المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الجوهري: والصور بكسر الصاد: لغة في الصور بضمها، وقرأت فرقة: - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: الجوهري: والصور بكسر الصاد: لغة في الصور بضمها، وقرأت فرقة:

الجوهري: والصور بكسر الصاد: لغة في الصور بضمها، وقرأت فرقة:{صوركم} بضم الصاد وإسكان الواو على نحو بسرة وبسر {وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} ؛ أي: من المأكولات اللذيذة، والمشروبات الحلوية.

والمعنى: أي وخلقكم فأحسن خلقكم، إذ خلق كلًّا منكم منتصب القامة، بادي البشرة، متناسب الأعضاء، متهيأً لمزاولة الصناعات واكتساب الكمالات، ورزقكم من طيبات المطاعم والمشارب.

{ذَلِكُمُ} الموصوف بما ذكر من الصفات الجميلة، مبتدأ، خبره:{الله} ؛ أي: المستحق منكم العبادة {رَبُّكُمْ} الذي ربَّاكم بما يصلحكم، خبر آخر {فَتَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ} صفة خاصة بالله تعالى، أي: تقدّس وتنزّه وتعالى بذاته عن أن يكون له شريك في العبادة، إذ لا شريك له في شيء من تلك النعم، أو المعنى: كثر خيره، وتزايد برّه، {رَبُّ الْعَالَمِينَ}؛ أي: مالكهم ومربّيهم، والكل تحت ملكوته، مفتقرٌ إليه في ذاته ووجودهِ وسائر أحواله جميعًا، بحيثُ لو انقطع فيضه عنه آنًا .. لانعدم بالكلية.

أي (1): ذلكم الذي أنعم عليكم بهذه النعم، هو الذي لا ينبغي الألوهية إلا له، ولا تصلح الربوبية لغيره، لا مَنْ لا ينفع ولا يضر، فتقدس سبحانه وتنزّه، وهو رب العالمين.

‌65

- ثم نبَّه إلى وحدانيته، وأمر بإخلاص العبادة له، فقال:{هُوَ} سبحانه وتعالى {الْحَيُّ} ؛ أي: المتصف بالحياة الدائمة، المنفرد بالحياة الذاتية الحقيقة لا يموت، ويميت الخلق {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} سبحانه وتعالى، إذ لا موجود يدانيه في ذاته وصفاته وأفعاله {فَادْعُوهُ}؛ أي: فاعبدوه خاصةً لاختصاص ما يوجبه به تعالى {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ؛ أي: الطاعة والعبادة من الشرك الجلي والخفيّ، مقرين له بالعبودية، قائلين {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من قال: لا إله إلا الله .. فليقل على إثرها: الحمد لله رب العالمين، وذلك قوله تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ

(1) المراغي.

ص: 238

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فعلى هذا هو من كلام المأمورين بالعبادة؛ أي: ولما كان تعالى موصوفًا بصفات الجلال والعزّة .. استحق لذاته أن يقال له: الحمد لله رب العالمين، ويجوز أن يكون من كلامه تعالى، على أنه استئناف لحمد ذاته بذاته. اهـ "شهاب".

والمعنى: أي هو سبحانه الحيّ الذي لا يموت، وما سواه فمنقطع الحياة، غير دائمها، لا معبود بحق غيره، ولا تصلح الألوهية إلا له، فادعوه مخلصين له الطاعة، ولا تشركوا في عبادته شيئًا سواه من وثن أو صنم، ولا تجعلوا له ندًّا ولا عدلًا، ثمّ أمر عباده أن يحمدوه على جزيل نعمه، وجليل إحسانه فقال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} ؛ أي: احمدوه سبحانه، فهو مالك جميع أصناف الخلق، من ملك وإنس وجن، لا الآلهة التي تعبدونها، ولا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًّا، فضلًا عن نفع غيرها وضرّه.

الإعراب

{وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)} .

{وَيَا قَوْمِ} {الواو} : عاطفة. {يَا قَوْمِ} : منادى مضاف معطوف على المنادى الأول. {مَا} : اسم استفهام للاستفهام التعجبي في محل الرفع مبتدأ، {لِي}: جار ومجرور خبره، والجملة الاسمية، في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب النداء. {أَدْعُوكُمْ}: فعل مضارع ومفعول به وفاعل مستتر. {إِلَى النَّجَاةِ} : متعلق بـ {أَدْعُوكُمْ} والجملة الفعلية: في محل النصب حال من ضمير {لِي} . {وَتَدْعُونَنِي} {الواو} : حالية. {تدعونني} : فعل وفاعل ومفعول به مرفوع بثبات النون والنون الثانية للوقاية، و {الياء}: مفعول به. {إِلَى النَّارِ} : متعلق بـ {تدعونني} ، وهذه الجملة (1) مستأنفة أخبر عنهم بذلك بعد استفهامه عن دعائه لهم، ويجوز أن يكون التقدير: وما لكم تدعونني إلى النار، وهو الظاهر، ويضعف أن تكون الجملة حالًا؛ أي: ما لي أدعوكم إلى النجاة حال دعائكم إياي إلى النار. اهـ "سمين". وعبارة أبي السعود: {مَا لِي أَدْعُوكُمْ} : {مَا} : مبتدأ، والظرف بعدها خبر عنها، وجملة

(1) الفتوحات.

