الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(406) مسند عُمَر بن الخَطّاب
(1)
(5685)
الحديث الأول: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحق عن حارثة قال:
جاء ناسٌ من أهل الشام إلى عمر فقالوا: إنّا قد أصبْنا أموالًا: خيلًا ورقيقًا، نُحِبّ أن يكون لنا فيها زكاة وطُهور. قال: ما فعله صاحباي قبلي فأفعلُه. واستشارَ أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم وفيهم عليّ، فقال عليّ: هو حَسنٌ إنّ لم يكن جزيةً راتبةً يُؤخذون بها من بعدك (2).
هذا الحديث ذكره أحمد في مسند أبي بكر. ولا يصلح إلّا في مسند عمر (3). والمسند منه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يؤيّد ذلك.
(5686)
الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن الحكم عن أبي وائل:
أنّ الصُّبَيّ بن مَعْبَد كان نصرانيًّا تغلبيًّا أعرابيًّا، فأسلم، فسأل: أيُّ العمل أفضلُ؟ فقيل له: الجهاد في سبيل اللَّه عز وجل. فأراد أن يُجاهد، فقيل له: حَجَجْتَ؟ فقال: لا. فقيل: حُجَّ واعتمِرْ ثم جاهِدْ. فانطلق حتى إذا كان بالحوائطِ أهلَّ بهما جميعًا، فرآه زيدُ بن صُوحان وسلمان بن ربيعة، فقالا: لهو أضَلُّ من جَمَله. أو: ما هو بأهدى من ناقته.
(1) ينظر الآحاد 1/ 95، ومعرفة الصحابة 1/ 38، ومعجم الصحابة 2/ 223، والاستيعاب 2/ 450، والتهذيب 5/ 341 والإصابة 2/ 511.
ومسند الفاروق في الجمع (2) فيه واحد وثمانون حديثًا: اتّفق الشيخان على ستّة وعشرين، وانفرد البخاري بأربعة وثلاثين، ومسلم بواحد وعشرين. وأحاديثه خمسمائة وسبعة وثلاثون - التلقيح 363.
(2)
المسند 1/ 244 (82). ورجاله رجال الشيخين غير حارثة بن مُضَرِّب، وهو ثقة. وقد صحّح الحديث ابن خزيمة 4/ 30 (2290)، وصحّح إسناده الحاكم 1/ 400، ووافقه الذهبي. وصحّح محقّقو المسند إسناده، وحسّنه الألباني.
(3)
كذا قال المؤلّف! والذي في مطبوعات المسند أنّه أول حديث في مسند عمر.
فانطلق إلى عمر فأخبرَه بقولهما، فقال: هُديتَ لسنّة نبيّك صلى الله عليه وسلم.
قال الحكم: فقلت لأبي وائل: حدَّثَك الصُّبَيّ؟ فقال: نعم (1).
(5687)
الحديث الثالث: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا سفيان عن أبي إسحق عن عمرو بن ميمون قال: سمعْتُ عمر بن الخطاب يقول:
كان أهل الجاهلية لا يُفيضون من جَمع حتى يَرَوا الشمس على ثَبير، وكانوا يقولون: أشْرِقْ ثَبيرُ كيما نُغِير، فخالَفهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأفاضَ قبلَ أن تَطْلُعَ الشمسُ.
انفرد بإخراجه البخاري (2).
(5688)
الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة قال: سمعْتُ عاصم بن عمرو البَجَلي يحدّث عن رجلٍ من القوم الذي سألوا عمر ابن الخطاب فقالوا له:
إنّما أتيْناك نسألُك عن ثلاث: عن صلاة الرجل في بيته تطوّعًا. وعن الغُسل من الجنابة، وعن الرجل: ما يصلح له من امرأته إذا كانت حائضًا. فقال: أسُحّارٌ أنتم؟ لقد سألتُموني عن شيءٍ ما سأَلني عنه أحد منذ سألتُ عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:
فقال: "صلاة الرجل في بيته تطوّعًا نور، فمن شاءَ نَوَّرَ بيتَه".
وقال في الغسل من الجنابة: "يغسلُ فرجَه ثم يتوضّأُ، ثم يُفيضُ على رأسه ثلاثًا".
وقال في الحائض: "له ما فوق الإزار"(3).
(5689)
الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد قال: حدّثنا ابن لَهيعة عن أبي النّضر عن أبي سلمة عن ابن عمر أنّه قال:
(1) المسند 1/ 245 (83). ورجاله رجال الشيخين، عدا الصُّبَيّ، وهو ثقة مخضرم - التقريب 1/ 253، ومن طريق أبي وائل شقيق أخرجه أبو داود 2/ 158 (1799) والنسائي 5/ 46، وابن ماجة 2/ 989 (2970) وصحّحه ابن خزيمة 4/ 356 (3069)، وابن حبّان 9/ 219 (3911)، والألباني والمحقّقون.
(2)
المسند 1/ 377، 391 (275، 295). ومن طريق شعبة وسفيان عن أبي إسحق أخرجه البخاري 3/ 531 (1684)، 7/ 148 (3838).
(3)
المسند 1/ 247 (86)، والراوي عن عمر مجهول، وعاصم بن عمرو البجلي، صدوق، روى له ابن ماجة، التقريب 1/ 267. وقد أخرج ابن ماجة الحديث 1/ 437 (1375) من طريق عاصم بن عمرو، مقتصرًا على السؤال عن الصلاة في البيت. وقال البوصيري: مدار الطريقين على عاصم بن عمرو، وهو ضعيف، ذكره العقيلي في الضعفاء، وقال البخاري: لم يثبت حديثه. وضعّف الألباني الحديث.
رأيتُ سعدَ بن أبي وقّاص يمسح على خُفَّيه بالعراق حين توضّأ، فأنكَرْتُ ذلك عليه، فقال لي: سَلْ أباك عمّا أنكرْتَ عليَّ من مَسح الخُفّين. فذكَرْت ذلك له، فقال: إذا حدّثَكَ سعدٌ بشيء فلا تَرُدَّ عليه، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يمسحُ على الخُفّين (1).
(5690)
الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عَفّان قال: حدّثنا همّام بن يحيى قال: حدّثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد الغَطَفانيّ عن مَعدان بن أبي طلحة اليعمريّ:
أن عمر بن الخطّاب قام على المنبر يوم جمعة، فحَمِدَ اللَّه وأثنى عليه، ثم ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وذكر أبا بكر، ثم قال: رأيتُ رؤيا لا أُراها إلّا لحضور أجلي، رأيتُ كأنّ ديكًا نقرَني نقرتَين. قال: وذُكر لي أنّه ديكٌ أحمرُ، فقَصَصْتها على أسماء بنت أبي عميس امرأة أبي بكر، فقالت: يقتُلُكَ رجلٌ من العجم.
قال: وإنّ النّاس يأمرونني أنّ أستخلف، وإن اللَّه عز وجل لم يكن ليُضيعَ دينَه وخلافتَه التي بعث بها نبيَّه صلى الله عليه وسلم. وإن يَعْجَلْ بي أمرٌ فإنّ الشورى في هؤلاء الستّة الذين مات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، فمن بايَعْتُم منهم فاسمعوا له وأطيعوا. وإنّي أعلمُ أن أُناسًا سيطعنون في هذا الأمر، أنا قاتلْتُهم بيدي هذه على الإسلام، أولئك أعداء اللَّه الكُفّار الضُّلّال.
[وايمُ اللَّه، ما أتْركُ فيما عَهِد إليّ ربّي فاسْتَخْلَفَنى شيئًا أهمَّ إليّ من الكَلالة](2) وايمُ اللَّه، ما أغْلَظَ لي نبيُّ اللَّه صلى الله عليه وسلم في شيءٍ منذُ صَحِبْتُه أشدَّ ما أغْلَظَ لي في شأن الكَلالة، حتى طعن بإصبعه في صدري وقال:"تكفيك آيةُ الصَّيف التي نزلت في آخر سورة النساء" وإنّي إنْ أَعِشْ فسأقضي فيها بقضاء يعلمه من يَقرأُ ومن لا يقرأ.
وإنّي أشهدُ على أُمراء الأمصار أنّي إنّما بَعَثْتُهم لِيُعَلِّموا النّاسَ دينَهم، ويُبَيِّنوا لهم سنّة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم، ويرفعوا إليّ ما عُمِّيَ عليهم.
(1) المسند 1/ 248 (87). وفيه ابن لهيعة، لكنه متابع. فقد أخرجه بعده من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن أبي النضر. ومن طريق ابن وهب أخرجه البخاري 1/ 305 (202).
وقد جعل الحميدي الحديث في مسند سعد - أفراد البخاري 1/ 194 (198).
(2)
ما بين المعقوفين سقط من المخطوطتين.
ثم إنّكم -أيّها النّاس- تأكلون من شجرتين لا أُراهما إلا خبيثتين: هذا الثوم والبصل. وايم اللَّه، لقد كنتُ أرى نبيَّ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَجِدُ ريحَهما من الرجل، فيأمرُ به فيُؤْخَذُ بيده فيُخْرَجُ به من المسجد حتى يُؤتى به البقيع. فمن أكلَهما لا بُدّ، فلْيُمِتْهما طبخًا.
قال: فخطب النّاس يوم الجمعة، وأُصيب يوم الأربعاء.
أخرجاه في الصحيحين (1).
* طريق لبعضه وفيه زيادة:
حدّثنا البخاري قال: حدّثنا أحمد بن أبي رجاء قال: حدّثنا يحيى عن أبي حيّان التميمي عن الشعبي عن ابن عمر قال:
خطب عمر على منبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إنّه قد نزل تحريمُ الخمر، وهي من خمسة أشياء: العنب، والتمر، والحِنطة، والشعير، والعسل. والخمر ما خامر العقل.
وثلاثٌ وَدِدْتُ أنّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يُفارِقْنا حتى يَعْهَدَ إلينا عَهدًا: الجَدّ، والكلالة، وأبواب من أبواب الرّبا.
أخرجاه (2).
* طريق لبعضه:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن ابن أبي عروبة قال: حدّثنا قتادة عن سعيد بن المسيِّب قال: قال عمر:
إنّ آخر ما نزل من القرآن آية الرّبا. وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قُبِضَ ولم يُفَسِّرها، فدعوا الرّبا والرِّيبة (3).
(1) المسند 1/ 249 (89). والحديث في صحيح مسلم من طريق قتادة 1/ 396 (567). أما البخاري فجعله مع حديث مقتل عمر والشورى. ينظر الجمع 1/ 118 (44).
(2)
البخاري 10/ 45 (5588) وفيه زيادة. وهو في مسلم 4/ 2322 (3023) من طريق أبي حيّان.
(3)
المسند 1/ 361 (246). ومن طريق سعيد بن أبي عروبة أخرجه ابن ماجة 2/ 764 (2276) وصحّح البوصيري إسناده، وأشار إلى اختلاط سعيد. وصحّح الألباني الحديث، وحسّن محقّقو المسند إسناده.
* طريق لبعضه:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنّه قال لعمر:
سمعتُ النّاس يقولون مقالةً فآلَيْتُ أن أقولَها لك: زعموا أنّك غيرُ مُسْتَخْلِف. فوضع رأسَه ساعةً ثم رفعه فقال: إنّ اللَّه عز وجل يحفَظُ دينه، وإني إلّا أستخلِفْ فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يستخلِفْ، وإن أستَخلِفْ فإن أبا بكر قد استخلفَ. قال: فواللَّه ما هو إلّا أن ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، فعلِمْتُ أنّه لم يكن يعدلُ برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدًا، وأنّه غير مُسْتَخْلِفْ.
أخرجاه في الصحيحين (1).
(5691)
الحديث السابع: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا محمد ابن يحيى أبو غسّان قال: أخبرنا عن مالك عن نافع عنه:
لما فَدَعَ أهلُ خيبرَ عبدَ اللَّه بن عمر، قام خطيبًا، فقال:
إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان عاملَ يهودَ خيبرَ على أموالهم، وقال:"نُقِرُّكم ما أَقرَّكم اللَّه". وإن عبد اللَّه بن عمر خرج إلى ماله هناك فعُدِي عليه من الليل ففُدِعَتْ يداه ورجلاه، وليس لنا هناك عدوٌّ غيرُهم، هم عدوُّنا وتُهْمَتُنا، وقد رأيْنا إجلاءهم. فلمّا أجمع عمر على ذلك أتاه أحَدُ بني أبي الحُقيق فقال: يا أمير المؤمنين، أتُخْرِجُنا وقد أقرَّنا محمد، وعاملَنا على الأموال، وشرط لنا ذلك! فقال عمر: أَظَنَنْتَ أني نَسِيتُ قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كيف بك إذا أُخْرِجْتَ من خيبرَ تعدو بك قَلوصُك ليلةً بعدَ ليلة؟ " فقال: كانت هذه هُزَيلةً من أبي القاسم. قال: كَذَبْتَ يا عدوَّ اللَّه. فأجلاهم عمرُ، وأعطاهم قيمةَ ما كان لهم من الثمر مالًا وإبلًا وعُروضًا من أقتاب وحبال وغير ذلك.
انفرد بإخراجه البخاري (2).
(1) المسند 1/ 415 (232)، ومسلم 3/ 1455 (1823). وهو في البخاري بمعناه من طريق آخر 13/ 205 (7218).
(2)
البخاري 5/ 327 (2730). وبمعناه في المسند 1/ 251 (90) من طريق نافع.
والفَدعَ: إزالة المفاصل عن أماكنها، وذلك بأن تزيغَ اليد عن عظم الزَّند، والرجلُ عن عظم الساق.
(5692)
الحديث الثامن: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن شعبة قال: حدّثنا أبو ذِبيان قال: سمعتُ عبد اللَّه بن الزبير يقول: سمعت عمر بن الخطاب:
يحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لَبِسَ الحريرَ في الدُّنيا لم يَلْبَسْه في الآخرة".
أخرجاه (1).
(5693)
الحديث التاسع: حدّثنا مسلم قال: حدّثني زهير بن حرب قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال: أخبرني أبو بكر بن حفص عن سالم عن ابن عمر:
أن عمر رأى على رجل من آل عطارد قَباءً من دِيباج أو حرير، فقال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو اشتريْتَه فقال: "إنّما يلبَسُ هذا من لا خَلاقَ له". فأُهدي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حُلَّةٌ سِيَراءُ، قال: فأرسل بها إليّ. قال: قلت: أرسلْتَ بها إليّ وقد سمِعْتُك قُلْتَ فيها ما قُلْتَ. قال: "إنما بَعَثْتُ بها إليك لتستمتعَ بها".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(5694)
الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن عن موسى قال: حدّثنا زهير قال: حدّثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان قال:
جاءنا كتابُ عمر ونحن بأَذْرَبيجان مع عتبة بن فَرْقد: يا عُتبة بن فَرْقَد، إيَاك والتنعُّمَ، وزيُّ أهل الشرك، ولَبوسَ الحرير إلا هكذا - ورفع لنا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إصبعيه.
انفرد بإخراجه مسلم (3).
* طريق آخر وفيه زيادة:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا عاصم عن أبي عثمان النّهديّ عن عمر بن الخطاب أنّه قال:
(1) المسند 1/ 364 (251). ومن طريق شعبة عن أبي ذبيان خليفة بن كعب أخرجه البخاري 10/ 284 (5834)، ومسلم 3/ 1641 (2069).
(2)
مسلم 3/ 1640 (2068).
(3)
المسند 1/ 252 (92) ومسلم 3/ 1642 (2069) من طريق زهير. وقد أخرجه البخاري بنحوه من طريق زهير وغيره 10/ 284 (5829، 5830). وجعله الحميدي متّفقًا عليه - الجمع 1/ 115 (37).
اتّزِروا وارْتَدُوا وانتعلوا، وألْقوا الخِفاف والسّروايلات، وألْقوا الرُّكَب، وانْزُوا نَزْوًا، وعليكم بالمَعَدِّيّة، وارموا الأغراض، وذَرُوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجَم، وإياكم والحريرَ، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه [وقال]:"لا تَلْبَسوا من الحرير، إلّا ما كان هكذا". وأشار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بإصبعيه (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن الشعبي عن سويد بن غَفَلة:
أن عمر خطب النّاس بالجابية، فقال: نهى رسول اللَّه وسلم عن لُبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة، وأشار بكفّه (2).
(5695)
الحديث الحادي عشر: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا عبد اللَّه بن محمد ابن أسماء قال: أخبرنا جويرية عن مالك عن الزهري عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر عن ابن عمر:
أن عمر بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل عليه رجل من المهاجرين الأوّلين، من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فناداه عمرُ: أيّة ساعة هذه؟ قال: إنّي شُغِلْتُ فلم أنْقَلبْ إلى أهلي حتى سمِعْتُ التأذين، فلم أزِد على أن توضَّأت. فقال: والوضوء أيضًا وقد عَلِمتَ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يأمرُ بالغسل.
أخرجاه (3).
والرجل عثمان بن عفّان (4).
(1) المسند 1/ 394 (301). وإسناده صحيح.
الرّكب جمع ركاب: موضع القدم من السرج. والنَّزو: الوثب على الخيل. المعدّيّة منسوبة إلى معدّ، وكانوا أهل خشونة.
(2)
المسند 1/ 433 (365). وإسناده صحيح. وأخرجه مسلم من طريق هشام وسعيد عن قتادة به 3/ 1643، 1644 (2069).
(3)
البخاري 2/ 356 (878)، ومسلم 2/ 580 (845). من طريق الزهري والمسند 1/ 402 (312) من طريق مالك.
(4)
وقد ورد ذلك مصرّحًا به في بعض الروايات.
(5696)
الحديث الثاني عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا ابن لهيعة قال: حدّثنا أبو الأسود أنّه سمع محمد بن عبد الرحمن يحدّث عن أبي سِنان الدُّؤلي:
أنّه دخل على عمر بن الخطّاب وعنده نَفَرٌ من المهاجرين الأوّلين، فأرسل عمر إلى سَفَطٍ أُتيَ به من قلعة من العراق، وكان فيه خاتم، وأخذه بعض بنيه فأدخله في فيه، فانتزَعَه عمر منه، ثم بكى عمر، فقال له مَن عندَه: لِمَ تبكي وقد فتح اللَّه لك، وأظهرَك على عدوّك، وأقرّ عينك؟ فقال عمر: إنّي سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تُفْتَحُ الدنيا على أحد إلّا ألقى اللَّهُ بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة" فأنا أُشفق من ذلك (1).
(5697)
الحديث الثالث عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل قال: حدّثنا إبراهيم قال: حدّثنا ابن شهاب عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة:
أن نافع بن الحارث لقي عمر بن الخطاب بعُسفان، وكان عمر استعملَه على مكّة، فقال له عمر: من استخلَفْتَ على أهل الوادي؟ قال: اسْتَخْلَفْتُ عليهم ابنَ أبْزَى. فقال: ومن ابنُ أَبزَى؟ قال: رجل من موالينا. فقال عمر: أسْتَخْلَفْتَ عليهم مولى؟ قال: فقال: إنّه قارىء لكتاب اللَّه، عالم بالفرائض، قاضٍ. فقال عمر: أما إنّ نبيَّئكم صلى الله عليه وسلم قد قال: "إنّ اللَّه يرفَعُ بهذا الكتاب أقوامًا ويضعُ به آخرين".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(5698)
الحديث الرابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا أبي عن ابن إسحق قال: حدّثني الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود عن عبد اللَّه بن عبّاس قال: سمعت عمر بن الخطّاب يقول:
لما تُوفّي عبد اللَّه بن أُبيّ دُعِي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه، فقام إليه، فلما وقف
(1) المسند 1/ 253 (93). وفيه ابن لهيعة. ومحمد بن عبد الرحمن بن ليبية ضعيف، كثير الإرسال. وبهذا الإسناد أخرجه عبد بن حميد 45 (44). وحسّن المنذري والهيثمي إسناده - الترغيب 4/ 82 (4767) والمجمع 10/ 239.
(2)
المسند 1/ 355 (232)، ومسلم 1/ 559 (817) من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري. وأبو كامل، مظفّر ابن مدرك، ثقة.
