الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيَدْخُل فيه البَخْسُ بتطفيف الكيل والوزن دخولًا أوَّليًّا، وكانوا يأخذونَ من كلِّ شيء يباعُ شيئًا كما يفعل السماسرة، ويمكنون الناس وينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياءِ، وقيل: البخس المكس خاصة. ثم قال: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} العثي: أشدُّ الفساد؛ أي: ولا تفسدوا في الأرض؛ أي: ولا تفعلوا في الأرض ما ظاهِرُهُ الإِفْسَادُ حالةَ كونكم مفسدين؛ أي: قاصدينَ به الإفسادَ لا الإصلاحَ.
الإفساد: تعطيل يشمل مصالحَ الدنيا، وأمور الدين، وأخلاقَ النفس وصفاتها، وكلُّ ذلك فاش في عَصْرِنا، ومن الفساد: نقص الحُقُوق في المكيال والميزان. ومن الإفساد: قَصُّ الدراهم والدنانير، وترويج الزيوف ببعض الأسباب، وغير ذلك؛ أي: لا تفسِدوا في الأرض، وأنتم تتعمدون الإفسادَ، وإنما اشترط في النهي تعمد الإفسادِ؛ ليخرج بعضُ ما هو إفسادٌ في الظاهر، ويرادُ به الإصلاحُ، أو فعلُ أخفِّ الضرَرَين لدفع أثقلهما كما وقع من الخضر في السفينة، التي كانت لمساكين يعملون في البحر، لأجل منع الملك الظالم الذي وراءَهم من أخذها إذا أعجبته، وكما يقع في الحرب من قطع الأشجار، أو فَتحِ سُدَدِ الأنهار، أو إحراق بعض الغابات، أو قتل دواب أهل الحرب.
86
- وهذا نَهْيٌ عام يشمل غير ما سَبَقَ كقطع الطرق، وتهديد الأمن وقطع الشجر، وقَتَل الحيوان، ونحو ذلك {بَقِيَّتُ اللَّهِ}؛ أي: ما أبقاه الله تعالى لكم بعد إيفاء الكيل والميزان، وترك الحرام من الربح الحلال فهي فعيلة بمعنى المفعول، وإضافتها للتشريف كما في بيت الله، وناقة الله، فإنَّ ما بقي بعد إيفاء الكيل، والوزن من الرزق الحلال يستحق التشريفَ {خَيْرٌ لَكُمْ}؛ أي: أكْثَرُ لكم بركةً، وأحمدُ عاقبةً مما تأخذونه بالتطفيف، وتجمعونه بالبخس من الحرام، فإن ذَلِكَ هبَاءٌ منثور، بل شر محض، وإن زعمتم أنَّ فيه خَيْرًا كما قال تعالى:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} . قال في "شرح الشرعة": ولا يَخون أحد في مبايعته بالحِيَل والتلبيس، فإنَّ الرزق لا يزيد بذلك، بل تزول بركته فمَنْ جمع المال بالحِيل حَبَّةً حَبَّةً يهلكه الله جملة قبة قبة، ويبقَى عليه وزره ذرة ذرة، كرجل
كان يخلط اللبنَ بالماء ليُرَى كثيرًا، فجاء السيل، وقَتَلَ بقَرَهُ، فقالَت صِبيته: يا أبت قد اجتمعت المياه الَّتي خلطتها في اللبن، وقتلتْ البقرَ. وقرأ (1) إسماعيل بن جعفر عن أهل المدينة:{بَقِيَّةٍ} بتخفيفِ الياء. قال ابن عطية: هي لغةٌ، انتهى. وذلك أنَّ قِياسَ فَعِلَ اللازم أن يكون على وزن فعِلٍ نحو: سَجِيَتِ المرأة فهي سَجِيَة، فإذا شدَّدت الياءَ .. كان على وزن فعيل للمبالغة. وقرأ الحسن:{تَقِيَّة} بالتاء، وهي تقواه، ومراقبته الصارفة عن المعاصي فقوله:{بقيت الله} يُرْسَم بالتاء المجرورة، وإذا وقفت عليه اضطرارًا يصح الوقف بالمجرورة، والمربوطة، وليس في القرآن غيرها، اهـ "فتوحات"؛ أي: المال الحلال الذي يبقى لكم خير من تلك الزيادة الحاصلة بطريق التطفيف {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ؛ أي: مصدقين لي في مقالتي لكم، أو إن كنتم مؤمنين به تعالى حقَّ الإيمان، فالإيمان يطهِّر النفسَ من رَذيلةِ الطمع، ويحلِّيها بفضيلة السَّخاءِ والكرم، وإنما شرط (2) الإيمان في خيريَّة ما بقي بعد الإيفاءِ، لأنَّ فَائِدَتَهُ وهي حصول الثوابِ، والنجاةُ من العقاب إنما تَظْهَرُ مع الإيمان، فإنَّ الكَافِرَ مخلد في عذاب النيران، ومحروم مِن رضوانِ الله تعالى، وثواب الرحمنِ، سواء أوفى الكيلَ والميزانَ أو سلَكَ سبيل الخوان.
{وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} ؛ أي: برقيب (3) أرقبُكم عند كيلكم، ووَزْنِكم؛ أي: لا يُمْكِنُني شهودُ كُلَّ معاملة تصدرُ منكم حتى أؤاخذكم بإيفاء الحق، وقيل: أي: لا يتهيَّأ لي أن أَحْفَظَكم من إزالة نعم الله عليكم بمعاصيكم، اهـ "قرطبي". وقيل (4): أي: وما أنا بالذي أستطيع أن أحْفَظَكم من القبائِح، وإنَّما أنا ناصحٌ مبلِّغ، وقد أعْذَرَتُ إذ أنْذَرْتُ، ولم آل جهدًا في ذلك.
فائدة: واعلم (5) أنَّ العدلَ ميزان الله في الأرض، سواء كان في الأحكام، أو في المعاملات، والعدول عنه يؤدِّي إلى مؤاخذة العباد، فينبغي أن يتجنَّب الظلم، والمرادُ بالظلم أن يتضرَّرَ به الغير، والعدل أن لا يتضرَّرَ منه أحدٌ بشيء ما. قال
(1) البحر المحيط.
(2)
روح المعاني.
