الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(376) مسند عثمان بن عفّان
(1)
(5252)
الحديث الأول: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد قال: حدّثنا عَوف قال: حدّثنا يزيد الفارسي قال:
قال لنا ابن عبّاس: قلتُ لعثمان بن عفّان: ما حَمَلَكم على أن عَمَدْتُم إلى (الأنفال) وهي من المثاني وإلى (براءة) وهي من المِئين، فقَرَنْتُم بينهما ولم تكتبوا بينهما (بسم اللَّه الرحمن الرحيم)، ووضَعْتُموها في السبع الطُّوَل، ما حملَكم على ذلك؟ .
قال عثمان: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان مِمّا يأتي عليه الزمانُ يَنْزِلُ عليه من السُّور ذوات العَدَد، وكان إذا أُنزِل عليه الشيء يدعو بعضَ مَن يكتبُ عنده، يقول:"ضعوا هذه في السَّورة التي يُذكر فيها كذا وكذا". وينزل عليه الآيات فيقول: "ضعوا هذه الآيات في السُّورة التي يُذكرُ فيها كذا وكذا." وينزل عليه الآية فيقول: "ضعوا هذه الآية في السُّورة التي يذكر فيها كذا وكذا"، وكانت (الأنفال) من أوّل ما أُنزل بالمدينة و (براءة) من آخر القرآن، قِصَّتُها (2) شبيهةٌ بقِصّتها، وقُبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم يُبَيِّن لنا أنّها منها (3)، فمِن ثَمَّ قَرَنْتُ بينهما، ولم أكتب بينهما سطرًا (بسم اللَّه الرحمن الرحيم)(4).
(5253)
الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا صفوان بن عيسى عن محمد بن عبد اللَّه بن أبي مريم عن ابن دارة قال:
(1) الخليفة الإمام الراشد. ينظر أخباره في معرفة الصحابة 1/ 58، والاستيعاب 3/ 69، والإصابة 2/ 455.
ومسنده الثالث في الجمع: له ثلاثة أحاديث اتّفق عليها الشيخان، وثمانية انفرد بها البخاري، وخمسة لمسلم. وذكر ابن الجوزي في التلقيح 364 أنّه أسند ستة وأربعين ومائة حديث.
(2)
في المسند "فكانت قصّتها. . "
(3)
في المسند زيادة "وظننتُ أنها منها".
(4)
المسند 1/ 459 (399). وفصّل الشيخ أحمد شاكر الكلام في هذا الحديث، وحكم عليه بأنّه ضعيف جدًّا، ولا أصل له، ومداره علي يزيد الفارسي الذي جهله بعض الأئمّة. وهذا الحديث مخالف المشهور المعلوم، ولم يعتدّ بتصحيح أو تحسين بعض الأئمّة له. وضعّفه الألباني. وينظر تخريج محقّقي المسند له.
رأيت عثمان أتى بوضوء، فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسلَ وجهه ثلاثًا، وذراعَيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه ثلاثًا، وغسل قدمَيه، ثم قال: من أحبَّ أن ينظُرَ إلى وُضوء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فهذا وضوء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن المقرىء قال: حدّثنا حَيْوةُ قال: أخبرنا أبو عَقيل أنّه سمع الحارث مولى عثمان يقول:
جلس عثمان يومًا وجلسنا معه، فجاء الموذّن فدعا بماءٍ في إناء -أظنُّه سيكون فيه مُدّ- فتوضّأ، ثم قال: رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضّأ وضوئي هذا، ثم قال: "ومن توضّأ وضوئي هذا ثم قام فصلّى صلاة الظُّهر، غُفِر له ما كان بينها وبين الصّبح، ثم صلّى العصر غُفِرَ له ما بينها وبين الظّهر، ثم صلّى المغرب غُفِر له ما بينها وبين صلاة العصر، ثم صلّى العشاء غُفِر له ما بينها وبين صلاة المغربَ، ثم لعلّه يبيتُ يتمرّغُ ليلته. ثم إنّ قام فتوضّأ وصلّى الصُّبح غُفِرَ له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهنّ (الحسنات يُذْهِبْنَ السّيئات).
قيل: فما الباقيات (2) الصالحات يا عثمان؟ قال: لا إله إلا اللَّه، وسبحان اللَّه، والحمد للَّه، واللَّه أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا باللَّه (3).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد قال: حدّثنا ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن حُمران قال:
دعا عثمانُ بماء وهو على المقاعد (4)، فسَكَبَ على يمينه فغسلها، ثم أدخَلَ يمينه في الإناء، فغسل كفَّيه ثلاثًا، ثم غسلَ وجهَه ثلاث مرّات، وتمضمض واستنثر، وغسل ذراعيه إلى المِرْفَقين ثلاث مَرّات، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثلاث
(1) المسند 1/ 490 (436). وفيه حذف جزء من أوله. وحسّن المحقّقون إسناده، وصحّحه الشيخ شاكر.
(2)
في المسند: "قالوا: هذه الحسنات، فما. . . ".
(3)
المسند 1/ 537 (513). ورجاله رجال الصحيح عدا الحارث مولى عمر. وقد وثّق. قال الهيثمي: 1/ 302 في الصحيح بعضه، رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار، ورجاله رجال الصحيح عدا الحارث مولى عثمان بن عفّان، وهو ثقة.
(4)
المقاعد: موضع بالمدينة.
مرّات، ثم قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من توضّأ نحو وُضوئي هذا ثم صلّى ركعتين لا يُحَدِّثُ نفسَه فيهما، غَفَرَ اللَّه ما تقدَّمَ من ذنبه".
أخرجاه (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا ليث قال: حدّثني يزيد بن أبي حبيب عن عبد اللَّه بن أبي سلمة ونافع بن جُبير عن معاذ بن عبد الرحمن التَّيميّ عن حُمران مولى عثمان بن عفّان أنّه قال:
سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من توضّأ فأسبغَ الوضوء ثم مشى إلى صلاة مكتوبة فصلّاها، غُفِر له ذنبه".
أخرجاه (2).
* طريق لبعضه:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدّثنا عثمان بن حَكيم قال: حدّثنا محمد بن المنكدر عن حُمران عن عثمان بن عفّان قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من توضّأ فأحسنَ الوُضوءَ خَرَجَتْ خطاياه من جسده، حتى تخرُجَ من تحت أظفاره".
انفرد بإخراجه مسلم (3).
* طريق آخر:
حدّثنا مسلم قال: حدّثنا أبو كُرَيب قال: حدّثنا وكيع عن مِسْعَر عن جامع بن شدّاد قال: سمعْتُ حُمران بن أبان قال:
كنتُ أضعُ لعثمانَ طهورَه، فما أتى عليه يومٌ إلّا وهو يُفيضُ عليه نُطفةً. فقال عثمان:
(1) المسند 1/ 477 (418). ومن طريق إبراهيم بن سعد في البخاري 1/ 259 (159)، ومسلم 5/ 201 (226) وأبو كامل، مُظفّر بن مُدرك ثقة.
(2)
المسند 1/ 520 (483). ورجاله رجال الصحيح. وأخرجه مسلم 1/ 208 (332) من طريق عبد اللَّه بن أبي سلمة ونافع عن معاذ، والبخاري 11/ 250 (6433) من طريق معاذ.
(3)
المسند 1/ 516 (476)، ومسلم 1/ 216 (245) من طريق عبد الواحد. وعفّان من رجال الشيخين.
حدَّثَنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من صلاتنا هذه -قال مِسْعَر: أُراها العصر- فقال: "ما أدري، أحَدِّثِكُم بشىِء أو أسكت". فقلْنا: يا رسول اللَّه، إن كان خيرًا فحدِّثْنا، وإن كان غير ذلك فاللَّه ورسوله أعلم. فقال:"ما من مسلمٍ يتطهّر فيُتِمُّ الطُّهورَ الذي كتب اللَّهُ عز وجل، فيُصلّي هذه الصلوات الخمس إلّا كانت كفّارات لما بينهنّ".
انفرد بإخراجه مسلم (1).
