاقِي وَهُوَ الصِّحَّةُ فَإِنْ قِيلَ النَّهْيُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَشْرُوعِيَّةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَخْذٌ بَعْدَ النَّهْيِ قُلْنَا النَّهْيُ وَرَدَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ وَهُوَ زِيَادَةُ الْإِيحَاشِ فَلَا يُنَافِي الْمَشْرُوعِيَّةَ كَالْبَيْعِ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَهَذَا لِأَنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا بِاخْتِيَارِهَا فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْعَاقِلِ وَتَوْفِيقًا بَيْنَ النُّصُوصِ قَالَ رحمه الله (وَمَا صَلُحَ مَهْرًا صَلُحَ بَدَلَ الْخُلْعِ)؛ لِأَنَّ مَا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا لِلْمُتَقَوِّمِ أَوْلَى أَنْ يَصْلُحَ عِوَضًا لِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ
وَهَذَا لِأَنَّ الْبُضْعَ حَالَةَ الدُّخُولِ مُتَقَوِّمٌ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، وَلِهَذَا جَازَ تَزْوِيجُ الْأَبِ ابْنَهُ الصَّغِيرَ عَلَى مَالِ الصَّغِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلَعَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِمَالِهَا، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمَرِيضُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ الْمَرِيضَةُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا وَمِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ وَمِنْ الثُّلُثِ إذَا مَاتَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَهُ بَدَلُ الْخُلْعِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا قِيمَةَ لَهُ حَالَةَ الْخُرُوجِ فَيُعْتَبَرُ بِالتَّبَرُّعِ، وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ لَوْ أَخْرَجَتْهُ عَنْ مِلْكِهِ بِرِدَّتِهَا أَوْ تَقْبِيلِهَا ابْنَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَجِبْ لِلزَّوْجِ شَيْءٌ عَلَى الْمُتْلِفِ، وَلَوْ كَانَ مُتَقَوِّمًا لَوَجَبَ وَقَوْلُهُ وَمَا صَلُحَ مَهْرًا صَلُحَ بَدَلَ الْخُلْعِ لَا يُنَافِي الْعَكْسَ حَتَّى جَازَ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا أَيْضًا كَالْأَقَلِّ مِنْ الْعَشَرَةِ وَكَمَا فِي يَدِهَا وَبَطْنِ غَنَمِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ. .
قَالَ رحمه الله (فَإِنْ خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ وَقَعَ بَائِنٌ فِي الْخُلْعِ رَجْعِيٌّ فِي غَيْرِهِ مَجَّانًا كَخَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهَا)؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ مُعَلَّقٌ بِالْقَبُولِ وَقَدْ وُجِدَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسَمِّ شَيْئًا مُتَقَوِّمًا لِتَصِيرَ غَارَّةً لَهُ وَلَا هُوَ مُتَقَوِّمٌ لِتَجِبَ عَلَيْهَا قِيمَتُهُ وَإِنَّمَا يَتَقَوَّمُ بِالتَّسْمِيَةِ وَقَدْ فَسَدَتْ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ بِالْخَمْرِ حَيْثُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ مَالٌ وَلَكِنَّ الشَّرْعَ أَهَانَهَا وَأَهْدَرَ تَقَوُّمَهَا فَلَمْ تَصْلُحْ لِإِبْطَالِ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ وَلَا لِتَقْوِيمِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى هَذَا الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ مِثْلُهُ مِنْ خَلٍّ وَسَطٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهَا بِتَسْمِيَةِ الْمَالِ ثُمَّ إذَا فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ فَقَدْ وَقَعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَكَانَ الْعَامِلُ فِيهِ لَفْظَ الطَّلَاقِ أَوْ الْخُلْعِ وَالْأَوَّلُ صَرِيحٌ فَيَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَالثَّانِي كِنَايَةٌ فَيَكُونُ بَائِنًا.
وَقَوْلُهُ كَخَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهَا يَعْنِي كَقَوْلِهَا خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهَا وَمُرَادُهُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ مَجَّانًا أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَمَا يَقَعُ مَجَّانًا فِي قَوْلِهَا خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي وَلَيْسَ فِي يَدِهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُسَمِّ مَالًا مُتَقَوِّمًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهَا شَيْءٌ مُتَقَوِّمٌ أَوْ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَلَمْ تَصِرْ غَارَّةً وَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْغُرُورِ. .
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ زَادَتْ مِنْ مَالٍ أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ رَدَّتْ مَهْرَهَا أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ) أَيْ زَادَتْ عَلَى قَوْلِهَا خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بِأَنْ قَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي مِنْ مَالٍ أَوْ قَالَتْ مِنْ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ رَدَّتْ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى الْمَهْرَ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِامْرَأَةِ ثَابِتٍ إلَخْ) رُوِيَ «أَنَّ جَمِيلَةَ كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فَجَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَا أَعْتِبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ وَلَكِنْ أَخْشَى الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ لِشِدَّةِ بُغْضِي إيَّاهُ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ فَقَالَتْ نَعَمْ وَزِيَادَةً فَقَالَ أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا» اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْخُلْعِ رَجْعِيٌّ فِي غَيْرِهِ مَجَّانًا إلَخْ) يَعْنِي بِغَيْرِ شَيْءٍ عَلَيْهَا وَانْتِصَابُهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وُقُوعًا مَجَّانًا وَوَزْنُهُ فَعَّالٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. اهـ. عَيْنِيٌّ، وَقَالَ الرَّازِيّ قَوْلُهُ مَجَّانًا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ) أَيْ: عَلَيْهَا مِثْلُ كَيْلِ ذَلِكَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَلَكِنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ حُرًّا مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ) أَيْ أَوْ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى مَا سَيَأْتِي اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ اهـ
دَرَاهِمَ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا لَمَّا سَمَّتْ مَالًا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ رَاضِيًا بِزَوَالِ مِلْكِهِ إلَّا بِعِوَضٍ وَلَا وَجْهَ إلَى إيجَابِ الْمُسَمَّى وَقِيمَتِهِ لِلْجَهَالَةِ وَلَا إلَى إيجَابِ قِيمَةِ الْبُضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ حَالَةَ الْخُرُوجِ فَتَعَيَّنَ إيجَابُ مَا قَامَ الْبُضْعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ
دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ
وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَتْ عَلَى مَا فِي بَيْتِي مِنْ مَالٍ أَوْ عَلَى مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِي أَوْ غَنَمِي مِنْ حَمْلٍ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ يَجِبُ رَدُّ الْمَهْرِ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَقُلْ مِنْ مَالٍ أَوْ حَمْلٍ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَالْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَالِ وَعَدَمِهِ.
وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهَا سَمَّتْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا لِلتَّيَقُّنِ بِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا بِدَرَاهِمَ حَيْثُ تَبْطُلُ التَّسْمِيَةُ لِلْجَهَالَةِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ حَالَةَ الدُّخُولِ مُتَقَوِّمٌ فَأَمْكَنَ إيجَابُ قِيمَتِهِ إذَا جُهِلَ الْمُسَمَّى فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرْت بِكَلِمَةِ مِنْ وَهِيَ لِلتَّبْعِيضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ بَعْضُ الدَّرَاهِمِ وَذَلِكَ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ كَمَا إذَا قَالَ إنْ كَانَ مَا فِي يَدِي مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَّا ثَلَاثَةً فَعَبْدُهُ حُرٌّ وَفِي يَدِهِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ قُلْنَا قَدْ تَكُونُ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَمَّ الْكَلَامُ بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى ضَرْبِ إبْهَامٍ فَهِيَ لِلْبَيَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج: 30] وَإِلَّا فَهِيَ لِلتَّبْعِيضِ وَقَوْلُهَا خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي كَلَامٌ تَامٌّ بِنَفْسِهِ حَتَّى جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ فِيهِ نَوْعَ إبْهَامٍ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهَا لَا يُعْرَفُ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ هُوَ فَتَعَيَّنَتْ لِلْبَيَانِ
وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ مَا فِي يَدِي مِنْ الدَّرَاهِمِ غَيْرُ تَامٍّ بِنَفْسِهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فَكَانَتْ لِلتَّبْعِيضِ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَفَعَلَ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَسَوَّى بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ وَوَجْهُهُ مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْمُنَكَّرِ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهَا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فِي الْمُعَرَّفِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِاللَّامِ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْرَدِ الْمُعَرَّفِ بِهَا حَتَّى يُصْرَفَ إلَى أَدْنَى الْجِنْسِ عِنْدَ تَعَذُّرِ صَرْفِهِ إلَى الْكُلِّ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي الْعَبِيدَ أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ قُلْنَا إنَّمَا يُصْرَفُ إلَى الْجِنْسِ إذَا عُرِّيَ عَنْ قَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى الْعَهْدِ وَقَدْ وُجِدَ هُنَا الْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْعَهْدِ وَهُوَ قَوْلُهَا عَلَى مَا فِي يَدِي فَلَا يَكُونُ لِلْجِنْسِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الْجَمْعِيَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْعَهْدِ
وَقَالَ حُمَيْدٍ الدِّينِ إنَّمَا تَكُونُ اللَّامُ لِلْجِنْسِ إذَا أَمْكَنَ إرَادَةُ كُلِّ الْجِنْسِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَدْنَى مَعَ احْتِمَالِ الْكُلِّ. وَأَمَّا إذَا اسْتَحَالَ فَلَا وَفِي مَسْأَلَتِنَا اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ دَرَاهِمِ الْعَالَمِ فِي يَدِهَا فَلَا تَكُونُ لِلْجِنْسِ فَلَا يَبْطُلُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَهُ فِي ضِمْنِ كَوْنِهَا لِلْجِنْسِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِتَحْسِينِ الْكَلَامِ لَا لِلتَّعْرِيفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] فَوُجُودُهُمَا كَعَدَمِهِمَا فَلَا يُفِيدَانِ التَّعْرِيفَ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ
بَاعَدَ أُمَّ الْعَمْرِ مِنْ أَسِيرِهَا
…
حُرَّاسُ أَبْوَابٍ عَلَى قُصُورِهَا.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ خَالَعَ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ لَهَا عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تَبْرَأْ)؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ وَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمُوجِبِ الْعَقْدِ وَلَا يَبْطُلُ الْخُلْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالنِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ فِي الْآبِقِ وَيَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا فِيهِ لَا فِي الْخُلْعِ فَإِذَا بَطَلَ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ وَجَبَ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ. .
قَالَ رحمه الله (قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً لَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَبَانَتْ)؛ لِأَنَّ الْبَاءَ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ وَهُوَ يَنْقَسِمُ عَلَى الْمُعَوَّضِ وَيَكُونُ بَائِنًا لِوُجُوبِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ فِيهِ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَهَذَا لَا يَبْطُلُ لِقَبُولِهِ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَبِالِاخْتِبَارِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَالَ رحمه الله (وَفِي عَلَى أَلْفٍ وَقَعَ رَجْعِيٌّ مَجَّانًا) أَيْ وَفِي قَوْلِهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَقَعَ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً بَائِنَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَى بِمَنْزِلَةِ الْبَاءِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ حَتَّى إنَّ قَوْلَهُ أَحْمِلُ هَذَا بِدِرْهَمٍ أَوْ عَلَى دِرْهَمٍ سَوَاءٌ، وَكَذَا بِعْتُكَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ عَلَى دِرْهَمٍ سَوَاءٌ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَفُلَانَةَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ إلَى إيجَابِ الْمُسَمَّى) أَيْ: وَهُوَ الْمَالُ اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ لِلْجَهَالَةِ) أَيْ لِجَهَالَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ خَالَعَ عَلَى عَبْدٍ أَبَقَ لَهَا عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ) أَيْ بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تُطَالَبُ بِتَحْصِيلِهِ وَتَسْلِيمِهِ بَلْ إنْ حَصَلَ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ لَا فِي الْخُلْعِ) وَإِنَّمَا تَجُوزُ تَسْمِيَةُ الْعَبْدِ الْآبِقِ فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ دُونَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ. اهـ. رَازِيٌّ. (قَوْلُهُ لَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ وَبَانَتْ إلَخْ) وَإِنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ يَجِبُ ثُلُثُ الْأَلْفِ. اهـ. كَاكِيٌّ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ لَزِمَهَا كُلُّ الْأَلْفِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ يَقَعُ بِغَيْرِ شَيْءٍ. اهـ. عَيْنِيٌّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) أَيْ لَوْ قَالَ لَهُ بِعْتُك هَذِهِ الْعَبِيدَ الثَّلَاثَةَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ فِي وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ لَمْ يَجُزْ اهـ. .
