المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(479) مسند كعب بن مالك ابن أبي كعب الأنصاري - جامع المسانيد لابن الجوزي - جـ ٦

[ابن الجوزي]

فهرس الكتاب

- ‌(362) مسند عَبْد عَوف بن الحارث البَجَلِيّ أبي حازم

- ‌(363) مسند عبد المُطَّلِب بن رَبيعة

- ‌(364) مسند عُبيد بن خالد السُّلَميّ

- ‌(365) مسند عُبيد بن هانىء بن كُرَيب أبي عامر الأشعريّ

- ‌(366) مسند عُبيد مولى النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(367) مسند عُبَيدة بن عمرو الكِلابيّ

- ‌(368) مسند عَبس بن عامر بن عَدِيٍّ بن نابي الأنصاريّ

- ‌(369) مسند عُتبة بن عَبد أبي الوليد السُّلَمي

- ‌(370) مسند عُتبة بن غَزوان

- ‌(371) مسند عتبة بن النُّدَّر

- ‌(372) مسند عِتبان بن مالك الأنصاريّ

- ‌(373) مسند عثمان بن حُنَيف

- ‌(374) مسند عثمان بن طَلحة بن أبي طلحة

- ‌(375) مسند عثمان بن أبي العاص بن بشر أبي عبد اللَّه الثَّقَفيّ

- ‌(376) مسند عثمان بن عفّان

- ‌(377) مسند العَدّاء بن خالد بن هَوْذةَ الكِلابيّ

- ‌(378) مسند عديّ بن حاتم الطّائي

- ‌(379) مسند عديّ بن عَميرة أبي زُرارة الكِنديّ

- ‌(380) مسند العِرباض بن سارية أبي نُجَيح السُّلَميّ

- ‌(381) مسند عَرفجة بن أسعد

- ‌(382) مسند عَرفجة بن ضُرَيح

- ‌(383) مسند عُروة بن أبي الجَعد البارِقيّ

- ‌(384) مسند عروة الفُقَيميّ

- ‌(385) مسند عُروة بن مُضَرِّس بن لأم الطائيّ

- ‌(386) مسند عصام المُزَنيّ

- ‌(387) مسند عِصمة بن مالك بن أُميّة الخَطْمِيّ

- ‌(388) مسند عطيّة بن سعد السَّعديّ

- ‌(389) مسند عطيّة القُرَظيّ

- ‌(395) مسند عُقْبة بن الحارث بن عامر أبي سِرْوَعَةَ المَخزومي القُرَشي

- ‌(391) مسند عُقبة بن عامر

- ‌(392) مسند أبي مَسعود عُقْبَةَ بن عَمرو الأنصاريّ

- ‌(393) مسند عُقبة بن مالك اللَّيثي

- ‌(394) مسند عَقيل بن أبي طالب

- ‌(395) مسند العَلاء بن الحَضْرَمِيّ

- ‌(396) مسند عِلْباء السُّلَمي

- ‌(397) مسند علقمة بن رِمْثة

- ‌(398) مسند عليّ بن شَيبان بن عمرو أبي عبد الرحمن الحنفيّ

- ‌(399) مسند عليّ بن طَلْق بن المنذر

- ‌(400) مسند عليّ بن أبي طالب

- ‌(401) مسند عمّار بن ياسر

- ‌(402) مسند عمارة بن حَزم بن زيد الأنصاريّ

- ‌(403) مسند عُمارة بن خُزَيمة

- ‌(404) مسند عُمارة بن رُوَيْبة

- ‌(405) مسند عُمارة بن مُعاذ بن زُرارة أبي نَملة الأنصاري

- ‌(406) مسند عُمَر بن الخَطّاب

- ‌(407) مسند عمر بن سعد أبي كَبْشَةَ الأنماريّ

- ‌(408) مسند أبي حفص عُمر بن أبي سلمة

- ‌(409) مسند عمر الجُمَعِيّ

- ‌(410) مسند عمران بن حُصَين

- ‌(411) مسند عمرو الأَحْوَص بن جَعْفر أبي سليمان الجُشَميّ

- ‌(412) مسند عمرو بن أخطب أبي زيد الأنصاري

- ‌(413) مسند عمرو بن أُمَيّة الضَّمْري

- ‌(414) مسند عمرو بن بَعْكَك بن الحارث أبي السَّنابل القرشيّ

- ‌(415) مسند عمرو بن تَغْلِب

- ‌(416) مسند عمرو بن الجَموح بن زيد أبي معاذ السَّلميّ

- ‌(417) مسند عمرو بن الحارث بن المُصْطَلِق

- ‌(418) مسند عمر بن حُريث بن عمرو أبي سعيد المخزوميّ

- ‌(419) مسند عمرو بن حَزم بن زيد أبي الضَّحّاك الأنصاريّ

- ‌(420) مسند عمرو بن الحَمِق بن الكاهن الخُزاعي

- ‌(421) مسند عمرو بن خارجة الثُّمالي

- ‌(422) مسند عمرو بن سعيد بن العاص القرشي الأمويّ

- ‌(423) مسند عمرو بن شاس بن عبد الأسلمي

- ‌(424) مسند عمرو بن العاص بن وائل أبي عبد اللَّه السَّهمي

- ‌(425) مسند عمرو بن عبد اللَّه أبي عِياض القاري

- ‌(426) مسند عمرو بن عُبيد اللَّه

- ‌(427) مسند عمرو بن عَبَسَةَ أبي نَجيح السُّلَميّ

- ‌(428) مسند عمرو بن عوف

- ‌(429) مسند عمرو بن الفَغواء بن عُبيد الخُزاعيّ

- ‌(430) مسند عمرو بن قيس بن زائدة بن الأصمّ

- ‌(431) مسند عمرو بن كَعب بن حَجْدر اليامي

- ‌(432) مسند عمرو بن مالك أبي مالك الأشجعيّ

- ‌(433) مسند عمرو بن مِحْصَن بن حُرْثان الأسديّ أبي أبي عَمرة

- ‌(434) مسند عمرو بن مُرّة الجُهَنيّ

