الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعنى: أنهم ظنوا أن ما آتيناهم لكرامتهم علينا، ولم يكن كذلك؛ لأنهم وقعوا في العذاب ولم تنفعهم أموالهم، وهذا كما قال اليهود:{نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} .
والمعنى (1): أي قد زعم مثل هذا الزعم، وادعى مثل هذه الدعوى كثير ممن سبقهم من الأمم، فلم يغن عنهم شيئًا ما كانوا يكسبون من متاع الدنيا، ويجمعون من حطامها، حين جاءهم أمر ربهم على تكذيبهم رسله، واستهزائهم بهم.
ثم بين ما سلف بقوله: {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} ؛ أي: فحل بهم جزاء سيئات ما كسبوا من الأعمال، فعوجلوا بالخزي في الدنيا، كالخسف الذي لحق قارون، والصاعقة التي نزلت بقوم لوط، وسيصيبهم النكال الدائم في الآخرة، ثم أوعد سبحانه مشركي قومه صلى الله عليه وسلم على ما سينالهم في الدنيا والآخرة، فقال:{وَالَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم بالشرك {مِنْ هَؤُلَاءِ} المشركين المعاصرين لك يا محمد؛ أي: أفوطوا في الظلم والعتو، و {مِنْ} للبيان، أو للتبعيض. {سَيُصِيبُهُمْ}؛ أي: سيحل بهم، {سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} من الكفر والمعاصي، كما أصاب أولئك، و {السين}: للتأكيد، وقد أصابهم في الدنيا ما أصابهم من القحط والقتل والأسر والقهر؛ أي: والذين كفروا بالله من قومك، وظلموا أنفسهم سيصيبهم أيضًا وبال السيئات التي اكتسبوها، كما أصاب الذين من قبلهم، فأصابهم القحط سبع سنين متوالية، وقتل صناديدهم يوم بدر، وأسر منهم العدد الكثير. {وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} الله تعالى؛ أي: وما هم بفائتين الله هربًا يوم القيامة، بل مرجعهم إليه، ويصنع بهم ما شاء من العقوبة؛ يعني يدركهم العذاب، ولا ينجون منه بالهرب.
52
- ثم أقام سبحانه الدليل على عظيم قدرته، وبديع حكمته، فقال:{أَوَلَمْ يَعْلَمُوا} و {الهمزة} : للاستفهام التوبيخي، داخلة على محذوف معلوم من السياف، و {الواو}: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير (2): أقالوا تلك الكلمة؛ يعني قوله: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} ؛ أي: أقالوا ذلك ولم يعلموا، أو أغفلوا عن فضل الله ولم يعلموا {أَنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {يَبْسُطُ الرِّزْقَ} ويوسّعه {لِمَنْ يَشَاءُ} أن يوسّع عليه، ليختبره أيشكر أم يكفر. {وَيَقْدِرُ} الرزق ويقبضه عمن يشاء القبض
(1) المراغي.
(2)
روح البيان.
عنه، ويضيّقه عليه، ليمتحنه أيصبر أم يقنط؛ أي: يبسط ويقبض من غير أن يكون لأحد مدخل ما في ذلك، حيث حبس عنهم الرزق سبع سنين، ثم بسط لهم سبعًا، روي: أنهم أكلوا في سنين القحط الجيف والجلود والعظام والعلهز، وهو: الوبر: بأن يخلط الدم بأوبار الإبل، ويشوى على النار، وصار الواحد منهم يرى ما بينه وبين السماء كالدخان من الجوع، فلم ينفعهم ذلك، حيث أصرّوا على الكفر والعناد.
والمعنى (1): أي أو لم ير هؤلاء المشركون أن الله هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء تارةً، ويضيق على من يريد أخرى، كما يشاهد من اختلاف الناس في سعة الرزق وضيقه، وليس ذلك لجهل في الكاسب أو علم لديه، فربما كان العاقل القادر ضيق الرزق، والجاهل أو المريض ذا سعةٍ وبسطةٍ في المال.
فائدة: ويرد بهذه الآية على من يرى الغنى من الكيس، والفقر من العجز، أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام:"أتدري لم رزقت الأحمق" قال: يا رب لا، قال:"ليعلم العاقل أن طلب الرزق ليس بالاحتيال، فالكل بيد الله تعالى"{أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُور} وبه ظهر فساد قول ابن الراوندي:
كَمْ عَاقِلٍ عَاقِلٍ أَعْيَتْ مَذَاهِبُهُ
…
وَجَاهِلٍ جَاهِلٍ تَلْقَاهُ مَرْزُوْقَا
هَذَا الَّذِيْ تَرَكَ الأَوْهَامَ حَائِرَةً
…
وَصَيَّرَ الْعَالِمَ النِّحْرِيْرَ زِنْدِيْقَا
أي: كافرًا نافيًا للصانع العدل الحكيم، قائلًا: لو كان له الوجود .. لما كان الأمر كذلك، ولقد أحسن من قال:
كَمْ مِنْ أَدِيْبٍ فَهِمٍ عَقْلُهُ
…
مُسْتَكْمِلِ الْعَقْلِ مُقِلٍّ عَدِيْمِ
وَمِنْ جَهُوْلٍ مُكْثِرٍ مَالُهُ
…
ذَلِكَ تَقْدِيْرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيْمِ
يعني: أن من نظر إلى التقدير .. علم أن الأمور الجارية على أهل العالم كلها على وفق الحكمة، وعلى مقتضى السلمة، ففيه إرشاد إلى إثبات الصانع الحكيم، لا إلى نفي وجوده. {إِنَّ فِي ذَلِكَ} المذكور من البسط والقبض {لَآيَاتٍ} دالةً على أن الحوادث كافةً من الله تعالى بوسطٍ عاديٍّ، أو غيره؛ أي: لدلالات {لِقَوْمٍ
(1) المراغي.
يُؤْمِنُونَ} بالله تعالى، ويقرّون بوحدانيته، وهم الذين يعلمون أن الذي يفعل ذلك هو الله لا سواه، وإنما خص المؤمنين بذلك؛ لأنهم المنتفعون بالآيات، المتفكّرون فيها، والمستدلون بها على مدلولاتها.