ص: 239

{أَدْعُوكُمْ

} إلخ. حال، والاستفهام المفاد بـ {مَا} تعجبي، ومدار التعجب: دعوتهم إياه إلى النار لا دعوته إياهم إلى النجاة، كأنه قال: أخبروني، كيف هذه الحال، أدعوكم إلى الخير وتدعونني إلى الشر؟!.

{تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42)} .

{تَدْعُونَنِي} : فعل مضارع وفاعل ونون وقاية ومفعول به مرفوع بثبات النون، والجملة الفعلية: بدل من جملة {وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} أو مستأنفة مسوقة لبيانها {لِأَكْفُرَ} : {اللام} : حرف جر وتعليل. {أكفر} : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازًا بعد لام كي، وفاعله: ضمير مستتر يعود على المؤمن. {بِاللهِ} : متعلق بـ {أكفر} والجملة الفعلية مع أن المضمرة: في تأويل مصدر مجرور باللام، تقديره: تدعونني إلى كفري بالله، والدعاء يتعدى كالهداية بـ {إلى} وباللام. {وَأُشْرِكَ}: فعل مضارع وفاعل مستتر معطوف على {أكفر} {بِهِ} : متعلق بـ {أشرك} ، و {مَا}: مفعول به، {لَيْسَ}: فعل ماض ناقص، و {لِي}: خبرها المقدم، {بِهِ} متعلق بـ {عِلْمٌ} و {عِلْمٌ}: اسم {لَيْسَ} مؤخر، وجملة {لَيْسَ}: صلة لـ {ما} الموصولة {وَأَنَا} {الواو} : حالية. {أنا} : ضمير المتكلم في محل الرفع مبتدأ. {أَدْعُوكُمْ} : فعل مضارع ومفعول به وفاعل مستتر، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: في محل النصب حال من ياء المتكلم في {تَدْعُونَنِي} أو معطوفة على {تَدْعُونَنِي} ، {إِلَى الْعَزِيزِ}: متعلق بـ {أَدْعُوكُمْ} ، {الْغَفَّارِ} صفة لـ {الْعَزِيزِ} .

{لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ في الدُّنْيَا وَلَا في الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43)} .

{لَا} : نافية لرد ما قبلها، كما مر في مبحث التفسير. {جَرَمَ}: فعل ماض بمعنى حق ووجب. {أَنَّمَا} : {أن} : حرف نصب وتوكيد ومصدر. {ما} : اسم موصول في محل النصب اسمها، فكان حقها أن تكتب مفصولة من النون، كما هو القاعدة: أن الموصولة مفصولة، والكافَّة متصلة بها لكنها رسمت في المصحف متصلةً بالنون؛ تبعًا للرسم العثماني. {تَدْعُونَنِي}: فعل مضارع وفاعل ونون وقاية

ص: 240

ومفعول به. {إِلَيْهِ} : متعلق بـ {تَدْعُونَنِي} وهو العائد إلى {ما} الموصولة، والجملة الفعلية: صلة لـ {مَا} الموصولة. {لَيْسَ} : فعل ماض ناقص، {لَهُ}: خبرها مقدم، {دَعْوَةٌ}: اسمها مؤخر، {في الدُّنْيَا}: صفة لـ {دَعْوَةٌ} . {وَلَا في الْآخِرَةِ} : معطوف على {في الدُّنْيَا} وجملة {لَيْسَ} : في محل الرفع خبر {أَنَّ} ، وجملة {أن}: في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية لـ {جَرَمَ} تقديره: حق وثبت بطلان دعوة ما تدعونني إليه في الدنيا والآخرة. {وَأَنَّ} : {الواو} : عاطفة {أَن} : حرف نصب. {مَرَدَّنَا} : اسمها. {إِلَى اللهِ} خبرها، وجملة {أَن}: معطوفة على جملة {أَنَّمَا تَدْعُونَنِي} على كونها في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية، تقديره: جرم بطلان دعوة ما تدعونني إليه، وكون مردنا إلى الله تعالى. {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ} ناصب واسمه {هُمْ}: ضمير فصل. {أَصْحَابُ النَّارِ} : خبره، وجملة {أَن}: في تأويل مصدر معطوفة على ما قبله؛ أي: وحق كون المسرفين من أصحاب النار.

{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} .

{فَسَتَذْكُرُونَ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم ما ذكرته لكم، وأردتم بيان عاقبتكم .. فأقول لكم، و {السين}: حرف استقبال. {تذكرون} : فعل وفاعل مرفوع بثبات النون {مَا} : اسم موصول في محل النصب مفعول به، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: في محل النصب مقول {قال} . {أَقُولُ} : فعل مضارع وفاعل مستتر. {لَكُمْ} : متعلق به، والجملة الفعلية: صلة لـ {مَا} الموصولة والعائد: محذوف، تقديره: ما أقوله، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي}: فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به معطوف على {تذكرون} ، {إِلَى اللهِ}. متعلق بـ {أفوض}. {إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ}: ناصب واسمه وخبره. {بِالْعِبَادِ} : متعلق بـ {بَصِيرٌ} ، وجملة {إِنَّ}: مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها، على كونها مقول {قال}. {فَوَقَاهُ الله}:{الفاء} : عاطفة على محذوف يقتضيه السياق، تقديره: وقصدوا قتله فهرب منهم فوقاه الله، {وقاه الله}: فعل ماض ومفعول به أول وفاعل معطوف على ذلك المحذوف. {سَيِّئَاتِ} : مفعول به ثان {سَيِّئَاتِ} : مضاف {مَا} : اسم موصول

