الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة حول معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم)
(كتاب الله وسنتي) وخطورة الإحداث في الدين
الشيخ: لقد جاء في الحديث الصحيح كما تعلمون إن شاء الله جميعاً قوله عليه الصلاة والسلام: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض» .
والسنة في لغة النبي صلى الله عليه وآله وسلم معناها: أعم من السنة في اصطلاح الفقهاء، الفقهاء اصطلحوا ولا مشاحة في الاصطلاح: أن السنة هي التي تقابل الفريضة، وهي التي تكون دون الفريضة، والتي يخير فيها المسلم بين أن يأتي بها، ويكون له على ذلك أجر عظيم، وبين أن يدعها، ولا يكون عليه إثم لا كبير ولا صغير، وهذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام لذاك الرجل الذي جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسأله عما فرض الله عليه فذكر له خمس صلوات في كل يوم وليلة، مما ذكر له صيام رمضان، قال في آخر الحديث الرجل السائل:«هل علي غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوع» أي: إلا أن تتنفل ما عليك إلا أن تأتي بما فرض الله عليك إلا إذا شئت أن تتنفل، أي: أن تأتي بالنوافل والسنن التي لم تفرض عليك، فهذا أفضل لك. ماذا قال ذلك الرجل؟ قال: والله لا أزيد عليهن ولا أنقص، أنا رجال قنوع أرضى بأن آتي فقط بالفرائض، وما سوى ذلك لا أزيد ولا أتي بشيء من النوافل، فماذا كان موقف الرسول عليه السلام تجاه هذا الكلام؟ لم يكن ما جاء في الحديث الذي لا يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويأتي ذكره في بعض كتب الفقه
للمتأخرين: «من ترك سنتي لم تنله شفاعتي» .
هذا الحديث ليس له أصل، ولم يذكر الرسول عليه السلام شيئاً من ذلك، بل على العكس من ذلك قال:«دخل الجنة إن صدق أفلح الرجل إن صدق» .
يعني: إذا حافظ على ما فرض الله عليه فقط، ولم يزد شيئاً من السنن الرواتب والمستحبات عليها، فإذا صدق فيما وعد به فهو يدخل الجنة، والإتيان بالفرائض يشمل في الواقع: الابتعاد عن المحرمات؛ لأن الابتعاد عن المحرمات هو من الفرائض والواجبات، ولذلك جاء في حديث آخر: أن سائلاً سأل: يا رسول الله أرأيت إن أنا حرمت الحرام، وحللت الحلال، وصليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان، أأدخل الجنة؟ قال:«نعم إن أنت حللت الحلال وحرمت الحرام وصليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان دخلت الجنة» .
إذاً: على المسلم أن يحرص على الأقل أن يحافظ على الإتيان بالفرائض والابتعاد عن المحرمات إن فعل ذلك، فهو دخل الجنة كما يقال بالتعبير العصري اليوم: ترانزيت بدون توقف، أما إذا خالطه شيء من التقصير من القيام بشيء مما فرض الله عليه، أو من مواقعة وارتكاب بعض ما حرم الله عليك، فهذا حسابه عند الله عز وجل إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.
أريد أن أقول بأن السنة في الحديث السابق: كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، لا يقصد به السنة التي هي دون الفريضة، وإنما يقصد به معنى لغوي شرعي يجب أن تتنبهوا له فيما إذا مرت بكم هذه اللفظة السنة في شيء من الأحاديث الصحيحة، فلا تفهموا منها معنى السنة اصطلاحاً، وإنما المعنى الشرعي وهو: الطريق والمنهج الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي» .
ليس المقصود هنا: سنتي فقط النوافل أو الرواتب، وإنما الطريق التي جاء بها عليه الصلاة والسلام يجب أن تُتَبَنَّى كُلاً وليس بعضاً وجزأً أولاً: فكراً وعقيدة. وثانياً: تطبيقاً وعملاً بقدر ما يستطيع الإنسان ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، هذه السنة معناها: الطريقة والمنهج وليس معناها: السنة التي دون الفريضة، فما جاء به عليه الصلاة والسلام من الشرع والبيان هو السنة أي: الطريقة التي سار عليه الرسول عليه السلام.
والسنة بهذا المعنى الشرعي اللغوي المحدد: هو المقصود بالحديث الصحيح المشهور: «من رغب عن سنتي فليس مني» .
