المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: في أفعاله صلى الله عليه وسلم - إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول - جـ ١

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌المقدمة

- ‌مقدمة سماحة مفتي زحلة والبقاع والغربي الشيخ خليل الميس

- ‌مقدمة الدكتور ولي الدين صالح فرفور الدمشقي:

- ‌مقدمة التحقيق:

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌‌‌مدخلإلى علم الأصول

- ‌مدخل

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَمَوْضُوعِهِ وفائدته واستمداده

- ‌موضوع علم أُصُولِ الْفِقْهِ:

- ‌فائدة علم أصول الفقه وثمرته:

- ‌استمداد علم أصول الفقه:

- ‌الفصل الثاني في الأحكام

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول في الحكم

- ‌المبحث الثاني في الحاكم

- ‌المبحث الثالث في المحكوم به

- ‌مدخل

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌المبحث الرابع في المحكوم عليه وهو المكلف

- ‌الفصل الثالث في المبادئ اللغوية

- ‌المبحث الأول: عن ماهية الكلام

- ‌المبحث الثاني: عن الْوَاضِعُ

- ‌المبحث الثالث: عن الْمَوْضُوعُ

- ‌المبحث الرابع: عن الْمَوْضُوعُ لَهُ

- ‌المبحث الْخَامِسُ: عَنِ الطَّرِيقِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا الْوَضْعُ

- ‌الفصل الرابع في تقسم اللفظ إلى مفرد ومركب

- ‌مدخل

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الِاشْتِقَاقِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي التَّرَادُفِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْمُشْتَرَكِ

- ‌المسألة الرابعة: الخلاف في استعمال المشترك في أكثر من معنى

- ‌المسألة الخامسة: في الحقيقة والمجاز وفيها عشر أَبْحَاثٍ

- ‌الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِ لَفْظَيِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ

- ‌الْبَحْثُ الثَّانِي فِي حَدِّهِمَا:

- ‌البحث الثالث: الحقائق اللغوية والعرفية والشرعية والخلاف في ثبوتها وثمرة ذلك:

- ‌البحث الرابع: المجاز في لغة العرب

- ‌البحث الخامس: علاقات الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ

- ‌الْبَحْثُ السَّادِسُ: فِي قَرَائِنِ الْمَجَازِ

- ‌الْبَحْثُ السَّابِعُ: فِي الْأُمُورِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا الْمَجَازُ وَيَتَمَيَّزُ عِنْدَهَا عَنِ الْحَقِيقَةِ

- ‌البحث الثامن: عدم اتصاف اللفظ قبل الاستعمال بالحقيقة والمجاز

- ‌الْبَحْثُ التَّاسِعُ: فِي اللَّفْظِ إِذَا دَارَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا أَوْ مُشْتَرَكًا

- ‌الْبَحْثُ الْعَاشِرُ: فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ

- ‌الخلاف في بَعْضِ حُرُوفِ الْمَعَانِي:

- ‌الْمَقْصِدُ الْأَوَّلُ: فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَعْرِيفِهِ

- ‌الفصل الثاني: حكم المنقول آحَادًا

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآنِ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُ: فِي الْمُعَرَّبِ هَلْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ أَمْ لَا

- ‌المقصد الثاني: في السنّة

- ‌الفصل الأول: في معنى السنّة لغة وشرعا

- ‌الفصل الثاني: في حجية السنة واستقلالها بالتشريع

- ‌الفصل الثالث: في عِصْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ

- ‌الفصل الرَّابِعُ: فِي أَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الخامس: في تَعَارُضُ الْأَفْعَالِ

- ‌الفصل السادس: في حكم التعارض بين القول والفعل

- ‌الفصل السابع: في التَّقْرِيرُ

- ‌الفصل الثامن: فيما هم بفعله ولم يفعله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل التاسع: في حكم إشارته وكتابته صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل العاشر: فيما تركه صلى الله عليه وسلم والقول في الحوادث التي لم يحكم بها

- ‌الفصل الحادي عشر: في الأخبار وَفِيهِ أَنْوَاعٌ

- ‌النَّوْعُ الْأَوَّلُ: فِي مَعْنَى الْخَبَرِ لغة واصطلاحا

- ‌النوع الثاني: أقسام الخبر من حيث الصدق والكذب

- ‌النَّوْعُ الثَّالِثُ: فِي تَقْسِيمِ الْخَبَرِ

- ‌النوع الرابع: أقسام الخبر من حيث التواتر وعدمه

- ‌القسم الأول: المتواتر

- ‌الْقِسْمُ الثَّانِي: الْآحَادُ

- ‌في ألفاظ الرواية

- ‌مدخل

- ‌أَمَّا أَلْفَاظُ الرِّوَايَةِ مِنْ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ:

- ‌فصل: الحديث الصحيح والمرسل

- ‌حكم الحديث المنقطع والمعضل:

- ‌فصل: طرق ثبوت العدالة

- ‌مدخل

- ‌فرع: الخلاف في عدالة الْمُبْهَمِ

- ‌فرع آخر: الخلاف فِي قَبُولِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مَنْ دُونِ ذِكْرِ السَّبَبِ

- ‌فرع ثالث: تعارض الجرح والتعديل والجمع بينهما

- ‌فصل: عدالة الصحابة

- ‌فرع: التعريف بالصحابي

- ‌فرع آخر: طرق معرفة الصحابي

- ‌المقصد الثالث: الإجماع

- ‌الفصل الأول: في مسماه لغة واصطلاحا

- ‌الفصل الثاني: في إِمْكَانُ الْإِجْمَاعِ فِي نَفْسِهِ

- ‌الفصل الثالث: في ظنية الإجماع أو قطعيته

- ‌الفصل الرابع: فيماينعقد به الإجماع

- ‌الفصل الخامس: في اعتبار المجتهد المبتدع في الإجماع

- ‌الفصل السادس: اعتبار التابعي المجتهد في الإجماع

- ‌الفصل السابع: حكم إجماع الصحابة

- ‌الفصل الثامن: حكم إجماع أهل المدينة

- ‌الفصل التاسع: في عدم اعتبار من سيوجد في الإجماع

- ‌الفصل العاشر: في حكم انْقِرَاضُ عَصْرِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ فِي حُجِّيَّةِ إِجْمَاعِهِمْ