- ‌(435) مسند عمرو بن يثربيّ الضَّمْريّ

- ‌(436) مسند عمرو الأنصاريّ

- ‌(437) مسند عمرو أبي مالك الأشعَريّ

- ‌(438) مسند عُمَير بن سَلَمة بن مُنتاب الضَّمري

- ‌(439) مسند عُمَير مولى آبي اللَّحم

- ‌(440) مسند عوف بن مالك أبي عبد اللَّه الأشجعيّ

- ‌(441) مسند عُوَيم بن ساعدة بن عابس أبي عبد الرحمن الأنصاري

- ‌(442) مسند عُوَيمر بن أشقر بن عديّ الأنصاري

- ‌(443) مسند أبي الدّرداء عُوَيمر بن عامر

- ‌(444) مسند عيّاش بن أبي ربيعة

- ‌(445) مسند عِياض بن حِمار المُجاشِعيّ

- ‌حرف الغين

- ‌(446) مسند غُضَيف بن الحارث

- ‌حرف الفاء

- ‌(447) مسند الفاكه بن سعد بن جبر أبي عُقبة الأنصاري

- ‌(448) مسند فُرات بن حَيّان بن ثعلبة العِجليّ

- ‌(449) مسند الأقرع بن حابس

- ‌(450) مسند فروة بن مُسَيك أبي عُمَير المُراديّ

- ‌(451) مسند فَضالة بن عُبَيد

- ‌(452) مسند فَضالة أبي عبد اللَّه اللَّيثي

- ‌(453) مسند الفضل بن عبّاس بن عبد المطّلب

- ‌(454) مسند فَيروز الدَّيْلَميّ

- ‌حرف القاف

- ‌(455) مسند قارب بن الأسود الثَّقَفيّ

- ‌(456) مسند قَبِيصة بن مُخارق

- ‌(457) مسند قتادة بن ملحان القَيسيّ

- ‌(458) مسند قتادة بن النعمان بن يزيد الظَّفَرِيّ

- ‌(459) مسند قُدامة بن عبد اللَّه بن عمّار الكِلابي

- ‌(460) مسند قُرّة بن إياس بن رِئاب أبي معاية المُزَني

- ‌(461) مسند قُرّة بن دُعموص النُّمَيري

- ‌(462) مسند قُطبة بن قتادة السَّدوسي أبي الحَوْصلة

- ‌(463) مسند قُطبة بن مالك

- ‌(464) مسند قُهَيد بن مُطَرِّف الغِفاريّ

- ‌(465) مسند قيس بن سعد بن عُبادةَ

- ‌(466) مسند قيس بن عاصم

- ‌(467) مسند قيس بن عائذ

- ‌(468) مسند قيس بن عُبيد بن الحُرَير أبي بَشير المازني

- ‌(469) مسند قيس بن عمرو الأنصاري

- ‌(470) مسند قيس بن أبي غَرَزَةَ البَجَلي

- ‌(471) مسند قيس الجُذامي

- ‌(472) مسند قيصر أبي إسرائيل العامريّ

- ‌حرف الكاف

- ‌(473) مسند كَردَم بن سُفيان أبي ميمونة الثَّقَفي

- ‌(474) مسند كُرْز بن عَلقمة بن هلال الخُزاعيّ

- ‌(475) مسند كعب بن عاصم أبي مسلم الأشعري

- ‌(476) مسند كعب بن عُجرة

- ‌(477) مسند أبي اليَسَر كعب بن عمرو الأنصاري

- ‌(478) مسند كعب بن عِياض

- ‌(479) مسند كعب بن مالك ابن أبي كعب الأنصاري

- ‌(480) مسند كلثوم بن الحُصَين أبي رُهم الغفاريّ

- ‌(481) مسند كَلَدَة بن الحَنْبَلُ بن مالك الغَسّاني الأسلميّ

- ‌(482) مسند كَنّاز بن الحُصَين

- ‌(483) مسند كَيسان أبي عبد الرحمن بن أَسيد

- ‌(484) مسند كيسان أبي نافع

- ‌حرف اللام

- ‌(485) مسند اللَّجْلاج أبي خالد

- ‌(486) مسند أبي رَزِين لقيط بن عامر بن المُنْتَفِق العُقَيليّ

- ‌(487) مسند لقيط بن صَبِرة بن المُنْتَفق أبي عاصم

الفصل: ‌(479) مسند كعب بن مالك ابن أبي كعب الأنصاري

(479) مسند كعب بن مالك ابن أبي كعب الأنصاري

(1)

(6104)

الحديث الأول: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن سعد عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال:

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأكلُ بثلاث أصابع، ولا يمسحُ يده حتى يَلْعَقَها.

انفرد بإخراجه مسلم (2).

(6105)

الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الحجّاج عن نافع عن ابن كعب بن مالك عن أبيه:

أن جاريةً لهم سوداءَ ذكَّت شاة بَمَرْوة (3)، فذكر ذلك كعبٌ للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فأمرَه بأكلها.

انفرد بإخراجه البخاري (4).

(6106)

الحديث الثالث: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النّضر قال: أخبرنا المسعودي عن سعد بن إبراهيم عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال:

(1) الآحاد 4/ 66، ومعرفة الصحابة 5/ 2366، والاستيعاب 3/ 270، والتهذيب 6/ 171، والسير 2/ 523، والإصابة 3/ 285.

ومسنده في الجمع، في المقدّمين (49)، اتّفق الشيخان على ثلاثة أحاديث له، وانفرد البخاري بواحد، ومسلم باثنين.