عليه يريد الصلاة تحوّلْتُ حتى قُمْتُ في صدره، فقلت: يا رسول اللَّه، أعلى عدوِّ اللَّه عبد اللَّه بن أُبيّ، القائل يومَ كذا وكذا - يُعَدِّدُ أيامه! قال: ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتبسَّمُ، حتى إذا أكثرْتُ عليه قال: "أخِّرْ عنّي يا عمرُ. إنّي خُيِّرْتُ فاخْتَرْتُ، قد قيل:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] لَو أني عَلِمْت أنّي لو زِدْتُ على السبعين غُفِرَ له لزِدْتُ. قال: ثم صلّى عليه ومشى معه، فقام على قبره حتى فُرغ منه، قال: فعجبًا لي وجراءتي على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، واللَّهُ ورسوله أعلم. قال: فواللَّه ما كان إلّا يسيرًا حتى نزلت هاتان الآيتان: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] فما صلّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره حتى قبضَه اللَّه عز وجل.
انفرد بإخراجه البخاري (1).
(5699)
الحديث الخامس عشر: وبه عن ابن إسحق قال: حدّثني نافع قال: كان عبد اللَّه بن عمر يقول:
إذا لم يكن للرجل إلا ثوبٌ واحد فليأتَزِرْ به ثمّ ليُصَلِّ، فإني سمعْتُ عمر بن الخطاب يقول ذلك، ويقول: لا تَلْتَحِفوا بالثوب إذا كان وحدَه كما يَفعلُ يهودُ.
قال نافع: ولو قلت لك: إنه أسند ذلك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لرجوتُ ألّا أكونَ كذبتُ (2).
(5700)
الحديث السادس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مؤمَّل قال: حدّثنا حمّاد قال: حدّثنا زياد بن مِخراق عن شَهر عن عُقبة بن عامر قال: حدّثني عمر:
أنّه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "من ماتَ يؤمنُ باللَّه واليوم الآخر قيل له: ادخلِ الجنّة من أيّ أبواب الجنّة الثمانية شئتَ"(3).
(1) المسند 1/ 254 (95). ومحمد بن إسحق صرّح بالتحديث، وتوبع عند البخاري 3/ 228 (1366) فقد أخرجه من طريق عقيل بن خالد عند الزهري.
(2)
المسند 1/ 256 (96). وقد خرّجه محقّقو المسند في حديث ابن عمر 10/ 424 (6356)، وذكر أنّه روي مرفوعًا وموقوفًا، وذكروا شواهد صحيحة له.
(3)
المسند 1/ 256 (97). قال الهيثمي 1/ 37. رواه أحمد، وفي إسناده شهر بن حوشب، وقد وُثّق. وحسّنه محقّقو المسند لغيره.
(5701)
الحديث السابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر وحجّاج قالا: حدّثنا شعبة عن سِماك بن حرب قال: سمعتُ النّعمان بن بشير يخطب قال:
ذكرَ عمرُ ما أصابَ النّاسَ من الدّنيا، فقال: لقد رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يظلُّ يَلتوي، لا يجد دَقَلًا يملأُ به بطنه.
انفرد بإخراجه مسلم (1).
(5702)
الحديث الثامن عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن عُبيد قال: حدّثنا الأعمش عن إبراهيم (2) عن عابس بن ربيعة قال:
رأيت عمرَ أتى الحَجَرَ فقال: أما واللَّه إني لأعلمُ أنّك حَجَرٌ لا تَضُرُّ ولا تنفعُ، ولولا أني رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبّلَك ما قبَّلْتُك. ثم دنا فقبّلَه.
أخرجاه في الصحيحين (3).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سُوَيد بن غَفَلة قال:
رأيتُ عمرُ يُقَبِّلُ الحجر ويقول: إنّي لأعلمُ أنّك حجرٌ لا تَضُرُّ ولا تنفع، ولكنّي رأيتُ أبا القاسم بك حَفِيًّا (4).
(5703)
الحديث التاسع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني السائب بن يزيد ابن أخت نَمِر أن حويطب بن عبد العُزّى أخبره أن عبد اللَّه بن السَّعدي أخبره:
أنّه قَدِم على عمر بن الخطّاب في خلافته، فقال له عمر: ألم أحَدَّث أنّك تلي من
(1) المسند 1/ 427 (353): ومن طريق محمد بن جعفر عن شعبة في مسلم 4/ 2285 (2978).
والدَّقَل: التمر الرديء.
(2)
إبراهيم هو ابن يزيد النخعي.
(3)
المسند 1/ 409 (325). ومن طريق الأعمش في البخاري 3/ 462 (1597)، ومسلم 2/ 925 (1270) ومحمد بن عبيد من رجال الشيخين.
(4)
المسند 1/ 377 (274). وبهذا الإسناد في مسلم 2/ 926 (1271).
أعمال النّاس أعمالًا، فإذا أُعطيتَ العَمالةَ كَرِهْتَها؟ قال: فقلت: بلى. فقال عمر: فما تريد إلى ذلك؟ قال: قلت: إنّ لي أفراسًا وأعْبُدًا وأنا بخير، وأريد أن تكونَ عَمالتي صدقةً على المسلمين. فقال عمر: فلا تفعلْ، فإنّي قد كنتُ أرَدْتُ الذي أرَدْتَ، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يُعطيني العطاء فأقول: أعْطِه أفقرَ إليه منّي، حتى أعطاني مرّةً مالًا، فقلت: أعْطِه أفقرَ إليه منّي. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "خُذْه فتموَّلْه وتَصَدّقْ به، فما جاءك من هذا المال وأنت غيرُ مُشْرِف ولا سائل فخُذه، وما لا، فلا تُتْبِعْه نَفْسَك".
أخرجاه في الصحيحين (1).
(5704)
الحديث العشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الحسن بن يحيى قال: حدّثنا ابن المبارك قال: حدّثنا معمر عن الزهري عن ربيعة بن دَرّاج:
أن عليًّا صلّى بعد العصر ركعتين، فتغيّظَ عليه عمرُ وقال: أما عَلِمْتَ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان ينهى عنها (2).
(5705)
الحديث الحادي والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن يزيد قال: حدّثنا محمد بن إسحق قال: حدّثنا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن رجل من قريش من بني سَهم عن رجل منهم يقال له ماجدة -وفي رواية: ابن ماجدة- قال:
عارَمْتُ (3) غلامًا بمكّة فعضَّ أُذُني فقطعَ منها، أو عَضَضْتُ أُذنَه فقَطَعْتُ منها. فلمّا قَدِمَ علينا أبو بكر حاجًّا رُفِعْنا إليه، فقال: انطلقوا بهما إلى عمر بن الخطّاب، فإن كان الجارِحُ بلغ أن يقْتَصَّ منه فَلْيَقْتَصّ قال: فلّما انتُهي بنا إلى عمر نظر إلينا، فقال: قد بلغ هذا أن يُقْتَصَّ منه. ادعوا لي حجّامًا. فلما ذُكِر الحجّام قال: أما إنّي قد سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "قد أَعطيْتُ خالتي غلامًا، وأنا أرجو أن يُبارك لها فيه، وقد نهيتُها أن تجعله حجّامًا أو قصّابًا أو صائغًا"(4).
(1) المسند 1/ 258 (100) والبخاري 13/ 150 (7163). وأخرجه مسلم من طريق ابن شهاب عن السائب عن عبد اللَّه السعدي. وله فيه طرق أُخر 2/ 723، 724 (1045).
(2)
المسند 1/ 262 (106)، وضعّف شاكر والمحقّقون إسناده لانقطاعه. ينظر التعليق عليه في المسند 1/ 259.
(3)
عارمت: خاصَمْت وعارَكْت.
(4)
المسند 1/ 259، 260 (102، 103). وماجدة أو ابن ماجدة مجهول، وكذلك الرجل السهمي. فإسناده ضعيف وأخرجه أبو داود 3/ 267، 268 (3430 - 3432) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن ابن ماجدة بإسقاط السهمي. وضعّفه الألباني.
(5706)
الحديث الثاني والعشرون: حدّثنا البخاريّ قال: حدّثنا قتيبة قال: حدّثنا الليث عن نافع عن ابن عمر:
أن عمر بن الخطّاب سأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيرقُدُ أحدُنا وهو جُنُب؟ قال: "نعم، إذا توضّأ فَلْيَرْقُدْ وهو جُنُب".
أخرجاه (1).
(5707)
الحديث الثالث والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو المغيرة قال: حدّثنا صفوان قال: حدّثنا شريح بن عُبيد قال: قال عمر بن الخطّاب:
خرجْتُ أتعرّضُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل أن أُسلِمَ، فوجدْتُه قد سبقَني إلى المسجد، فقمتُ خلفه، فاستفتح سورة "الحاقّة". فجعَلْتُ أعجبُ من تأليف القرآن. قال: فقلت: هذا واللَّه شاعرٌ كما قالت قُريش. قال: فقرأ {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ} قال: قلت: كاهن. قال: {وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ. . . .} إلى آخر السورة [الحاقة: 40 - 47] قال: فوقع الإسلام في قلبي كلَّ موقع (2).
(5708)
الحديث الرابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو المغيرة وعصام ابن خالد قالا: حدّثنا صفوان عن شُريح بن عُبيد وراشد بن سعد وغيرهما قالوا:
لما بلغ عمرُ بن الخطّاب سَرْغَ (3)، حُدِّثَ أن بالشام وباءً شديدًا، قال: بلغني أنّ شدّة الوباء بالشام، فقلت: إن أدركَني أجلي وأبو عبيدة بن الجرّاح حيٌّ استخلفْتُه، فإن سألني اللَّه عز وجل: لم أسْتَخْلَفْتَه على أُمّة محمّد؟ قلت: إني سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ لكلِّ نبيٍّ أمينًا، وأميني أبو عبيدة بن الجرّاح". فأنكر القومُ ذلك وقالوا: ما بال عُليا قريش؟ يعنون بني فِهر. ثم قال: فإن أدركَني أجلي وقد توفّي أبو عبيدة استخلَفْتُ معاذَ بن جبل، فإن سألَني ربّي عز وجل: لم استخلَفْتَه؟ قلتُ: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنّه
(1) البخاري 1/ 392 (287). ومن طريق نافع أخرجه مسلم 1/ 248 (306)، وأحمد 1/ 254 (94).
(2)
المسند 1/ 262 (107). وشريح بن عُبيد لم يدرك عمر، فهو منقطع -قاله الهيثمي- المجمع 9/ 65.
(3)
وهي قرية قرب تبوك، في الطريق إلى الشام.
يُحْشَرُ يومَ القيامة بين العلماء نَبْذةً" (1)
(5709)
الحديث الخامس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهز قال: [حدّثنا أبان] قال: حدّثنا قتادة عن أبي العالية عن ابن عبّاس قال:
شهِدَ عندي رجال مَرْضِيّون، فيهم عمر، وأرضاهم عندي عمر: أنّ نبيَّ اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تَغْرُبَ الشَمسُ، ولا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تَطْلُعَ الشمسُ".
أخرجاه في الصحيحين (2).
(5710)
الحديث السادس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو المغيرة قال: حدّثنا صفوان قال: حدّثنا عبد الرحمن بن جُبير بن نفير عن [الحارث بن] معاوية الكِندي:
أنّه ركب إلى عمر بن الخطّاب يسأله عن ثلاث خِلال. قال: فقدم المدينةَ فسألَه عمر: ما أقدمَك؟ قال: لأسألَك عن ثلاث. قال: وما هنّ؟ قال:
ربما كنت أنا والمرأة في بناء ضيّق، فتحضر الصلاة، فإن صلّيْتُ أنا وهي كانت بحِذائي، وإن صلَّت خلفي خرجت من البناء. فقال عمر: تسترُ بينك وبينها بثوب، ثم تصلّي بحِذائك إن شئت.
وعن الركعتين بعد العصر. فقال: نهاني عنهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قال: وعن القَصَص، فإنهم أرادوني على القَصص. فقال: ما شئتَ، كأنّه كره أن يمنعَه قال: إنما أردْتُ أن أنتهيَ إلى قولك. قال: أخشى عليك أن تَقصَّ فترتفعَ عليهم في نفسك، ثم تقُصَّ فترتفعَ، حتى يُخَيَّلَ إليك أنّك فوقَهم بمنزلة الثُّرَيّا، فيضعَك اللَّه عز وجل تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك (3).
(1) المسند 1/ 263 (108). وضعّف شاكر والمحققون إسناده، لأن شريحًا وراشدًا لم يُدركا عمر. وقد ذكر محقّقو المسند طرقه وشواهده.
(2)
المسند 1/ 266 (110) ومن طرق قتادة أخرجه البخاري 2/ 58 (581)، ومسلم 1/ 566 (826) وبهز وأبان من رجال الشيخين.
(3)
المسند 1/ 266 (111). وصحّح شاكر إسناده، وحسّنه المحقّقون، لأن الحارث من رجال التعجيل 79. وثّقه ابن حبان. وقيل: هو صحابي. وسائر رجاله رجال الصحيح. أبو المغيرة: عبد القدوس بن الحجّاج. وصفوان هو ابن عمرو السَّكسكي.
(5711)
الحديث السابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة قال: حدّثني أبي عن الزهري قال: أخبرني سالم بن عبد اللَّه أن عبد اللَّه بن عمر أخبره أن عمر بن الخطّاب قال:
سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ اللَّه ينهاكم أن تَحْلِفوا بآبائكم. قال عمر: فواللَّه ما حَلَفْتُ بها منذ سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَنهى عنها، ولا تكلّمْتُ بها ذاكِرًا أو آثِرًا.
أخرجاه في الصحيحين (1).
ومعنى آثرًا: مُخبرًا عن غيري.
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا إسرائيل قال: حدّثنا سعيد بن مسروق عن سعد بن عُبيدة عن ابن عمر:
عن عمر أنّه قال: لا وأبي. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَهْ، إنّه من حلفَ بشيءٍ دون اللَّه فقد أشرك"(2).
(5712)
الحديث الثامن والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: حدّثنا أبو بكر بن عبد اللَّه عن راشد بن سعد عن عمر بن الخطّاب وحذيفة بن اليمان:
أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يأخذ في الخيل والرقيق صدقة (3).
(5713)
الحديث التاسع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا علي بن إسحق قال: أخبرنا عبد اللَّه - يعني ابن المبارك قال: حدّثنا محمد بن سُوقة عن عبد اللَّه بن دينار عن ابن عمر:
أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال: قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقامى فيكم، فقال: "استوصوا بأصحابي خيرًا، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى إن الرجل
(1) المسند 1/ 267 (112). ومن طريق الزهري أخرجه البخاري 11/ 350 (6647)، ومسلم 3/ 1266 (1646) وشعيب بن أبي حمزة من رجال الشيخين. وابنه بشر من رجال البخاري.
(2)
المسند 1/ 413 (329). ورجاله رجال الصحيح.
(3)
المسند 1/ 268 (113). وضعّفوا إسناده، فراشد لم يدرك عمر وحذيفة. وأبو بكر بن عبد اللَّه بن أبي مريم ضعيف. وينظر شواهده عند محقّقي المسند.
ليبتدىء بالشهادة قيل أن يُسْألَها. فمن أراد منكم بَحبحةَ الجنّةِ فليلزمِ الجماعة، فإن الشيطانَ مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد. لا يَخْلُوَنَّ أحدُكم بامرأةٍ، فإنّ الشيطانَ ثالثُهما، ومن سرَّتْه حَسَنَتُه وساءَته سيّئتُه فهو مؤمن" (1).
(5714)
الحديث الثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: حدّثنا أبو بكر عن حكيم بن عُمير وضَمْرة بن حبيب قالا: قال عمر بن الخطّاب:
مَن سرَّه أن ينظر إلى هَدْي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هَدي عمرو بن الأسود (2).
(5715)
الحديث الحادي والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عصام بن خالد وأبو اليمان قالا: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزّهري قال: حدّثنا عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتبة بن مسعود أن أبا هريرة قال:
لما توفّي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر بعده، وكفرَ من كفرَ من العرب. قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتلُ النّاسَ وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أُمِرْتُ أن أُقاتل النّاس حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه، فمن قال: لا إله إلّا اللَّه عَصَم منّي مالَه ونفسَه إلّا بحقّه، وحسابُه على اللَّه عز وجل"؟ قال أبو بكر: واللَّه لأُقاتِلَنّ -قال أبو اليمان: لأقْتُلَنّ- مَن فرّق بين الصلاة والزكاة، فإنّ الزكاة حقُّ المال. واللَّه لو منعوني عَناقًا كانوا يُؤَدُّونها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لقاتلْتُهم على منعها. قال عمر: فواللَّه ما هو إلا أن رأيتُ أن اللَّهَ شرحَ صدر أبي بكر للقتال، فعرفْتُ أنّه الحقّ.
(1) المسند 1/ 268 (114). علي بن إسحق، ثقة، روى له الترمذي، وسائر رجاله رجال الشيخين. ومن طريق عن ابن المبارك أخرجه الحاكم 1/ 114، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإني لا أعلم خلافًا بين أصحاب عبد اللَّه بن المبارك في إقامة هذا الإسناد عنه، ولم يُخرجاه. وقال الذهبي: على شرطهما. وصحّحه ابن حبّان 16/ 239 (7254). وأخرجه الترمذي 4/ 404 (2165) من طريق محمد بن سوقة، قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث عن غير وجه عن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وينظر تخريج محقّقي المسند.
(2)
المسند 1/ 269 (115). وقد ضعّف المحقّقون إسناده، فحكيم وضمرة لم يدركا عمر. وأبو بكر بن عبد اللَّه ابن أبي مريم ضعيف.
وترجم ابن حجر لعمرو بن الأسود العنسي -ويقال: عمير- فيمن أدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم الإصابة 3/ 120.
وقال: وروى أحمد بسند ليّن عن عمر قال: . . . . وذكر الحديث.
أخرجاه (1).
وقد سبق في مسند أبي بكر بمعناه (2).
(5716)
الحديث الثاني والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الحكَم بن نافع قال: حدّثنا ابن عيّاش عن أبي سبأ عتبة بن تميم عن الوليد بن عامر اليَزَني عن عروة بن مُغيث الأنصاري عن عمر بن الخطاب قال:
قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنّ صاحب الدّابّة أحقُّ بصدرها (3).
(5717)
الحديث الثالث والثلاثون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا محمد بن حاتم قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدّثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخَولاني عن عقبة بن عامر قال:
كانت علينا رِعاية الإبل، فجاءت نَوبتي، فروّحْتُها بعَشِيٍّ، فأدركتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قائمًا يحدّث النّاس، فأدركْتُ من قوله:"ما من مسلم يتوضّأ فيُحْسِنُ وُضوءه ثم يقوم فيُصلّي ركعتين يُقْبِلُ عليهما بقلبه ووجهه إلّا وجبت له الجنّة". قال: قلت: ما أجودَ هذه! فإذا قائل بين يَدَيّ يقول: التي قبلَها أجودُ. فنظَرْتُ، فإذا هو عمر، فقال: إنّي قد رأيْتُك جئتَ آنفًا، قال:"ما منكم من أحدٍ يتوضّأ فيُبلغُ -أو فيُسْبغُ- الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا عبدُه ورسوله، إلّا فُتِحَت له أبواب الجنّة الثمانية، يدخل من أيّها شاء".
انفرد بإخراجه مسلم (4).
(5718)
الحديث الرابع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سليمان بن داود - يعني أبا داود الطيالسي قال: حدّثنا أبو عَوانة عن داود الأوديّ عن عبد الرحمن المُسْلِيّ عن الأشعث بن قيس قال:
(1) المسند 1/ 270 (117) ومن طريق أبي اليمان أخرجه البخاري 3/ 262 (1399)، ومن طريق الزهري أخرجه مسلم 1/ 51 (20). وعصام من رجال البخاري.
(2)
ينظر المسند 1/ 228 (67).
(3)
المسند 1/ 271 (119). وحسّنه المحققّون لشواهده.
(4)
مسلم 1/ 209 (234).
ضِفْتُ عمرَ، فتناول امرأته فضربها. وقال: يا أشعث، احفظ عنّي ثلاثًا حفِظْتُهن عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تسأل الرجلَ فيمَ ضربَ امرأتَه. ولا تَنَمْ إلّا على وتر. ونسيتُ الثالثة (1).
(5719)
الحديث الخامس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن إسحق قال: حدّثنا ابن لهيعة عن أبي الزّبير عن جابر قال: أخبرني عمر بن الخطاب قال:
سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "لَيَسِيرنَّ الرّاكبُ في جَنَبات المدينة ثم ليقولُ: لقد كان في هذا حاضر من المؤمنين كثير"(2).
ولم يَجُزْ به حسنٌ الأشيب جابرًا (3).