- ‌الفصل الْحَادِيَ عَشَرَ: الْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ

- ‌الفصل الثاني عشر: حكم الإجماع على شيء بعد الإجماع على خلافه

- ‌الفصل الثَّالِثَ عَشَرَ: فِي حُدُوثِ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ سَبْقِ الْخِلَافِ

- ‌الفصل الرابع عشر: إذا اختلفت أهل العصر في مسألة على قولين

- ‌الفصل الخامس عشر: في حكم إحداث دليل أو تأويل من غير إلغاء الدليل أو التأويل الأول

- ‌الفصل السادس عشر: في وُجُودِ دَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ لَمْ يَعْلَمْهُ أهل الإجماع

- ‌الفصل السابع عشر: قول العوام في الإجماع

- ‌مدخل

- ‌فرع: إِجْمَاعِ الْعَوَامِّ

- ‌الفصل الثامن عشر: الإجماع المعتبر

- ‌الفصل التاسع عشر: مخالفة واحد من المجتهدين لأهل الإجماع

- ‌الفصل الموفي عشرين: الإجماع المنقول بطريق الآحاد وحجيته

- ‌خَاتِمَةٌ:

- ‌المقصد الرابع: في الأوامر والنواهي والعموم

- ‌الفصل الأول: في مَبَاحِثُ الْأَمْرِ

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: حَقِيقَةُ لَفْظِ الْأَمْرِ

- ‌الفصل الثاني: الخلاف فِي حَدِّ الْأَمْرِ بِمَعْنَى الْقَوْلِ

- ‌الفصل الثالث: حقيقة صيغة أفعل

- ‌مدخل

- ‌صيغ الأمر ومعانيه:

- ‌الفصل الرابع: هل الأمر يفيد تكرار أم لا

- ‌الفصل الخامس: هل يقتضي الأمر الفور أم لا

- ‌الْفَصْلُ السَّادِسُ: الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ

- ‌الفصل السابع: الإتيان بالمأمور به

- ‌الفصل الثامن: هل يجب القضاء بأمر جديد أم بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ

- ‌الفصل التاسع: هل الأمر بالأمر بالشيء أمر به أم لا

- ‌الفصل العاشر: الأمر بالماهية ومقتضاه

- ‌الفصل الحادي عشر: تعاقب الأمرين المتماثلين والمتغايرين

- ‌الفصل الثاني: في النواهي

- ‌الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: فِي مَعْنَى النَّهْيِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا

- ‌المبحث الثاني: النهي الحقيقي ومعناه

- ‌الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ: فِي اقْتِضَاءِ النَّهْيِ لِلْفَسَادِ

- ‌الفصل الثالث: في الْعُمُومُ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي حَدِّهِ

- ‌المسألة الثانية: "العموم من عوارض الألفاظ

- ‌المسألة الثالثة: "تَصَوُّرِ الْعُمُومِ فِي الْأَحْكَامِ

- ‌المسألة الرابعة: "الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ

- ‌المسألة الخامسة: "صيغ العموم

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ كُلَّ صِيغَةٍ مِنْ تِلْكَ الصِّيَغِ لِلْعُمُومِ وَفِيهِ فُرُوعٌ

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: فِي عُمُومِ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ لِلْقِلَّةِ أَوْ لِلْكَثْرَةِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ

- ‌المسألة التاسعة: "الخلاف فِي عُمُومِ الْفِعْلِ الْمُثْبَتِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: فِي عُمُومِ نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً

- ‌المسألة الحادية عشر: الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْجَمْعِ

- ‌المسألة الثانية عشر: في عموم الخطاب بمثل يا أيها الناس

- ‌المسألة الثالثة عشرة: "دُخُولِ الْكَافِرِ فِي الْخِطَابِ الصَّالِحِ لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ

- ‌المسألة الرابعة عشرة: "الْخِطَابِ الشَّفَاهِيِّ

- ‌المسألة الخامسة عشرة: "الْخِطَابِ الْخَاصِّ بِالْأُمَّةِ

- ‌المسألة السادسة عشرة: حكم الخطاب الخاص بواحد من الأمة

- ‌المسألة السابعة عشرة: حكم دخول المخاطِب تحت عموم خطابه

- ‌المسألة الثامنة عشرة: عُمُومِ الْمُقْتَضَى

- ‌المسألة التاسعة عشرة: عُمُومِ الْمَفْهُومِ

- ‌المسألة الموفية للعشرون: الاستفصال

- ‌المسألة الحادية والعشرون: حذف المتعلق

- ‌المسألة الثانية والعشرون: حكم الكلام الوراد في جهة المدح أو الذم

- ‌المسألة الثالثة والعشرون: حكم الْعَامِّ الْوَارِدِ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ

- ‌المسألة الرابعة والعشرون: خلاف العلماء فيما إذا ذِكْرُ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ الْمُوَافِقِ لَهُ فِي الحكم

- ‌المسألة الخامسة والعشرون: في عموم العلة المعلقة بالحكم

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ هَلْ هُوَ حقيقة في الباقي أم مجاز

- ‌المسألة السابعة والعشرون: حجية العام بعد التخصيص

- ‌المسألة الثامنة والعشرون: عَطْفِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ عَلَيْهِ

- ‌المسألة التاسعة والعشرون: هل يجوز العمل بالعام قَبْلَ الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ

- ‌المسألة الموفية للثلاثين: فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ وَالْعَامِّ الَّذِي أريد به الخصوص

- ‌الفصل الرَّابِعُ: فِي الْخَاصِّ وَالتَّخْصِيصِ وَالْخُصُوصِ وَفِيهِ ثَلَاثُونَ مسألة

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي حَدِّهِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ

- ‌المسألة الثالثة: تخصيص العمومات وجوازه

- ‌المسألة الرابعة: قولهم فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِ بعد التخصيص