* طريق آخر:
حدّثنا مسلم قال: حدّثنا عبد بن حميد قال: حدّثني أبو الوليد قال: حدّثنا إسحق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال حدّثني أبي عن أبيه قال:
كنتُ عند عثمان، فدعا بطَهور فقال: سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرىء مسلم تَحْضُره صلاةٌ مكتوبة، فيُحْسِنُ وُضوءَها وخشوعَها ورُكوعَها، إلا كانت كفّارةً لما قبلها من الذُّنوب ما لم يُؤتِ كبيرةً، وذلك الدَّهرَ كلّه".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(5254)
الحديث الثالث: حدّثنا الترمذي قال: حدّثنا يحيى بن موسى قال: حدّثنا عبد الرّزّاق عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان بن عفّان:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: أنّه كان يُخَلِّلُ لِحيتَه.
قال الترمذي: هذا حديثٌ صحيح (3).
(1) مسلم 1/ 207 (231). وفي المسند 1/ 467 (406) من طريق جامع بن شدّاد المرفوع منه باختلاف.
(2)
مسلم 1/ 206 (228). وينظر روايات الحديث وطرقه في الصحيحين: الجمع 1/ 150 (101).
قال العكبري - إعراب الحديث 270: يجوز في "الدهر" النصب على تقدير: وذلك في الدّهر كلّه، فحذف حرف الجرّ ونصبه على الظرف. وموضعه رفع خبر "ذلك". ويجوز رفعه على تقدير: وذلك حكم الدهر كلّه، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
(3)
الترمذي 1/ 46 (31) وقال: هدا حديث حسن صحيح. ومن طريق عبد الرزّاق في ابن ماجة 1/ 148 (430)، ومن طريق إسرائيل صحّحه ابن حبّان 3/ 363 (1081) وقد أخرج الحديث الحاكم 1/ 149 وقال: ولا أعلم في عامر بن شقيق طعنًا. وتعقّبه الذهبي، وابن حجر في التلخيص 1/ 125 بأن ابن معين ضعّفه. وقال فيه في التقريب 1/ 269: ليّن الحديث. وتحدّث ابن حجر في التلخيص عن طرق الحديث. ثم نقل 1/ 128 عن الإمام أحمد: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح. وقال أبو حاتم: لا يثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية شيء. وصحّح محقّق ابن حبّان الحديث لغيره، وصحّحه الألباني.
(5255)
الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسحق بن عيسى قال: حدّثني عبد الرحمن بن أبي الزِّناد عن أبيه عن عامر بن سعد قال: سمعتُ عثمان بن عفّان يقول:
ما يَمنَعُني أن أُحَدِّثَ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن لا أكونَ أوعى أصحابه عنه، ولكنّي أشهدُ لسَمِعْته يقول:"من قال على ما لم أقل فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده من النّار"(1).
(5256)
الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن شعبة عن علقمة ابن مَرْثَد عن سعد بن عُبيدة عن أبي عبد الرحمن عن عثمان:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "خيرُكم من تَعلَّمَ القرآنَ وعلَّمه".
انفرد بإخراجه البخاري (2).
(5257)
الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن مالك قال: حدّثني نافع عن نُبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن أبيه:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "المُحْرِمُ لا يَنْكِحُ ولا يُنْكحُ ولا يَخْطُبَ".
انفرد بإخراجه مسلم (3).
(5258)
الحديث السايع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا شعبة عن قتادة قال: سمعْتُ عبد اللَّه بن شقيق يقول:
كان عثمان ينهى عن المتعة، وعليٌّ يُلَبّي بها، فقال له عثمان قولًا، فقال له عليّ: لقد عَلِمْتَ أنّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فعلَ ذلك. قال عثمان: أجل، ولكنّا كنّا خائفين (4).
(5259)
الحديث الثامن: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرو، حدّثنا علي ابن المبارك عن يحيى يعني ابن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن عثمان بن عفّان:
(1) المسند 1/ 512 (469). ورجاله ثقات غير عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، صدوق. قال الهيثمي 1/ 148: فيها عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، وهو ضعيف، وقد وُثّق. وللحديث شواهد كثيرة في الصحيحين.
(2)
المسند 1/ 530 (500)، ومن طريق شعبة في البخاري 9/ 74 (5027) ويحيى بن سعيد من رجال الشيخين.
(3)
المسند 1/ 463 (401)، ومن طريق مالك أخرجه مسلم 2/ 1030 (1409).
(4)
المسند 1/ 487 (431). ومن طريق شعبة في مسلم 2/ 896 (1223)، وروح من رجال الشيخين. ولم يُنبّه على إخراج مسلم له.
أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من صلّى العِشاء في جماعة فهو كمن قامَ نصفَ الليل، ومن صلّى الصبح في جماعة فهو كمن قام الليلَ كلَّه".
انفرد بإخراجه مسلم (1).
(5260)
الحديث التاسع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدّثنا يونس - يعني ابن عبيد قال: حدّثني عطاء بن فَرُّوخ مولى القرشيّين:
أن عثمان اشترى من رجلٍ أرضًا، فأبطأ عليه، فلَقِيَه، فقال: ما منعَك من قبض مالِك؟ قال: إنّك غَبَنْتَني، فما ألقَى من النّاس أحدًا إلا وهو يلومني. قال: أوَ ذلك يمنَعُك؟ قال: نعم. قال: فاختَرْ بين أرضك ومالك. ثم قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أدْخَلَ اللَّهُ الجنّة رجلًا كان سَهلًا، مشتريًا، وبائعًا، وقاضيًا، ومُقتَضيًا"(2).
(5261)
الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا يونس بن عُبيد عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة قال:
كنتُ مع ابن مسعود وهو عند عثمان، فقال له عثمان: ما بقي للنساء منك؟ قال: فلمّا ذكر النساء قال ابن مسعود: ادْنُ يا علقمة. قال: وأنا رجلٌ شابٌّ. فقال عثمان: خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على فتيةٍ من المهاجرين، فقال:"من كان منكم ذا طَوْل فليتزوَّجْ، فإنّه أغضُّ للطَّرْف، وأحصنُ للفَرج، ومن لا، فإنّ الصومَ له وِجاء"(3).
(5262)
الحديث الحادي عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا جرير ابن حازم قال: سمعتُ محمد بن عبد اللَّه بن أبي يعقوب يحدّث عن رباح قال:
(1) المسند 1/ 469 (409). ومحمد بن إبراهيم التيميّ ثقة، لم يدرك عثمان، فروايته هذه عنه مرسلة. وقد روى الإمام مسلم الحديث من طريق عثمان بن حكيم عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان 1/ 454 (656). وهذه الطريق في المسند 1/ 468 (408).
(2)
المسند 1/ 469 (410) والمسند منه في النسائي 7/ 318. وأخرج المسند منه ابن ماجة من طريق يونس ابن عبيد 2/ 742 (2202) قال البوصيري: رجال إسناده ثقات، إلّا أنّه منقطع، لأنّ عطاء بن فرّوخ لم يلق عثمان بن عفّان، قاله علي بن المديني في "العلل". وبهذا أعلّه المحقّقون. وينظر الصحيحة 3/ 177 (1181).
(3)
المسند 1/ 470 (411). حديث صحيح، وإسناده صحيح. والحديث مشهور من رواية إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس النخعي عن عبد اللَّه بن مسعود. ينظر الجمع - مسند ابن مسعود 1/ 210 (228)، والتحفة - مسند ابن مسعود 3/ 96 (9427). وقد رواه بالوجهين النسائي 4/ 170، 171.
زوَّجَني أهلي أمَةً لهم روميَة، فوَلَدت لي غلامًا أسودَ، فعَلِقَها عبدٌ روميٌّ يقال له يُوحَنّس، فجعل يُراطِنُها بالروميّة، فحَمَلَت، وقد كانت ولَدَت لي غلامًا أسود مثلي، فجاءت بغلام كأنّه وَزَغة من الوِزغان (1)، فقلت لها: ما هذا؟ فقالت: هو من يوحَنّسَ. فسألت يوحَنّسَ فاعترفَ، فأتيتُ عثمان بن عفّان فذكرتُ ذلك له، فأرسل إليهما، فسألَهما، ثم قال: سأقضي بينكما بقضاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الولدُ للفِراش، وللعاهر الحَجَر" فألحقَه بي. قال: فجلدَهما، فولَدَت لي بعد ذلك غلامًا أسود (2).