(قَوْلُهُ، وَقَالَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً بَائِنَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَعِنْدَ مَالِكٍ يَلْزَمُهَا كُلُّ الْأَلْفِ اهـ عَيْنِيٌّ
عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَحْدَهَا كَانَ عَلَيْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ وَلَهُ أَنَّ عَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ وَضْعًا فَإِذَا تَعَذَّرَ فَلِلْوُجُوبِ فَإِذَا تَعَذَّرَ فَلِلشَّرْطِ مَجَازًا لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْوُجُوبِ مِنْ حَيْثُ اللُّزُومُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ تَدْخُلِي الدَّارَ كَانَ الدُّخُولُ شَرْطًا وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِهِ فَجُعِلَتْ مَجَازًا عَنْ الْبَاءِ فَإِذَا كَانَتْ عَلَى لِلشَّرْطِ فَلَا يَتَوَزَّعُ الْمَشْرُوطُ عَلَى أَجْزَاءِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ لَا يُوجَدُ إلَّا عِنْدَ اسْتِكْمَالِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُودِ الْجَزَاءِ كَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَكَانَ الْكُلُّ عَلَامَةً وَاحِدَةً فَلَا يُوجَدُ الْجَزَاءُ بِدُونِهِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ خَلَا عَنْ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا غَرَضَ لَهَا فِي طَلَاقِ فُلَانَةَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ كَالشَّرْطِ مِنْهَا وَلَهَا فِي اشْتِرَاطِ إيقَاعِ الثَّلَاثِ عَلَى نَفْسِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ فَافْتَرَقَا. .
قَالَ رحمه الله (طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْبَيْنُونَةِ إلَّا بِسَلَامَةِ الْأَلْفِ كُلِّهَا لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهَا لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا رَضِيَتْ بِالْبَيْنُونَةِ بِأَلْفٍ كَانَتْ بِبَعْضِهَا أَوْلَى أَنْ تَرْضَى قَالَ رحمه الله (أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ لَزِمَ وَبَانَتْ) أَيْ لَزِمَ الْمَالُ وَبَانَتْ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ أَوْ تَعْلِيقٌ فَيَقْتَضِي سَلَامَةَ الْبَدَلَيْنِ أَوْ وُجُودَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ أَوْ تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُعَاوَضَةُ بِدُونِ الْقَبُولِ، وَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَنْزِلُ بِدُونِ الشَّرْطِ إذْ لَا وِلَايَةَ لِأَحَدِهِمَا فِي إلْزَامِ صَاحِبِهِ بِدُونِ رِضَاهُ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ؛ لِأَنَّهَا مَا الْتَزَمَتْ الْمَالَ إلَّا لِتَسْلَمَ لَهَا نَفْسُهَا وَذَلِكَ بِالْبَيْنُونَةِ. .
قَالَ رحمه الله (أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ طَلُقَتْ وَعَتَقَ مَجَّانًا) أَيْ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَبِلَا أَوْ لَمْ يَقْبَلَا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَالَا إنْ قَبِلَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَلَزِمَهُمَا الْمَالُ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَتْ هِيَ طَلِّقْنِي وَلَك أَلْفٌ أَوْ قَالَ الْعَبْدُ أَعْتِقْنِي وَلَك أَلْفٌ فَفَعَلَ لَهُمَا أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلْمُعَاوَضَاتِ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ احْمِلْ هَذَا وَلَك دِرْهَمٌ كَقَوْلِهِمْ أَحْمِلُهُ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ وُجُوبُهُ بِسَبَبِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ فِي الْإِجَارَةِ قَرِينَةً دَالَّةً عَلَى وُجُوبِهِ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْخُلْعُ أَيْضًا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاسْتَوَيَا، وَلِأَنَّ الْوَاوَ تَكُونُ لِلْحَالِ وَالْأَحْوَالُ شُرُوطٌ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي حَالِ وُجُوبِ الْأَلْفِ لِي عَلَيْك أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَيْك أَلْفٌ أَوْ وَلَك أَلْفٌ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ فَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَلَا يَتَّصِلُ بِمَا قَبْلَهُ إلَّا بِدَلَالَةِ الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجُمَلِ الِاسْتِقْلَالُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَضَرَّتُك طَالِقٌ تَطْلُقُ ضَرَّتُهَا فِي الْحَالِ لِمَا قُلْنَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ قَاصِرَةً بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَضَرَّتُك تَعَلَّقَ طَلَاقُ ضَرَّتِهَا بِالشَّرْطِ لِكَوْنِهِ مُفْرَدًا فَلَا يَكُونُ مُسْتَقِلًّا
وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ تَعَلَّقَ عِتْقُ عَبْدِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ جُمْلَةً تَامَّةً؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ التَّعْلِيقِ قَاصِرٌ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِلثَّانِي فَكَانَ الْخَبَرُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ بِخِلَافِ طَلَاقِ الضَّرَّةِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ الْأَوَّلِ يَصْلُحُ خَبَرًا لَهُ، وَلَوْ كَانَ غَرَضُهُ التَّعْلِيقَ لَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَضَرَّتُك فَإِذَا كَانَ مُسْتَقِلًّا يَكُونُ كَلَامًا مُبْتَدَأً لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْأَوَّلِ فَيَصِيرُ قَوْلُهُ وَعَلَيْك أَلْفٌ أَوْ قَوْلُهَا وَلَك أَلْفٌ مُجَرَّدُ دَعْوَى أَوْ وَعْدٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُوجَدَانِ بِدُونِ الْمَالِ فَلَا يَنْفَكَّانِ عَنْهُ، وَلِهَذَا إذَا قَالَ لَهُ خِطْ هَذَا الثَّوْبَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ الْأَجْرَ يَكُونُ اسْتِئْجَارًا بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَفِي الْبَيْعِ تَجِبُ الْقِيمَةُ وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا وَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ غَيْرُ مُفِيدٍ دُونَ آخِرِهِ فَيَصِيرُ تَعْلِيقًا لِلْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْمَالِ، وَلِأَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ حَقِيقَةً وَالْكَلَامُ مَحْمُولٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ وَلَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ لَا يُعْطَفُ عَلَى الْآخَرِ، وَكَذَا الشَّرْطُ لَا يُعْطَفُ عَلَى الْجَزَاءِ وَالْمَالُ غَيْرُ لَازِمٍ بِيَقِينٍ فَلَا يَلْزَمُ بِالشَّكِّ، وَكَذَا حَالُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الْكِرَامَ يَمْتَنِعُونَ عَنْ أَخْذِ الْعِوَضِ. .