- ‌المسألة الخامسة: الْمُخَصِّصِ

- ‌المسألة السادسة: حكم الاستثناء من الجنس

- ‌المسألة السابعة: إقامة الحجة عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الِاسْتِثْنَاءَ

- ‌المسألة الثامنة: شُرُوطِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌المسألة التاسعة: الاستثناء من النفي والخلاف فيه

- ‌المسألة العاشرة: اختلاف العلماء فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْوَارِدِ بَعْدَ جُمَلٍ مُتَعَاطِفَةٍ، هَلْ يعود إلى الجميع أم لا

- ‌المسألة الحادية عشرة: حكم الوصف الوارد بعد المستثنى

- ‌المسألة الثانية عشرة: التخصيص بالشرط

- ‌مدخل

- ‌أَقْسَامُ الشَّرْطِ:

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: التَّخْصِيصُ بِالصِّفَةِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: التَّخْصِيصُ بِالْغَايَةِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: التَّخْصِيصُ بِالْبَدَلِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: التَّخْصِيصُ بِالْحَالِ

- ‌المسألة السابعة عشرة: التخصيص بالظرف وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ

- ‌المسألة الثامنة عشرة: التَّخْصِيصِ بِالتَّمْيِيزِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: "التَّخْصِيصُ" * بِالْمَفْعُولِ لَهُ وَالْمَفْعُولِ مَعَهُ

- ‌المسألة الموفية عشرون: التخصيص بالفعل

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: التَّخْصِيصُ بِالْحِسِّ

- ‌المسألة الثانية والعشرون: التخصيص بالكتاب العزيز وبالنسبة المطهرة والتخصيص لهما

- ‌مدخل

- ‌جواز تخصيص السنة بالكتاب:

- ‌جواز تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ:

- ‌جواز تَخْصِيصُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْمُتَوَاتِرَةِ:

- ‌جواز تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ:

- ‌التخصيص بموافقة العام وبعطف الخاص على العام

- ‌المسألة الثانية والعشرون: في التَّخْصِيصُ بِالْقِيَاسِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْصِيصِ بِالْمَفْهُومِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْصِيصِ بِالْإِجْمَاعِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْصِيصِ بِالْعَادَةِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْصِيصِ بِمَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ

- ‌الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْصِيصِ بِالسِّيَاقِ

- ‌الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: فِي التَّخْصِيصِ بِقَضَايَا الْأَعْيَانِ

- ‌المسألة الموفية للثلاثون: في بِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌الفصل الرابع: في أفعاله صلى الله عليه وسلم

الْخِلَافَ بِالْأَفْعَالِ، وَأَنَّ الْأَكْثَرِينَ ذَهَبُوا إِلَى الْجَوَازِ، وَتَأَوَّلَ الْمَانِعُونَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي سَهْوِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّهُ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَاطِلٌ بَعْدَ قَوْلِهِ:"أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي"، وَقَدِ اشْتَرَطَ جُمْهُورُ الْمُجَوِّزِينَ لِلسَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ اتِّصَالُ التَّنْبِيهِ بِالْوَاقِعَةِ.

وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: يَجُوزُ التَّأْخِيرُ.

وَأَمَّا قَبْلَ الرِّسَالَةِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنَ الأنبياء عقلا ذَنْبٌ كَبِيرٌ وَلَا صَغِيرٌ.

وَقَالَتِ الرَّوَافِضُ1: يَمْتَنِعُ قَبْلَ الرِّسَالَةِ مِنْهُمْ كُلُّ ذَنْبٍ.

وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: يَمْتَنِعُ الْكَبَائِرُ دُونَ الصَّغَائِرِ، وَاسْتَدَلَّ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا بِالْكَبَائِرِ بِأَنَّ وُقُوعَ الذَّنْبِ مِنْهُمْ قَبْلَ النُّبُوَّةِ مُنَفِّرٌ عَنْهُمْ عَنْ* أَنْ يُرْسِلَهُمُ اللَّهُ فَيُخِلَّ بِالْحِكْمَةِ مِنْ بَعْثِهِمْ. وَذَلِكَ قَبِيحٌ عَقْلًا.

وَيُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الكلام.

* في "أ": عند.

_________

1 وهم عشرون فرقة منها ثلاث زيدية، وفرقتان من الكيسانية، وخمس عشرة من الإمامية، أما الروافض السبئية فقد أظهروا بدعتهم في زمن سيدنا علي كرم الله وجهه فقالوا لعلي: أنت الإله. فأحرق قومًا منهم، ونفى زعميهم ابن سبأ، ثم افترقت الرافضة بعد ذلك أربعة أصناف زيدية، إمامية، كيسانية، غلاة، وسموا الرافضة لرفضهم الاعتراف أولًا بأبي بكر وعمر ثم لرفضهم بعد ذلك ما اتفق عليه الإجماع ا. هـ. الفصل بين الملل والأهواء والنحل "1/ 189".

ص: 102

‌الفصل الرَّابِعُ: فِي أَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم

الْبَحْثُ الرَّابِعُ: فِي أَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم

اعْلَمْ أَنَّ أَفْعَالَهُ صلى الله عليه وسلم تَنْقَسِمُ إِلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ:

الْأَوَّلُ:

مَا كَانَ مِنْ هَوَاجِسِ1 النَّفْسِ وَالْحَرَكَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، كَتَصَرُّفِ الْأَعْضَاءِ وَحَرَكَاتِ الْجَسَدِ فَهَذَا الْقِسْمُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَمْرٌ بِاتِّبَاعٍ، وَلَا نَهْيٌ عَنْ مُخَالَفَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ أُسْوَةٌ، وَلَكِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مُبَاحٌ.

الْقِسْمُ الثَّانِي:

مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعِبَادَاتِ وَوَضَحَ فِيهِ أَمْرُ الْجِبِلَّةِ2، كَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَنَحْوِهِمَا، فَلَيْسَ فِيهِ تَأَسٍّ، وَلَا بِهِ اقْتِدَاءٌ ولكنه يدل على الإباحة عند الجمهور.

