المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌خطر الابتداع الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٨

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌الزواج في بلاد الكفروالزواج من كتابيات

- ‌الزواج في بلاد الكفر بنية الطلاق

- ‌الزواج من الكتابيات

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌‌‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌ضابط الكتابي الذي يجوز مناكحتهوالأكل من طعامه

- ‌كيف تتزوج الفتاة في الدول الكافرة

- ‌الهجرة من بلاد الكفر

- ‌الهجرة من الدار التي يكثر فيها الفسق

- ‌الهجرة من البلاد التي تُحَارب فيها الدعوة

- ‌جواز الهجرة إلى بلاد الكفرإذا عدمت البلاد الإسلامية

- ‌الرجوع من بلاد الهجرة

- ‌الهجرة من بلاد الكفر

- ‌متفرقات في أبوابالولاء والبراء

- ‌استغابة وسب المشركين

- ‌الدعاء على الكفار

- ‌حكم الأكل من طعام أهل الكتابفي أعيادهم

- ‌معاملة محسني النصارى بالحسنى

- ‌حفر قبور للنصارى

- ‌حكم الجمع بين مقابر المسلمين والنصارى

- ‌اتباع جنائز أهل الكتاب

- ‌نصرانية حامل فأين تدفن

- ‌امرأة نصرانية يُشك في إسلامهافهل تدفن في مقابر المسلمين

- ‌امرأة نصرانية تريد أن تهب مالها لمسلمةمقابل أن تحفر لها قبرها وتزينه

- ‌رجل مات في بلاد الكفرفهل يدفن في التابوت

- ‌مصاحبة الأهل الكافرين إلى المقبرة

- ‌حكم الدفن في بلاد الكفار

- ‌حكم دخول الكنيسة لرؤية الآثاروزيارة المتاحف

- ‌حكم توصيل الناس إلى الكنيسة

- ‌العمل عند أهل الكتاب

- ‌العمل تحت إمرة كافر

- ‌حكم قول المسلم: أنا نصراني

- ‌كيفية مناقشة الكفار

- ‌مواساة أهل الكتاب لدعوتهم إلى الإسلام

- ‌الاستعانة بالمشركين

- ‌حكم التهرب من الخدمة العسكرية

- ‌حكم التجنس بجنسية بلد كافر

- ‌باب منه

- ‌الحصول على جواز سفر أجنبي

- ‌دار الإسلام ودار الكفر

- ‌الفرق بين دار الإسلامودار الكفر ودار الحرب

- ‌تطبيق الأحكام الشرعية في دار الكفر

- ‌هل النصارى في هذا العصر أهل كتاب

- ‌العمل في الشرطةوما شابهها في بلاد الكفر

- ‌القوانين في بلاد الكفر

- ‌تهنئة النصارى بأعيادهم

- ‌المسلمون ومدارس التنصير

- ‌حديث: فاضطروهم إلى أضيق الطرقات

- ‌حديث: اضطروهم إلى أضيق الطرق

- ‌الفرح ببعض أخبار الغربيين

- ‌السلام على النصارى

- ‌ذبائح أهل الكتاب

- ‌العمل بسفارة أجنبية

- ‌التحاكم إلى محاكم الكفار

- ‌إهداء المصحف لكافر

- ‌استقدام الخَدَم الأجانب إلى بلاد المسلمين

- ‌استقدام الأجانب إلى البلاد الإسلامية

- ‌عيد المعلم

- ‌حكم إقامة محاضرات عن المسيحعليه السلام في رأس السنة الميلادية

- ‌حكم تحية العَلَم

- ‌كتاب أصول البدع

- ‌التحذير من البدع

- ‌ذم البدع

- ‌التحذير من الابتداع في الدين

- ‌خطر الابتداع

- ‌خطر الابتداع

- ‌خطورة الإحداث في الدين

- ‌كلمة حول معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم)(كتاب الله وسنتي) وخطورة الإحداث في الدين

- ‌حول ظاهرة مخالفة السنة

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌خطورة الابتداع وبيان أنهلا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌خطورة الابتداع وبيان أنهلا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌قول ابن عمر: من ابتدعبدعة فرآها حسنة

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌الاستدلال بقول عمر: نعمت البدعةهي على البدعة الحسنة

- ‌لا بدعة حَسَنة في الإسلام

- ‌باب منه

- ‌قول عمر: نعمت البدعة هذه

- ‌هل في الدين بدعة حسنة

- ‌البدعة والمصالح المرسلة

- ‌المصلحة المرسلة والبدعة

- ‌متى يقال: فلان مبتدع؟ والكلام علىالفرق بين البدعة والمصلحة المرسلة

- ‌ضابط المصالح المرسلة

- ‌المصالح المرسلة

- ‌متفرقات في أصول البدع

- ‌صاحب البدعة المكفرة

- ‌الرواية عن صاحب بدعة

- ‌ضابط البدعة

- ‌هل العادات تدخل في البدع

- ‌هل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:كل بدعة ضلالة من العام المخصوص

- ‌قاعدة: كل نص عام

- ‌الفرق بين العبادات المطلقة والمقيدة،وأثر ذلك في أبواب البدع

- ‌هل البدعة وصاحبها في النار

- ‌بين البدعة والسنة التركية

- ‌قول بعضهم: البدعة خاصةبالتغيير لا بالزيادة

- ‌الرد على أهل البدع

- ‌هل لأهل البدع توبة

- ‌هل تُترك سنة من السننإذا صارت شعارًا لأهل البدع

الفصل: ‌ ‌خطر الابتداع الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله

‌خطر الابتداع

الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71] أما بعد:

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

كلمتي في هذه الليلة الطيبة إن شاء الله والمباركة في كلمتين خفيفتين قصيرتين جداً لكنهما يجمعان الإسلام كله، هما: ألا نعبد إلا الله، وهذا كلكم تعرفونه مع غفلة عن كثير من حقائق هذه العبادة.

