المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في الأمر باليد] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ٢

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌(فَصْلٌ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ وَوَقَفَ بِعَرَفَةَ

- ‌(بَابُ الْقِرَانِ)

- ‌[بَابُ التَّمَتُّعِ]

- ‌[ بَابُ الْجِنَايَاتِ فِي الْحَجّ]

- ‌[فَصْلٌ نَظَرَ الْمُحْرِم إلَى فَرْجِ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى]

- ‌[فَصْلٌ الصَّيْدَ فِي الحرم]

- ‌{بَابٌ: مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ}

- ‌(بَابٌ: إضَافَةُ الْإِحْرَامِ إلَى الْإِحْرَامِ)

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ]

- ‌[الْعُمْرَة حُكْمهَا وَأَرْكَانهَا]

- ‌(بَابُ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَعْرُوفِ

- ‌(بَابُ الْهَدْيِ)

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة]

- ‌[نَذْر الْحَجّ ماشيا]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[شُرُوط النِّكَاح وَأَرْكَانه]

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ)

- ‌ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ)

- ‌ النِّكَاحُ الْمُؤَقَّتُ

- ‌(بَابُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ وَغَيْرِهَا)

- ‌(بَابُ الْمَهْرِ)

- ‌(بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ)

- ‌(بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ)

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ

- ‌(كِتَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ ضَرْبَانِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ)

- ‌(بَابُ الْكِنَايَاتِ)

- ‌[أَقْسَام الْكِنَايَات]

- ‌(بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ)

- ‌(بَابُ التَّعْلِيقِ)

- ‌(بَابُ الْمَرِيضِ)

- ‌(بَابُ الرَّجْعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ)

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

الفصل: ‌[فصل في الأمر باليد]

أَوْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً أَوْ مَرَّةً أَوْ بِمَرَّةٍ أَوْ دَفْعَةً أَوْ بِدَفْعَةٍ أَوْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ اخْتِيَارَةً وَاحِدَةً يَقَعُ ثَلَاثًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الْأَخِيرَتَيْنِ بِالْعَطْفِ مِنْ وَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ

وَلَوْ كَانَ التَّخْيِيرُ بِمَالٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَزِمَهَا الْمَالُ كُلُّهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّخْيِيرُ بِعَطْفٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَغَا الْوَصْفُ عِنْدَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ الْجَوَابُ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ بِعَطْفٍ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ إلَّا إذَا أَوْقَعَتْ الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ فَلَوْ وَقَعَ كَمَا أَوْقَعَتْهُ لَوَقَعَ بِثُلُثِ الْمَالِ الْمُشْتَرَطِ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِالْبَيْنُونَةِ إلَّا بِالْكُلِّ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَطْفٍ تَعَلَّقَتْ الْأَخِيرَةُ بِالْمَالِ كَالشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ ثُمَّ إنْ اخْتَارَتْ الْأَخِيرَةَ وَقَعَ بِالْمَالِ وَإِنْ اخْتَارَتْ غَيْرَهَا وَقَعَ بِغَيْرِ مَالٍ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت أَوْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً وَنَحْوَهَا وَقَعَ الثَّلَاثُ إجْمَاعًا وَلَزِمَ الْمَالُ كُلُّهُ.

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ)؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ تَخْيِيرُ الزَّوْجِ دُونَ إيقَاعِهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ وَالزِّيَادَاتِ وَالْأَوْضَحِ وَشُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا غَلَطٌ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَوْقَعَتْ بِالصَّرِيحِ لَكِنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِإِيقَاعِهَا بَلْ لِتَفْوِيضِ الزَّوْجِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهَا بِالْبَائِنِ فَأَوْقَعَتْ رَجْعِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً فِي جَوَابِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَقَعَ مَا أَمَرَ بِهِ الزَّوْجُ دُونَ مَا أَوْقَعَتْهُ هِيَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يَلِي هَذَا الْفَصْلَ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي فِي جَوَابِ اخْتَارِي؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ إلَيْهَا الِاخْتِيَارُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ التَّطْلِيقَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي قُلْنَا التَّطْلِيقُ دَخَلَ فِي ضِمْنِ التَّخْيِيرِ فَقَدْ أَتَتْ بِبَعْضِ مَا فُوِّضَ إلَيْهَا فَصَلَحَ جَوَابًا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً بِخِلَافِ الِاخْتِيَارِ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَوِّضْ إلَيْهَا لَا قَصْدًا وَلَا ضِمْنًا، وَكَذَا هُوَ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ إلَّا فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ.