1 جمع هاجس وهو الخاطر يقال: هجس في صدري شيء، يهجس، أي: حدس ا. هـ. الصحاح مادة هجس.

2 الجبلة: الخلقة، والجمع جبلات. ا. هـ. الصحاح مادة جبل.

ص: 102

وَنَقْلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَكَذَا حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي "الْمَنْخُولِ"1 وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يَتَتَبَّعُ مِثْلَ هَذَا وَيَقْتَدِي بِهِ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْهُ مَنْقُولٌ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ:

مَا احْتَمَلَ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْجِبِلَّةِ إِلَى التَّشْرِيعِ بِمُوَاظَبَتِهِ عَلَيْهِ على وجه معروف وهيئة مخصصة"* كالأجل وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالنَّوْمِ، فَهَذَا الْقِسْمُ دُونَ مَا ظَهَرَ فِيهِ أَمْرُ الْقُرْبَةِ، وَفَوْقَ مَا ظَهَرَ فِيهِ أَمَرُ الْجِبِلَّةِ عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ إِلَّا مُجَرَّدُ الْفِعْلِ. وَأَمَّا إِذَا وَقَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم الْإِرْشَادُ إِلَى بَعْضِ الْهَيْئَاتِ كَمَا وَرَدَ عَنْهُ الْإِرْشَادُ إِلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالنَّوْمِ فَهَذَا خَارِجٌ عَنْ هَذَا الْقِسْمِ دَاخِلٌ فِيمَا سَيَأْتِي.

وَفِي هَذَا الْقِسْمِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ ومن معه، يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّشْرِيعِ، أَوْ إِلَى الظَّاهِرِ، وَهُوَ التَّشْرِيعُ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي. وَقَدْ حَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ فَيَكُونُ مَنْدُوبًا.

الْقِسْمُ الرَّابِعُ:

مَا عُلِمَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ صلى الله عليه وسلم كَالْوِصَالِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَهُوَ خَاصٌّ بِهِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَتَوَقَّفَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُمْنَعُ التَّأَسِّي بِهِ أَمْ لَا، وَقَالَ: لَيْسَ عِنْدَنَا نَقْلٌ لَفْظِيٌّ أَوْ مَعْنَوِيٌّ فِي أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا النَّوْعِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَنَا مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَهَذَا مَحَلُّ التَّوَقُّفِ.

وَفَرَّقَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ الْمَقَدِّسِيُّ2 فِي "كِتَابِهِ" فِي الْأَفْعَالِ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْوَاجِبِ. فَقَالَ: لَيْسَ لِأَحَدٍ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيمَا هُوَ مُبَاحٌ لَهُ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَيُسْتَحَبُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ كَالضُّحَى وَالْوَتْرِ، وَكَذَا فِيمَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ كَأَكْلِ ذِي الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَطَلَاقِ مَنْ تُكْرَهُ صُحْبَتُهُ.

وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُقْتَدَى بِهِ فِيمَا صُرِّحَ لَنَا بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ كَائِنًا مَا كَانَ إِلَّا بِشَرْعٍ يَخُصُّنَا، فَإِذَا قَالَ مَثَلًا: هَذَا وَاجِبٌ عَلَيَّ مَنْدُوبٌ لَكُمْ كَانَ فِعْلُنَا لِذَلِكَ الْفِعْلِ لِكَوْنِهِ أَرْشَدَنَا إِلَى كَوْنِهِ مندوبًا لنا لا

* في "أ": وجه مخصوص.

_________

1 واسمه: "المنخول من تعلقيات الأصول" لأبي حامد الغزالي، وهو من أوائل الكتب التي صنفها، رآه أبو المعالي الجويني فقال: دفنتني وأنا حي فهلا صبرت الآن كتابك غطى على كتابي، وهو مطبوع ا. هـ. المنخول -المقدمة- سير أعلام النبلاء "19/ 335".

2 هو عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي، ثم الدمشقي، أبو شامة، العلامة المجتهد، شهاب الدين، أبو القاسم، وسمي بأبي شامة لشامة كبيرة كانت فوق حاجبه الأيسر، توفي سنة خمس وستين وستمائة هـ، من آثاره:"الروضتين في أخبار الدولتين النووية والصلاحية""الضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري". وكتابه اسمه: "المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم" ا. هـ. كشف الظنون "2/ 1616" شذرات الذهب "5/ 318"، الأعلام "3/ 299"، هدية العارفين "1/ 523".

ص: 103

لِكَوْنِهِ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: هَذَا مُبَاحٌ لِي أَوْ حَلَالٌ "لِي"*، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقُولَ: هُوَ مُبَاحٌ لَنَا، أَوْ حَلَالٌ لَنَا، وَذَلِكَ كَالْوِصَالِ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُوَاصِلَ.

هَذَا عَلَى فَرْضِ عَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْوِصَالِ لَنَا، أَمَّا لَوْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذلك، كما يثبت أنه صلى الله عليه وسلم "وَاصَلَ أَيَّامًا تَنْكِيلًا لِمَنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنِ الْوِصَالِ"1 فَهَذَا لَا يَجُوزُ لَنَا فِعْلُهُ بِهَذَا الدَّلِيلِ الَّذِي وَرَدَ عَنْهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِاقْتِدَاءِ مَنِ اقْتَدَى بِهِ فِيهِ كَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ: هَذَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَحْدِي، وَلَمْ يَقِلْ حَلَالٌ لَكُمْ فَلَا بَأْسَ بِالتَّنَزُّهِ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: حَرَامٌ عَلَيَّ حَلَالٌ لَكُمْ، فَلَا يُشْرَعُ التَّنَزُّهُ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَيْسَ فِي تَرْكِ الْحَلَالِ وَرَعٌ.

الْقِسْمُ الْخَامِسُ:

مَا أَبْهَمَهُ صلى الله عليه وسلم لِانْتِظَارِ الْوَحْيِ، كَعَدَمِ تَعْيِينِ نَوْعِ الْحَجِّ مَثَلًا. فَقِيلَ: يُقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا، قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي "النِّهَايَةِ"2 وَهَذَا عِنْدِي هَفْوَةٌ3 ظَاهِرَةٌ. فَإِنَّ إِبْهَامَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَحْمُولٌ عَلَى انْتِظَارِ الْوَحْيِ قَطْعًا، فَلَا مَسَاغَ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ.