الإعراب
{فَمَنْ} : {الفاء} : استئنافية، أو فصيحة، كما مر في بحث التفسير. {مَنْ}: اسم استفهام في محل الرفع مبتدأ، ومعناه النفي؛ أي: لا أحد {أَظْلَمُ} خبره، والجملة: مستأنفة. {مِمَّنْ} : جار ومجرور متعلق بـ {أَظْلَمُ} . {كَذَبَ} : فعل ماض وفاعل مستتر، والجملة: صلة {مَنْ} الموصولة. {عَلَى اللَّهِ} : متعلق بـ {كَذَبَ} ، {وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ}: معطوف على {كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} . {إِذْ} : ظرف لما مضى من الزمان، مجرد عن معنى الشرط، في محل النصب على الظرفية، مبني على السكون، والظرف: متعلق بـ {كَذَبَ} . {جَاءَهُ} : فعل ومفعول به وفاعل مستتر يعود على الصدق، والجملة الفعلية: في محل الجر مضاف إليه. {إِذْ} . {أَلَيْسَ} {الهمزة} : للإستفهام التقريري. {لَيْسَ} فعل ماض ناقص، {فِي جَهَنَّمَ}: خبرها مقدم على اسمها. {مَثْوًى} : اسمها مؤخر. {لِلْكَافِرِينَ} : صفة لـ {مَثْوًى} ، أو متعلق بـ {مَثْوًى}؛ لأنه اسم مكان من ثوى؛ أي: أقام، وجملة {لَيْسَ}: جملة استئنافية لا محل لها من الإعراب.
{وَالَّذِي} {الواو} : استئنافية. {الَّذِي} : مبتدأ، وجملة {جَاءَ بِالصِّدْقِ}: صلة الموصول. {وَصَدَّقَ بِهِ} معطوف على الصلة و {الَّذِي} : جنس، المراد به بالنسبة للصلة الأولى: محمد صلى الله عليه وسلم، وبالنسبة للصلة الثانية: المؤمنون، ولذلك روعي معنى:{الَّذِي} في: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} . {أُولَئِكَ} : مبتدأ ثان، {هُمُ}: ضمير فصل. {الْمُتَّقُونَ} : خبر {أُولَئِكَ} . وجملة المبتدأ الثاني مع خبره: خبر للمبتدأ الأول، وجملة الأول: مستأنفة. {لَهُمْ} : خبر مقدم. {مَا} : اسم موصول
في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية: خبر ثان لـ {الَّذِي} . {يَشَاءُونَ} : فعل وفاعل، صلة لـ {مَا} الموصولة والعائد: محذوف، تقديره: لهم ما يشاؤونه {عِنْدَ رَبِّهِمْ} : ظرف ومضاف إليه متعلق بمحذوف حال من العائد المحذوف؛ أي: لهم ما يشاؤونه حال كونه مدّخرًا لهم عند ربهم. {ذَلِكَ} : مبتدأ، {جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}: خبر ومضاف إليه، والجملة الاسمية: حال ثانية من العائد المذكور؛ أي: حال كون ذلك جزاء المحسنين.
{لِيُكَفِّرَ} : {اللام} : حرف جرّ وتعليل. {يُكَفِّرَ اللَّهُ} : فعل وفاعل منصوب بأن مضمرة بعد لام كي، والجملة الفعلية: في تأويل مصدر مجرور بـ {اللام} الجار والمجرور: متعلق بمحذوف تقديره: يسر لهم ذلك لتكفير الله عنهم، أو متعلق بـ {الْمُحْسِنِينَ} و {اللام}: للعاقبة؛ أي: الذين أحسنوا؛ لتكون عاقبتهم التكفير {عَنْهُمْ} : جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بـ {يُكَفِّرَ} ، {أَسْوَأَ} مفعول به. {الَّذِي} مضاف إليه. {عَمِلُوا} فعل وفاعل، والجملة صلة وليس المراد هنا باسم التفضيل معناه على بابه، وإنما هي من إضافة الشيء إلى بعضه من غير تفضيل. {وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي} عطف على ما تقدم {أَجْرَهُمْ} مفعول به ثانٍ لـ {يَجْزِيَ} ، وجملة {كَانُوا يَعْمَلُونَ}: صلة الموصول، والعائد: محذوف تقديره: بأحسن الذي كانوا يعملونه، واسم التفضيل في قوله:{أَسْوَأَ} و {أَحْسَنِ} : ليس على بابه، لئلا يلزم علينا أنه يكفّر عنهم أقبح السيئات فقط، ويجزيهم أفضل الحسنات فقط، كما مرّ في بحث التفسير.
{أَلَيْسَ} : {الهمزة} : فيه للاستفهام التقريري. {لَيْسَ اللَّهُ} : فعل ناقص واسمه. {بِكَافٍ} : {الباء} : زائدة، {كَافٍ}: خبر {لَيْسَ} ، {عَبْدَهُ}: مفعول {بِكَافٍ} ، والمراد به: النبي صلى الله عليه وسلم أو الجنس عامة، كما مر، وجملة {لَيْسَ}: إنشائية، لا محل لها من الإعراب. {وَيُخَوِّفُونَكَ}:{الواو} : حالية، أو استئنافية.
{يُخَوِّفُونَكَ} : فعل وفاعل ومفعول به. {بِالَّذِينَ} : متعلق به، والجملة الفعلية: في محل النصب حال من {عَبْدَهُ} : إن كان المراد به النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى: أليس الله كافيك حال تخويفهم إيّاك، أو مستأنفة مسوقة لتفنيد ما يعمدون إليه من التخويف بالأصنام، إن كان المراد بالعبد الجنس. {مِنْ دُونِهِ}: جار ومجرور، صلة {الَّذِينَ}. {وَمِنْ} {الواو}: استئنافية. {مِنْ} : اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الشرط، أو الجواب، أو هما. {يُضْلِلِ}: فعل مضارع مجزوم بـ {مَنْ} الشرطية، على كونه فعل شرط لها. {اللَّهُ}: فاعل. {فَمَا} : {الفاء} : رابطة لجواب الشرط، {مَا} تميمية، أو حجازية. {لَهُ}: خبر مقدم أو خبر {مَا} مقدم. {مِنْ} : زائدة، {هَادٍ}: مبتدأ مؤخر، أو اسمها مؤخر، والجملة الاسمية: في محل الجزم بـ {مِنْ} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {مِنْ} الشرطية مستأنفة. {وَمَنْ}:{الواو} : عاطفة، {من}: اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الشرط، أو الجواب، أو هما. {يَهْدِ اللَّهُ}: فعل وفاعل مجزوم بـ {مِنْ} الشرطية، على كونه فعل شرط لها. {فَمَا}:{الفاء} : رابطة الجواب، {ما}: حجازية، {لَهُ}: خبرها مقدم، {مِنْ} زائدة، {مُضِلٍّ}: اسمها مؤخر، والجملة الاسمية: في محل الجزم بـ {مِنْ} الشرطية على كونها جوابًا لها، وجملة {مِنْ} الشرطية: معطوفة على جملة {مَنْ} الأولى. {أَلَيْسَ} : {الهمزة} : للاستفهام التقريري، {لَيْسَ اللَّهُ}: فعل ناقص واسمه، {بِعَزِيزٍ}: خبر {لَيْسَ} : و {الباء} زائدة {ذِي انْتِقَامٍ} صفة لـ {عَزِيزٍ} تابع لِلَفْظِهِ وجملة {لَيْسَ} جملة استئنافية لا محل لها من الإعراب.