قَالَ رحمه الله (وَصَحَّ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهَا فِي الْخُلْعِ لَا لَهُ)، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ فَلِلشَّرْطِ إلَخْ) وَجَعَلَهَا بِمَعْنَى الْبَاءِ عِنْدَ تَعَذُّرِ حَمْلِهِ عَلَى الشَّرْطِ وَهَا هُنَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ فَلَا يُجْعَلُ بِمَعْنَى الْبَاءِ. اهـ. رَازِيٌّ. .
(قَوْلُهُ إلَّا بِسَلَامَةِ الْأَلْفِ كُلِّهَا) فَلَوْ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ لَتَضَرَّرَ الزَّوْجُ اهـ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ. اهـ. رَازِيٌّ. (قَوْلُهُ أَوْ تَعْلِيقٌ) هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِأَلْفٍ بِعِوَضِ أَلْفٍ تَجِبُ لِي عَلَيْكِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى أَلْفٍ عَلَى شَرْطِ أَلْفٍ يَكُونُ لِي عَلَيْكِ اهـ. .
(قَوْلُهُ وَلَزِمَهُمَا الْمَالُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ اهـ وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ اهـ عَيْنِيٌّ. (قَوْلُهُ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ) مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ اهـ. (قَوْلُهُ جَوَابًا لَهُ) هَذَا حَاشِيَةٌ. وَأَمَّا الثَّابِتُ فِي خَطِّ الشَّارِحِ خَبَرًا لَهُ اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَصَحَّ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهَا فِي الْخُلْعِ) أَيْ كَقَوْلِهِ خَالَعْتُكِ بِكَذَا عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبِلَتْ اهـ. (قَوْلُهُ لَا لَهُ) أَيْ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَالَتْ قَبِلْت إنْ رَدَّتْ الطَّلَاقَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ الطَّلَاقُ وَإِنْ اخْتَارَتْ الطَّلَاقَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَيَجِبُ الْأَلْفُ لِلزَّوْجِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبِلَتْ بَطَلَ الْخِيَارُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ. اهـ. رَازِيٌّ
لَا يَصِحُّ لَهَا أَيْضًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا وَيَلْزَمُهَا الْمَالُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ إيجَابَ الزَّوْجِ يَمِينٌ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْهُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ وَصَحَّتْ إضَافَتُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لِكَوْنِ الْمَوْجُودِ مِنْ جَانِبِهِ طَلَاقًا وَقَبُولِهَا شَرْطَ الْيَمِينِ فَلَا يَصِحُّ خِيَارُ الشَّرْطِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْفَسْخِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ لَا لِلْمَنْعِ مِنْ الِانْعِقَادِ وَالْيَمِينُ وَشَرْطُهَا لَا يَحْتَمِلَانِ الْفَسْخَ وَلَهُ أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ لِكَوْنِ الْمَوْجُودِ مِنْ جِهَتِهَا مَالًا، وَلِهَذَا يَصِحُّ رُجُوعُهَا قَبْلَ الْقَبُولِ وَلَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءِ الْمَجْلِسِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لِلْفَسْخِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ بَلْ هُوَ مَانِعٌ مِنْ الِانْعِقَادِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا وَكَوْنُهُ شَرْطًا لِيَمِينِ الزَّوْجِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوَضَةً فِي نَفْسِهِ كَمَنْ قَالَ لِآخَرَ إنْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فَعَبْدِي الْآخَرُ حُرٌّ فَإِنَّ الْبَيْعَ شَرْطٌ لِعِتْقِ الْعَبْدِ وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مُعَاوَضَةٌ وَجَانِبُ الْعَبْدِ فِي الْعَتَاقِ مِثْلُ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فِي الطَّلَاقِ حَتَّى يَصِحَّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ دُونَ الْمُولِي فَيَبْطُلُ بِرَدِّ الْعَبْدِ الْخِيَارُ فِي الثَّلَاثِ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى مَضَتْ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْمَالُ كَمَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يَحْصُلُ لَهَا بِالْخُلْعِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ مَالٍ عِنْدَ الْخُرُوجِ وَكَذَا مَالِيَّةُ الْعَبْدِ تَتْلَفُ عَلَى مِلْكِ الْمُولِي بِالْإِعْتَاقِ وَمَعَ هَذَا جَازَ قَبُولُ الْمَالِ فِيهِمَا. .