(2)

المسند 6/ 386. وعن وكيع عن هشام أخرجه 25/ 44 (15764). ومن طريق أبي معاوية وغيره عن هشام أخرجه مسلم 3/ 1605 (2132). وفي بعض الروايات أن ابن كعب هو عبد اللَّه، أو عبد الرحمن. والشكّ لا يضرّ؛ لأنهما ثقتان. كما سيأتي في بعض الأحاديث.

(3)

المروة: الحجر الأبيض الحادّ.

(4)

المسند 25/ 47 (15768)، وفيه الحجّاج بن أرطاة، ضعيف، لكنه متابع. فقد أخرجه البخاري 4/ 482 (2304) من طريق عُبيد اللَّه بن عمر العمري عن نافع به، وفيه أطرافه.

ص: 473

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المؤمن كالخامةِ من الزرع، تُفَيِّئُها (1) الرياح، تَصْرَعُها مرّة وتَعدِلها أُخرى، حتى يأتِيَه أجَلُه. ومَثَلُ الكافر كمَثَلِ الأرْزَةِ المُجْذِية على أصلها، لا يُقِلَها (2) شيء حتى يكون انجعافُها مَرّة".

أخرجاه في الصحيحين (3).

والخامة: الغضّة من النبات.

والأرزة: الصنوبر. والمُجْذِية: المنتصبة.

والانجعاف: الانقلاع.

(6107)

الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن الزّهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال:

قالت أمّ مُبَشِّر لكعب بن مالك وهو شاكٍ (4): اقرأ على ابني السلام - تعني مُبَشِّرًا. فقال: يغفِرُ اللَّهُ لكِ يا أُمَّ مُبَشِّر، أو لم تسمعي ما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ :"إنما نَسَمةُ (5) المسلم طيرٌ تَعْلُقُ في شجر الجنّة حتى يَرجعَها اللَّهُ عز وجل إلى جسده يومَ القيامة". قالت: صَدَقْت. فأسْتَغْفِرُ اللَّه (6).

تَعْلُق: تأكل.

(6108)

الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن عبد ربّه قال: حدّثني محمد بن حرب قال: حدّثني الزُّبيدي عن الزُّهري عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب ابن مالك عن كعب بن مالك:

(1) في ز "يعترضها". ويُفيّء: يميل.

(2)

يروى "يُعلّها" و"يُقلّها".

(3)

المسند 6/ 386. والمسعودي وإن اختلط، فهو متابع. فمن طرق عن سعد بن إبراهيم أخرجه مسلم 4/ 2163، 2164 (2810)، والبخاري 10/ 103 (5643)، وأحمد 25/ 48 (15769).

(4)

الشاكي: المريض. كأنها تتوقّع موته.

(5)

النسمة: الروح.

(6)

المسند 25/ 55 (15776). ومن طريق ابن شهاب أخرجه ابن ماجة 1/ 466 (1449). وأخرج المرفوع منه من طريق ابن شهاب النسائي 4/ 108، وابن حبّان 10/ 513 (4657). وينظر المعجم الكبير 19/ 63 - 66 (119 - 125). وصحّح المحقّقون الحديث.

ص: 474

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يُبْعَثُ النّاسُ يوم القيامة، فأكونُ أنا وأُمّتي على تَلٍّ، ويكسوني ربِّي حُلّةً خضراءَ، ثم يُؤذَنُ لي فأقولُ ما شاء اللَّه أن أقول، فذلك المقام المحمود"(1).

(6109)

الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن الزُّهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه:

أنّه قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّ اللَّه عز وجل قد أنزل في الشعر ما أنزلَ. فقال: "إنّ المؤمنَ يُجاهدُ بسيفه ولسانه. والذي نفسي بيده، لكأنّ ما تَرمُونهم به نَضْحُ النَّبْل"(2).

(6110)

الحديث السابع: حدّثنا البخاري قال: حدّثني عبد اللَّه بن محمد قال: حدّثنا هشام قال: أخبرَنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه:

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرجَ يوم الخميس في غزوة تبوك، وكان يُحِبُّ أن يخرجَ يوم الخميس.

أخرجاه (3).

(6111)

الحديث الثامن: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن أخي الزّهري محمد بن عبد اللَّه عن عمّه محمد بن مسلم الزّهري قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك أن عبد اللَّه بن كعب بن مالك وكان قائدَ كعب من بنيه حين عَمِيَ قال: سمعتُ كعب بن مالك يحدِّث حديثَه حين تخلَّفَ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة "تبوك":

قال كعب بن مالك: لم أتخلّف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قطُّ إلّا في غزوة تبوك، غير أني كنتُ تخلَّفْتُ في غزوة بدر، ولم يعاتب أحدًا تخلَّف عنها، إنما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يريدُ عِيرَ قريش، حتى جمَعَ اللَّه بينهم وبين عدوّهم على غير ميعاد، ولقد شَهِدْتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلةَ العقبة حين توافَقْنا على الإسلام، وما أُحِبُّ أن لي بها

(1) المسند 25/ 60 (15783) وصحّح الحاكم إسناده على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي 2/ 363. ومن طريق محمد بن حرب أخرجه الطبراني 19/ 72 (142)، وصحّحه ابن حبّان 14/ 399 (6479). وصحّح المحقّقون إسناده.

(2)

المسند 6/ 387. والمعجم الكبير 19/ 75 (151)، وابن حبّان 13/ 102 (5786). قال الهيثمي في المجمع 8/ 126: رواه أحمد بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح. وهو هذا.

(3)

البخاري 6/ 113 (2950). وهو في المسند 25/ 58، 59 (15179، 15781) من طريق يونس ومعمر عن الزهري. ولم أقف عليه في صحيح مسلم.

ص: 475

مشهدَ بدر، وإن كانت بدرٌ أذكَرُ في النّاس منها وأشهر.