(5263)
الحديث الثاني عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو قَطَن حدّثنا يونس - يعني ابن أبي إسحق عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:
أشرف عثمانُ من القصر وهو محصور، فقال: أَنْشُدُ باللَّه من شهد (3) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول يوم حِراء إذِ اهتزّ الجبلُ، فرَكَلَه برجله ثم قال:"اسكُنْ حِراءُ، فليس عليك إلا نَبِيٌّ أو صِدّيق أو شهيد" وأنا معه، فانتشدَ له رجال.
فقال: أنشُد باللَّه من شَهِدَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرِّضوان إذ بَعَثَني إلى المشركين، إلى أهل مكّة، قال:"هذه يدي، وهذه يدُ عثمان" فبايعَ لي، فانتشد له رجال.
قال: أنْشُدُ باللَّه من شَهِدَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ يُوَسِّعُ لنا بهذا البيت في المسجد ببيت له في الجنّة؟ " فابْتَعْتُه من مالي فوسَّعْتُ به المسجد، فانتشدَ له رجال.
قال: وأنشُدُ باللَّه من شَهِدَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم جيش العُسرة قال: "مَن يُنْفِقُ اليوم نَفَقةً مُتَقَبَّلةً؟ " فجهّزْتُ نصفَ الجيش من مالي، قال: فانتشد له رجال.
وأنْشُدُ باللَّه من شهد رُومة يُباع ماؤُها ابنَ السبيلَ، فابْتَعْتُها من مالي فأبَحْتُها ابنَ
(1) هي من الزّواحف، تسمّى سامّ أبرص، تميل إلى الشُّقرة.
(2)
المسند 1/ 511 (467). وفي إسناده رباح وهو مجهول. التقريب 1/ 170. وأخرجه أحمد 1/ 475 (416) من طريق محمد بن عبد اللَّه بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد عن رباح. وجعلوا رواية ابن أبي يعقوب عن رباح منقطعة. وبدون ذكر الحسن بن سعد في الطيالسي 15 (86)، وبذكره في سنن أبي داود 2/ 283 (2275). ومال المحقّقون إلى تضعيف إسناده، وضعّفه الألباني.
(3)
في الأصل: "سمع" وما أثبت من المسند، ومن سائر فقر الحديث.
السبيل. قال: فانتشد له رجال (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهْز قال: حدّثنا أبو عَوانة قال: حدّثنا حُصين عن عمرو بن جاوان قال: قال الأحنف:
انطلَقْنا حجّاجًا، فمرَرْنا بالمدينة، فبينما نحن في منزلنا إذ جاءَنا آتٍ فقال: الناسُ من فَزَعٍ في المسجد، فانطلَقْتُ أنا وصاحبي، فإذا النّاس مجتمعون على نفرٍ في المسجد. قالَ: فَتَخَلَّلْتُهم حتى قُمْتُ عليهم، فإذا علي بن أبي طالب والزُّبير وطلحة وسعد بن أبي وقّاص، قال: فلم يكن ذلك بأسرعَ من أن جاء عثمانُ يمشي، فقال: أهاهنا عليّ؟ قالوا: نعم. قال: أهاهنا الزُّبير؟ قالوا: نعم. قال: أهاهنا طلحة؟ قالوا: نعم. قال: أهاهنا سعد؟ قالوا: نعم. قال: أنْشُدُكم باللَّه الذي لا إله إلا هو، أتعلمون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ يبتاعُ مِربَدَ بني فلان - غَفَرَ اللَّهُ له" فابْتَعْتُه، فأتيْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: إنّي قد ابتَعْتُه، فقال:"اجعلْه في مسجدنا وأجرُه لك"؟ قالوا: نعم.
قال: أنْشُدُكم باللَّه، أتعلمون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"مَن يبتاعُ بئرَ رُومة" فابْتَعْتُها بكذا وكذا، فأتيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلتُ: إني قد ابْتَعْتها، فقال:"اجعلْها سِقايةً للمسلمين وأجرُها لك"؟ قالوا: نعم.
قال: أنْشُدُكم باللَّه الذي لا إله إلّا هو، أتعلمون أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم يومَ جيش العُسْرة، فقال:"من يُجَهِّزُ هؤلاء - غَفَرَ اللَّهُ له" فجَهّزْتُهم حتى ما يَفْقِدون خطامًا ولا عِقالًا؟ قالوا: نعم. قال: اللهمّ اشهدْ، اللهّم اشهدْ، ثم انصرف (2).
(1) المسند 1/ 478 (420) ورجاله رجال الشيخين. ومن طريق عيسى بن يونس عن أبيه أخرجه النسائي 6/ 236. ثم رواه بإسناد آخر إلى أبي عبد الرحمن السلمي. ومن طريق يونس أخرجه ابن أبي عاصم في السنة 2/ 877 (1344). ومن طريق أبي عبد الرحمن السلمي أخرجه الترمذي 5/ 584 (3699) وقال: حسن صحيح غريب، وصحّحه ابن حبّان 15/ 348 (6916). وأخرج البخاري جزءًا من الحديث تعليقًا عن أبي الرحمن السلمي 6/ 405 (2778). وقد صحّح شاكر والألباني ومحقّقو المسند حديث عثمان هذا.
(2)
المسند 1/ 535 (511) وفيه "اللهم اشهد" مرّة ثالثة. ورجاله رجال الصحيح غير ابن جاوان، قال عنه ابن حجر: مقبول. ووثّقه ابن حبّان. وروي الحديث من طريق حصين في النسائي 6/ 233، 234، وابن أبي عاصم 2/ 872، 873 (1338، 1839)، وصحّحه ابن حبّان 15/ 361 (6920)، وابن خزيمة مختصرًا 4/ 119 (2487). وصحّحه الألباني والمحقّقون.
(5264)
الحديث الثالث عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن إسماعيل قال: قال قيس: حدّثني أبو سهلة: أن عثمان قال يوم الدّار حين حُصِر:
إنّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إليّ، فأنا صابر عليه.
قال قيس: فكانوا يرَونه ذلك اليوم (1).
(5265)
الحديث الرابع عشر: حدّثنا عبد اللَّه قال: حدّثنا عُبيد اللَّه بن عمر قال: حدّثنا عثمان بن عمر قال: حدّثنا عِمران بن حُدير عن عبد الملك بن عُبيد عن حُمران بن أبان عن عثمان بن عفّان:
أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من عَلِمَ أن الصلاة حقٌّ واجبٌ دخلَ الجنّة"(2).
(5266)
الحديث الخامس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا عبد الوارث قال: حدّثنا أيوب بن موسى قال: حدّثني نُبَيه بن وهب:
أن عمر بن عُبيد اللَّه بن مَعمر رَمِدَتْ عينُه وهو مُحرم، فأرادَ أن يُكَحِّلَها، فنهاه أبان بن عثمان، وأمرَه أن يُضَمِّدَها بالصَّبِر، وزعم أن عثمان حدَّث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنّه فعل ذلك.
انفرد بإخراجه مسلم (3).
(5267)
الحديث السادس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحَدَثان قال:
(1) المسند 1/ 467 (407). والترمذي 5/ 590 (3711) وقال: صحيح غريب، لا نعرفه إلّا من حديث إسماعيل بن أبي خالد. وأخرجه ابن ماجة 1/ 42 (113) مع حديث لعائشة رضي الله عنها، قال البوصيري: إسناده صحيح، رجاله ثقات. وصحّحه ابن حبّان 15/ 356 (6918). والألباني والمحقّقون.
(2)
المسند 1/ 481 (423). وفي طبعة الميمنية وشاكر أنّه من رواية الإمام أحمد.
وقد ضعّف المحقّقون إسناده لجهالة عبد الملك بن عُبيد السَّدوسي - التقريب 1/ 367. وأخرجه الحاكم من طريق عثمان بن عمر وروح بن عبادة عن عمران بن حدير 1/ 72، وسكت عنه هو والذهبي. وقال الهيثمي 1/ 293: رجاله موثّقون.
(3)
المسند 1/ 510 (465)، ومسلم 2/ 863 (1204) من طريق عبد الوارث، ومن طرق أُخر. وعفّان من رجال الشيخين.