ص: 241

في محل الجر مضاف إليه. {مَكَرُوا} : فعل وفاعل صلة الموصولة، والعائد: محذوف، تقديره: ما مكروه. {وَحَاقَ} : فعل ماض معطوف على {وقاه} . {بِآلِ فِرْعَوْنَ} : متعلق بـ {حاق} ، {سُوءُ الْعَذَابِ}: فاعل ومضاف إليه. {النَّارُ} : مبتدأ، {يُعْرَضُونَ}: فعل مضارع مغير الصيغة ونائب فاعل، والجملة الفعلية، في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة: مستأنفة {عَلَيْهَا} : متعلق بـ {يُعْرَضُونَ} ، {غُدُوًّا وَعَشِيًّا}: ظرفان متعلقان بـ {يُعْرَضُونَ} ، {وَيَوْمَ}:{الواو} : استئنافية. {يَوْمَ} : منصوب على الظرفية الزمانية، متعلق بقول محذوف، تقديره: ويقال يوم تقوم الساعة، والقول المحذوف: مستأنف، وجملة {تَقُومُ السَّاعَةُ}: في محل الجر مضاف إليه لـ {يَوْمَ} . {أَدْخِلُوا} : فعل أمر وفاعل، {آلَ فِرْعَوْنَ}: مفعول به أول. {أَشَدَّ الْعَذَابِ} : مفعول به ثان، والجملة الفعلية: في محل الرفع نائب فاعل محكي للقول المحذوف.

{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ في النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ (47)} .

{وَإِذْ} {الواو} : استئنافية، {إذ}: ظرف لما مضى من الزمان متعلق بمحذوف، تقديره: واذكر لقومك يا محمد قصة {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ} ، والجملة المحذوفة: مستأنفة، {يَتَحَاجُّونَ}: فعل وفاعل، والجملة: في محل الجر مضاف إليه لـ {إذ} . {في النَّارِ} : متعلق بـ {يَتَحَاجُّونَ} . {فَيَقُولُ} : {الفاء} : حرف عطف وتفصيل. {يقول الضعفاء} : فعل وفاعل والجملة: في محل الجر معطوفة على جملة {يَتَحَاجُّونَ} ، {لِلَّذِينَ}: متعلق بـ {يقول} ، وجملة {اسْتَكْبَرُوا}: صلة الموصول. {إِنَّا} : ناصب واسمه. {كُنَّا} فعل ماض ناقص واسمه. {لَكُمْ} : متعلق بـ {تَبَعًا} ، {تَبَعًا} خبر {كان} ، وجملة {كان}: في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن}: في محل النصب مقول {يقول} . {فَهَلْ} : الفاء عاطفة. {هل} : حرف استفهام. {أَنْتُمْ مُغْنُونَ} : مبتدأ وخبر، والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة {إن} ، {عَنَّا}: متعلق بـ {مُغْنُونَ} ، {نَصِيبًا}: منصوب بفعل محذوف دل عليه مغنون تقديره: هل أنتم دافعون عنا نصيبًا، كما مر في بحث التفسير. {مِنَ النَّارِ} صفة لـ {نَصِيبًا} .

{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ

ص: 242

الَّذِينَ في النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49)}.

{قَالَ الَّذِينَ} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة، وجملة {اسْتَكْبَرُوا}: صلة {الَّذِينَ} . {إِنَّا} : ناصب واسمه. {كُلٌّ} : مبتدأ، وسوغ الابتداء بالنكرة قصد العموم. {فِيهَا}: جار ومجرور خبر {كُلٌّ} ، وجملة المبتدأ مع خبره: في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن}: في محل النصب مقول {قَالَ} {إِنَّ اللهَ} : ناصب واسمه، وجملة {قَدْ حَكَمَ}: خبر {إِنَّ} {بَيْنَ الْعِبَادِ} : متعلق بـ {حَكَمَ} وجملة {إِنَّ} مسوقة لتعليل ما قبلها على كونها مقول {قَالَ} ، {وَقَالَ الَّذِينَ}: فعل وفاعل معطوف على {قَالَ} الأول، {في النَّارِ}: جار ومجرور صلة {الَّذِينَ} . {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {قَالَ} . {ادْعُوا رَبَّكُمْ} : فعل أمر وفاعل ومفعول به، والجملة في محل النصب مقول {قَالَ} ، {يُخَفِّفْ}: فعل مضارع مجزوم بالطلب السابق، وفاعله ضمير يعود على الرب جل جلاله. {عَنَّا}: متعلق بـ {يُخَفِّفْ} ، {يَوْمًا}: ظرف متعلق بـ {يُخَفِّفْ} أيضًا {مِنَ الْعَذَابِ} : صفة لمحذوف هو مفعول {يُخَفِّفْ} ؛ أي: يخفف عنا شيئًا من العذاب في يوم، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب الطلب.

{قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا في ضَلَالٍ (50)} .