قَالَ رحمه الله (طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ قَبِلْت صُدِّقَ) بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِمَالٍ يَمِينٌ مِنْ جَانِبِهِ وَقَبُولَهَا شَرْطُ الْحِنْثِ فَيَتِمُّ الْيَمِينُ بِلَا قَبُولٍ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِهَا إقْرَارًا بِالْحِنْثِ لِصِحَّتِهَا بِدُونِهِ بَلْ هِيَ ضِدُّهُ، وَلِهَذَا يُنْتَقَضُ بِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْحِنْثِ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِوُجُودِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فَلَمْ تَقْبَلْ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إنْكَارِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ يَكُونُ إقْرَارًا بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ فَإِنْكَارُهُ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْهُ فَلَا يُسْمَعُ. .
قَالَ رحمه الله (وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ كُلَّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ) حَتَّى لَوْ خَالَعَهَا أَوْ بَارَأَهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ كَانَ لِلزَّوْجِ مَا سَمَّتْ لَهُ وَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ دَعْوَى فِي الْمَهْرِ مَقْبُوضًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُسْقِطَانِ إلَّا مَا سَمَّيَاهُ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ فِي الْخُلْعِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُبَارَأَةِ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ هَذَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُسَمَّى كَسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ وَكَالْإِبَانَةِ وَالطَّلَاقِ بِعِوَضٍ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ إلَّا فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَشْرُوطِ، وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِهِمَا دَيْنٌ آخَرُ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ النِّكَاحِ وَلَا نَفَقَةِ الْعِدَّةِ مَعَ كَوْنِهِ يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ وَأَضْعَفُ مِنْ الْمَهْرِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُبَارَأَةَ تَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْبَرَاءَةِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَاهُ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ وَهُوَ أَنَّ غَرَضَهُمَا أَنْ يَبْرَآ مِمَّا لَزِمَهُمَا بِالْمُعَاشَرَةِ لَا بِالْمُعَامَلَةِ فَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ الْخُلْعَ أَيْضًا يَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْخُلْعِ وَهُوَ الْفَصْلُ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ حَقٌّ وَإِلَّا تَحَقَّقَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ فِي لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالْإِبَانَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِ الْحُقُوقِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَا عَلَى مَالٍ وَسَائِرُ الدُّيُونِ لَيْسَ وُجُوبُهَا بِسَبَبِ النِّكَاحِ فَلَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَى سُقُوطِهَا عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي رِوَايَةٍ وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ وَالْخُلْعُ مُسْقِطٌ لِلْوَاجِبِ لَا مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ شَرَطَا الْبَرَاءَةَ مِنْهَا سَقَطَتْ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَهِيَ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ يُنْظَرُ فَإِنْ وَقَّتَا لَهُ وَقْتًا كَالسَّنَةِ وَنَحْوِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهَا عَنْ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ) أَيْ وَالْمُعَاوَضَاتُ تَقْبَلُ الْخِيَارَ كَالْبَيْعِ اهـ. (قَوْلُهُ فَصَارَ كَالْبَيْعِ) لَكِنَّ جَوَازَهُ فِي الْخُلْعِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِالثَّلَاثِ عِنْدَهُ حَتَّى لَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَازَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْخِيَارِ بِالثَّلَاثِ وَرَدَ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ وَالْبَيْعُ مِنْ الْإِثْبَاتَاتِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنَارِ لِابْنِ فِرِشْتَا فِي الْمَنْزِلِ اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفٍ إلَخْ) أَوْ خَالَعْتكِ أَمْسِ بِأَلْفٍ. اهـ. قُنْيَةٌ. (قَوْلُهُ فَقَالَتْ قَبِلْت صَدَقَ) أَيْ الزَّوْجُ اهـ. (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْحِنْثِ قَوْلَهُ إلَخْ) قَالَتْ اشْتَرَيْت نَفْسِي مِنْك أَمْسِ بِالْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ إلَّا أَنَّك لَمْ تَبِعْ فَقَالَ لَا بَلْ بِعْت وَقَعَ الطَّلَاقُ وَسَقَطَ الْمَهْرُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تَقْبَلِي أَوْ قَالَ خَالَعْتُكِ أَمْسِ بِهَا، وَقَالَتْ لَا بَلْ قَبِلْت فَالْقَوْلُ لَهُ. اهـ. قُنْيَةٌ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْمُبَارَأَةُ) الْمُبَارَأَةُ بِالْهَمْزَةِ وَتَرْكُهَا خَطَأٌ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك بِكَذَا وَتَقْبَلُهُ هِيَ. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا. (قَوْلُهُ لِمُحَمَّدٍ إنَّ هَذَا) أَيْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ فِي رِوَايَةٍ) ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ وَرَضَاعِ وَلَدِهِ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ إذَا وَلَدَتْهُ فِي سَنَتَيْنِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ وَلَدَتْهُ فَمَاتَ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ فَإِنَّهَا تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ قَالَ بَعْدَ هَذَا، وَلَوْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ فَمَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ رَضَاعِ وَلَدٍ سَنَةً، وَلَوْ شَرَطَتْ أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَهِيَ بَرِيئَةٌ مِنْ قِيمَةِ الرَّضَاعِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَهَذَا مِمَّا يَجُوزُ فِي الْخُلْعِ نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا شَرَطَتْ أَنَّهَا إذَا مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا فَهَذَا الشَّرْطُ جَائِزٌ. اهـ. تَتَارْخَانْ.
