المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خطورة الابتداع وبيان أنهلا بدعة حسنة في الإسلام - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٨

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌الزواج في بلاد الكفروالزواج من كتابيات

- ‌الزواج في بلاد الكفر بنية الطلاق

- ‌الزواج من الكتابيات

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌‌‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌ضابط الكتابي الذي يجوز مناكحتهوالأكل من طعامه

- ‌كيف تتزوج الفتاة في الدول الكافرة

- ‌الهجرة من بلاد الكفر

- ‌الهجرة من الدار التي يكثر فيها الفسق

- ‌الهجرة من البلاد التي تُحَارب فيها الدعوة

- ‌جواز الهجرة إلى بلاد الكفرإذا عدمت البلاد الإسلامية

- ‌الرجوع من بلاد الهجرة

- ‌الهجرة من بلاد الكفر

- ‌متفرقات في أبوابالولاء والبراء

- ‌استغابة وسب المشركين

- ‌الدعاء على الكفار

- ‌حكم الأكل من طعام أهل الكتابفي أعيادهم

- ‌معاملة محسني النصارى بالحسنى

- ‌حفر قبور للنصارى

- ‌حكم الجمع بين مقابر المسلمين والنصارى

- ‌اتباع جنائز أهل الكتاب

- ‌نصرانية حامل فأين تدفن

- ‌امرأة نصرانية يُشك في إسلامهافهل تدفن في مقابر المسلمين

- ‌امرأة نصرانية تريد أن تهب مالها لمسلمةمقابل أن تحفر لها قبرها وتزينه

- ‌رجل مات في بلاد الكفرفهل يدفن في التابوت

- ‌مصاحبة الأهل الكافرين إلى المقبرة

- ‌حكم الدفن في بلاد الكفار

- ‌حكم دخول الكنيسة لرؤية الآثاروزيارة المتاحف

- ‌حكم توصيل الناس إلى الكنيسة

- ‌العمل عند أهل الكتاب

- ‌العمل تحت إمرة كافر

- ‌حكم قول المسلم: أنا نصراني

- ‌كيفية مناقشة الكفار

- ‌مواساة أهل الكتاب لدعوتهم إلى الإسلام

- ‌الاستعانة بالمشركين

- ‌حكم التهرب من الخدمة العسكرية

- ‌حكم التجنس بجنسية بلد كافر

- ‌باب منه

- ‌الحصول على جواز سفر أجنبي

- ‌دار الإسلام ودار الكفر

- ‌الفرق بين دار الإسلامودار الكفر ودار الحرب

- ‌تطبيق الأحكام الشرعية في دار الكفر

- ‌هل النصارى في هذا العصر أهل كتاب

- ‌العمل في الشرطةوما شابهها في بلاد الكفر

- ‌القوانين في بلاد الكفر

- ‌تهنئة النصارى بأعيادهم

- ‌المسلمون ومدارس التنصير

- ‌حديث: فاضطروهم إلى أضيق الطرقات

- ‌حديث: اضطروهم إلى أضيق الطرق

- ‌الفرح ببعض أخبار الغربيين

- ‌السلام على النصارى

- ‌ذبائح أهل الكتاب

- ‌العمل بسفارة أجنبية

- ‌التحاكم إلى محاكم الكفار

- ‌إهداء المصحف لكافر

- ‌استقدام الخَدَم الأجانب إلى بلاد المسلمين

- ‌استقدام الأجانب إلى البلاد الإسلامية

- ‌عيد المعلم

- ‌حكم إقامة محاضرات عن المسيحعليه السلام في رأس السنة الميلادية

- ‌حكم تحية العَلَم

- ‌كتاب أصول البدع

- ‌التحذير من البدع

- ‌ذم البدع

- ‌التحذير من الابتداع في الدين

- ‌خطر الابتداع

- ‌خطر الابتداع

- ‌خطورة الإحداث في الدين

- ‌كلمة حول معنى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم)(كتاب الله وسنتي) وخطورة الإحداث في الدين

- ‌حول ظاهرة مخالفة السنة

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌خطورة الابتداع وبيان أنهلا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌خطورة الابتداع وبيان أنهلا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌قول ابن عمر: من ابتدعبدعة فرآها حسنة