قَالَ رحمه الله (أَمْرُك بِيَدِك فِي تَطْلِيقَةٍ أَوْ اخْتَارِي تَطْلِيقَةً فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا طَلُقَتْ رَجْعِيَّةً)؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ إلَيْهَا الِاخْتِيَارَ لَكِنَّهُ بِتَطْلِيقَةٍ وَهِيَ مُعَقِّبَةٌ لِلرَّجْعَةِ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ أَمْرُك بِيَدِك أَوْ اخْتَارِي يُفِيدُ الْبَيْنُونَةَ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا قُلْنَا لَمَّا قَرَنَهُ بِالصَّرِيحِ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الرَّجْعِيَّ كَمَا لَوْ قَرَنَ الصَّرِيحَ بِالْبَائِنِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ

[فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ]

(فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ) قَالَ رحمه الله (أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي بِوَاحِدَةٍ وَقَعْنَ)؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَمْرِ بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ جَوَابًا لِلتَّمْلِيكِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا تَمْلِيكٌ وَقَوْلُهَا بِوَاحِدَةٍ أَيْ بِاخْتِيَارَةٍ وَاحِدَةٍ بِطَرِيقِ إقَامَةِ الصِّفَةِ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ وَإِنَّمَا صَحَّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ يَحْتَمِلُ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ فَأَيُّهُمَا نَوَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ثَبَتَ الْأَقَلُّ، وَكَذَا إذَا نَوَى ثِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عَدَدٌ مَحْضٌ وَالْجِنْسُ لَا يَحْتَمِلُهُ وَذِكْرُ النَّفْسِ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا كَمَا لَا يَقَعُ فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ إلَّا بِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ جَعْلَ الْأَمْرِ بِيَدِهَا كَالتَّخْيِيرِ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا إلَّا فِي احْتِمَالِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِي التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَكَانَ ضَرُورِيًّا بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَيَمْلِكُ تَمْلِيكَ مَا يَمْلِكُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا.

قَالَ رحمه الله (وَفِي طَلَّقْتُ نَفْسِي وَاحِدَةً أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ) يَعْنِي فِي قَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ فِي جَوَابِ قَوْلِ الزَّوْجِ أَمْرُك بِيَدِك بَانَتْ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَلَّقْتُ نَفْسِي طَلْقَةً وَاحِدَةً فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ الْمَحْذُوفُ مَصْدَرَ قَوْلِهَا طَلَّقْت لِدَلَالَةِ هَذَا الْفِعْلِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَصْدَرَ قَوْلِهَا اخْتَرْت لِمَا قُلْنَا وَلِتَبَادُرِ الْفَهْمِ إلَيْهِ وَذِكْرُ النَّفْسِ فِي قَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي فِي جَوَابِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ شَرْطٌ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك فَقَالَتْ طَلَّقْتُ وَلَمْ تَقُلْ نَفْسِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَإِنَّمَا كَانَ بَائِنًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَفْوِيضُ الزَّوْجِ لَا إيقَاعُهَا فَتَكُونُ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

اخْتَارِي اخْتَارِي اخْتَرْت أَوْ اخْتَرْت اخْتِيَارَةً إلَخْ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ اهـ. (قَوْلُهُ يَقَعُ ثَلَاثًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) أَيْ، وَلَوْ قَالَتْ اخْتَرْت التَّطْلِيقَةَ الْأُولَى يَقَعُ وَاحِدَةٌ إجْمَاعًا اهـ ع.

(قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي) أَيْ فِي جَوَابِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. عَيْنِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْجَامِعِ) إذَا أُطْلِقَ الْجَامِعُ يُرَادُ بِهِ الْجَامِعُ الْكَبِيرُ اهـ. (قَوْلُهُ وَشُرُوحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ) وَعَامَّةِ الْجَوَامِعِ سِوَى جَامِعِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ اهـ كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا غَلَطٌ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ سَهْوٌ وَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّ الْوَاقِعَ بِالتَّخْيِيرِ بَائِنٌ؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ تَمْلِيكُ النَّفْسِ مِنْهَا وَلَيْسَ فِي الرَّجْعِيِّ مِلْكُهَا نَفْسَهَا وَإِيقَاعُهَا وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الصَّرِيحِ لَكِنْ إنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ الْوُقُوعُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَوَّضَ بِهِ إلَيْهَا وَالصَّرِيحُ لَا يُنَافِي الْبَيْنُونَةَ كَمَا فِي تَسْمِيَةِ الْمَالِ فَيَقَعُ بِهِ مَا مَلَكَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إلَّا مَا مَلَكَتْ. اهـ. وَقَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ مَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ سَهْوٌ وَقَعَ مِنْ الْكَاتِبِ وَالْأَصَحُّ مِنْ الرِّوَايَةِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ لَا تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. اهـ. كَيْ (فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الِاخْتِيَارِ أَضْعَفُ مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الْإِيقَاعَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ دُونَ الِاخْتِيَارِ فَالْأَضْعَفُ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَقْوَى وَالْأَقْوَى لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْأَضْعَفِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي جَوَابِ التَّخْيِيرِ) وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ الِاخْتِيَارِ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ. اهـ. .

(فَصْلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ).

ص: 222

فِي التَّفْوِيضِ مَذْكُورَةً فِي الْجَوَابِ ضَرُورَةَ الْمُوَافَقَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ فِي أَمْرِك بِيَدِك الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ اللَّيْلُ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْيَوْمَيْنِ ذُكِرَ مُفْرَدًا وَالْيَوْمُ الْمُفْرَدُ لَا يَتَنَاوَلُ اللَّيْلَ فَكَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا فِي وَقْتَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ أَمْرًا وَاحِدًا لِتَخَلُّلِ مَا يُوجِبُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ وَهُوَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَتَانِ فَكَانَا أَمْرَيْنِ ضَرُورَةً حَتَّى لَا يَبْطُلَ خِيَارُهَا بَعْدَ غَدٍ بِرَدِّ أَمْرِهَا الْيَوْمَ، وَقَالَ زُفَرُ هُمَا أَمْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ عَطْفُ أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارِ لَفْظِ الْأَمْرِ فَيَكُونُ أَمْرًا وَاحِدًا كَقَوْلِهِ الْيَوْمَ وَغَدًا وَكَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ قُلْنَا الْأَمْرُ بِالْيَدِ يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ فَلَا حَاجَةَ إلَى إدْخَالِ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي اللَّفْظِ مَقْصُودًا وَلَا تَبَعًا فَكَانَا أَمْرَيْنِ ضَرُورَةَ الِانْفِصَالِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ فَجَازَ أَنْ يُوصَفَ فِي الْيَوْمِ وَبَعْدَ غَدٍ بِطَلَاقٍ وَاحِدٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيقَاعِ طَلَاقٍ آخَرَ لِبَقَاءِ الْأَوَّلِ إلَى الْوَقْتِ الثَّانِي وَبِخِلَافِ قَوْلِهِ الْيَوْمَ وَغَدًا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْكِتَابِ قَالَ رحمه الله (وَإِنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي يَوْمِهَا بَطَلَ أَمْرُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ بِيَدِهَا بَعْدَ غَدٍ)؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُمَا أَمْرَانِ لِانْفِصَالِ وَقْتَيْهِمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَقْتَيْنِ عَلَى حِدَةٍ فَبِرَدِّ أَحَدِهِمَا لَا يَرْتَدُّ الْآخَرُ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ رحمه الله بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ أَمْرٌ وَاحِدٌ عِنْدَهُ.