(قَوْلُهُ وَالْخُلْعُ مُسْقِطٌ لِلْوَاجِبِ إلَخْ)، وَلَوْ خَالَعَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ عِنْدَ الْأَبِ صَحَّ الْخُلْعُ دُونَ الشَّرْطِ، وَلَوْ خَلَعَتْ عَلَى أَنْ تُمْسِكَ الْوَلَدَ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ. اهـ. تَتَارْخَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهَا مِنْ السُّكْنَى) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ صَالَحَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ صَحَّ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَتْ بِالْحَيْضِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ صَالَحَتْهُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ سُكْنَاهَا عَلَى دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ لَا يَصِحُّ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى
مَعْصِيَةٌ وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى بِأَنْ الْتَزَمَتْهَا أَوْ سَكَنَتْ مِلْكَهَا صَحَّ مَشْرُوطًا فِي الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهَا ثُمَّ جُمْلَةُ الْخُلْعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ فَإِمَّا أَنْ لَا يُسَمِّيَا شَيْئًا أَوْ سَمَّيَا الْمَهْرَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ مَالًا آخَرَ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَصَارَتْ سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا بَرِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ حَقِّ الْآخَرِ مِمَّا لَزِمَهُ بِالنِّكَاحِ فِي الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْهُ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ أَيْضًا وَإِنْ سَمَّيَا الْمَهْرَ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِهِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ بِالشَّرْطِ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْأَلْفِ الْمَقْبُوضِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ اسْمٌ لِمَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّهُ بِالشَّرْطِ وَخَمْسُمِائَةٍ أُخْرَى بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْ مَا لَا تَسْتَحِقُّ فَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهَا إلَّا خَمْسُمِائَةٍ بِالشَّرْطِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ آخَرَ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا غَيْرُهُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا إذَا سَمَّيَا بَعْضَ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ اسْتِحْسَانًا عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ مِنْ قَرِيبٍ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَفِي الْقِيَاسِ يَسْقُطُ عَنْهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا أَلْفًا بِالشَّرْطِ وَهِيَ تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا بِقَدْرِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالزَّائِدِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَهْرَ اسْمٌ لِمَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ وَهِيَ خَمْسُمِائَةٍ فَيَجِبُ لَهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَجِبُ لَهُ مِثْلُهُ عَلَيْهَا بِالشَّرْطِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا وَإِنْ سَمَّيَا بَعْضَ الْمَهْرِ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى عُشْرِ مَهْرِهَا مَثَلًا وَالْمَهْرُ أَلْفٌ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالشَّرْطِ وَسَلَّمَ الْبَاقِيَ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ الْمَهْرِ مِائَةً بِالشَّرْطِ وَالْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ فَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِسِتِّمِائَةٍ مِائَةٌ مِنْهَا بَدَلُ الْخُلْعِ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُشْرُ مَهْرِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِمَا ذَكَرْنَا وَبَرِئَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ الْبَاقِي بِحُكْمِ لَفْظِ الْخُلْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّهُ عَنْهُ اسْتِحْسَانًا الْعُشْرُ بِالشَّرْطِ وَالنِّصْفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ وَإِنْ سَمَّيَا مَالًا آخَرَ غَيْرَ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَكَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ بِحُكْمِ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى وَيَسْلَمُ لَهَا مَا قَبَضَتْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ بِحُكْمِ الْخُلْعِ. .
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ خَلَعَ صَغِيرَتَهُ بِمَالِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا) أَيْ لَوْ خَلَعَ الْأَبُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِمَالِهَا لَا يَنْفُذُ عَلَيْهَا أَمَّا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْمَالِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَلَى مَالِهَا كَالتَّبَرُّعِ بِهِ لِكَوْنِهِ مُقَابَلًا بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا مُتَقَوِّمٍ وَهُوَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ؛ لِأَنَّهَا لَا قِيمَةَ لَهَا حَالَةَ الْخُرُوجِ، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ لِزَوْجِهَا شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ بُضْعِهَا وَالْأَبُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ بِمَالِهَا. وَأَمَّا فِي حَقِّ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَبُولِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا لَمْ يَضْمَنْ بَدَلَ الْخُلْعِ كَانَ هَذَا خُلْعًا مَعَ الْبِنْتِ كَأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِذَلِكَ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا كَالْكَبِيرَةِ إذَا خَالَعَ عَنْهَا الْأَجْنَبِيُّ وَالثَّانِيَ أَنَّهُ لَمْ يَنْفُذْ عَلَيْهَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْمَالِ فَقَطْ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَبُولِ الْأَبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِقَبُولِ الْأَبِ فَيَكُونُ كَتَعْلِيقِهِ بِسَائِرِ أَفْعَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَالِ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْخُلْعَ بِالْخَمْرِ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُوجِبُ شَيْئًا. .
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ طَلُقَتْ وَالْأَلْفُ عَلَيْهِ) أَيْ لَوْ خَالَعَهَا الْأَبُ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لِبَدَلِ الْخُلْعِ جَازَ وَلَزِمَهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُ الْمَرْأَةِ. اهـ. وَقَالَ أَيْضًا وَإِنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَالسُّكْنَى تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَكَانَ لَهَا السُّكْنَى وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِمَالٍ وَلَمْ تَذْكُرْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى بِأَنْ قَالَتْ أَنَا أَكْتَرِي بَيْتًا وَأَعْتَدُّ فِيهِ كَانَ لَهَا أَنْ تَكْتَرِيَ بَيْتًا وَتَعْتَدَّ فِيهِ وَإِنْ طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي بَيْتٍ بِكِرَاءٍ كَانَ الْكِرَاءُ عَلَى زَوْجِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ بَعْدَ الْخُلْعِ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا نَفَقَةَ فَلَهَا السُّكْنَى وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ السُّكْنَى عَلَى الْمَرْأَةِ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْإِحْدَادِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا فَإِنَّ مُؤْنَةَ السُّكْنَى تَسْقُطُ عَنْهُ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَكْتَرِيَ بَيْتَ الزَّوْجِ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا وَطَلُقَتْ) طَلُقَتْ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي نَسْخِ الْمَتْنِ اهـ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَتْنِ وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الشَّارِحِ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا إلَخْ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفْصِحُ بِذَلِكَ اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ طَلُقَتْ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ رحمه الله فِي بَابِ الْخُلْعِ رَجُلٌ خَلَعَ ابْنَتَهُ مِنْ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ الْبِنْتُ