(3)
قرطبي.
(4)
المراغي.
(5)
روح البيان.
عكرمة: أشهدُ أنَّ كُلَّ كيَّالَ، ووزان في النار. قيل له: فَمَنْ أوفى الكيلَ والميزانَ؟ قال: ليس رجل في المدينة يكيل كما يكتال، وَيزِن كما يَتَّزِنُ، والله تعالى يقول:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)} . وقال سعيد بن المسيب: إذا أتيت أرضًا يوفون المكيالَ والميزانَ .. فأطل المقامَ فيها، وإذا أتيتَ أرضًا ينقصون المكيالَ والميزانَ .. فأقِلَّ المقامَ فيها. وفي الحديث:"ما ظهر الغُلولُ في قوم، إلا أَلْقَى اللَّهُ في قلوبِهِم الرعب، ولا فشا الزنى في قوم، إلا كثر فيهم الموت، ولا نَقَصَ في قوم المكيالُ والميزان إلا قَطَعَ الله عنهم الرزقَ، ولا حَكَم قومٌ بغير حق إلا فشا فيهم الدَّمُ، ولا خَتَرَ قومٌ بالعهد إلَّا سَلَّطَ الله عليهم العدو". قوله: ولا ختر؛ أي: غَدَر، ونقض العهد، كما في "الترغيب".
الإعراب
{وَلَقَدْ} (الواو) استئنافية. (اللام) موطئة للقسم. (قد) حرف تحقيق. {جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ} فعل وفاعل ومفعول، والجملة جوابُ القسم لا محلَّ لها من الإعراب. {بِالْبُشْرَى} جار ومجرور حال من {أَرْسَلْنَا}؛ أي: حالةَ كونهم متلبسينَ بالبشرى. {قَالُوا} فعل وفاعل، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا. {سَلَامًا} مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا، تقديره: نسلم عليك سلامًا، أو: سلمنا عليك سلامًا، والجملة المحذوفة في محل النصب مقول {قَالَ} . {قَالَ سَلَامٌ} {قَالَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على إبراهيم، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا. {سَلَامٌ} مبتدأ خبره محذوف تقديره عليكم، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره: أمري؛ أو قولي: {سلام} والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قَالَ} . {فَمَا} (الفاء) حرف عطف وتعقيب. (ما) نافية. {لَبِثَ} فعل ماض. {أن} حرف نصب ومصدر. {جَاءَ} فعل ماض في محل النصب بـ (أن) وفاعله ضمير يعود على إبراهيم. {بِعِجْلٍ} جار ومجرور حال من فاعل {جَاءَ} . {حَنِيذٍ} صفة لعجل، وجملة {جَاءَ} صلة (أن) المصدرية، (أَن) مع صلتها في تأويل
مصدر مرفوع على الفاعلية، تقديره: فما تأخَّر مجيؤه بعجل حنيذ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة قوله:{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ} . وفي المقام أوجه كثيرة من الإعراب ضَرَبْنا عنها صَفْحًا خَوفَ الإِطالة.
{فَلَمَّا} (الفاء) عاطفة. (لما) حرف شرط. {رَأَى} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على إبراهيم. {أَيْدِيَهُمْ} مفعول به؛ لأن رأى بصرية، والجملة فعل شرط لـ (لما). {لَا} نافية. {تَصِلُ} فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على الأيدي. {إِلَيْهِ} متعلق به، والجملة في محل النصب حال من الأيدي. {نَكِرَهُمْ} فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على إبراهيم، والجملة الفعلية جواب (لمَّا)، وجملة (لمَّا) معطوفة على محذوف تقديره: فقرَّبه إليهم، فقال: ألا تأكلون، فلمَّا رأى أيديهم إلخ، كما سيأتي التصريح بهذا المقدر في الذاريات. {وَأَوْجَسَ} فعل ماض معطوف على {نَكِرَهُمْ} وفاعله ضمير يعود على إبراهيم. {مِنْهُمْ} متعلق بـ {خِيفَةً} . {خِيفَةً} مفعول {أَوجس} . {قَالُوا} فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {لَا} ناهية. {تَخَفْ} فعل مضارع مجزوم بـ {لا} الناهية، وفاعله ضمير يعود على {إبراهيم} ، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا} . {إِنَّا} ناصب واسمه. {أُرْسِلْنَا} فعل ونائب فاعل. {إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} متعلق به، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر (إن) وجملة (إن) مسوقة لتعليل النهي قبلها على كونها مقولَ القول.
{وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ} مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة، أو في محل النصب حال من فاعل {قَالُوا لَا تَخَفْ}؛ أي:{قَالُوا} ذلك في حال قيام امرأته. {فَضَحِكَتْ} (الفاء) عاطفة. {ضحكت} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على امرأته، والجملة معطوفة على جملة قوله:{وَأَوْجَسَ} . {فَبَشَّرْنَاهَا} فعل وفاعل، ومفعول معطوف على {ضحكت} . {بِإِسْحَاقَ} متعلق به. {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ} جار ومجرور،
ومضاف إليه متعلق بمحذوف تقديره: ووهبناها من وراء إسحاق. {يَعْقُوبَ} مفعول ثان لذلك المحذوف، والجملة المحذوفة معطوفة على جملة {بشرناها} ويجوز أن يكون {من وراء إسحاق} خبرًا مقدمًا، و {يعقوب} بالرفع مبتدأ مؤخرًا، والجملة الاسمية في محل النصب حال من {إسحاق} .
