المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من فوائد الآية الكريمة: - تفسير العثيمين: الشورى

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآيات (1 - 3)

- ‌من فوائدِ الآياتِ الكريمة:

- ‌الآية (4)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (5)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (6)

- ‌من فوائدِ الآيَةِ الكريمة:

- ‌الآية (7)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (8)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (9)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (10)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (11)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمة:

- ‌الآية (12)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (13)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (14)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمَةِ:

- ‌الآية (15)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (16)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (17)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (18)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (21)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيتان (22، 23)

- ‌الآية (24)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (25)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (26)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (27)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (28)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (29)

- ‌من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (30)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (31)

- ‌من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآيات (32 - 35)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة:

- ‌الآية (36)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (37)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمة:

- ‌الآية (38)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (39)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (40)

- ‌من فوائِدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (41)

- ‌من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (42)

- ‌من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (43)

- ‌من فوائِدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآيتان (44، 45)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية: (46)

- ‌من فوائدِ الآية الكريمةِ:

- ‌(الآية: 47)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (48)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيتان: (49، 50)

- ‌من فوائِدِ الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (51)

- ‌من فوائِدِ الآية الكريمةِ:

- ‌الآيتان (52، 53)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

الفصل: ‌من فوائد الآية الكريمة:

له بالخوفِ تقريبٌ، وليس على وجهِ التحديدِ، والإشفاقِ خوفًا وزيادةً، مُشفِقون منها خائفون منها؛ لأنَّهم يَعْلَمُون أنَّها الحقُّ، وأنها ستقومُ، وستكونُ الأهوالُ العظامُ، ستكونُ {الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ} [القارعة: 5] وسَتُدَكُّ الأرضُ، وكُلما ذُكِرَ في الكتابِ والسُّنَّةِ مما يكُونُ في الآخرةِ، فإنَّ الذين آمنوا مؤمنون به، مشفِقون منه.

قال تعالى: {أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ} قال المُفسِّر رحمه الله: [يُجَادِلُونَ]{فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} .

قوله: {أَلَا} أداةُ استفتاحٍ الفائدةُ منها التنبيهُ والتحقيقُ والعنايةُ، ولهذا تأتي بعدها غالبًا (إنَّ)، و {إِنَّ} للتوكيدِ، مثل قولِهِ تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]، {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 12]، فإذنْ:(أَلا) أداةُ استفتاحٍ تفيدُ التوكيدَ والتنبيهَ والتحقيقَ والعنايةَ.

وقوله: {أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} (إنَّ) للتوكيدِ، واللامُ في قولِهِ:{لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} لامُ التوكيدِ داخلةٌ على الخبرِ {لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} ؛ أي: لفي ضلالٍ بعيدٍ عن الهدى؛ لأنَّ الضلالَ قد يكونُ قريبًا، ويهتدي الإنسانُ عن قُرْبٍ، وقد يكونُ بعيدًا فلا يهتدي - والعياذُ باللهِ - إلا بعدَ التي واللُّتَيَّا.

‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: أن مُنْكِري الساعةِ يستعجلونها، يقولون:"متى؟ "، والمُرادُ بقولِهم:"متى؟ " الإنكارُ، كما قال عز وجل:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الجاثية: 25].

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن المؤمِنَ بالساعةِ خائفٌ منها، لقولِهِ:{وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا} [الشورى: 18]، ولكنهم مشفِقون منها. يعني: خائفين خوفًا يَحْمِلُهم

ص: 187

على العملِ لها؛ لا خَوْفَ ذعرٍ فقط، بل خوفٌ يَحْمِلُهُم على العملِ لها، وهذا هو الخوفُ النافعُ، أما مجردُ الذعرِ فلا يكفي.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الإشارةُ إلى ترجيحِ جانبِ الخوفِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى امتدحَ الذين يخافون من الساعةِ، وهذه المسألةُ اخْتَلَفَ فيها أربابُ السلوكِ والمعارفِ أيُّهُما أَفْضَلُ أن يُغَلِّبَ الإنسانُ جانبَ الخوفِ، أو جانبَ الرجاءِ؟ فقال الإمامُ أحمدُ رحمه الله: ينبغي أن يكونَ خوفُهُ ورجاؤُهُ واحدًا؛ فأيُّهُما غَلَبَ هَلَكَ صاحبُه

(1)

.