ص: 172

أما الأخرى فكثير من الناس لا يعلمونها وهي بعد أن قلنا في الكلمة الأولى: ألا نعبد إلا الله، أما الكلمة الأخرى: ألا نعبده إلا بما شرع الله، ألا نعبد إلا الله وألا نعبده إلا بما شرع الله.

إذاً هما حقيقتان شرعيتان هامتان جداً جداً، لا يكون المسلم مؤمناً إلا بعد أن يحقق معنى هاتين الكلمتين في نفسه وقلبه وإيمانه، هما: ألا نعبد إلا الله. هذه الأولى. والأخرى: ألا نعبده إلا بما شرع الله.

فهاتان الكلمتان هما خلاصة الشهادتين اللتين قال فيهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس - كل الناس من الكفار - حتى يشهدوا ألا إله إلا الله» هي الكلمة الأولى.

«وأن محمداً رسول الله» هي الكلمة الأخرى «إلا بحسابها، إلا بحقها وحسابهم عند الله تبارك وتعالى» .

كثير من الناس لا يعلمون حقيقة هاتين الشهادتين اللتين لا يمكن لكافر أن يقبل إسلامه إلا بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، كلنا يعلم هذه الحقيقة أن الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكن الكثير من المسلمين لا يعلمون ما تتطلبه هاتان الشهادتان، الأولى لا إله إلا الله، والأخرى محمد رسول الله.

أريد أن أدير كلمتي هذه في هذه الليلة حول الشهادة الثانية: وأن محمداً رسول الله، مع الإيجاز من البيان في الشهادة الأولى لا بد منه.

فقوله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله» تعني أول ما تعني: ألا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى، تعني: أن يخلص المسلم عبادته لله عز وجل فلا يشرك في عبادة الله مع الله أحداً. وهذا له بحثه الطويل،

ص: 173

ولعلنا تعرضنا له أكثر من مرة، لكن أردت إيجاز الكلام في هذه الكلمة الطيبة أن معناها: لا معبود بحق إلا الله، ليس معناها كما قد يتوهم البعض: لا إله أي: لا رب، هذا معنىً قاصر، الإله هو المعبود، أما الرب فقد يطلق على الخالق سبحانه وتعالى الذي هو رب البيت وهو رب العالمين ورب العرش العظيم ونحو ذلك، وقد يطلق على رب المال صاحب المال وصاحب الدار ونحو ذلك.

فليس المقصود من الكلمة الطيبة هذه: لا إله إلا الله بمعنى: لا رب إلا الله فقط، لا. وإنما المقصود: لا معبود بحق في الوجود إلا الله، ولذلك فكلمة التوحيد هذه لا تفيد صاحبها شيئاً مما يرجى لقائلها يوم لقاء الله عز وجل من النجاة في الخلود في النار إلا إذا فهم معنى الإله في هذه الشهادة، في هذه الكلمة الطيبة الإله هو المعبود الحق، فلا يعبد مع الله غيره تبارك وتعالى.

هكذا معنى كلمة التوحيد، ذلك لأن المشركين كانوا بنص القرآن الكريم، كانوا بنص القرآن الكريم يشهدون أن خالق السماوات والأرضين هو الله، قال عز وجل:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزمر: 38].

فلا يكفي المسلم إذاً أن يقول: إن الله هو الخالق هو الرازق وهذا لا بد منه، لكن يجب أن يضم إلى اعتقاده بأنه لا رب إلا الله ولا خالق إلا الله ولا رازق إلا الله ولا معبود في الوجود بحق إلا الله تبارك وتعالى وبذلك يقوم بحق هذه الكلمة الطيبة، يقوم بحق هذه الكلمة الطيبة.

قلت آنفاً: أوجز الكلام في هذه الكلمة الطيبة لأنني تعرضت لذلك أكثر من مرة، أريد أن أخصص قليلاً من جلستنا هذه حول الشهادة الثانية وهي: وأن محمداً رسول الله.

قلت: هما كلمتان: لا نعبد إلا الله هذا معنى لا إله إلا الله. والكلمة الثانية: لا

ص: 174

نعبد الله إلا بما شرع الله، فإذا عبدنا الله بما شرع الله فقط يكون صدقنا وآمنا حقيقة حينما نقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

أما إذا وسعنا دائرة العبادة فعبدنا الله عز وجل بما لم يشرع ربنا عز وجل في القرآن ولا في السنة فلا نكون قد آمنا حقيقة بالشهادة الثانية: وأن محمداً رسول الله. لم؟ لأن إيماننا بأن محمداً رسول الله يعني أمرين اثنين:

الأمر الأول: أنه مبعوث رسولاً من رب العالمين لكافة الناس بشيراً ونذيراً، رسولاً يعني برسالة هي رسالة الإسلام.

والأمر الآخر: أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ولم يدع لأحد شيئاً يستدركه عليه صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك قال ربنا تبارك وتعالى مؤكداً لقيامه صلى الله عليه وآله وسلم بحق كونه رسولاً وبذلك نشهد فنقول: وأن محمداً رسول الله.

وقد نزلت آية عظيمة جداً جداً ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عرفة وفي حجة الوداع تأكيداً لهذا المعنى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أدى الرسالة كاملة غير منقوصة، فقال عز وجل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3].