أرسل إليَّ عمرُ بن الخَطّاب، فبينا أنا كذلك إذ جاءه مولاه يَرْفَأ فقال: هذا عثمان وعبد الرحمن وسعد والزّبير بن العوّام -قال: فلا أدري أذكر طلحة أم لا- يستأذنون عليك. قال: ائذن لهم. ثم مكثَ ساعةً، ثم جاء فقال: هذا العبّاس وعليٌّ يستأذنان عليك، فقال: ائذن لهما. فلما دخل العباس قال: يا أميرَ المؤمنين، اقضِ بيني وبين هذا، وهما حينئذٍ يختصمان فيما أفاء اللَّه على رسوله من أموال بني النّضير. فقال القوم: اقضِ بينهما يا أمير المؤمنين وأَرِحْ كلَّ واحدٍ منهما من صاحبه، فقد طالت خصومتُهما.
فقال عمر: أَنْشُدُكم باللَّه الذي بإذنه تقومُ السمواتُ والأرض، أتعلمون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا نُورَث، ما تَرَكْنا صدقة"؟ قالواْ قد قال ذلك، وقال لهما مثل ذلك، فقالا: نعم.
قال: فإني سأخبركم عن هذا الفَيء: إنّ اللَّه خصَّ نبيَّه صلى الله عليه وسلم منه بشيءٍ لم يُعْطِه غيرَه، فقال:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] فكانت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خاصّة. واللَّه ما احتازَها دونَكم، ولا استأثَرَ بها عليكم (1)، فكان يُنْفق على أهله منه سنةً ثم يجعل ما بقي منه مَجْعَل مال اللَّه، فلما قُبِض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: أنا وليُّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعده، أعمل فيها بما كان يعملُ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فيها (2).
إنما ذُكر هذا الحديث في مسند عثمان لقول عمر: أنشدكم، أتعلمون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال كذا؟ قالوا: قد قال ذلك. وهذا الحديث يدخل في مسند عمر وعبد الرحمن وسعيد والزبير والعبّاس.
وقد سبق نحوه في مسند أبي بكر (3).
(5268)
الحديث السابع عشر: حدّثنا [عبد اللَّه بن](4) أحمد قال: حدّثني
(1) في المسند بعد هذه "لقد قسمها بينكم، وبثَّها فيكم، حتى بقي منها هذا المال".
(2)
المسند 1/ 482 (425). وقد رُوي الحديث في الصحيحين: ففي مسلم 3/ 1376 - 1379 (1757) من طريق عبد الرزّاق ومن طرق أُخر. وفي البخاري 6/ 197 (3094) من طريق الزهري. وله طرق في البخاري - ينظر أطرافه 6/ 97 (2904).
(3)
ينظر الحديث (3298).
(4)
في الأصل: "حدّثنا أحمد". والمثبت من طبعات المسند، والأطراف 4/ 301. وأبو معمر، إسماعيل بن إبراهيم بن معمر، من شيوخ عبد اللَّه، وروى عنه البخاري ومسلم.
إسماعيل أبو معمر، حدّثنا يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن أميّة عن موسى بن عمران بن مَنّاح عن أبان بن عثمان بن عفّان عن عثمان:
أنّه رأى جنازة فقام لها، وقال: رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى جنازة فقام لها (1).
(5269)
الحديث الثامن عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عثمان بن عمر قال: حدّثنا ابن أبي ذئب [قال عبد اللَّه]: وحدّثنا محمد بن أبي بكر (2) قال: حدّثنا خالد بن الحارث حدّثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن عبد اللَّه بن قارظ عن أبي عُبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر قال:
شَهِدتُ عليًّا وعثمان في يوم الفطر والنحر يُصَلّيان، ثم ينصرِفان فيذكِّران النّاسَ، فسَمِعْتُهما يقولان: نَهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن صيام هذين اليومين.
زاد عثمان بن عمر: سمعتُ عليًّا يقول: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يبقى من نُسُكِكم عندكم شيءٌ بعد ثلاث (3).
(5270)
الحديث التاسع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا روح قال: حدّثنا كَهْمَس عن مُصعب بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير قال: قال عثمان بن عفّان وهو يخطُبُ على منبره:
أنّي مُحَدِّثُكُم حديثًا سَمِعْتُه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ما كان يمنعُني أن أحدِّثَكم به إلّا الضَّنُّ عليكم، وإنّي سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"حَرَسُ ليلةٍ في سبيل اللَّه أفضلُ من ألف ليلةٍ يُقامُ ليلُها ويُصامُ نهارُها"(4).
(1) المسند 1/ 483 (426). قال الهيثمي 3/ 30: فيه موس بن عمران، ولم أجد من ترجمه بما يشفي. وقد ضعّف محقّقو المسند إسناده لسوء حفظ يحيى بن سليم، ولأن موسى لم يوثّقه غير ابن حبّان، وذكروا شواهد تحسّنه. أما الشيخ أحمد شاكر فصحّح إسناده.
(2)
كتب على الحاشية: "محمد بن أبي بكر من شيوخ عبد اللَّه". وهو تنبيه إلى سقط في الإسناد.
(3)
للحديث إسنادان: 1/ 489 (435) عن أحمد عن عثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب عن سعيد، 1/ 484 (427) عن عبد اللَّه عن محمد بن أبي بكر عن خالد بن الحارث عن ابن أبي ذئب عن سعيد. والإسنادان صحيحان، وللحديث شواهد صحيحة.
(4)
المسند 1/ 488 (433)، وإسناده ضعيف لضعف مصعب بن ثابت، وهو لم يدرك عثمان. والحديث في سنن ابن ماجة 2/ 924 (2766)، والمعجم الكبير 1/ 91 (145)، وصحّح الحاكم إسناده 2/ 81، ووافقه الذهبي وفيها: عن مصعب عن عبد اللَّه عن عثمان. ومصعب لم يدرك ابن الزبير أيضًا.
(5271)
الحديث العشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الكبير بن عبد المجيد أبو بكر الحنفي قال: حدّثنا عبد الحميد يعني ابن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان بن عفّان قال:
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من بنى للَّهِ مسجدًا بنى اللَّهُ له مثلَه في الجنّة".
أخرجاه (1).
(5272)
الحديث الحادي والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا حمّاد بن زيد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن أبي أُمامة بن سهيل قال:
كُنّا مع عثمان وهو محصور في الدّار، فدخلَ مَدْخلًا كان إذا دخلَه يَسمعُ كلامه مَن على البلاط. قال: فدخلَ ذلك المَدْخلَ وخرج إلينا فقال: "إنّهم يتوعّدوني بالقتل آنفًا. قال: قلنا: يكفيكَهم اللَّهُ يا أمير المؤمنين. قال: وبِمَ يقتلونني؟ سَمِعْتُ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَحِلُّ دمُ امرىءٍ مسلم إلّا بإحدى ثلاث: رجل كفَرَ بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتلَ نفسًا فقُتِل بها". فواللَّه ما أحْبَبْتُ أنّ لي بدِيني بَدَلًا منذُ هَداني اللَّه، ولا زَنَيْتُ في جاهلية ولا إسلام قطُّ، ولا قَتلتُ نَفسًا، فبِمَ يقتلونني! ؟ (2).
(5273)
الحديث الثاني والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثنا حُريث بن السائب قال: سمعت الحسن يقول: حدّثني حُمران عن عثمان بن عفّان:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كلُّ شيءٍ سوى ظِلِّ بيتٍ، وجلْف الخبز، وثوبٍ يواري عورته، والماءِ، فما فَضَلَ من هذا فليس لابن آدمَ فيهنّ حقّ"(3).
(1) المسند 1/ 489 (434). ومن طريق عبد الحميد بن جعفر في مسلم 1/ 378 (533) وأبو بكر الحنفي من رجال الشيخين. وأخرجه مسلم - السابق، والبخاري 1/ 544 (450) من طريق عبيد اللَّه الخولاني عن عثمان.
(2)
المسند 1/ 491 (437) ورجاله رجال الشيخين. وأخرجه أبو داود 4/ 170 (4502)، وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي 4/ 350 ومن طريق حمّاد بن زيد أخرجه ابن ماجة 2/ 847 (2533) والنسائي 7/ 91، والترمذي 4/ 400 (2158). وقال: الترمذي: حديث حسن. وصحّحه المحقّقون والألباني.