وكان من خبري حين تخلّفْتُ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أنّي لم أكن قَطُّ أقوى ولا أيسَرَ مني حين تخلَّفْتُ عنه في تلك الغزاة، واللَّه ما جمعتُ قبلَها راحلتين قطّ حتى جَمَعْتُهما في تلك الغزاة، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قلّما يريد غَزاةً يغزوها إلّا ورّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزاةُ، فغزاها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم في حرّ شديدٍ، واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا، واستقبل عدوًّا كثيرًا، فجلا للمسلمين أمره ليتأهّبوا أُهبةَ عدوّهم، فأخبرهم بوجهه، والمسلمون مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمَعُهم كتابُ حافظ - يريد الديوان. فقال كعب: فقلّ رجل يريد أن يتغيَّبَ إلّا ظنّ أن ذلك سيخفى له ما لم يَنزل فيه وحيٌ من اللَّه عز وجل. وغزا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تلك الغزوةَ حين طابتِ الثمار والظلّ، وأنا إليها أصعَرُ، فتجهّز إليها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه، وطَفِقْتُ أغدو لكي أتجهّزَ معه فأرجعَ ولم أقض شيئًا، فأقول في نفسي: أنا قادر على ذلك إذا أردتُ، فلم يزل كذلك يتمادى بي حتى شمَّرَ بالناس الجِدُّ، فأصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غاديًا والمسلمون معه ولم أقضِ من جهازي شيئًا، فقلتُ: الجهاز بعد يومٍ أو يومين ثم ألحقُهم، فغَدَوْتُ بعدما فصلوا لأتجَهَّزَ، فرجَعْتُ، ولم أقضِ شيئًا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارَطَ الغزو، فَهَمَمْتُ أن أرتَحِلَ فأُدرِكَهم، وليتَ أنّي فعلت، ثم لم يُقَدَّرْ ذلك لي. فَطفِقْتُ إذا خَرَجْتُ في النّاس بعد خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فطُفْتُ فيهم يُحْزِنُني أن لا أرى إلّا رجلًا مَغموصًا عليه في النفاق، أو رجلًا ممّن عَذَره اللَّه.

ولم يَذْكُرْني رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بلغَ تبوك، فقال وهو جالس في القوم بتبوك:"ما فعل كعب بن مالك؟ " قال رجل من بني سَلِمة: حبَسَه يا رسولَ اللَّه بُرداه والنظرُ في عِطْفَيه، فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت، واللَّه يا رسول اللَّه ما عَلِمْنا عليه إلّا خيرًا، فسكت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

فقال كعب بن مالك: فلمّا بَلَغني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد توجّه قافلًا من تبوك، حضَرني بَثّي (1)، فَطفِقْتُ أتفكّرُ الكذب، وأقول: بماذا أخرج من سَخَطه غدًا، أستعينُ على ذلك كلَّ ذي رأي من أهلي، فلما قيل: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أظلَّ قادمًا زاح عني

(1) البّثّ: الحزن.

ص: 476

الباطلُ، وعرفت أني لن أنجوَ منه بشيءٍ أبدًا، فأجمعتُ صدقه. وصبَّح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان إذا قَدِم من سفرٍ بدأ بالمسجد، فركعَ فيه ركعتَين ثم جلسَ للناس، فلما فعل ذلك جاءه المتخلّفون، فَطَفِقوا يعتذرون إليه ويحلِفون له، وكانوا بضعةً وثمانين رجلًا، فَقَبِلَ منهم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم علانيتَهم ويستغفرُ لهم، ويَكِلُ سرائرَهم إلى اللَّه تعالى، حتى جِئْتُ، فلمّا سلَّمْت عليه تبسَّمَ تبسَّمِ المُغْضَبِ، ثم قال لي:"تعال" فجئتُ أمشي حتى جلستُ بين يديه، فقال لي:"ما خلَّفَك؟ ألم تكن قد اشتريتَ ظَهْرَك؟ " قال: فقلت: يا رسول اللَّه، إنّي لو جلستُ عند غيرك من أهل الدنيا لرأيتُ أني أخرجُ من سَخْطَتِه بعُذر، لقد أُعْطِيتُ جَدَلًا، ولكنّه واللَّه لقد عَلِمْتُ لئن حدّثْتُك اليومَ حديثَ كَذِبٍ تَرضى عنِّي به، ليوشِكَنَّ اللَّهُ تعالى يُسخِطُك عليّ، ولئن حدّثْتُك اليومَ بصدق تَجِدُ عليّ فيه، إني لأرجو قُرَّةَ عيني عَفوًا من اللَّه تبارك وتعالى، واللَّه ما كان لي عُذرٌ، واللَّه ما كنتُ أفرغَ ولا أيسرَ مني حين تخلَّفْتُ عنك. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أما هذا فقد صدق، فقُمْ حتى يقضيَ اللَّهُ تعالى فيك" فقمتُ. وبادرْتُ رجالًا (1) من بني سلمة فاتّبعوني، فقالوا لي: واللَّه ما عَلِمْناك أن كنتَ أذنَبْتَ ذنبًا قبل هذا، ولقد عَجَزْتَ أن لا تكونَ اعتذرتَ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المُخَلَّفون، لقد كان كافيك من ذنبك استغفارُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لك. قال: فواللَّه ما زالوا يؤنّبوني حتى أردْتُ أنْ أرجعَ فأُكَذِّبَ نفسي. قال: ثم قلتُ لهم: هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا: نعم، لَقِيه معك رجلان قالا ما قلتَ، فقيل لهما مثل ما قيل لك. قال: فقلت لهم: من هما؟ قالوا: مُرارة بن الربيع العامري وهلال بن أميّة الواقفي. قال: فذكروا لي رجلين صالحَين قد شَهِدا بدرًا، لي فيهما أُسوة. قال: فمضيتُ حين ذكروهما لي.