قَالَ رحمه الله (وَفِي أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَغَدًا يَدْخُلُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَغَدًا يَدْخُلُ اللَّيْلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقْتٌ مِنْ جِنْسِهِمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْأَمْرُ فَكَانَ أَمْرًا وَاحِدًا، وَهَذَا لِأَنَّ تَخَلُّلَ اللَّيْلَةِ لَا يَفْصِلُهُمَا؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ قَدْ يَجْلِسُونَ لِلْمَشُورَةِ فَيَهْجُمُ اللَّيْلُ وَلَا تَنْقَطِعُ مَشُورَتُهُمْ وَمَجْلِسُهُمْ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْيَوْمَ هُنَا ذُكِرَ مُفْرَدًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ اللَّيْلَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَرْفِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِتَخَلُّلِ وَقْتٍ مِنْ جِنْسِهِمَا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ اللَّفْظِ وَهُنَا أَمْكَنَ لِعَدَمِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ هُنَاكَ أَيْضًا أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ كَانَ أَمْرًا وَاحِدًا لِمَا قُلْنَا قَالَ رحمه الله (وَإِنْ رَدَّتْ فِي يَوْمِهَا لَمْ يَبْقَ فِي الْغَدِ) أَيْ إنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي يَوْمِهَا بِاخْتِيَارِهَا الزَّوْجَ لَمْ يَبْقَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْغَدِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَمْرٌ وَاحِدٌ فَلَا يَبْقَى لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الرَّدِّ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ فَرَدَّتْهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لَا يَبْقَى لَهَا الْخِيَارُ فِي آخِرِهِ

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فِي الْغَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ رَدَّ الْأَمْرِ كَمَا لَا تَمْلِكُ رَدَّ الْإِيقَاعِ وَالْجَامِعُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِيهِمَا فِي الْمَجْلِسِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ قِيَامِهَا عَنْ الْمَجْلِسِ وَاشْتِغَالِهَا بِعَمَلٍ آخَرَ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمُدَّةَ كُلَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَجْلِسِ فِيمَا لَمْ يُذْكَرْ الْوَقْتُ فِيهِ لِكَوْنِهِ أَمْرًا وَاحِدًا وَهُنَاكَ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ الرَّدِّ فَكَذَا هُنَا، وَلِأَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ إذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا لَا يَكُونُ لَهُ خِيَارُ الْآخَرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا الْيَوْمَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ زَوْجَهَا غَدًا فَكَذَا هَذَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَأَمْرُك بِيَدِك غَدًا أَنَّهُمَا أَمْرَانِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، وَهَذَا صَحِيحٌ لِاسْتِقْلَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَلَامَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِارْتِبَاطِ بِمَا قَبْلَهُ، وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ هَذَا الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فِي الْيَوْمِ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ فِي الْمَجْلِسِ فَإِذَا قَامَتْ بَطَلَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَفِي غَدٍ، وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ نَهَارًا وَلَمْ تَعْلَمْ بِالْقُدُومِ حَتَّى جَنَّ اللَّيْلُ بَطَلَ خِيَارُهَا بِمُضِيِّ مُدَّتِهِ وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي فَصْلِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ مَكَثَتْ بَعْدَ التَّفْوِيضِ يَوْمًا وَلَمْ تَقُمْ أَوْ جَلَسَتْ عَنْهُ أَوْ اتَّكَأَتْ عَنْ الْقُعُودِ أَوْ عَكَسَتْ أَوْ دَعَتْ أَبَاهَا لِلْمَشُورَةِ أَوْ شُهُودًا لِلْإِشْهَادِ أَوْ كَانَتْ عَلَى دَابَّةٍ فَوَقَفَتْ بَقِيَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ وَكَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ) تَكُونُ طَالِقًا وَاحِدَةً لِاثْنَتَيْنِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ. (قَوْلُهُ قُلْنَا الْأَمْرُ بِالْيَدِ يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ) أَيْ فَتَوَقَّتَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ بِالْوَقْتِ الْأَوَّلِ وَجَعَلَ الثَّانِي أَمْرًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ بِوَقْتِ الْأَمْرِ فَبِرَدِّ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ رَدُّ الْأَمْرِ الثَّانِي. اهـ. رَازِيٌّ.