{قَالَتْ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على {امرأته} والجملة مستأنفة. {يَا وَيْلَتَى} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:(يا) حرف نداء. {ويلتا} منادى منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفًا للتخفيف بعد قلب الكسرة فتحةً لمناسبة الألف، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة؛ لأن ما قبل الياءِ لا يكون إلا مكسورًا، {ويلة} مضاف. وياء المتكلم المنقلبة ألفًا في محل الجر مضاف إليه، وجملة النداء في محل النصب مقول قال. وقد بيَّنَّا إعراب هذه الكلمة في ضمن نظائرها كـ (يا)(حسرتا) مع مسائلَ نفيسةٍ فيها في رسالتنا "هَدِية أولى الإنصاف في إعراب المنادى المضاف" فراجعها، وهي مطبوعة منتشرة. {أَأَلِدُ} (الهمزة) للاستفهام الإنكاري. {ألد} فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على سارة، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جَوَاب النداء. {وَأَنَا عَجُوزٌ} مبتدأ وخبر، والجملة في محل النصب حال من فاعل {ألد} . {وَهَذَا بَعْلِي} مبتدأ وخبر، والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها على كونها حالًا من فاعل {ألد} . {شَيْخًا} بالنصب حال من بعلي، والعامل فيه اسم الإشارة، لما فيه من معنى الفعل، وبالرفع بدل من بعلي أو عطفُ بيان له. {إِنَّ هَذَا} ناصب واسمه. {لَشَيْءٌ} خبره، واللام للابتداء. {عَجِيبٌ} صفة له، وجملة: إنَّ في محل النصب مقول (قال) على كونها مستأنفة.
{قَالُوا} فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {أَتَعْجَبِينَ} إلى آخر الآية مقول
محكي، وإن شئت قلت:(الهمزة) للاستفهام الإنكاري. {تعجبين} فعل مضارع مرفوع بالنون، و (الياء) فاعل، والجملة في محل النصب مقول {قَالُوا} . {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} جار ومجرور، ومضاف إليه متعلق به. {رَحْمَتُ اللَّهِ} مبتدأ. {وَبَرَكَاتُهُ} معطوف عليه. {عَلَيْكُمْ} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قَالُوا} . {أَهْلَ الْبَيْتِ} منادى مضاف، حذف منه حرف النداءِ، أو منصوب على الاختصاص، وجملة النداء، أو الاختصاص في محل النصب مقول {قَالُوا} . {إِنَّهُ} ناصب واسمه. {حَمِيدٌ} خبر أول له. {مَجِيدٌ} خبر ثان، وجملة (إنَّ) في محل النصب مقول قال.
{فَلَمَّا} (الفاء) استئنافية. (لما) حرف شرط. {ذَهَبَ} فعل ماض. {عَنْ إِبْرَاهِيمَ} متعلق به. {الرَّوْعُ} فاعل، والجملة فعل شرط لـ (لمَّا). {وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى} فعل ومفعول وفاعل معطوف على {ذَهَبَ} . {يُجَادِلُنَا} فعل ومفعول. {فِي قَوْمِ لُوطٍ} متعلق به، وفاعله ضمير يعود على {إِبْرَاهِيمَ} ، والجملة جواب (لما) لأنه بمعنى جَادَلَنا عَبَّرَ عنه بالمضارع حكايةً للحال الماضية. {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} ناصب واسمه. {لَحَلِيمٌ} خبر أول له. {أَوَّاه} خبر ثان. {مُنِيبٌ} خبر ثالث، وجملة (إن) مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.
{يَا إِبْرَاهِيمُ} إلى آخر الآية مقول محكي لقول محذوف، تقديره: قالوا: يا إبراهيم أعرض عن هذا الجدال إلخ. وإن شئت قلت: {يَا إِبْرَاهِيمُ} منادى مفرد العلم، وجملة النداء في محل النصب، مقول لذلك القول المحذوف. {أَعْرِضْ} فعل أمر، وفاعله ضمير يعود على {إِبْرَاهِيمُ} . {عَنْ هَذَا} متعلق به، والجملة الفعلية في محل النصب مقول لذلك القول، على كونها جوابَ النداء. {إِنَّهُ} ناصب واسمه. {قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} فعل وفاعل، والجملة في محل الرفع خبر (إنَّ) مستأنفة مسوقة لتعليل ما
قبلها على كونها مقولَ القول. {وَإِنَّهُمْ} ناصب واسمه. {آتِيهِمْ} خبر (إنَّ) ومضاف إليه. {عَذَابٌ} فاعل {آتي} . {غَيْرُ مَرْدُودٍ} صفة عذاب، وجملة إن معطوفة على جملة (إن) الأولى على كونها مسوقة لتعليل ما قبلها.
{وَلَمَّا} (الواو) استئنافية. {لما} حرف شرط. {جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا} فعل وفاعل ومفعول والجملة فعل شرط لـ (لما). {سِيءَ} فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعله ضمير يعود على (لوط). {بِهِم} متعلق به، والجملة جواب لمَّا، وجملة (لما) مستأنفة. {وَضَاقَ} فعل ماض معطوف على {سِيءَ} ، وفاعله ضمير يعود على {لوط} . {بِهِم} متعلق به. {ذَرْعًا} تمييز محول عن الفاعل. {وَقَالَ} معطوف على {سِيءَ} وفاعله ضمير يعود على {لوط} . {هَذَا يَوْمٌ} مبتدأ وخبر. {عَصِيبٌ} صفة {يَوْمٌ} والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قَالَ} .
{وَجَاءَهُ} فعل ومفعول. {قَوْمُهُ} فاعل والجملة مستأنفة. {يُهْرَعُونَ} فعل ونائب فاعل. {إِلَيْهِ} متعلق به، والجملة الفعلية في محل النصب حال من {قَوْمُهُ} . {وَمِنْ قَبْلُ} جار ومجرور متعلق بـ {يَعْمَلُونَ} . {كَانُوا} فعل ناقص واسمه. {يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب خبر (كان) وجملة (كان) في محل النصب على الحال معطوفة على جملة {يُهْرَعُونَ} . {قَالَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على لوط، والجملة مستأنفة. {يَا قَوْمِ} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{يَا قَوْمِ} منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ} . {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي} مبتدأ وخبر، والجملة الإسمية في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جوابَ النداء. {هُنَّ أَطْهَرُ} مبتدأ وخبر. {لَكُمْ} متعلق بـ {أَطْهَرُ} والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} . {فَاتَّقُوا اللَّهَ} (الفاء) فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدرٍ، تقديره: إذا عرفتموهن أطهر وأردتُم بيانَ ما هو الأصلح لكم .. فأقول لكم. {اتقوا اللَّه}
فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة في محل النصب مقول {قَالَ} . {وَلَا} (الواو) عاطفة. (لا) ناهية جازمة. {تُخْزُونِ} فعل وفاعل مجزوم بـ (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذفُ النون، و (النونُ) للوقاية و (ياء) المتكلم المحذوفة اجتزاءً عنها بالكسرة في محل النصب مفعول به، {فِي ضَيْفِي} متعلق به، والجملة معطوفة على جملة {فَاتَّقُوا اللَّهَ} . {أَلَيْسَ} (الهمزة) للاستفهام التوبيخي. {ليس} فعل ماض ناقص. {مِنْكُمْ} خبر {ليس} مقدم. {رَجُلٌ} اسمها مؤخر. {رَشِيدٌ} صفة لـ {رجل} ، وجملة {ليس} في محل النصب مقول {قَالَ} .
{قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79)} .
{قَالُوا} فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {لَقَدْ عَلِمْتَ} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:(اللام) موطئة للقسم. {قد} حرف تحقيق. {علمت} فعل وفاعل، والجملة الفعلية جوابُ القسم، وجملة القسم في محل النصب مقول {قَالُوا} . {مَا} نافية. {لَنَا} جار ومجرور خبر مقدم للمبتدأ، أو لـ (ما) الحجازية. {فِي بَنَاتِكَ} متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر. {مِنْ حَقٍّ} مبتدأ مؤخر، أو اسم (ما) الحجازية و (من) زائدة، والجملة الاسمية سادة مسد مفعولي {علم} . {وَإِنَّكَ} ناصب واسمه. {لَتَعْلَمُ} اللام حرف ابتداء، {تعلم} فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على {لوط} . {مَا} موصولة أو موصوفة، أو مصدرية، أو استفهامية معلقة ما قبلها في محل النصب مفعول (تعلم) ، لأنه بمعنى عرف. {نُرِيدُ} فعل مضارع، وفاعله ضمير يعود على قوم لوط، والجملة صلة {لما} أو صفة لها، والعائد، أو الرابط محذوف تقديره: ما نريده، أو لتعرف إرادتنا، وجملة {تعلم} في محل الرفع خبر (إن)، وجملة (إن) في محل النصب معطوفة على جملة القسم، على كونها مقول {قَالُوا} .
{قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80)} .
{قَالَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على لوط، والجملة مستأنفة. {لَوْ أَنَّ لِي} إلى آخر الآية مقول محكي، وإن شئت قلت:{لَوْ} حرف تمن أو شرط.
{أَنَّ} حرف نصب. {لِي} خبر مقدم، لأن {بِكُمْ} متعلق بمحذوف حال من {قُوَّةً} لأنه صفة نكرة قُدِّمت عليها. {قُوَّةً} اسم (أن) مؤخر، وجملة (أن) في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية، لفعل محذوف تقديره: لو ثبت كون قوة بكم لي .. لبطشت بكم أو أتمنى ثبوتَ قوة بكم لي، وجملة {لو} في محل النصب مقول {قَالَ} . {أَوْ} حرف عطف. {آوِي} فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على لوط. {إِلَى رُكْنٍ} متعلق به. {شَدِيدٍ} صفة {رُكْنٍ} والجملة الفعلية في محل الرفع خبر، لأن المحذوفة، تقديره: أو أني مؤوٍ إلى ركن شديد، وجملة أن المقدرة في محل الرفع معطوفة على جملة (أن) الأولى على كونها في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية، والتقديرُ: لو ثبَتَ كون قوة بكم لي، أو إيوائي إلى ركن شديد .. لبطشتُ بكم.
{قَالُوا} فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {يَا لُوطُ} إلى آخر الآية، مقول محكي، وإن شئت قلت:{يَا لُوطُ} منادى مفرد العلم، وجملة النداء في محل النصب، مقول القول. {إِنَّا} ناصب واسمه. {رُسُلُ رَبِّكَ} خبره، ومضاف إليه، وجملة (إنَّ) في محل النصب مقولَ القول على كونها جوابَ النداء. {لَنْ يَصِلُوا} ناصب وفعل وفاعل. {إِلَيْكَ} متعلق به، والجملة الفعلية مفسرة للجملة التي قبلها على كونها مقول القول. وقال أبو حيان: والجملة من قوله: {لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} موضحة للذي قبلها، لأنهم إذا كانوا رسل الله، لن يصلوا إليه، ولم يقدروا على ضرره، ثم أمروه بأنْ يَسْرِيَ بأهله، انتهى. {فَأَسْرِ} (الفاء) عاطفة. (أسر) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، وهي الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، وفاعله ضمير يعود على لوط. {بِأَهْلِكَ} جار ومجرور حال من فاعل (أسْر)؛ أي: متلبسًا بأهلك، والجملة في محل النصب بالقول معطوفة على الجملة التي قبلها. {بِقِطْعٍ} (الباء) حرف جر بمعنى (في). (قطع) مجرور به، الجار والمجرور متعلق (بأسر). {مِنَ اللَّيْلِ} صفه لـ (قطع).
{وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ
أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}.
{وَلَا يَلْتَفِتْ} جازم ومجزوم. {مِنْكُمْ} حال من {أَحَدٌ} . {أَحَدٌ} فاعل، والجملة معطوفة على جملة {فَأَسْرِ} . {إِلَّا امْرَأَتَكَ} بالنصب على الاستثناء من الأهل، أو من {أَحَدٌ} أو بالرفع على البدلية من {أَحَدٌ} . {إنه} ناصب واسمه. {مُصِيبُهَا} خبره، وجملة (إن) مسوقة لتعليل الاستثناء على كونَها مقولَ القول. {مَا أَصَابَهُمْ} (ما) موصولة، أو موصوفة في حل الرفع فاعل لـ (مصيب). {أَصَابَهُمْ} فعل ومفعول، وفاعله ضمير يعود على (ما)، والجملة صلة لـ (ما) أو صفة لها. وعبارة أبي حيان هنا: والضمير في {إنه} ضمير الشأن، و {مُصِيبُهَا} مبتدأ و {مَا أَصَابَهُمْ} الخبر. ويجوز على مذهب الكوفيينَ أن يكونَ {مُصِيبُهَا} خبر (إن) و {مَا أَصَابَهُمْ} فاعل به، لأنهم يجيزون إنه قائم أخواك. ومذهب البصريين أن ضميرَ الشأن لا يكون خبره إلا جملة مصرحًا بجزئيها، فلا يجوز هذا الإعراب عندهم، انتهت. {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} ناصب واسمه، وخبره، والجملة في محل النصب مقول القول. {أَلَيْسَ} (الهمزة) للاستفهام التقريري. {ليس الصبح} فعل ناقص واسمه. {بِقَرِيبٍ} خبره و (الباء) زائدة، والجملة في محل النصب مقول القول.