الْقِسْمُ السَّادِسُ:

مَا يَفْعَلُهُ مَعَ غَيْرِهِ عُقُوبَةً لَهُ كَالتَّصَرُّفِ فِي أَمْلَاكِ غَيْرِهِ عُقُوبَةً لَهُ، فَاخْتَلَفُوا هَلْ يُقْتَدَى بِهِ فِيهِ أَمْ لَا فَقِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ هُوَ بِالْإِجْمَاعِ مَوْقُوفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ السَّبَبِ. وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ فَإِنْ وَضَحَ لَنَا السَّبَبُ، الَّذِي فَعَلَهُ لِأَجْلِهِ كَانَ لَنَا أَنْ نَفْعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ عِنْدَ وُجُودِ مِثْلِ ذَلِكَ السَّبَبِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ السَّبَبُ لَمْ يَجُزْ. وَأَمَّا إِذَا فَعَلَهُ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مُتَدَاعِيَيْنِ فَهُوَ جَارٍ مَجْرَى الْقَضَاءِ، فَتَعَيَّنَ عَلَيْنَا الْقَضَاءُ بِمَا قَضَى بِهِ.

الْقِسْمُ السَّابِعُ:

الْفِعْلُ الْمُجَرَّدُ عَمَّا سَبَقَ، فَإِنْ وَرَدَ بَيَانًا كقوله صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

_________

ولفظه: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني"، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال. واصل بهم يومًا ثم يومًا رأوا الهلال. فقال: "لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل بهم، حين أبوا أن ينتهوا".

أخرجه مسلم، كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال "1103". والبخاري، كتاب الصوم، باب التنكيل لمن أكثر الوصال "1965". وذكره البغوي في المصابيح، كتاب الصوم "1411". وفي المسند الجامع برقم "13449". وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه، كتاب الصوم، باب الوصال "7753" أحمد في مسنده "2/ 281". ابن حبان، كتاب الصوم، باب صوم الوصال "3575" والبيهقي في سننه، كتاب الصوم، باب النهي عن الوصال في الصوم "4/ 282".

2 هو "نهاية المطلب في دراية المذهب"، لإمام الحرمين، جمعه بمكة المكرمة وأتمه في نيسابور، قال ابن النجار: إنه مشتمل على أربعين مجلدًا ثم اختصره ولخصه. واختصره ابن أبي عصرون وسماه: "صفوة المذهب من نهاية المطلب". ا. هـ. كشف الظنون "2/ 1990".

3 الهفوة: الزلة، وقد هفا يهفو هفوة. ا. هـ. الصحاح مادة هفا.

ص: 104

أُصَلِّي" 1 وَ"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" 2 وَكَالْقَطْعِ3 مِنَ الْكُوعِ4 بَيَانًا لِآيَةِ السَّرِقَةِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ دَلِيلٌ فِي حَقِّنَا، وَوَاجِبٌ عَلَيْنَا، وَإِنْ وَرَدَ بَيَانًا لِمُجْمَلٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ ذَلِكَ الْمُجْمَلِ مِنْ وُجُوبٍ وَنَدْبٍ، كَأَفْعَالِ الْحَجِّ وَأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ وَرَدَ ابْتِدَاءً، فَإِنْ عُلِمَتْ صِفَتُهُ فِي حَقِّهِ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ أَوْ إِبَاحَةٍ فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ:

أَنَّ أُمَّتَهُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ، إِلَّا أن يدل دليل على اخْتِصَاصُهُ "بِهِ"* وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ.

وَالثَّانِي:

أَنَّ أُمَّتَهُ مِثْلُهُ فِي الْعِبَادَاتِ دُونَ غَيْرِهَا.

وَالثَّالِثُ:

الْوَقْفُ.

وَالرَّابِعُ:

لَا يَكُونُ شَرْعًا لَنَا إِلَّا بِدَلِيلٍ.

وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ فِي حَقِّهِ، وظهر فيه قصد القربة فاختلفوا فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ

وَبِهِ قال جماعة من المعتزلة، وابن شريج، وأبو سعيد الأصطخري

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

_________

1 أخرجه البخاري من حديث مالك بن الحويرث، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم "6008" ومسلم، كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة "674". وأبو داود، كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة "589". وأحمد في مسنده "3/ 436". والنسائي، كتاب الأذان، باب اجتزاء المراء بأذان غيره "2/ 9". والبيهقي في سننه "2/ 17". وابن حبان في صحيحه "1658".

2 أخرجه مسلم، من حديث جابر كتاب الحج باب استحباب رمي حجرة العقبة يوم النحر "1297". وأبو داود، كتاب المناسك، باب التعجيل من جمع "1944". الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في الإفاضة من عرفات "886". النسائي، كتاب الحج، باب الأمر بالسكينة في الإفاضة من عرفة "5/ 258". وابن ماجه، كتاب الحج، باب الوقوف بجمع "3023". وأبو يعلى في مسنده "2147".

3 والحديث عن عبد الله بن عمر قال: قطع النبي صلى الله عليه وسلم سارقًا من المفصل. أخرجه ابن عدي في الكامل تحت ترجمة خالد بن عبد الرحمن المخزومي "3/ 38". وابن أبي شيبة في مصنفه من طريق رجاء بن حيوه مرسلًا في كتاب الحدود، باب ما قالوا من أين تقطع "6/ 528". وذكره الحافظ الزيلعي في نصب الراية "3/ 270" وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا موقوفًا على سيدنا عمر رضي الله عنه "6/ 528".

4 الكوع والكاع: طرف الزند الذي يلي الإبهام. ا. هـ. الصحاح مادة كوع.

5 هو الحسن بن أحمد بن يزيد، الإصطخري، أبو سعيد، الشافعي الإمام القدوة، العلامة، شيخ الإسلام، فقيه العراق، توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة هجرية. من آثاره:"كتاب أدب القضاء". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "15/ 250" شذرات الذهب "2/ 312".