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌لا بدعة حسنة في الإسلام

- ‌الاستدلال بقول عمر: نعمت البدعةهي على البدعة الحسنة

- ‌لا بدعة حَسَنة في الإسلام

- ‌باب منه

- ‌قول عمر: نعمت البدعة هذه

- ‌هل في الدين بدعة حسنة

- ‌البدعة والمصالح المرسلة

- ‌المصلحة المرسلة والبدعة

- ‌متى يقال: فلان مبتدع؟ والكلام علىالفرق بين البدعة والمصلحة المرسلة

- ‌ضابط المصالح المرسلة

- ‌المصالح المرسلة

- ‌متفرقات في أصول البدع

- ‌صاحب البدعة المكفرة

- ‌الرواية عن صاحب بدعة

- ‌ضابط البدعة

- ‌هل العادات تدخل في البدع

- ‌هل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:كل بدعة ضلالة من العام المخصوص

- ‌قاعدة: كل نص عام

- ‌الفرق بين العبادات المطلقة والمقيدة،وأثر ذلك في أبواب البدع

- ‌هل البدعة وصاحبها في النار

- ‌بين البدعة والسنة التركية

- ‌قول بعضهم: البدعة خاصةبالتغيير لا بالزيادة

- ‌الرد على أهل البدع

- ‌هل لأهل البدع توبة

- ‌هل تُترك سنة من السننإذا صارت شعارًا لأهل البدع

الفصل: ‌خطورة الابتداع وبيان أنهلا بدعة حسنة في الإسلام

‌خطورة الابتداع وبيان أنه

لا بدعة حسنة في الإسلام

مداخلة: يقول من المعلوم أن العبادات في الإسلام لا تثبت إلا بنص من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يجوز إحداث ذكر ولا عبادة فعلية إلا بدليل من كتاب الله وسنة رسوله، فما هو حكم ما يفعله بعض المؤذنين عند صلاة الجمعة بعد الأذان الأول حين يقوم المؤذن بقراءة سورة الإخلاص مرتين أو ثلاثاً حتى ينبه الناس كما يقول هو للصلاة وإقامتها أو للخطبة، ما هو حكم هذا الفعل؟

الشيخ: مما لا شك فيه ولا ريب يتردد فيه أن مثل هذا الأمر هو كما أشار إليه الرسول عليه السلام في بعض الأحاديث من محدثات الأمور، لا شك أن الأمر إنما كان في عهد النبي صلى الله عليه، وآله وسلم في يوم الجمعة وفي كل الصلوات الخمس في سائر أيام الأسبوع لم يكن هناك سوى الأذان والإقامة، لم يكن هناك شيء يتقدم إلى الأذان أو يتأخر عن الأذان، كما أنه لم يكن هناك شيء يتقدم الإقامة أو يتأخر عن الإقامة من المؤذن والمقيم، وإذ الأمر كذلك فيجب أن نستحضر ما كان نبينا صلوات الله وسلامه عليه يخطب في الصحابة كل جمعة يبتدئ خطبة الجمعة بقوله: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده

ص: 262

ورسوله، فيقول في خطبة الجمعة: أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه، وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، زاد في حديث أو في رواية للنسائي: وكل ضلالة في النار، فإذا كان حقاً وهو كذلك بحق خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه، وآله وسلم فلا يجوز لمسلم مؤمن بالله ورسوله حقاً أن يتقدم بين يديه فيما جاءنا من شرع عن ربه بزيادة أو نقص فالأمر كما تقول العامة في بعض البلاد الزائد أخو الناقص .. الزائد أخو الناقص؛ فهل الرجل الذي يصلي الفجر مثلاً ثلاثاً أو أربعاً كالذي يصلي المغرب أربعاً أو اثنتين؟ لا فرق بين الأمرين؛ لأن كلاً منهما خلاف ما جاء به الرسول صلوات الله وسلامه عليه ..