{فَلَمَّا} (الفاء) فاء الفصيحة؛ لأنها أفصَحَتْ عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عَرفْتَ ما قالوا له، وأردتَ بيانَ عَاقِبَةِ أمرهم .. فأقول لك. {لما جاء أمرنا} {لَمَّا} حرف شرط. {جَاءَ أَمْرُنَا} فعل وفاعل، والجملة فعل شرط لـ (لما). {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} فعل وفاعل، ومفعولان، والجملة جواب (لما) وجملة (لما) في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. {وَأَمْطَرْنَا} فعل وفاعل معطوف على {جَعَلْنَا} . {عَلَيْهَا} متعلق به. {حِجَارَةً} مفعول {أمطرنا} . {مِنْ سِجِّيلٍ} جار ومجرور صفة لـ {حِجَارَةً} . {مَنْضُودٍ} صفة لـ {سِجِّيلٍ} . {مُسَوَّمَةً} حال من {حِجَارَةً} . {عِنْدَ رَبِّكَ} متعلق بـ {مُسَوَّمَةً} . {وَمَا}
(الواو) عاطفة، أو حالية، أو استئنافية. (ما) حجازية، أو تميمية. {هِيَ} اسمها، أو مبتدأ. {مِنَ الظَّالِمِينَ} متعلق {بِبَعِيدٍ} . {بِبَعِيدٍ} خبر (ما) أو خبر المبتدأ و (الباء) زائدة، والجملة الاسمية معطوفة على جملة {أمطرنا} أو حال من {حِجَارَةً} أو مستأنفة.
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ} .
{وَإِلَى مَدْيَنَ} جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره، ولقد أرسلنا إلى مدين، وعلامة جره الفتحة؛ لأنه اسم لا ينصرف للعلمية والعجمة، والجملة المحذوفة، معطوفة على جملة قوله:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا} . {أَخَاهُمْ} مفعول {أَرْسَلْنَا} المحذوف. {شُعَيْبًا} عطف بيان منه. {قَالَ} فعل ماض، وفاعله ضمير يعود على شعيب والجملة مستأنفة. {يَا قَوْمِ} إلى قوله:{قَالُوا يَا شُعَيْبُ} مقول محكي، وإن شئت .. قلت:{يَا قَوْمِ} منادى مضاف، وجملة النداء في محل النصب مقول {قَالَ} .
{اعْبُدُوا اللَّهَ} فعل وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جوابَ النداء. {مَا} نافية. {لَكُمْ} خبر مقدم. {مِنْ إِلَهٍ} مبتدأ مؤخر. {غَيْرُهُ} صفة {إِلَهٍ} ، والجملة الاسمية مسوقة لتعليل ما قَبلَها على كونَها مقول {قَالَ}. {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ} فعل وفاعل ومفعول. {وَالْمِيزَانَ} معطوف على {الْمِكْيَالَ} والجملة معطوفة على جملة {اعْبُدُوا اللَّهَ} على كونها مَقُولَ {قَالَ}. {إِنِّي} ناصب واسمه. {أَرَاكُمْ} فعل ومفعول به؛ لأنَّ رأى بصرية. {بِخَيْرٍ} حال من ضمير المخاطبين؛ أي: متلبسين {بِخَيْرٍ} وفاعله ضمير يعود على {شعيب} ، وجملة {أَرى} في محل الرفع خبر (إن)، وجملة إنَّ مسوقة لتعليل ما قبلها على كونِهَا مقولَ القول. {وَإِنِّي} ناصب واسمه. {أَخَافُ} فعل مضارع وفاعله ضمير يعود على شعيب. {عَلَيْكُمْ} متعلق به. {عَذَابَ يَوْمٍ} مفعول به، ومضاف إليه. {مُحِيطٍ} صفة مجازية لـ {يَوْمٍ} وجملة {أَخَافُ} في محل
الرفع خبر (إنَّ) وجملة (إن) في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها عِلَّةً ثانيةً لما قبلها.
{وَيَا قَوْمِ} منادى مضاف معطوف على المنادى الأول. {أَوْفُوا الْمِكْيَالَ} فعل وفاعل ومفعول. {وَالْمِيزَانَ} معطوف عليه. {بِالْقِسْطِ} حال من (واو){أَوْفُوا} ؛ أي: متلبسين {بِالْقِسْطِ} وجملة {أَوْفُوا} في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جوابَ النداء. {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} فعل وفاعل ومفعولان مجزوم بـ (لا) الناهية، والجملة معطوفة على جملة {أَوْفُوا} . {وَلَا تَعْثَوْا} فعل وفاعل مجزوم بـ (لا) الناهية. {فِي الْأَرْضِ} متعلق به. {مُفْسِدِينَ} حال مؤكدة لفاعل {تَعْثَوْا} والجملة في محل النصب معطوفة على جملة {أَوْفُوا} .
{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86)} .
{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ} مبتدأ وخبر. {لَكُمْ} متعلق به، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} . {إن} حرف شرط. {كُنْتُمْ} فعل ناقص، واسمه في محل الجزم بـ (إن) على كونه فِعلَ شرط لها. {مُؤْمِنِينَ} خبره، وجواب (إن) معلوم ما قبلها تقديره: فهي خير لكم، وجملة إن الشرطية في محل النصب مقول {قَالَ} . {وَمَا} الواو عاطفة. (ما) نافية أو حجازية. {أَنَا} مبتدأ أو اسمها. {عَلَيْكُمْ} متعلق {بِحَفِيظٍ} . {حفيظ} خبر المبتدأ أو خبر (ما) و (الباء) زائدة، والجملة الاسمية معطوفة على جملة قوله:{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} . والله أعلم.