استمعْ إلى كلامِ الإمامِ أحمدَ، يقول: ينبغي أن يكون خوفُهُ ورجاؤُهُ واحدًا؛ فأيَّهُما غَلَّبَ هَلَكَ صاحبُه؛ لأنَّه إن غَلَّب جَانِبَ الخوف وقعَ الإنسانُ في القنوطِ من رحمةِ اللهِ، وإن غلَّبَ جانبَ الرَّجاءِ وَقَعَ في الأمنِ من مكرِ اللهِ، وكلاهما خطرٌ على الإنسانِ.

وقال بعضُ العلماءِ: ينبغي عند إرادةِ العملِ السَّيِّئِ - يعني: عند إرادةِ المعصيةِ - أن يُغَلِّبَ جانبَ الخوفِ؛ لئلا يَقَعَ فيها، وعند فعل الطاعةِ أن يُغَلِّبَ جانبَ الرَّجاءِ، وهذا جيِّدٌ جدًّا؛ لأنَّه عند الهمِّ بالمعصيةِ إذا لم يُغَلِّبْ جانبَ الخوفِ وَقَعَ فيه، وعند فعلِ الطاعةِ إذا لم يُغَلِّبَ جانبَ الرجاءِ لم يَنْشَطْ على الطاعةِ.

فعليه نقولُ: إن تغليبَ أحدِ الجانِبَيْنِ الخوفِ والرَّجاءِ يَرجِعُ إلى حالِ الشَّخصِ، في حالِ الهمِّ بالمعصيةِ يُغَلِّبُ جانبَ الخوفِ، وفي حالِ فعلِ الطاعةِ يُغَلِّبُ جانبَ الرَّجاءِ؛ لئلا يَقْنَطَ من رَحْمَةِ اللهِ، وييأسَ من رَوْحِ اللهِ؛ فيغَلِّبُ جانبَ الرجاءِ، ويكونُ رجاؤُهُ هذا مبنيًّا على أنه لمَّا يَسَّرَ اللهُ له فِعْلَ الطاعةِ؛ فإن رجاءَهُ باللهِ يكونُ أعظمَ وأَمْتَنَ؛ فيكونُ اللهُ تعالى عند حُسْنِ ظنِّه به. هذان قولان.

(1)

انظر: الإختيارات العلمية لابن تيمية [المطبوع مع الفتاوى الكبرى](5/ 359).

ص: 188

القولُ الثالثُ: في حالِ المرضِ ودنوِّ الأجلِ يُغلِّبُ جانبَ الرَّجاءِ؛ حتى يموتَ وهو مُحْسنٌ ظَنَّه باللهِ عز وجل وفي حالِ الصِّحَّةِ يُغَلِّبُ جانبَ الخوفِ؛ لأنَّ الإنسانَ إذا كان صحيحًا، فإنه يكونُ عنده شيءٌ من البَطَرِ والأشَرِ، ورُبَّما يُقْدِمُ على المعاصي والتهاوُنِ بالواجباتِ، فيُغلِّبُ هنا جانبَ الخوفِ، ولهذا جاء في الحديثِ:"نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ الصِّحَّةُ والفراغُ"

(1)

وعند العوامِّ يقولون: نعمتان مجحودتان: الصِّحَّةُ في الأبدانِ، والأمْنُ في الأوطانِ. وهذا ليس صحيحَّاَ، الصحيح:"نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ الصِّحَّةُ والفراغُ".

