الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُ، كَقَوْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ذُكِرَ لِي أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذٍ:"مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ" الْحَدِيثَ1، فَقَالَ بَعْضُ مَنْ لَا يَقْبَلُ مَرَاسِيلَ الصَّحَابَةِ: لَا نَشُكُّ فِي عَدَالَتِهِمْ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَرْوِي الرَّاوِي عن تابعي أو عن أعرابي لاتعرف صُحْبَتَهُ وَلَوْ قَالَ: لَا أَرْوِي لَكُمْ إِلَّا مِنْ سَمَاعِي أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ لَوَجَبَ عَلَيْنَا قَبُولُ مُرْسَلِهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: مَرَاسِيلُ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ مَقْبُولَةٌ، لِكَوْنِ جَمِيعِهِمْ عُدُولًا، وَأَنَّ الظَّاهِرَ فِيمَا أَرْسَلُوهُ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَّا مَا رَوَوْهُ عَنِ التَّابِعِينَ فَقَدْ بَيَّنُوهُ، وَهُوَ أَيْضًا قَلِيلٌ نَادِرٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ ثُمَّ رَجَّحَ عَدَمَ قَبُولِ مَرَاسِيلِ غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَقَالَ: وَالَّذِي نَخْتَارُهُ سُقُوطُ فَرْضِ اللَّهِ بِالْمُرْسَلِ بِجَهَالَةِ رَاوِيهِ وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ الْخَبَرِ إِلَّا عَمَّنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ وَلَوْ قَالَ المرسِل: حَدَّثَنِيَ الْعَدْلُ الثِّقَةُ عِنْدِي بِكَذَا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَذْكُرَ اسمه.
1 أخرجه البخاري من حديث أنس بن مالك في كتاب العلم باب من خص بالعلم قومًا دون قوم برقم "129". ومسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه بنحوه في الإيمان باب من مات لا يشرك بالله دخل الجنة "93". وأحمد في مسنده 3/ 344. وعبد بن حميد في مسنده برقم "1063" "1060".
حكم الحديث المنقطع والمعضل:
مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِالْحَدِيثِ الْمُنْقَطِعِ، وَهُوَ الَّذِي سَقَطَ مِنْ رُوَاتِهِ وَاحِدٌ مِمَّنْ دُونَ الصَّحَابَةِ وَلَا بِالْمُعْضِلِ، وَهُوَ الَّذِي سَقَطَ مِنْ رُوَاتِهِ اثْنَانِ وَلَا بِمَا سَقَطَ مِنْ رُوَاتِهِ أَكْثَرُ مِنَ اثْنَيْنِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ السَّاقِطُ أَوِ السَّاقِطَانِ أَوِ السَّاقِطُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ غَيْرَ ثِقَاتٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِ الرَّاوِي لِمَا هَذَا حال ثِقَةً مُتَثَبِّتًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ حَالِ مَنْ يَظُنُّهُ ثِقَةً مَا هُوَ جُرِّحَ فِيهِ.
وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ أَيْضًا بِحَدِيثٍ يَقُولُ فِيهِ بَعْضُ رِجَالِ إِسْنَادِهِ: عَنْ رَجُلٍ، أَوْ عَنْ شَيْخٍ، أَوْ عَنْ ثِقَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِلَّةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَالِفَ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَا اعْتِبَارَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْفَنِّ لَا يعرف ما يجب اعتباره.
فصل: طرق ثبوت العدالة
مدخل
…
فصل: طرق ثبوت الْعَدَالَةِ
وَإِذْ قَدْ تَقَرَّرَ لَكَ أَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي تَثْبُتُ بِهَا، وَأَقْوَى الطُّرُقِ الْمُفِيدَةِ لِثُبُوتِهَا: الِاخْتِبَارُ في الأحوال بطول الصحابة وَالْمُعَاشَرَةِ وَالْمُعَامَلَةِ، فَإِذَا لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ "عَلَى"* فِعْلِ كَبِيرَةٍ، وَلَا عَلَى مَا يَقْتَضِي التَّهَاوُنَ بالدين والتساهل في الرواية،
* ما بين قوسين ساقط من "أ".