الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزواج من الكتابيات
السؤال: يقول السائل: نرجو تفصيل القول في حكم الزواج من الكتابيات، فإن كان المنع فنرجو تفصيل سبب التحريم وبيانه؟
الجواب: لا شك أن الأصل في الزواج من الكتابيات هو الإباحة، وذلك منصوص في الكتاب في قوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] لكن هذه الإباحة ليست واجبة، وكثير من المباحات قد يحيط بها في بعض الأحيان ما يدخلها في باب الممنوع وغير الجائز بل والمحرم.
خلينا نضرب مثل بسيط جداً: رجل عنده زوجة والزوجة صالحة ولا عيب فيها ويريد أن يتزوج عليها، وهذا جائز أيضاً التزوج بالكتابية.
{فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] لكنه يعتقد أنه لا يستطيع أن يعدل بين القديمة وبين الجديدة، فما حكم هذا الزواج الثاني الذي أصله الإباحة؟ ينقلب هذا الحكم إلى أنه لا يجوز، لماذا؟ لأن هذه الإباحة مقيدة بنص القرآن بالعدل، مقيدة بنص القرآن الكريم فلا يجوز.
كذلك حينما ربنا عز وجل أباح للمسلم أن يتزوج بالكتابية كانت هذه الإباحة ليس في أول الإسلام، لم تكن الإباحة والمسلمون ضعفاء وفي مكة، كانت هذه الإباحة حينما بدأ دولة الإسلام تثبت وجودها وتنشر ظلها على ما حولها من البلاد بحيث أنه صدق في ذلك الوقت وليس وهو في مكة، صدق قوله عليه السلام وهناك قال عليه السلام: «فضلت على الأنبياء قبلي بخمس، منها:
ونصرت بالرعب مسيرة شهر» حين ذاك شرع الله عز وجل للمسلمين أن يتزوجوا من الكتابيات، لأن الدولة والصولة والمجتمع صار إسلامياً.
فكل من دخل فيه بطريق زواج بل وبطريق الاسترقاق استفاد من حيث أنه هو رقيق. انظروا هذه الملاحظة فإن فيها دقة.
يقول الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح: «إن ربك ليعجب من أقوام يجرون إلى الجنة في السلاسل» من هم؟ كأسرى من الكفار يصبحون أرقاء ويوزعون على المسلمين الذين انتصروا عليهم فيصبح خادماً رقيقاً في بيت المسلم، لكن هذا الرق يعود عليه بالسعادة في الدنيا قبل الآخرة، لأنه يصبح مسلماً عارفاً بالله وبرسوله فيسعد السعادة التي كان يشقاها من قبل كما يشهد بذلك قوله تعالى أولاً ثم واقع الكفار اليوم ثانياً:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه: 124 - 126].
فالغالب اليوم. نعم. الغالب اليوم يعيش هذه الحياة الضنكا، وهكذا طبيعة الكفار في كل زمان وفي كل مكان، فحينما ينتقل الرقيق بطريق لا يعجبه بطبيعة الحال مأسور مغلل في الأصفاد ينتقل إلى بلاد الإسلام ويعيش رقيقاً خادماً رغم أنفه لا يأخذ أجراً، وإن حصل هو أجراً بمهنة له فهذا الأجر يعود إلى سيده، لكن مع ذلك والتاريخ يشهد أن من كبار علماء المسلمين من كان أصله رقيقاً فصاروا من العلماء، من الصالحين الأتقياء، نحن الأحرار نأخذ علمنا عن أولئك العبيد لكن هم في الحقيقة هم الأحرار.
من أين جاء هذا؟ من الرق. احفظوا هذا أولاً.
حديث آخر يقول الرسول عليه السلام، وهذا من عجائب بلاغة الرسول عليه
السلام: «استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم» أيش عوان عندكم؟ يعني: أسيرات، يعني مثل
…
اللي يجر بالسلاسل، كما ندعو للنساء التي زوجتموهن:«استوصوا بهن خيراً فإنهن عوان عندكم» ليش عوان؟ ليش أسيرات؟ لأنها مأمورة أن تطيع زوجها: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34].