(3)
المسند 1/ 493 (440)، والترمذي 4/ 494 (2341). قال: هذا حديث حسن صحيح. وصحّح الحاكم إسناده 2/ 314، ووافقه الذهبي. وذكر ابن الجوزي الحديث في العلل 2/ 798 (1334)، وقال: هذا حديث لا يصحّ. ثم نقل أن هذا الحديث عن أهل الكتاب. وضعّف محقّقو المسند إسناد الحديث. وتحدّث عنه الألباني في الضعيفة 3/ 175 (1063)، وحكم عليه بأنه منكر.
وجِلف الخبز: فسّره الترمذي نقلًا عن النضر: الخبز الذي لا إدام معه. وقيل: هو الخبز الغليظ اليابس. ينظر النهاية 1/ 287.
(5274)
الحديث الثالث والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الوليد بن مسلم قال: حدّثني شعيب أبو شيبة قال: سمعت عطاء الخراساني يقول: سمعتُ سعيد بن المسيّب يقول:
رأيتُ عثمان قاعدًا في المقاعد، فدعا بطعام ممّا مسَّته النارُ فأكله، ثم قام إلى الصلاة فصلّى، ثم قال عثمان: قعدتُ مَقْعَدَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأكلْتُ طعام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وصلَّيْتُ صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
(2575)
الحديث الرابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد يعني مولى بني هاشم قال: حدّثنا عِكرمة بن إبراهيم الباهلي قال حدّثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي ذُباب عن أبيه:
أن عثمان بن عفّان صلّى بمنى أربع ركعات، فأنكره النّاس عليه، قال: يا أيّها النّاس، إني تأهَّلْتُ بمكّة منذُ قَدِمْتُ، وإنّي سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من تأهَّلَ في بلدٍ فليُصَلِّ صلاة المقيم"(2).
(5276)
الحديث الخامس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدّثنا عبد اللَّه بن لهيعة قال: حدّثنا موسى بن وَردان قال: سمعتُ سعيد ابن المسيَّب يقول: سمعت عثمان يخطب على المنبر وهو يقول:
كنت أبتاعُ التمر من بطن من اليهود يقال لهم بنو قَيْنُقاع، وأبيعه بربح، فبلغ ذلك رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"يا عثمان، إذا اشتريتَ فاكْتَلْ، وإذا بِعْتَ فكِلْ"(3).
(1) المسند 1/ 532 (505). وقد صحّح الشيخ أحمد شاكر إسناده. أما محقّقو المسند فحسّنوه لغيره، لأن شعيب بن رُزيق مختلف فيه، وعطاء صدوق، ولكنه كثير الإرسال.
(2)
المسند 1/ 496 (443)، قال الهيثمي 2/ 159: فيه عكرمة بن إبراهيم، وهو ضعيف. وقد ضعّف المحقّقون وشاكر إسناده.
(3)
المسند 1/ 497 (444). وقد حسّن المحقّقون إسناده، لروايته من تُقبل روايته عن ابن لهيعة. وقال الهيثمي 4/ 101: رواه ابن ماجة باختصار، ورواه أحمد، وإسناده حسن. وصحّحه الألباني في الإرواء 5/ 179 (1330).
(5277)
الحديث السادس والعشرون: حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدّثني محمد بن إسحق المسيَّبيّ قال: حدّثنا أنس بن عياض عن أبي مودود عن محمد بن كعب عن أبان بن عثمان عن عثمان:
أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من قال: بسم اللَّه الذي لا يَضُرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرّات، لم تَفْجَأه فاجئةُ بلاءٍ حتى الليل، ومن قالها حين يُمسي لم تَفْجأه فاجئةُ بلاء حتى يُصبحَ إن شاء اللَّه"(1).
(5278)
الحديث السابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الوهاب الخَفّاف قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسار عن حُمران بن أبان أن عثمان بن عفّان قال:
سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّي لأعلمُ كلمةً لا يقولها عبدُ حقًّا من قلبه إلّا حُرِّم على النّار" فقال عمر بن الخطّاب: أنا أُحَدِّثكم ما هي: هي كلمة الإخلاص، التي ألزمَها اللَّهُ تعالى محمّدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهي كلمة التَّقوى التي ألاصَ عليها نبيُّ اللَّهُ صلى الله عليه وسلم عمَّه أبا طالب عند الموت: شهادة أن لا إله إلا اللَّه" (2).
معنى ألاصَ عليها عمَّه: أراده عليها.
(5279)
الحديث الثامن والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زكريا بن عديّ حدّثنا علي بن مُسْهِر عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان -وما إخاله يُتَّهَمُ علينا- قال:
أصاب عثمانَ رُعافٌ سنةَ الرُّعاف حتى تَخلَّف عن الحجّ وأوصى، فدخل عليه رجلٌ من قريش فقال: اسْتَخْلِفْ. قال: وقالوه؟ قال: نعم. قال: من هو؟ قال: فسكت قال: ثم دخل عليه رجل آخر، فقال له مثلَ ما قال له الأوّل، وردّ عليه نحو ذلك، قال: فقال عثمان: قالوا: الزّبير؟ قال: نعم. قال: أما والذي نفسي بيده، إنّ كان لخيرَهم -ما عَلِمْتُ- وأَحبَّهم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
(1) المسند 1/ 546 (528). وصحّح شاكر والمحقّقون إسناده. وهو من طرق أنس في سنن أبي داود 4/ 323 (5089)، وصحيح ابن حبّان 3/ 132 (852). وله طرق أُخر ذكرها محقّقو المسند وابن حبّان، وينظر المسند 1/ 498 (446).
(2)
المسند 1/ 499 (447). وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 351. وصحّح الشيخ شاكر إسناده. وينظر تعليق محقّقي المسند.
انفرد بإخراجه البخاري (1).
(5280)
الحديث التاسع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عُبيد اللَّه بن محمد ابن حفص بن عمر التَّيمي قال: سمعْتُ أبي يقول: سمعت عمّي عُبيد اللَّه بن عمر بن موسى يقول:
كنتُ عند سليمان بن عليّ، فدخلَ شيخٌ من قريش، فقال سليمان: انْظُرِ الشيخَ، فأقْعِدْه مَقْعدًا صالحًا، فإن لقريش حقًّا. فقلت: أيُّها الأمير، ألا أُحَدِّثُك حديثًا بلَغني عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى. قال: قلت له: بلغَني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من أهان قُريشًا أهانَه اللَّه". قال: سبحان اللَّه، ما أحسن هذا! من حدّثك هذا؟ قال: قلت: حدَّثَنيه ربيعةُ ابن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيَّب عن عمرو بن عثمان بن عفّان، قال: قال أبي: يا بُنيّ، إن وُلِّيتَ من أمر النّاس شيئًا فأكْرم قريشًا، فإني سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"مَن أهان قريشًا أهانَه اللَّهُ"(2).
(5281)
الحديث الثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان الورّاق: حدّثنا يعقوب عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أَبْزَى عن عثمان بن عفّان قال:
قال له عبد اللَّه بن الزّبير حين حُصِر: إنّ عندي نجائبَ (3) قد أعددْتها لك، فهل لك أن تَحوَّلَ إلى مكة فيأتيَك من أراد أن يأتيَك؟ قال: لا، إني سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"يُلْحِدُ بمكَّة كبشٌ من قريش اسمه عبدُ اللَّه، عليه مِثلُ نصف أوزار النّاس"(4).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا علي بن عيّاش قال: حدّثنا الوليد بن مسلم قال: وأخبرني الأوزاعيّ عن محمد بن عبد الملك بن مروان أنّه حدّثه عن المغيرة بن شعبة:
(1) المسند 1/ 504 (455)، والبخاري 7/ 79 (3717) من طريق علي بن مسهر. وزكريا من رجال مسلم، ثقة.
(2)
المسند 6/ 501 (460). والسنة 2/ 998 (1548)، وصحيح ابن حبّان 14/ 165 (6269) - ووثّق الهيثمي رجاله 10/ 30. وحسّنه محقّقو المسند والسّنّة لغيره، وصحّح الشيخ شاكر إسناده.
(3)
النجائب: الإبل المختارة المنتقاة.
(4)
المسند 1/ 507 (461). وضعّف المحقّقون إسناده، وأنكروا متنه.
قال ابن كثير في البداية 8/ 339: هذا حديث منكر جدًّا، وفي إسناده ضعف، ويعقوب هذا هو القمّي، وفيه تشيّع، ومثل هذا لا يقبل تفرّده به. وبتقدير صحّته فليس هو بعبد اللَّه بن الزبير.