نزلت هذه الآية الكريمة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عرفة ويوم جمعة، ولقد عرف قيمة هذه الآية الكريمة، هذه النعمة العظيمة الذي امتن الله تبارك وتعالى بها على عباده بقوله:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] إلى آخر الآية.

وقد عرف هذه الحقيقة حبر من أحبار اليهود كان قد أسلم هداه الله عز وجل إلى الإيمان بالله ورسوله ألا وهو كعب الأحبار على قلة من أسلم من اليهود، فلما عرف مما درس من كتاب الله هذه الآية الكريمة جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين! آية في كتاب الله لو علينا معشر يهود نزلت لاتخذنا يوم

ص: 175

نزولها عيداً. قال عمر: ما هي؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] إلى آخر الآية. فقال عمر رضي الله تعالى عنه: لقد نزلت في يوم عيد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عرفة.

إذاً لقد صدق لقد صدق ظن كعب الأحبار حينما أحس بعظمة هذه الآية حينما قال: لو نزلت على اليهود لاتخذوا يوم نزولها عيداً، فأخبره عمر بأن المسلمين يعيدون في هذا اليوم فعلاً ألا وهو يوم الجمعة ويوم عرفة أيضاً.

الغرض من تقديم هذه الرواية الصحيحة - وهي في صحيح البخاري - هو تذكير المؤمنين بالله ورسوله حقاً، بعظمة هذه النعمة التي امتن الله بها على عباده حينما قال:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] لكن المسلمين إلا قليلاً منهم لم يعرفوا قيمة هذه النعمة، ولم يقدروها حق قدرها، لم؟ لسببين اثنين، أحدهما يعود إلى الفكر والآخر يعود إلى العمل الذي هم عليه.

أما الفكر فإننا إلى اليوم نعيش في مشكلة فقهية مخالفة لما تنص عليه هذه الآية الكريمة من أن الدين أكمله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، نعيش في مشكلة، مشكلة أن العبادات التي يتعبدها المسلمون اليوم كثير منها ليس من الدين بشيء، ليس من الإسلام بسبيل مع أننا سمعنا آنفاً أولاً الآية وأنها نزلت في يوم عيد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جبل عرفات وفي حجة الوداع.

هذه النعمة عظيمة ما قدرها كثير من المسلمين حق قدرها، ولو أنهم قدروها حق قدرها لوقفوا عندما شرع الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لست أعني فقط أن هناك قوانين ودساتير وضعت لم توضع على كتاب الله وعلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأن هذه الدساتير والقوانين لم يضعها علماء المسلمين وفقهاء المسلمين والمسلمون المتعبدون المخلصون لدينهم، وإنما هي فرضت عليهم، وإنما أعني

ص: 176

أفراد المسلمين الصالحين منهم الذين يقومون الليل ويصومون النهار ومع ذلك فهم لا يقفون عند هذه النعمة من كمال الدين، فيتعبدون الله عز وجل بما لم يأتِ في الدين ولم يبينه رسول رب العالمين.

هذا الذي أردت توضيحه بعد ذلك الإجمال حينما قلنا أصلان لا بد لكل مسلم أن يدين الله بهما، الأصل الأول: ألا يعبد إلا الله. والأصل الثاني: ألا يعبده إلا بما شرع الله، لم؟ لأن الدين قد أكمله الله تبارك وتعالى.

هذه الحقيقة - مع الأسف - غائبة عن أذهان كثير من المسلمين المتعبدين والمتفقهين، ذلك لأن الإسلام اليوم وقد مضى عليه أربعة عشر قرناً قد دخل فيه مع الزمن ما ليس منه، ولذلك جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والآثار السلفية تحذر من الإدخال لشيء ما في الدين باسم التقرب إلى الله تبارك وتعالى، ذلك لأن الله عز وجل قد كفانا مؤنة الإحداث والإدخال في الدين ما لم يكن منه كما سمعتم آنفاً من الآية التي نزلت في عرفة.

وأكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا المعنى الذي تضمنته الآية الكريمة في بعض الأحاديث الصحيحة التي منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله ويبعدكم عن النار إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه» إذاً انتهى باب العبادة، فلا سبيل لأن يتعبد المسلم إلا بما جاءنا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

من أجل هذا جاءت الأحاديث الكثيرة والكثيرة جداً وكذلك الآثار عن الصحابة والسلف الصالح تنهى المسلمين من الإحداث في الدين، تنهاهم نهياً مطلقاً دون أن يدخل هذا النهي شيء من التخصيص أو التقييد، وبعض هذه الأحاديث معروفة ولكن قل من يقف عند دلالتها العامة.

ص: 177

فآنفاً افتتحت كلمتي هذه بخطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفتتح بها خطبه، وفيها: خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

هذه الكلية كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار؛ لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ورسوله حقاً أن يعارض هذه الكلية وأن يقول: لا، ليست كل بدعة ضلالة أو ليس كل بدعة ضلالة، كيف يقول هذا مسلم يؤمن بالله ورسوله حقاً يعارضه ويشاققه ويشاكسه ويقول: كل بدعة ضلالة ثم هكذا يقول رسول الله، ثم هناك من يقول: لا، البدعة تنقسم إلى قسمين: بدعة حسنة وبدعة سيئة. هذه قسمة ضيزى يجب على كل مسلم ألا يؤمن بها، لأنها تنافي إيمانه بقول نبينا صلوات الله وسلامه عليه:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» .