لا يقال هنا كما يقال من كثير من الغافلين أو الجاهلين يا أخي هذا في الفرض، يعني يوافق فوراً أنه لا يجوز أن نصلي الفجر ثلاثاً أو أربعاً ويوافق فوراً أنه لا يجوز أن نصلي المغرب أربعاً أو اثنتين، والجواب عندهم زعموا هذا فرض، نقول طيب الحمد لله أننا اتفقنا في الفرض، تعال ننزل إلى ما ليس بفرض .. إلى السنة، هل يجوز لك أن تصلي سنة الفجر ثلاثاً أو أربعاً؟ هنا المسكين يبهت لأنه من الغافلين، وإذا استيقظ مع ذلك بعد رأي وزمن طويل نقول له جزاك الله خير، إذا انتبه أنه لا يجوز أيضاً الزيادة حتى في هذه النافلة حينئذ نشكره على هذا الانتباه وننقله إلى بيت القصيد كما يقال وإلى موضع الخلاف .. إذاً ما الفرق بين الأذان الذي تقدم بين يديه زيادة أو تأتي بزيادة في آخره؟ هذا لو سلمنا جدلاً أن الأذان سنة فقط والقول الصحيح أن الأذان واجب وليس بسنة فقط، بمعنى أن الإنسان يخيّر بين أن يفعل فيثاب، وبين أن يترك فلا يعاقب! لا ليس الأمر كذلك، وإنما الأذان كالإقامة كل منهما أمر واجب لا يجوز تركه وبخاصة في المساجد، فقد كان من شعار المسلمين ..

كان الأذان من شعار المسلمين إلى درجة أن النبي صلى الله عليه، وآله وسلم كان إذا

ص: 263

خرج غازياً داعياً إلى الله ومر بقرية مصبحاً أمر أصحابه أن يتوقفوا وأن يصغوا إذا سمعوا أذاناً مضى في سبيله، وإذا لم يسمع أذاناً هاجم القرية، أي اعتبرها قرية غير مسلمة؛ فهذا دليل عظيم عملي أكبر دليل على أن الأذان هو من شعائر الإسلام ولا يجوز التهاون به، فإذا فرضنا أن هذا الأذان سنة! فقد اتفقنا مع هذا المخالف أنه لا فرق بين كونه شيء سنة وبين كونه فرضاً أو واجباً أنه لا يجوز الزيادة فيه ولا النقص منه، فإذاً كيف استجزتم الزيادة على الأذان قبله وبعده وربما أشياء أخرى مما جاء ذكره في السؤال قراءة قل هو الله أحد ثلاث مرات، وما يسمى بلغة الفقهاء الترقية بين يدي الخطيب إذا صعد على المنبر يوم الجمعة كل هذا وذاك لا أصل له في السنة، فيا ليت شعري من كان يؤمن بقوله عليه السلام السابق ذكراً: خير الهدى هدى محمد، هل يتصور .. هل يتصور منه أن يزيد على هديه عليه السلام؟ أنا أخشى على هؤلاء أن يأتيهم اليقين الموت وهم غير مسلمين لماذا؟ لأني لا أتصور مؤمناً يؤمن برسوله حقاً وأنه بلّغ الرسالة وأدى الأمانة لا شطط فيها ولا نقص ولا زيادة ثم هو يتجرأ على مقام الرسول عليه السلام وعلى هديه فيزيد ما شاء على هديه عليه السلام ويكون جوابه مع الأسف الشديد شو فيها يا أخي! هذا غافل والغافل يجب أن ينبه، لكن أنا أخشى ما أخشى أن تستمر في الغفلة إلى يوم الوفاة، وحينئذ يُخشى أن يموت على غير الإيمان، لماذا؟ لأنني أفهم أن هذا الإنسان ما دخل قوله عليه السلام: خير الهدى هدى محمد إلى شغاف قلبه كما يقال، وإلا لكان هذا وحده رادعاً له عن أن يتجرأ على مقام النبوة فيزيد فيما جاء به الرسول عليه السلام بزعم أن هذا خير وهناك حديث آخر يقول الرسول عليه السلام مؤكداً لحديثه الأول: ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ..

ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، سؤال: نبينا كذلك وإلا

ص: 264

خير من ذلك، وإلا دون ذلك؟ لا شك أنه خير من ذلك، ويؤكد لكم هذا حديثه الآخر وهو قوله عليه السلام: ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعّدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه، هذا الحديث والذي قبله والذي قبله وكل أحاديث الرسول عليه السلام هي في الحقيقة تبيين وتفصيل للآية الكريمة:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3] وقد فهم عظمة هذه الآية الكريمة بعض السالفين الأولين أحدهم كان يهودياً، ثم من الله عليه بالإسلام ألا وهو كعب الأحبار حينما جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا أمير المؤمنين آية في كتاب الله لو علينا معشر يهود نزلت لاتخذنا يوم نزولها عيداً .. قال عمر: ما هي؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] إلى آخر الآية قال عمر: أنا من أعرف الناس بها لقد نزلت يوم جمعة، هذا عيد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عرفة هذا عيد، فإذاً هي نزلت في عيد في عيد؛ فلا تطمع في أكثر من ذلك كأنه يقول لذاك الرجل، قلت: عرف عظمة هذه الآية بعض السالفين أحدهم هذا الذي كان يهودياً ثم أسلم أقول أنا من عندي كان يهودياً ثم أسلم لأن في بعض الروايات أنه كعب الأحبار الحديث في الصحيح أن رجلاً من اليهود قال: لو علينا معشر يهود .. إلى آخره.

ومن السالفين أحد أئمة المسلمين المشهورين المتبعين ألا وهو الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة كان رضي الله عنه يقول، له كلمة كما يقال تكتب بماء الذهب وهي: من ابتدع بدعة يراها حسنة فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خان الرسالة اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3] ثم أتبعه ببعض الكلمات هي بيانات لمضامين هذا النص القرآني الكريم، فيقول: فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم

ص: 265

ديناً {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] خلاص ما بقى فيه شيء جديد، فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، من هي آخر هذه الأمة؟ نحن هنا بلا شك، فنريد الصلاح ونريد الإصلاح وكثير .. وكثير ممن يدّعون الإصلاح ويريدون إقامة الدولة المسلمة على وجه الأرض لا يدندنون حول هذه الكلمة المالكية المدنية لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، بماذا صلُح به أولها؟ أبالابتداع أم بالاتباع؟ لا شك أن الجواب عند الجميع، حتى الذين يقولون بالبدع الحسنة لا يستطيعون أن يقولوا إلا بقولنا ما صلح أمر هذه الأمة في أول شأنها إلا باتباعهم لنبيها صلوات الله وسلامه عليه إذاً فليكون معنا دعوة وسلوكاً، كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، كل: من ألفاظ الشمول والعموم عند علماء الأصول، كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار؛ هذا على وزن كل مسكر خمر وكل خمر حرام، كلكم يدخل الجنة يخاطب المسلمين، وليؤكد أن الأصل في هذه الكلمة العموم أو الشمول يقول عليه السلام في هذا الحديث الأخير (انقطاع في الصوت) تعجب أصحابه قالوا: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى، إذاً كل مسلم يدخل الجنة لا استثناء، كل مسكر خمر لا استثناء، كل بدعة ضلالة لا استثناء أبداً ..

فمن الضلالة أن يقول المسلم وبخاصة إذا كان أوتي شيئاً من العلم والفقه لا صدماً ضرباً للحديث في الصدر، الحديث يقول كل بدعة ضلالة هو يقول: لا ليس كل بدعة ضلالة، البدعة تنقسم إلى خمسة أقسام، ثم يفصلونها كما ربما قرأ بعضكم ذلك التفصيل في بعض الكتب كيف هذا؟ هذا هو الانحراف عمّا كان عليه الرسول عليه السلام ولكني لا أريد أن أكون متجنياً ومعتدياً فإني أعلم أن بعض أهل العلم والفضل ديناً وحديثاً وقعوا في هذا الخطأ حينما قسّموا البدعة إلى خمسة أقسام، ومنهم الإمام النووي رحمهم الله؛ هذا

ص: 266

التقسيم لديهم الحقيقة يجب أن يكون طلاب العلم على بيّنة من هذا التقسيم أنه تقسيم لغوي وليس تقسيماً شرعياً، تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام كتقسيمها إلى بدعة حسنة وسيئة، لكن هذا التقسيم ليس تقسيماً شرعياً باصطلاحهم إنما هو تقسيم لغوي يقصدون بذلك أن هناك أموراً حدثت من بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومع ذلك لا تعتبر ضلالة وإنما هي بدعة حسنة، وهذه البدعة الحسنة قد تكون واجبة وقد تكون سنة، وقد وقد .. ، إلى آخره، أريد من هذا التنبيه والتذكير إلى أنهم حينما يقسمون البدعة إلى خمسة أقسام لا يعنون البدعة الشرعية، وإنما البدعة اللغوية، أي الأمر الذي حدث هو لن ينقبل هذا التقسيم من حيث أدلة الشرع، فما قام الدليل الشرعي على حسنه فهو حسن، وما لم يقم الدليل الشرعي على حسنه فهو ضلالة.