قال: ونهى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيُّها الثلاثةُ من بين من تخلّف عنه، فاجَتَنَبَنا الناسُ، قال: وتغيَّروا لنا حتى تنكَّرَت لي من نفسي الأرضُ، فما هي بالأرض التي كنتُ أعرفُ، فلَبِثْنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أن فكنتُ أشبَّ القوم وأجلدَهم، فكنتُ أشهدُ الصلاة مع المسلمين، وأطوفُ بالأسواق، ولا يكلِّمُني أحدٌ، وآتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأسلِّمُ عليه فأقول في نفسي، حَرَّكَ شفتَيه بردّ السلام أم لا؟ ثم أصلّي قريبًا منه وأسارِقه النظر، فإذا أقبلْتُ على صلاتي، نظر إليّ، فإذا التفتُّ نحوه أعرض عني، حتى إذا طال

(1) في المسند "وبادرَتْ رجال". وبادر: سبق وتقدّم.

ص: 477

عليّ ذلك من هَجْر المسلمين، مَشَيتُ حتى تَسَوَّرْتُ حائطَ أبي قتادة، وهو ابن عمي وأحبُّ النّاس إليّ، فسلَّمْتُ عليه، فواللَّه ما ردَّ عليّ السلام، فقلتُ له: يا أبا قتادة، أنشدُك اللَّهَ، هل تعلم أنّي أُحِبُّ اللَّهَ ورسوله؟ قال: فسكت. قال: فعُدْتُ فَنَشَدْتُه فسكت، فعُدْتُ فنشدْتُه، فقال: اللَّه ورسولهُ أعلم. ففاضت عيناي. وتولَّيْتُ حتى تسوَّرْتُ الجدار.

فبينا أنا أمشي بسوق المدينة، إذا نَبَطِيٌّ من أنباطِ أهل الشام ممّن قَدِم بطعام يبيعُه بالمدينة يقول: من يَدُلُّ على كعب بن مالك؟ قال: فطفِقَ الناسُ يشيرون له إليَّ، حتى جاء فدفع إليَّ كتابًا من ملك غسّان، وكنتُ كاتبًا، فإذا فيه: أما بعد، فقد بلَغَنا أنّ صاحبك قد جفاك، ولم يجعَلْك اللَّهُ بدار هَوان ولا مَضْيَعة، فالْحَقْ بنا نواسِك. قال: فقلتُ حين قرأتُها: وهذا أيضًا من البلاء. قال: فتيمَّمْتُ بها التَّنُّورَ، فَسَجَرْتُه بها.

حتى إذا مَضَتْ أربعون ليلة من الخمسين، إذا برسول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمُرُكَ أن تعتزلَ امرأتَك. قال: فقلتُ: أُطَلِّقها أم ماذا أفعل؟ قال: بل اعتَزِلْها فلا تَقْرَبْها، قال: وأرسلَ إلى صاحبيَّ بمثل ذلك، قال: قلتُ لامرأتي: الحَقي بأهلك، فكوني عندهم حتى يقضيَ اللَّه في هذا الأمر. قال: فجاءت امرأةُ هلال بن أميّة رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت له: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنّ هلالًا شيخٌ ضائع ليس له خادم، فهل تكرهُ أن أخدِمَه؟ قال:"لا، ولكن لا يَقْرَبَنَّكِ" قالت: فإنّه واللَّه ما به حركة إلى شيء، واللَّه ما زال يبكي من لدن أن كان من أمرك ما كان إلى يومه هذا. قال: فقال لي بعض أهلي: لو استأذنْتَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم في امرأتك، فقد أذِنَ لامرأة هلال بن أميّة أن تخدِمَه. قال: فقلتُ: واللَّه لا أستأذن فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وما أدري ما يقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا استأذَنْتُه وأنا رجل شابٌّ. فَلَبِثْنا بعد ذلك عشر ليالٍ، فكمل لنا خمسون ليلة، حين نُهِي عن كلامنا.

قال: ثم صلَّيْتُ صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أن جالس على الحال التي ذكر اللَّه تبارك وتعالى منّا، قد ضاقَت عليّ نفسي، وضاقَتْ عليّ الأرضُ بما رَحُبَت، سَمِعْتُ صارخًا أوفى على جبل سَلْع يقول بأعلى صوته: يا كعبَ بن مالك، أَبْشِر. قال: فَخَرَرْتُ ساجدًا، وعَرَفْتُ أن قد جاء فَرَجٌ، وآذَنَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بتوبة اللَّه تبارك وتعالى علينا حين صلّى صلاة الفجر، فذهب الناسُ يبشِّروننا، وذهب قِبَلَ

ص: 478

صاحِبَي مُبَشِّرون، ورَكَضَ إليَّ رجُلٌ فرسًا، وسعى ساع من أسلم، وأوفى الجبلَ، فكان الصوتُ أسرعَ من الفرس، فلما جاءني الذي سمعتُ صوتَه يبشِّرُني نَزَعْتُ له ثوبيّ فكسوتُهما إياه ببشارته، واللَّه ما أملِكُ غيرَهما يومئذٍ، فاستَعَرْتُ ثوبين فَلبِسْتُهما، فانْطَلَقْتُ أؤمُّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، يلقاني الناسُ فوجًا فوجًا يُهَنِّئوني بالتوبة، يقولون: لِتَهْنِكَ توبةُ اللَّه عليك، حتى دخَلْتُ المسجد، فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالسٌ حوله النّاس، فقام إليَّ طلحةُ بن عبيد اللَّه يُهَرْوِلُ حتى صافَحَني وهنَّأني، واللَّه ما قام إليَّ رجل من المهاجرين غيرُه. قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة. قال كعب: فلما سلَّمْتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال وهو يَبْرُقُ وجهُه من السرور: "أبْشِرْ بخير يوم مرَّ عليك منذُ ولدَتْك أُمُّك". قال: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إدا سُرَّ استنار وجهُه حتى كأنَّه قطعةُ قمر، حتى يُعْرَفَ ذلك منه. قال: فلمّا جَلَسْتُ بين يدَيه قلت: يا رسول اللَّه، إنّ من توبتي أن أنخلعَ من مالي صدقَةً إلى اللَّه رسوله. قال:"أَمْسِكْ بعضَ مالك، فهو خيرٌ لك". فقلتُ: فإني أُمْسِكُ سهمي الذي بخيبر. قال: فقلتُ: يا رسول اللَّه إنّما اللَّه تعالى نجّاني بالصدق، وإنّ من توبتي أن لا أحَدِّثَ إلّا صِدقًا ما بقيتُ. قال: فواللَّه ما أعلم أحدًا من المسلمين أبلاه اللَّه من الصدق في الحديثُ مُذْ ذكرتُ ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسنَ ممّا أبلاني اللَّهُ تبارك وتعالى، واللَّه ما تعمَّدْتُ كذبةً مُذْ قلتُ ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن يحفظَني اللَّه فيما بقي.