(5720)
الحديث السادس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هارون قال: حدّثنا ابن وهب قال: حدّثني عمرو بن الحارث أن عمر بن السائب حدّثه أن القاسم بن أبي القاسم السَّبائي حدّثه عن قاصِّ الأجناد بالقسطنطينية أنّه سمعه يحدّث:
أن عمر بن الخطاب قال: يا أيّها النّاس، إني سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يَقْعُدَنّ على مائدةٍ يُدار عليها الخمر. ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يَدْخُلِ الحمام إلا بإزار، ومن كانت تؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا تدخل الحمّام"(4).
(5721)
الحديث السابع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا ليث عن يزيد بن عبد اللَّه بن أسامة بن الهاد عن الوليد بن أبي الوليد عن عثمان بن
(1) المسند 1/ 275 (122). وضعّف شاكر إسناده، وكذا محقّقو المسند، لجهالة عبد الرحمن المُسلي. وهو في مسند الطيالسي 10/ (47). والحديث من طريق أبي عوانة أخرجه أبو داود 2/ 46 (2147) وابن ماجة 1/ 639 (1986)، والحاكم 4/ 175، وصحّح إسناده، ووافقه الذهبي، وقال محقّقو المسند: وَهِما.
(2)
المسند 1/ 276 (124). وفي إسناده ابن لهيعة. وأبو الزبير لم يصرّح بالتحديث. وقد حسّنه محقّقو المسند لغيره. وقال ابن كثير - الجامع 18/ 37 (85): تفرّد به.
(3)
أي جعله عن جابر، ولم يذكر فيه عمر. وهو في المسند 23/ 37 (14679) من طريق حسن عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر - مسند جابر.
(4)
المسند 1/ 277 (125)، وأبو يعلى 1/ 216 (251). قال الهيثمي 1/ 282: رواه أحمد، وفيه رجلٌ لم يُسَمّ. وضعّف شاكر والمحقّقون إسناده.
عبد اللَّه بن سراقة عن عمر بن الخطاب قال:
سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من أظَلَّ رأسَ غازٍ أظلَّه اللَّهُ يومَ القيامة، ومن جهّزَ غازيًا حتى يستقِلّ كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع، ومن بنى للَّه مسجدًا يُذْكَرُ فيه اسمُ اللَّه تعالى بنى اللَّهُ له بيتًا في الجنّة"(1).
(5722)
الحديث الثامن والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا أبو عَوانة عن سليمان الأعمش عن شقيق عن سلمان بن ربيعة قال: سمعت عمر يقول:
قسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قِسمةً، فقلحث: يا رسول اللَّه، لَغيرُ هؤلاءِ أحقُّ منهم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنّهم خيَّروني بين أن يسألوني بالفُحش أو يُبَخِّلوني، ولسْتُ بباخِل".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(5723)
الحديث التاسع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد قال: أخبرنا عَمّار بن أبي عَمّار أن عمر بن الخطاب قال:
رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في يدِ رجل خاتمًا من ذهب، فقال:"ألقِ ذا" فألقاه، فتختم بخاتم من حديد، فقال:"ذا شر منه" فتختّم بخاتم من فضّة، فسكت عنه (3).
(5724)
الحديث الأربعون: حدّثنا أحمد قال: حذتنا سفيان عن ابن أبي يزيد عن أبيه عن عمر بن الخطّاب:
(1) المسند 1/ 277 (126) من طريق أبي سلمة الخزاعي ويونس كلاهما عن ليث. واختلف في سماع عثمان ابن عبد اللَّه، ابن زينب بنت عمر، من جدّه. ومن طريق يونس بن محمد أخرجه ابن ماجة 2/ 243 (735)، 2/ 921 (2758). وقال البوصيري في الموضع الأول: حديث عمر مرسل. وقال في الثاني: إسناده صحيح إن كان عثمان بن عبد اللَّه سمع من عمر. . . وقد صحّحه ابن حبّان 4/ 486 (1608) 10/ 486 (4628)، وصحّح إسناده الحاكم من طريق الليث 2/ 89، ووافقه الذهبي. وصحّحه الألباني، وينظر تخريج محقّق ابن حبّان للحديث.
(2)
المسند 1/ 279 (127). ومن طريق الأعمش أخرجه مسلم 2/ 730 (1156). وأبو عوانة الوضاح بن عبد اللَّه اليشكري من رجال الشيخين.
(3)
المسند 1/ 282 (132). وضعّف إسناده الشيخ شاكر، لأن عمّارًا -وهو ثقة- لم يدرك عمر. وحسّنه محقّقو المسند لغيره، وذكروا شواهده.
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الولد للفِراش"(1).
(5725)
الحديث الحادي والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا موسى بن داود قال: حدّثنا ابن لَهيعة عن أبي الزّبير عن جابر أنّ عمر بن الخطّاب أخبره:
أنّه رأى رجلًا توّضأ للصلاة فترك موضع ظُفر على ظهر قدمه، فأبصرَه النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"ارجع فأحْسِن وُضوءَك" فرجع فتوضّأ ثم صلّى.
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(5726)
الحديث الثاني والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدّثنا الهيثم بن رافع الطّاطَرِيّ قال: حدّثني أبو يحيى - رجل من أهل مكة عن فرّوخ مولى عثمان:
أنّه عمر -وهو يومئذ أمير المؤمنين- خرج إلى المسجد، فرأى طعامًا منثورًا، فقال: ما هذا الطعام؟ فقالوا: طعامٌ جُلِب إلينا. قال: بارك اللَّه فيه وفيمن جلَبَه. قيل: يا أمير المؤمنين، فإنّه قد احتُكر. قال: ومن احتكره؟ قالوا: فَرُّوخ مولى عثمان، وفلان مولى عمر. فأرسل إليهما فدعاهما، فقال: ما حمَلَكما على احتكار طعام المسلمين؟ قالا: يا أمير المؤمنين، نشتري بأموالنا ونبيع. فقال عمر: سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من احتكَر على المسلمين طعامَهم ضربَه اللَّهُ بالإفلاس أو بجُذام".
فقال فرُّوخ عند ذلك: يا أمير المؤمنين، أُعاهِدُ اللَّه وأُعاهِدُك أن لا أعودَ في طعام أبدًا. وأما مولى عمر فقال: إنما نشتري بأموالنا ونبيع. قال أبو يحيى: فلقد رأيتُ مولى عمر مجذومًا (3).
(1) المسند 1/ 307 (173)، ومن طريق سفيان بن عيينة عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد عن أبيه أخرجه ابن ماجة 1/ 646 (2005)، وأبو يعلى 1/ 177 (199). قال البوصيري: إسناده صحيح، فرجاله ثقات غير أبي يزيد المكي، وثّقه ابن حبّان. وله شواهد تصحّحه. وصحّح محقّقو المسند الحديث لغيره، وذكروا شواهده، وصحّحه الألباني.
(2)
المسند 1/ 283 (134). وفي إسناده ابن لهيعة، لكنّه متابع. فقد أخرجه الإمام مسلم 1/ 215 (243) من طريق معقل بن عُبيد اللَّه الجزري عن أبي الزبير.
(3)
المسند 1/ 283 (135)، ولجهالة أبي يحيى وفرّوخ ضعّف محقّقو المسند إسناده والحديث أخرجه ابن ماجة 2/ 729 (2155) من طريق الهيثم، وصحّح البوصيري إسناده. وذكر الحديث ابن الجوزي في العلل 6/ 603 (998)، وقال: أبو يحيى مجهول. كما ذكره الذهبي في الميزان 4/ 322 في ترجمة الهيثم، وقال: وقد أنكر حديثه في الحكرة. وقال: وأبو يحيى لا يُدرى من هو. وضعّف الألباني الحديث.
(5727)
الحديث الثالث والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال: أخبرنا ليث قال: حدّثني بُكير عن عبد الملك بن سعيد الأنصاريّ عن جابر بن عبد اللَّه عن عمر ابن الخطّاب قال:
هَشِشْتُ (1) يومًا فقبَلْتُ وأنا صائم، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: صَنَعْتُ اليومَ أمرًا عظيمًا: قَبَّلْتُ وأنا صائم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرأيتَ لو تَمَضْمَضْتَ (2) وأنت صائم" قلت: لا بأس بذلك. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "ففيم؟ "(3).
(5728)
الحديث الرابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس بن محمد قال: حدّثنا داود -يعني ابن أبي الفرات- عن عبد اللَّه بن بُرَيدة عن أبي الأسود قال:
أتيتُ المدينة فوافَقْتُها وقد وقع فيها مرض، فهم يموتون موتًا ذَريعًا، فجلَسْتُ إلى عمر ابن الخطّاب، فمرّت به جنازة، فأُثني على صاحبها خيرٌ. فقال عمر: وَجَبَتْ، ثم مُرّ بأخرى [فأثنى على صاحبها خير، فقال عمر: وجبت، ثم مُرّ بالثالثة. فأثني عليها](4) شَرٌّ، فقال عمر: وجبت. فقال أبو الأسود: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟ . قال: قلت: كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيُّما مسلمٍ شَهِد له أربعة بخير أدخلَه اللَّه الجنّة". قال: قلنا وثلاثة؟ قال: "وثلاثة". فقلنا: واثنان؟ قال: "واثنان" ثم لم تسألْه عن الواحد.
انفرد بإخراجه البخاري (5).
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد وعفّان قالا: حدّثنا داود. . . فذكره (6).
(1) هششت: فرحت واستبشرت.
(2)
في المسند "بما".
(3)
المسند 1/ 285 (138). ورجاله ثقات، وإسناده صحيح. ومن طرق عن الليث أخرجه أبو داود 2/ 311 (2385)، وصحّحه ابن خزيمة 3/ 245 (1999)، وابن حبّان 8/ 313 (3544) وصحّح الحاكم إسناده على شرط الشيخين 1/ 431، ووافقه الذهبي، مع أن عبد الملك بن سعيد من رجال مسلم، وصحّحه الألباني والمحقّقون.
(4)
ما بين المعقوفين من المسند والبخاري.
(5)
المسند 1/ 286 (139). ومن طريق داود بن أبي الفرات أخرجه البخاري 5/ 252 (2643). ويونس بن محمد من رجال الشيخين.
(6)
هذه الطريق ساقطة من التركية. وهي في المسند 1/ 406 (318). وأخرجه البخاري 3/ 229 (1368) من طريق داود.
(5729)
الحديث الخامس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا ابن لهيعة قال: حدّثنا بُكير عن سعيد بن المسيِّب عن عمر قال:
غزَونا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في رمضان، والفتح في رمضان، فأفْطَرْنا فيهما (1).
(5730)
الحديث السادس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدّثنا المُثَنى بن عوف العَنَزي قال: أنبأني الغَضبان بن حنظلة:
أنّ أباه حنظلة بن نُعيم وَفَدَ إلى عمر، فكان عمرُ إذا مرّ به إنسان من الوفد سأله: ممّن هو؟ حتى مرَ به أبي فسأله: ممّن أنت؟ فقال: من عَنَزَة. فقال:
سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "حيٌّ من هاهنا مَبْغِيُّ عليهم، منصورون"(2).
(5731)
الحديث السابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا دَيْلم بن غَزوان قال: حدّثنا ميمون الكُردي قال: حدّثني أبو عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ أخوفَ ما أخافُ على أُمّتي كلُّ منافقٍ، عليمِ اللسان"(3).
* طريق آخر:
أخبرنا عبد الأوّل بن عيسى قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المُظَفّر قال: أخبرنا عبد اللَّه بن أحمد بن حَمويه (4) قال: حدّثنا إبراهيم بن خُزَيم قال: حدّثنا عبد بن حُميد قال: حدّثنا محمد بن الفضل قال: حدّثنا دَيلم بن غزوان عن ميمون الكُردي عن
(1) المسند 1/ 287 (140). ورواه 1/ 288 (142) من طريق حسن عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن معمر بن أبي حبيبة عن سعيد. ومن طريق قتيبة عن ابن لهيعة عن يزيد أخرجه الترمذي 3/ 93 (714) وقال: لا نعرفه إلّا من هذا الوجه. وقد قوّى محقّقو المسند إسناد حديثنا هذا، لرواية قتيبة عن ابن لهيعة، وهي مقبولة، وقوَّوه لحديث أبي سعيد عند مسلم. ومال الشيخ شاكر إلى عدم سماع سعيد بن المسيّب من عمر، وضعّف إسناده.
(2)
المسند 1/ 288 (141). ومن طريق أبي غاضرة عن عمّه، ومن طريق الغصبان أخرجه الطبراني في الأوسط 3/ 276 (2603) وقال: لم يرو هذا الحديث عن عمر إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به أبو غاضرة. ولجهالة الغصبان وأبيه ضعّف محقّقو المسند إسناده.
(3)
المسند 1/ 288 (143). وقد صحّح شاكر إسناده، وقوّاه محقّقو المسند. وجعله الألباني في الأحاديث الصحيحة 3/ 11 (1013)، وصحّح إسناد أحمد.
(4)
ينظر هذا الإسناد في مشيخة ابن الجوزي 67.
أبي عثمان النّهدي عن عمر بن الخطاب:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّما أخافُ عليكم كلَّ منافق عليمٍ، يتكلّم بالحكمة، ويعملُ بالجَور"(1).
(5732)
الحديث الثامن والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا عبد العزيز بن محمد قال: حدّثنا صالح بن محمد بن زائدة عن سالم بن عبد اللَّه:
أنّه كان مع مسلمة بن عبد الملك في أرض الروم، فوُجد في مَتاع رجل غُلولٌ، فسألَ سالمَ بن عبد اللَّه، فقال: حدّثني عبد اللَّه بن عمر عن عمر:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من وَجَدْتُم في متاعه غُلولًا فأحْرِقوه" قال: وأحسِبه قال: "واضربوه" قال: فأخرج متاعه في السوق، فوجد فيه مصحفًا، فسأل سالمًا، فقال: بعه وتصدّق بثمنه (2).
(5733)
الحديث التاسع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد وحسين ابن محمد قالا: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن عمرو بن ميمون عن عمر:
أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يتعوَّذُ من خمس: من البخل، والجُبن، وفِتنة الصدر، وعذاب القبر، وسوء العُمر (3).
فتنة الصدر: أن يموت الرجل غير تائب.
وسوء العمر: أرذله.
(1) أخرجه المؤلّف بإسناده إلى عبد بن حميد - مسنده 32 (11).
(2)
المسند 1/ 289 (144). ومن طريق عبد العزيز بن محمد أخرجه أبو داود 3/ 69 (2713)، وأبو يعلى 1/ 180 (204)، والترمذي 4/ 50 (1461) وقال: غريب، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه. . ثم نقل عن البخاري قوله عن صالح بن محمد: منكر الحديث. وينظر العلل 2/ 584 (960). وقد صحّح الحاكم إسناده على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي 2/ 127. وجعل محقّقو المسند ذلك تساهلًا منهما، ونقلوا أقوالًا عن الأئمّة في تضعيف الحديث ونكارته.
(3)
المسند 1/ 290 (145). ومن طرق عن إسرائيل أخرجه البخاري في الأدب 1/ 352 (670)، وأبو داود 2/ 90 (1539)، وابن ماجة 2/ 1263 (3844)، والنسائي 8/ 255، 266 وصحّح الحاكم إسناده 1/ 530، ووافقه الذهبي. ومن طريق أبي إسحق صحّحه ابن حبّان 3/ 300 (1024)، والمحقّقون.
(5734)
الحديث الخمسون: حدّثنا أحمد قال: أخبرنا يحيى بن إسحق قال: حدّثنا ابن لَهيعة عن عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولافي قال: سمعت فَضالة بن عُبيد يقول: سمعْت عمر بن الخطاب يقول:
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الشهداءُ أربعة، رجلٌ مؤمن جيّد الإيمان، لقي العدوَّ فصدق اللَّهَ، فقُتل، فذلك الذي ينظر الناسُ إليه هكذا" ورفع رأسَه حتى سقطت قَلَنْسُوة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أو قَلَنْسُوة عمر. "والثاني مؤمن لَقي العدوَّ، فكأنما يُضْرَب ظهرُه بشوك الطَّلح، جاءه سَهمٌ غَربٌ فقتلَه، فذلك في الدرجة الثانية، والثالث: رجل مؤمنٌ خلَط عملًا صالحًا وآخرَ سيَئًا، لَقِي العدوَّ، فصدَقَ اللَّهَ حتى قُتِل، فذلك في الدرجة الثالثة. والرابع: رجلٌ مؤمن أسرفَ على نفسه إسرافًا كثيرًا، لقي العدوَّ، فصدق اللَّه حتى قُتِل، فذلك في الدرجة الرابعة"(1).
(7535)
الحديث الحادي والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن غيلان قال: حدّثنا رِشدين بن سعد قال: حدّثني أبو عبد اللَّه الغافِقيّ عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب.
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أنّه توضّأ عامَ تبوك واحدةً واحدةً (2).
(5736)
الحديث الثاني والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن قال: حدّثنا ابن لهيعة قال: حدّثنا أبو الزّبير عن جابر أن عمر بن الخطّاب أخبره:
أنّه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "سيخرجُ أهلُ مكة ثم لا يُعْبَرُ بها - أو لا يَعْبُرُ بها إلا قليل، ثم تمتلىء وتُبنى، ثم يخرجون منها [فلا يعودون] فيها أبدًا"(3).
(1) المسند 1/ 293 (150). وأبو يزيد الخولاني مجهول، وأبن لهيعة ضعيف، لكن روى هذا الحديث عنه عدد من الأئمة الذين قُبلت روايتهم عنه. فمن طريق ابن لهيعة أخرجه الترمذي 4/ 152 (1644) وقال: حسن غريب، لا نعرفه إلّا من حديث عطاء بن دينار. وأبو يعلى 1/ 216 (252)، والطبراني في الأوسط 1/ 235 (363) وقال: لا يروى هذا الحديث عن عمر إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به ابن عمر. وقد تحدّث الألباني عن الحديث في الضعيفة 5/ 16 (2004).
(2)
المسند 1/ 294 (151). ومن طريق رشدين عن الضحاك بن شرحبيل - أبي عبد اللَّه الغافقي أخرجه ابن ماجة 1/ 143 (412) وقال البوصيري: إسناده واهٍ لضعف رشدين بن سعد. لكن شاكرًا ومحقّقي المسند صحّحوه لغيره.
(3)
المسند 1/ 294 (152). وقد ضعّف المحقّقون إسناده لضعف ابن لهيعة، وتدليس أبي الزبير. وقال ابن كثير - الجامع 18/ 39 (63): تفرّد به. وقال الهيثمي 3/ 301: فيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.
(5737)
الحديث الثالث والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حمّاد الخيّاط قال: حدّثنا عبد اللَّه عن نافع:
أن عمر زاد في المسجد من الأُسطوانة إلى المقصورة. وزاد عثمان. وقال عمر: لولا أني سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "نبغي نزيد في مسجدنا" ما زِدْت فيه (1).
(5738)
الحديث الرابع والخمسون: حدّثنا هُشيم قال: أخبرنا حميد عن أنس قال: قال عمر: وافقتُ ربّي في ثلاث:
قلت: يا رسول اللَّه، لو اتّخَذْنا من مقام إبراهيم مُصَلّى، فنزلت:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125].
وقلت: يا رسول اللَّه، إنّ نساءَك يدخلُ عليهنّ البَرُّ والفاجر، فلو أمرْتَهنّ أن يَحْتَجِبْن. فنزلت آية الحجاب.
واجتمع على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغَيرة، فقلت لهنّ {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ}. قال: فنزلت كذلك (2)[التحريم: 5].
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا حميد عن أنس، وقال فيه:
وافَقْتُ ربّي في ثلاث، أو وافَقَني في ثلاث. . .
أخرجاه في الصحيحين (3).
وفي أفراد مسلم من حديث نافع عن ابن عمر عن عمر أنّه قال: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر (4).
(5739)
الحديث الخامس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن عن مالك عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد عن عمر بن الخطّاب قال:
(1) المسند 1/ 414 (330). وقد ضعّف شاكر والمحقّقون إسناده، لضعف عبد اللَّه بن عمر بن حفص، ولأن نافعًا مولى ابن عمر لم يدرك عمر. وجعله ابن كثير في الجامع 18/ 258 (463) ممّا تفرّد به أحمد.
(2)
المسند 1/ 297 (157)، والبخاري 1/ 504 (402).
(3)
المسند 1/ 363 (250)، والبخاري 8/ 168 (4483) وأخرج مسلم التالي.
(4)
مسلم 4/ 1865 (2399).