{قَالُوا} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة. {أَوَلَمْ تَكُ} : {الهمزة} : للاستفهام الإنكاري التوبيخي، داخلة على محذوف دل عليه السياق، و {الواو}: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: ألم تنتهوا عن هذا ولم تك تأتيكم إلخ. والجملة المحذوفة: في محل النصب مقول {قَالُوا} . {لَمْ} : حرف جزم، {تَكُ}: فعل مضارع ناقص مجزوم، وعلامة جزمه السكون الظاهر على النون المحذوفة للتخفيف، واسمها: ضمير مستتر يعود على الرسل. {تَأْتِيكُمْ} : فعل مضارع ومفعول به. {رُسُلُكُمْ} : فاعل {تَأْتِيكُمْ} وقد تنازعه كل من {تَكُ} فأعطي فاعلًا للثاني وأضمر في الأول، ويجوز العكس. {بِالْبَيِّنَاتِ}: متعلق بـ {تَأْتِيكُمْ} وجملة {تَأْتِيكُمْ} : في محل النصب خبر تك، وجملة تك معطوفة على الجملة المحذوفة. {قَالُوا}: فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {بَلَى}: حرف جواب لإثبات النفي نائب عن الجواب، تقديره: بلى أتتنا رسلنا فكذبنا، والجملة المحذوفة

ص: 243

في محل النصب مقول {قَالُوا} ، {قَالُوا}: فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة. {فَادْعُوا} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا كان الأمر كذلك، وأردتم بيان جزائكم .. فأقول لكم: ادعوا {ادعوا} : فعل أمر وفاعل، والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: في محل النصب مقول {قَالُوا} : {وَمَا} {الواو} : عاطفة: {ما} : نافية. {دُعَاءُ الْكَافِرِينَ} : مبتدأ ومضاف إليه. {إِلَّا} : أداة استثناء مفرغ. {في ضَلَالٍ} : خبر المبتدأ، والجملة: في محل النصب معطوفة على جملة {فَادْعُوا} .

{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52)} .

{إِنَّا} : ناصب واسمه. {لَنَنْصُرُ} : {اللام} : حرف ابتداء {ننصر} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على الله. {رُسُلَنَا} : مفعول به {وَالَّذِينَ} : معطوف على {رُسُلَنَا} ، وجملة {ننصر}: في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن}: مستأنفة مسوقة لتعليل ضياع دعائهم، وجملة {آمَنُوا}: صلة الموصول. {في الْحَيَاةِ} : متعلق بـ {ننصر} {الدُّنْيَا} صفة لـ {الْحَيَاةِ} . {وَيَوْمَ} : ظرف معطوف على {في الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ؛ أي: لننصرنهم في الحياة الدنيا وفي يوم يقوم الأشهاد، وجملة {يَقُومُ الْأَشْهَادُ} من الفعل والفاعل: في محل الجر مضاف إليه {يَوْمَ} : بدل من {يَوْمَ} قبله، {لَا}: نافية. {يَنْفَعُ} : فعل مضارع {الظَّالِمِينَ} : مفعول به، {مَعْذِرَتُهُمْ}: فاعل، والجملة الفعلية: في محل الجر مضاف إليه. لـ {يوم} {وَلَهُمُ} : {الواو} : عاطفة. {لَهُمُ} : خبر مقدم. {اللَّعْنَةُ} : مبتدأ مؤخر، والجملة: في محل الجر معطوفة على جملة {لَا يَنْفَعُ} . {اللَّعْنَةُ} : خبر مقدم. {سُوءُ الدَّارِ} : مبتدأ مؤخر، والجملة: معطوفة على ما قبلها.

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55)} .

{وَلَقَدْ} {الواو} : استئنافية، و {اللام}: موطئة للقسم {قد} : حرف تحقيق. {آتَيْنَا} : فعل وفاعل. {مُوسَى} : مفعول أول. {الْهُدَى} : مفعول ثان،

ص: 244

والجملة: جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم، مستأنفة مسوقة لإيراد نموذج عظيم من نماذج النصر الذي وعد الله أنبياءه في الدنيا. {وَأَوْرَثْنَا}: فعل وفاعل معطوف على {آتَيْنَا} ، {بَنِي إِسْرَائِيلَ}: مفعول أول، {الْكِتَابَ}: مفعول ثان. {هُدًى وَذِكْرَى} : منصوبان على أنهما مفعولان لأجله؛ أي: لأجل الهدى والذكرى، أو على أنهما مصدران في موضع الحال {لِأُولِي الْأَلْبَابِ}: جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بذكرى أو صفة له. {فَاصْبِرْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت وعد الله النصر لأنبيائِهِ، وأردت بيان ما هو اللازم لك .. فأقول لك:{اصبر} ، {اصبر}: فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد، والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، {إِنَّ وَعْدَ اللهِ}: ناصب واسمه، {حَقٌّ}: خبره، وجملة {إِنَّ} مستأنفة مسوقة لتعليل الأمر بالصبر. {وَاسْتَغْفِرْ}: فعل أمر وفاعل مستتر معطوف على {اصبر} {لِذَنْبِكَ} : متعلق بـ {استغفر} ، {وَسَبِّحْ}: فعل أمر وفاعل مستتر معطوف أيضًا على {اصبر} {بِحَمْدِ رَبِّكَ} : حال من فاعل {سبح} ، {بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} متعلق بـ {سبح} .