قال: وأنزلَ اللَّهُ تبارك وتعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النبيّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 117 - 119].

قال كعب: فواللَّه ما أنعمَ اللَّه تبارك وتعالى عليّ من نعمة قطُّ بعد أن هداني إلى الإسلام أعظمَ في نفسي من صِدقي رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يومئذ أن لا أكونَ كَذَبْتُه، فأهلكَ كما هَلَك الذين كَذَبوه حين كذَبوه، فإنَّ اللَّه تبارك وتعالى قال للذين كذَبوه حين كَذَبوه شرَّ ما يُقال لأحدٍ، فقال اللَّهُ تعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95)

ص: 479

يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 95 - 96].

قال: وكنّا خُلِّفْنا أيها الثلاثةُ عن أمر أولئك الذين قَبِل منهم رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حين حَلَفوا، فبايَعَهم واستغفرَ لهم، فأرجأ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرَنا حتى قضى اللَّه فيه، فبذلك قال اللَّه تعالى:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وليس تخليفُه إيّانا وإرجاؤه أمرَنا الذي ذكر ممّا خُلِّفْنا بتخلُّفنا عن الغزو، وإنما هو عمّن حَلَفَ له واعتذر إليه فقبل منه.

أخرجاه في الصحيحين (1).

قوله: وتفارط الغَزْو: أي تقدّم وتباعد. وربما قرأه من لا يعرف فقال: "العدوّ"، وليس كذلك (2).

وأظلَّ بالظاء المعجمة، ومعناه: دنا.

وقوله: رجلين شهدا بدرًا، وَهَمٌ من الزهري، فإنّهما لم يشهدا بدرًا (3).

(6112)

الحديث التاسع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عثمان بن عمر قال: أخبرنا يونس عن الزهري عن عبد اللَّه بن كعب بن مالك أن أباه [أخبره:

أنّه] تقاضى ابن أبي حَدْرد دَينًا كان عليه في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، في المسجد، فارتفعتْ أصواتُهما حتى سَمِعَها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرجَ إليهما حتى كشفَ سِجْفَ حُجرته، فنادى:"يا كعبُ بن مالك" قال: لبَّيك يا رسول اللَّه. فأشار إليه: أن ضَعْ من دينك الشَّطر. قال: قد فعلْتُ يا رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قمْ فاقْضِه".

أخرجاه في الصحيحين (4).

(6113)

الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن سابق قال: حدّثنا إبراهيم ابن طهمان عن أبي الزبير عن ابن كعب بن مالك عن أبيه كعب بن مالك أنّه حدّثه:

(1) المسند 25/ 66 (15789) ومحمد بن عبد اللَّه صدوق ولكنه متابع عند الشيخين: فمن طريق الزهري أخرجه البخاري بطوله 8/ 113 (4418)، وينظر أطرافه 5/ 386 (2757)، ومسلم 4/ 2121 (2769).

(2)

ونبّه على ذلك في كشف المشكل 2/ 125.

(3)

أطال المحقّق الكلام عن هذا في شرح المشكل 2/ 127. وينظر فيه التعليق عليه والمصادر.

(4)

المسند 6/ 390، والبخاري 1/ 551 (457)، ومسلم 3/ 1192 (1558).

ص: 480

أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعثَه وأوسَ بن الحَدَثان في أيّام التشريق، فنادَيا: أن لا يدخلَ الجنّة إلّا مؤمنٌ، وأيّامُ مِنًى أيّامُ أكل وشرب.

انفرد بإخراجه مسلم (1).

(6114)

الحديث الحادي عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا علي بن إسحق قال: أخبرنا عبد اللَّه قال: أخبرنا زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما ذئبان جائعان أُرْسِلا في غنم بأفسدَ لها من حرص المرءِ على المال والشرف لدينه"(2).

(6115)

الحديث الثاني عشر: حدّثنا أحمد قال: قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا أبو مَعْشَر عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه قال:

دخل أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم على عمر بن الحكم بن ثوبان فقال: يا أبا حفص، حدِّثنا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حديثًا ليس فيه اختلاف. فقال: حدَّثَني كعب بن مالك قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من عادَ مريضًا خاضَ في الرَّحمة، فإذا جلس عنده استنقع فيها". وقد اسْتَنْقَعْتُم إن شاء اللَّه في الرحمة (3).

(6116)

الحديث الثالث عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا أبو معشر عن يزيد بن خُصيفة عن عمرو بن كعب بن مالك عن أبيه قال:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا وجد أحدُكم ألمًا فليضَعْ يدَه حيثُ يَجدُ ألَمه، ثم ليقلْ سبع مرّات: أعوذُ بعزّة اللَّه وقُدرته على كلِّ شيء، من شرّ ما أجِد"(4).