التصريف ومفردات اللغة
{فَمَا لَبِثَ} ؛ أي: فما تأخر، وأَبْطَأَ مجيؤه. {بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} والعجل، ولدُ البقر، والحنيذُ المشوي على الحجارة المحماة في حفرة في الأرض من غير تنور. وفي "المختار": حَنَذَ الشاة شَوَاها، وجعل فَوْقَها حجارة محماة لينضجها، فهو حنيذ، وبابه ضرب، اهـ. وقيل: هو المشويُّ بحر الحجار من غير أن تمسَّه
النار، وهو فعيل بمعنى مفعول كما مر. {لَا تَصِلُ إِلَيْهِ} لا تمتد للتناول. {نَكِرَهُمْ} ، وفي "المختار" نكره بالكسر نكرًا بضم النون، وأنكره واستنكره كله بمعنى، اهـ. ويقال: نكرته، وأنكرته، واستنكرته إذا وجدتَه على غير ما تعهَد، ومنه قول الشاعر:
فَأنْكَرَتْنِي ومَا كَانَ الَّذِيْ نَكرَتْ
…
مِنَ الْحَوَادِثِ إِلَّا الشَّيْبَ وَالصَّلَعَا
فجمع بين اللغتين، ومما جمع فيه بين اللغتين قول الشاعر:
إِذَا أَنْكَرَتْنِيْ بَلْدَةٌ أَوْ نَكَرْتُهَا
…
خَرَجْتُ مَعَ الْبَازِيْ عَلَيَّ سَوَادُ
وقيل: يقال: أنكرت لما تراه بعينك، ونَكِرْتَ لما تراه بقلبك. قيل: وإنما استنكر منهم ذلك؛ لأنَّ عادتهم أن الضيف إذا نزل بهم، ولم يأكل من طعامهم ظنوا أنه قد جاء بِشَر. {وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} وأوجس القلبُ فَزَعًا إذا أحسَّ به. وفي "البيضاوي": الإيجاسُ: الإدراك. وقيل: الإضمار، اهـ. وفي "السمين": الإيجاس: حديث النفس، وأصله: من الدخول، كأنه دَاخله، والوجيس ما يَعْترِي النفسَ أوانَ الفزع، ووَجَسَ في نفسه كذا، أي: خَطَرَ بها يَجِسُ وَجْسًا، ووجُوسًا ووَجِيسًا، اهـ.
{فَضَحِكَتْ} أصل الضحك: انبساط الوجه مِن سرُورَ يحصل للنفس، ولظُهُور الأسنان عنده سميت مقدمات الأسنان الضواحك، ويستعمل في السُّرور المجرد، وفي التعجب المجرد أيضًا. ثُم للعلماء في تفسير هذا الضحك قولان: أحدهما: أنه الضحك المعروف، وعليه أكثر المفسرين. والقول الثاني: أنه بمعنى حاضت في الوقت، كما قاله مجاهد، وعكرمة، وأنكر بعض أهل اللغة ذلك. قال الراغب: وقول مَنْ قال: حاضت، فليس ذلك تفسيرًا لقوله: فضحكت، كما تصوره بعض المفسرين، اهـ "خازن" بتصرف. {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ} الوَراءُ فعالٌ، ولامه همزة عند سيبويه، وأبي علي الفارسي، وياء عند العامة، وهو من ظروف المكان بمعنى خلف، وقدام، فهو من الأضداد، وقد يستعار للزمان كما في هذا المكان، اهـ "روح المعاني". {يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ} أصلها: يا ويلى وهي كلمة تُقَال حين يَفْجَأُ الإنسان أمر مهم من بلية، أو فَجِيعَة، أو فضيحة على جهة التعجب منه، أَو
الاستنكار له، أو الشكوى، وإيضاحُه أنه أضاف الويلَ إلى ياء النفس، فاستثقلت الياءِ على هذه الصورة، وقبلَها كسرة ففُتِحَ ما قَبلَها، فانقلبت الياءُ ألفًا؛ لأنها أخف من الياء، والكسرة، ورسمت بالياء، اهـ "كرخي".
وفي "السمين" الظاهر كون الألفِ بدلًا من ياء المتكلم، ولذلك أمالَها أبو عمرو، وعاصم في رواية، وبها قرأ الحسن:(يا ويلتي) بصريح الياء. وقيل: هي ألف الندبة، ويوقف عليها بهاء السكت، اهـ. {بَعْلِي} البعل: الزوج، وجمعه بعولة، ومعناه في الأصل، المستعلي على غيره كما مر في مبحث التفسير. {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي: من قدرته وحكمته. {حَمِيدٌ مَجِيدٌ} الحميدُ: هو الذي يُحْمَد على كل أفعاله، وهو المستحق؛ لأن يحمد في السراء والضراء، والشدة والرخاء. والمجيد: الواسع الكريم، وأصل المجد في كلامهم: السعة، اهـ "خازن". وفي "القاموس": ومجد كنصر، وكرم، مجدًا، ومجادةً فهو ماجد، ومجيد، وأمجده، ومجده، وعظَّمه، وأثنى عليه، اهـ. وقال الغزالي، رحمه الله: المجيد الشريف ذَاتُهُ، الجميل أفعاله، الجزيل عطاؤه ونواله، فكانَ شريفَ الذات إذا قارنه حُسْن الفعالِ يسمَّى مَجِيدًا.
{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ} الروع بالفتح الخوف، والفزع، يقال: ارتاع من كذا إذا خاف منه، وبضم الراء القلبَ لكن القراءة بالفتح. {لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} الحليمُ الذي لا يُحِبُّ المعاجلة بعقاب، والـ {أَوَّاهٌ} الكثير التأوه مما يسوء ويؤلم. والمنيب الذي يرجع إلى الله في كل أمر. {سِيءَ بِهِمْ}؛ أي: وقع فيما ساءه وغمه بمجيئهم. {ذَرْعًا} الذرعُ، والذراع: منتهى الطاقَة، يقال: ما لي به ذرع، ولا ذراع؛ أي: ما لي به طاقة، ويقال: ضقت بالأمر ذرعًا، إذا صَعُبَ عليك احتماله. قال الأزهري: الذرعُ يوضع موضعَ الطاقة، والأصل فيه: أنَّ البعير يَذْرَعُ بيديه في سيره ذرعًا على قَدْرِ سعةِ خطوه، فإذا حُمِلَ عليه أكثر من طَوْقِه، ضاق ذرعه عن ذلك، وضَعُف، ومدَّ عُنُقَه، فجُعِلَ ضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع، والطاقة، فمعنى: وضاق بهم ذرعًا؛ أي: لم يجد من ذلك المكروه مَخْلَصًا. وقال غيره: معناه: وضَاقَ بهم قَلْبًا، وصدرًا، ولا يعرف أصله إلَّا أن يقال: إنّ الذرع كنايةٌ عن الوُسْعِ، والعرب تقول: ليس هذا في يدي يعنون ليس
هذا في وسعي، لأن الذِّرَاعَ من اليد، ويقال: ضَاق فلان ذرعًا بكذا، إذا وقع في مكروه، ولا يطيق الخروجَ منه، وذلك أن لوطًا عليه السلام، لمَّا نَظَرَ إلى حُسْنِ وجوههم، وطيب رائحتهم، أشفَقَ عليهم من قومه، وخَافَ أن يَقْصدُوهم بمكروه، أو فاحشة، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عنهم، اهـ "خازن". والـ {عَصِيبٌ} الشديد، الأذى، كأنه قد عُصِبَ به الشرُّ، والبلاء؛ أي: شُدَّ به مأخوذ من العصابة التي يشد بها الرأس، اهـ "خازن".
{يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} يقال: هرع وأُهرع بالبناء للمفعول إذا حمل على الإسراع، وأعجل، فمعنى:{يُهْرَعُونَ} المبني للمفعول يساقون، ويُدْفَعون. وقال الكسائي: لا يكون الإهراعُ إلا إسراعًا مع رِعْدةٍ مِنْ بَرْدٍ، أو غَضَبٍ، أو حمًّى أو شهوةً. وفي "القاموس" والهَرَعُ محَرَّكٌ، وكغراب، والإهراع مشي في اضطراب وسرعة، وأقْبَلَ يُهْرَعُ بالضم، وأُهرع بالبناء للمجهول، فهو مُهْرَعٌ مَن غَضَب، أو خوف، وقد هَرعَ كفرح، ورجل هَرِعٌ سريع البكاء، اهـ. {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} في الآية سؤال كما مرَّ، وهو أن يقال: إن قولَه: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} أفعَل تفضيلٍ فيقتضي أن يكونَ الذي يطلبونه من الرجال طاهرًا، ومعلوم أنه محرَّمٌ فاسدٌ نَجِسٌ لا طهارةَ فيه ألبتةَ، فكيف قال هن أطهر لكم؟. والجواب عن هذا السؤال أنَّ هذا جارٍ مجرى قوله تعالى:{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)} ، ومعلوم أن شجرةَ الزقوم لا خَيْرَ فيها، اهـ "خازن".
{وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي} ؛ أي: لا تخجلوني في شأن ضيفي، فإنه إذا خُزي ضَيفَ الرجل، أو جَارُه، فقد خزِيَ الرجُلُ، وذلك من عراقة الكرم وأصالة المروءة، اهـ "كرخي". والضيفُ في الأصل: مصدر، ثم أطلق على الطارق لَيْلًا إلى المضيف، ولذلك يَقَعُ على المفرد، والمذكر، وضِدَّيْهِما بلفظ واحد، وقد يثنَّى فيقال: ضيفان، ويجمع فيقال: أضياف، وضيوف، كأبيات، وبيوت، وضيفان كحوض وحيضان، اهـ "سمين". والـ {رَشِيدٌ} ذو الرُّشد والعقل. {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً}؛ أي: على الدفع بنفسي. {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} من أرباب العصبيات القوية الذين يَحْمُونَ اللاجئين، ويُجِيرون المستجيرينَ. والـ {رُكْنٍ} بسكون الكاف وضمها: الناحيةُ مِن جبل وغيره، ويُجْمَعُ على أركان وأَرْكُن.
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} السري، بالضم، والإسراء في الليل كالسير في النهار. {بِأَهْلِكَ} وهم بنتاه فلم يخرج من القرية إلا هو وبنتاه فقط. والقطع من الليل الطائفة منه، والقطع هنا: نصف الليل؛ لأنه قطعة منه مساوية لباقيه.
والسِّجِّيلُ الطين المتحجّر كما جاء في الآية الأخرى.
{حِجَارَةً مِنْ طِينٍ} قال الراغبُ: هو حجر وطين مختلط، أصله فارسي فعرب. {مَنْضُودٍ} صفة لـ {سِجِّيلٍ} أي وضع بعضه على بعض، وأُعِدَّ لعذابهم. والنضد جعل الشيء بعضه فوق بعض، ومنه:{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29)} أي متراكب، والمرادُ: وصف الحجارة بالكثرة. {مُسَوَّمَةً} ؛ أي: لها سومة بالضم، أي علامة خاصَّة من التسويم، وهو العلامة. وفي "البيضاوي": مُسَوَّمة؛ أي: عليها اسم من يُرْمَى بها. وقيل: مُعَلَّمَة للعذاب. وقيل: مُعَلَّمة ببياض، أو حمرة، أو بسيما تتميز بها عن حجارة الأرض. {عِنْدَ رَبِّكَ}؛ أَي: في علم ربك. {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} و (نقص) يتعدى لاثنين إلى أولهما بنفسه، وإلى ثانيهما بحرف الجر، وقد يحذف تقول: نقصت زيدًا حقه، ومن حقه، وهو هنا كذلك إذ المراد، ولا تنقصوا الناسَ من المكيال والميزان. ويجوز أن يكونَ متعديًا لواحد على معنَى لا تَقَالُّوا، وتطففوا، ويجوز أن يكونَ مفعولًا أول، والثاني: محذوف، وفي ذلك مبالغة، والتقديرُ: ولا تنقصوا المكيالَ والميزانَ حَقَّهما الذي وجب لهما، وهو أبلغ في الأمر بوفائهما، اهـ "سمين". والمكيال، والميزان: الآلة التي يوزن، أو يكال بهما، {وَلَا تَعْثَوْا} مِنْ عَثِيَ كفرح، فمصدره عِثي كعصي، وهو القياسي أو عثو كسمو، وهو سماعيٌّ.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: جناس الاشتقاق في قوله: {خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ} وفي قوله: {لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ} .
ومنها: نداء غير العاقل في قوله: {يَا وَيْلَتَى} تنزيلًا لها منزلةَ العاقل.
