المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا بها لانت شكيمتهم وزالت - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا بها لانت شكيمتهم وزالت

المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا بها لانت شكيمتهم وزالت عصبيتهم، وما ارتدت بنو حنيفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بمنعهم للزكاة، فعرضوا أنفسهم للحرب والطعن والضرب، إبقاءً على أموالهم، ولو ذهبت مهجهم وأرواحهم.

وقصارى ذلك: دمار وهلاك لمن أشرك بربه، ولم يطهر نفسه من دنس الرذائل، التي من أهمها البخل بالمال، ودفع غائلة الجوع عن المسكين والفقير، وإنكار البعث والجزاء، ونحو الآية: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ‌

(9)

وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)} .

‌8

- وبعد أن ذكر وعيد المشركين، أردفه وعد المؤمنين، فقال:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} بالله سبحانه، وصدقوا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} بامتثال الأوامر، واجتنبوا السيئات بترك النواهي {لَهُمْ} عند ربهم في الآخرة {أَجْرٌ} وثواب {غَيْرُ مَمْنُونٍ}؛ أي: غير مقطوع أبدًا، ولا ممنوع عنهم، مِنْ مَنَنْتُ الحَبْلَ: إذا قَطعْتُه، وقيل: غير منقوص، من مَنَنْت حقه: إذا نَقَصْته، وقال مجاهد: غير محسوب عليهم، وقيل: غير ممنون عليهم على طريق الحذف والإيصال؛ أي: لا يمن به عليهم فيتكدر بالمنة؛ أي: بالامتنان عليهم؛ أي: عد النعمة عليهم، لأنه إنما يمن بالتفضل، فأما الأجر فحق أداؤه، والمنة في الأصل: النعمة الثقيلة التي لا يطلب معطيها أجرًا ممن أعطاها إليه، ثم استعملت بمعنى الامتنان؛ أي: عد النعمة على من أعطاها إليه، وقال السدي: نزلت هذه الآية في المرضى والزمنى والهرمى إذا ضعفوا عن الطاعة .. كتب لهم من الأجر مثل ما كانوا يعملون في الصحة، ونحو الآية قوله:{مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)} ، وقوله:{عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} .

وفي الآية (1): إشارة إلى أن من آمن، ولم يعمل صالحًا .. لم يؤجر إلا ممنونًا؛ أي: ناقصًا، وهو أجر الإيمان، ونقصانه من ترك العمل الصالح، فيدخل النار ويخرج منها بأجر الإيمان ويدخل الجنة، ولكنه لا يصل إلى الدرجات العالية المنوطة بالأعمال البدنية، مثل: الصلاة والصوم والحج ونحوها.

9 -

ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يوبخهم ويقرعهم، فقال:{أَئِنَّكُمْ} أيها

(1) روح البيان.

ص: 307