(1) المسند 25/ 84 (15793)، ومسلم 2/ 800 (1142).

(2)

المسند 25/ 85 (15794) وإسناده صحيح. ومن طريق عبد اللَّه بن المبارك أخرجه الترمذي 4/ 508 (2376) وقال: حسن صحيح، والطبراني 19/ 96 (189). وصحّح محقّقو المسند إسناده، وصحّحه الألباني.

(3)

المسند 25/ 88 (15797). وحسّن الهيثمي إسناده 2/ 300. وحسّن محقّقو المسند الحديث، وضعّفوا إسناده لضعف نجيح بن عبد الرحمن السندي، أبي معشر، وصوّبوا أن يكون من حديث جابر لا من حديث كعب بن مالك.

(4)

المسند 6/ 390. قال الهيثمي 5/ 117 بعد أن عزاه لأحمد والطبراني: [19/ 92 (179)]: وفيه أبو معشر نجيح، وقد وثّق، على أنّ جماعة كثيرة ضعّفوه، وتوثيقه ليِّن، وبقيّة رجال ثقات.

ص: 481

(6117)

الحديث الرابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا أبي عن ابن إسحق قال: حدّثني مَعْبَد بن كعب بن مالك بن أبي كعب أن أخاه عبيد اللَّه بن كعب، وكان من أعلم الأنصار حدَّثه: أن أباه كعب بن مالك وكان كعب ممّن شهد العقبة وبايع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بها، قال:

خَرَجْنا في حُجّاج قومنا من المشركين وقد صلَّيْنا وَفقِهْنا، ومعنا البراءُ بن معرور كبيرُنا وسيِّدُنا، فلما وجَّهْنا لسفرنا وخرجْنا من المدينة، قال البراء لنا: يا هؤلاء، إني قد رأيتُ واللَّه رأيًا، وإني واللَّه ما أدري هل توافقوني عليه أم لا؟ قال: قلنا له: وما ذاك؟ قال: قد رأيتُ ألَّا أدَعَ هذه البَنِيّةَ مني بظهر -يعني الكعبة- وأن أُصلِّيَ إليها. قال: فقلْنا واللَّه ما بَلَغَنا أن نبيَّنا يصلّي إلَّا إلى الشام، وما نريدُ أن نُخالفَه. فقال: إني أُصلّي إليها. قال: فقلنا له: لكنّا لا نفعل. فكُنّا إذا حضرتِ الصلاةُ صلَّينا إلى الشام وصلّى إلى الكعبة، حتى قَدِمْنا مكَةَ. قال: وقد كنّا عِبْنا عليه ما صنع، وأبي إلّا الإقامةَ عليه، فلمّا قدِمْنا مكّة قال: يا ابن أخي، انطلقْ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاسألْه عمّا صنعْتُ في سفري هذا، فإنّه واللَّه قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيتُ من خلافكم إيّاي فيه.

قال: فخرجْنا نسألُ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكنّا لا نعرفُه، لم نره قبل ذلك، فلَقِيَنا رجلٌ من أهل مكّة، فسألْناه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: هل تعرفانه؟ فقلنا: لا. قال: فهل تعرفان العبّاس بن عبد المطب عمَّه؟ قلنا: نعم، قال: وقد كنّا نعرف العبّاس، كان لا يزالُ يقدَمُ علينا تاجرًا. قال: فإذا دخلْتُما المسجد فهو الرجل الجالس مع العبّاس، قال: فدخلنا المسجد، فإذا العباسُ جالسٌ ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم معه جالس، فسلَّمْنا ثم جلسنا إليه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للعبّاس:"هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ " قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيِّدُ قومه، وهذا كعب بن مالك. قال: فواللَّه ما أنسى قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الشاعر؟ " قال: نعم. قال: فقال البراء بن معرور: يا نبيَّ اللَّه، إني خرجْتُ في سفري هذا وقد هداني اللَّه للإسلام، فرأيتُ أن لا أجعلَ هذه البَنِيَّةَ مني بظَهر، فصلَّيْتُ إليها، وقد خالَفني أصحابي في ذلك، حتى وقعَ في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول اللَّه؟ قال:"لقد كنتَ على قبلةٍ لو صَبَرْتَ عليها" قال: فرجع البراء إلى قبلة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلّى معنا إلى الشام، قال: وأهلُه يزعمون أنّه صلّى إلى الكعبة حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلم به.

قال: وخرجْنا إلى الحجّ فواعدنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم العقبةَ من أوسط أيام التشريق، فلمّا

ص: 482

فَرَغْنا من الحجّ وكانت الليلةُ التي وعدَنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ومعنا عبد اللَّه بن عمرو بن حرام أبو جابر سيِّدٌ من ساداتنا، وكنّا نكتُمُ مَنْ معنا من قومنا من المشركين أمْرَنا، فكلَّمْناه وقُلنا له: يا أبا جابر، إنك سيِّدٌ من ساداتنا وشريفٌ من أشرافنا، وإنا نَرْغَبُ بك عمّا أنت فيه أن تكونَ حطبًا للنار غدًا، ثم دعوتًه إلى الإسلام، وأخبرْتُه بميعاد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأسلمَ وشَهِدَ معنا العقبة، وكان نقيبًا. قال: فنِمْنا تلك الليلةَ مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلثُ الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نتسلّلُ مُستخفين تَسلُّلَ القَطا، حتى اجتمَعْنا في الشِّعب عند العقبة، ونحن سبعون رجلًا ومعنا امرأتان من نسائهم: نُسيبة بنت كعب أمُّ عمارة، إحدى نساء بني مازن بن النّجار، وأسماءُ بنت عمرو بن عديّ بن ثابت، إحدى نساء بني سلمة، وهي أم منيع.