{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ في آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ في صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56)} .

{إِنَّ الَّذِينَ} : ناصب واسمه. وجملة {يُجَادِلُونَ} : صلة الموصول. {في آيَاتِ اللهِ} : متعلق بـ {يُجَادِلُونَ} : {بِغَيْرِ سُلْطَانٍ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بمحذوف حال من فاعل {يُجَادِلُونَ} تقديره: حال كونهم غير مستندين في جدالهم إلى حجة، وجملة {أَتَاهُمْ} صفة {سُلْطَانٍ} {إِنْ}: نافية، {في صُدُورِهِمْ}: خبر مقدم، {إِلَّا}: أداة حصر. {كِبْرٌ} : مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل الرفع خبر {إِنْ} وجملة {إِنْ}: مستأنفة. {مَا} : حجازية {هُمْ} : في محل الرفع اسمها. {بِبَالِغِيهِ} : {الباء} : زائدة في خبر {مَا} الحجازية. {بالغيه} : خبر {ما} الحجازية، وجملة {مَا} الحجازية: في محل الرفع صفة لـ {كِبْرٌ} . {فَاسْتَعِذْ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت حال المجادلين، وأردت بيان ما هو الأصلح له .. فأقول لك:{استعذ بالله} {استعذ} : فعل أمر وفاعل مستتر {بِاللهِ} : متعلق بـ {استعذ}

ص: 245

والجملة: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: مستأنفة. {إِنَّهُ} : ناصب واسمه. {هُوَ} : ضمير فصل، {السَّمِيعُ}: خبر أول لها، {الْبَصِيرُ}: خبر ثان، وجملة {إِنَّ}: مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها.

{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59)} .

{لَخَلْقُ} : {اللام} : حرف ابتداء، {خلق السموات}: مبتدأ ومضاف إليه، {وَالْأَرْضِ}: معطوف على {السَّمَاوَاتِ} {أَكْبَرُ} : خبره، والجملة الاسمية: مستأنفة. {مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} : متعلق بـ {أَكْبَرُ} ، {وَلَكِنَّ}:{الواو} : عاطفة، {لكن}: حرف نصب واستدراك. {أَكْثَرَ النَّاسِ} : اسمها، وجملة {لَا يَعْلَمُونَ}: خبرها، والجملة الاستدراكية: معطوفة على الجملة التي قبلها، أو في محل النصب حال، {وَمَا}:{الواو} : عاطفة، {ما}: نافية. {يَسْتَوِي الْأَعْمَى} : فعل وفاعل. {وَالْبَصِيرُ} : معطوف على {الْأَعْمَى} ، والجملة الفعلية: معطوفة على الجملة التي قبلها، أو مستأنفة، {وَالَّذِينَ}: معطوف على {الْأَعْمَى} ، {آمَنُوا}: صفة {الَّذِينَ} ، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: معطوف على {آمَنُوا} ، {وَلَا}:{الواو} : عاطفة، {لا}: زائدة للتوكيد. {الْمُسِيءُ} : معطوف على {الْأَعْمَى} . {قَلِيلًا} : مفعول مطلق أو ظرف زمان؛ لأنه صفة مصدر أو ظرف محذوف؛ أي: تذكرًا قليلًا، أو زمانًا قليلًا، {مَا} زائدة لتأكيد القلة. {تَتَذَكَّرُونَ}: فعل وفاعل، والجملة مستأنفة {إِنَّ السَّاعَةَ}: ناصب واسمه. {لَآتِيَةٌ} : {اللام} : حرف ابتداء. {آتية} : خبره، والجملة: مستأنفة. {لَا} نافية. {رَيْبَ} : في محل النصب اسمها. {فِيهَا} : جار ومجرور خبر {لَا} ، وجملة {لَا} في محل الرفع خبر ثان لـ {إن} {وَلَكِنَّ} {الواو}: عاطفة أو حالية، {لكنَّ}: حرف نصب واستدراك {أَكْثَرَ النَّاسِ} : اسمها، وجملة {لَا يُؤْمِنُونَ}: خبرها، وجملة {لكن}: معطوفة أو حالية كما سبق.

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) الله الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ

ص: 246

اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61)}.

{وَقَالَ} {الواو} : استئنافية. {قَالَ رَبُّكُمُ} : فعل وفاعل، والجملة: مستأنفة. {كَلِمَتُ} : فعل أمر وفاعل ونون وقاية. ومفعول به، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} . {أَسْتَجِبْ} : فعل مضارع وفاعل مستتر مجزوم بالطلب السابق. {لَكُمْ} : متعلق به، والجملة: في محل النصب مقول {قَالَ} على كونها جواب الطلب. {إِنَّ الَّذِينَ} : ناصب واسمه، وجملة {يَسْتَكْبِرُونَ}: صلة {الَّذِينَ} ، {عَنْ عِبَادَتِي} متعلق بـ {يَسْتَكْبِرُونَ} ، {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ}: فعل وفاعل ومفعول به على السعة. {دَاخِرِينَ} : حال، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {إِنَّ} وجملة {إِنَّ} : في محل النصب مقول {قَالَ} {الله الَّذِي} : مبتدأ وخبر، والجملة: مستأنفة. {جَعَلَ} : فعل ماض، وفاعل مستتر، والجملة: صلة الموصول، {لَكُمُ}: متعلق بـ {جَعَلَ} ؛ لأنه بمعنى خلق، {اللَّيْلَ}: مفعول به، {لِتَسْكُنُوا} {اللام}: حرف جر وتعليل. {تسكنوا} : فعل مضارع وفاعل منصوب بأن مضمرة بعد لام كي. {فِيهِ} : متعلق بـ {تسكنوا} والجملة: في تأويل مصدر مجرور باللام، الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور في قوله:{لَكُمُ} ، {فِيهِ}: متعلق بـ {تسكنوا} ، {وَالنَّهَارَ}: معطوف على {اللَّيْلَ} . {مُبْصِرًا} : حال من {النهار} . {إِنَّ اللهَ} : ناصب واسمه {لَذُو فَضْلٍ} : خبره، و {اللام}: حرف ابتداء. {عَلَى النَّاسِ} : متعلق بـ {فَضْلٍ} ، وجملة {إِنَّ}: مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها. {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} : ناصب واسمه، وجملة {لَا يَشْكُرُونَ}: خبره، وجملة {لكن}: معطوفة على جملة {إِنَّ} .

{ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (63)} .

{ذَلِكُمُ الله} : مبتدأ وخبر أول، والجملة: مستأنفة. {رَبُّكُمْ} : خبر ثان. {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} : خبر ثالث، وجملة {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: خبر رابع. {فَأَنَّى} : {الفاء} : استئنافية أو عاطفة، {أنى}: اسم استفهام بمعنى كيف، في محل النصب على الحال مبني على السكون. {تُؤْفَكُونَ}: فعل مضارع مغير الصيغة ونائب فاعل، والجملة: مستأنفة مسوقة لإفادة التعجب من حالهم، أو معطوفة على الجملة التي قبلها. {كَذَلِكَ}: صفة لمصدر محذوف؛ أي: إفكًا مثل إفك هؤلاء

ص: 247

المشركين. {يُؤْفَكُ الَّذِينَ} : فعل مضارع ونائب فاعل، والجملة: مستأنفة. {كَانُوا} : فعل ماض ناقص واسمه. {بِآيَاتِ اللهِ} : متعلق بـ {يَجْحَدُونَ} وجملة {يَجْحَدُونَ} : خبر {كان} ، وجملة {كان}: صلة الموصول.

{الله الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)} .

{الله الَّذِي} : مبتدأ وخبر، والجملة: مستأنفة، {جَعَلَ}: فعل ماض بمعنى صير، وفاعل مستتر. {لَكُمُ}: حال من {قَرَارًا} . {الْأَرْضَ} : مفعول أول، {قَرَارًا}: مفعول ثان، والجملة الفعلية: صلة {الَّذِي} ، {وَالسَّمَاءَ}: معطوف على {الْأَرْضَ} ، {بِنَاءً}: مفعول ثان. {وَصَوَّرَكُمْ} : فعل ماض وفاعل مستتر ومفعول به معطوف على {جَعَلَ} ، {فَأَحْسَنَ} عطف على صوركم {صُوَرَكُمْ} مفعول به {وَرَزَقَكُمْ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به معطوف على {جَعَلَ} {مِنَ الطَّيِّبَاتِ} : متعلق بـ {رزقكم} . {ذَلِكُمُ الله} : مبتدأ وخبر أول. {رَبُّكُمْ} : خبر ثان، والجملة: مستأنفة. {فَتَبَارَكَ} : {الفاء} : عاطفة أو استئنافية. {تبارك الله} : فعل وفاعل. {رَبُّ الْعَالَمِينَ} : نعت للجلالة، والجملة الفعلية: مستأنفة أو معطوفة على الجملة الاسمية. {هُوَ الْحَيُّ} : مبتدأ وخبر أول، والجملة: مستأنفة، وجملة {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: خبر ثان {فَادْعُوهُ} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفتم ما ذكر من الصفات لله تعالى، وأردتم بيان ما هو اللازم لكم .. فأقول لكم:{ادعوه} {ادعوه} : فعل أمر وفاعل ومفعول به. {مُخْلِصِينَ} : حال من فاعل {ادعوه} . {لَهُ} : متعلق بـ {مُخْلِصِينَ} ، {الدِّينَ}: مفعول لـ {مُخْلِصِينَ} ، والجملة الفعلية: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة: مستأنفة. {الْحَمْدُ لِلَّهِ} : مبتدأ وخبر. {رَبِّ الْعَالَمِينَ} : نعت للفظ الجلالة، والجملة الاسمية: في محل النصب مقول لقول محذوف، حال من فاعل {ادعوه} تقديره: فادعوه مخلصين له الدين حال كونكم قائلين: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .

ص: 248

التصريف ومفردات اللغة

{إِلَى النَّجَاةِ} ؛ أي: إلى الإيمان بالله، الذي ثمرته وعاقبته النجاة. {إلى النار}؛ أي: إلى اتخاذ الأنداد والأوثان الذي عاقبته النار. {أَدْعُوكُمْ} أصله: أدعوكم بوزن أفعل سكنت الواو لوقوعها بعد ضَمة فصارت حرف مَدّ {النجاة} أصله: النجوة، بوزن فعلة كالدعوة، نقلت حركة الواو إلى الجيم، ثم قلبت الواو ألفًا؛ لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن. {تَدْعُونَنِي} أصله: تدعوونني، حذفت الضمة التي على الواو تخفيفًا، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين، فوزنه تفعونني. {مَرَدَّنَا} أصله مرددنا، نقلت حركة الدال الأولى إلى الراء فسكنت، ثم أدغمت في الدال الثانية. {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي} قال في "القاموس": فوض إليه الأمر: رده إليه. انتهى. وحقيقة التفويض: تعطيل الإرادة في تدبير الله تعالى كما في "عين المعاني".

{وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ} ؛ أي: الذين يغلب شرهم على خيرهم. {فَوَقَاهُ الله} فيه إعلال بالقلب، أصله: وفيه، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح. {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} ومعنى عرضهم على النار: إحراق أرواحهم وتعذيبهم بها من قولهم: عرض الأسارى على السيف: إذا قتلوا به. قال في "القاموس": عرض القوم على السيف: قتلهم، وعلى السوط: ضربهم. {غُدُوًّا} وزنه فعول، أصله: غدووًا، أدغمت واو فعول في واو لام الكلمة. {وَعَشِيًّا} لامه واو، أصله: عشيو، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما ساكنة فقلبت الواو ياءً وأدغمت فيها الياء.

{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ} أصله: يتحاججون، سكنت الجيم الأولى وأدغمت في الثانية، والتحاج بالتشديد: التخاصم كالمحاجة. {مُغْنُونَ} أصله: مغنيون، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فلما سكنت .. التقى ساكنان، فحذفت الياء وضمت النون لمناسبة الواو. {تَبَعًا}: جمع تابع، كخدم جمع خادم، قال في "القاموس": التبع: محركة التابع يكون واحدًا وجمعًا؛ أي: أتباعًا في كل حال، خصوصًا فيما دعوتمونا إليه من الشرك والتكذيب، أو مصدر وصف به. {نَصِيبًا} وهو الحظ المنصوب؛ أي: المعين كما في "المفردات". {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} جمع خازن، والخزن: حفظ الشيء في الخزانة، ثم يعبر به عن كل حفظ، كحفظ السر

ص: 249

ونحوه. قاله الراغب. {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} : جمع شاهد، مثل صاحب وأصحاب. قال النحاس: ليس لباب فاعل أن يجمع على أفعال ولا يقاس عليه، ولكن ما جاء فيه مسموعًا أدي على ما سمع فهو على هذا جمع شهيد مثل شريف وأشراف. {مَعْذِرَتُهُمْ} والمعذرة: بمعنى العذر. {بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ} أصله: أتيهم قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح.

{فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} أصله: استعوذ، بوزن استفعل، نقلت حركة الواو إلى العين فسكنت، فالتقت ساكنةً، مع الذال آخر الفعل المسكن لبناء الأمر، فحذفت الواو لالتقاء الساكنين. {الْمُسِيءُ} أصله: المسوىء، بوزن الفعل، نقلت حركة الواو إلى السين فسكنت إثر كسرة فقلبت ياءً حرف مد. {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فيه إعلال بالنقل والتسكين والحذف، أصله: أستجوب: فعل مضارع مرفوع بالضمة، ثم وقع جوابًا للأمر فجزم بالسكون، ثم نقلت حركة الواو إلى الجيم فسكنت فالتقى ساكنان فحذفت الواو، فوزنه استفل. {دَاخِرِينَ}: اسم فاعل من دخر كمنع وفرح إذا صغر وذل. وفي "المصباح": دخر الشخص يدخر بفتحتين دخورًا: ذل وهان؛ وأدخرته بالألف لتعدية.

{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} السماء، أصله: السماو من السمو، والهمزة: مبدلة من واو لتطرفها إثر ألف زائدة، وكذلك قوله:{بِنَاءً} : أصله: بناو؛ لأنك تقول: بنيت البنيان، أبدلت الياء همزةً لتطرفها إثر ألف زائدة. {كَذَلِكَ يُؤْفَكُ} قال الراغب: الأفك كل مصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه، ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب: المؤتفكات.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: تكرير نداء قومه في قوله: {يَا قَوْمِ} ؛ مبالغة في التنبيه والتحدي وقرع العصا وإمحاض النصيحة لهم، والإيقاظ من سنة الغفلة.

ومنها: الإتيان بالواو في النداء الثالث دون الثاني، لأن النداء الثاني بمثابة بيان للأول، وتفسير له، فأعطي حكمه في عدم دخول الواو عليه، وأما الثالث:

ص: 250

فداخل على كلام ليس بتلك المثابة.

ومنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: {مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} .

ومنها: الطباق بين {غُدُوًّا وَعَشِيًّا} ، وبين الأعمى، والبصير في قوله:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19)} وفيه الاستعارة اللطيفة: استعار {الْأَعْمَى} للكافر {وَالْبَصِيرُ} للمؤمن.

ومنها: المقابلة بين {الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} وبين {الَّذِينَ آمَنُوا} {والمسيء} .

فائدة: واعلم: أن التقابل يجيء على ثلاث طرق:

إحداها: أن يجاور المناسب ما يناسبه كهذه الآية.

والثانية: أن يتأخر المتقابلان، كقوله تعالى:{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ} .