سمعْتُ هشام بن حكيم يقرأ سورة [الفرقان] في الصلاة على غير ما أقرؤها، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقرأَنيها، فأخَذْتُ بثوبه فذَهَبْتُ به إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسول اللَّه، إنّي سَمِعْتُه يقرأ سورة "الفرقان" على غير ما أقرْأتَنيها. فقال:"اقرأ". فقرأ القراءة التي سَمِعْتُها منه، فقال:"هكذا أُنْزِلَت" ثم قال لي: "اقْرأ" فقرأت، فقال:"هكذا أُنزلت. إنّ هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تَيَسَّرَ منه"(1).
(5740)
الحديث السادس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الوليد بن مسلم قال: حدّثنا الأوزاعيّ أن يحيى بن أبي كثير حدّثه عن عكرمة مولى ابن عباس قال: سمعت ابن عبّاس يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول:
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول وهو بالعقيق: "أتاني الليلةَ آتٍ من ربّي عز وجل فقال: صَلِّ في هذا الوادي المبارك، وقُلْ: عمرة في حجّة".
وقال الوليد: يعني ذا الحليفة.
انفرد بإخراجه البخاري (2).
(5741)
الحديث السابع والخمسون: حدّثنا البخاري قال: حدّثنا عبد اللَّه بن يوسفسا قال: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس أنّه أخبره:
أنّه التمس صرفًا بمائة دينار. قال: فدعاني طلحة بن عُبيد اللَّه، فتراوَضْنا حتى اصطرفَ منّي، فأخذ الذهبَ يقَلّبُها في يده، ثم قال: حتى يأتيَ خادمي من الغابة، وعمر يسمعه، فقال: واللَّه لا تفارِقُه حتى تأخذَ منه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"الذّهب بالوَرِقِ رِبًا إلّا هاءَ وهاءَ، والبُرّ بالبُرّ إلا هاءَ وهاءَ، والشعير بالشعير ربًا إلّا هاءَ وهاءَ (3)، والتَّمر بالتَّمر رِبًا إلا هاء وهاء".
أخرجاه (4).
(1) المسند 1/ 378 (277). وهو في الصحيحين -ولم يُنبّه عليه في المخطوطة- من طريق مالك أخرجه البخاري 5/ 73 (2419)، ومسلم 1/ 560 (818).
(2)
المسند 1/ 299 (161)، والبخاري 3/ 392 (1534).
(3)
سقط من هنا آخر الحديث من التركية.
(4)
البخاري 4/ 377 (2174) وفيها: "الذهب بالذهب. . . " ورواه 4/ 347 (2134) من طريق الزهري وفيه: "الذهب بالورق. . . " وكذا هو عند مسلم 3/ 1209 (1586) من طريق الزهري، والمسند 1/ 403 (314) من طريق مالك. وينظر الفتح 4/ 348، 378.
وفي لفظ أخرجه أبو بكر البرقاني: "الوَرِق بالوَرِق رِبا إلا هاءَ وهاءَ، والذهب بالذهب ربّا إلا هاء وهاء"(1).
(5742)
الحديث الثامن والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سفيان عن الزهريّ أنّه سمع أبا عبيد قال:
شهدت العيد مع عمر، فبدأ بالصلاة قبل الخُطبةَ وقال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين: أما يوم الفطر ففطرُكم من صومكم، وأما يوم الأضحى فكُلوا من لحم نُسُككم.
أخرجاه (2).
(5743)
الحديث التاسع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطّاب قال:
حَمَلْتُ على فرسٍ في سبيل اللَّه عز وجل، فأضاعَه صاحبُه، فأردْتُ أن أبتاعَه وظَنَنْتُ أنّه بائِعُه برُخص، فقلتُ: حتى أسألَ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم. فقال: "لا تَبْتَعْه ولو أعطاكَه بدرهم، فإن الذي يعودُ في صدقته كالكلب يعودُ في قَيئه".
أخرجاه في الصحيحين (3).
(5744)
الحديث الستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سفيان عن عاصم بن عُبيد اللَّه عن عبد اللَّه بن عامر بن ربيعة يحدّث عن عمر بلغ به، وقال سفيان مرّة:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "تابعوا بين الحَجّ والعمرة، فإن متابعةً بينهما يَنْفِيان الفَقرَ والذُّنوب كما يَنفي الكِيرُ الخَبَثَ"(4).
(1) ينظر الجمع 1/ 113. فعنه نقل المؤلّف هذه الرواية.
(2)
المسند 1/ 301 (163). ومن طريق الزهري أخرجه البخاري 4/ 238 (1990)، 10/ 24 (5771) ومسلم 2/ 799 (1137) وأبوعبيد، هو سعد بن عبيد، مولى عبد الرحمن بن أزهر.
(3)
المسند 1/ 380 (281)، ومسلم 3/ 1239 (1620). وأخرجه البخاري 3/ 353 (1490) من طريق مالك.
(4)
المسند 1/ 303 (167). وقد أخرجه ابن ماجة 2/ 964 (2887) من طريق سفيان بن عيينة عن عاصم عن عبد اللَّه بن عامر عن أبيه عن عمر، ومن طريق عُبيد اللَّه عن عاصم مثله. وأبو يعلى من طرق سفيان مثل ابن ماجة - بزيادة عامر بن ربيعة بين عبد اللَّه وعمر 1/ 176 (98) قال البوصيري: مدار الإسنادين على عاصم ابن عبيد اللَّه، وهو ضعيف، والمتن صحيح من حديث ابن مسعود، رواه الترمذي والنسائي. وصحّح محقّقو المسندين الحديث لغيره.
(5745)
الحديث الحادي والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد. وحدّثنا البخاري قال: حدّثنا محمد بن كثير عن سفيان. وحدّثنا مسلم قال: حدّثنا عبد اللَّه بن مَسلمة عن مالك:
قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيد أن محمد بن إبراهيم أخبره أنّه سمع علقمة بن وقّاص الليثي يقول: إنّه سمع عمر بن الخطّاب وهو يخطب النّاس وهو يقول:
سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّما الأعمال بالنيّات" وقال يزيد: "إنّما العمل بالنّيّة، وإنّما لامرىءٍ ما نوى، فمن كانتما هجرتُه إلى اللَّه وإلى رسوله فهجرتُه إلى اللَّه ورسوله، ومن كانت هجرَتُه لدُنيا يُصيبها أو لامرأة يتزَوَّجُها فهجرتُه إلى ما هاجر إليه".
أخرجاه.
وفي بعض الألفاظ: "إنّما الأعمال بالنّية"(1).
(5746)
الحديث الثاني والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سفيان عن عمرو عن طاوس عن ابن عبّاس قال:
ذُكر لعمرَ أن سَمُرَةَ باع خمرًا، فقال: قاتل اللَّه سَمرَةَ، إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لعنَ اللَّهُ اليهودَ، حُرِّمَتْ عليهم الشحومُ فجَمَلوها فباعوها".
أخرجاه (2).
ومعنى جملوها: أذابوها.
(5747)
الحديث الثالث والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابنُ إدريس قال: حدّثنا ابن جُريح عن ابن أبي عمّار عن عبد اللَّه بن بابَيه عن يعلى بن أميّة قال:
سألتُ عمر بن الخطّاب، قلت:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] وقد أَمِنَ النّاس. فقال لي عمر: عَجِبْتُ ممّا عَجِبْتَ منه، فسألْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذاك، فقال:"صدقةٌ تصدَّقَ اللَّه بها عليكم، فاقبلوا صدقته".
(1) المسند 1/ 393 (300) وينظر 1/ 303 (168)، والبخاري 5/ 160 (2529) وينظر البخاري 1/ 9 (1)، ومسلم 3/ 1515 (1907).
(2)
المسند 1/ 305 (170)، والبخاري 4/ 414 (2223)، ومسلم 3/ 1207 (1582).
انفرد بإخراجه مسلم (1).
(5748)
الحديث الرابع والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش (2) عن خيثمة عن قيس بن مروان:
أنّه أتى عمر فقال: جئتُ يا أمير المؤمنين من الكوفة وتركْتُ بها رجلًا يُملي المصاحف عن ظهر قلبه، فغضبَ وانتفخَ حتى كان يملأ ما بين شُعبتي الرَّحل. فقال: ومن هو، وَيْحَكَ؟ فقال: عبد اللَّه بن مسعود. فما زال يُطْفَأُ ويُسَرَّى عنه الغَضبُ حتى عاد إلى حاله التي كان عليها. ثم قال: ما أعلَمُه بقي من النّاس أحد هو أحقّ بذلك منه، وسأُحَدِّثُك عن ذلك:
كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يزال يَسْمُرُ عند أبي بكر (3) كذاك في الأمر من أمر المسلمين، وإنه سَمَرَ عنده ذات ليلةٍ وأنا معه، فخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وخرَجْنا معه، فإذا رجلٌ قائم يصلّي في المسجد، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يستمع قراءته، فما كِدْنا نعرفه (4). قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"من سَرَّه أن يقرأَ القرآنَ رَطْبًا كما أُنْزِل فليقرأْه على قراءة ابن أمّ عَبد" قال: ثم جلس الرجل يدعو، فجعلَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"سل تُعْطَه، سَلْ تُعْطَه" قال عمر: قلتُ: واللَّه لأغْدُوَنّ إليه فلأُبَشِّرَنّه. قال: فغَدَوْتُ إليه لأُ بَشِّرَه فوجدْتُ أبا بكر قد سبَقَني إليه فبَشَّرَه. ولا واللَّه ما سابَقْتُه إلى خير قطّ إلّا سبَقَني إليه (5).
(5749)
الحديث الخامس والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى ومحمد ابن جعفر قالا: حدّثنا شعبة قال: حدّثنا قتادة عن سعيد بن المسيّب عن ابن عمر عن عمر:
(1) المسند 1/ 308 (174)، ومسلم 1/ 478 (686). وابن أبي عمار هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن أبي عمّار.
(2)
في المسند: حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة. قال أبو معاوية: وحدّثنا الأعمش. . .
(3)
في المسند: "الليلة".
(4)
في المسند "فلما كِدْنا أن نعرفه".
(5)
المسند 1/ 308 (175). وبالإسناد أخرج أبو يعلى الحديث 1/ 172 (194)، وعزاه الهيثمي 9/ 290 لأبي يعلى وقال: رواه بإسنادين، رجالهما رجال الصحيح، غير قيس بن مروان، وهو ثقة. وبالإسناد الأول أخرجه ابن خزيمة 2/ 186 (1156). وأخرج الترمذي صدر الحديث بالإسناد الأول 1/ 315 (169)، وأطال أحمد شاكر في تخريجه والتعليق عليه. وقد صحّح المحقّقون والألباني إسناد الحديث بطريقيه.
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "الميّتُ يُعَذَّبُ في قبره بالنّياحة عليه" وقال: محمد بن جعفر: "بما نِيحَ عليه"(1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا سعيد عن قتادة - فذكره وقال: "بما نِيح عليه"(2).
الطريقان في الصحيحين.
* طريق آخر:
حدّثنا مسلم قال: حدّثنا عليّ بن حُجر قال: حدّثنا عليّ بن مُسهر عن الشيباني عن أبي بُردة عن أبيه قال:
لما أُصيب عمر جعل صُهيب يقول: وا أخاه. فقال له عمر: يا صُهيبُ، أما عَلِمْت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إنّ الميّت يُعَذَّب ببكاء الحيّ".
انفرد بإخراجه مسلم (3).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن عبيد اللَّه قال: أخبرني نافع عن ابن عمر:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "يُعَذَّبُ الميّت بِبكاء أهلِه عليه"(4).
(5750)
الحديث السادس والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة قال: حدّثنا ثابت عن أنس قال:
كنّا مع عمر بين مكّة والمدينة، فتراءينا الهلال، وكنتُ حديدَ البصر، فرأيْتُه، فجعلتُ أقول لعمر: أما تراه. قال: سأراه وأنا مُسْتَلْقٍ على فراشي.
(1) المسند 1/ 312، 428 (180، 354).
(2)
المسند 1/ 434 (366). وأخرج مسلم الحديث من محمد بن جعفر عن شعبة. ومن طريق ابن أبي عدي عن سعيد، كلاهما عن قتادة 2/ 639 (927) والبخاري من طريق شعبة وسعيد 3/ 161 (1292).
(3)
مسلم 2/ 639 (927)، وقوله: انفرد بإخراجه مسلم ليست صحيحة، وقد يكون موضعها الطريق التالي، ويثبت هنا "أخرجاه" فهو في البخاري 3/ 152 (1290) من طريق علي بن مسهر عن أبي إسحق الشيباني.
(4)
المسند 1/ 362 (248)، ومسلم 2/ 638 (927) من طريق عبيد اللَّه بن عمر به.
ثم أخذ يُحَدِّثُنا عن أهل بدر، قال: إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليُرينا مصارعَهم، يقول:"هذا مَصْرَعُ فلان غدًا إن شاء اللَّه، وهذا مَصْرَع فلان غدًا إن شاء اللَّه". قال: فجعلوا يُصْرَعون عليها. قال: قُلت: والذي بعثَك بالحقِّ، ما أخطأوا تيكَ، كانوا يُصْرَعون عليها. ثم أمرَ بهم فطُرِحوا في بئر، وانطلق إليهم (1):"يا فلان، يا فلان، هل وَجَدْتُم ما وعدَكم اللَّهُ حقًّا؟ فإنّي وَجَدْتُ ما وعدَني اللَّهُ حقًّا" قال عمر: يا رسول اللَّه، أتُكَلِّم قومًا قد جَيَّفوا؟ قال:"ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم، ولكن لا يستطيعون أن يُجيبوا".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(5751)
الحديث السابع والستون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا عُبيد اللَّه بن مُعاذ العنبري قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا كَهْمَس عن ابن بريدة عن يحيى بن يَعْمَر قال:
كان أوّل من قال بالقَدَر بالبصرة مَعْبَد الجُهَني. فانطلقتُ أنا وحُميد بن عبد الرحمن الحِميري حاجَّين أو مُعْتَمِرين، فقلنا: لو لَقِينا أحدًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسأَلْناه عَما يقول هؤلاء في القدر، فوُفِّق لنا عبد اللَّه بن عمر في المسجد، فاكتَنَفْناه أنا وصاحبي، أحدُنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظَنَنْتُ أنّ صاحبي سَيَكِلُ الكلامَ إليّ، فقلتُ: يا أبا عبد الرحمن، إنّه قد ظهرَ قِبَلَنا ناسٌ يقرءون القرآن ويَتَقَفّرون العلم. وذكر من شأنهم، وإنهم يزعمون: أن لا قَدرَ، وأن الأمرَ أُنُف. فقال: إذا لقيتَ أولئك فأخْبِرْهم أني برىء منهم وأنّهم بُرآء منّي. والذي يحلف به عبدُ اللَّه بن عمر، لو أنّ لأحدهم مثلَ أُحدٍ ذهبًا فأنْفَقَه ما قَبِلَ اللَّهُ منه حتى يُؤمِنَ بالقدر. ثم قال حدّثني أبي عمر بن الخطّاب قال:
بينما نحن عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجلٌ شديدُ بياض الثياب، شديدُ سواد الشعر، لا يُرى عليه أثَرُ السفر، ولا يعرِفه منّا أحد، حتى جلس إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتَبه إلى ركبتَيه، ووضع كفّيه على فخذَيه، وقال: يا محمّد، أخبرني عن الإسلام. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"الإسلامُ أن تشهدَ أن لا إله إلا اللَّه وأنّ محمدًا رسول اللَّه، وتُقيمَ الصلاة، وتؤتيَ الزّكاة، وتصومَ رمضان، وتَحُجَّ البيتَ إن استطعْتَ إليه سبيلًا" قال: صَدَقْتَ. قال: فَعَجِبْنا له يسألُه ويُصَدِّقُه.
(1) في المسند "فقال".
(2)
المسند 1/ 313 (182). ومن طريق سليمان أخرجه مسلم 4/ 2202 (2873).
قال: فأخْبِرْني عن الإيمان. قال: "أن تؤمنَ باللَّه، وملائكتِه، وكتبِه، ورسلِه، واليومِ الآخر، وتؤمنَ بالقدر خيرِه وشرِّه". قال: صَدَقْتَ.
قال: فأخْبِرْني عن الإحسان. قال: "أن تعْبُدَ اللَّه كأنَّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك".
قال: فاخْبِرْني عن الساعة. قال: "ما المسئول عنها بأعلمَ من السائل". قال: فأخْبِرْني عن أمارتها. قال: "أن تلِدَ الأمَةُ ربَّتَها، وأن تَرى الحُفاةَ العُراةَ العالةَ رِعاءَ الشاء يتطاولون في البنيان".
قال: ثم انطلق مَلِيًّا. ثم قال لي: "يا عمر، أتدري من السائل؟ " قلتُ: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّه جبريل، أتاكم يُعَلِّمُكم دينَكم".
انفرد بإخراجه مسلم (1).
وقد أخرج البخاري ومسلم جميعًا قصّة سؤال جبريل من حديث أبي هريرة (2).
ويتقفّرون العلم: بمعنى يطلبونه.
(5752)
الحديث الثامن والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا حسين المُعَلِّم قال: حدّثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال:
لما رجع عمرو جاء بنو مَعمر بن حبيب يُخَاصمونه في ولاء أُختهم إلى عمر بن الخطّاب. فقال: أقضي بينكم بما سمعتُ من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أَحْرَزَ الولدُ أو الوالدُ فهو لعَصَبته من كان" فقَضى لنا به (3).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا [عبد اللَّه بن] يزيد قال: حدّثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: سمعتُ عمر بن الخطّاب قال:
(1) مسلم 1/ 36 (8)، وينظر المسند 1/ 314 (184).
(2)
وهو في مسلم 1/ 39 (9)، والبخاري 1/ 114 (50) وينظر طرقه في الجمع 3/ 167 (2389).
(3)
المسند 1/ 314 (183). من طريق حسين المعلّم أخرجه أبو داود 3/ 127 (2917)، وابن ماجة 2/ 912 (2732)، وفيه قصّة. وصحّح الألباني الحديث وحسّن إسناده - الصحيحة 5/ 248 (2213).
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يَرِثُ الولاءَ من وَرِثَ المالَ من والدٍ أو ولد"(1).
(5753)
الحديث التاسع والستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن نُمير عن مجالد عن عامر عن جابر بن عبد اللَّه قال: سمعتُ عمر بن الخطّاب يقول لطلحة بن عُبيد اللَّه:
مالي أراك قد شَعِثْتَ واغْبَرَرْتَ مُذ تُوفّي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ لعلّك ساءَك يا طلحةُ أمارة ابن عمّك؟ قال: معاذ اللَّه، إنّي لأجْدَرُكم إلّا أفعلَ ذلك، إني سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إني لأعلمُ كلمة لا يقولُها أحدٌ عند حضرة الموت إلا وجد رُوحُه لها رَوحًا حين تَخرج من جسده، وكانت له نورًا يومَ القيامة". فلم أسأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عنها ولا أخبرَني بها، فذاك الذي دخَلَني. قال عمر: وأنا أعلَمُها. قال: فلله الحمد. قال: فما هي؟ قال: هي الكلمة التي قالها لعمّه: لا إله إلّا اللَّه. قال: صدقت (2).
(5754)
الحديث السبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن سَلَمة بن كُهَيل قال: سمعْت أبا الحكم قال:
سألْتُ ابن عمر عن الجَرّ. فحدَّثَنا عن عمر: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن الجَرّ، وعن الدُّبّاء، وعن المُزَفَّت (3).
(5755)
الحديث الحادي والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا جعفر بن عَون قال: أخبرنا أبو عُميس عن قيس عن مسلم عن طارق بن شهاب قال:
(1) المسند 1/ 409 (324) ومن طريق قتيبة عن ابن لهيعة أخرجه الترمذي - دون قوله: (من والد أو ولد) 4/ 372 (2114) وقال: هذا حديث ليس إسناده بالقوي. وضعّف الألباني الحديث. وحسّن محقّقو المسند إسناده، لأن رواية عبد اللَّه بن يزيد عن ابن لهيعة صالحة، وكذا صحّح إسناده أحمد شاكر.
(2)
المسند 1/ 319 (187) ورجال ثقات رجال الشيخين، غير مجالد، وهو ضعيف. وبهذا الإسناد أخرجه أبو يعلى 2/ 13 (640) في مسند طلحة. وأخرجه أحمد بأسانيد آخر: صحيحه في مسند طلحة 3/ 8، 9 (1384، 1386). وأطال محقّقو المسندين في تخريج الحديث والتعليق عليه.
(3)
المسند 1/ 430 (360) وأبو الحكم عمران بن الحارث من رجال مسلم، وسائر رجاله رجال الشيخين.