قال: فاجتمعنا بالشِّعب ننتظرُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه يومئذ عمُّه العبّاس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه، إلّا أنّه أحبَّ أن يحضُرَ أمرَ ابن أخيه ويتوثّق له، فلمّا جلسْنا كان العبّاس بن عبد المطلب أول متكلّم، فقال: يا معشر الخزرج. قال: وكانت العرب ممّا يُسَمُّون هذا الحي من الأنصار الخزرج، أوسها وخزرجها - إنّ محمّدًا منّا حيثُ قد عَلِمْتُم، وقد مَنَعْناه من قومنا ممّن هو على مثل رأينا فيه، وهو في عزٍّ من قومه ومَنَعة في بلده (1) قال: فقلنا: قد سمعنا ما قُلْت، فتكلَّمْ يا رسولَ اللَّه، فخُذْ لنفسك ولربِّك ما أحْبَبْتَ. قال: فتكلَّمَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فتلا، ودعا إلى اللَّه عز وجل، ودعا إلى الإسلام، قال:"أُبايعُكم على أن تمنعوني ممّا تمنعون منه نساءكم وأبناءكم" قال: فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال: نعم، والذي بعثَك بالحقِّ، لَنَمْنَعَنَّكَ ممّا نَمْنَعُ منهُ أُزُرَنا (2)، فبايِعْنا يا رسول اللَّه، فنحن أهل الحروب وأهل الحَلْقة، وَرِثْناها كابرًا عن كابر. قال: فاعترضَ القولَ -والبراءُ يُكَلِّمُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التَّيْهان حليفُ بني عبد الأشهل، فقال: يا رسول اللَّه، إنّ بيننا وبين الرجال حِبالًا، وإنا قاطعوها -يعني عهودًا- فهل عَسَيتَ إن نحن فَعَلْنا ذلك ثم أظهَرَك اللَّهُ أن ترجعَ إلى قومك وتدَعَنا؟ قال: فتبسَّمَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال: "بل الدَّمُ الدَّمُ، والهَدْمُ الهَدْم، أنا منكم وأنتم منّي، أحاربُ من حارَبْتُم، وأسالِمُ من سالَمْتُم". قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أخْرِجوا إليّ منكم اثنَي عشر نقيبًا يكونون على قومهم

(1) كتب في المخطوطة: "وقد سقط من هذا الحديث: وقد أبى إلّا الانقطاع إليكم، فإن كنتم ما نعيه وإلا فدعوه" وقريب من هذه العبارة في سيرة ابن إسحق والطبراني.

(2)

الأُزُر: جمع إزار: والمراد الأهل والنساء.

ص: 483

فأخرَجوا منهم اثني عشر نقيبًا، منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس.

وأما مَعْبدُ بن كعب فحدَّثني في حديثه عن أخيه عن أبيه كعب بن مالك قال: كان أولَ من ضربَ على يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم البراءُ بن معرور، ثم تتابع القوم، فلما بايَعْنا رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم صرخَ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمِعْته قطّ: يا أهلَ الجَباجِب -والجَباجبُ: المنازل- هل لكم في مُذَمَّم والصباة معه، قد أجمعوا على حربكم. فقالَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هذا أزَبُّ العقبة، هذا ابن أَزْيَبَ (1). اسمعْ أيْ عدوَّ اللَّه، أما واللَّه لأفْرَغَنّ لك". قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ارفعوا إلى رحالكم" فقال له العبّاس بن عبادة بن فضلة: والذي بعثك بالحقّ، لئن شئتَ لنَمِيلَنَّ على أهل مِنى غدًا بأسيافنا. قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لم أؤمَرْ بذلك".

قال: فرجَعْنا فَنِمْنا حتى أصبَحْنا، فلما أصبحْنا غدَت علينا جِلَّةُ قُريش حتى جاءونا في منازلنا. فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه قد بَلَغَنا أنّكم قد جِئتُم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتُبايعونه على حربنا. واللَّه إنّه ما من العرب أحدٌ أبغضَ إلينا أن تنشَبَ الحربُ بيننا وبينه منكم. قال: فانبعث مَنْ هنالك من مشركي قومنا يحلفون لهم باللَّه ما كان من هذا من شيء، وما عَلِمْناه. وقد صدَقوا، لم يعلموا ما كان منّا. قال: فبعضُنا ينظرُ إلى بعض. قال: وقام القوم وفيهم الحارث بن هشامِ بن المغيرة المخزومي، وعليه نعلان جديدان، قال: فقلت كلمة كأنّي أريدُ أن أَشْركَ القومَ فيما قالوا: أما تستطيع يا أبا جابر وأنس سيّدٌ من ساداتنا أن تَتَّخِذَ نعلين مثل نَعْلَي هذا الفتى من قريش؟ فسمعها الحارث، فخلَعَها ثم رمى بهما إليّ [فقال: واللَّه لتنتعِلَنَّهما. قال: يقول أبو جابر: أحْفَظْتَ واللَّه الفتى، فارْدُدْ عليه نعليه. قال]: فقلت: واللَّه لَا أرُدُّهما. فَألٌ -واللَّه- صالح، واللَّه لئن صدق الفأل لأسْلُبَنّه.

فهذا حديث كعب بن مالك عن العقبة، وما حضر منها (2).

* * * *

(1) في المسند: "قال عليّ بن إسحق: ما يقول عدو اللَّه محمّد. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . " وأزبّ: اسم الشيطان والأزيب لغة: العداوة.

(2)

المسند 25/ 89 (15798). وهو عن ابن إسحق في سيرة ابن هشام 2/ 61، ومن طريق ابن إسحق أخرجه الطبراني 19/ 87 (174). وعزاه الهيثمي في المجمع 6/ 54 لأحمد والطبراني، قال: ورجال أحمد رحال الصحيح، عدا ابن إسحق، وقد صرّح بالسماع. وقال محقّقو المسند: حديث قوي، وهذا إسناد حسن. . . .

ص: 484