(قَوْلُهُ يَدْخُلُ اللَّيْلُ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ وَالْيَوْمَ وَغَدًا يَفْتَرِقَانِ فِي حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَوْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا الْيَوْمَ وَخَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا فِيهِ تَمْلِكُهُ بَعْدَ الْغَدِ وَالثَّانِي عَدَمُ مِلْكِهَا فِي اللَّيْلِ وَفِي الْيَوْمِ وَغَدًا لَوْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا الْيَوْمَ لَا تَمْلِكُ طَلَاقَ نَفْسِهَا غَدًا أَيْ نَهَارًا وَتَمْلِكُهُ لَيْلًا وَالْفَرْقُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَاحِدٌ فِي الْيَوْمِ وَغَدًا وَتَمْلِيكَانِ فِي الْيَوْمِ وَبَعْدَ غَدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَأَمْرُك بِيَدِك غَدًا أَنَّهُمَا أَمْرَانِ حَتَّى لَوْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا الْيَوْمَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا غَدًا؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا فِي الْغَدِ تَخْيِيرٌ جَدِيدٌ بَعْدَ ذَلِكَ التَّخْيِيرِ الْمُنْقَضِي بِاخْتِيَارِهَا الزَّوْجَ. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ، وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا) أَيْ فَلَمْ يَبْقَ تَخْصِيصُ أَبِي يُوسُفَ إلَّا؛ لِأَنَّهُ مَخْرَجُ الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا عَدَمُ جَوَازِ اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا لَيْلًا فَلَا تَغْفُلْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتُ لَهَا فِي يَوْمٍ مُفْرَدٍ فَلَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ وَالثَّابِتُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ بِأَمْرٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ حَيْثُ يَمْتَدُّ إلَى الْغُرُوبِ فَقَطْ اهـ وَفِي جَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ غَدًا بَعْدَ غَدٍ فَهُوَ أَمْرٌ وَاحِدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا أَوْقَاتٌ مُتَرَادِفَةٌ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك أَبَدًا فَيَرْتَدُّ بِرَدِّهَا مَرَّةً وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ؛ لِأَنَّهَا أَوْقَاتٌ حَقِيقَةً اهـ كَمَالٌ رحمه الله.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ مَكَثَتْ بَعْدَ التَّفْوِيضِ يَوْمًا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. وَقَوْلُهُ مَكَثَتْ يَوْمًا لَيْسَ لِلتَّقْدِيرِ بِهِ اهـ

ص: 223

خِيَارُهَا وَإِنْ سَارَتْ لَا) هَذَا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ مُطْلَقًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ مُؤَقَّتًا فَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ. وَقَوْلُهُ أَوْ جَلَسَتْ عَنْهُ أَيْ جَلَسَتْ عَنْ الْقِيَامِ. وَقَوْلُهُ أَوْ عَكَسَتْ أَيْ قَعَدَتْ عَنْ الِاتِّكَاءِ وَهُوَ عَكْسُهُ وَإِنَّمَا تَقَيَّدَ الْخِيَارُ بِالْمَجْلِسِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ تَمْلِيكُ التَّطْلِيقِ مِنْهَا لِتَصَرُّفِهَا بِرَأْيِهَا وَالتَّمْلِيكُ يَقْتَضِي جَوَابًا فِي الْمَجْلِسِ كَالْإِيجَابِ فِي بَابِ الْبَيْعِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ تَسْمَعُ يُعْتَبَرُ مَجْلِسُهَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْمَعُ فَمَجْلِسُ عِلْمِهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ مَجْلِسِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ هُنَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى التَّعْلِيقِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِتَطْلِيقِهَا، وَلِهَذَا لَزِمَ مِنْ جَانِبِهِ وَالْبَيْعُ تَمْلِيكٌ مَحْضٌ، وَلِهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا قَبْلَ الْقَبُولِ

