المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآيتان (52، 53) - تفسير العثيمين: الشورى

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآيات (1 - 3)

- ‌من فوائدِ الآياتِ الكريمة:

- ‌الآية (4)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (5)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (6)

- ‌من فوائدِ الآيَةِ الكريمة:

- ‌الآية (7)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (8)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (9)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (10)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (11)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمة:

- ‌الآية (12)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (13)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (14)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمَةِ:

- ‌الآية (15)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (16)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (17)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (18)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (19)

- ‌الآية (20)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (21)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيتان (22، 23)

- ‌الآية (24)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (25)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (26)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (27)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (28)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (29)

- ‌من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (30)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (31)

- ‌من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآيات (32 - 35)

- ‌من فوائد الآيات الكريمة:

- ‌الآية (36)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (37)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمة:

- ‌الآية (38)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (39)

- ‌من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (40)

- ‌من فوائِدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (41)

- ‌من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (42)

- ‌من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآية (43)

- ‌من فوائِدِ الآيةِ الكريمةِ:

- ‌الآيتان (44، 45)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية: (46)

- ‌من فوائدِ الآية الكريمةِ:

- ‌(الآية: 47)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (48)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيتان: (49، 50)

- ‌من فوائِدِ الآيتين الكريمتين:

- ‌الآية (51)

- ‌من فوائِدِ الآية الكريمةِ:

- ‌الآيتان (52، 53)

- ‌من فوائد الآيتين الكريمتين:

الفصل: ‌الآيتان (52، 53)

‌الآيتان (52، 53)

* * *

* قَالَ اللهُ عز وجل: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشُّورَى: 52 - 53].

* * *

قال المفسِّرُ رحمه الله: [{وَكَذَلِكَ} أي: مِثْلَ إيحائِنا إلى غيْرِك من الرُّسلِ أَوْحَيْنَا إليك]. (كذلك) تأتي في القرآنِ كثيرًا، وحَسَبَ كلامِ المفَسِّرِ أنَّ الكافَ اسمٌ بمعنى مِثْلٍ، فتكونُ مصدرًا لفعلٍ محذوفٍ، والتَّقديرُ: مِثْلَ ذلك. ثم تُفَسِّرُ الفِعْلَ بما يناسِبُ المقامَ؛ أي: مِثْل إيحائِنا لمن سبق من الرُّسُلِ.

قال المفسِّرُ رحمه الله: [{أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} يا مُحَمَّدُ]. أفادنا بقولِهِ: [يا مُحَمَّدُ] أنَّ الخِطابَ هنا خاصٌّ بالرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ ولا يتعدَّاه إلى غيْرِه. {رُوحًا} قال المفسِّرُ رحمه الله: [هو القرآنُ به تحيا القلوبُ] صَدَقَ المرادُ بالرُّوحِ هنا القرآنُ؛ لأنَّه تحيا به القلوبُ.

وقولُهُ: {مِنْ أَمْرِنَا} قال المفسِّرُ رحمه الله: [الَّذي نوحيه إليك] يعني: مما نأْمُرُ به، ويحتملُ أن يَكُونَ الأمرُ هنا واحدَ الأمورِ لا واحدَ الأوامِرِ؛ أي: من شَأْنِنا.

قال المفسِّرُ رحمه الله: [{مَاكُنْتَ تَدْرِي} تَعْرِفُ قبل الوحْيِ إليك {مَا الْكِتَابُ}

ص: 354

القرآنُ {وَلَا الْإِيمَانُ} ؛ أيْ: شرائِعُه ومَعالِمُه].

أوحى اللهُ إلى نَبِيِّه نوحًا عليه الصلاة والسلام مِن أمْرِه - سواءٌ قلنا: واحدُ الأمورِ أو واحدُ الأوامِرِ -، وأخبر أنَّ للهِ المِنَّةَ الكبرى عليه في ذلك؛ لأنَّه كان قبل هذا ما يدري؛ أي: ما يَعْلَمُ أو ما يَعْرِفُ {مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} كَلِمَةُ {مَا الْكِتَابُ} يحتملُ أنَّ المرادَ بها ما الكتابةُ، ويحتملُ أن يُرادَ بذلك ما ذكره المفَسِّرُ وهو القرآنُ، أمَّا الأوَّلُ فلأنَّ اللهَ تعالى قال في نَبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48]، وأمَّا كونُ المرادِ به القرآنَ فهذا أمثلتُه كثيرةٌ.

المهمُّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ لم يكن يَعْرِفُ حتَّى الكتابةَ، لا يَكْتُبُ عليه الصلاة والسلام، ولم يَكُنْ يَعْرِفُ أيضًا الوحْيَ قبل أن يُوحَى إليه.

قولُهُ تعالى: {وَلَا الْإِيمَانُ} قال المفسِّرُ رحمه الله: [أي: شرائعُهُ ومَعالِمُه] يعني: وما كُنْتَ تدري عن شرائِعِ الإيمانِ، فلم يَكُنِ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ يدري عما شَرَعَه اللهُ له في هذه الشَّريعةِ كاملةً قَبْلَ ذلك.