وقد صحّ النهي عن الانتباذ في المزّفت والدّبّاء: القرع، في أحاديث عديدة عند الشيخين، عن ابن عمر، وأبي سعيد، وعائشة، وزينب بنت أم سلمة، ينظر الجمع 2/ 298، 470 (1501، 1814)، 4/ 163، 279 (3287، 3532).
جاء رجلٌ من اليهود إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إنّكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشرَ اليهود أنزلت لاتَّخَذْنا ذلك أليومَ عيدًا. قال: وأيُّ آية هي؟ قال: قوله: {الْيَوْمَأَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] فقال عمر: واللَّه إنّي لأعلمُ اليوم الذي نزلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، عشيّة عرفة في يوم الجمعة.
أخرجاه في الصحيحين (1).
(5756)
الحديث الثاني والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عيّاش عن حكيم بن حكيم عن أبي أُمامة بن سهل قال:
كتب عمر إلى أبي عُبيدة بن الجرّاح: أن علِّموا غِلمانَكم العومَ، ومِقاتلَتَكم الرّميَ. فكانوا يختلفون إلى الإغراض، فجاء سهم غَرْبٌ (2) إلى غلام فقتله، فلم يوجد له أصل، وكان في حِجر خال له، فكتب فيه أبو عبيدة إلى عمر، فكتب إليه عمر: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [كان يقول]"اللَّهُ ورسولُه مَولى من لا مَولى له، والخال وارِثُ من لا وارثَ له"(3).
(5757)
الحديث الثالث والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا سفيان عن أبي يعفور العبديّ قال: سمعْتُ شيخًا بمكة في إمارة الحجّاج يحدّث عن عمر ابن الخطّاب:
أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: "يا عمر، إنّك رجلٌ قويّ، لا تُزاحِمْ على الحجر فتؤذيَ الضعيف، إن وَجَدْتَ خَلوةً فاسْتَلِمْه، وإلا فاسْتَقْبِله فهلِّلْ وكبِّر"(4).
(1) المسند 1/ 320 (188)، والبخاري 1/ 105 (45)، ومسلم 4/ 2313 (3017)
(2)
السَهم الغَرْب: الذي لا يُدرى من رماه.
(3)
المسند 1/ 409 (323)، ومن طريق سفيان أخرجه ابن ماجة 2/ 914 (2737)، والترمذي 4/ 367 (2103) وقال: حسن صحيح، وصحّحه ابن حبّان 13/ 400 (6037). وصحّح المحقّقون إسناده، وصحّحه الألباني.
(4)
المسند 1/ 321 (190). ورجاله ثقات غير الراوي عن عمر، مبهم. وقد حسّن المحقّقون الحديث، وأطالوا الكلام فيه. وصحّح الشيخ شاكر إسناده، وجعله ابن كثير في الجامع 8/ 297 (540) من أفراد الإمام أحمد.
(5758)
الحديث الرابع والسبعون: حدّثنا أحمد حدّثنا وكيع قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر عن أبيه قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أقبلَ الليلُ من هاهنا، وذهبَ النهار من هاهنا، فقد أفطر الصائم".
أخرجاه في الصحيحين (1).
(5759)
الحديث الخامس والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد (2) قال: أخبرنا ورقاء عن عبد الأعلى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
كنت مع البراء بن عازب، وعمرُ بن الخطّاب في البقيع ينظر إلى الهلال، فأقبل راكب، فتلقّاه عمر فقال: من أين جئت؟ فقال: من المغرب (3). فقال: أهْلَلْتَ؟ قال: نعم. قال عمر: اللَّه أكبر، إنما يكفي المسلمين الرجلُ.
ثم قام فتوضّأ ومسح على خُفّيه ثم صلّى المغرب، ثم قال: هكذا رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صنع.
وقال أبو النّضر عن ورقاء: وعليه جُبّة ضيّقة الكمَّين، فأخرج يدَه من تحتها ومسح (4).
(5760)
الحديث السادس والسبعون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا سَلمة عن شَبيب قال: حدّثنا الحسن بن أَعْيَن قال: حدّثنا مَعْقِل عن أبي الزبير قال:
سألْتُ جابرًا عن الضّبّ، فقال (5): قال عمر بن الخطّاب: إنّ النبّي صلى الله عليه وسلم لم يُحَرِّمه، إنّ اللَّه عز وجل ينفعُ به غير واحد، وإنّما طعامُ عامّة الرِّعاء منه، ولو كان عندي طَعِمْتُه.
انفرد بإخراجه مسلم (6).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا سعيد عن قتادة عن سليمان
(1) المسند 1/ 323 (192). وزاد: يعني المشرق والمغرب. ومن طريق هشام بن عروة أخرجه البخاري 4/ 196 (1954)، ومسلم 2/ 772 (1101).
(2)
في الأصل: "وكيع" وليس صحيحًا. فقد جاء في المسند وجامع المسانيد 8/ 200، والأطراف 5/ (62) عن يزيد.
(3)
وروى "المغرب" و"العرب".
(4)
الحديث في المسند 1/ 397 (307)، عن يزيد وأبي النضر، كلاهما عن ورقاء. وقد ضعّف شاكر والمحقّقون إسناده، لضعف عبد الأعلى الثعلبي، والخلاف في سماع ابن أبي ليلى من عمر.
(5)
في مسلم: "فقال: لا تطعموه، وقذره، وقال: قال عمر. . . ".
(6)
مسلم 3/ 1545 (1950).
اليشكريّ عن جابر بن عبد اللَّه أن عمر بن الخطّاب قال:
إنّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يُحَرِّمِ الضَّبَّ، ولكنّه قَذِرَه (1).
(5761)
الحديث السابع والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن عاصم بن عُبيد اللَّه عن سالم عن عبد اللَّه بن عمر [عن عمر]:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه استأذَنه في العمرة فأذِن له، وقال:"يا أُخَيّ، لا تَنْسَنا من دعائك" وقال بعدُ في المدينة " [يا أُخَيّ] أشْرِكنا في دُعائك".
قال عمر: ما أحِبُّ أن لي ما طلعت عليه الشمس لقوله: "يا أُخَيّ"(2).
(5762)
الحديث الثامن والسبعون: [حدّثنا محمد بن جعفر قال: ] حدّثنا شعبة قال: سمعتُ يزيد بن خُمير يحدّث عن حبيب بن عُبيد عن جُبير بن نُفير عن ابن السِّمط:
أنّه أتى أرضًا يقال لها دُومِين، من حمص على رأس ثمانيةَ عشر ميلًا، فصلّى ركعتين، فقلت له: أتصلّي ركعتين؟ فقال: رأيتُ عمر بن الخطّاب بذي الحليفة يصلّي ركعتين، فسألْتُه فقال: إنما أفعل كما رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعل.
انفرد بإخراجه مسلم (3).
(5763)
الحديث التاسع والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح ومؤمَّل قالا: حدّثنا سفيان الثوري عن أبي الزُّبير عن جابر بن عبد اللَّه أن عمر بن الخطّاب قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لئن عِشْتُ لأُخْرِجَنّ اليهودَ والنّصارى من جزيرة العرب، حتى لا أترُكَ فيها إلا مسلمًا".
انفرد بإخراجه مسلم (4).
(1) المسند 1/ 325 (194). ومن طريق سعيد بن أبي عروبة أخرجه ابن ماجة 2/ 79. (339) قال البوصيري: رجال إسناده ثقات إلّا أنّه منقطع. وحكى الترمذي في الجامع عن البخاري. أن قتادة لم يسمع من سليمان ابن قيس اليشكري. وبهذه العلّة ضعّف إسناده شاكر ومحقّقو المسند ويشهد له الطريق السابق.
(2)
المسند 1/ 325 (195). ومن طريق شعبة أخرجه أبو داود 2/ 80 (1498)، ومن طريق سفيان أخرجه ابن ماجة 2/ 966 (2894)، والترمذي 5/ 523 (3562) وقال: حسن صحيح. وقد ضعّف المحقّقون إسناده لضعف عاصم بن عُبيد اللَّه. وجعله الألباني في ضعيف السنن.
(3)
المسند 1/ 327 (198)، ومسلم 1/ 481 (692).
(4)
المسند 1/ 343 (219)، ومن طريق روح أخرجه مسلم 3/ 1388 (1767)، وله فيه طرق أُخر.
(5764)
الحديث الثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا عِكرمة -يعني ابن عمّار- قال: حدّثني سِماك الحنفي أبو زُمَيل قال: حدّثني عبد اللَّه بن عبّاس قال: حدّثني عمر بن الخطّاب قال:
لمّا [كان] يومُ خيبرَ أقبل نَفَرٌ من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: فلان شهيد، فلان شهيد، حتى مرُّوا على رجلٍ فقالوا: فلان شهيد. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كلّا، إني رأيْتُه في النّار في بُردة أو عباءة".
ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا ابنَ الخطّاب، اذهبْ فنادِ في النّاس: إنّه لا يدخلُ الجنّة إلا المؤمنون". فخرَجْتُ فنادَيْتُ: ألا إنّه لا يدخلُ الجنّة إلا المؤمنون.
انفرد بإخراجه مسلم (1).
(5765)
الحديث الحادي والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن قال: حدّثنا حَيْوَةُ قال: أخبرني بكر بن عمرو أنّه سمع عبيد اللَّه بن هُبيرة يقول: إنّه سمع أبا تَميم الجيشانيّ يقول: إنه سمع عمر بن الخطّاب يقول:
إنّه سمع نبيَّ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لو أنّكم تَوَكّلون على اللَّهِ حقَّ توكُّلِه لرزَقَكم كما يَرْزُقُ الطيرُ، تغدو خِماصًا وتروحُ بِطانًا"(2).
(5766)
الحديث الثاني والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عبد الرحمن قال: حدّثني سعيد بن أبي أيوب قال: حدّثنا عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك الهُذلي عن يحيى بن ميمون الحضرميّ عن ربيعة الجرُشيّ عن أبي هريرة عن عمر بن الخطّاب:
عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجالِسوا أهلَ القدر ولا تُفاتحوهم"(3).
(1) المسند 1/ 330 (203)، ومسلم 107 (114).
(2)
المسند 1/ 332 (205). وإسناده صحيح. وقد أخرجه أبو يعلى 1/ 212 (247)، وصحّح الحاكم إسناده 4/ 318، وسكت عنه الذهبي، وصحّحه ابن حبّان 2/ 590 (730). ومن طريق حيوة أخرجه الترمذي 4/ 495 (2344) وقال: حسن صحيح، لا نعرفه إلّا من هذا الوجه. وأخرجه ابن ماجة 2/ 1394 (4164) من طريق ابن هبيرة. وصحّح الألباني والمحقّقون الحديث.
(3)
المسند 1/ 333 (206). ومن طريق الإمام أحمد أخرجه أبو داود 4/ 228 (4710)، ومن طريق أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن يزيد المقرىء أخرجه ابن أبي عاصم في السنة 1/ 236 (339)، وأبو يعلى 1/ 212 (245) لضعف حكيم بن شريك. وقد ضعّفه الألباني، وضعّف المحقّقون إسناده لضعف حكيم ابن شريك.
(5767)
الحديث الثالث والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو نوح قُراد قال: أخبرنا عكرمة بن عمّار قال: حدّثنا سِماك الحنفي أبو زُمَيل قال: حدّثني ابن عبّاس قال: حدّثني عمر بن الخطّاب قال:
لما كان يومُ بدر، نظر النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيِّفٌ، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم القبلةَ، ثم مدَّ يديه، وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال:"اللهمَّ أَينَ ما وَعَدْتَني؟ اللهمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني، اللهمَّ إنك إنْ تُهْلِكْ هذه العِصابةَ مِنْ أهلِ الإسلام فلا تُعْبَدُ في الأَرض أبدًا" قال: فما زال يستغيثُ ربَّه عز وجل، ويدعوه حتى سَقَط رداؤه، فأَتاه أبو بكر، فأَخذ رداءَ فردّاه، ثم التزمه من ورائه، ثم قال: يا نبيَّ اللَّه، كذاك مُناشدتُك ربَّك، فإنّه سيُنْجِزُ لك ما وعَدَك، وأَنزل اللَّهُ عز وجل:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9].
فلمّا كان يومئذٍ والتقَوا، فهَزَمَ اللَّهُ عز وجل المشركين، فقتِل منهم سبعون رجلًا، وأُسِرَ منهم سبعون رجلًا، فاستشار رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعليًّا وعُمرَ، فقال أبو بكر: يا نبيَّ اللَّه، هؤلاء بنو العم والعشيرةِ والإخوان، فإني أرى أَنْ تأْخذَ منهم الفديةَ، فيكونُ ما أَخذنا منهم قوّةً لنا على الكفّار، وعسى اللَّه أَن يَهديَهم فيكونون لنا عَضُدًا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما ترى يا ابنَ الخطّاب؟ " قال: قلتُ: واللَّه ما أَرى ما رأى أَبو بكر، ولكني أرى أَن تُمَكِّنِّي من فلانٍ -قَريبا لعمر- فأَضرِبَ عُنُقَه، وتمكِّنَ عليًّا من عَقيلٍ فيضرب عُنُقَه، وتمكِّنَ حمزةَ من فلانٍ أَخيه فيضربَ عنقه، حتى يعلَمَ اللَّهُ أَنه ليس في قلوبنا هَوادةٌ للمشركين، هؤلاء صناديدُهم وأئمَّتهم وقادَتُهم. فهَوِيَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما قال أَبو بكر، ولم يَهْوَ ما قلتُ، فأَخذَ منهم الفِداءَ.
فلما أنْ كان من الغد، قال عمرُ: غَدَوْتُ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فإذا هو قاعدٌ وأَبو بكر، وإذا هما يبكيان، فقلتُ: يا رسولَ اللَّه، أَخبِرْني ماذا يُبكيك أَنت وصاحبك؟ فإن وجدتُ بكاءً بكيتُ، وإن لم أَجد بكاءً تباكيتُ لبكائِكما، قال: فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: "الذي عَرَض عليَّ أصحابُك من الفِداء، لقد عُرِضَ عليَّ عَذابُكم أَدْنى من هذه الشَّجرِة -لشجرة قريبة- وأَنزل اللَّه عز وجل:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} . [الأنفال: 67 - 68] من الفِداء، ثم أَحَلَّ لهم الغنائمَ.
فلمّا كان يومُ أُحدٍ من العام المقبل عُوقِبوا بما صَنَعوا يومَ بدرٍ من أَخذهم الفِداء، فقُتِلَ منهم سَبعون، وفَرَّ أَصحابُ النبيّ صلى الله عليه وسلم عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكُسِرَت رَباعِيَته، وهُشِّمَتِ البَيضَةُ على رأسه، وسال الدمُ على وجهه، وأَنزلَ اللَّه تعالى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165]. بأخذكم الفداء.
انفرد بإخراجه مسلم، ولم يذكر آخر الحديث:"فلمّا كان يوم أُحدٍ عوقبوا. . . "(1).
(5768)
الحديث الرابع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو نوح قال: حدّثنا مالك بن أنس عن زيد عن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطّاب قال:
كُنّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فسألْتُه عن شيءٍ ثلاث مرّات فلم يَرُدَّ عليّ، قال: فقلت في نفسي: ثَكِلَتْك أُمُّكَ يا ابن الخطّاب، نَزَرْتَ (2) رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاث مرّات، فلم يَرُدَّ عليك، قال: فرَكِبْتُ راحلتي فتقدَّمْتُ مخافةَ أن يكون نزلَ فيّ شيء، قال: فإذا أنا بمنادٍ، يا عمرُ (3)، قال: فرجعْتُ وأنا أظنّ أنّه نزل فيّ شيء، قال: فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "نزل عليَّ البارحةَ سورةٌ هي أحبُّ إليَّ من الدّنيا وما فيها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. . .} [سورة الفتح].
انفرد بإخراجه البخاري (4).
(5769)
الحديث الخامس والثمانون: حدّثنا البخاريّ قال: روى عيسى عن رَقَبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: سمعْتُ عمر يقول:
قام فينا رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَقامًا، فأخبرَنا عن بدء الخلق حتى دخل أهلُ الجنّة منازلهم، وأهلُ النّار منازلَهم، حَفِظَ ذلك من حَفِظه ونَسِيَه من نَسِيَه.
انفرد بإخراجه البخاري (5).
(1) المسند 1/ 334 (208). ومسلم 3/ 1383 (1763) من طريق عكرمة. وأبو نوح، عبد الرحمن بن غزوان، قُراد، من رجال البخاري.
(2)
نزرت: ألححت.
(3)
في المسند: "يا عمر، أين عمر؟ ".
(4)
المسند 1/ 336 (209)، ومن طريق مالك في البخاري 7/ 452 (4177).
(5)
البخاري 6/ 286 (3192). وينظر الكلام في إسناد الحديث في الفتح 6/ 290.
(5770)
الحديث السادس والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النضر قال: حدّثنا المسعودي عن حكيم بن جُبير عن موسى بن طلحة عن ابن الحَوْتَكِيَّة قال:
أُتِيَ عمر بن الخطّاب بطعام، فدعا إليه رجلًا، فقال: إني صائم. قال: وأيَّ الصيام تصوم؟ لولا كراهيةُ أن أَزيدَ أو أنقُصَ لحدّثْتُكم بحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم حين جاءه الأعرابيّ بالأرنب، ولكن أرْسِلوا إلى عمّار. فلمّا جاء قال: أشاهدٌ أنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم جاءه الأعرابيُّ بالأرنب؟ قال: نعم. قال: إنّي رأيتُ بها دمًا. فقال: "كُلوها" فقال: إنّي صائم. قال: "وأيَّ الصيام تصومُ؟ " قال: أوّلَ الشهر وآخره. قال: "إنّ كنتَ صائمًا فصُمِ الثلاثَ عشرةَ، والأربعَ عشرةَ، والخمسَ عشرة"(1).
(5771)
الحديث السابع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النَّضر قال: حدّثنا أبو عَقيل قال: حدّثنا مُجالد بن سعيد قال: أخيرنا عامر عن مسروق بن الأجدع قال:
لقيتُ عمر بن الخطّاب فقال لي: من أنت؟ قلتُ: مسروق بن الأجدع، فقال عمر: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "الأجدع شيطان" ولكنّك مسروق بن عبد الرحمن.
قال عامر: فرأيْتُه في الدّيوان: مسروق بن عبد الرحمن، فقلت: ما هذا؟ قال: هكذا سمّاني عمر (2).
(5772)
الحديث الثامن والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسحق بن عيسى قال: حدّثنا ابن لَهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزُّهري عن مُحَرَّر بن أبي. هريرة عن أبيه عن عمر بن الخطّاب:
(1) المسند 1/ 337 (210). ومن طريق موسى بن طلحة عن يزيد بن الحوتكيّة أخرجه ابن خزيمة 3/ 302 (2127)، وفيه:"أبو ذرّ" بدل "عمّار" وقد فصّل محقّقو المسند القول في الحديث، وضعّفوا إسناده، وحسّنوه بشواهده.
قال العكبري - إعراب الحديث 280: "أيّ" هنا منصوبة بـ "تصوم". والزمان معها محذوف، تقديره: أيّ زمان الصوم تصوم؟ ولذلك أجابه بقوله: "أوّل الشهر. . . " وقوله: "الثلاث عشرة" وما بعدها، أدخل الألف على الاسم الأوّل من المركّب، وهو القياس، والتقدير: الليلة الثلاث غرة، والمراد: يوم الليلة الثلاث عشرة، لأن الليلة لا تصام.
(2)
المسند 1/ 338 (211). وأبو داود 4/ 289 (4957)، وابن ماجة 2/ 1229 (3731). وضعّف المحقّقون إسناده لضعف مجالد، وضعّف الألباني الحديث.
أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن العَزل عن الحُرّة إلا بإذنها (1).
(5773)
الحديث التاسع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال:
لولا آخرُ المسلمين ما فُتِحَتْ قريةً إلا قَسَمْتُها كما قسمَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيبر (2).
* طريق آخر:
حدّثنا البخاري قال: حدّثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: أخبرني زيد بن أسلم عن أبيه أنّه سمع عمر بن الخطّاب يقول:
أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترُكَ آخرَ النّاس بَبّانًا ليس لهم شيء، ما فتِحَت عليهم قريةٌ إلّا قسَمْتها كما قسم النبيّ صلى الله عليه وسلم خيبر.
انفرد البخاري بإخراج الطريقين (3).
ومعنى ببّانًا: شيئًا واحدًا.
