الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة التحقيق:
الحمد لله مصور النسم في ظلمات الأرحام، مقدر القسم للأنام، مشرع الأحكام، مبين الحلال والحرام، محكم أصول الشريعة المنيعة بالتمام، ومنضج ثمار فروعها المتصلة بكتابه أفضل الإحكام، بسنة نبيه الناسخ كل شريعة ماضية بشريعة الإسلام، عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.
ونشهد ألا إله إلا الله شهادة راسخة في صميم القلب، تؤمل صاحبها برضى الرب، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي رفع عن الأمة باليسر كل عسير وصعب، عليه وعلى آله وصحبه صلاة وسلاما يدفعان عنا كل كرب.
وبعد:
فلما كان الهدف من وجود الإنسان هو تحقيق العبودية لله عز وجل، وبما أنه سبحانه وتعالى لم يكلنا إلى أنفسنا في تحقيق ذلك، بل أرسل إلينا الرسل، وأيدهم بالوحي الأمين، فلا بد لنا من معرفة وفهم مرامية وأهدافه، وما فيها من التعاليم التي تصلح لنا المعاش والمعاد، فكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما النبعان الصافيان اللذان تكفلا بسعادة الدنيا ونعيم الآخرة لمن تمسك بهما.
ولكن لما فسدت السليقة، ودخلت العجمة، وأصابت اللسان آفة اللحن، لم يتسن لكل فرد من أفراد هذه الأمة هذا الفهم، بل اختص بأناس توفرت فيهم شروط وميزات تؤهلم لذلك، فأحاطوا بدقائق علم خاص سموه علم "أصول الفقه"، فلذلك نص العلماء على أن حكم تعلمه فرض كفاية لحاجة الأمة إلى استنباط الأحكام الشرعية للحادثات المتجددة.
وبرعت أقلام العلماء في وصف علم أصول الفقه، فقال الإمام الإسنوي:
هو المعلم الذي يكون المجتهد المبدع، والفقيه المثمر، ويقضي على أكذوبة غلق باب الاجتهاد، ويذهب أسطورة سد طريق الاستنباط، وأنه لا يمكن أن يستغني عنه من أراد أن يتأهل للنظر والاجتهاد أو من يهتم بعلم الفقه والخلاف.
وقال الإمام الغزالي:
هو العلم الذي ازدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع، فأخذ من صفوة
الشرع والعقل سواء السبيل، فلا هو تصرف بمحض العقول بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا مبني على محض التقليد الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد.
أول من صنف في هذا الفن:
أول من قعد قواعد علم أصول الفقه، وأصل أصوله هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي، المجتهد صاحب المذهب في رسالته التي كتبها لعبد الرحمن بن مهدي.
المصنفات المؤلفة فيه على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه:
كثرت الكتب والتآليف المدونة في هذا العلم فمنها:
1-
"البرهان": للإمام أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني.
2-
"البحر المحيط": للإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي.
3-
"المستصفى من علم الأصول": للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي.
4-
"المحصول": للإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي.
ترجمة المؤلف:
اسمه ونسبه:
هو الإمام محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن صلاح.
عرف هو ووالده في صنعاء بالشوكاني، وهي نسبة إلى قرية من قرى السحامية تسمى شوكان، بينها وبين صنعاء دون مسافة يوم.
قال في معجم البلدان: شوكان قرية باليمن من ناحية ذمار.
مولده ونشأته:
ولد في يوم الاثنين، الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة، سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف هجرية، بهجرة شوكان من بلاد خولان باليمن، ونشأ بصنعاء اليمن.
اهتمامه بالعلم:
- اهتم الإمام الشوكاني بالقرآن الكريم: فقرأه على جماعة من المعلمين، وختمه على الفقيه حسن بن عبد الله الهبل، وجوده على مشايخ القرآن بصنعاء.
- واهتم بعلوم الحديث، فسمع البخاري من أوله إلى آخره، وسمع صحيح مسلم والترمذي، وبعض موطأ الإمام مالك، وبعض شفاء القاضي عياض، وبعض سنن النسائي، وبعض سنن ابن ماجة، وسمع جميع سنن أبي داود وتخريجها للمنذري، وكذلك سمع بعض فتح
الباري، وبعض شرح مسلم للنووي، وسمع شرح بلوغ المرام وغيرها من علوم الحديث.
- واهتم بعلوم العربية، فحفظ الكافية والشافية لابن الحاجب، وقرأ بعض شروح الكافية كشرح الرضي، وشرح الخبيصي، وقرأ بعض شروح الشافية أيضًا.
- واهتم بعلم الأصول فبرع فيه وألف وصنف، فمن مصنفاته الكتاب الذي بين أيدينا.
- واهتم بعلوم أخرى كثيرة، منها علم الفقه، حتى إنه ترك التقليد واجتهد رأيه اجتهادًا مطلقًا غير مقيد، وهو قبل الثلاثين من عمره، وولي القضاء والإفتاء في صنعاء اليمن.
- شيوخه:
من شيوخه:
1-
والده علي بن محمد الشوكاني.
2-
الفقيه حسن بن عبد الله الهبل.
3-
العلامة عبد الرحمن بن قاسم المداني.
4-
العلامة أحمد بن عامر الحدائي.
5-
العلامة أحمد بن محمد الحرازي، وقرأ عليه شرح الأزهار.
6-
العلامة إسماعيل بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن الإمام القاسم بن محمد، وقرأ عليه الملحة في النحو وشرحها.
