الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِذَا كَانَ صَوَابًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ إِجْمَاعِهِمْ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ.
وَلِلْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ: لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ لَكَانَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهِ سَبِيلًا لَهُمْ، وَكَانَ يَجِبُ اتِّبَاعُهُمْ فيه حتى يحرم تفصيل الْعِلْمِ بِهِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ": هُمَا مَسْأَلَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: هَلْ يَجُوزُ اشْتِرَاكُ الْأُمَّةِ فِي الْجَهْلِ بِمَا لَمْ يُكَلَّفُوا بِهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ.
الثَّانِيَةُ: هَلْ يُمْكِنُ وُجُودُ خَبَرٍ أَوْ دَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَتَشْتَرِكُ الْأُمَّةُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ.
وَأَمَّا "إِذَا ذَكَرَ"* وَاحِدٌ مِنَ الْمُجْمِعِينَ خَبَرًا عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الَّذِي انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ.
فَقَالَ ابْنُ بُرْهَانٍ فِي "الْوَجِيزِ": إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ "وَالْإِصْرَارُ عَلَى الإجماع، وقال قوم من الأصوليين: بل يجب عليه الرجوع إلى موجب الحديث"**، وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ ذَلِكَ يَسْتَحِيلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنَ الْمَذَاهِبِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَصَمَ الْأُمَّةَ عَنْ نِسْيَانِ حَدِيثٍ فِي الْحَادِثَةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ خَرَجَ الْإِجْمَاعُ عَنْ أَنْ يَكُونَ قَطْعِيًّا، وَبَنَاهُ فِي "الْأَوْسَطِ"1 عَلَى الْخِلَافِ فِي انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، فَمَنْ قَالَ: لَيْسَ بِشَرْطٍ مَنَعَ الرُّجُوعَ، وَمَنِ اشْتَرَطَ جَوَّزَهُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَتَطَرَّقُ إِلَى الْحَدِيثِ احْتِمَالَاتٌ مِنَ النَّسْخِ، وَالتَّخْصِيصِ مَا لا يتطرق إلى الإجماع
* في "أ": ذكر.
** ما بين قوسين ساقط من "أ".
_________
1 واسمه "الأوسط في أصول الفقه"، للشهاب أحمد بن علي المعروف بابن برهان الشافعي، المتوفى سنة ثماني عشرة وخمسمائة. ا. هـ. كشف الظنون "1/ 201".
الفصل السابع عشر: قول العوام في الإجماع
مدخل
…
البحث السابع عشر: قول الْعَوَامِّ فِي الْإِجْمَاعِ
لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْعَوَامِّ في الإجماع، ولا وِفَاقًا وَلَا خِلَافًا، عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ، وَلَا يَفْهَمُونَ الْحُجَّةَ وَلَا يَعْقِلُونَ الْبُرْهَانَ.
وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمْ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ الْأُمَّةِ حُجَّةً لِعِصْمَتِهَا مِنَ الْخَطَإِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْعِصْمَةُ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ عَالِمِهَا وَجَاهِلِهَا، حَكَى هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَابْنُ بُرْهَانٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَنَقَلَهُ الْجُوَيْنِيُّ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ عَنِ الْقَاضِي أَبِي بكر