عجيب جداً أن يوجد في بعض المسلمين من يشاقق الرسول في هذه الكلمة، هو يقول:«كل بدعة ضلالة» وذاك المسلم يقول: هناك البدعة تنقسم إلى قسمين: حسنة وسيئة. ماذا يقال في من يقول في حديث الرسول عليه السلام آخر فيه مثل هذه الكلية.

قال صلى الله عليه وآله وسلم: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» هل يعقل أن يقول مسلم: هذا الكلام مقسوم إلى قسمين؟ ليس كل مسكر خمر، بل منه ما هو خمر ومنه ما ليس بخمر. هذا لا يتصور أن يصدر من مسلم إلا سهواً، إلا خطأً هذا ممكن.

أما أن يصبح شريعة مستمرة في أذهان المسلمين بل وأكثر المسلمين بسبب زلة وقع فيها عالم فهنا تكمن المشكلة، ممكن أن يقول قائل خطأً وسهواً ما يخالف القرآن والسنة، ولكن لا يمكن أن تصبح هذه المخالفة شريعة وعبادة مستمرة طيلة هذه السنين الطويلة.

ص: 178

فمن يقول في قوله عليه السلام: «كل بدعة ضلالة» ليس كل بدعة ضلالة وإنما هي بدعة حسنة وبدعة سيئة مثله من يقول في قوله عليه السلام الآخر: «كل مسكر خمر» فيقول ذلك الذي قسم البدعة إلى قسمين أيضاً يقول: ليس كل مسكر خمر، وإنما منه ما هو خمر ومنه ما ليس بخمر.

سبحان الله! كيف يتجرأ المسلم أن يقول بهذه القسمة الضيزى؟ والله عز وجل يقول: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].

الأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحذر من كل عبادة لم يشرعها الله على لسان رسول الله أكثر من أن تحصر.

ذكرت لكم آنفاً الحديث الذي يعم كل بدعة بأنها ضلالة، والآن أذكركم بحديث آخر هي وصية الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه في موعظة وعظ بها أصحابه عليه الصلاة والسلام، كما قال العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه وهو كان من فقراء الصحابة الذين كانوا يأوون إلى الصفة لا همَّ لهم إلا صحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاستفادة من علمه عليه الصلاة والسلام، قال:«وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها وصية مودع فأوصنا وصية لا نحتاج إلى أحد بعدك أبداً. قال عليه الصلاة والسلام: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة» هذه أيضاً كلية.

«فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ثم جاءت

ص: 179

أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأخرى بألفاظ تختلف عن لفظ الكل لكنها تؤيد معنى الكل المذكور في هذا الحديث وفي ما قبله، من ذلك مثلاً قوله عليه الصلاة والسلام:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» هذا أيضاً يعني تلك الكلية التي جاءت في الحديثين المذكورين آنفاً، لأنكم علمتم من آية:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] أن الدين قد كمل، فمن أحدث في هذا الدين شيئاً

يقول: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أي: مردود على الذي أحدث تلك المحدثة لأن الدين كمل والحمد لله كما في آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3].

فإذاً كلما ذكرنا حديثاً ولو لم يكن فيه لفظ كل بدعة، لكنه يؤيد هذه الكلية كل التأييد، من ذلك مثلاً حديث الرهط الذين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم ثلاثة رجال فلم يجدوه فسألوا أهله عليه الصلاة والسلام عن عبادته، عن قيامه وصيامه وقربانه لنسائه، فذكرن ما يعلمن من ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقلن: إنه عليه الصلاة والسلام يصوم ويفطر، ويقوم الليل وينام، ويتزوج النساء. فلما سمع الرهط كلام نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقول أو يقول راوي الحديث وهو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: لما سمعوا ذلك تقالوها، أي: وجدوا عبادة الرسول قليلة. سبحان الله! رسول الله الذي قام حتى تفطرت وفي لفظ: تشققت قدماه، يقول هذا الرهط أن عبادة الرسول عليه السلام قليلة، لماذا؟ هنا الشاهد وهنا النكتة يا إخواننا فانتبهوا.

إنهم كانوا يتوهمون أن التقرب إلى الله تبارك وتعالى إنما يكون بالترهب أي: بأن ينذر المسلم نفسه لعبادة الله فقط ولا يهتم بشيء من أمور الدنيا، لا يهتم بشيء يتعلق بنسائه وأولاده، هكذا هم تصوروا. وهذا بلا شك تصور مخالف

ص: 180

للإسلام الذي من أقواله عليه الصلاة والسلام: «لا رهبانية في الإسلام» .

من أجل هذا التوهم الخاطئ وجدوا عبادة الرسول عليه السلام قليلة، ومن ذلك رجعوا إلى أنفسهم يقولون: هذا رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لسان حالهم يقول: لماذا لا يتمتع الرسول بنسائه؟ لماذا لا يتمتع النبي عليه السلام بنومه؟ لماذا لا يتمتع الرسول بطعامه وشرابه؟ إذاً هو كان يصوم ويفطر، ويقوم الليل وينام، ويتزوج النساء أي: يغتسل منهن.

هم تصوروه عليه السلام حسب تصورهم الخاطئ أنه قائم الليل كل الليل، أنه صائم الدهر كل الدهر وأنه لا يقرب النساء، كما قال بعض القدامى: ضاع العلم بين أفخاذ النساء، فتصوروا الرسول عليه السلام أنه لا علاقة له بهذه الدنيا، ثم عادوا يعللون تلك القلة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعلة لو أنهم صمموا عليها وأصروا عليها ولم يعودوا إلى سنته عليه السلام لضلوا ضلالاً بعيداً، لأنهم قالوا: ولماذا رسول الله يتعب نفسه فيصلي الليل كله ويصوم الدهر؟ ما في حاجة، الله غفر له وكما يقال في بعض البلاد: حط رجليه بالماء البارد واستراح.