صَحِيحٌ فَعَلَى الْأَبِ أَوْلَى وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا الضَّمَانِ الْكَفَالَةَ عَنْ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَلْزَمُهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الْتِزَامُ الْمَالِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ بَدَلِ الْعِتْقِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ إثْبَاتُ الْقُوَّةِ وَالطَّلَاقَ إسْقَاطُ الْمِلْكِ وَلَا يَحْصُلُ لَهَا بِهِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ قَبْلُ وَاشْتِرَاطُ الْبَدَلِ فِيهِ الْتِزَامٌ لِلْمَالِ ابْتِدَاءً كَالْكَفَالَةِ فَيَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ كَمَا يَصِحُّ عَلَيْهَا وَفِي الْعِتْقِ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ قُوَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَصَارَ مُعَاوَضَةً كَالْبَيْعِ فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ كَالثَّمَنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ، وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَيْهَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ فَافْتَرَقَا
وَلَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ الْبَدَلَ عَلَيْهَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لَهُ بِأَنْ تَكُونَ مُمَيِّزَةً وَهِيَ الَّتِي تَعْرِفُ أَنَّ الْخُلْعَ سَالِبٌ وَالنِّكَاحَ جَالِبٌ فَإِنْ قَبِلَتْ وَقَعَ اتِّفَاقًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ يَعْتَمِدُهُ دُونَ لُزُومِ الْمَالِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ قَبِلَ الْأَبُ عَنْهَا صَحَّ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهَا تَتَخَلَّصُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِلَا مَالٍ وَلِذَلِكَ صَحَّ مِنْهَا فَصَارَ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَلَا يَصِحُّ فِي أُخْرَى؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا بِمَعْنَى شَرْطِ الْيَمِينِ وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا فَإِنْ قَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ الْمَهْرِ شَيْءٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ قَبِلَهُ الْأَبُ فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ ضَمِنَهُ صَحَّ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ ثُمَّ قِيلَ تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى مَالٍ آخَرَ مِثْلَ مَهْرِهَا أَمَّا الْخُلْعُ عَلَى مَهْرِهَا فَغَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ إبْطَالِ مِلْكِهَا بِمُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ
وَلَا يُعْتَبَرُ ضَمَانُهُ فِي ذَلِكَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخُلْعَ عَلَى مَهْرِهَا كَالْخُلْعِ عَلَى مَالٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَتَنَاوَلُ مِثْلَهُ لَا عَيْنَهُ وَضَمَانُ الْأَبِ إيَّاهُ صَحِيحٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ مَهْرُهَا أَلْفًا مَثَلًا وَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ الْأَلْفُ قِيَاسًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَلْزَمُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُهُمَا وَأَصْلُهُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ إذَا خَالَعَتْ عَلَى مَهْرِهَا وَهُوَ أَلْفٌ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَبْلَ قَبْضِ الْمَهْرِ فِي الْقِيَاسِ يَلْزَمُهَا خَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهَا أَلْفٌ بِالشَّرْطِ وَوَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْتَقَيَا بِقَدْرِهِ قِصَاصًا فَبَقِيَ عَلَيْهَا خَمْسُمِائَةٍ زَائِدَةٌ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَجِبُ عَلَيْهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ أَلْفٌ بِالشَّرْطِ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يُرَادُ بِهِ مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ عُرْفًا وَهُوَ نِصْفُ الْمَهْرِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ خَمْسِمِائَةٍ بِالشَّرْطِ لِمَا قُلْنَا وَتَبْرَأُ عَنْ الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ
وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِيمَا تَقَدَّمَ يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ الْأَلْفِ كُلِّهِ ثُمَّ جُمْلَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَبُولِهَا فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَفِي وُقُوعِهِ بِقَبُولِ الْأَبِ رِوَايَتَانِ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ ضَمِنَ كَمَا فِي الْكَبِيرَةِ إذَا خَالَعَ عَنْهَا الْأَجْنَبِيُّ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ خُلْعِ الْأَبِ فَنَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ حُكْمِ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ لِيَزْدَادَ وُضُوحًا لِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ فَنَقُولُ بَدَلُ الْخُلْعِ إذَا أُضِيفَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَإِنْ أُضِيفَ إلَى الْمَرْأَةِ وَإِلَى الْعَيْنِ وَالْمَرْأَةُ مُخَاطَبَةٌ أَوْ لَمْ يُضَفْ إلَى أَحَدٍ يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّهَا أَوْلَى بِهَذَا الْعَقْدِ إذْ الْمِلْكُ يَسْقُطُ عَنْهَا بَيَانُهُ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ فَالْقَبُولُ إلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ لَمْ يُضَفْ إلَى أَحَدٍ وَلَزِمَهَا تَسْلِيمُ ذَلِكَ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ،
وَلَوْ قَالَ اخْلَعْهَا عَلَى عَبْدِي هَذَا أَوْ عَلَى أَلْفَيْ هَذِهِ فَخَلَعَهَا صَحَّ الْخُلْعُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ هُوَ الْأَجْنَبِيُّ وَلَا إلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِيهِ كَالنِّكَاحِ وَكَانَ الْبَدَلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَيْهِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اخْلَعْنِي عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ أَوْ دَارِهِ فَأَجَابَهَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ خَالَعْتُكِ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ جَرَى مَعَهَا فَكَانَتْ هِيَ الدَّاخِلَةَ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِرَبِّ الْعَبْدِ خَالَعْتُ امْرَأَتِي عَلَى عَبْدِك يُعْتَبَرُ قَبُولُ صَاحِبِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ أُضِيفَ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلزَّوْجِ اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ يُعْتَبَرُ قَبُولُ فُلَانٍ لِأَنَّ الْبَدَلَ أُضِيفَ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَتْ اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنَّ فُلَانًا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
كَبِيرَةً وَضَمِنَ الْأَبُ بَدَلَ الْخُلْعِ تَمَّ الْخُلْعُ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يَتِمُّ الْخُلْعُ فَالْأَبُ أَوْلَى وَإِنْ خَالَعَ الْأَبُ عَلَى صَدَاقِهَا تَمَّ الْخُلْعُ أَيْضًا ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ أَجَازَتْ الْمَرْأَةُ تَصِحُّ إجَازَتُهَا وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ كَانَ صَدَاقُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ كَأَنَّ الْأَبَ قَالَ لَهُ خَالِعْ عَلَى صَدَاقِهَا إنْ أَجَازَتْ وَإِنْ لَمْ تُجِزْ فَعَلَى مِقْدَارِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً فَإِنْ ضَمِنَ الْأَبُ تَمَّ الْخُلْعُ بِقَبُولِهِ وَيَكُونُ صَدَاقُهَا عَلَى الزَّوْجِ ثُمَّ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ لَا يَجِبُ الْمَالُ لَا عَلَى الْأَبِ وَلَا عَلَى الصَّغِيرَةِ كَمَا لَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ إنْ قَبِلَتْ الصَّغِيرَةُ يَقَعُ كَمَا لَوْ كَانَ الْخُلْعُ مَعَ الصَّغِيرَةِ وَإِنْ قَبِلَ الْأَبُ عِنْدَ الْخُلْعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ لِأَنَّ لِسَانَ الْأَبِ كَلِسَانِهَا اهـ وَهُنَاكَ فُرُوعٌ أُخَرُ فَانْظُرْهَا.
