الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحسن إيراد الواو العاطفة فيه. اهـ.
والمعنى: أي أخبروني كيف أنتم وما حالكم أدعوكم إلى النجاة من عذاب الله بإيمانكم بالله، وإجابة رسوله، وتصديق ما جاء به من عند ربه، وتدعونني إلى عمل أهل النار بما تريدون منى من الشرك؟
42
- ثم فسّر الدعوتين على سبيل السلف والنشر المشوّش بقوله: {تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ} أي: بوحدانيته {و} لـ {أُشْرِكَ بِهِ} سبحانه {مَا} ؛ أي: مخلوقًا {لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} ؛ أي: ليس لي علم بشركته مع الله في المعبودية، وقيل: علم بربوبيته، والمراد: نفي المعلوم رأسًا، وهو المعبود، فضلًا عن عبادته.
وهذه الجملة (1): بدل من {تَدْعُونَنِي} الأول على جهة البيان والتعليل لها والدعاء، كالهداية في التعدية بإلى واللام، وأتي في قوله:{تَدْعُونَنِي} بجملة فعلية؛ ليدل على أن دعوتهم باطلة لا ثبوت لها، وأتي في قوله:{وَأَنَا أَدْعُوكُمْ} إلخ. بجملةٍ اسمية؛ ليدل على ثبوت دعوته وتقويتها. اهـ "سمين".
أي: وأنا أدعوكم {إِلَى} توحيد {الْعَزِيزِ} في انتقامه ممن أشرك به، وإلى عبادة {الْغَفَّارِ} لذنب من آمنَ بِهِ؛ أي: أدعوكم إلى الإيمان بالعزيز الذي لم يكن له كفوًا أحد، وأما المخلوقات فبعضها أكفاء بعض، وأيضًا إلى القادر على تعذيب المشركين به، الغفار لمن تاب ورجع إليه، القادر على غفران ذنوب المذنبين.
والمعنى: أي تدعونني إلى الكفر بالله والإشراك به في عبادته ما لم يقم دليل على ألوهيته، وأنا أدعوكم إلى من استجمع صفات الألوهية من كمال القدرة والغلبة والعلم والإرادة والتمكن من المجازاة، والقدرة على التعذيب والغفران.
43
- ثم أكّد ما سلف بقوله: {لَا جَرَمَ} {لا} : كلمة (2) نفي ورد لما ادعوه وزعموه من الكفر والإشراك، و {جَرَمَ}: فعل ماض بمعنى حق: وثبت، وفاعله: قوله تعالى: {أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} ؛ أي: إلى عبادته وإشراكه من الأوثان والأصنام {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ} للناس {في الدُّنْيَا} إلى عبادته {وَلَا} استجابة دعوة أحدٍ لها {في الْآخِرَةِ} للشفاعة.
(1) الفتوحات.
(2)
روح البيان.
والمعنى: لا أكفر بالله ولا أشرك به ما ليس لي به علم، لأنه قد حق ووجب وثبت عدم دعوة آلهتكم إلى عبادة نفسها أصلًا، ومن حق المعبود أن يدعو الناس إلى عبادته بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وهذا الشأن منتفٍ عن الأصنام بالكلية، لأنها في الدنيا جمادات لا تستطيع دعاء غيرها، وفي الآخرة إذا أنشأها الله حيوانًا ناطقًا .. تتبرأ من عبدتها. أو المعنى: حتى وثبت عدم استجابة دعوة أحد من الناس لها؛ أي: ليس لها استجابة دعوة أحد من الناس، لا في الدنيا بالبقاء والصحة والغنى ونحوها، ولا في الآخرة بالنجاة ورفعة الدرجات وغيرهما، كما قال تعالى:{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} فكيف تكون الأصنام ربًّا وليس لها قدرة على إجابة دعاء الداعين، ومن شأن الرب استجابة الدعوات وقضاء الحاجات.
وقيل: {جَرَمَ} بمعنى: كسب وفاعله: مستكن فيه؛ أي: لا أكفر بالله ولا أشرك به شيئًا لدعوتكم إيّاي إلى ذلك، بل كسب ذلك الدعاء إلى الكفر والإشراك، وأفاد وأثبت بطلان دعوته؛ أي: بطلان دعوة المدعو إليه بمعنى ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته؛ كأنه قيل: إنكم تزعمون أن دعاءكم إلى الإشراك يبعثني على الإقبال عليه، وأنه سبب الإعراض وظهور بطلانه، وقال:{جَرَمَ} : فعل من الجرم، وهو القطع، كما أن بد من لا بد، فعل من التبديد، وهو التفريق.
والمعنى: لا قطع؛ أي: لا انقطاع لبطلان ألوهية الأصنام؛ أي: لا ينقطع في وقت ما فينقلب حقًا، فيكون {جَرَمَ} اسم لا مبنيًا على الفتح لا فعلًا ماضيًا، كما هو على الوجهين الأولين.
وفي "القاموس": {لَا جَرَمَ} ؛ أي: لا بدّ أو حقًا أو لا محالة، أو هذا أصله، ثم كثر حتى تحول إلى معنى القسم، فلذلك يجاب عنه باللام فيقال: لا جرم لآتينّك. انتهى. وفي "المختار": وقولهم لا جرم، قال الفراء: هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة، فجرَت على ذلك وكثرت، حتى تحولت إلى معنى القسم، وصارت بمنزلة حقًّا، فلذلك يجاب عنه باللام كما يجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون: لا جرم لآتينك. اهـ.
والخلاصة: حقًا إن ما تدعونني إليه من الأصنام لا يجب دعوة من يدعوه،