(5774)
الحديث التسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سليمان بن داود قال: حدّثنا سلّام يعني أبا الأحوص عن سِماك بن حرب عن سيّار بن المَعرور قال: سمعْت عمر يخطب، قال:
إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بنى هذا المسجدَ ونحن معه: المهاجرون والأنصار، فإذا اشتدّ الزِّحام فليَسْجُدِ الرجلُ منكم على ظهر أخيه.
ورأى قومًا يُصَلّون في الطريق فقال: صَلُّوا في المسجد (4).
(5775)
الحديث الحادي والتسعون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا هارون بن معروف قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد
(1) المسند 1/ 339 (213)، وابن ماجة 1/ 620 (1928) قال البوصيري: في إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف. وضعّف المحقّقون إسناده، وذكروا مصادره. وضعّفه الألباني.
(2)
المسند 1/ 381 (284)، والبخاري 5/ 17 (2334).
(3)
البخاري 7/ 490 (4235).
(4)
المسند 1/ 342 (217) وأخرجه الطيالسي 13 (70) وقال الهيثمي 2/ 12 سيّار مجهول. وصحّح شاكر إسناده، وصحّحه المحقّقون، وذكروا طرقه وشواهده.
وعُبيد اللَّه بن عبد اللَّه أنّهما أخبراه عن عبد الرحمن عبد القاريّ قال: سمعت عمر بن الخطّاب يقول:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من نام عن حِزبه أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر إلى الظهر، كُتِبَ له كأنّه قرأه من الليل".
انفرد بإخراجه مسلم (1).
(5776)
الحديث الثاني والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا مَعْمر عن الزهري عن عُبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن أبي ثور عن ابن عبّاس قال:
لم أزلْ حريصًا على أن أسألَ عمرَ بن الخطّاب عن المرأتين من أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللّتَين قال اللَّه عز وجل: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] حتى حجّ عمرُ وحَجَجْتُ معه. فلمّا كُنّا ببعض الطريق عَدَل عمرُ وعَدَلْتُ معه بالإداوة، فتبرَّزَ ثم أتاني، فسَكَبْتُ على يديه فتوضّأَ، فقلتُ: يا أَمير المؤمنين، مَنِ المرأتان مِن أَزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم اللتان قال اللَّه تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} فقال عمر: واعجبًا لك يا ابنَ عباس! -قال الزهري: كَرِه واللَّهِ، ما سأَله عنه ولم يَكتُمْه عنه- قال: هي حفصة وعائشة.
قال: ثم أَخذَ يسوقُ الحديثَ، قال: كُنّا معشرَ قريش قومًا نَغْلِبُ النساءَ، فلمّا قَدِمنا المدينةَ وجَدْنا قومًا تَغلِبُهم نساؤُهم، فَطَفِقَ نساؤنا يتعلّمْنَ من نسائِهم، قال: وكان منزلي في بني أُمية بن زيد بالعَوالي، قال: فتغضَّبْتُ يومًا على امرأَتي، فإذا هي تُراجعُني، فأَنكرتُ أن تراجِعَني، فقالت: ما تُنْكِرُ أن أُراجِعَك، فواللَّهِ إنّ أَزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ليُراجِعْنَه، وتهجُرُه إحداهنَّ اليومَ إلى الليل. قال: فانطلقتُ، فدخلْت على حفصةَ، فقلتُ: أَتُراجِعين رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم. قلت: وتهجُرُه إحداكُنَّ اليومَ إلى الليل؟ قالت: نعم. قلتُ: قد خاب من فَعل ذلك منكنّ وخَسِرَ، أَفتأْمَنُ إحداكُنّ أنْ يَغْضَبَ اللَّه عليها لغَضَبِ رسوله، فإذا هي قد هَلَكَت؟ لا تُراجعي رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ولا تسأَليه شيئًا، وسَليني ما بدا لكِ، ولا يَغُرَّنّكِ أَن كانت جارَتُكِ هي أَوسمَ وأَحبَّ إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم منك - يريد عائشة.
قال: وكان لي جارٌ من الأنصار، وكنّا ننتاوبُ النُّزول إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فينزلُ يومًا،
(1) مسلم 1/ 515 (747) ومن طريق يونس بن يزيد أخرجه أحمد 1/ 343 (220).
وأَنزلُ يومًا، فيأْتيني بخبر الوَحي وغيره، وآتيه بمثلِ ذلك، قال: وكنا نتحدَّثُ أن غَسَّانَ تُنْعِلُ الخيلَ لِتغزُوَنا، فنزل صاحبي يومًا، ثم أتاني عِشاءً فضربَ بابي، ثم ناداني فخرجتُ إليه، فقال: حدثَ أمرٌ عظيمُ. فقلتُ: وماذا، أجاءت غسَّانُ؟ قال: لا، بل أعظمُ من ذلك وأطولُ، طلَّق الرَّسولُ نساءه. فقلتُ: قد خابَتْ حفصةُ وخَسِرَتْ، قد كنتُ أظُنُّ هذا كائنًا.
حتى إذا صلَّيْتُ الصُّبحَ شدَدْتُ عليَّ ثيابي، ثم نزلتُ فدخلتُ على حفصةَ وهي تبكي، فقلتُ: أَطلَّقَكُنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لا أَدري، هو هذا مُعتزِلٌ في هذه المَشْرَبَة. فأَتيتُ غلامًا له أَسودَ، فقلتُ: استأَذِنْ لعمرَ، فدخلَ الغلام ثم خَرج إليَّ، فقال: قد ذكرتُكَ له لمحصضَتَ، فانطلقتُ حتى أَتيتُ المِنبرَ، فإذا عنده رَهْطٌ جلوسٌ يبكي بعضُهم، فجلستُ قليلًا تم غلبَني ما أَجِدُ، فأَتيتُ الغلامَ فقلتُ: استأَذِنْ لعمر، فَدَخل ثم خرج، فقال: قد ذكرتُكَ له فصَمَتَ. فخرجتُ فجلست إلى المنبر، ثم غلبَني ما أَجدُ، فأَتيتُ الغلامَ، فقلتُ: استأذِنْ لعمر، فدخل ثم خرج إليَّ، فقال: قد ذكرتُكَ له فصَمَت، فولَّيْتُ مُدْبِرًا، فإذا الغلامُ يدعُوني، فقال: ادخُلْ فقد أَذِن لك. فدخلتُ: فسلَّمْتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإذا هو متّكىءٌ على رَمْلِ حصير -وحدَّثَناه يعقوب في حديث صالح قال: رُمال حَصير- قد أَثَّر في جَنبه، فقلتُ: أَطَلَّقْتَ يا رسول اللَّه نساءَك؟ فرفع رأسَه إليَّ وقال: "لا" فقلتُ: اللَّه أكبر، لو رأَيتَنا يا رسولَ اللَّه، وكنا معشر قريش قومًا نغلِبُ النساءَ، فلمّا قدمنا المدينةَ وجدْنا قومًا تغلِبُهم نساؤُهم، فطَفِقَ نساؤُنا يتعلَّمنَ من نسائهم، فتغضَّبْتُ على امرأَتي يومًا فإذا هي تُراجعُني، فأَنكرتُ أَن تُراجعَني، فقالت: ما تُنكِر أن أُراجِعَكَ؟ فواللَّه إنّ أزواج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليُراجِعْنَه، وتهجُرُه إحداهُنّ اليومَ إلى الليل. فقلت: قد خابَ من فعل ذلك منهنَّ وخَسِر، أَفتأْمُن إحداهنّ أَن يغضبَ اللَّه عليها لغَضَب رسوله، فإذا هي قد هلَكَت؟ فتبسَّم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسولَ اللَّه، فدخلتُ على حفصةَ، فقلت: لا يَغُرُّكِ أنْ كانت جارتُك هي أَوسمَ وأَحبَّ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منك، فتبسَّمَ أُخرى، فقلتُ: أَستأْنِس يا رسولَ اللَّه؟ قال: "نعم". فجلستُ، فرفعتُ رأسي في البيت، فواللَّه ما رأَيت فيه شيئًا يرُدُّ البصرَ إلا أَهَبَةً ثلاثة، فقلت: ادعُ يا رسول اللَّه أن يوسِّعَ أُمّتك، فقد وُسِّع على فارسَ والروم، وهم لا يعبدون اللَّه. فاستوى جالسًا، ثم قال:"أفي شَكٍّ أَنت يا ابن الخطّاب؟ أولئكَ قومٌ عُجِّلَتْ لهم طيِّباتُهم في الحياة الدُّنيا" فقلتُ: اسْتَغْفِرْ لي يا رسول اللَّه.
وكان أقسم ألّا يدخلَ عليهن شهرًا من شدّة مَوْجِدَتِهِ عليهنّ، حتى عاتبَه اللَّهُ عز وجل.
أخرجاه في الصحيحين (1).
المشربة: الغرفة.
ورُمال الحصير: يعني نسيجًا من السَّعَف. المعنى ليس له فراش.
* طريق آخر:
حدّثنا مسلم: حدّثنا زهير بن حرب قال: حدّثني عمر بن يونس الحنفي قال: حدّثنا عكرمة بن عمّار عن سماك أبي زُمَيل قال: حدّثني عبد اللَّه بن عبّاس قال: حدّثني عمر ابن الخطّاب قال:
لما اعتزل رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءَه، وذلك قبل أن يُؤمَرْنَ بالحِجاب (2)، فقلتُ: لأعْلَمَنّ ذلك اليوم. فدخَلْتُ على عائشة فقلتُ: يا بنتَ أبي بكر، قد بلغ من شأنك أن تؤذي رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم. فقالت: مالي ومالك يا ابن الخطّاب، عليك بعَيبتك (3) فدخَلْتُ على حفصة فقلتُ: أقد بلغَ من أمرك أن تؤذي رسول اللَّه! واللَّه لقد علمتُ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يُحِبُّك، ولولا أنا لطَلَّقَك. فبكَتْ أشدّ البكاء، فقلتُ لها: أينَ رسولُ اللَّه؟ قالت: في المَشْرُبة. فدخلْتُ، فإذا أنا برباح غلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاعدًا على أُسْكُفّة المشربة (4)، فنادَيتُ: يا رباحُ، استأذِنْ لي عندك على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فنظر رباحٌ إلى الغرفة، ثم نظر إليّ فلم يَقُلْ شيئًا، ثم قلتُ: يا رباح، استأذنْ لي عندَك على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فنظرَ رباح إلى الغرفة ثم نظر إليّ فلم يقل شيئًا. ثم رفعتُ صوتي فقلت: يا رباح، استأذِنْ لي على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإنّي أظُنُّ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ظنَّ أنّي جئْتُ من أجل حفصة، واللَّه، لئن أمَرَني رسول اللَّه
(1) المسند 1/ 346 (222)، ومسلم 2/ 111 (1479). ومن طريق ابن شهاب أخرجه البخاري 5/ 114 (2468).
(2)
في مسلم: "لمّا اعتزل نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءه قال: دخلت المسجد فإذا النّاس ينكُتون بالحصى، ويقولون: طلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب".
(3)
أي ابنتك.
(4)
الأسكفة: العتبة. وفي الحديث بعض العبارات التي اختصرها المؤلّف.
-صلى الله عليه وسلم بضَرب عنقها لأَضْرِبنّ عنقَها، وَرفَعْتُ صوتي، فأومأ إليّ: أن ارْقَه. فدخلْتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير، فجلَسْت، فأدْنَى عليه إزاره وليس عليه غيرُه، وإذا الحصيرُ قد أثَّر في جنبه، فنظرتُ في خزانة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قَرَظ (1)، وإذا أفيق معلّق. قال: فابْتدَرَت عيناي، قال:"ما يُبكيك يا ابن الخطّاب؟ " قلت: يا نبيَّ اللَّه، ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثَّر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول اللَّه وصفوته، وهذه خزانتك! فقال:"يا ابن الخطّاب، ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدُّنيا؟ " قلت: بلى. فقلت: يا رسول اللَّه، ما يَشُقُّ عليك من شأن النساء، فإن كنتَ طلَّقْتَهُنّ فإنّ اللَّه معك وملائكتَه وجبريلَ وميكالَ، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقلَّ ما تكلَّمْتُ -وأحمدُ اللَّه- بكلام إلا رجَوْتُ أن يكونَ اللَّهُ عز وجل يُصَدِّقُ قولي. ونزلت هذه الآية: آية التخيير: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5]{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4] فقلت أطَلَّقْتَهما؟ قال: "لا"(2). فنزل نبيّ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ونزلْتُ أتشبَّثُ بالجِذع، ونزلَ رسول اللَّه كأنّما يمشي على الأرض ما يَمَسُّه بيده. فقلت: يا رسول اللَّه، إنما كُنْتَ في الغرفة تسعًا وعشرين. فقال:"إنّ الشهر يكون تسعًا وعشرين". فقمت على باب المسجد، فناديْتُ بأعلى صوتي لم يُطَلِّقْ نساءه. ونزلتْ هذه الآية:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] فكنتُ أنا استنبطتُ ذلك الأمر.
انفرد بإخراجه مسلم (3).
والقَرَظ: ما يُدبغ به.
والأفيق: الجلد لم يَتِمّ دباغه.
(1) في مسلم "ومثله قرظًا، في ناحية الغزفة".
(2)
حذف المؤلّف عبارات من الحديث.
(3)
مسلم 2/ 1105 (1479).
* طريق آخر:
حدّثنا مسلم قال: حدّثنا هارون بن سعيد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن وهب قال: أخبرني سليمان بن بلال قال: أخبرني يحيى قال: أخبرني عُبيد بن حُنين أنّه سمع عبد اللَّه بن عبّاس يحدّث عن عمر. . . فذكر نحوًا ممّا سبق، وقال:
إنّه دخل على أمّ سلمة فكلّمَها، فقالت له: عجبًا لك يا ابن الخطّاب، قد دخلْت في كلِّ شيء حتى تبتغيَ أن تدخل بين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه (1).
(5777)
الحديث الثالث والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا يونس بن سُليم قال: أملى عليّ يونس بن يزيد الأيليّ عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ قال: سمعتُ عمر بن الخطّاب يقول:
كان إذا نزل على رسول للَّه صلى الله عليه وسلم الوَحْيُ يُسْمَعُ عندَ وجهه دَوِيٌّ كدويّ النّحل، فمَكَثْنا ساعة، فاستقبلَ القبلة ورفع يدَيه وقال:"اللهمّ زِدْنا ولا تَنْقُصْنا، وأكْرِمْنا ولا تُهِنّا [وأعْطِنا] ولا تَحْرِمْنا، وآثِرْنا ولا تُؤْثِرْ علينا، وارضَ عنّا وأرْضِنا". ثم قال: "لقد أُنْزِلَتْ عَليَّ عشرُ آيات، مَن أقامَهنّ دخلَ الجنّة" ثم قرأَ علينا {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. . .} حتى ختم العشر (2)[سورة المؤمنون].
(5778)
الحديث الرابع والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بكر بن عيسى قال: حدّثنا أبو عَوانة عن المُغيرة عن الشَّعبيّ عن عديّ بن حاتم قال:
أتيتُ عمر بن الخطّاب في أُناس من قومي، فجعل يَفْرِضُ للرجل من طَيّء في ألفين ويُعْرِضُ عنَي. قال: فاستقبلْتُه فأعرضَ عني، ثم أتيتُه من حِيال وجهه فأعرض عنّي (3). قال: قلت: يا أميرَ المؤمنين، أتعرِفُني؟ قال: فضحكَ حتى استلقى لقفاه، ثم قال: نعم واللَّه، إني لأعرفُك، آمَنْتَ إذ كفروا، وأقبلْتَ إذا أدبروا، وَوفَيْت إذ غدروا. وإنّ أوّل صدقةٍ بيّضَتْ وجهَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيّء، جئتَ بها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ثم أخذ يعتذرُ، ثم قال: إنما فرضْتُ لقومٍ أجْحَفَتْ بهم الفاقةُ وهم سادة عشائرهم لما ينوبُهم من الحقوق.
(1) مسلم 2/ 1109 (1479).
(2)
المسند 1/ 350 (223). وهذا الإسناد صحّحه الحاكم 2/ 392، وردّه الذهبي قائلًا. سُئل عبد الرزّاق عن شيخه ذا، فقال: أظنّه لا شيء. ونقل محقّقو المسند كلام النسائي في إنكار الحديث، وأقوال العلماء في تضعيفه.
(3)
سقط من التركية: قال: "فاستقبلته. . "
أخرجاه في الصحيحين (1).
(5779)
الحديث الخامس والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا رَوح قال: حدّثنا ابن جُريج قال: أخبرني سليمان بن عَتيق عن عبد اللَّه بن بابَيه عن بعض بني يعلى عن يعلى بن أُميّة قال:
طُفْتُ مع عمر بن الخطّاب فاستلم الرُّكن. قال يعلى: فكنتُ ممّا يلي البيتَ، فلمّا بَلَغْنا الرُّكنَ الغربيَّ الّذي يلي الأسودَ جَرَرْتُ بيده ليستلمَ، فقال: ما شأنُك؟ فقلت: ألا تستلم. فقال: ألم تطف مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى، فقال: أفرأيْتَه يستلمُ هذين الرُّكنَين الغربيّين؟ قال: فقلت: لا. قال: أفليس لك فيه أسوة حسنة؟ قال: قلت: بلى. قال: فانفُذ عنك (2).
(5780)
الحديث السادس والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن عُبيد اللَّه قال: حدّثني نافع عن ابن عمر عن عمر:
أنّه قال: يا رسول اللَّه، إنّي نَذَرْتُ في الجاهلية أن اعتكفَ في المسجد الحرام ليلة. فقال له:"فأوْفِ بنَذرك"(3).
* طريق آخر:
حدّثنا مسلم قال حدّثنا محمد بن عمرو بن جَبَلة قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن عبيد اللَّه عن نافع عن ابن عمر عن عمر:
أنّه جعل على نفسه يومًا يعتكفه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أوْفِ بنَذرك"(4).
الطريقان في الصحيحين.
(1) المسند 1/ 404 (316). ومن طريق أبي عوانة أخرجه مسلم 4/ 1957 (2523) باختصار. وأخرجه البخاري بإسناد آخر عن عدي 8/ 602 (4394) وشيخ أحمد بكر بن عيسى ثقة، روى له النسائي.
(2)
المسند 1/ 402 (313) ورواه 1/ 365 (253) من طريق ابن جريج عن سليمان عن عبد اللَّه بن بابيه عن يعلى بن أمية - بإسقاط بعض بني يعلى. ومن الطريق الثانية أخرجه أبو يعلى 1/ 163 (182)، وصحّح المحقّقون إسناده. وقال الهيثمي 3/ 243: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. المسند 1/ 366 (255).
(3)
المسند 1/ 366 (255) والبخاري 4/ 274 (2032)، ومسلم 3/ 1277 (1656).
(4)
مسلم 3/ 1277 (1656).
(5781)
الحديث السابع والتسعون: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا سفيان عن زُبيد الإياميّ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر قال:
صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، تمامٌ غيرُ قَصر، على لسان محمد صلى الله عليه وسلم (1).
(5782)
الحديث الثامن والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن أبي سنان عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب:
أن عمر كان بالجابية، فذكرَ فتحَ بيت المقدس. قال: قال أبو سلمة (2): فحدَّثنَي أبو سِنان عن عبيد بن آدم قال:
سمعت عمر بن الخطّاب يقول لكعب: أين ترى أن أُصلّيَ؟ فقال: إنْ أخذْتَ عنّي صلَّيْتَ خلف الصخرة، فكانت القدس كلُّها يدَيك. فمَال عمر: ضاهَيْتَ اليهوديّة، لا، ولكن أُصلّي حيث صلَّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فتقدّم إلى القبلة، فصلّى، ثم جاء فبسط رداءه، فكنس الكُناسة في ردائه، وكنس الناسُ (3).
(5783)
الحديث التاسع والتسعون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا محمد بن المُثَنّى قال: حدّثنا معاذ بن هشام قال: حدّثني أبي عن قتادة عن زُرارة بن أوفى عن أُسير بن جابر قال:
كان عمر بن الخطّاب إذا أتى عليه أمدادُ أهل اليمن ساكهم: أفيكم أُوَيس بن عامر؟ حتى أتى على أُويس، فقال: أنت أُويس بن عامر؟ قال: نعم. قال: من مراد ثم من قَرَن؟
(1) المسند 1/ 367 (257). وإسناده صحيح، ولكن الكلام في سماع ابن أبي ليلى من عمر أو إرساله عنه. فمن طريق زبيد أخرجه النسائي 1/ 111، وقال: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عمر. وأخرجه 3/ 183 من طريق سفيان. ومن طريق وكيع أخرجه أبو يعلى 1/ 207 (241)، وصحّحه ابن حبّان 7/ 22 (2783)، وقد أخرجه ابن ماجة 1/ 338 (1063) من طريق زبيد، ثم أخرجه بعده (1064) وجعل بين عبد الرحمن وعمر: كعب بن عجرة، وبذكر كعب صحّحه ابن خزيمة 2/ 340 (1425). وصحّح المحقّقون إسناد الحديث من الطريقين جميعًا.