فإذاً: هذا الرق يعود بالفائدة إلى من؟ إلى الزوجة لو كانت مسلمة فما بالكم إذا كانت كتابية؟ فشأنها شأن الرقيق الأول الكافر حينما يأتي مغللاً إلى بلاد الإسلام، شأن هذه المرأة النصرانية أو اليهودية حينما يتزوجها المسلم أنها بطريق الزواج تصبح تتعرف على الإسلام عن كثب وعن قرب فينشرح قلبها للإسلام، بينما وهي بعيدة عن هذا الجو الخاص كانت أكبر عدوة للإسلام.
وهذا يذكرني بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحديث كما يقال: ذو شجون، لكنه الحقيقة من عجائب أحاديث الرسول عليه السلام وسيرته الكريمة، يذكرني بأنه عليه السلام حينما استصفى لنفسه صفية اليهودية وكانت وقعت أسيرة وخرجت من نصيب رجل من الصحابة فقال بعض الناس أنها لا تصلح إلا لك.
الخلاصة: الرسول اصطفاها لنفسه وأعطى من كانت من حصته خمس أو ستة رؤوس من الأسرى، يعني من العبيد.
الشاهد تقول صفية: أنه كنت قبل ذلك أبغض الرسول كأشد ما أبغض إنسان على وجه الأرض، لكن لما دخلت في عصمة الرسول وشافت لطفه وتحققت من وصف الله له:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] صار رسول الله أحب إليها ممن على وجه الأرض كلهم.
إذا لاحظنا هذه المعاني حينئذ نعرف السر لماذا أباح الله عز وجل للمسلمين أن يتزوجوا الكتابيات؟ لأن كما يعبرون اليوم باللغة الأجنبية البوتقة يعني الظرف اللي ستوجد فيه ستدمغها وتطبعها بطابعها.
أما اليوم فالأمر اختلف أشد الاختلاف، اليوم لا يوجد هذا الطابع الإسلامي وهذا الظرف المسلم الذي يطبع هذه المرأة اليهودية أو النصرانية بطابع الإسلام، بل على العكس من ذلك كما هو مشاهد في كثير من الأزواج الذين يتزوجون بكتابيات يأتون بفساد يدخلونه إلى دارهم وإلى بيتهم فتقوم هي تربي الأولاد التربية الأوربية، وربما تتولى تربية الزوج أيضاً لأنه ليس عنده تلك الحصانة التربية الإسلامية، ولهذا نحن نقول: إنه لا يجوز اليوم لأي مسلم أن يسافر إلى بلاد الغرب ولو في سبيل ما يسمونه اليوم بالعلم إلا بشرطين اثنين:
الشرط الأول: أن يكون محصناً ((
…
انقطاع
…
)) لكنها لطيفة، أن يكون محُصَّناً بالأخلاق الإسلامية، أما مُحْصَناً فمعروف هذا تعبير شرعي أن يكون متزوجاً وبذلك يحفظ نفسه من أن يتسرب إليه الشيء من فساد ذلك المجتمع الذي اضطر للذهاب إليه من أجل تحصيل العلم الذي ارتضاه لنفسه وبشرط أن يكون هذا العلم في نظر الإسلام مقبولاً مشروعاً جائزاً على الأقل.
فإذاً نحن نقول اليوم: لا يجوز أن يتزوج المسلم بغير المسلمة، لأن هذه غير المسلمة ليست تدخل جواً إسلامياً تنطبع بأخلاقه لأنه نفس الجو هذا ليس إسلامياً، لأنه عم نشوف نحن نساءنا المسلمات وبناتنا المسلمات ما نستطيع نربيهم تربية إسلامية، إلا ما قل وندر جداً والنادر لا حكم له كما يقال، فكيف ندخل إلى بيوتنا من يكون أبعد ما يكون عن عقائدنا وأخلاقنا وسلوكنا فضلاً عن عاداتنا؟ لذلك نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا، وأن يوفقنا للتفقه في كتاب ربنا وفي سنة نبينا وعلى منهج سلفنا الصالح فإنهم هم القوم لا يشقى جليسهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(الهدى والنور /219/ 24: 43: 00)
(الهدى والنور /219/ 46: 52: 00)