ولم يكن فارغًا إلا لأنَّه غَنِيٌّ؛ لأنَّ الفقيرَ لا يكونُ فارغًا، يعملُ ويَكْدَحُ ويَكْتَسِبُ، فهاتان النعمتان كثيرٌ من الناسِ مغبونٌ فيهما؛ لأنَّه لا يَرْبَحُ فيهما.

إذنِ القولُ الثَّالثُ أنه في حالِ المرضِ يُغلِّبُ جانبَ الرجاءِ، وفي حالِ الصِّحَّةِ يُغَلِّبُ جانبَ الخوفِ، ولكنَّ القولَ الوسطَ هو القولُ الثاني: إذا هَمَّ بالمعصيةِ فَلْيُغَلِّبْ جانبَ الخوفِ، وإذا فَعَلَ الطاعةَ فليغَلِّبْ جانبَ الرجاءِ.

مسألةٌ: هُناك كتابٌ يَتحدَّث عن تاريخِ نِهايةِ أُمَّة الإسلامِ، ويَستدِلُّ صاحبُه بأحاديثَ صحَّحها بعضُ العلماء، ويَنقل كلامَ بعضِ أهل العِلم في ذلِك، ويقولُ: بَقِي عليها سَبعُون سنةً أو ستُّون سنةً، قد تزيدُ قليلًا أو تَنْقُصُ قليلًا، أمَّا علمُ الساعةِ فعند اللهِ سبحانه وتعالى، ويقول: فهذا عُمرُ أمَّةِ الإسلامِ.

الجوابُ: لا شكَّ أن هذا كَذِبٌ، ودَجَلٌ واتِّبَاعٌ للمتشابِهِ، عندنا آياتٌ صريحةٌ مثل الشمسِ: {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

(1)

أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب لا عيش إلا عيش الآخرة، رقم (6412)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

ص: 189

لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: 187] كيف يجيءُ واحدٌ يقولُ: أنا أَعْلَمُ؟ ! أمَّا عُمرُ الأمةِ الإسلاميَّةِ، بمعنى أنَّ الإسلامَ يزولُ بعد هذه المُدَّةِ، فهذا قد يقولُ قائلٌ: إنه مُمْكِنٌ، وقد يقولُ: إنه غيرُ ممكِنٍ العلمُ به؛ لأنَّ قيامَ الساعةِ يكونُ على شرارِ الخَلْقِ؛ حتى لا يُقالَ: اللهُ اللهُ، لكن هذا ما عندنا عِلْمُه، فكلُّ هذا باطلٌ، وكلُّ هذا يجبُ أن يُكَذَّبَ ويُنْكَرَ.

وأما الأحاديثُ التي يستدلُّ بها، فينظر أولًا في سَنَدِها وصِحَّتِها؛ وليس كلُّ ما صَحَّحَه فلانٌ أو فلانٌ يكونُ صحيحًا، البُخاريُّ رحمه الله قد يَذْكُرُ تعاليقَ هو يَجْزِمُ بصِحَّتِهَا، كما قالوا: إنَّه إذا ذَكَرَ تعليقًا مجزومًا به عنده فهو صحيحٌ عنده، ومع ذلك هي ضعيفةٌ وهو إمامُ المُحَدِّثِينَ.

وثانيًا: إذا تمَّ النظرُ في صِحَّتِها وصارتْ صحيحةً؛ فينظرُ في دلالاتِها، فلا يُمْكِنُ أن تَدُلَّ الأحاديثُ الصحيحةُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بخلافِ ما جاء في القرآنِ، وبخلافِ ما هو صريحٌ، وقولُ الرسولِ صحيحٌ بالسُّنَّةِ، وقولُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم:"أتاكم يُعَلِّمُكُم دينَكُم"

(1)

يدلُّ على أن من ديننا أن نُؤْمِنَ بأنه لا عِلْمَ لأحدٍ بقيامِ الساعةِ.

* * *

(1)

أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام، رقم (8)، من حديث عمر رضي الله عنه.

ص: 190