هذا طعن في عبادة الرسول عليه السلام، وهو الذي جاء في صحيح البخاري من حديث جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنهم المغيرة بن شعبة، قال:«قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى تفطرت قدماه. قالوا: يا رسول الله! قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر» كأنهم يقولون له: ارفق بنفسك، اشفق عليها، لماذا تقوم هكذا حتى تشققت قدماه؟ فكان جوابه عليه السلام كما هو المفروض في سيد البشر وأفضل البشر وأكمل البشر قاطبة، قال:«أفلا أكون عبداً شكوراً، أفلا أكون عبداً شكوراً» .

إذاً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما نسبه ذلك الرهط إلى الإقلال في العبادة كانوا

ص: 181

مخطئين كل الخطأ، كانوا متوهمين لأنهم كانوا أو لأنهم كانوا يحمدون في فكرهم الرهبانية التي ليست من الإسلام، بناءً على ذلك الوهم القائم في أذهانهم وبعد أن عللوا قلة عبادة نبيهم أن الله غفر له وانتهى الأمر، قالوا: أما نحن فنحن لا نعلم أن الله عز وجل قد غفر لنا فما هو السبيل لنحصل مغفرة ربنا عز وجل؟ تعاهد الثلاثة بعضهم مع بعض على ما يأتي.

أما أحدهم فقال ناذراً قال: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر، أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر. قال الثاني: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام. أما الثالث قال: أما أنا فلا أتزوج النساء، وانصرفوا متعاهدين على أن يقوم كل واحد منهم بما عاهد الله عليه من قيام الليل كله، من صيام الدهر كله، من اجتناب النساء بالكلية وانصرفوا هكذا.

ولما جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى نسائه وأخبرنه الخبر دخل المسجد وجمع الناس وخطبهم وقال. قال عليه الصلاة والسلام: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا» يعني:

أقوال عرفتموها فلا حاجة لإعادتها، لكن الشاهد في ما يأتي.

«أما إني أتقاكم لله وأخشاكم لله، أما إني أصوم وأفطر، وأقوم الليل وأنام، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني» الشاهد من هذا الحديث كله الجملة الأخيرة بعد أن عرفتم سبب ورودها، هذه الجملة الأخيرة مع الأسف أكثر المسلمين المتعبدين لا أعني الزاهدين في عبادة الرسول عليه السلام والمعرضين عنها بالكلية، إنما أعني الزاهدين المتعبدين الراغبين في الآخرة، قال في خاتمة الحديث:«فمن رغب عن سنتي فليس مني» انتهى الحديث، وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما.

أريد أن أقف قليلاً معكم عند قوله: «سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني»

ص: 182

لعل الكثيرين منكم قرؤوا شيئاً من الفقه على أي مذهب من المذاهب الأربعة المتبعة من جماهير المسلمين أهل السنة والجماعة ويقرؤون في هذه الكتب تقسيم العبادات إلى أقسام منها فرض ومنها سنة، ولا أزيد على هذا لأن هنا الشاهد. ويعرفون السنة من حيث ثوابها ومن حيث حكم تاركها بأن من فعلها أثيب عليها دون ثواب الفريضة، ومن تركها لا يعاقب عليها، بعضهم يزيد - والزيادة لا أصل لها - لا يعاقب عليها لكن يزيد فيقول: لكنه يعاتب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

هذه الزيادة وهي قول بعضهم: أن من ترك سنة من سنن النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي هي ليست بفريضة ولا هي أيضاً بواجبة بالنسبة لرأي الحنفية الذين يفرقون بين الفرض والواجب فهي دون الفرض ودون الواجب يقولون قولة الحق: لا يعاقب تاركها، لكن يزيدون فيقولون: يعاتب تاركها. هذا العتاب ليس له أصل لا في كتاب الله ولا في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا في أثر من الآثار الواردة عن السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين، وإنما على العكس من ذلك أذكركم بحديث ذلك الأعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عما فرض الله عليه في كل يوم وليلة، فقال:«خمس صلوات. فلما قال له: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع. فقال عليه الصلاة والسلام: أفلح الرجل إن صدق، دخل الجنة إن صدق» فأين هذا العتاب المدعى؟ هذه كلمة كما يقال على الماشي، لكن الذي أريد أن أدندن حوله هو: هل السنة في هذا الحديث المتفق عليه هو بمعنى السنة التي ليست بفريضة ولا واجبة؟ الجواب: لا. هذا اصطلاح اصطلح الفقهاء ولا مشاحة كما يقول العلماء في الاصطلاح، اصطلحوا في سبيل بيان الأحكام وتوضيحها للناس فقسموا الأحكام إلى خمسة، قسموا العبادات أو الأحكام إلى خمسة فقالوا فرض وقالوا سنة وقالوا مستحب ونحو ذلك.