فَإِذَا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُهَا فَالْمَجْلِسُ يَتَبَدَّلُ تَارَةً حَقِيقَةً بِالتَّحَوُّلِ إلَى مَكَان آخَرَ وَتَارَةً حُكْمًا بِالْأَخْذِ فِي عَمَلٍ آخَرَ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ مَا يَعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ قَطْعٌ لِمَا كَانَتْ فِيهِ لَا مُطْلَقُ الْعَمَلِ حَتَّى لَوْ شَرِبَتْ مَاءً لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَشْرَبُ لِتَتَمَكَّنَ مِنْ الْخُصُومَةِ فَإِنَّ رُطُوبَةَ الْفَمِ تَذْهَبُ بِالْمُشَاجَرَةِ فَلَا تَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ مَا لَمْ تَشْرَبْ فَلَا يَكُونُ دَلِيلَ الْإِعْرَاضِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَكَلَتْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَدْعُوَ بِطَعَامٍ أَوْ لَيْسَتْ ثِيَابُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقُومَ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ سَبَّحَتْ أَوْ قَرَأَتْ آيَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ قَلِيلٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَقَعَدَتْ؛ لِأَنَّهُ دَلَالَةُ الْإِقْبَالِ إذْ الْقُعُودُ أَجْمَعُ لِلرَّأْيِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الِاسْتِرَاحَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَاتَّكَأَتْ أَوْ كَانَتْ مُتَّكِئَةً فَاسْتَوَتْ قَاعِدَةً؛ لِأَنَّهُ دَلَالَةُ الْجِدِّ فِي التَّأَمُّلِ كَمَا إذَا كَانَتْ مُحْتَبِيَةً فَتَرَبَّعَتْ

وَفِي رِوَايَةٍ يَبْطُلُ خِيَارُهَا بِالِاتِّكَاءِ؛ لِأَنَّهُ إظْهَارُ التَّهَاوُنِ بِمَا حَزَّ بِهَا وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ أَبَاهَا لِلْمَشُورَةِ أَوْ شُهُودًا لِلْإِشْهَادِ لَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِشَارَةَ لِتَحَرِّي الصَّوَابِ، وَلِهَذَا «أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ بِمُشَاوَرَةِ وَالِدَيْهَا قَبْلَ أَنْ تُجِيبَهُ» وَالْإِشْهَادُ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الْجُحُودِ فَصَارَ دَلِيلَ الْإِقْبَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَتْ بِطَعَامٍ فَأَكَلَتْ أَوْ قَامَتْ أَوْ اغْتَسَلَتْ أَوْ امْتَشَطَتْ أَوْ اخْتَضَبَتْ أَوْ جَامَعَهَا زَوْجُهَا حَيْثُ يَبْطُلُ خِيَارُهَا لِاشْتِغَالِهَا بِعَمَلٍ آخَرَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَيَكُونُ إعْرَاضًا عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قَاعِدَةً فَاضْطَجَعَتْ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ رحمه الله؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ التَّهَاوُنِ فَيَكُونُ إعْرَاضًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إعْرَاضًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَضْطَجِعُ لِلتَّأَمُّلِ فَلَا يَكُونُ دَلِيلَ الْإِعْرَاضِ، وَذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَجِدْ أَحَدًا يَدْعُو لَهَا شُهُودًا فَقَامَتْ لِتَدْعُوَ وَلَمْ تَنْتَقِلْ

قِيلَ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَقِيلَ يَبْطُلُ لِتَبَدُّلِ الْمَجْلِسِ وَلَا تُعْذَرُ فِيهِ كَمَا لَا تُعْذَرُ فِيمَا إذَا أُقِيمَتْ كَرْهًا وَقِيلَ إذَا لَمْ تَنْتَقِلْ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا وَإِذَا انْتَقَلَتْ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَإِنْ كَانَتْ قَاعِدَةً لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا، وَلَوْ كَانَتْ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ أَوْ الْوَتْرَ فَأَتَمَّتْهَا لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ فِي النَّفْلِ فَأَتَمَّتْهَا رَكْعَتَيْنِ، وَلَوْ قَامَتْ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي بَطَلَ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ مُبْتَدَأَةٌ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ مَحْمَلٍ فَوَقَفَتْ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَإِنْ سَارَتْ بَطَلَ؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا مُضَافٌ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تَسِيرُ بِاخْتِيَارِ رَاكِبِهَا وَلَوْ اخْتَارَتْ مَعَ سُكُوتِهِ وَالدَّابَّةُ تَسِيرُ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهَا الْجَوَابُ بِأَسْرَعَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُوجَدْ تَبَدُّلُ الْمَجْلِسِ حُكْمًا، وَهَذَا لِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِيَصِيرَ الْجَوَابُ مُتَّصِلًا بِالْخِطَابِ وَقَدْ وُجِدَ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مَعَهَا عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ الْمَحْمَلِ أَوْ لَا يَكُونَ