لا يجوز لأحد أن يفهم من هذا الحديث: من ترك السنن الرواتب مثلاً، وتمسك بمذهب ذلك الأعرابي الذي قال:«والله يا رسول الله، لا أزيد عليهن ولا أنقص» ليس معنى السنة بهذا المعنى الاصطلاحي الفقهي، وإنما معنى السنة أيضاً في هذا الحديث:«من رغب عن سنتي فليس مني» نفس معنى الحديث الأول: «كتاب الله وسنتي» أي: طريقتي ومنهجي التي كنت عليها ومت عليها، هذه الطريقة وهذه السنة إذا أعرض الإنسان المسلم عنها، فليس في شيء من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا نحن ذكرنا لكم سبب رواية، أو سبب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهذا الحديث الثاني:«فمن رغب عن سنتي فليس مني» يتضح لكم تمام الوضوح هذا المعنى الشرعي اللغوي للفظة: «سنتي» ؛ ذلك أن رهطاً أي: جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يجدوه، فسألوا نساءه عن صلاته عليه الصلاة والسلام في الليل، وصومه في النهار وقربانه للنساء، فأجبنهم: بأنه عليه الصلاة والسلام يقوم الليل، وينام أي: إنه لا يقوم الليل كله كما يفعل بعض الغلاة المتعبدين، ولا أنه أيضاً ينام كل الليل كما يفعل بعض الراغبين الزاهدين
عن الأجر الكبير من قيام الليل، وإنما هو يقوم وينام.
وفيما يتعلق بالصوم قالت أزواج الرسول عليه السلام: بأنه يصوم ويفطر، فليس هو صائم الدهر، وليس هو مفطراً للدهر، وإنما هو تارة تراه صائماً، وتارة تراه مفطراً كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه:«ما نشاء أن نراه صائماً إلا رأيناه صائماً، وما نشاء أن نراه مفطراً إلا رأيناه مفطراً» .
وفيما يتعلق بالنساء. قال: قلن يتزوج النساء فماذا كان موقف هذا الرهط من هذا الجواب؟ لقد قال أحدهم: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقولون: عبادة الرسول عليه السلام هذه التي سمعوها من أزواجه، فهذه عبادة قليلة لكن سبب القلة هو أن الله غفر له فلماذا يكثر من العبادة؟ ! وهذا خطأ منهم، ولا يجوز أن يصدر من مسلم في حق النبي عليه السلام، ولكنهم كانوا كما يبدوا حديثو عهد بإسلام حديثي عهد بالعلم الإسلامي، ولذلك صدرت منهم هذه العبارة لما سمعوا هذه العبادة قال: تَقَالُّوها: وجدوها قليلة، ثم عادوا فعللوا القلة بأن الله غفر له، فلماذا يتعب نفسه بقيام الليل كله، وصيام الدهر كله؟ والترغيب عن النساء كلهن لماذا؟ وقد غفر الله له؟ ! إذاً: هو ما ينبغي أن يكثر من العبادة هو ما ينبغي أن ينصرف عن النساء، أخطؤوا في ذلك أشد الخطأ ولاشك، لكن الصحبة تمحوا مثل هذه الحوبة.
جاء الرسول عليه السلام بعد قليل فأخبرنه بما سأل الرهط وما أجبن به، وما قالوا، فصعد عليه السلام المنبر وقال:«ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا» ماذا قال هذا الرهط بعد أن وجدوا عبادة الرسول عليه السلام قليلة قالوا: نحن يجب أن نتعب أنفسنا، وأن نزداد عبادة لربنا لماذا؟ ليغفر لنا خطايانا، الرسول الله غفر له وانتهى أمره، أما نحن المساكين، فعلينا أن نكثر من العبادة حتى يغفر الله لنا
وليحصلوا على هذه العبادة بزعمهم قال أحدهم: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام البتة، وقال ثان: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر، وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء لماذا؟ لأن النساء مشغلة وقد جاء بالمناسبة في الحديث على طريقتنا نرمي عصفورين بحجر واحد جاء في الحديث الموضوع: ضاع العلم بين أفخاذ النساء، فلماذا يتزوج هذا الإنسان والمرأة على كل حال لها حقوق، ولابد للزوج أن يقوم بهذه الحقوق فقيامه بهذه الحقوق يشغله بزعمه عن القيام بحق رب العالمين عليه، لذلك هو يترهب ولا يتزوج قال عليه السلام في الخطبة:«ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا» حكى عبارة هؤلاء، «أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله، أما إني أصوم وأفطر وأقوم الليل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» .