أنّه دخل على عثمان وهو محصور فقال: إنّك إمام العامّة، وقد نزلَ بك ما ترى، وإني أَعْرِضُ عليك خِصالًا ثلاثًا، اخترْ إحداهنّ: إما أن تخرجَ فتقاتلَهم؟ فإن معك عَدَدًا وقوة، وأنت على الحقّ وهم على الباطل، وإما أن نخرِقَ لك بابًا سوى الباب الذي هم عليه، فتَقعدَ على رواحلك فتلحق بمكّة، فإنّهم لن يستحلّوك وأنت بها، وإمّا أن تلْحَقَ بالشام، فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية.
فقال عثمان: فأما أن أخْرُجَ فأقاتلَ، فلن أكونَ أوّل من خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أمّته بسفك الدّماء وأما أن أخرُجَ إلى مكّة فإنهم لن يَستحلّوني بها، فإني سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"يُلْحِدُ رجلٌ من قريش بمكّة يكون عليه نصف عذاب العالم" فلن أكون أنا. وأما أن ألحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية، فلن أُفارقِ دار هجرتي ومجاورةَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
(5282)
الحديث الحادي والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة قال: سمعْت خالدًا عن أبي بشر العَنبري عن حُمران بن أبان عن عثمان ابن عفّان:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وهو يعلمُ أن لا إله إلا اللَّه دخل الجنّة"(2).
(5283)
الحديث الثاني والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن عبد اللَّه ابن الزبير، حدّثنا مَسَرَّة بن مَعْبد عن يزيد بن أبي كبشة عن عثمان بن عفّان قال:
جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إنّي صلّيْتُ فلم أدْرِ أَشَفَعْتُ أم أَوْتَرْتُ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إيّايَ وأنْ يتلعّبَ بكم الشيطانُ في صلاتكم، من صلّى منكم فلم يَدْرِ
(1) المسند 1/ 519 (481). قال ابن حجر في التعجيل 371: وما أظنّ روايته عن المغيرة إلّا مرسلة. وقال الهيثمي في المجمع 1/ 333 بعد أن ذكر الحديث: رواه أحمد، ورجاله ثقات، إلّا أن محمد بن عبد الملك ابن مروان لم أجد له سماعًا من المغيرة. وقد جرى شاكر ومحقّقو المسند على هذا الحكم.
(2)
المسند 1/ 509 (464).
قد ورد في الأصل "خالدًا المغيري" وفوقها تصحيح لها غير واضح. وأشار شاكر ومحقّقو المسند إلى رواية "العنبري" و"العنزي" وأنه ليس صوابًا، وأنه خالد الحذّاء.
والحديث في مسلم 1/ 55 (26) من طريق خالد عن أبي بشر العنبري الوليد بن مسلم عن حمران به.
أشَفَعَ أم أوترَ فليسجد سجدتين، فإنّهما تمامُ صلاته" (1).
(5284)
الحديث الثالث والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا أبو جعفر الرازي عن عبد العزيز بن عمر عن صالح بن كيسان عن رجل عن عثمان بن عفّان قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يَخْرُجُ من بيته يريدُ سفرًا أو غيره، فيقول حين يخرج: باسم اللَّه، آمَنْتُ باللَّه، اعْتَصَمْتُ باللَّه، توكَّلتُ على اللَّه، لا حولَ ولا قوّةَ إلّا باللَّه، إلّا رُزِقَ خيرَ ذلك المخرجِ، وصُرِفَ عنه شرُّ ذلك المخرجِ"(2).
(5285)
الحديث الرابع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن بن موسى قال: حدّثنا عبد اللَّه بن لهيعة قال: حدّثنا أبو قَبيل قال: سمعتُ مالك بن عبد اللَّه الزَّبادي (3) يحدّث عن أبي ذرّ:
أنّه جاء يستأذن على عثمان عفّان، فأذِنَ له وبيده عصاه، فقال عثمان: يا كعب، إنّ عبد الرحمن توفّي وترك مالًا، فما ترى فيه؟ قال: إن كان يَصِلُ فيه حقَّ اللَّه فلا بأس به. فرفع أبو ذرّ عصاه فضرب كعبًا، وقال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أُحِبُّ لو أن لي هذا الجبلَ ذهبًا أُنْفِقُه ويُتَقَبَّلُ مني، أَذَرُ خلفي منه شيئًا"(4) وإني أنشُدُك اللَّه يا عثمان، أَسَمِعْتَه - ثلاث مَرّات؟ قال: نعم (5).
(5286)
الحديث الخامس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرنا أبو سِنان عن يزيد بن مَوْهب:
(1) المسند 1/ 500 (450). قال الهيثمي 2/ 153: رواه أحمد من طريق يزيد عن أبي كبشة عن عثمان، ويزيد لم يسمع من عثمان. وقد حسّنه محقّقو المسند.
(2)
المسند 1/ 513 (471) وإسناده ضعيف، فالراوي عن عثمان مجهول. وبقيّة رجاله ثقات. الترغيب 2/ 457 (2390)، والمجمع 10/ 131.
(3)
ذكره ابن حجر في التعجيل 388. ونقل أن فيه تحريفًا، وأن الصواب البردادي. وينظر تعليق شاكر ومحقّقي المسند.
(4)
في المسند "أذرُ منه ستّ أواق".
(5)
المسند 1/ 502 (453). قال الهيثمي: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وقد ضعّفه غير واحد - المجمع 10/ 242. وقد ضعّفه محقّقو المسند لضعف ابن لهيعة، وجهالة مالك بن عبد اللَّه.
أن عثمان قال لابن عمر: اقضِ بين النّاس. فقال: لا أقضي بين اثنين، ولا أؤمُّ رجلين، أما سمعتَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول:"من عاذ باللَّه فقد عاذ بمَعاذ" قال عثمان: بلى، قال: فإنّي أعوذُ باللَّه أن تستعمِلَني، فأعفاه وقال: لا تُخبر بهذا أحدًا (1).
(5287)
الحديث السادس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثنا القاسم بن الفضل قال: حدّثنا عمرو بن مرّة عن سالم بن أبي الجعد قال:
دعا عثمان ناسًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيهم عمّار بن ياسر فقال: إنّي سائلكم، وإنّي أحبُّ أن تَصْدُقوني، نَشَدْتُكم باللَّه، أتعلمون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يُؤْثِرُ قريشًا على سائر النّاس، ويؤثِرُ بني هاشم على سائر قريش؟ فسكت القوم، فقال عثمان: لو أن بيدي مفاتيحَ الجنّة لأعطيْتُها بني أُميّة حتى يَدخلوها من عند آخرهم.
وبعث إلى طلحة والزُّبير فقال: ألا أُحَدِّثُكما عنه - يعني عمّارًا:
أقبلتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم آخذًا بيدي نمشي في البطحاء، حتى أتى على أبيه وأُمّه وعليه يُعَذَّبون، فقال أبو عمّار: يا رسول اللَّه، الدَّهرَ هكذا؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"اصْبر" ثم قال: "اللهمّ اغفِرْ لآل ياسر، وقد فَعَلْتَ"(2).
(5288)
الحديث السابع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو المغيرة قال: حدّثنا أرطاة -يعني ابن المنذر- قال أخبرني أبو عون الأنصاري:
أن عثمان بن عفّان قال لابن مسعود: هل أنت مُنتهٍ عفّا بلَغَني عنك؟ فاعتذر بعضَ العذر، فقال عثمان: ويحَك، إني سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحفظتُ، وليس كما سمعتَ، إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"سيُقْتَلُ أميرٌ ويَنْتَزي مُنْتَزٍ"(3) وإنّي أنا المقتول وليس عمر، إنما قتلَ عمرَ واحدٌ، وإنّه يُجْتَمعُ عليّ (4).
(1) المسند 1/ 515 (475). وحسّنه المحقّقون لغيره، وضعّفوا إسناده. وأطال أحمد شاكر في التعليق على إسناده.
(2)
المسند 1/ 492 (439). قال الهيثمي 9/ 295. رجاله رجال الصحيح. ولكن سالم بن أبي الجعد لم يُدرك عثمان، وقد حكم المحقّقون بانقطاعه، وذكروا شواهد للدعاء لآل ياسر.
(3)
ينتزي: يسرع إلى الشر.