ص: 105

وَابْنُ خَيْرَانِ1، وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ2.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ:

أَمَّا الْقُرْآنُ فَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 3 وَقَوْلِهِ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} 4 وقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} 5 وَقَوْلِهِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر} 6 وقوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} 7.

وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَلِكَوْنِ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِأَفْعَالِهِ. وَكَانُوا يَرْجِعُونَ إِلَى رِوَايَةِ مَنْ يَرْوِي لَهُمْ شَيْئًا مِنْهَا فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا: أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانِينِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: "فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم"8 فَرَجَعُوا إِلَى ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَلِكَوْنِ الِاحْتِيَاطِ يَقْتَضِي حَمْلَ الشَّيْءِ عَلَى أَعْظَمِ مَرَاتِبِهِ.

وَأُجِيبَ عَنِ الْآيَةِ الْأُولَى:

بِمَنْعِ تناول قوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُول} لِلْأَفْعَالِ بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ:

أَنَّ قَوْلَهُ: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} يدل على أنه أراد بقوله: {وَمَا ءآتَيْتُكُم} مَا أَمَرَكُمْ.

الثَّانِي:

أَنَّ الْإِتْيَانَ إِنَّمَا يَأْتِي فِي الْقَوْلِ.

وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ:

أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَابَعَةِ فِعْلُ مِثْلِ مَا فَعَلَهُ، فَلَا يَلْزَمُ وُجُوبُ فِعْلِ كُلِّ مَا فَعَلَهُ، مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ فِعْلَهُ عَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ، والمفروض خلافه.

1 هو الحسين بن صالح بن خيران، أبو علي، الإمام شيخ الشافعية، البغدادي، عرض عليه القضاء فلم يتقلده، توفي سنة عشرين وثلاثمائة هـ، ا. هـ. سير أعلام النبلاء "15/ 58""، شذرات الذهب "2/ 287".

2 هو الحسن بن الحسين بن أبي هريرة، أبو علي، البغدادي، القاضي، شيخ الشافعية، انتهت إليه رياسة المذهب، أخذ عنه الطبري والدراقطني، توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة هـ، ا. هـ. سير أعلام النبلاء "15/ 430"، شذرات الذهب "2/ 370".

3 جزء من الآية "7" من سورة الحشر.

4 جزء من الآية "31" من سورة آل عمران.

5 جزء من الآية "63" من سورة النور.

6 جزء من الآية "21" من سورة الأحزاب.

7 جزء من الآية "59" من سورة النساء.

8 ولفظ الحديث عن عائشة "إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا" رواه الترمذي، كتاب الطهارة، باب ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل "108" وقال حسن صحيح. وفي الباب عن أبي هريرة. وأخرجه ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان برقم "608"، أحمد في المسند "6/ 161". المزني في مختصره، باب الماء من الماء "495"، وقال في التلخيص لابن حجر "1/ 134" وصححه ابن حبان وابن القطان.

ص: 106

وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ:

أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ، عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَمْرِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْمَذْكُورِينَ.

وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ الرَّابِعَةِ:

أَنَّ التَّأَسِّيَ هُوَ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِ فِعْلِ الْغَيْرِ فِي الصُّورَةِ وَالصِّفَةِ، حَتَّى لَوْ فَعَلَ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا عَلَى طَرِيقِ التَّطَوُّعِ وَفَعَلْنَاهُ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ لَمْ نَكُنْ مُتَأَسِّينَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُ وُجُوبُ مَا فَعَلَهُ إِلَّا إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى وُجُوبِهِ، فَلَوْ فَعَلْنَا الْفِعْلَ الَّذِي فَعَلَهُ مُجَرَّدًا عَنْ دَلِيلِ الْوُجُوبِ، مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا لَكَانَ ذَلِكَ قَادِحًا فِي التَّأَسِّي.

وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ الْخَامِسَةِ:

أَنَّ الطَّاعَةَ هي الإتيان بالمأمور أو المراد عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذْهَبَيْنِ، فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى وجوب أفعاله صلى الله عليه وسلم.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ دَعْوَى إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ:

فَهُمْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى كُلِّ فِعْلٍ يَبْلُغُهُمْ، بَلْ أَجْمَعُوا عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالْأَفْعَالِ عَلَى صِفَتِهَا الَّتِي هِيَ ثَابِتَةٌ لَهَا مِنْ وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَالْوُجُوبُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لمذكورة مَأْخُوذٌ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْمَعْقُولِ:

فَالِاحْتِيَاطُ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِذَا خَلَا عَنِ الْغَرَرِ قَطْعًا، وَهَاهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ حَرَامًا عَلَى الْأُمَّةِ وَإِذَا احْتَمَلَ لَمْ يَكُنِ الْمَصِيرُ إِلَى الْوُجُوبِ احْتِيَاطًا.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ لِلنَّدْبِ

وَقَدْ حَكَاهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي "الْبُرْهَانِ" عَنِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ نُسِبَ إِلَى الشَّافِعِيِّ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ"1: أَنَّهُ حَكَاهُ عَنِ الْقَفَّالِ2 وَأَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ3 وَاسْتَدَلُّوا بِالْقُرْآنِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ.

أما القرآن فقوله تعالى: {لقَدْ كَانَتْ لَكُم في رسول اللهْ أُسْوَةٌ حَسَنَة} 4، ولو كان التأسي

1 واسمه "البحر المحيط في الأصول" للإمام الزركشي. ا. هـ. كشف الظنون "1/ 226".

2 هو محمد بن علي بن إسماعيل، أبو بكر، الإمام العلامة، الفقيه، الأصولي، اللغوي عالم خراسان الشافعي، القفال، الكبير، توفي سنة ست وثلاثين وثلاثمائة هـ، من آثاره:"دلائل النبوة""محاسن الشريعة". ا. هـ. سير أعلام البنلاء "16/ 283"، شذرات الذهب "3/ 51" هدية العارفين "2/ 48".

