الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكامه، ولولاه لم نستطع أن نعرف الصلاة والصيام، وغيرهما من الأركان والعبادات على الوجه الذي أراده الله تبارك وتعالى. وما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب. ولقد ضل قوم في هذا الزمان زعموا استغناءهم عن الحديث بالقرآن، وهو القائل:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44)، فأخبر أن ثمة مبيّناً، وهو القرآن، ومبيَّناً، وهو الرسول عليه الصلاة والسلام وحديثة، وقد أكد هذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح المشهور:«ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه» .
"تحقيق العلم لابن أبي خيثمة"(ص 16 - 17)
[38] باب ذكر ضلال القرآنيين وسببه
[قال الإمام]:
وقد علمنا أن مشرب هؤلاء "القرآنيين" ردَّ الأحاديث الصحيحة لأدنى شبهه، لا في صحتها من جهة إسنادها، ولكن لمخالفتها لأهوائهم وميولهم.
"أصل صفة الصلاة"(3/ 937).
[39] باب الرد على القرآنيين
[سئل الإمام]:
سؤال: فضيلة الشيخ: يقول القرآنيون: قال تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} (الإسراء12)
…
وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا في الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (الأنعام38)
…
ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «إن هذا القران طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بهده أبداً» (1). نرجو من فضيلتكم التعليق
(1)"صحيح الترغيب والترهيب"(1/ 93/ 35). [منه].
على ذلك؟
(فأجاب): أما قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا في الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (الأنعام 38)، فهذه الآية إنما تعني الكتاب هُنا: اللوح المحفوظ، ولا تعني: القران الكريم.
أما قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} (الإسراء12) ، فإذا ضممتم إلى القران الكريم ما تقدم بيانه آنفا، فحينئذٍ يتم أن الله عز وجل قد فصل كل شيء تفضيلاً، لكن بضميمة أخرى، فإنكم تعلمون أن التفصيل قد يكون تارة بالإجمال، بوضع قواعد عامة يدخل تحتها جزئيات لا يمكن حصرها لكثرتها، فبوضع الشارع الحكيم لتلك الجزئيات الكثيرة قواعد معروفة ظهر معنى الآية الكريمة، وتارة التفصيل وهو المتبادر من هذه الآية، كما قال عليه الصلاة والسلام:«ما تركتُ شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركتُ شيئاً مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه» (1).
فالتفصيل إذاً تارة يكون بالقواعد التي لا تدخل تحتها جزئيات كثيرة، وتارة يكون بالتفصيل لمفردات عبادات وأحكام تفصيلاً لا يحتاج إلى الرجوع إلى قاعدة من تلك القواعد.
ومن القواعد التي لا يدخل تحتها فرعيات كثيرة -وتظهر بها عظمة الإسلام وسعة دائرة الإسلام في التشريع -قوله صلى الله عليه وآله وسلم على سبيل المثال:
…
وقوله عليه السلام: «كل مسكر خمر، وكل خمر
(1)"الصحيحة"(1803). [منه].
(2)
"صحيح الجامع"(7517). [منه].
حرام» (1)
…
وقوله عليه السلام: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» (2). هذه قواعد وكليات لا يفوتها شيء مما يتعلق بالضرر بالنفس أو الضرر بالمال في الحديث الأول، وما يتعلق بما يُسكر كما في الحديث الثاني، سواء كان المسكر مستنبطاً من العنب -كما هو المشهور- أو من الذرة، أو من أي مادة من المواد الأخرى، فما دام أنه مُسكر فهو حرام.
كذلك في الحديث الثالث: لا يمكن حصر البدع لكثرتها، ولا يمكن تعدادها ومع ذلك فهذا الحديث - مع إيجازه- يقول بصراحة:«وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» .
هذه تفصيل لكن بقواعد.
وأما الأحكام التي تعرفونها، فهي مفصَّلة بمفردات جاء ذكرها في السنة على الغالب، وأحياناً كأحكام الإرث مثلاً فهي مذكورة في القران الكريم.
أما الحديث الذي جاء ذكره، فهو حديث صحيح، فالعمل به هو الذي بإمكاننا أن نتمسك به، وكما جاء في الحديث «تركت فيكم أمرين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة رسوله» (3).
فالتمسك بحبل الله - الذي هو بأيدينا- إنما هو العمل بالسنة المُفصلة للقران الكريم.
"كيف يجب علينا أن نفسر القرآن"(ص7 - 10).
(1)"إرواء الغليل"(8/ 40/2373)[منه].
(2)
"صحيح الترغيب والترهيب"(1/ 92/34) - "وصلاة التراويح"(ص75). [منه].
(3)
مشكاة المصابيح (1/ 66/ 186)[منه].