(قَوْلُهُ فَالْقَبُولُ إلَى الْمَرْأَةِ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ هِيَ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ الْمُنْتَفِعَ بِهِ هِيَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إضَافَةُ الْبَدَلِ إلَى نَفْسِهِ إضَافَةَ ضَمَانٍ أَوْ إضَافَةَ مِلْكٍ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَتْهُ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّهَا عَجَزَتْ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُ مَا لَا تَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَ الْبَدَلَ إلَى نَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ فَقَدْ جَعَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ بَدَلَ الْخُلْعِ وَالْخُلْعُ يُوجِبُ تَسْلِيمَ الْبَدَلِ فَصَارَ مُسْتَوْجِبًا لِلْبَدَلِ فَإِيجَابُ الْأَجْنَبِيِّ بَدَلَ الْخُلْعِ جَائِزٌ فَصَارَ تَقْدِيرُ هَذَا الْخُلْعِ كَأَنَّهُ قَالَ خَالِعْ امْرَأَتَك بِأَلْفٍ يَجِبُ عَلَيَّ ابْتِدَاءً بِحُكْمِ الْخُلْعِ، وَلَوْ قَالَ هَكَذَا يَكُونُ الْعَاقِدُ هُوَ وَالْقَبُولُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِطُ قَبُولَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ. اهـ. وَلْوَالِجِيٌّ رحمه الله -
ضَامِنٌ فَأَجَابَهَا تَمَّ الْخُلْعُ مَعَهَا؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدَةُ وَتَوَقَّفَ الضَّمَانُ عَلَى قَبُولِ فُلَانٍ، وَلَوْ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يَخْلَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا بِأَلْفٍ فَفَعَلَ لَزِمَهَا الْمَالُ دُونَ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ فِي الْخُلْعِ تَرْجِعُ إلَى مَنْ عُقِدَ لَهُ لَا إلَى الْوَكِيلِ
وَلَوْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ صَحَّ وَطُولِبَ بِهِ وَإِذَا أَدَّى رَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْخُلْعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَكَانَ فَائِدَةُ الْأَمْرِ بِالْخُلْعِ وُجُوبَ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ إذَا ضَمِنَ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ إلَّا إذَا ضَمِنَ بِأَمْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَكَانَ فَائِدَةُ الْأَمْرِ جَوَازَ النِّكَاحِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ كَالْخُلْعِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ، وَلَوْ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يَخْلَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا بِأَلْفٍ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رحمه الله امْرَأَةٌ وَكَّلَتْ رَجُلًا بِأَنْ يَخْلَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا بِأَلْفٍ فَإِنْ أَرْسَلَ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ بِأَنْ قَالَ خَالِعْ امْرَأَتَكَ عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ أَوْ أَضَافَ الْبَدَلَ إلَى نَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ أَوْ إضَافَةَ ضَمَانٍ بِأَنْ قَالَ خَالِعْهَا عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي أَوْ بِالْفَيْءِ أَوْ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ يَتِمُّ الْخُلْعُ بِقَوْلِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ النَّائِبِ كَقَبُولِهَا ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَدَلُ مُرْسَلًا فَالْبَدَلُ عَلَيْهَا وَهِيَ تُطَالِبُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي بَابِ الْخُلْعِ سَفِيرٌ وَرَسُولٌ وَكَانَ الْمُوَكِّلُ هُوَ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إلَى أَلْفِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَالْبَدَلُ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ مُطَالَبٌ بِهِ لَا الْمَرْأَةُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ إذَا زَوَّجَ امْرَأَةً لِلْمُوَكِّلِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ فَإِنَّ ثَمَّةَ الْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ طَالَبَتْ الزَّوْجَ بِالْمَهْرِ وَإِنْ شَاءَتْ طَالَبَتْهُ
وَهَا هُنَا لَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَرْأَةَ بِبَدَلِ الْخُلْعِ وَثَمَّةَ إذَا أَدَّى لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ وَهُنَا يَرْجِعُ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ مَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْخُلْعِ إذَا كَانَ الْبَدَلُ مُضَافًا إلَيْهِ يَجِبُ ابْتِدَاءً بِحُكْمِ الْخُلْعِ لَا بِحُكْمِ الضَّمَانِ وَكَانَ الْوَكِيلُ مَالِكًا لِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْخُلْعِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ وَقَدْ دَخَلَ تَحْتَ مُطْلَقِ الْوَكَالَةِ وَكَانَ فَائِدَةُ الدُّخُولِ تَحْتَ الْوَكَالَةِ الرُّجُوعَ بِمَا ضَمِنَ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ لَا بِحُكْمِ الضَّمَانِ فَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ إذَا ضَمِنَ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ بِحُكْمِ الضَّمَانِ عَلَى الزَّوْجِ لَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ ابْتِدَاءً وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ طَالَبَتْ الْأَصْلَ وَإِنْ شَاءَتْ طَالَبَتْ الضَّمِينَ، وَإِذَا أَدَّى لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ اهـ.