ثم قال المفسِّرُ رحمه الله: [والنَّفيُ مُعَلِّقٌ للفِعْلِ عن العملِ وما بعده سَدَّ مَسَدَّ المفعوليْن] الجملةُ هذه للإعرابِ، كلمةُ {تَدْرِي} تَنْصِبُ مفعوليْن، فهل بَعْدَها شيءٌ منصوبٌ؟ لا، بَعْدَها (ما) استفهاميَّةٌ مبتدأٌ و {الْكِتَابُ} خَبَرُه، ليس فيها شيءٌ منصوبٌ، إذا جاءتِ الجملةُ الإستفهاميَّةُ في محلِّ المفعوليْن، فإنَّها تُعَلِّقُ الفِعْلَ عن العملِ ظاهرًا، ولكنَّ الجُمْلَةَ تَكُونُ في محلِّ نَصْبٍ، إذن الإستفهامُ هنا عَلَّقَ الفِعْلَ عن العملِ وما بَعْدَه سدَّ مَسَدَّ المفعوليْن.

ص: 355

وقوله: {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا} قال المفسِّرُ رحمه الله: [أي: الرُّوحَ أو الكتابَ] يعني: جعلنا الكتابَ الَّذي أَوْحَيْنا إليك أو الرُّوحَ الَّذي أَوْحَيْنا إليك، والمعنى لا يَختلفُ.

وقوله: {نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} اللهمَّ اهْدِنا به! النُّورُ يَهْتَدي به النَّاسُ، ومنه قولُ الخنساءِ في أخيها:

وإن صخرًا لتأتمُّ الهُداةُ به

كأنه عَلَمٌ في رَأْسِه نارٌ

(1)

يعني: أنَّ النَّارَ تَجْعَلُ علامةً على الشَّيءِ إذا كان النَّاسُ في البَرِّ أَوْقَدُوا في اللَّيلِ نارًا على رأسِ جَبَلٍ أو على رأسِ أَكَمَةٍ؛ حتَّى يهتديَ بها من يُرِيدُهم. يقولُ: {جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ} [الشُّورَى: 52] نَهِدي بهذا النَّورِ من نشاءُ وهذا مبنيٌّ على حكمةِ اللهِ عز وجل كما قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: 30] فالحريُّ أن يُهْدى بهذا النُّورِ من تَمَسَّكَ به وعَمِلَ بما فيه، تصديقًا للأخبارِ، وتنفيذًا للأحكامِ، من فَعَلَ هذا صار القرآنُ له نورًا يهتدي به، كما قال اللهُ تعالى:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [مُحَمَّدٍ: 17]. وأمَّا من أَعْرَضَ عنه - والعياذُ باللهِ - فإنَّه سيَكونُ حُجَّةً عليه ولا يَنْتَفِعُ به.

وقوله: {نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} قولُهُ: {مِنْ عِبَادِنَا} هل المرادُ العبوديَّةُ العامَّةُ أو الخاصَّةُ؟

الجوابُ: {نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} هذه تَقْسِمُ النَّاسَ إلى قِسْمَين: مهتدٍ وضالٍّ، فيكونُ {مِنْ عِبَادِنَا} المرادُ به العبوديَّةُ العامَّةُ؛ لأنَّه جَعَلَ العبوديَّةَ هذه قِسْمَيْنِ

(1)

ديوان الخنساء ط دار المعرفة (ص: 46).

ص: 356

مهتدٍ وضالٍّ {مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ} يعني: يا مُحَمَّدُ. {لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} قال المفسِّرُ رحمه الله: [تدعو بالوحْيِ إليك إلى صراطٍ مستقيمٍ] لو أنَّ المفَسِّرَ قال: {لَتَهْدِي} أي: تدلُّ لكان أَوْضَحَ وأَخْصَرَ {لَتَهْدِي} بمعنى تدلُّ فهي هدايةُ الدِّلالةِ. إنَّما قال: [تدعو بالوحْيِ إليك] ولكنَّ هذا لا يكفي؛ لأنَّه لو دعا فهل يهتدي النَّاسُ، لكن إذا قلنا: تدلُّ فقد وَضَّحَ الطَّريقَ ودلَّ عليه، ثمَّ {فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [الزُّمَرِ: 41].

قال المفسِّرُ رحمه الله: [{إِلَى صِرَاطٍ} طريقٍ {مُسْتَقِيمٍ} يقولُ: دينُ الإسلامِ] وصَدَقَ الصِّراطُ المستقيمُ بَعْدَ بعثةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ، هو دينُ الإسلامِ.

وقوله: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} {صِرَاطِ اللَّهِ} هذه بَدَلٌ من قولِهِ: الصِّراطِ المستقيمِ، وقولُهُ:{صِرَاطِ اللَّهِ} أضافه اللهُ تعالى إلى نفْسِه؛ لأنَّه الَّذي وَضَعَه لعباده؛ ولأنَّه مُوَصِّلٌ إليه، فأُضيفَ إلى اللهِ باعتبارين:

الأوَّلُ: أنَّه الَّذي وَضَعَه للعِبادِ وشَرَعَه لهم.

والثَّاني: أنَّه مُوَصِّلٌ إليه.

وقوله: {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: قويمٍ غَيْرِ مُعْوَجٍّ {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} {لَهُ] الجارُّ والمجرورُ خبرٌ مُقَدَّمٌ و {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} مبتدأٌ مؤخَّرٌ، وتقديمُ الخبرِ يُفيدُ الحَصْرَ؛ أي: له وحده ما في السَّمواتِ وما في الأرضِ.

قال المفسِّرُ رحمه الله: [مُلْكًا وخَلْقًا وعَبِيدًا] لو قَدَّمَ المفسِّرُ [خَلْقًا] على [مُلْكًا] لكان أَحْسَنَ؛ لأنَّ الخَلْقَ سابقٌ على المُلْكِ، ولكنِ الخُلْفَ في هذا سهلٌ، وقولُهُ:

ص: 357