(4)
المسند 1/ 518 (479). قال الهيثمي 7/ 230: رجاله ثقات. وأشار شاكر والمحقّقون إلى أن أبا عون، عبد اللَّه بن أبي عبد اللَّه لم يدرك عثمان، فهو منقطع.
(5289)
الحديث الثامن والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا الحسين -يعني المُعَلِّم- عن يحيى - يعني ابن أبي كثير قال: أخبرني أبو سلَمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد الجُهَني أخبره.
أنّه سأل عثمان، قلت: أرأيْتَ إن جامعَ امرأتَه ولم يُمْنِ؟ فقال عثمان: يتوضّأُ كما يتوضّأُ للصلاة ويغسل ذكرَه. وقال عثمان: سَمِعْتُه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فسألتُ عن ذلك عليَّ بن أبي طالب والزُّبير بن العوّام وطلحة بن عُبيد اللَّه وأبيّ بن كعب، فأمروه بذلك.
أخرجاه في الصحيحين، إلّا أن قوله: فسألْتُ عن ذلك عليّ بن أبي طالب. . . إلى آخره، انفرد بإخراجه البخاري (1).
وهذا الحديث منسوخ بحديث التقاء الختانين (2).
(5290)
الحديث التاسع والثلاثون: حذئنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن سِماك بن حرب قال: سمعْتُ عبّاد بن زاهر قال: سمعْتُ عثمان يخطب فقال:
إنّا واللَّه قد صَحِبْنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في السَّفَر والحَضَر، وكان يعودُ مرضانا، ويَتْبَعُ جنائزَنا، ويغزو معنا، ويُواسينا بالقليل والكثير، وإن أُناسًا يُعَلِّموني عسى أن لا يكونَ أحدُهم رآه قطُّ (3).
(5291)
الحديث الأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن بكر قال: أخبرنا ابن جُريح قال: أخبرني سليمان بن عتيق عن عبد اللَّه بن بابَيه عن بعض بني يعلى بن أُميّة قال:
قال يعلى: طفْتُ مع عثمان، فاسْتَلَمْنا الرُّكن، قال يعلى: فكنتُ ممّا يلي البيتَ، فلما بلغْنا الرُّكن الغربيّ الذي يلي الأسود جَرَرْتُ بيده ليستلم، فقال: ما شأنُك؟ فقلت: ألا
(1) المسند 1/ 499 (448)، ومسلم 1/ 270 (347)، ومن طريق عبد الوارث والد عبد الصمد في البخاري 1/ 396 (292).
(2)
تحدّث ابن الجوزي عن النَّسخ في هذا الحديث، في شرح المشكل 1/ 159. وذكرْت هناك مصادر المسألة.
(3)
المسند 1/ 532 (504). قال الهيثمي في المجمع 3/ 32: رواه البزّار، ورجاله ثقات. ورجال البزّار هم رجال أحمد.
تستلم؟ قال: فقال: ألم تطفْ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى. قال: أرأيْتَه يستلمُ هذين الرّكنيين الغربيّين؟ قلت: لا. قال: أفليس لك فيه أسوةٌ حسنة؟ قلت: بلى. قال: فانْفُذْ عنك (1).
هذا الحديث مذكور في مسند عمر، رواه أحمد عن يحيى وروح، كلاهما عن ابن جُريح، وأن عمر هو القائل لهذا، فيحتمل أن يكون هذه الحالة جرت ليعلى مع عمر وعليّ وعثمان (2).
(5292)
الحديث الحادي والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بِشر بن شُعيب قال: حدّثني أبي عن الزّهري قال: حدّثني عُروة بن الزُّبير أن عبد اللَّه بن عديّ بن الخِيار أخبره أن عثمان بن عفّان قال له:
ابنَ أخي، أدركْتَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقلتُ له: لا، ولكن خَلَصَ إليّ من عمله ما يخلُصُ إلى العذراء في سِترها. قال: فتشهّدَ ثم قال: أمّا بعد، فإنّ اللَّهَ بعثَ محمّدًا بالحقّ، فكنتُ ممّن استجابَ للَّه ولرسوله، وآمنَ بما بُعِثَ به محمّد صلى الله عليه وسلم، ثم هاجَرْتُ الهجرتين كما قُلْتَ، ونِلتُ صِهرَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فواللَّهِ ما عَصَيْتُه ولا غَشَشْتُه حتى توفّاه اللَّه عز وجل.
انفرد بإخراجه البخاري (3).
(5293)
الحديث الثاني والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا معاوية بن عمرو حدّثنا زائدة عن عاصم عن شقيق قال:
لقي عبد الرحمن بن عوف الوليدَ عن عقبةَ، فقال له الوليد: مالي أراك قد جفوتَ أمير المؤمنين عثمان؟ فقال له عبد الرحمن: أبْلِغْه أنّي لم أَفِرَّ يوم عَيْنَين -قال عاصم: يقول: يوم أحد- ولى أتخلّف يومَ بدر، ولم أترُكْ سُنَّة عمر. قال: فانطلق فخبَّرَ ذلك عثمانَ. قال:
(1) المسند 1/ 536 (512). قال الهيثمي 3/ 243: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ينظر مسند عمر 1/ 402 (313) ورواه من طريق آخر، وفيه رجل لم يسمَّ (وهي هذه الرواية). وقد صحّحه محقّقو المسند لغيره.
(2)
ينظر المسند 1/ 365، 402 (253، 303). ومال الشيخ أحمد شاكر إلى التعدّد، واستبعد محقّقو المسند ذلك، ورجّحوا أن يكون ذكر عمر أصحّ.
(3)
المسند 1/ 518 (480). ومن طريق الزهري في البخاري 7/ 53 (3696). وفي 7/ 263 (3927) علّقه عن بشر بن شعيب.
فقال: أمّا قوله: إنّي لم أَفِرَّ يوم عَينين، فكيف يُعَيِّرُني بذلك وقد عفا اللَّه عنه، فقال:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 155]. وأمّا قوله: إنّي تخلّفْتُ يوم بدر، فإني كنتُ أُمَرِّضُ رُقَيَّةَ بنتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى ماتت، وقد ضربَ لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسهمي، ومن ضرب له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسهمه فقد شَهِد. وأمّا قوله: إنّي لم أتركَ سنّة عمر، فإنّي لا أُطيقُها ولا هو، فأْتِه فحدِّثْه بذلك (1).
(5294)
الحديث الثالث والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال: حدّثنا ليث قال: حدّثني غقيل عن ابن شهاب عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعثمان حدّثاه:
أن أبا بكر استأذنَ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو مُضْطَجِعٌ على فراشه، لابسٌ مِرْط عائشة فأَذِنَ لأبي بكر وهو كذلك، فقضى إليه حاجته ثم انصرف. ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته ثم انصرف. قال عثمان: ثم استأذنْتُ عليه، فجلس وقال لعائشة: اجمعي عليكِ ثيابَكِ، فقضيتُ إليه حاجتي ثم انصرفْتُ.
قالت عائشة: يا رسول اللَّه، مالي لم أرَكَ فَزِعْتَ لأبي بكر وعمر كما فَزِعْت لعثمان؟ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنّ عثمانَ رجلٌ حَيِيٌّ، وإني خَشِيتُ إن أذِنْتُ له على تلك الحال ألّا يَبْلُغَ إليّ في حاجته".
وقال الليث: وقال جماعة النّاس: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: "ألا أستحيي ممّن تستحيي منه الملائكة".
انفرد بإخراجه مسلم، ولم يذكر قول الليث (2).
(5295)
الحديث الرابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن عبد اللَّه بن الزّبير قال: حدّثنا عُبيد اللَّه - يعني ابن عبد اللَّه بن مَوْهَب قال: أخبرني عمّي عبيد اللَّه بن
(1) المسند 1/ 525 (490) والمعجم الكبير 1/ 871 (135). قال الهيثمي 7/ 229: فيه عاصم بن أبي النجود، وهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.
(2)
المسند 1/ 538 (514)، ومسلم 4/ 1866 (2403) من طريق الليث. وحجّاج من رجال الشيخين.
وقد روى مسلم: "ألا أستحيي. . . " من حديث عائشة (2401).