{وَلَئِنْ} {الواو} : استئنافية، و {اللام}: موطئة للقسم، {إن}: حرف شرط جازم. {سَأَلْتَهُمْ} : فعل وفاعل ومفعول أول في محل الجزم بـ {إن} الشرطية، على كونها فعل شرط لها. {مَنْ}: اسم استفهام، في محل الرفع مبتدأ. {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ}: فعل وفاعل مستتر ومفعول به، {وَالْأَرْضَ}: معطوف على {السَّمَاوَاتِ} ، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر {مَنْ} الاستفهامية، والجملة الاسمية: في محل النصب مفعول ثان لـ {سَأَل} المعلقة عن العمل فيه بالاستفهام. {لَيَقُولُنَّ}
و {اللام} : موطئة للقسم، مؤكدة للأولى. {يَقُولُنَّ}: فعل مضارع معرب لعدم مباشرة نون التوكيد له مرفوع، وعلامة رفعه ثبات النون المحذوفة؛ لتوالي الأمثال، وواو الجماعة المحذوفة للالتقاء الساكنين، في محل الرفع فاعل. {اللَّهُ}: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو الله، أو مبتدأ والخبر: محذوف؛ أي: الله خلقها، والجملة الاسمية: في محل النصب مقول {لَيَقُولُنَّ} : وجملة {يَقُولُنَّ} : جواب القسم لا محل لها من الإعراب، وجملة القسم مع جوابها: مستأنفة، وجواب الشرط: محذوف، دلّ عليه جواب القسم، جريًا على القاعدة المشهورة فيما إذا اجتمع شرط وقسم، والتقدير: إن سألتهم من خلق السموات والأرض .. يقولوا: الله، وجملة الشرط: معترضة بين القسم وجوابه. {قُلْ} : فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد - صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلم -، والجملة: مستأنفة. {أَفَرَأَيْتُمْ} : {الهمزة} : فيه للاستفهام التوبيخي، و {الفاء}: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا لم يكن خالق سواه تعالى .. فأقول لكم: أخبروني عن آلهتكم التي تعبدونها، أنه إن أرادني الله بضرّ إلخ. {رَأَيْتُمْ}: فعل وفاعل، بمعنى أخبروني. {مَا}: اسم موصول في محل النصب مفعول أول لـ {رَأَيْتُمْ} . {تَدْعُونَ} : فعل وفاعل وصلة لـ {مَا} الموصولة، والعائد: محذوف تقديره: ما تدعونه {مِنْ دُونِ اللَّهِ} : حال من العائد المحذوف، وجملة {رَأَيْتُمْ}: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة. ويجوز أن تكون {الهمزة} للاستفهام التوبيخي، داخلة على محذوف، و {الفاء}: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أفكّرتم ما أقررتم به، فرأيتم ما تدعون من دون الله
…
إلخ.
{إِنْ} : حرف شرط جازم {أَرَادَنِيَ اللَّهُ} : فعل وفاعل ونون وقاية، ومفعول به في محل الجزم بـ {إِنْ} الشرطية على كونه فعل شرط لها، {بِضُرٍّ}: متعلق بـ {أَرَادَنِيَ} ، وجواب {إِنْ} الشرطية: محذوف، تقديره: إن أرادني الله بضر .. فهل يكشفن عني ضرّه، وجملة {إِنْ} الشرطية: معترضة بين الفعل ومفعوله، لا محل لها من الإعراب. {هَلْ}: حرف استفهام، {هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ}: مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية: في محل النصب مفعول ثان لـ {رَأَيْتُمْ} علق عنها بالاستفهام،
{أَوْ أَرَادَنِي} : فعل وفاعل مستتر ونون وقاية ومفعول به معطوف على {أَرَادَنِي} الأول. {بِرَحْمَةٍ} : متعلق بـ {أَرَادَنِي} . {هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} : مبتدأ وخبر في محل النصب معطوف على {هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ} على كونها مفعولًا ثانيًا لـ {رَأَيْتُمْ} . {قُلْ} : فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد، والجملة: مستأنفة. {حَسْبِيَ} مبتدأ {اللَّهُ} : خبر، أو بالعكس، والجملة: مقول لـ {قُلْ} ، و {عَلَيْهِ} متعلق بـ {يَتَوَكَّلُ}. {يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ}: فعل مضارع وفاعل، والجملة في محل النصب معطوفة على الجملة الاسمية.
{قُلْ} : فعل أمر وفاعل مستتر، والجملة: مستأنفة. {يَا قَوْمِ} : منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة اجتزاء عنها بالكسرة، وجملة النداء: في محل النصب مقول {قُلْ} . {اعْمَلُوا} : فعل أمر وفاعل. {عَلَى مَكَانَتِكُمْ} : حال من فاعل {اعْمَلُوا} ، والجملة: في محل النصب مقول {قُلْ} على كونها جواب النداء. {إِنِّي عَامِلٌ} : ناصب واسمه وخبره، والجملة: في محل النصب مقول {قُلْ} . {فَسَوْفَ} : {الفاء} : عاطفة، {سَوْفَ}: حرف تنفيس. {تَعْلَمُونَ} : فعل وفاعل، وجملة العلم: معطوفة على جملة {اعْمَلُوا} : على كونها مقولًا لـ {قُلْ} . {مَنْ} : اسم موصول في محل النصب مفعول {تَعْلَمُونَ} . {يَأْتِيهِ عَذَابٌ} : فعل ومفعول وفاعل صلة {مَنْ} الموصولة. {يُخْزِيهِ} : فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به صفة لـ {عَذَابٌ} . {وَيَحِلُّ} : فعل مضارع. {عَلَيْهِ} : متعلق بـ {يَحِلُّ} ، {عَذَابٌ}: فاعل. {مُقِيمٌ} : صفة {عَذَابٌ} ، والجملة: معطوفة على جملة {يَأْتِيهِ} على كونها صلة {مَنْ} الموصولة.