3 هو أحمد بن بشر بن عامر، المروزي، أبو حامد، شيخ الشافعية، مفتي البصرة، توفي سنة اثنتين وستين وثلاثمائة هـ، من أثاره:"الجامع" في المذهب "شرح مختصر المزني" ا. هـ. سير أعلام النبلاء "16/ 166"، شذرات الذهب "3/ 40"، هدية العارفين "1/ 66".

4 جزء من الآية "21" من سورة الأحزاب.

ص: 107

وَاجِبًا لَقَالَ عَلَيْكُمْ، فَلَمَّا قَالَ {لَكُمْ} دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَلَمَّا "أَثْبَتَ"* الْأُسْوَةَ دَلَّ عَلَى رُجْحَانِ جَانِبِ الْفِعْلِ عَلَى التَّرْكِ، وَإِنْ يَكُنْ مُبَاحًا.

وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَهُوَ أَنَّا رَأَيْنَا أَهَلَ الْأَعْصَارِ مُتَطَابِقِينَ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ النَّدْبَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُفِيدُهُ جَانِبَ الرُّجْحَانِ.

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَهُوَ أَنَّ فِعْلَهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَاجِحًا عَلَى الْعَدَمِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ دُونَهُ، وَالْأَوَّلُ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ مُسْتَلْزِمَانِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ عَبَثًا وَهُوَ بَاطِلٌ وَإِذَا تَعَيَّنَ أَنَّهُ رَاجِحٌ عَلَى الْعَدَمِ فَالرَّاجِحُ عَلَى الْعَدَمِ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا، وَالْمُتَيَقَّنُ هُوَ النَّدْبُ.

وَأُجِيبَ عَنِ الْآيَةِ: بِأَنَّ التَّأَسِّيَ هُوَ إِيقَاعُ الْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَوْقَعَهُ عَلَيْهِ فَلَوْ فَعَلَهُ وَاجِبًا أَوْ مُبَاحًا وَفَعَلْنَاهُ مَنْدُوبًا لَمَا حَصَلَ التَّأَسِّي. وَأُجِيبَ عَنِ الْإِجْمَاعِ: بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ وَجَدُوا مَعَ الْفِعْلِ قَرَائِنَ أُخَرَ.

وَأُجِيبَ عَنِ الْمَعْقُولِ: بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فِعْلَ الْمُبَاحِ عَبَثٌ؛ لِأَنَّ الْعَبَثَ هُوَ الْخَالِي عَنِ الْغَرَضِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي الْمُبَاحِ مَنْفَعَةٌ نَاجِزَةٌ لَمْ يَكُنْ عَبَثًا "بَلْ"** مِنْ حَيْثُ حُصُولِ النَّفْعِ بِهِ خَرَجَ عَنِ الْعَبَثِ، ثُمَّ حُصُولُ الْغَرَضِ فِي التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وَمُتَابَعَةِ أَفْعَالِهِ بَيِّنٌ، فَلَا يُعَدُّ مِنْ أَقْسَامِ الْعَبَثِ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ

قَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ1 وَلَمْ يَحْكِ الْجُوَيْنِيُّ قَوْلَ الْإِبَاحَةِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْقُرْبَةِ لَا يُجَامِعُ اسْتِوَاءَ الطَّرَفَيْنِ لَكِنْ حَكَاهُ غَيْرُهُ كَمَا قَدَّمْنَا عَنِ الرَّازِيِّ وَكَذَلِكَ حَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ2 وَالْآمِدِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِبِ حَمْلًا عَلَى أَقَلِّ الْأَحْوَالِ. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْإِبَاحَةِ: بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي الْإِثْمَ لِعِصْمَتِهِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ إِمَّا مُبَاحًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ وَاجِبًا. وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ مُشْتَرِكَةٌ فِي رَفْعِ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ. فَأَمَّا رُجْحَانُ الْفِعْلِ فلم يثبت على وجوده دليل، فثبت

* في "أ": أتت.

** ما بين قوسين ساقط من "أ".

_________

1 هو الإمام مالك بن أنس بن مالك، شيخ الإسلام، حجة الأمة، إمام دار الهجرة، ولد سنة ثلاث وتسعين هجرية، وتوفي سنة تسع وتسعين ومائة هجرية، ودفن في البقيع. ا. هـ. سير أعلام النبلاء "8/ 48"، تذكرة الحفاظ "1/ 208"، شذرات الذهب "1/ 289".

2 هو منصور بن محمد بن عبد الجبار، التميمي، السمعاني المروزي، شيخ الشافعية، ولد سنة ست وعشرين وأربعمائة هـ، وتوفي سنة تسع وثمانين وأربعمائة هـ، من آثاره: كتاب "الاصطلام" وكتاب "البرهان" و"الأمالي". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "19/ 114" شذرات الذهب "3/ 393"، هدية العارفين "2/ 473".

ص: 108

بِهَذَا أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَا رُجْحَانَ فِي فِعْلِهِ، فَكَانَ مُبَاحًا وَهُوَ الْمُتَيَقَّنُ، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ عِنْدَهُ وَعَدَمُ مُجَاوَزَتِهِ إِلَى مَا لَيْسَ بِمُتَيَقَّنٍ. وَيُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ كَمَا عَرَفْتَ هُوَ كَوْنُ ذَلِكَ الْفِعْلِ قَدْ ظَهَرَ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ وَظُهُورُهَا يُنَافِي مُجَرَّدَ الْإِبَاحَةِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِظُهُورِهَا مَعْنًى يُعْتَدُّ بِهِ.

الْقَوْلُ الرَّابِعُ:

الْوَقْفُ، قَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": وَهُوَ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ1 وَأَكْثَرِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ انْتَهَى. وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنِ الدَّقَاقِ2، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ3. وَحَكَاهُ فِي "اللُّمُعِ" عَنِ الصَّيْرَفِيِّ وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلْوَقْفِ فِي الْفِعْلِ الَّذِي قَدْ ظَهَرَ فِيهِ قُصْدُ الْقُرْبَةِ، فَإِنَّ قَصْدَ الْقُرْبَةِ يُخْرِجُهُ عَنِ الْإِبَاحَةِ إِلَى مَا فَوْقَهَا، وَالْمُتَيَقَّنُ مِمَّا هُوَ فَوْقَهَا النَّدْبُ.

وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ، بَلْ كَانَ مُجَرَّدًا مُطْلَقًا فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا عَلَى أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا

وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، قَالَ الْجُوَيْنِيُّ "وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، وَهُوَ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ حَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ4 عَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ"* وَابْنِ خَيْرَانَ، وَابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرَيِّ، وَأَكْثَرِ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ.

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

_________

1 هو محمد بن عبد الله الصيرفي، أبو بكر، أحد المتكلمين الفقهاء من الشافعية من أهل بغداد، توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة هجرية، كان أعلم الناس بالأصول بعد الشافعي من آثاره:"كتاب الفرائض" البيان في دلائل الإعلام على أصول الأحكام".ا. هـ الأعلام "6/ 224".

2 هو محمد بن محمد بن جعفر الدقائق. أبو بكر، الفقيه، الشافعي، الأصولي، الذي ولي القضاء بكرخ ببغداد، له كتاب في الأصول، على مذهب الإمام الشافعي توفي سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة هـ، ا. هـ تاريخ بغداد "3/ 229".

3 هو طاهر بن عبد الله بن طاهر، الطبري الشافعي، شيخ الإسلام، القاضي، فقيه، ولد سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة هـ، وتوفي سنة خمسين وأربعمئة هـ، من آثاره:"شرح مختصر المزني". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "17/ 668" شذرات الذهب "3/ 284"، هدية العارفين "1/ 429".

4 هو عبد السيد بن محمد، أبو نصر، البغدادي، الفقيه، المعروف بابن الصباغ، ولد سنة أربعمائة هـ، وتوفي سنة سبع وسبعين وأربعمائة هـ، من آثاره:"الشامل""الكامل""تذكرة العالم والطريق السالم". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "18/ 464" هدية العارفين "1/ 573"، شذرات الذهب "3/ 355".

ص: 109

وَقَالَ سَلِيمُ الرَّازِيُّ1: إِنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَاسْتَدَلُّوا بِنَحْوِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ مَعَ ظُهُورِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ.

وَيُجَابُ عَنْهُمْ بِمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ أُولَئِكَ بَلِ الْجَوَابُ عَنْ هَؤُلَاءِ بِتِلْكَ الْأَجْوِبَةِ أَظْهَرُ لِعَدَمِ ظُهُورِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ فِي هَذَا الْفِعْلِ، وَقَدِ اخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ2 وَالرَّازِيُّ فِي "الْمَعَالِمِ"3، قَالَ الْقَرَافِيُّ4: وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ أَئِمَّةُ الْمَالِكِيَّةِ فِي كُتُبِهِمُ الْأُصُولِيَّةِ وَالْفُرُوعِيَّةِ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَنْدُوبٌ

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي"الْبَحْرِ": وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي وَابْنُ الصَّبَّاغِ عَنِ الصَّيْرَفِيِّ وَالْقَفَّالِ الْكَبِيرِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ5: هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ: فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: هُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَهُوَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِقُرْبَةٍ، وَأَقَلُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ هُوَ الْمَنْدُوبُ، وَلَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةٍ عَلَى النَّدْبِ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ فإن الإباحة الشَّيْءِ بِمَعْنَى اسْتِوَاءِ طَرَفَيْهِ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ. فَالْقَوْلُ بِهَا إِهْمَالٌ لِلْفِعْلِ الصَّادِرِ منه صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ تَفْرِيطٌ كَمَا أَنَّ حَمْلَ فِعْلِهِ المجرد على الوجوب إفراط الحق بين المقصر والغالي.

1 هو سليم بن أيوب بن سليم، الإمام شيخ الإسلام، أبو الفتح، الرازي الشافعي، ولد سنة نيف وستين وثلاثمائة هـ، وتوفي غريقًا سنة سبع وأربعين وأربعمائة هـ، من آثاره:"الإشارة في الفروع""التقريب في الفروع" وغيرها. ا. هـ. سير أعلام النبلاء "17/ 645"، هدية العارفين "1/ 409".

2 هو أحمد بن محمد بن أحمد البغدادي، أبو الحسين، من كبراء الشافعية، له مصنفات في أصول الفقه وفروعه، توفي سنة تسع وخسمين وثلاثمائة هـ، ا. هـ. سير أعلام النبلاء "16/ 159"، شذرات الذهب وفروعه. توفي سنة تسع وخمسين وثلاثمائة هـ، ا. هـ. سير أعلام النبلاء "16/ 159، شذرات الذهب "3/ 28"، هدية العارفين "1/ 65".

3 واسمه "المعالم في أصول الفقه" للإمام فخر الدين الرازي، وعليه شروح كثيرة، منها شرح لأبي الحسين علي بن الحسين الأرموي، وللإمام فخر الدين الرازي ثلاثة كتب باسم المعالم واحد في أصول الدين، والثاني في أصول الفقه، والثالث في الكلام. ا. هـ. كشف الظنون "2/ 1726".

4 هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن، أبو العباس، شهاب الدين، نسبته إلى القرافة محلة الإمام الشافعي في مصر، له مصنفات جليلة، منها:"أنوار البروق في أنواء الفروق""الخصائص""شرح المحصول" وغيرها كثير، توفي سنة أربع وثمانين وستمائة هـ، ا. هـ. الأعلام "1/ 94"، معجم المؤلفين "1/ 158"، كشف الظنون "1/ 186".

5 هو عبد الواحد بن إسماعيل الروياني، أبو المحاسن، الطبري الشافعي القاضي العلامة، فخر الإسلام، شيخ الشافعية، ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة هـ، وتوفي قتيلًا سنة إحدى وخمسمائة هـ، من آثاره:"بحر المذهب""حلية المؤمن في الفروع". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "19/ 260"، هدية العارفين "1/ 634"، إيضاح المكنون "2/ 130".

ص: 110