عبد الرحمن بن موهب (1) عن أبي هريرة قال:
راح عثمان إلى مكّة حاجًّا، ودخَلَتْ على محمد بن جعفر بن أبي طالب امرأتُه، فبات معها حتى أصبح، ثم غدا عليه رَدْعُ الطِّيب ومِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرة مُفْدَمة (2)، فأدرك النّاسَ بمَلَلٍ قبلَ أن يروحوا، فلمّا رآه عثمان انتهرَه وأفّفَ وقال: أَتَلْبَسُ المُعَصْفَرَ وقد نهى عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقال له عليُّ بن أبي طالب: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يَنْهَهُ ولا إيّاك، إنما نهاني (3).
(5296)
الحديث الخامس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمّه قال: أخبرني صالح بن أبي فَروة أن عامر بن سعد بن أبي وقاص أخبره أنّه سمع أبان بن عثمان يقول: قال عثمان:
سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرأيتَ لو كان بفِناء أحدكم نهرٌ يجري، يغتسل منه كلّ يومِ خمسَ مرّات، ما كان يُبقي من دَرَنه؟ " قالوا: لا شيء. قال: "فإن الصلواتِ تذْهبُ الذنوب كما يُذهِبُ الماءُ الدَّرَنَ"(4).
(5297)
الحديث السادس والأربعون: حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: وجدْتُ في كتاب أبي: حدّثنا محمد بن بشر حدّثنا عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن الأسود عن حُصَين بن عمر عن مخارق بن عبد اللَّه بن جابر الأحمسي عن طارق عن عثمان بن عفّان قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من غشَّ العربَ لم يدخلْ في شفاعتي، ولم تَنَلْه مودّتي"(5).
(1) هكذا في الأصل ونسخ المسند. وقد تركه الشيخ شاكر كما هو، وبيّن صوابه في التعليق، ونسب الخطأ للراوي الزبيري. أما محقّقو المسند فصوّبوه إلى: حدّثنا عبيد اللَّه يعني ابن عبد الرحمن بن موهب. . عمّي عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن موهب. لأن الحديث قد شاع على هذا الوجه المقلوب، ولكنهم جعلوا الخطأ من النسّاخ لا من محمد بن عبد اللَّه الزبيري.
(2)
المفدم: المشبع حمرة.
(3)
المسند 1/ 540 (517). ومحقّقو المسند على تضعيف الإسناد، والشيخ شاكر صحّحه على ما فيه من خطأ. وينظر ما قالوه فيه.
(4)
المسند 1/ 541 (518)، وابن ماجة 1/ 447 (1397) قال البوصيري: رجاله ثقات.
وللحديث شاهد في الصحيحين عن أبي هريرة - الجمع 3/ 80 (2260).
(5)
المسند 1/ 541 (519)، والترمذي 5/ 860 (3928) قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلّا من حديث حصين بن عمر الأحمسي عن مُخارق، وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القويّ. وحكم الألباني على الحديث بأنه موضوع - الضعيفة 2/ 24 (545).
(5298)
الحديث السابع والأربعون: حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدّثني عبّاس ابن محمد وأبو يحيى البزّاز قالا: حدّثنا حجّاج بن نُصير، حدّثنا شعبة عن العوّام بن مُراجم من بني قيس بن ثعلبة عن أبي عثمان النهدي عن عثمان:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الجَمّاء لَتَقْتَصُّ في القَرناء يومَ القِيامة"(1).
(5299)
الحديث الثامن والأربعون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا هارون بن سعيد قال: حدّثنا ابن وهب قال: أخبرني مَخْرَمة عن أبيه قال: سمعْتُ سليمان بن يسار يقول: إنّه سمع مالك بن أبي عامر يحدّث عن عثمان بن عفّان:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا الدّينار بالدّينارين، ولا الدّرهم بالدّرهِمَين".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(5300)
الحديث التاسع والأربعون: حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدّثنا أبو يحيى البزّاز محمد بن عبد الرحيم قال: حدّثنا الحسن بن بشر بن سَلْم الكوفي قال: حدّثنا العبّاس بن الفضل الأنصاريّ عن هشام بن زياد القرشيّ عن أبيه عن مِحْجن مولى عثمان ابن عفّان عن عثمان قال:
سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "أظلّ اللَّهُ عبدًا في ظِلّه يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه، أنْظَرَ مُعْسِرًا، أو ترك لغارم"(3).
(5301)
الحديث الخمسون: حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدّثني يحيى بن مَعين قال: حدّثنا هشام بن يوسف قال: حدّثنا عبد اللَّه بن بَحير القاصّ عن هانىء مولى عثمان قال:
كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يَبُلَّ لحيتَه، فقيل له: تذكرُ الجنّة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا! فقال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "القبرُ أوّلُ منازلِ الآخرة، فإن يَنْجُ
(1) المسند 1/ 542 (520). قال الهيثمي 1/ 355 بعد أن نسبه لأحمد والطبراني والبزار: وفيه الحجّاج بن نُصير، وقد وُثق على ضعفه، وبقيّة رجال البزار رحال الصحيح غير العوام، وهو ثقة وقد ضعّف.
(2)
مسلم 3/ 1209 (1585).
(3)
المسند 1/ 548 (532). قال الهيثمي 4/ 136: وفيه عباس بن الفضل الأنصاري، ونُسب إلى الكذب. وفي هذا كفاية!
منه فما بعده أيسرُ منه، وإنْ لم يَنْجُ منه فما بعده أشدُّ منه".
قال: وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما رأيتُ منظرًا قطٌّ إلّا والقبرُ أفظعُ منه"(1).
(5302)
الحديث الحادي والخمسون: حدّثنا عبد اللَّه بن أحمد قال: حدّثنا عُبَيد اللَّه بن عُمَر القواريري قال: حدّثني القاسم بن الحكم بن أوس الأنصاري قال: حدّثني أبو عبادة الرُّرَقي الأنصاري - من أهل المدينة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال:
شهدْتُ عثمانَ يومَ حُوصر في موضع الجنائز، ولو أُلقِيَ حجرٌ لم يقع إلّا على رأس رجل، فرأيتُ عثمان أشرفَ من الخَوخهَ التي تلي مقام جبريل عليه السلام، فقال: أيّها النّاس، أفيكم طلحةُ؟ فسكتوا. ثم قال: أيّها النّاس، أفيكم طلحة؟ فسكتوا. ثم قال: أيّها النّاس، أفيكم طلحة (2)؟ فقال عثمان: ألا أراك هاهنا، ما كنتُ أرى أن تكون مع قومٍ تسمعُ ندائي آخرَ ثلاثَ مرّات لا تُجيبُني. أَنْشُدُك اللَّهَ يا طلحهُ، أتذكرُ يوم كنتُ أنا وأنت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في موضع كذا وكذا، ليس معه أحدٌ من أصحابه غيري وغيرُك؟ قال: نعم. فقال لك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا طلحة، إنّه ليس من نبيّ إلّا ومعه من أصحابه رفيقٌ من أمّته معه في الجنّة، وإن عثمان بن عفّان هذا -يعنيني- رفيقي في الجنّة". قال طلحة: اللهمّ نعم، ثم انصرف (3).
* * * *
(1) المسند 1/ 503 (454)، وإسناده صحيح. وهو في ابن ماجة 2/ 1426 (4267)، والترمذي 4/ 479 (8 230) وقال: حسن غريب، لا نعرفه إلّا من حديث هشام بن يوسف. وأخرجه الحاكم 4/ 330 وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. ومن طريق هشام أخرجه 1/ 371. قال الذهبي: ابن بحير ليس بالعمدة، ومنهم من يقوّيه. وهانىء روى عن جماعة ولا ذِكر له في الكتب الستة.
(2)
في المسند "فسكتوا، فقام طلحة بن عُبيد اللَّه".
(3)
المسند 1/ 556 (552). ومن طريق القاسم أخرجه ابن أبي عاصم في السنّة 2/ 860 (1323)، وقال الحاكم بعد أن أخرجه 3/ 97: صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، وتعقّبه الذهبي بقوله: قاسم هذا، قال البخاري: لا يصحّ حديثه، وقال أبو حاتم: مجهول. وقال الهيثمي 7/ 230: وفيه أبو عبادة الزرقي، وهو متروك. وقال ابن الجوزي في العلل 1/ 204 (323): لا يصح. . . وضعّف المحقّقون إسناد الحديث.