المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الأموال، وملكوا مثله معه، وقبل ذلك منهم يوم القيامة .. - تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن - جـ ٢٥

[محمد الأمين الهرري]

الفصل: الأموال، وملكوا مثله معه، وقبل ذلك منهم يوم القيامة ..

الأموال، وملكوا مثله معه، وقبل ذلك منهم يوم القيامة .. لافتدوا به أنفسهم من أهوال ذلك العذاب الشديد، الذي سيعذبون به، وقد تقدم إيضاح هذا في سورة آل عمران.

‌48

- {وَبَدَا لَهُمْ} ؛ أي: وظهر لهم في ذلك اليوم الرهيب {مِنَ} عذاب {اللَّهِ} سبحانه وفنون العقوبات. {مَا لَمْ يَكُونُوا} في الدنيا. {يَحْتَسِبُونَ} به ويظنونه؛ أي: بدا لهم يوم القيامة من فنون العذاب، ما لم يكن في حسابهم وظنهم في الدنيا أنه نازل بهم يومئذ؛ أي: وظهر لهم من عذاب الله، الذي أعدّه لهم ما لم يكن في حسبانهم، ولم يحدّثوا به أنفسهم، وفي هذا وعيد عظيم لهم، وتهديد بالغ غايةً لا غاية وراءها، قال مجاهد: عملوا أعمالًا توهموا أنها حسنات، فإذا هي سيئات، وعن سفيان الثوري: أنه قرأها فقال: ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء من هذه الآية. {وَبَدَا لَهُمْ}؛ أي: ظهر لهم في ذلك اليوم حين تعرض عليهم صحائف أعمالهم. {سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} في الدنيا؛ أي: ظهر لهم جميع ما اجترحوه من السيئات، وارتكبوه من الآثام، وعلموا أنهم مجازون على النقير والقطمير {وَحَاقَ بِهِمْ}؛ أي: نزل وأصاب وأحاط بهم {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} ؛ أي: وبال استهزائهم، وجزاء مكرهم، وكانوا يستهزئون بالكتاب، ويسخرون من المسلمين، ويهزؤون بالبعث والعذاب، ونحو ذلك؛ أي: أحاط بهم العذاب من كل الجوانب، وأيقنوا أنهم مواقعوه لا محالة؛ لاستهزائهم بما كانوا ينذرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم.

‌49

- قوله: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ} المراد بالإنسان هنا (1): الجنس، باعتبار بعض أفراده أو غالبها، وقيل: المراد به: الكفار فقط، والأول أولى، ولا يمنع حمله على الجنس خصوص سبَبِه؛ لأن الاعتبار بعموم اللفظ وفاءً بحق النظم القرآني، ووفاءً بمدلوله، و {الفاء}: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أنّ المشركين ليشمئزّون عن ذكر الله وحده، ويستبشرون بذكر الآلهة، وأردت بيان حالهم فيما إذا أصابهم الضر .. فأقول لك. إن شأن غالب نوع الإنسان أنه إذا مسه {ضُرٌّ} من مرض أو فقر أو غيرهما، {دَعَانَا} وتضرع إلينا في رفعه ودفعه؛ أي: دعوا لدفعه من اشمأزوا عن ذكره، وهو الله سبحانه وتعالى، فيا

(1) الشوكاني.

ص: 30