ص: 183

ليس المقصود في قوله عليه السلام: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» ليس المقصود بالسنة في هذا الحديث الصحيح هي السنة المصطلح عليها وهي التي دون الفرض، وإنما المقصود بهذه السنة في الحديث الصحيح: الطريق والمنهج والشريعة التي سار عليها الرسول عليه الصلاة والسلام بما فيها من أحكام حتى المباح، آخر حكم من الأحكام الخمسة المباح، فكما لا يجوز لمسلم أن يحرم ما أباح الله كذلك لا يجوز لمسلم أن يحلل ما حرم الله، كذلك لا يجوز لمسلم أن يشرع للناس فيقول لهم: هذه سنة، أو أن يقول لهم وهنا بيت القصيد: هذه سنة أو بدعة حسنة، لا يجوز أن يقول هذا الكلام لما سبق بيانه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذم البدعة الدينية، وأرجو أن تنتبهوا لهذا القيد، لأن كثيراً من الناس الغافلين أو الجاهلين حينما يقال لهم: هذه بدعة فلا تفعلها يقول: الذي لابسه أنت كله بدعة، الذي راكب السيارة هي بدعة، هذا من جهلهم أتوا لأنكم عرفتم آنفاً أن البدعة التي ذمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذماً مطلقاً وحكم على صاحبها بأنه على ضلالة إنما عنى البدعة في الدين بدليل قوله في الحديث المتفق عليه بين الشيخين:«من أحدث في أمرنا هذا، في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد» .

إذاً قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» ما دلالة هذا الحديث على العموم الذي ذكرناه آنفاً صريحاً في بعض الأحاديث التي تذم البدعة ذماً عاماً شاملاً بحيث يسد على كل من كان قاصداً أن يعرف الحق في ما اختلف فيه الناس يسد عليه الطريق أن يقول: لا، هناك بدعة حسنة. قلنا: هذا أمر مستحيل أن يصدر من مسلم مؤمن يؤمن بالله ورسوله حقاً، لأنه يعتبر مشاقاة لله ولرسوله، رسولك أيها المسلم يقول لك:«كل بدعة ضلالة» وأنت بكل جرأة تقول: لا، ليس كل بدعة ضلالة إنما هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة. هذا لا يقوله إلا أحد رجلين: إما جاهل وإما غافل لا يدري ما يخرج من فمه.

ص: 184

فأقول: قوله عليه السلام: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» سنته أي: شريعة الله التي أنزلها الله على قلب محمد عليه السلام، وشريعة الله قد علمتم مما سبق من البيان أنها قد كملت والحمد لله بشهادة تلك الآية الصريحة:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3] ما بعد الكمال إلا النقصان، أما الزيادة فلا مجال للزيادة في الدين أبداً.

قلت لكم: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» هل هناك مسلم مهما تصورناه عالماً، زاهداً، صالحاً أن يكون مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العبادة؟ هذا مستحيل، لأنه لا مثله عليه الصلاة والسلام لا في علمه ولا في خلقه ولا في عبادته.

إذاً ما هو الشيء الذي يمكن أن نتصوره في بعض عباد الله الصالحين الذين يأتون في المرتبة في الصلاح والعبادة والتقرب إلى الله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ سنقول: لا بد أن يكون هؤلاء دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العبادة كما قيل:

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم

إن التشبه بالكرام فلاح

يعني حسب المسلم الصالح والعالم بشريعة الله عز وجل أن يتشبه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبالكاد أن يقترب من عبادته، بالكاد. أما أن يكون مثله فهذا أمر مستحيل.

إذاً رجعنا إلى حديث من تلك الأحاديث: «ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به» إذاً يا مسلمون! لقد أغلق باب التشريع وباب الاستحسان في الدين بأن الدين قد كمل نصاً في الآية ونصاً في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، لذلك قال تلك الكلمة العظيمة جداً:«فمن رغب عن سنتي فليس مني» .

لنتأمل الآن لمن قال: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» ؟ لمن أراد أن يبتدع في الإسلام بدعة لا أصل لها، لأن هناك شبهة يقول بعضهم: إن البدعة الضلالة هي التي ليس لها أصل مطلقاً لا في الكتاب ولا في السنة.

ص: 185

لننظر الآن في حق من قال عليه الصلاة والسلام: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» من أراد أن يقوم الليل كل الليل فهل قيام الليل بدعة؟ لا أحد والحمد لله يقول إلا أنها عبادة عظيمة جداً، وبخاصة أن هناك أحاديث صحيحة تأمر بقيام الليل مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين من قبلكم» لا أحد يقول: إن قيام الليل بدعة.

الآخرون ماذا قالوا؟ أن يصوموا الدهر، الصيام أيضاً خير عمل، الصيام خير عمل، وقد عرفتم أن الرسول عليه السلام كان يصوم.

كذلك الثالث الذي قال: أنا لا أتزوج النساء. فعدم تزوج النساء إذا كان من باب الرهبنة فقد عرفتم أن ذلك لا رهبانية في الإسلام. الآن نقول بالنسبة للذي أراد أن يصوم الدهر وأن يقوم الليل كله: إنما أراد كل من هذين الزيادة في التقرب إلى الله عز وجل بالصيام والقيام، الزيادة في التقرب إلى الله عز وجل بالصيام وبالقيام، الصيام والقيام عبادة. إذاً هو أراد أو هما أرادا زيادة التقرب إلى الله عز وجل بما أصله مشروع وهو الصيام والقيام، فهل قبل ذلك الرسول عليه السلام من ذينك الرجلين؟ لا، رد ذلك عليهما بكلام فيه تشديد عليهما، قال:«أما والله إني أخشاكم لله وأتقاكم لله» كأنه يقول عليه السلام لهما: أنتم الآن أخشى لله مني؟ أنتما أو أنتم أتقى لله مني؟ أنا أقوم الليل وأنام، وأصوم وأفطر. أنتم الآن تريدون أن تصوموا الدهر وأن تقوموا الليل كله؟ يعني معناه انعكست القضية، أنتم أخشى وأنتم أتقى فهذا أمر مستحيل، فلا أفضل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

إذاً خذوا من هذا الحديث دليلاً واضحاً أن الزيادة في الدين ولو كانت عبادة في الأصل فهذه الزيادة منكرة أنكرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فالمقصود إذاً من هذا الحديث كأمثلة بدأت في عهد الرسول عليه السلام

ص: 186

باسم الزيادة في الدين وباسم زيادة التقرب إلى رب العالمين، مع ذلك رفضها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفضاً باتاً ولفت نظرهم أن من يصر على التقرب إلى الله عز وجل بهذه العبادة الزائدة على ما جاء به عليه السلام فمعنى ذلك: أن الزائد هو أتقى لربه وأخشى من ربه من نبيه عليه الصلاة والسلام.