(2)
وهو حمّاد بن سلمة.
(3)
المسند 1/ 370 (261). وضعّف المحقّقون إسناده لضعف أبي سنان، عيسى بن سنان. وحكم ابن كثير على الحديث بأنه انفرد به الإمام أحمد - الجامع 18/ 92 (183).
قال: نعم. فقال: كان بك بَرَصٌ فَبَرَأْتَ منه إلا موضعَ درهم، قال: نعم. قال: لك والدة؟ قال: نعم.
قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أُويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مُراد ثم من قرَن، كان به بَرَصٌ فبرأ منه إلا موضع دِرهم، له والدة هو بها بَرُّ، لو أقسم على اللَّه لأَبَرّه. فإن استطعْتَ أن يستغفرَ لك فافعل". فاسْتَغْفِرْ لي. فاستغفَرَ له.
فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة. قال: ألا أكتُبُ لك إلى عاملها. قال: أكون في غَبراء النّاس أحبُّ إليّ.
قال: فلمّا كان من العام المُقبل حجّ رجلٌ من أشرافهم، فوافق عمرَ، فسألَه عن أويس، قال: تركْتُه رَثَّ البيت، قليل المتاع. قال: سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "يأتي عليكم أُويس بنُ عامر مع أمداد أهل اليمن، من مُراد ثم من قَرَن، كان به بَرَصٌ فبرأَ منه إلّا موضع درهم، له والدةٌ هو بها بَرٌّ، لو أقسم على اللَّه لأبَرَّه، فإن استطعْتَ أن يستغفرَ لك فافعل" فأتى أويسًا فقال: استغفرْ لي. قال: أنت أحدثُ عهدًا بسفر صالح، فاستغفر لي. قال: استغفر لي. [قال: أنت أحدث عهدًا بسفر صالح فاستغفر لي] قال: لقيتَ عمَر؟ قال: نعم. فاستغفر له. ففَطِنَ له النّاس، فانطلق على وجهه. قال أُسير: وكِسوتُه بُردة، فكان كلّما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة؟ (1).
* طريق آخر:
حدّثنا مسلم قال: حدّثنا محمد بن المثنى قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن سعيد الجُرَيري عن أبي نضرة عن أُسير بن جابر عن عمر بن الخطّاب قال:
سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ خيرَ التابعين رجلٌ يُقال له أُويس، وله والدة، وكان به بياض، فمُروه فليستغفر لكم"(2).
انفرد بإخراج الطريقين مسلم في الصحيح.
(1) مسلم 4/ 1969 (2542).
(2)
مسلم 4/ 1968 (2542) وقد أخرج أحمد الحديث عن طريق عفّان عن حمّاد، جامعًا بين الروايتين 1/ 372 (266).
في الصحيح: غبراء النّاس: وقال ابن جرير: أكون في غُثَّر النّاس: وهو الجماعة المختلطة من قبائل شتّى (1).
(5784)
الحديث المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن قال: حدّثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى قال:
قَدِمْتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء، فقال:"بم أَهْلَلْتَ؟ " قلت: بإهلالٍ كإهلال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فقال: "هلْ سُقْتَ من هدي؟ " قلت: لا. قال: "طُفْ بالبيت وبالصفا والمروة ثم حُلَّ". فطُفْت بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أتيتُ امرأة من قومي فمَشَطَتْني وغَسَلَتْ رأسي. فكنتُ أُفتي النّاس بذلك إمارةَ أبي بكر وإمارة عمر. فإنّي لقائم في الموسم إذ جاءَني رجلٌ فقال: إنَّك لا تدري ما أحدث عمر في شأن النُّسُك. فقلت: أيها النّاس، من كُنّا أفْتَيناهُ فُتيا فهذا أمير المؤمنين قادم عليكم، فبه فَأْتَمُّوا. فلما قدِمَ قلتُ: ما هذا الذي قد أحدثْتَ في شأن النُّسُك؟ قال: أن نأخذ بكتاب اللَّه تعالى فإن اللَّه تعالى قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وأن نأخذ بسُنّة نبيّنا صلى الله عليه وسلم فإنّه لم يَحِلّ حتى نحرَ الهدي (2).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق. قال (3): وأخبرني هُشيم عن الحجّاج بن أرطاة عن الحكم بن عُتَيبة عن عُمارة عن أبي بُردة عن أبي موسى أن عمر قال:
هي سُنَّةُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعني المُتعة، ولكنّي أخشى أن يُعَرِّسوا بهنّ تحتَ الأراك، ثم يَروحوا بهنّ حُجّاجًا (4).
(5785)
الحديث الحادي بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن يحيى بن أبي إسحق عن سالم بن عبد اللَّه قال:
(1) رواية الصحيح: غبراء. ونقل المؤلّف هذا عن ابن جرير في تهذيب الآثار. ينظر كشف المشكل 1/ 156، وغريب الحديث 2/ 144.
(2)
المسند 1/ 376 (273) ومسلم 2/ 895 (1221) وأخرجه البخاري 3/ 416 (1559) من طريق سفيان. وأغفل التنبيه على إخراج الشيخين له.
(3)
أي الإمام أحمد.
(4)
المسند 1/ 421 (342). وفي إسناده الحجّاج بن أرطاة، لم يصرّح بالتحديث.
ويشهد للحديث ما رواه مسلم بنحوه. 2/ 896 (1222) من طريق شعبة عن الحكم عن عُمارة بن عمير عن إبراهيم بن أبي موسى عن أبي موسى. . . . .
كان عمر رجلًا غيورًا، وكان إذا خرج إلى الصلاة اتَّبَعَتْه عاتكةُ بنت زيد، وكان يكرهُ خروجَها ويكرهُ مَنْعَها، وكان يحدّث:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استأذَنَكم نساؤُكم للصلاة فلا تمنعوهُنّ"(1).
(5786)
الحديث الثاني بعد المائة: حدّثنا البخاري قال: حدّثنا ابن أبي مريم قال: حدّثنا أبو غسّان قال: حدّثنا زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطّاب قال:
قدم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم صَبِيٌّ، فإذا امرأة من السَّبي تسعى إذ وَجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبي أخذَتهْ فألصَقَتْه ببطنها وأرضعته. فقال لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أترَون هذه طارحةً ولدها في النّار؟ " قلنا: لا، وهي تقدر على ألا تَطْرَحَه. فقال:"لَلَّهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها".
أخرجاه (2).
(5787)
الحديث الثالث بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين قال: نُبِّئْتُ عن أبي العَجفاء السُّلَميّ قال: سمعت عمر يقول:
ألا لا تُغْلوا في صُدُق النساء، ألا لا تُغْلوا في صُدُق النساء، فإنها لو كانت مَكْرُمةً في الدّنيا أو تقوى عند اللَّه، كانَ أولاكم بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم. ما أصدقَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم امرأةً من نسائه، ولا أُصْدِقَت امرأةٌ من بناته أكثرَ من ثنتي عشرة أوقيّة. وإن الرجل ليُبْتَلى بصَدُقة امرأته حتى تكون لها عداوة في نفسه، وحتى يقول: كُلِّفْت إليك عَلَقَ القِربة. قال: وكنت عربيًّا مولَّدًا. لم أدر ما عَلَق القِربة.
وأخرى تقولونها (3): قُتل فلان شهيدًا، أو مات فلان شهيدًا. ولعلّه أن يكونَ قَد أَوْقَرَ عَجُزَ دابّته، أو دَفّ (4) راحلته ذهبًا أو وَرِقًا، يلتمسُ التجارة. لا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا
(1) المسند 1/ 381 (283). ورجاله ثقات، لكن سالمًا لم يدرك عمر. كذا قال الهيثمي في المجمع 2/ 36. وقد صحّ الحديث عند الشيخين عن سالم وغيره عن ابن عمر - الجمع 2/ 152 (1258).
(2)
البخاري 10/ 426 (5999) ومن طريق ابن أبي مريم، سعيد أخرجه مسلم 4/ 2109 (2754)
(3)
في المسند: وأخرى تقولونها لمن قتل في مغازيكم أو مات: قتل. . .
(4)
دفّ الراحلة: جانبها: أي سرجها.
كما قال (1): "من قتِلَ أو مات في سبيل اللَّه فهو في الجنّة"(2).
الأوقية عند العرب أربعون درهمًا.
وعَلَق القربة: عِصامها الذي تُعَلَّق به. والمعنى قد تكلّفْتُ إليكِ كلَّ شيءٍ حتى عصام القربة.
ويروى عرق القربة. والمعنى نَصِبْتُ حتى عَرِقْتُ كعَرَق القربة. وفيه قولان: أحدُهما: أنّه سيلان مائها، والثاني: عرق حاملها (3).
(5788)
الحديث الرابع بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا الجُرَيري سعيد عن أبي نضرة عن أبي فراس قال: خطب عمر بن الخطّاب فقال:
أيّها النّاس، ألا إنما كُنّا نَعْرِفُكم إذ بين ظَهْرانَينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وإذ يَنزلُ الوحيُ، وإذ يُنَبِّئُنا اللَّه من أَخباركم، ألا وإِنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قد انطلق، وقد انقطع الوحيُ، وإنما نعرفكم بما نقول لكم، من أَظهر منكم خيرًا ظَنَنّا به خيرًا وأحبَبْناه عليه، ومن أَظهر لنا شرًّا، ظَننَّا به شرًّا وأبغضناه عليه، سرائرُكم بينكم وبين ربِّكم، ألا إنّه قد أتى عليَّ حينٌ وأنا أَحسِبُ أنّ منْ قرأَ القرآن يريدُ اللَّه وما عندَه، فقد خُيِّل إِليّ بأَخَرةِ إنّ رجالًا قد قرؤوه يُريدونَ به ما عند النّاس، فأَرِيدُوا اللَّه بقراءتكم، وأَريدوه بأَعمالِكُم.
أَلا وإِنّي واللَّه ما أُرسِلُ عمّالي إليكم ليضربوا أَبشارَكم، ولا ليأخذوا أموالَكُم، ولكن أُرسِلُهم إليكم ليُعلِّموكم دينَكم وسنَّتكم، فمن فُعِل به شيءٌ لسوى ذلك فليرفعْه إِليّ، فوالذي نفسي بيده، إذًا لأُقِصَّنَّه منه.
فَوَثب عمرو بن العاص، فقال: يا أَمير المؤمنين، أوَرأَيتَ إنّ كان رجلٌ من المسلمين على رَعيّة، فأَدَّبَ بعض رعيّته، أَئنّك لَمُقْتصُّه منه؟ قال: إي والذي نفسُ عمر بيده، إذًا لأَقِصّنَّه منه، أَنَّى لا أقِصُّه منه وقد رأَيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُقصّ من نفسه؟ ألا لا تَضربوا
(1) في المسند: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
(2)
المسند 1/ 382 (285) والنسائي 6/ 117. وقد روى الحديث من طرق عن ابن سيرين عن ابن العجفاء: الترمذي 3/ 422 (1114) وقال حسن صحيح، وابن ماجه 1/ 607 (1887) وأبو داود 2/ 235 (2106) وصحح الحاكم إسناده 2/ 175، ووافقه الذهبي، وبعضهم اختصره. وصحّحه الألباني والمحقّقون.
(3)
ينظر غريب الحديث لأبي عبيد 3/ 286، والنهاية 3/ 220، 290. والقاموس- عرق.
المسلمين فتُذِلُّوهم، ولا تُجَمِّروهم فتفتنوهم، ولا تَمنعوهم حقوقَهم فتُكَفِّروهم، ولا تُنزِلوهُم الغِياض فتضَيِّعوهم (1).
معنى قوله: تجمّروهم: تطيلوا حبسهم عن أهلهم.
(5789)
الحديث الخامس بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد القُدُّوس بن الحجّاج قال: حدّثنا صَفوان قال: حدّثني أبو المخارِق زهير بن سالم أن عُمير بن سعد الأنصاريّ كان ولّاه عمر حِمصَ، فذكر الحديث:
قال عمر - يعني لكعب: إني أسألُك عن أمرٍ فلا تكتُمْني. قال: واللَّه لا أكْتُمُك شيئًا أعلَمُه. قال: ما أَخوفُ شيء تَخَوَّفُه على أُمّة محمّدٍ صلى الله عليه وسلم. قال: أئمّةُ مُضِلّين. قال عمر: صدقْتَ، قد أَسرّ ذلك إليّ وأعلَمَنيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).
(5790)
الحديث السادس بعد المائة: حدّثني البخاريّ قال: حدّثنا يحيى بن بُكير قال: حدّثني الليث قال: حدّثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطّاب:
أن رجلًا كان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اسمه عبدُ اللَّه، وكان يُلقَّبُ حِمارًا، وكان يُضْحِكُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قد جلَده في الشّراب، فأُتي به يومًا فأُمر به فجُلِدَ، فقال رجلٌ من القوم: اللهمّ الْعَنْه، فما أكثرَ ما يؤتى به! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لا تلعنوه، فواللَّه ما عَلِمْتُ - إنّه يُحِبُّ اللَّه ورسوله".
انفرد بإخراجه البخاري (3).
(5791)
الحديث السابع بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين بن عليّ عن زائدة عن عاصم عن أبيه عن ابن عبّاس قال: قال عمر:
(1) المسند 1/ 384 (486) وأبو فراس النهدي مقبول، روى له أبو داود والنسائي - التقريب 2/ 755.
ومن طريق الجريري أخرج الحديث أبو داود 4/ 183 (4537) وصحّحه الحاكم على شرط مسلم 4/ 439، ووافقه الذهبي، مع أن أبا فراس ليس من رجال مسلم، وضعف الألباني الحديث. وينظر تخريج محقّقي السند.
(2)
المسند 1/ 389 (293) وحسّن شاكر إسناده. وضعّف المحقّقون إسناده لضعف زهير، وأنه لم يسمع من عمر. وقال الهيثمي في المسند 5/ 242: رواه أحمد، ورجاله ثقات.
(3)
البخاري 12/ 75 (6780).
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كان منكم مُلْتَمِسًا ليلة القدر فَلْيَلْتَمِسْها في العشر الأواخرِ وِترًا"(1).
(5792)
الحديث الثامن بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا دُجَين أبو الغُصن بصريّ قال:
قدِمت المدينة، فلَقِيتُ أسلم مولى ابن عمر، فقلت: حدِّثْني عن عمر، فقال: لا أستطيع، أخافُ أن أَزيد حرفًا أو أنقُصَ. كُنّا إذا قُلنا لعمر: حدِّثْنا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: أخافُ أن أزيدَ حرفًا أو أنْقُصَ:
إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَن كَذَبَ عليّ فهو في النّار"(2).
(5793)
الحديث التاسع بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا العَوّام قال: حدّثني شيخ كان مرابطًا بالسّاحل قال: لقيتُ أبا صالح مولى عمر بن الخطّاب قال: حدّثنا عمر بن الخطّاب:
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "ليس من ليلة إلّا والبحرُ يُشْرفُ فيها ثلاثَ مرّات يستأذنُ اللَّهَ عز وجل أن ينفضحَ عليهم، فيَكُفُّه اللَّهُ عز وجل"(3).
(5794)
الحديث العاشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا أصبغ عن أبي العلاء الشامي قال:
لَبِسَ أبو أُمامة ثوبًا جديدًا، فلما بلغ تَرْقُوَتَه قال: الحمدُ للَّه الذي كساني ما أُواري به عورتيَ، وأتجَمَّلُ به في حياتي. ثم قال: سمعْتُ عمر بن الخطّاب يقول:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من استجدَّ ثوبًا فلَبِسَه، فقال حين يبلغُ ترقُوته: الحمدُ للَّه الذي كساني ما أُواري به عورتي، وأتجمّلُ به في حياتي. ثم عَمَدَ إلى الثوب الذي أَخْلَقَ -أو
(1) المسند 1/ 392 (298). ومن طريق عاصم بن كليب أخرجه أبو يعلى 1/ 154 (165)، ونسبه الهيثمي لأبي يعلى 3/ 177، ووثّق رجاله. ومن طريق عاصم صحّحه ابن خزيمة 3/ 322 (2172)، والحاكم 1/ 437 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وهو عندهم أطول من هذا. وصحّحه الألباني والمحقّقون.
(2)
المسند 1/ 410 (326). ومن طريق دُجين أخرجه أبو يعلى 1/ 221 (259). وقال الهيثمي بعد أن نسبه لهما 1/ 147: وفيه دجين بن ثابت أبو الغصن، وهو ضعيف، ليس بشيء. وقال ابن كثير في جامع المسانيد 18/ 12 (16): تفرّد به. وقد ضعّف المحقّقون إسناده وصحّحوه لغيره، ذلك أن متن الحديث متواتر.
(3)
المسند 1/ 395 (303). وفي إسناده مجهول. وأورده في إتحاف الخيرة 6/ 315 (5970) مع قصة طويلة. وهو في البداية والنهاية 1/ 23، والعلل المتناهية 1/ 52 (37) قال ابن الجوزي: العوّام ضعيف، والشيخ مجهول.
قال أَلْقَى- فتصدّق به، كان في ذمّة اللَّه تعالى، وفي جوار اللَّه، وفي كَنَفِ اللَّه، حيًّا ومَيْتًا، حيًّا ومَيْتًا، حيًّا ومَيْتًا" (1).
أبو العلاء مجهول (2)، والحديث غير ثابت.
(5795)
الحديث الحادي عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا جرير قال: أخبرنا الزُّبير بن الخِرِّيت عن أبي لبيد قال:
خرج رجل من طاحيةَ مُهاجرًا، يقال له بَيْرَح بن أسد، فقدم المدينة بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأيّام، فرآه عمر فعَلِمَ أنّه غريب، فقال له: من أنت؟ فقال: من أهل عمان. فقال: من أهل عمان؟ قال: نعم. قال: فأخذَ بيده فأدخلَه على أبي بكر فقال: هذا من أهل الأرض التي سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[يقول]: "إنّي لأعلمُ أرضًا يُقال لها عُمان، يَنْضَحُ بناحيتها البحرُ، بها حيٌّ من العرب، لو أتاهم رسولي ما رمَوه بسهم ولا حجر"(3).
(5796)
الحديث الثاني عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر عن عمر قال: لا أعلمه إلا رفعه، قال:
"يقول اللَّه تبارك وتعالى: من تواضع [لي] هكذا -وجعل يزيد باطنَ كفّه إلى الأرض وأدناها إلى الأرض- رَفَعْتة هكذا" وجعل باطنَ كفّه إلى السماء ورفعها إلى السماء (4).
(5797)
الحديث الثالث عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا روح قال: حدّثنا مالك عن زيد بن أبي أُنَيسةَ أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب أخبره عن مسلم بن يسار الجُهَنيّ:
أن عمر بن الخطّاب سُئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الأعراف: 172]. فقال عمر:
(1) المسند 1/ 396 (305)، وابن ماجة 2/ 1178 (3557)، والترمذي 5/ 521 (3560)، وقال: غريب. وقد ضعّفه المؤلّف والمحقّقون لجهالة أبي العلاء -كما سيأتي- وضعّفه الألباني.
(2)
ينظر الضعفاء والمتروكون 3/ 235، والميزان 4/ 554، والتهذيب 8/ 390، والتقريب 2/ 751.
(3)
المسند 1/ 398، ومن طريق جرير أخرجه أبو يعلى 1/ 101 (106). وقال الهيثمي 10/ 55: رجاله رجال الصحيح غير لمازه، وهو ثقة. وضعّف المحقّقون إسناده، لأن أبا لبيد لمازة بن زبّار لم يدرك عمر ولا أبا بكر.
(4)
المسند 1/ 399 (309)، وأبو يعلى 1/ 167 (187) وإسناده صحيح، وعاصم: هو ابن محمد بن يزيد بن عبد اللَّه بن عمر.
سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سئل عنها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنّ اللَّه خلق آدم، ثم مسَحَ ظهرهَ بيمينه واستخرج منه ذرّيّةً فقال: خلقْتُ هؤلاء للجنّة، وبعملِ أهل الجنّة يعملون. ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذُرّيّةً فقال: خلقْتُ هؤلاء للنار، وبعمل أهل النّار يعملون"، فقال رجل: يا رسول اللَّه، ففيم العمل؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنّ اللَّه عز وجل إذا خلقَ العبدَ للجنّة استعملَه بعمل أهل الجنّة، حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهل الجنّة، فيُدخِلَه به الجنّة، وإذا خَلق العبدَ للنّار استعمله بعمل أهل النّار، حتى يموت على عمل من أعمال أهل النّار، فيُدْخِلَه به النّار"(1).
(5798)
الحديث الرابع عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن عمرو بن دينار مولى آل الزبير عن سالم عن أبيه عن عمر قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من قال في سوقٍ: "لا إله إلّا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، له الملك وله الحمدُ، بيده الخيرُ، يُحيي ويُميتُ وهو عَلى كلّ شيء قدير، كتب اللَّه له بها ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيّئة، وبنى له بيتًا في الجنّة"(2).
(5799)
الحديث الخامس عشر بعد المائة: حدّثنا مسلم قال: حدّثني إسحق ابن منصور قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن جَهضم الثقفي قال: حدّثنا إسماعيل بن جعفر عن عُمارة بن غَزِيّة عن خُبيب بن عبد الرحمن بن إساف عن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطّاب عن أبيه عن جدّه عمر بن الخطّاب قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا قال المؤذّن: اللَّه أكبر اللَّه أكبر، فقال أحدُكم: اللَّه أكبر اللَّه
(1) المسند 1/ 399 (311) ومن طريق مالك أخرجه أبو داود 4/ 226 (4703) ثم أخرجه (4704) جاعلًا بين مسلم بن يسار وعمر: نعيم بن ربيعة. وأخرجه الترمذي 5/ 248 (3075) وقال: هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر. وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلًا مجهولًا. وصحّحه ابن حبان 14/ 37 (6166). وقد أخرجه الحاكم في مواضع من طريق مالك: 1/ 27، 2/ 544 وصحّحه على شرط الشيخين، 2/ 324، وصحّحه على شرط مسلم. وقد وافقه الذهبي في الموضعين الأخيرين. وقال في الأول 1/ 27: فيه إرسال. وقد فصّل محقّقو المسند الكلام فيه.
(2)
المسند 1/ 410 (327) ومن طريق حمّاد أخرجه ابن ماجه 2/ 752 (2235)، والترمذي 5/ 458 (3429) وقال: وعمرو بن دينار هذا شيخ يضرب، وقد تكلّم فيه بعض أصحاب الحديث من غير هذا الوجه. وقد حسّن الألباني الحديث وضعّف الشيخ شاكر إسناده. ونقل محقّقو المسند كلامًا طويلا في تضعيف الحديث. وعمرو بن دينار هذا ليس هو الثقة المكّي.
أكبر. ثم قال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، قال: أشهدُ أن لا إله إلّا اللَّه. ثم قال: أشهدُ أن محمدًا رسول اللَّه. قال: أشهدُ أن محمدًا رسول اللَّه. ثم قال: حيّ على الصلاة، قال: لا حول ولا قوّة إلا باللَّه. ثم قال: حيَّ على الفلاح، قال: لا حولَ ولا قوّة إلا باللَّه. ثم قال اللَّه أكبر اللَّه أكبر، قال: اللَّه أكبر اللَّه أكبر. ثم قال: لا إله إلّا اللَّه، قال: لا إله إلّا اللَّه، من قلبه، دخل الجنّة".
انفرد بإخراجه مسلم (1).
(5800)
الحديث السادس عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر قال: حدّثنا جعفر -يعني الأحمر- عن مُطرِّف عن الحكم عن مجاهد قال:
حَذفَ رجلٌ ابنًا له بسيف فقتله، فرُفعَ إلى عمر، فقال: لولا أني سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يُقادُ الوالدُ من ولده لقَتَلْتُك قبلَ أن تبرَح"(2).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن لَهيعة قال: حدّثنا عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جدّه عن عمر:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُقاد والدٌ من ولد".
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يَرِثُ المال من يَرِثَ الولاء"(3).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا أبي عن محمد بن إسحق قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي نَجيح وعمرو بن شعيب كلاهما عن مجاهد بن جبر:
فذكر الحديث وقال: أخذ عمر من الإبل ثلاثين حِقّةً، وثلاثين جَذَعة، وأربعين ثنيّة إلى بازل عامها، كلُّها خَلِفه. قال: ثم دعا أخا المقتول فأعطاها إياه دون أبيه، وقال:
(1) مسلم 1/ 289 (385).
(2)
المسند 1/ 257 (98). وحكم شاكر والمحقّقون على إسناده بالانقطاع، لأن مجاهدًا لم يدرك عمر. وقال ابن كثير في الجامع 18/ 245 (443): تفرّد به - أي أحمد.
(3)
المسند 1/ 292 (147). وصحّح شاكر إسناده، وحسّنه محقّقو المسند، لأن ابن لهيعة متابع، وذكروا متابعين له عليه.
سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس لقاتلٍ شيء"(1).
(5801)
الحديث السابع عشر بعد المائة: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا خلف بن الوليد قال: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن أبي ميسرة عن عمر بن الخطّاب قال:
لما نزل تحريم الخمر قال: اللهمّ بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت هذه الآية التي في "البقرة" [219] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} قال: فدُعي عمر فقُرِئت عليه، فقال: اللهمّ بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في "النساء"[43]{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فكان منادي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى: أن لا يَقْرَبَنَّ الصلاة سَكران. فدُعي فقُرِئت عليه، فقال: اللهمّ بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في "المائدة"[91] فدُعِي عُمرُ فقرِئت عليه، فلما بلغ {. . . فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} فقال عمر: انتهينا انتهينا (2).
(5802)
الحديث الثامن عشر بعد المائة: وهو حديث السقيفة.
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسحق بن عيسى الطّبّاع قال: حدّثنا مالك بن أنس قال: حدّثني ابن شهاب عن عُبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتبة بن مسعود أن ابن عبّاس أخبره:
أن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى رَحله، قال ابن عبّاس: وكنتُ أُقْرِىءُ عبد الرحمن ابن عوف، فوجدَني وأنا أنتظره، وذلك بمنًى في آخر حَجّة حجّها عمر بن الخطّاب، قال عبد الرحمن بن عوف: إنّ رجلًا أتى عمرَ بن الخطّاب فقال: إنّ فلانًا يقول: لو قد مات عمرُ بايَعْتُ فلانًا، فقال عمر: إنّي قائمٌ العشيّةَ في النّاس فمُحَذِّرُهم هؤلاء الرَّهْطَ الذين يريدون أن يَغْصِبوهم أمرَهم، قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعلْ، فإن الموسم يجمَعُ رَعاعَ النّاس وغَوغاءهم، وإنهم الذين يَغْلِبون على مَجلِسك إذا قمتَ في النّاس، فأخشى أن تقولَ مقالةً يطيرُ بها أُولئك فلا يَعُوها، ولا يَضَعوها على مواضعها، ولكن حتى تَقَدَمَ المدينةَ، فإنها دار الهجرة والسُّنّة، وتخلُصَ بعلماء النّاس وأَشرافِهم،
(1) المسند 1/ 424 (348) ومجاهد -كما سبق- لم يدرك عمر، فهو منقطع.
(2)
المسند 2/ 442 (378). رجاله ثقات. ومن طريق إسرائيل أخرجه النسائي 8/ 286، وأبو داود 3/ 325 (3670)، وصحّح الحاكم إسناده 4/ 143، ووافقه الذهبي. وصحّحه المحقّقون والألباني. وقد أخرجه الترمذي 5/ 236 (3049) من طريق محمد بن يوسف عن إسرائيل. قال: وقد رُوي عن إسرائيل هذا الحديث مرسلًا، وجعل المرسل أصحّ من رواية محمد بن يوسف المتّصلة.
فتقول ما قلتَ مُتَمَكِّنًا، فيَعُون مقالتَك، ويضعونها مواضِعَها، فقال عمر: لئن قَدِمْتُ المدينةَ صالحًا لأُكَلِّمَنّ بها النّاسَ في أوّل مقامٍ أَقومُه.
فَلما قَدِمنا إلى المدينة في عَقِبِ ذي الحجّة، وكان يوم الجمعة، عجّلتُ الرَّواح صَكَّةَ الأعمى - قلتُ لمالك: وما صكّة الأعمى؟ قال: إنه لا يبالي أَيَّ ساعة خرج، لا يعرف الحر والبردَ ونحو هذا - فوجدْتُ سعيدَ بن زيد عند رُكن المنبر الأيمن قد سبقني، فجلستُ حِذاءَه تَحُكُّ ركبتي ركبتَه، فلم أَنْشَبْ أَن طلع عمر، فلما رأيتُه قلتُ: ليقولَنّ العشيَّةَ على هذا المِنبر مقالةً ما قالها عليه أحدٌ قبله، قال: فأَنكر سعيدُ بن زيد ذلك، فقال: ما عسيتَ أَن يقول ما لم يقلْ أَحد؟
فجلس عمر على المنبر، فلما سَكَتَ المؤذِّنُ قام، فأَثنى على اللَّه بما هو أَهلُه، ثم قال: أَما بعدُ، أيّها النّاس، فإني قائلٌ مقالةً قد قُدِّر لي أَن أقولَها، لا أدري لعلَّها بين يدَيْ أَجَلي، فمن وعاها وعَقَلَها فليحدِّث بها حيثُ انتهتْ به راحلتُه، ومن لم يَعِها فلا أَحِلُّ له أن يَكْذِبَ عليّ:
إنّ اللَّه تبارك وتعالى بعثَ محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأَنزل عليه الكتابَ، وكان فيما أُنْزِلَ عليه آية الرَّجم قرأْناها ووعَيْناها، ورجمَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ورجَمْنا بعدَه، فأخشى إن طال بالناس زمانٌ أن يقول قائل: لا نجدُ آية الرجم في كتاب اللَّه عز وجل، فيَضِلُّوا بترك فريضةٍ قد أَنزَلَها اللَّه عز وجل، فالرجمُ في كتاب اللَّه حقٌّ على من زَنَى إذا أَحصنَ، من الرّجال والنساء، إذا قامت البيّنةُ أو الحبَل أو الاعِترافُ، ألا وإنا قد كنّا نقرأُ:(لا ترغبوا عن آبائِكم، فإنّ كُفْرًا بكم أَن ترغبوا عن آبائكم)(1).
إلا وإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تطْرُوني كما أُطْرِيَ عيسى ابنُ مريم، فإنّما أنا عَبْدُ اللَّهِ، نقولوا: عَبْدُ اللَّه ورَسُولُه".
وقد بلَغني أَن قائلًا منكم يقول: لو قد مات عمرُ بايَعْتُ فلانًا: فلا يَغْتَرَّنَّ امرؤٌ أن يقول: إنّ بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت فَلتَةً، ألا وإنها كانت كذلك، ألا وإنّ اللَّه عز وجل وقَى شرَّها، وليس فيكم اليومَ من تُقْطَعُ إليه الأَعناقُ مثل أبي بكر، ألا وإنه كان من خَبَرِنا حين تُوُفّي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أن عليًّا والزبير ومن كان معهما، تَخَلَّفوا في بيت فاطمة
(1) وهذا مما نُسخ تلاوته وبقي حكمه. ينظر الفتح 12/ 143، والدرّ المنثور 5/ 179.
بنتِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وتخلَّفَتْ عنّا الأنصارُ بأجمعها، في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلتُ له: يا أبا بكر، انطَلِقْ بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلَقْنا نَؤُمُّهم حتى لَقِيَنا رجلان صالحان، فذكرا لنا الذي صنع القومُ، فقالا: أين تريدون يا معشرَ المهاجرين؟ فقلتُ: نريدُ إخوانَنا هؤلاءِ من الأنصار، فقالا: لا عليكم أَن لا تَقْرَبُوهم، واقْضوا أمرَكم يا معشرَ المهاجرين، فقلتُ: واللَّه لنأتِيَنَّهم.
فانطلقنا حتى جِئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون، وإذا بينَ ظَهرانَيْهم رجلٌ مُزَّمِّل، فقلت: مَنْ هذا؟ فقالوا: سعدُ بن عُبادة، فقلت: ما له؟ قالوا: وَجع، فلما جلسنا قام خطيبُهم فأثنى على اللَّه عز وجل بما هو أهلُه، وقاك: أما بعدُ، فنحنُ أنصار اللَّه وكتيبةُ الإسلام، وأنتم يا معشرَ المهاجرين رَهْطٌ منّا، ومَد دَفَّت دافَّةٌ منكم يريدون أَن يختَزِلونا من أصلنا، ويَحْضُنُونا من الأَمر فلمّا سكتَ أَردتُ أن أتكلَّمَ، وكنتُ قد زوَّرْتُ مقالةً أعجَبَتْني، أردتُ أن أقولَها بين يدَيْ أبي بكرٍ، وقد كنتُ أُداري منه بعضَ الحَدِّ، وهو كان أحلمَ مني وأَوقرَ، فقال أبو بكر: على رِسْلِك. فكرِهْتُ أنْ أُغضبَه، وكان أعلَمَ منِّي وأوقرَ، واللَّه ما تَرَكَ من كلمةٍ أعجَبَتْني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضلَ، حتى سَكَت، فقال: أما بعدُ: فما ذكَرتم من خير فأنتم أَهلُه، ولم تعرفِ العربُ هذا الأمر إلا لهذا الحيِّ من قريش، هم أوسط العرب نَسَبًا ودارًا، وقد رَضِيتُ لكم أحدَ هذين الرجلين أيَّهما شئْتُم. وأخذ بيدي وبيد أَبي عبيدة بن الجرّاح، فلم أَكره ممّا قال غيرَها، كان واللَّه أن أُقَدَّمَ فتُضْرَبَ عنقي، لا يقرِّبني ذلك إلى إثم، أَحبُّ إليّ من أن أَتأَمَّرَ على قوم فيهم أبو بكر، إلا أن تَغَيَّرَ نفسي عند الموت. فقال قائل من الأنصار: أنا جُذَيْلُها المُحَكَّك، وعُذَيقُها المُرَجَّب، مِنّا أميرٌ ومنكم أميرٌ.
فقلتُ لمالك: ما معنى أنا جُذَيلها المُحَكَّك، وعُذَيقها المُرَجَّب؟ قال: كأنّه يقول: أنا داهِيَتُها.
قال: وكَثُر اللَّغَطُ، وارتفعتِ الأصواتُ، حتى خشيتُ الاختلاف، فقلتُ: ابسُط يدَك يا أَبا بكر، فبَسَطَ يده فبايَعْتُه، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونَزَوْنا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: قَتَلْتم سعدًا، فقلتُ: قَتَل اللَّهُ سعدًا.
وقال عمر: أَما واللَّه ما وَجَدْنا فيما حَضَرَنا أَمرًا هو أوفقُ (1) من مبايعة أَبي بكر، خَشِينا
(1) كذا في المخطوط. وفي المسند والبخاري "أقوى".
إن فارقْنا القومَ، ولم تكن بيعةٌ أَن يُحْدِثوا بعدنا بيعةً، فإما أَن نُتابعَهم على ما لا نرضى، وإما أن نُخالِفَهم فيكونَ فيه فسادٌ، فمَن بايع أَميرًا عن غير مَشُورة المسلمين فلا بيعةَ له، ولا بيعةَ للذي بايعه، تَغِرَّةَ أَن يُقتلا.
قال مالك: وأَخبرني ابن شهاب، عن عروة بن الزبير: أَن الرجلين اللَّذَين لقياهما: عُوَيم بن ساعدة، ومَعْن بن عديّ.
قال ابن شهاب: وأخبرَني سعيد بن المسيّب أن الذي قال: أنا جُذيلها المُحَكَّك، وعُذَيقها المرَجَّب، الحُباب بن المنذر.
أخرجاه في الصحيحين (1).
قوله إذا كان الحَبلُ، قال ابن جرير - يعني المُحْصنة التي لا زوج لها، ولا يُنكِر الزّاني أنّه من زناه.
وقوله: كانت بيعة أبي بكر قَلتة. الفلتة: ما وقع عاجِلًا. وإنما استعجلوا خوف الفتنة.
والدّافّة: الجماعة.
ويختزلونا: يقطعونا عن مُرادنا. ويحضنونا: ينحّونا عنه.
وزوَرْت: هيّأت.
والحَدّ: الحِدّة.
والقائِل: أبا جُذَيلها المُحَكّك: الحُباب بن المنُذر، وقيل: سعد بن عبادة. والجُذَيل تصغير الجَذل: وهو عود ينصب للإبل الجَربى فتحْتَكّ به. وأراد به: يُستشفى برأيي.
والعُذَيق: تصغير العَذق: النّخلة.
والترجيب: أن تُدْعَمَ النخلة إذا كثر حملها بخشبة ذات شعبتين.
وتغرّة أن يقتلا: أي حِذارًا. والمعنى: أن في بيعتهما تغريرًا بأنفسهما للقتل (2).
(1) المسند 1/ 449 (391). وأخرجه البخاري مجزءًا. وأخرجه بتمامه من طريق الزهري 12/ 144 (6830) وينظر أطرافه 5/ 109 (2462). أما مسلم فساق جزءًا منه من طريق الزهري 3/ 1691 (1317). وينظر الجمع 1/ 101 (26).
(2)
شرح المؤلّف في كشف المشكل هذا الحديث شرحًا وافيًا. فليراجع 1/ 62 (26).
* طريق في معناه:
حدّثنا هشيم قال: حدّثنا علي بن زيد عن يوسف بن مِهران عن ابن عبّاس قال:
خطب عمر بن الخطّاب، فحَمِد اللَّه وأثنى عليه، فذكر الرّجم، فقال: لا تُخْدَعُنَّ عنه، فإنّه حَدٌّ من حُدود اللَّه، ألا إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد رَجَمَ ورَجَمْنا بعده، ولولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب اللَّه ما ليس منه، لكَتَبْتُه في ناحية المصحف. شهد عمر بن الخطّاب وعبد الرحمن بن عوف وفلان وفلان: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد رَجَمَ ورَجْمنا من بعده. ألا وإنّه سيكون من بعدكم قومٌ يُكَذِّبون بالرَّجم، وبالدّجّال، وبالشّفاعة، وبعذاب القبر، وبقومٍ يخرجون من النّار بعدما امتحشوا (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا معاوية بن عمرو قال: حدّثنا زائدة قال: حدّثنا عاصم عن زِرّ عن عبد اللَّه قال:
لمّا قُبِضَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منّا أميرٌ ومنكم أمير. فأتاهم عمر فقال: يا معشرَ الأنصار، ألسْتُم تعلمون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر أن يَؤُمَّ النّاسَ؟ فأيُّكم تطِيبُ نفسُه أن يتقدّمَ أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذُ باللَّه أن نتَقَدَّمَ أبا بكر (2).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن فُضيل قال: حدّثنا إسماعيل بن سُمَيع عن مُسلم البَطين عن أبي البَخْتَرِيّ قال:
(1) المسند 1/ 296 (156). وعلي بن زيد، ابن جدعان، ضعيف. ويوسف بن مهران، ليّن الحديث، لم يرو عنه إلّا ابن جدعان. وقد ضعّف محقّقو المسند إسناده.
(2)
المسند 1/ 282 (133) من طريق حسين بن علي ومعاوية عن زائدة. ومن طريق حسين بن علي أخرجه النسائي 2/ 74، وصحّح الحاكم إسناده 3/ 67، ووافقه الذهبي. ورجاله رجال الصحيح، وعاصم حسن الحديث، وحديثه في الصحيحين مقرون. وقد حسّن الألباني الحديث وحسّن محقّقو المسند إسناده.
قال عمر بن الخطّاب لأبي عُبيدة بن الجرّاح: ابْسُطْ يدَك حتى أُبايِعَك، فإنّي سَمِعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"أنت أمينُ هذه الأمّة". فقال أبو عبيدة ما كنتُ لأَتَقَدَّمَ بين يَدَيْ رجلْ أَمَّرَه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يَؤُمَّنا، فأَمَّنا حتى مات (1).
* * * *
آخر مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه (2).
(1) المسند 1/ 356 (233). وبهذا الإسناد أخرجه الحاكم 3/ 267، وفيه قال أبو بكر لأبي عبيدة. . . وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه: قال الذهبي: منقطع. وقد وضّح محقّقو المسند ذلك، فأبو البختري سعيد ابن فيروز لم يدرك عمر.
(2)
هذه العبارة ليست في الأزهرية.