والثالثة: أن يقدم مقابل الأول ويؤخر مقابل الآخر، كقوله تعالى:{وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20)} وكل ذلك تفنن في البلاغة، وقدم {الْأَعْمَى} في نفي التساوي؛ لمجيئه بعد صفة الذم في قوله:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} كما مر اهـ "سمين".

ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} لإفادة التهويل والتفظيع، لأن مقتضى السياق أن يقال:{وَقَالَ الَّذِينَ في النَّارِ} لخزنتها، والتفخيم فيه من وجهين:

أحدهما: وضع الظاهر موضع المضمر.

والثاني: ذكره وهو شيء واحد بظاهر غير الأول أفظع منه، لأن جهنم أفظع من النار إذ النار مطلقة وجهنم أشدها.

ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} لأن الايراث الحقيقي إنما يتعلق بالمال، فلما تعذّر حمله على معناه هنا .. أريد به الترك مجازًا كما مر، فاستعير الإيراث للترك ثم اشتق من الإيراث بمعنى الترك، وأورثنا بمعنى تركنا على طريقة الاستعارة التصريحية التبعية.

ومنها: الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في قوله: {قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} على

ص: 251

قراءة التاء الفوقانية، لأن ما قبله وما بعده على الغيبة، وفائدة الالتفات في مقام التوبيخ: هي إظهار العنف الشديد والإنكار البليغ، كما في "الكرخي" وغيره.

ومنها: المجاز المرسل في قوله: {ادْعُونِي} لأن الدعاء مجاز عن العبادة، علاقته السببية، لأن الدعاء سبب العبادة.

ومنها: الإسناد المجازي في قوله: {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} فقد أسند الإبصار إلى النهار، لأنه يبصر فيه، ولأن الإبصار في الحقيقة لأهل النار.

ومنها: وضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} فقد كان السياق يقتضي أن يقول: ولكن أكثرهم لا يشكرون، فلا يتكرر ذكر الناس، ولكن في هذا التكرار تخصيصًا لكفران النعمة بهم، وأنهم هم المتميزون بهذه الصفة المستولية على الطباع، تتوالى عليهم النعم وتترادف الآلاء، وهم مصرون على الجحود والكفران، وكان ذلك شأن الإنسان وخاصته.

ومنها: الجناس الناقص في قوله: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} .

ومنها: التأكيد بأن واللام في قوله: {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ} لأن المخاطبين هنا هم الكفار وهم منكرون، وجرد في طه عن اللام حيث قال:{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ} ؛ لكون المخبر ليس بشاك في الخبر كما مر.

ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.

والله سبحانه وتعالى أعلم

* * *

ص: 252

قال الله سبحانه جلَّ وعلا:

{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ في آيَاتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ في أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) في الْحَمِيمِ ثُمَّ في النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ الله الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ في الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) الله الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً في صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللهِ تُنْكِرُونَ (81) أَفَلَمْ يَسِيرُوا في الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا في الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ في عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85)} .

المناسبة

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه (1) لما أثبت لنفسه صفات الجلال

(1) المراغي.

ص: 253

والكمال .. أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم بأنه نهى عن عبادة غيره، وأورد ذلك بألين قول وألطفه، ليصرفهم عن عبادة الأوثان، ثم بين أن سبب النهي هو البينات التي جاءته، إذ قد ثبت بصريح العقل أن إله العالم الذي تجب عبادته هو الموصوف بصفات العظمة لا الأحجار المنصوبة والخشب المصورة، ثم ذكر أنه بعد أن نهى عن عبادة غيره أمر بعبادته تعالى، وقد ذكر من الأدلة على وجوده خلق الأنفس على أحسن الصور ورزقها من الطيبات، ثم تكوين الجسم من ابتداء كونه نطفةً وجنينًا إلى الشيخوخة ثم الموت.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ في آيَاتِ اللهِ

} الآيات، وهذه الآيات عود على بدء بالتعجيب من أحوال المجادلين الشنيعة، وآرائهم الفاسدة، والتمهيد لما يعقبه من بيان تكذيبهم بالقرآن وبسائر الكتب والشرائع، وترتيب الوعيد على ذلك.

قوله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ

} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه لما كان الكلام من أول السورة إلى هنا في تزييف طرق المجادلين في آيات الله تعالى .. أمر هنا رسوله بالصبر على أذاهم وتكذيبهم، فإن الله سبحانه سينجز له ما وعده من النصر والظفر على قومه، ويجعل العاقبة له ولمن اتبعه من المؤمنين في الدنيا والآخرة.

قوله تعالى: {الله الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا

} الآية، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما أوعد المبطلين، وبالغ في ذلك بما فيه العبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .. عاد إلى ذكر الدلائل على وجوده ووحدانيته، بذكر نعمة من نعمه التي لا تحصى، ثم لفت أنظارهم إلى ما يحيط بهم من أدلة هم عنها معرضون.

قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا في الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا

} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما أطال الكلام في هذه السورة في توبيخ الذين يجادلون في آيات الله طلبًا للرياسة والجاه، والحصول على المال، وكسب حظوظ الدنيا .. ختمها بتهديدهم، وأبان أن هذه الدنيا فانية ذاهبة، فما فيها من مال وجاه ظل زائل لا يغني عنهم من الله شيئًا، وقد ضرب لهم المثل بمن كانوا قبلهم ممن كانوا أكثر

ص: 254