ولا شك أن من تصور هذه الأفضلية لا يكون مسلماً، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أفضل البشر قاطبة في كل شيء لا سيما أنه قد اصطفاه ربه عز وجل بخاتمة الشرائع والأديان.

على هذا النموذج وعلى هذا النهج جاءت أقوال السلف الصالح تلتقي في ذم البدعة التي يراد بها زيادة التقرب إلى الله تبارك وتعالى، من ذلك مثلاً ما روي عن حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:«كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تعبدوها» أي: فلا تتعبدوها. انظروا هذه الكلية من هذا الصحابي الجليل صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

«كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تتعبدوها» الله أكبر. كم من عبادة اليوم نراها في المساجد وفي البيوت يريدون أن يزدادوا بها قربا إلى الله عز وجل.

وهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعلها، أن السلف الصالح لم يفعلها، أن الأئمة كل الأئمة وعلى رأسهم الأربعة لم يفعلوها. ما هو جوابهم؟ يا أخي! أيش فيها؟ هذه زيادة الخير خير، كلمة عامية يقولونها زيادة الخير خير، ما عرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الكلمة. نعم.

هذه الكلمة هي كلمة ألقاها الشيطان في قلوب بعض العوام ليضلهم بذلك عن سبيل الله عز وجل، من الذي يقول زيادة الخير خير؟ حينما نلفت نظر بعض

ص: 187

طلاب العلم أو بعض المشايخ أنفسهم إلى أن هذه المحدثات يا جماعة! ما كانت في زمن الرسول عليه السلام فلا تفعلوها، يقولون: يا أخي! ماذا فيها؟ ويذكرون هذه الكلمة: زيادة الخير خير.

أول من يكفر بهذه الجملة هو قائلها، ولا يمكن لمسلم يدري ما يخرج من فمه حتى لو كان من العامة فضلاً عن أن يكون من الخاصة، هذه الكلمة من يقولها فهو أول من يكفر بها. وانظروا الآن زيادة الخير خير، إي نعم.

طيب. ما رأيك لو صليت صلاة الفجر فريضة الفجر بدل ركعتين أربعة؟ لا، يقول لك: لا. لماذا؟ زيادة الخير خير، يقول لك: هذه فريضة. تأملوا الآن تجدون العجب كل العجب.

طيب. الحمد لله، ما رأيك تزيد ركعتين على سنة الفجر فتصلي سنة الفجر بدل ركعتين أربعة؟ يقف حيران وبعدين ينتبه يأتي كما يقال: عقل رحماني يقول: لا. لماذا يا أخي، أنتم عملتم زيادة الخير خير؟ في الأول أتينا لك فريضة الفجر قلت: هذه فريضة. الآن أتينا لك بالسنة أخيراً تنبهت فقلت: لا. ما هو الحجة عندك؟ قال: الرسول عليه السلام ما صلى سنة الفجر إلا ركعتين، نقول له: عرفت فالزم.

وهذا الذي نريده من كل مسلم أن يقدر رسول الله. {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9] في القرآن الكريم. ولا يكون تعزيره وتوقيره عليه الصلاة والسلام إلا كما قلنا لكم في أول الكلمتين قلنا: كلمتنا الليلة في كلمتين اثنتين: لا نعبد إلا الله ولا نعبده إلا بما شرع الله على لسان رسول الله. هذا من معاني الشهادتين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

هذا الذي قال: ما دام ثبت أن الرسول صلى سنة الفجر ركعتين فأنا لا أزيد

ص: 188

عليهما رجع إلى هذه القاعدة العظيمة جداً جداً وأكثر الناس عنها غافلون، على ذلك قيسوا كل الدين، كل الدين. {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران: 19] وعرفتم أن الرسول ما كتم شيئاً إنما بلغنا الإسلام كاملاً وافياً، فكل ما جاء عن الله ورسوله وقفنا عنده ولا مجال لنا أن نزيد في العبادة وفي الطاعة على ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ذكرنا لكم في آخر ما ذكرنا أثر حذيفة بن اليمان: «كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تعبدوها» .

أثر آخر: عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق» (اتبعوا) أكثر الناس لا يقيمون وزناً جهلاً أو تجاهلاً لأمر ابن مسعود هذا رضي الله تعالى عنه.

«اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم» ما معنى كفيتم؟ يعني: ربنا عز وجل شرع لكم من الدين، من الطاعة ومن العبادة لو كان أعبد الناس بين ظهرانينا معشر المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما استطاع أن يقوم بكل العبادات التي شرعها الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.

فالآن أقول: أتدرون من أعبد الناس؟ لقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أعبد الناس داود عليه الصلاة والسلام» .

«أعبد الناس داود» هكذا الحديث بهذا اللفظ الموجز، وهذا يجرنا إلى أن نؤكد ما سبق من البيان أن زيادة: خير خير هي نفسها بدعة ضلالة. قولهم: زيادة الخير هي نفسها ضلالة؛ لأنها تخالف شريعة الله. كيف تكون زيادة خير خير والله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] إلى آخر ما سبق من الأدلة، وآخرها قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«فمن رغب عن سنتي فليس مني» .