إذاً: من رغب عن سنتي ليس المقصود عن سنتي النافلة المقصود: الخط الذي نشأ عليه الرسول عليه السلام، ويدخل في هذا وهو البيت القصيد من هذا الحديثِ: أنه لا يجوز للمسلم أن يتعبد الله بما يشاء، بما يخطر في باله كما خطر في بال هؤلاء الثلاثة: أحدهم يقوم الليل ولا ينام، أكثر الناس اليوم لا يعبدون الله باتباع سنة الرسول عليه السلام، وإنما يعبدون الله بأهوائهم بما يشاؤون، ولذلك حينما يُقَيّض لبعضهم من يعلمه السنة ويقول له: يا أخي لا تفعل هذا الشيء يقول له رأساً: انظر يا أخي هذه عبادة أنا أتقرب بها إلى الله عز وجل زلفاً نقول له فيها: أن الذي سن لنا السنن لم يأت بها، الذي سن لنا السنن لم يأت بها، أحد هؤلاء الرهط أراد أن يقوم الليل كله ماذا رد عليه الرسول عليه السلام؟ قال:«أنا أخشاكم لله، وأتقاكم لله» ومع ذلك ما أقوم الليل كله، أقوم الليل وأنام، ورد على الشخص الثاني الذي قال أصوم الدهر كان ماذا؟ كان يتقرب إلى الله بزيادة فرد عليه الرسول عليه السلام فقال:«أما أنا فأصوم وأفطر» .
إذاً: السنة يعني: النهج والطريقة التي جرى عليها الرسول عليه السلام هي: أن يصوم نوافل وأن يفطر، وألا يصوم الدهر، فليس لإنسان أن يتقرب إلى الله عز وجل بما لم يتقرب به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله، ليس لأحد أبداً أن يتقرب إلى الله بما لم يشرعه الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو على فعله وعمله كما هو في هذه السنة: إنه كان يقوم الليل كله لا تقول السيدة عائشة في صحيح مسلم: «وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام ليلة تامة كاملة، وما علمت أنه صام شهراً كاملاً إلا رمضان، وإلا شعبان يوصله برمضان» كما في بعض الروايات.
الشاهد إذاً: السنة في هذا الحديث وذاك الحديث هو: المنهج الذي سار عليه الرسول عليه السلام مُدَّة حياته، وترك الأمة على سنة هي كالنهار الأبلج الأبيض ليلها -كما قال في الحديث الصحيح كنهارها- لا يضل عنها إلا هالك.
بعد هذه التوطئة وهذه المقدمة أريد أن أُذَكِّر بقضيتين اثنتين ثم أتوجه إلى الإصغاء إلى ما عندكم من الأسئلة والإجابة عليها بما ييسر الله تبارك وتعالى لنا ولكم.
المسألة الأولى: أرى كثيراً من الناس الذين يظهر أنهم ملتزمين ليس فقط بالفرائض، بل وللنوافل والأمور المستحبة كالذكر بعد الصلاة، والتسبيح والتحميد والتكبير ونحو ذلك، فأرى بعضهم حينما يريد أن يعمل بقوله عليه السلام:«من سبح دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر» .
هذا حديث صحيح، ورواه الإمام مسلم في صحيحه.
حينما يريدون العمل بهذا الحديث ترى بعضهم لا يكاد يبين بلسانه عن
تسبيح الله وتحميده وتكبيره فماذا تسمع؟ «سبحان الله سبحان سبحان سبحان الله» رأيتم كما رأيت أنا أظن؟
مداخلة: نعم والله.
الشيخ: نفس ملاحظتي في هذه الدعوة.
مداخلة: لا باليمين يا شيخ.
الشيخ: ما يشملهم الآن.
هذه ما نسميها: البسبسة، هذا ليس تسبيحاً وليس تحميداً:«الله أكبر الله أكبر الله أكبر» بلحظات بثواني انتهى من المائة هذه المائة من جاء بها ما أجرها؟ غفر الله له ذنوبه، وإن كانت مثل زبد البحر، ولو كان الإتيان بها بهذه البسبسة؟ ! حاشا لله، إنما يجب أن يتأنى فيقول: سبحان الله سبحان الله سبحان الله سبحان الله الحمد لله الحمد لله
…
إلى آخره.
لا أريد بما يأتي من كلامي التالي أن أصد الناس عن التسبيح ثلاثاً وثلاثين وما جاء في بقية الحديث، وإنما أريد أن أقرب إليهم ما هو أفضل لهم شرعاً وأيسر لهم عملاً: أفضل لهم شرعاً وأيسر لهم عملاً، وأظنكم ستسمعون هذا الحديث لأول مرة أو على الأقل بعضكم وهو حديث هام جداً وهو حديث صحيح أيضاً أخرجه الإمام النسائي والحاكم وغيرهما عن صحابيين بسندين صحيحين:«أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في المنام شخصاً يسأله: ما الذي علمكم الرسول عليه السلام؟ قال: علمنا سبحان الله» وذكر هذا العدد الذي سبق بيانه في الحديث السابق.