ومنها: الاستفهام التعجبي في قوله: {أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} .
ومنها: الطباق بين الروع والبشرى في قوله: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى} .
ومنها: جمع المؤكدات في قوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ} إلخ، لبيان الحامل له على المجادلة، وهو رِقَّةُ قَلْبِه وفَرْطُ رحمته.
ومنها: الكناية في قوله: {جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} لأنه كنايةٌ عن العذاب الذي قضاه الله عليهم.
ومنها: الكناية في قوله: {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} لأنه كناية عن ضيق الوسع، والطاقة.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} شبه اليوم الذي اشتمل على الشر، والأذى بالرأس الذي عُصِب بالعصابة، بجامع الاشتمال في كل.
ومنها: الاستفهام التوبيخي التعجبي في قوله: {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} .
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} .
قال الشريف الرضي: وهذه استعارة، والمراد به قومه، وعشيرته، جعلهم ركنًا له؛ لأنَّ الإنسان يلجأ إلى قبيلته، ويَستند إلى أعوانه كما يستند إلى ركن البناء الرَّصين، وجاء جواب لو محذوفًا تقديره: لَحُلْتُ بينكم وبين ما هممتم به من الفساد، والحذفُ ههنا أبلغ؛ لأنه يوهم بعظيم الجزاء، وغليظ النكال.
ومنها: الجناس المغاير في قوله: {إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} .
ومنها: الإظهار في مقام الإضمار في قوله: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} .
ومنها: الطباق في قوله: {عَالِيَهَا سَافِلَهَا} .
ومنها: حكاية الحال الماضية في قوله: {يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} وحقُّ العبارة أن يقال: جَادَلنا.
ومنها: المجاز العقلي في قوله: {عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} أُسند الإحاطةَ لليوم مع أنَّ اليَوْمَ ليس بِجِسْمٍ باعتبار أنَّ العذَابَ يكون فيه فهو من إسناد ما للحال إلى المحل: كنهاره صائم.
ومنها: الإضافة (1) للتشريف في قوله: {بَقِيَّتُ اللَّهِ} كما في بيتِ الله، و {نَاقَةُ اللَّهِ} ، فإنَّ ما بقي بعد إيفاء الكيل، والوزن من الرزق الحلال، يستحق التشريفَ، كما ذكره في "روح البيان".
ومنها: ذِكْرُ الخاصِّ ثم العام، ثم الأعَمَّ مبالغةً في النصح، ولطفًا في استدراجهم إلى طاعة الله تعالى في قوله:{وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} إلى آخر الآية الثانية: حَيْثُ نُهوا (2) أولًا عن القبيح الذي كانوا يتعاطونه، وهو نقص المكيال، والميزان، وفي التصريح بالنهي نعي على المنهي، وتعيير له، وأمروا ثانيًا بإيفائهما مصرَّحًا بلفظهما، ترغيبًا في الإيفاء، وبَعْثًا عليه، وجيء بالقسط، ليكون الإيفاء على جهة العدل والتسوية، وهو الواجب؛ لأنَّ ما جاوزَ العَدْلَ فضل، وأمر مندوب إليه، ونهوا ثَالِثًا عن نقص الناس أشياءهم، وهو عام في الناس، وفيما بأيديهم من الأشياء كانَتْ مما تكال وتوزن، أو غير ذلك، ونهوا رابعًا عن الفساد في الأرض، وهو أعم من أن يكون نقصًا، أو غيره فبَدَأَهم أولًا بالمعصية الشنيعة التي كانوا عليها بعد الأمر بعبادة الله تعالى، ثُمَّ ارتقى إلى عام، ثم إلى أعم منه، وذلك مبالغة في النصح لهم، ولُطْفٌ في استدراجهم إلى طاعة الله تعالى.
ومنها: الزيادة والحَذْفُ في عِدّةِ مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
(1) روح البيان.
(2)
البحر المحيط.
وحدَه، وعدم النقص في الكيل والوزن .. ذكر هنا رَدَّهم على كلا الأمرين، فردوا على الأول، بأنهم إنما ساروا على منهج آبائهم، وأسلافهم، في التدين، والإيمان، ورَدُّوا على الثاني بأنهم أحرارٌ في أموالهم يتصرفون فيها بما يجلب لهم المصلحةَ فيها.
ثم أعاد النصحَ لهم بأنه لا يريد لهم إلا الإصلاح، وأنه يخشى أن يصيبَهم مثل ما أصابَ الأمم قبلَهم، كقوم نوح أو قوم هود، وما الأحداث التي اجتاحَتْ قوم لوط ببعيدَة عنكم، فعليكم أن تتوبوا إلى ربكم، عَلَّه أن يَرْحَمَكم فهو واسع الرحمة، محب لمن تَابَ وأناب إليه.
وعبارة أبي حيان هنا: مناسبتُها لما قَبْلَها: أنه لما أمرهم (1) شعيب بعبادة الله، وترك عبادة أوثانهم، وبإيفاء المكيال والميزان، رَدُّوا عليه على سبيل الاستهزاءِ والهُزْءِ بقولهم:{أَصَلَاتُكَ} ، وكانَ كثيرَ الصلاة، وكان إذا صلى تغامزوا، وتضاحكوا، {تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} مقابلُ لقوله:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} أو أنْ نفعلَ في أموالنا ما نشاء مقابلٌ لقوله: {وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} .
قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أنهم (2) لما جادلوه أولًا بالتي هي أحسن، وعميَت عليهم العلل، وضاقَت بهم الحِيل، ولم يجدوا للمحاورة ثمرةً، تحولوا إلى الإهانة، والتهديد، وجعلوا كَلامَهُ من الهذيان، والتخليط الذي لا يفهم معناه، ولا تُدْرَكُ فحواه، فقابلهم بالإنذار بقرب الوعيد، ونزول العذاب الشديد.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (96)
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها، أن الله سبحانه وتعالى، لمّا فرغ من ذكر قصة شعيب، صهر موسى، مع قومه .. أرْدفَ بذكر قصص موسى مع فرعون، وملأه، للإعلام بأنَّ عاقبةَ فرعون وأشراف قومه اللعنةُ والهلاك، ككفار أولئك الأمم
(1) البحر المحيط.
(2)
المراغي.