{إِنَّا} : ناصب واسمه، {أَنْزَلْنَا}: فعل وفاعل. {عَلَيْكَ} : متعلق به، {الْكِتَابَ}: مفعول به، {لِلنَّاسِ}: متعلق بـ {أَنْزَلْنَا} ، {بِالْحَقِّ}: حال من فاعل {أَنْزَلْنَا} ؛ أي: حالة كوننا متلبسين بالحق، أو من المفعول؛ أي: حالة كونه متلبسًا
بالحق، وجملة {أَنْزَلْنَا}: في محل الرفع خبر {إن} ، وجملة {إن}: مستأنفة، {فَمَنِ}:{الفاء} : عاطفة، {مَنِ}: اسم شرط جازم في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الشرط، أو الجواب، أو هما. {اهْتَدَى}: فعل ماض وفاعل مستتر يعود على {مَنْ} في محل الجزم بـ {مَنْ} الشرطية على كونها فعل شرط لا. {فَلِنَفْسِهِ} : {الفاء} : رابطة الجواب وجوبًا، {لِنَفْسِهِ}: خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: فهدايته لنفسه، والجملة الاسمية: في محل الجزم بـ {مَن} الشرطية، على كونها جوابًا لها، وجملة {مَنْ} الشرطية: معطوفة على جملة {إن} . {وَمَنْ} : {الواو} : عاطفة، {مَنْ}: اسم شرط في محل الرفع مبتدأ، والخبر: جملة الشرط على الخلاف السابق. {ضَلَّ} : فعل ماض وفاعل مستتر في محل الجزم بـ {مَنْ} ، على كونه فعل شرط لها. {فَإِنَّمَا}:{الفاء} : رابطة الجواب جوازًا، {إِنَّمَا}: أداة حصر. {يَضِلُّ} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود على {مَنْ} . {عَلَيْهَا} متعلق بـ {يَضِلُّ} ، والجملة الفعلية: في محل الجزم بـ {مَنْ} الشرطية على كونها جوابًا لها، وإنما جزمت المضارع المحل لا اللفظ؛ مشاكلة للماضي الواقع شرطًا، وجملة {مَنْ} الشرطية: معطوفة على جملة {مَنْ} الأولى. {وَمَا} : {الواو} : عاطفة، {ما}: نافية حجازية، {أَنْتَ}: في محل الرفع اسمها. {عَلَيْهِمْ} : متعلق بـ {وَكِيلٍ} ، و {بِوَكِيلٍ}: خبر لـ {ما} الحجازية منصوب بفتحة مقدرة، و {الباء}: زائدة، والجملة الاسمية: معطوفة على جملة قوله: {فَإِنَّمَا يَضِلُّ} على كونها جوابًا لـ {مَن} الشرطية، وجمع ضمير {عَلَيْهِمْ} نظرًا لمعنى {مَنْ} الشرطية.
{اللَّهُ} : مبتدأ. {يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} : فعل وفاعل مستتر يعود على {اللَّهُ} ، مفعول به، والجملة الفعلية: في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: مستأنفة. {حِينَ مَوْتِهَا} : متعلق بـ {يَتَوَفَّى} {وَالَّتِي} : معطوف على {الْأَنْفُسَ} ، وجملة {لَمْ تَمُتْ}: صلة التي الموصولة. {فِي مَنَامِهَا} : جار ومجرور متعلق {يَتَوَفَّى} والمعنى: الله يتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها؛ أي: يتوفّاها حين تتام {فَيُمْسِكُ} . {الفاء} : عاطفة. {يُمْسِكُ} : فعل مضارع وفاعل مستتر يعود
على {اللَّهُ} . {الَّتِي} : مفعول به لـ {يُمْسِكُ} . {قَضَى} : فعل ماض وفاعل مستتر يعود على {اللَّهُ} . {عَلَيْهَا} : متعلق بـ {قَضَى} . {الْمَوْتَ} : مفعول به لـ {قَضَى} وجملة {قَضَى} : صلة الموصول. {وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى} : فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به، معطوف على {يُمْسِكُ}. {إِلَى أَجَلٍ} متعلق بـ {يرسل} أو بـ {يُمْسِكُ}. {مُسَمًّى}: نعت لـ {أَجَلٍ} . {إِنَّ} : حرف نصب، {فِي ذَلِكَ}: خبر مقدم لها. {لَآيَاتٍ} : {اللام} : حرف ابتداء. {آيَاتٍ} : اسمها مؤخر. {لِقَوْمٍ} : صفة {لَآيَاتٍ} وجملة {يَتَفَكَّرُونَ} : صفة لـ {قَوْمٍ} وجملة {إنَّ} مستأنفة.
{أَمِ} : منقطعة، بمعنى بل الإضرابية، وهمزةِ الاستفهام الانكاري. {اتَّخَذُوا}: فعل ماض وفاعل. {مِنْ دُونِ اللَّهِ} : جار ومجرور، متعلق به على كونه مفعولًا ثانيًا له {شُفَعَاءَ}: مفعول أول له، والجملة: مستأنفة. {قُلْ} فعل أمر وفاعل مستتر، والجملة: مستأنفة {أَوَلَوْ} : {الهمزة} : للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف، تقديره: أيشفعون، {وَلَوْ}:{الواو} : حالية، {لَوْ}: حرف شرط مهمل، بمعنى قد. {كَانُوا}: فعل ناقص واسمه، وجملة {لَا يَمْلِكُونَ} خبر {كَانُ} ، {شَيْئًا}: مفعول به، أو مفعول مطلق، كما مر مرارًا. {وَلَا يَعْقِلُونَ}: معطوف على {لَا يَمْلِكُونَ} . و {لَوْ} : مهملة لا جواب لها؛ أي: أيشفعون حال كونهم لا يملكون شيئًا ولا يعقلون شيئًا، ويجوز أن تكون {الواو}: عاطفة، و {لَوْ} على معناها، وجوابها، محذوف، تقديره: تتخذونهم شفعاء، وجملة {لَوْ} معطوفة على تلك المحذوفة.
{قُلْ} : فعل أمر وفاعل مستتر، والجملة: مستأنفة. {لِلَّهِ} : خبر مقدم، {الشَّفَاعَةُ}: مبتدأ مؤخر، {جَمِيعًا}: حال من {الشَّفَاعَةُ} على رأي سيبويه، أو
من الضمير المستقر في الخبر على مذهب الجمهور، والجملة الاسمية: في محل النصب مقول {قُلْ} . {لَهُ} : خبر مقدم. {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ} : مبتدأ مؤخر، {وَالْأَرْضِ}: معطوف على {مُلْكُ} ، والجملة الاسمية في محل النصب مقول {قُلْ} ، {ثُمَّ}: حرف عطف وترتيب وتراخ، {إِلَيْهِ}: متعلق بـ {تُرْجَعُونَ} ، و {تُرْجَعُونَ}: فعل ونائب فاعل معطوف على محذوف معلوم من السياق، تقديره: يتصرف فيكم في الدنيا كيف يشاء، ثم إليه ترجعون في الآخرة. {وَإِذَا}:{الواو} : استئنافية، {إذا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {ذُكِرَ اللَّهُ}: فعل ونائب فاعل. {وَحْدَهُ} : حال من الجلالة؛ أي: حالة كونه منفردًا في الذكر دون الشركاء، ومنصوب على المصدر عند الخليل وسيبويه؛ أي: ذُكَر ذِكْر انفراد، والجملة الفعلية: في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذَا} على كونها فعل شرط لها. {اشْمَأَزَّتْ} : فعل ماض. {قُلُوبُ} : فاعل، {الَّذِينَ}: مضاف إليه، والجملة الفعلية: جواب {إِذَا} ، لا محل لها من الإعراب، وجملة {إِذَا}: مستأنفة، وجملة {لَا يُؤْمِنُونَ}: صلة الموصول. {بِالْآخِرَةِ} : متعلق بـ {يُؤْمِنُونَ} ، {وَإِذَا}:{الواو} : عاطفة، {وَإِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان، {ذُكِرَ الَّذِينَ}: فعل ونائب فاعل، فعل شرط لـ {إِذَا}. {مِنْ دُونِهِ}: جار ومجرور، صلة الموصول، {إِذَا}: فجائية، خلف عن {الفاء} الرابطة، حرف لا محل لها من الإعراب، {هُمْ}: مبتدأ، وجملة {يَسْتَبْشِرُونَ}: خبره، والجملة الاسمية: جواب {إِذَا} لا محل لها من الإعراب، وجملة {إِذَا}: معطوفة على جملة {إِذَا} الأولى.