فقال ذلك الشخص للرائي في المنام قال: «اجعلوهن خمساً وعشرين» يعني:
قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فبدل ما يعد الإنسان مائة واحدة فسيعد كم؟ خمس وعشرين واحدة، والخمس وعشرين واحدة تضطر أنه يتباطأ في العد ما يقدر يسارع المسارعة هذه التي نستنكرها أشد الاستنكار، فهو مهما استعجل بسبحان الله؛ لأنه في بعض منا والحمد لله مهما استعجل ما رأيت تطلع منه إلا أكمل مما لو قال سبحان الله سبحان سبحان الله سبحان سبحان ما تدل الذي يذكروا الله لا إله إلا الله وبعدين يسحبوها سحب ما تسمع منهم إلا ماذا؟ الله الله الله
…
إلى آخره.
فالوقاية لهؤلاء المستعجلين بعد الصلاة في التسبيح والتحميد المذكور في الحديث الأول: عليهم أن يجمعوا بين الأربعة ويقولوها خمس وعشرين مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس وعشرين مرة، وهذا أفضل بدليل تمام الحديث، ذلك الرائي رأى مناماً قد يكون هذا المنام أضغاث أحلام، وليس له تفسير؛ لأننا لسنا بتأويل الأحلام، لكن هذا الرجل الرائي للرؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكان جوابه: فافعلوا إذاً، هنا يرد سؤال فقهي: هل هذا نسخ للحديث الأول؟ ثلاثين وثلاثين تسبيحة، وثلاث وثلاثين تحميدة، وثلاث وثلاثين تكبيرة
…
آخرها التهليل وحده لا، ليس نسخاً وإنما تفضيل، فإذا جاء المصلي بالثلاث والثلاثينات التي بعد الصلاة بالهدوء وبروية ما في مانع منها، لكن الأفضل له أن يجمع الأربع في خمس وعشرين مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، سبحان الله والحمد لله هكذا خمس وعشرين مرة يكون أفضل له مما جاء في الحديث الأول، هذه المسألة الأولى.
والمسألة الأخرى: قلت آنفاً لبعض إخواننا سألني وكثيراً ما نسأل فنقول: يسألون الناس إلى اليوم عن اللحم البلغاري وأنا في الحقيقة أتعجب من الناس
اللحم البلغاري بلينا به منذ سنين طويلة، كل هذه السنين ما آن للمسلمين أن يفهموا ما حكم هذا اللحم البلغاري؟ أمر عجيب، فأنا أقول: لابد أنكم سمعتم إذا كنتم في شك وفي ريب من أن هذه الذبائح تذبح على الطريقة الإسلامية أو لا تذبح على الطريقة الإسلامية، فلستم في شك بأنهم يذبحون إخواننا المسلمين هناك الأتراك المقيمين منذ زمن طويل يذبحونهم ذبح النعاج، فلو كان البلغاريون يذبحون هذه الذبائح التي نستوردها منهم ذبحاً شرعياً حقيقة، أنا أقول: لا يجوز لنا أن نستوردها منهم، بل يجب علينا أن نقاطعهم حتى يتراجعوا عن السفك عن سفك دماء إخواننا المسلمين هناك.
فسبحان الله مات شعور الإخوة التي وصفها الرسول عليه السلام بأنها كالجسد الواحد: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» .
لم يعد المسلمون يحسون بآلام إخوانهم فانقطعت الصلة الإسلامية بينهم، ولذلك همهم السؤال هل يجوز أكل اللحم البلغاري؟ يا أخي أنت عرفت أن البلغاريين يذبحون المسلمين هناك، ولا فرق بين مسلم عربي ومسلم ترك ومسلم أفغاني
…
إلى آخره.
والأمر كما قال عليه السلام: «إنما المؤمنون إخوة» .
فإذا كنا إخواناً فيجب أن يغار بعضنا على بعض، ويحزن بعضنا لبعض، ولا يهتم بمأكله ومشربه فقط، فلو فرضنا أن إنساناً ما اقتنع بعد بأن اللحم البلغاري فطيسة حكمها فطبيسة؛ لأنها تقتل ولا تذبح لا نستطيع أن نقنع الناس بكل رأي؛ لأن الناس لا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك كما جاء في القرآن الكريم، فإذا كنا لا نستطيع أن نقنع الناس بأن هذه اللحوم التي تأتينا من البلغار هي حكمها
كالميتة، لكن ألا يعلمون أن هؤلاء البلغار يذبحون إخواننا المسلمين هناك؟ ! أما يكفي هذا الطغيان وهذا الاعتداء الأليم على إخواننا من المسلمين هناك أن يصرفنا عن اللحم البلغاري ولو كان حلالاً، هذا يكفي وهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
(الهدى والنور / 190/ 30: 00: 00)