وَلَوْ كَانَتْ رَاكِبَةً فَنَزَلَتْ أَوْ تَحَوَّلَتْ إلَى دَابَّةٍ أُخْرَى أَوْ كَانَتْ نَازِلَةً فَرَكِبَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ مُؤَقَّتًا) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً وَقَدْ جَعَلَ الْأَمْرَ إلَيْهَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ بَلَغَهَا الْأَمْرُ مَعَ بَقَاءِ شَيْءٍ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَقَيَّدَ الْخِيَارُ بِالْمَجْلِسِ) قَالَ الْحَاكِمُ الْجَلِيلُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ أَبَدًا وَلَكِنَّا تَرَكْنَاهُ وَأَخَذْنَا بِالْأَثَرِ وَجْهُ الْقِيَاسِ إطْلَاقُ الْأَمْرِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ بِقَوْلِهِمْ لِلْمُخَيَّرَةِ الْمَجْلِسُ اهـ. (قَوْلُهُ، وَلِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ) أَيْ قَوْلُهُ أَمْرُك بِيَدِك.

وَقَوْلُهُ اخْتَارِي نَفْسَك تَمْلِيكٌ لَا إبَانَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَعْمَلُ لَا لِغَيْرِهَا وَالتَّمْلِيكَاتُ تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ وَالتَّمْلِيكَاتُ تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ الِاعْتِبَارُ لِمَجْلِسِهَا لَا لِمَجْلِسِهِ حَتَّى إذَا قَامَ الرَّجُلُ بَعْدَ أَنْ جَعَلَ إلَيْهَا الْأَمْرَ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا بِقِيَامِهِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِي حَقِّهِ لَازِمٌ، وَلِهَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيَفْسَخَ الْخِيَارَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَجْلِسُهُمَا جَمِيعًا حَتَّى أَيُّهُمَا قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ أَصْلًا، وَلِهَذَا إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ كَلَامِهِ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ فَلَهُ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ تَسْمَعُ) أَيْ تَسْمَعُ لَفْظَهُ بِالتَّخْيِيرِ. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ يُعْتَبَرُ مَجْلِسُهَا) أَيْ مَجْلِسُ سَمَاعِهَا اهـ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَدْعُوَ بِطَعَامٍ) أَمَّا إذَا ادَّعَتْ بِطَعَامٍ وَأَكَلَتْ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا قَلَّ الْأَكْلُ أَوْ كَثُرَ. اهـ. عِمَادِيٌّ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إظْهَارُ التَّهَاوُنِ بِمَا حَزَبَهَا) يُقَالُ حَزَبَهُ أَمْرٌ أَيْ أَصَابَهُ مِنْ بَابِ طَلَبَ. اهـ. مُغْرِبٌ وَيُقَالُ أَيْضًا حَزَنَهُ أَمْرٌ بِالنُّونِ. اهـ. نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ فَأَكَلَتْ أَوْ قَامَتْ) أَيْ مِنْ مَجْلِسِهَا وَإِنْ لَمْ تَذْهَبْ اهـ ابْنُ فِرِشْتَا قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله، وَلَوْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَقَالَتْ لِمَ لَا تُطَلِّقُنِي بِلِسَانِك فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا لِمَ لَا تُطَلِّقُنِي لَيْسَ رَدًّا فَتَمْلِكُ بَعْدَهُ الطَّلَاقَ قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا لِمَ إلَخْ كَلَامٌ زَائِدٌ فَيَتَبَدَّلُ الْمَجْلِسُ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُبَدِّلَ لِلْمَجْلِسِ مَا يَكُونُ قَطْعًا لِلْكَلَامِ الْأَوَّلِ وَإِفَاضَةً فِي غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ بَلْ الْكُلُّ مُتَعَلِّقٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الطَّلَاقُ. اهـ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ اخْتَارَتْ مَعَ سُكُوتِهِ) أَيْ اخْتَارَتْ مُتَّصِلًا بِتَخْيِيرِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ بَيْنَ كَلَامِهِ وَكَلَامِهَا اهـ

ص: 224