{قُلِ} : فعل أمر وفاعل مستتر يعود على محمد، والجملة مستأنفة. {اللَّهُمَّ}: منادى مفرد العلم في محل النصب على المفعولية، مبني على الضم، والميم المشددة: عوض عن حرف النداء، وجملة النداء في محل النصب مقول {قُلِ}. {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ}: منادى ثان، حذف منه حرف النداء، مضاف إلى ما بعده، منصوب؛ أي: يا فاطر السموات، {وَالْأَرْضِ}: معطوف على {السَّمَاوَاتِ} ، وجملة النداء: معطوفة بعاطف مقدر على جملة النداء الأول، على كونها مقولًا لـ {قُلِ} ، وهناك أعاريب أخرى، سيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى. وكذلك {عَالِمَ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ}: منادى مضاف حذف منه حرف النداء، معطوف على النداء الأول ومضاف إليه. {أَنْتَ}: مبتدأ، وجملة {تَحْكُمُ}: خبره، والجملة الاسمية: في محل النصب مقول {قُلِ} . {بَيْنَ عِبَادِكَ} : متعلق بـ {تَحْكُمُ} ، {فِي مَا}: متعلق بـ {تَحْكُمُ} أيضًا. {كَانُوا} : فعل ناقص واسمه، وجملة {يَخْتَلِفُونَ}: خبر {كَانُوا} ، {فِيهِ}: جار ومجرور متعلق بـ {يَخْتَلِفُونَ} ، وجملة {كَانُ} من اسمها وخبرها: صلة لـ {مَا} الموصولة.
فائدة في {اللَّهُمَّ} : مذهب الخليل وسيبويه: أن هذا الاسم لا يوصف؛ لأنه صار عندهم مع الميم بمنزلة الصوت؛ أي: غير متمكن في الاستعمال. وذهب المبرد والزجاج: إلى جواز وصفه بمرفوع على اللفظ، ومنصوب على المحل، وجعل {فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: صفة له. قال أبو حيان: والصحيح مذهب سيبويه؛ لأنه لم يسمع مثل اللهم الرحمن الرحيم ارحمنا، والآية ونحوها محتملة للنداء. وقال ابن هشام: وإنما قال في {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إنه على تقدير (يا)، ولم يجعله صفة على المحل؛ لأنّ عنده أن اسم الله سبحانه وتعالى لما اتصلت به الميم المعوضة عن حرف النداء .. أشبه الأصوات، فلم يجز نعته؛ أي: فقد صار مثل هلا، إذ الميم بمنزلة صوت مضموم إلى اسم الله، مع بقائهما على معنييهما.
{وَلَوْ} {الواو} : استئنافية، {لَوْ}: حرف شرط غير جازم. {أَنَّ} : حرف نصب ومصدر. {لِلَّذِينَ} : جار ومجرور، خبر مقدم لـ {أَنَّ} وجملة {ظَلَمُوا}: صلة الموصول، {مَا}: اسم موصول في محل النصب، اسم {أَنَّ} مؤخر عن خبرها. {فِي الْأَرْضِ}: جار ومجرور صلة لـ {مَا} الموصولة، {جَمِيعًا}: حال من اسم {أَنَّ} ، {وَمِثْلَهُ}: معطوف على {مَا} ، {مَعَهُ}: ظرف متعلق بمحذوف حال من {مِثْلَهُ} ؛ أي: حال كون ذلك المثل منضمًا إلى {مَا فِي الْأَرْضِ} ، وجملة {أَنَّ} في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية، لفعل محذوف، هو فعل شرط لـ {لَوْ} ، تقديره: ولو ثبت كون ما في الأرض للذين ظلموا، ومثله معه .. لافتدوا به من سوء
العذاب. {لَافْتَدَوْا} : {اللام} : رابطة لجواب {لَوْ} الشرطية، {افْتَدَوْا}: فعل وفاعل، {بِهِ} متعلق بـ {افْتَدَوْا}. و {مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ}: متعلق به أيضًا. {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} : ظرف متعلق به أيضًا، أو حال من فاعل {افْتَدَوْا}؛ أي: حال كونهم في ذلك اليوم العصيب، والجملة الفعلية: جواب {لو} الشرطية، لا محل لها من الإعراب، وجملة {لَوْ} الشرطية؛ مستأنفة. {وَبَدَا} {الواو}: عاطفة، {بَدَا}: فعل ماض، {لَهُمْ}: متعلق به، {مِنَ اللَّهِ}: حال من فاعل {بَدَا} . {مَا} : اسم موصول في محل الرفع فاعل، والجملة الفعلية: معطوفة على جملة {لَوْ} الشرطية. {لَمْ يَكُونُوا} : جازم وفعل ناقص واسمه، وجملة {يَحْتَسِبُونَ}: في محل النصب خبر {يَكُونُوا} ؛ أي: لم يكونوا محتسبين، وجملة {يَكُونُوا}: صلة لـ {مَا} الموصولة. {بَدَا} : فعل ماض. {لَمْ} : متعلق به. {سَيِّئَاتُ مَا} : فاعل، ومضاف إليه، والجملة الفعلية: معطوفة على ما قبلها، ولك أن تجعل الكلامين مستأنفًا مسوقًا لإِبراز وعيدهم في أبلغ ما يكون الوعيد والتهديد. {كَسَبُوا}: فعل وفاعل، صلة لـ {مَا} الموصولة، والعائد: محذوف، تقديره: سيئات ما كسبوه. {وَحَاقَ} : فعل ماض، معطوف على {بَدَا} ، {بِهِمْ}: متعلق بـ {حَاقَ} ، {مَا}: اسم موصول في محل الرفع فاعل {وَحَاقَ} . {كَانُوا} : فعل ناقص واسمه. {بِهِ} : متعلق بـ {يَسْتَهْزِئُونَ} ، وجملة {يَسْتَهْزِئُونَ}: خبر {كَانُوا} ، وجملة {كَانُوا}: صلة الموصول.