7-
العلامة القاسم بن يحيى الخولاني، وقرأ عليه شرح الغاية.
8-
العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي، وقرأ عليه التنقيح في علوم الحديث.
9-
العلامة عبد الله بن إسماعيل النهمي، وقرأ عليه إيساغوجي للقاضي زكريا.
10-
العلامة هادي بن حسين القارني، وقرأ عليه شرح الجزرية.
نشره للعلم:
استغرق الإمام الشوكاني جميع وقته في درس العلم وتحصيله، ونشره وتعليمه للناس، حتى بلغت دروسه في اليوم والليلة ثلاثة عشر درسًا، منها ما يأخذه عن مشايخه، ومنها ما يأخذه عنه تلامذته، واستمر على ذلك مدة، حتى لم يبق عند أحد من شيوخه ما لم يكن من جملة ما قرأه الإمام، ثم إنه بعد ذلك فرغ نفسه لإفادة الطلبة، فكانوا يأخذون عنه في كل يوم زيادة على عشرة دورس في فنون متعددة، منها التفسير والحديث والأصول، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والمنطق، والفقه، والجدل، والعروض.
مؤلفاته:
حكى الزركلي في الأعلام، أن مؤلفات الإمام الشوكاني بلغت أربعة عشر ومائة مؤلف، منها:
1-
نيل الأوطار في شرح المنتقى من الأخبار. وهو مطبوع في ثمانية مجلدات.
2-
حاشية شفاء الأوام واسمها "وبل الغمام على شفاء الأوام".
3-
الدرر البهية في المسائل الفقهية.
4-
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، وهو مطبوع.
5-
فتح القدير في علم التفسير، وهو مطبوع.
6-
السير الجرار على حدائق الأزهار. وهو مطبوع.
7-
الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، وهو مطبوع.
وفاته:
توفي سنة ألف ومائتين وخمسين هـ رحمه الله تعالى عن سبعة وسبعين عامًا1.
منهج التحقيق:
سرت في تحقيق هذا الكتاب على النحو التالي:
1-
وضعت مقدمة تشتمل على:
أ- مقدمة التحقيق، ب- ترجمة للمؤلف.
2-
قمت بمقابلة الكتاب على نسخة قديمة الطباعة ورمزت له بـ "أ"، حيث اعتمدت في ضبط النص على نشرة الدكتور شعبان محمد إسماعيل، ورمزت لها بالحرف "ب" وذلك بعد أن عجزت عن الحصول على مخطوط للكتاب، إذ إنني أرسلت إلى مكتبة الجامع الكبير في صنعاء
1 مصادر الترجمة البدر الطالع بمحاسن مَنْ بعد القرن السابع عشر "للشوكاني" 2/ 214-215
معجم المطبوعات "لسركيس""1160-1161".
الأعلام "للزركلي""6/ 298".
معجم المؤلفين "لكحالة""11/ 53".
إيضاح المكنون "للبغدادي""1/ 11".
هدية العارفين "للبغدادي""2/ 365".
التاج المكلل "لصديق خان""305-317".
اليمن، وطلبت الحصول على مخطوطة أصلية للكتاب، بعد أن علمت بوجودها هناك، ولم يكن لنا نصيب بالحصول عليها.
3-
قمت بتخريج الآيات القرآنية بردها إلى سورها، ووضع أرقامها، وجعلتها بين قوسين مزهرين. {} .
4-
قمت بتخريج الأحاديث النبوية والآثار، وجعلتها بين قوسين صغيرين " " ورقمتها بأرقام مسلسلة موضوعة بين معكوفتين [] وذلك في التعليق.
5-
ترجمة الأعلام الواردة أسماؤهم من غير الصحابة المعروفين.
6-
عرفت بالكتب الواردة أسماؤها، ونسبتها إلى مؤلفيها.
7-
شرحت غريب الألفاظ، وضبطتها.
8-
وضعت علامات الترقيم في الكتاب.
9-
علقت على بعض النقاط الغامضة بما يوضحها ويزيل غموضها.
10-
وضعت عناوين لبعض فصول الكتاب، وجعلتها بين قوسين كبيرين " ".
11-
قمت بتخريج الأبيات الشعرية ببيان بحرها ونسبتها إلى ناظميها.
12-
وضعت ترجمة للفرق المذكورة في الكتاب.
13-
وضعت للكتاب فهارس على النحو التالي:
أ- فهرس الآيات القرآنية.
ب- فهرس الأحاديث النبوية.
جـ- فهرس الأعلام.
د- فهرس الفرق والمذاهب.
هـ- فهرس الأماكن والبلدان.
و فهرس الأبيات الشعرية.
ز- فهرس الكتب الوارد ذكرها في المتن.
ح- فهرس مراجع التحقيق.
ط- فهرس الموضوعات.
وفي الختام:
وحيث إنني أتوجه بالشكر والثناء لإرادة "دار الكتاب العربي" حيث انتدبتني لهذا العمل، أقول: إلى كل من يقرأ هذا الكتاب، أو يطلع على نقص أو خلل في العمل بتحقيقه، إنني لم أدع العصمة، ولا الكمال في عملي، فإن العصمة للأنياء، والكمال لله وحده، ولكنني أرجو ممن وجد خطأ في العمل أن يرسل به إلي، وأنا له من الشاكرين، سائلًا المولى تبارك وتعالى أن يحفظ ألسنتنا وأقلامنا من الزلل، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، والحمد لله رب العالمين.
المحقق: أحمد عزو عناية
دمشق - كفر بطنا