ص: 189

الآن نأتي بقصة تلتقي في بعض جوانبها مع قصة الرهط، هذه القصة تتعلق بعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما. قال:«زوجني أبي بفتاة من قريش، فزار أبي زوجتي أو كنته فقال لها: كيف أنتِ وزوجكِ؟ قالت. وكانت مفاجأة بالنسبة لعمها عمرو بن العاص أبو زوجها. قالت: إنه لم يطأ لنا بعد فراشاً» . أي: كأنهما لم يتزوجا، هو زوجه ليحصنه وهذا من واجب كل والد تجاه ولده.

ومن الطرائف أن عمرو بن العاص وابنه هذا عبد الله كان بينهما فقط من الفرق في السن خمسة عشر سنة، خمسة عشر سنة فقط، بمعنى: أن عمرو بن العاص تزوج وعمره خمسة عشر، ومن الصدف أو من الموافقات أو الاتفاقات الإلهية أنه زوج ابنه هذا وهو أيضاً ابن خمسة عشر سنة. النكتة من تحديد العمر أن تعرفوا كيف كان سلفنا الصالح، فتى في زهرة شبابه عمره خمسة عشر سنة يزوجه أبوه بفتاة من قريش وكأنه لم يتزوج، لماذا؟ لأنه كان قائم الليل صائم النهار، لأنه لما سألها عمرو بن العاص وقالت له: إنه لم يطأ لنا بعد فراشاً، إنه قائم الليل صائم النهار. كأنه يقول: ما لهذا من حاجة بالنساء والرجل زاهد متعبد، فغضب أبوه عمرو وذهب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشكى ابنه إليه، كأنه قال له: زوجت ابني وكأنه ما تزوج وقالت زوجته: إنه لم يطأ لنا بعد فراشاً.

يقول ابن عمرو: فإما لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإما أرسل إلي، فقال:«يا عبد الله - هنا الشاهد - بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار ولا تقرب النساء، فقال: قد كان ذلك يا رسول الله. فقال له عليه الصلاة والسلام: إن لنفسك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، ولزورك - أي الذي يزورك - ولزورك عليك حقاً» ثم وضع له عليه الصلاة والسلام منهجاً يجمع به بين هذه

ص: 190

الحقوق كلها، والحديث فيه طول لأنه من قبل قال له عليه الصلاة والسلام:«صم من كل شهر ثلاثة أيام واقرأ القرآن في كل شهر» لماذا؟ لأنه كان يختم القرآن في كل ليلة مرة. انظروا الآن زيادة الخير خير، لا. هذا كلام

كان يختم القرآن في كل ليلة مرة، فقال له:«اقرأ القرآن في كل شهر مرة» .

كذلك كان يصوم الدهر، دائماً صائم صائم، قال له:«صم من كل شهر ثلاثة أيام والحسنة بعشر أمثالها فكأنما صمت الدهر كله. يقول: يا رسول الله» تأملوا هذا الشاب ابن خمسة عشر سنة يقول: يا رسول الله! إني شاب، إني قوي، إني أستطيع أكثر من ذلك، فما زال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتساهل معه إلى أن انتهى الأمر أن أن تأن قال له:«فاقرأ القرآن في ثلاث - أي ليالي - فمن قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه» .

وقال له في ما يتعلق بالصيام: «صم يوماً وأفطر يوماً فإنه أعدل صيام وهو صوم داود عليه السلام وكان لا يفر إذا لاقى» لماذا؟ لأنه كان جمع بين القوتين: القوة المعنوية والقوة المادية الجسدية، فإذا لقي العدو كان عنده قوة بدنية يستطيع أن يقاومه، ولذلك كان من صفة داود عليه السلام في هذا الحديث أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وكان لا يفر إذا لاقى.

إلى هنا انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع ابن عمرو في التنازل له، لكنه لم يزل طامعاً فقال:«يا رسول الله! إني أريد أفضل من ذلك. قال: لا أفضل من ذلك» هذا الحديث أيضاً يؤكد أن العبادة التي يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل إنما هي التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا تقبل العبادة زيادة ما على ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ختاماً والبحث في هذا طويل وطويل جداً فنريد أن نفسح المجال كالعادة

ص: 191

لتلقي بعض الأسئلة، أختم هذه الكلمة ببيان خطر الزيادة في الدين والتقرب إلى الله بما لم يشرعه رب العالمين بأثر عن الإمام مالك إمام دار الهجرة المدينة المنورة، حيث قال ونعم ما قال: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة.

من ابتدع في الإسلام بدعة واحدة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة، اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3] اسمعوا. فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً، ولا يصلح. هذه حكمة بالغة. ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها. بماذا صلح به أولها؟ بالاستسلام للإسلام كما قال رب العالمين:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

بهذا تنتهي أو ينتهي بيان الأصلين السابقين، وأرجو على الأقل أن يستقر في أذهانكم معنى هاتين الجملتين القصيرتين إن لم تستقر بألفاظهما: لا نعبد إلا الله، لا نشرك به شيئاً بدلالة:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] ولا نعبد الله إلا بما شرع الله على لسان رسول الله، لأن هذا معنى قولنا: وأشهد أن محمداً رسول الله.

(الهدى والنور/711/ 39: 00: 00)

(الهدى والنور/711/ 19: 07: 00)

ص: 192