{فَإِذَا} : {الفاء} : فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أن المشركين ليشمأزّون عن ذكر الله وحده، ويستبشرون بذكر آلهتهم، وأردت بيان حالهم فيما إذا أصابهم الضرّ .. فأقول لك: إن شأن غالب نوع الإنسان، أنّه إذا مسّه ضرّ إلخ. {إِذَا}: ظرف لما يستقبل من الزمان. {مَسَّ} : فعل ماض. {الْإِنْسَانَ} : مفعول به. {ضُرٌّ} : فاعل، والجملة الفعلية: في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذَا} على كونها فعل شرط لها. {دَعَانَا} : فعل ومفعول به وفاعل مستتر يعود على الإنسان، والجملة الفعلية: جواب {إِذَا} ، لا محل لها من الإعراب، وجملة {إِذَا}: في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا
المقدرة: مستأنفة. {ثُمَّ} حرف عطف وتراخ. {إِذَا} : ظرف لما يسسّقبل من الزمان. {خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً} : فعل وفاعل، ومفعولان. {مِنَّا}: صفة لـ {نِعْمَةً} ، والجملة الفعلية، في محل الجر مضاف إليه لـ {إِذَا} ، والظرف: متعلق بالجواب. {قَالَ} : فعل ماض وفاعل مستتر، والجملة: جواب {إِذَا} وجملة {إِذَا} : معطوفة على جملة {إِذَا} الأولى. {إِنَّمَا} : أداة حصر {أُوتِيتُهُ} : فعل ماض مغير الصيغة، ونائب فاعل ومفعول ثان، والجملة الفعلية في محل النصب مقول {قَالَ}. {عَلَى} {عِلْمٍ}: جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من تاء المتكلم في {أُوتِيتُهُ} ، حالة كوني عالمًا أني سأعطاه، لما أتمتع به من جدارةٍ واستحقاق. {بَلْ}: حرف إضراب للإضراب الانتقالي. {هِيَ فِتْنَةٌ} : مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة. {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ}: ناصب واسمه. وجملة {لَا يَعْلَمُونَ} : خبره، والجملة الاستدراكية: معطوفة على الجملة الإضرابية، ويصح أن تكون حالية.
{قَدْ} : حرف تحقيق. {قَالَهَا} : فعل ومفعول. {الَّذِينَ} : فاعل، و {الهاء}: عائدة على مقالتهم، وهي {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ}؛ لأنها كلمة. {مِنْ قَبْلِهِمْ}: صلة الموصول، والجملة الفعلية: مستأنفة. {فَمَا} : {الفاء} : عاطفة، {مَا}: نافية. {أَغْنَى} : فعل ماض. {عَنْهُمْ} : متعلق به {مَا} : فاعل، والجملة الفعلية: معطوفة على جملة {قَدْ قَالَهَا} . {كَانُوا} : فعل ناقص واسمه، وجملة {يَكْسِبُونَ}: خبره، وجملة {كَانُوا}: صلة الموصول. {فَأَصَابَهُمْ} : {الفاء} : عاطفة {أَصَابَهُمْ} : فعل ومفعول {سَيِّئَاتُ} : فاعل، و {مَا}: مضاف إليه، والجملة الفعلية: معطوفة على جملة قوله: {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ} . {كَسَبُوا} : فعل وفاعل صلة لـ {مَا} الموصولة، والعائد: محذوف؛ أي سيئات ما كسبوه. {وَالَّذِينَ} : {الواو} : عاطفة، {الَّذِينَ}: مبتدأ، وجملة {ظَلَمُوا}: صلة الموصول. {مِنْ هَؤُلَاءِ} : جار ومجرور حال من واو {ظَلَمُوا} . {سَيُصِيبُهُمْ} : فعل ومفعول به، {سَيِّئَاتُ}: فاعل. و {مَا} مضاف إليه، والجملة الفعلية، في محل الرفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: معطوفة على جملة قوله: {قَدْ قَالَهَا} ، وجملة {كَسَبُوا} صلة لـ {مَا} الموصولة. {وَمَا}:{الواو} : حالية، {ما}: نافية حجازية. {هُمْ} : اسمها. {بِمُعْجِزِينَ} :
خبرها، و {الباء}: زائدة، والجملة: في محل النصب حال من مفعول {سَيُصِيبُهُمْ} .
{أَوَلَمْ} : {الهمزة} : للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف، و {الواو}: عاطفة على ذلك المحذوف، تقديره: أقالوها ولم يعلموا؟ والجملة المحذوفة: مستأنفة. {لَمْ يَعْلَمُوا} : جازم وفعل وفاعل، والجملة معطوفة: على تلك المحذوفة. {أَنَّ اللَّهَ} : ناصب واسمه، وجملة {يَبْسُطُ الرِّزْقَ}: خبره. وجملة {أَنَّ} : في تأويل مصدر سادّ مسدّ مفعولي {يَعْلَمُوا} . {لِمَنْ} : جار ومجرور متعلق بـ {يَبْسُطُ} ، وجملة {يَشَاءُ} صلة لـ {مَنْ} الموصولة، {وَيَقْدِرُ}: معطوفة على جملة {يَبْسُطُ} . {إِنَّ} : حرف نصب، {فِي ذَلِكَ}: خبرها مقدّم. {لَآيَاتٍ} : اسمها مؤخر، و {اللام}: حرف ابتداء. {لِقَوْمٍ} صفة {لَآيَاتٍ} . وجملة {يُؤْمِنُونَ} : صفة لـ {قَوْمٍ} ، وجملة {إنَّ} مستأنفة.
التصريف ومفردات اللغة
{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} أصله: مثوي بوزن مفعل، قلبت الياء ألفًا؛ لتحركها بعد فتح، مشتق من ثوى بالمكان: إذا أقام به، يثوى ثويًا وثواءً، مثل مضى يمضي مضيًا ومضاءً، ولو كان من أثوى الرباعي .. لكان مثوًى بضم الميم، وهذا يدل على أن ثوى هي اللغة الفصحى.
وحكى أبو عبيدة: أثوى، اهـ "قرطبي" بزيادةٍ. ومعنى المثوى: المقام والمستقر.
والمعنى: أنّ جهنم منزل ومقام للكاذبين المكذبين المذكورين وغيرهم من الكفار جزاءً لكفرهم وتكذيبهم.
{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} ؛ أي: يكفيه وعيد المشركين وكيدهم، والكفاية: ما فيه سد الخلة، وبلوغ المراد في الأمر.
{يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} مكانتكم: اسم مكان من مادة كان، ووزنه
مفعلة، أصله: مكونة نقلت حركة الواو إلى الكاف، ثم أبدلت ألفًا؛ لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن، وقيل: إن الميم أصلية، فهي من مادّة مكن وعليه فهو مصدر ميمي.
{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} أصله. يتوفي، قلبت ياؤه ألفًا؛ لتحركها بعد فتح.
{وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ} أصله: تموت بوزن تفعل، نقلت حركة الواو إلى الميم، فسكنت إثر ضمة فصارت حرف مد، ثم دخل الجازم على الفعل فسكن آخره، فصار اللفظ تموت، فالتقى ساكنان، فحذفت الواو، فوزنه تفل، ويقال توفاه الله: قبض روحه، كما في "القاموس". والأنفس: جمع نفس بسكون الفاء، وهي النفس الناطقة المسماة عند أهل الشرع بالروح الإضافي الإنساني السلطاني فسميت نفسًا باعتبار تعلقها بالبدن، وانصياعها بأحكامه، والتلبس بغواشيه، وروحًا باعتبار تجردها في نفسها، ورجوعها إلى الله تعالى، فالنفس: ناسوتية سفلية، والروح: لاهوتية علوية.
{وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} والموت: زوال القوة الحساسة، كما أن الحياة وجود هذه القوة، ومنه سمي الحيوان حيوانًا، ومبدأ هذه القوة هو الروح الحيواني، الذي محله الدماغ، كما أن محل الروح الإنساني القلب الصنوبري، ولا يلزم من ذلك تحيزه فيه، وإن كانت الأرواح البشرية متحيزة عند أهل السنة. اهـ من "الروح".
والمنام والنوم واحد، وهو استرخاء أعصاب الدماغ برطبات البخار الصاعد إليه، وقيل: النوم؛ هو أن يتوفى الله النفس من غير موت، كما في الآية، وقيل: النوم: موت خفيف، والموت: نوم ثقيل، وهذه التعريفات كلها صحيح بنظرات مختلفة. اهـ. منه {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} إمساك الشيء: التعلق به وحفظه، والقضاء: الحكم.
{شُفَعَاءَ} جمع شفيع، والشفع: ضم الشيء إلى مثله، والشفاعة: الانضمام إلى آخر مسائلًا عنه، وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى رتبةً إلى من هو أدنى، ومنه الشفاعة يوم القيامة.
{اشْمَأَزَّتْ} من الشمز، والشمز: نفور النفس مما تكره، وتَشمّز وجهه:
تقبض، والاشمئزاز؛ هو أن يمتلىء القلب غيظًا وغمًا، ينقبض منه أديم الوجه، وهو غاية ما يمكن من الانقباض، ففيه مبالغة في بيان حالهم القبيحة، كما مر.
{إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} ؛ أي: يفرحون ويظهر في وجوههم البشر، وهو أثر السرور لفرط افتتانهم بها، ونسيانهم الحق، والاستبشار: هو أن يمتلىء القلب سرورًا حتى تنبسط له بشرة الوجه، ويتهلل، ففيه مبالغة أيضًا في بيان حالهم القبيحة.
{لَافْتَدَوْا} أصله: لافتديوا، قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين، يقال افتدى: إذا بذل المال عن نفسه، فإن الفداء: حفظ الإنسان من النائبة بما يبذله عنه؛ أي: لجعلوا كل ذلك فديةً لأنفسهم من العذاب الشديد، لكن لا مال يوم القيامة، كما مر.
{وَبَدَا لَهُمْ} فيه إعلال بالقلب، أصله: بدو، بوزن فعل، قلبت واوه ألفًا لتحركها بعد فتح.
{فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ} فيه من مباحث الصرف الادغام، أصله: مسس، أدغمت السين في السين. {دَعَانَا} أصله: دعونا، قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
{إِنَّمَا أُوتِيتُهُ} أصله: أؤتي، أبدلت الهمزة الثانية واوًا حرف مد مجانسًا لحركة الأولى، وسكنت الياء، فصارت حرف مد لتطرفها إثر كسرة.
{بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ} ؛ أي: محنة وابتلاء له، أيشكر أم يكفر، تقول فتنت الذهب: إذا أدخلته النار لتنظر ما جودته وتختبره.
{فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ} أصله: أغني بوزن أفعل؛ لأنه رباعي، فقلبت الياء ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها.
{فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} أصله: فأصوبهم، بوزن أفعل، نقلت حركة الواو إلى الصاد، ثم قلبت ألفًا؛ لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن.
{سَيُصِيبُهُمْ} فيه إعلال بالنقل والتسكين والقلب، أصله: سيصوبهم، نقلت حركة الواو إلى الصاد، فسكنت إثر كسرة، ثم قلبت ياءً حرف مد، وقوله:
{سَيِّئَاتُ} أصله سوءات بوزن فيعلات، قلبت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء، لما اجتمعتا، وسبقت إحداهما ساكنةً.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: الطباق بين قوله: {مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ} وقوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} .
ومنها: الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل في صلة الموصول الثاني؛ أعني قوله: {بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} دون الأول، أعني قوله:{أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} للإيذان باستمرارهم على الأعمال الصالحة بخلاف السيئة، كذا في "الإرشاد".
ومنها: الاستفهام التقريري في قوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} حيث أدخل همزة الإنكار على كلمة النفي. فأفادت معنى إثبات الكفاية وتقريرها، فصار الاستفهام تقريريًا، وكذا الحكم في قوله:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} .
ومنها: الطباق بين قوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ} وقوله: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ} وبين قوله: {فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} وقوله: {فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} .
ومنها: جناس الاشتقاق في قوله: {يُضْلِلِ} و {مُضِلٍّ} وقوله: {يَهْدِ اللَّهُ} و {هَادٍ} .
ومنها: الطباق بين قوله: {بِضُرٍّ} وقوله: {بِرَحْمَةٍ} ، وفي قوله:{إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ} وقوله: {أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ} .
ومنها: الجناس المغاير في قوله: {عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} .
ومنها: المجاز في قوله: {أَفَرَأَيْتُمْ} حيث جعل الرؤية، وهو العلم الذي هو سبب الإخبار مجازًا عن الإخبار، كما في "الروح".
ومنها: التهديد في قوله: {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} ؛ لأنه أمر تهديد.
ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: {عَلَى مَكَانَتِكُمْ} حيث استعار اسم
المكان للحال، فشبهت الحال بالمكان القارّ فيه، ووجه الشبه: ثباتهم في تلك الحال ثبات المتمكن في مكانه.
ومنها: المقابلة في قوله: {فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} .
ومنها: المجاز بالحذف في قوله: {إِنِّي عَامِلٌ} ؛ أي: على مكانتي.
ومنها: المجاز في الإسناد في قوله: {عَذَابٌ مُقِيمٌ} ؛ أي مقيم فيه صاحبه، كما في "الشهاب".
ومنها: الطباق بين الإمساك والإرسال في قوله: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} وقوله: {وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى
…
}.
ومنها: المقابلة الرائعة في قوله: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ
…
} الآية. فقد قابل بين الله والأصنام، وبين السرور والإشمئزاز.
ومنها: الطباق في قوله: {أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} . وكذلك بين الغيب والشهادة في قوله: {عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} .
ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع.
والله سبحانه وتعالى أعلم
* * *
المناسبة
قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا .....} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما (1) أوعد الكافرين فيما سلف أردفه بذكر رحمته وفضله على عباده المؤمنين، بغفران ذنوبهم إذا هم تابوا وأنابوا إليه، وأخلصوا له العمل، ليكون في ذلك مطمع لهؤلاء الضالين، ومنبهة لهم من ضلالهم.
وعبارة "أبي حيان" هنا (2): ومناسبتها لما قبلها: أنه تعالى لما شدّد على الكفار، وذكر ما أعدّ لهم من العذاب، وأنهم لو كان لأحدهم ما في الأرض ومثله معه .. لافتدى به من عذاب الله .. ذكر ما في إحسانه من غفران الذنوب، إذا آمن العبد ورجع إلى الله، وكثيرًا تأتي آيات الرحمة مع آيات النقمة، ليرجو العبد ويخاف، وهذه الآية عامة في كل كافر يتوب، ومؤمن عاص يتوب، تمحو الذنب توبته، وقال عبد الله وعليّ وابن عمر: هذه أرجى آية في كتاب الله تعالى انتهى.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أوعد المشركين فيما سلف بما سيكون لم من الأهوال يوم القيامة، ووعد المتقين بما يمنحهم من الفوز والنعيم في ذلك اليوم .. أردف ذلك ذكر حالٍ لكل منهما تبدو للعيان، ويشاهدها كل إنسان يوم العرض والحساب.
قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما (3) بسط الوعد والوعيد يوم القيامة لأهل التوحيد وأهل الشرك .. عاد إلى ذكر دلائل الألوهية والوحدانية، ثم انتقل إلى النعي على الكافرين في أمرهم لرسوله بعبادة الأوثان والأصنام، ثم بين أن الأنبياء جميعًا أوحي إليهم أن لا يعبدوا إلا الله وحده، وأن لا يشركوا به سواه، وأنهم إن فعلوا غير ذلك .. حبطت أعمالهم وكانوا من الخاسرين، ثم كرر النعي عليهم مرةً أخرى، بأنهم لم يعرفوا الله حق معرفته، إذ لو عرفوه .. لما جعلوا هذه المخلوقات الخسيسة مشاركةً له في العبودية.
(1) المراغي.
(2)
البحر المحيط.
(3)
المراغي.
قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر عظمته، بأنه خالق كل شيء وهو الوكيل على كل شيء، وبيده مقاليد السموات والأرض .. أردف ذلك بذكر دلائل أخرى، تدل على كمال قدرته، وعظيم لسلطانه، فذكر مقدمات يوم القيامة، من نفخ الصور النفخة الأولى، التي يموت بها أهل الأرض جميعًا، ثم النفخة الثانية، التي يقوم بها الناس جميعًا من قبورهم، ثم ذكر الفصل بينهم للجزاء والحساب، فتوفى كل نفس جزاءً ما عملت من خير أو شر، وهو سبحانه العلم بأفعالهم جميعًا.
قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ
…
} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر أحوال يوم القيامة على سبيل الإجمال، بقوله:{وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} .. فصل ذلك، فذكر ما يحل بالأشقياء من الأهوال، وما يلقونه من التأنيب والتوبيخ من خزنة جهنم على طريق السؤال والجواب التهكمي، وهو أشد وقعًا على الأبي العيوف، الذي تأبى نفسه الهوان والاحتقار.
قوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ
…
} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه (1) لما ذكر أحوال الأشقياء، وما يلاقونه يوم القيامة من الأهوال .. أردفها بذكر أحوال السعداء، وما يلاقونه إذ ذاك من النديم، وما يقال لهم وما يقولون، ثم أخبر بأن ملائكته محدقون حول العرش، يسبّحون بحمد ربهم، ويعظّمونه، وينزهونه عن النقائص، وأنه سيقضي بين الخلائق بالعدل، وأن أولئك المتقين سيقولون: الحمد لله رب العالمين، على ما تفضّل به علينا وأنعم.
أسباب النزول
قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
…
} الآية، سبب نزولها (2): ما تقدم في سورة الفرقان من حديث الشيخين، وما أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزلت هذه الآية في مشركي أهل مكة.
(1) المراغي.
(2)
لباب النقول.
وأخرج الحاكم والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نقول ما لمفتتن توبة إذا ترك دينه بعد إسلامه ومعرفته، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة .. أنزل فيهم {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا
…
} الآية.
وأخرج الطبراني بسند فيه ضعف، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وحشي قاتل حمزة، يدعوه إلى الإِسلام، فأرسل إليه: كيف تدعوني، وأنت تزعم أن من قتل، أو زنى، أو أشرك .. {يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)} وأنا صنعت ذلك، فهل تجد لى من رخصة، فأنزل الله تعالى:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} الآية. فقال وحشي: هذا شرط شديد، فلعلّي لا أقدر على هذا، فأنزل الله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ} فقال وحشيّ: هذا أرى بعده مشيئة، فلا أدري أيغفر لي أم لا، فهل غير هذا، فأنزل الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
…
} الآية. فقال وحشي: هذا نعم فأسلم.
قوله: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ
…
} الآية، سيأتى سبب نزولها في سورة الكافرون، وأخرج البيهقي في "الدلائل" عن الحسن البصري قال. قال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: أتضلل آباءك وأجدادك يا محمد، فأنزل الله تعالى:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} إلى قوله: {مِنَ الشَّاكِرِينَ} .
قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
…
} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: مر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كيف تقول يا أبا القاسم: إذا وضع الله السموات على ذه، والأرضين على ذه، والماء على ذه، والجبال على ذه، فأنزل الله سبحانه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
…
} الآية. والحديث في "الصحيح" بلفظ: فتلا، دون فأنزل.
وأخرج أحمد بسنده، عن علقمة عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، فقال: يا أبا القاسم، أبلغك أنَّ الله عز وجل يحمل الخلائق على إصبع، والسموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده، فأنزل الله عز وجل:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} والحديث رجاله رجال الصحيح.