لعل ضرب الأمثلة هي التي توضح مثل هذه القضية .. كلنا يعلم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخرج اليهود من خيبر، لا شك أن هذا الإخراج كان بعد وفاة الرسول بزمان لأنه كان في خلافة عمر بن الخطاب فهذا الإخراج من حيث التعبير اللغوي بدعة، يعني شيء حدث لم يكن من قبل، لكن هل هو بدعة ضلالة؟ الجواب لا لم؟ لأن عمر رضي الله عنه إنما نفّذ بهذا الإخراج أمراً وشرطاً نبوياً كان عليه السلام قد وضعه لليهود حينما شاطرهم على خيبر شطر ما يستثمر منه للرسول، والشطر الآخر لليهود فأقرهم في خيبر قال عليه السلام لهم: ما شئنا، ليس إلى الأبد .. فرأى عمر بن الخطاب أن يخرجهم تنفيذاً لهذه المشيئة مشيئة الأمة، هذا بدعة لغة لكن ما دام قام الدليل الشرعي على جوازه فليس بدعة، مثال آخر ولعله أوضح وأهم .. لقد بدأ أبو بكر وثنى عمر وثلث عثمان بجمع القرآن في الصحف، بعد أن كان مفرقاً والقصة معروفة في الصحيح وفي غيره هذا أمر لم يكن في عهد الرسول عليه السلام فهو أمر حادث فيمكن أن

ص: 267

نقول إن هذا بدعة في اللغة العربية، ولكنه أمر واجب قام الدليل الشرعي على هذا العمل من باب أولاً قاعدة فقهية ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب، هل يمكن حفظ الدين والإسلام إلا بحفظ كلام رب العالمين؟ هذا لا بد منه، ثانياً هناك عندنا نص في القرآن الكريم:{الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 1 - 2] ذلك الكتاب ..

أين الكتاب؟ هو هذا الذي أشار إليه رب العالمين، وكان سابقاً في اللوح المحفوظ ومقرراً في التشريع بأنه يجب أن يكون كتاباً مثله؛ فحينما نسمع ضرب مثال على البدعة الواجبة لهذا أو لذاك، أو بهذا أو بذاك ضرب مثال بجمع القرآن بيقولوا هذه بدعة يجب أن نتأول كلامه لأن الأصل في كلام العلماء أن يُحمل على المحمل الحسن، فيجب أن نتأول كلامهم بأنه بدعة بمعنى أمر حدث، لكن هذا الذي حدث ما حدث هذا اعتباطاً وعلى قول العامة شو فيها يا أخي! لا إنما هذا بدليل موجب لمثل هذا .. الجمع ولذاك الإخراج الذي فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعلى ذلك فقيسوا كل البدع التي حدثت وستحدث إن قام الدليل الشرعي على جوازها أو وجوبها فهذه ليست بدعة شرعية؛ لأن البدعة الشرعية صفتها ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما البدعة اللغوية فهي تقبل هذا التقسيم باعتبار الأدلة الشرعية فما دل على الوجوب فواجب، ما دل على الجواز فهو جائز، إلى غير ذلك من تلك المراتب المعروفة، مثلاً بعض الجهلة لما نقول له: هذه يا أخي بدعة، والرسول يقول: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وإياكم ومحدثات الأمور .. إلى آخر الحديث يقول لك .. يا أخي هذه السيارة التي أنت تركبها هذه بدعة؟ سبحان الله هذه سيارة من الأمور المباحة التي تدخل في عموم قوله تعالى:{وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 8] وهذا مما لا نعلم كما حدثت أشياء كنا لا نعلم {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] بلا شك هذا الشاي وهذه الكأس بخصرها ورقبتها و

ص: 268

و .. ، إلى آخره، لم يكن في ذلك الزمن فهذا الشرب شو حكمه بدعة؟ لا نقول بدعة صحيح عندما نريد أن ندقق كان هذا في زمن الرسول؟ ما كان في زمن الرسول، إذاً هذه بدعة .. نعم بدعة لغة قال تعالى في حقه:{بَدِيعُ السَّمَوَاتِ} [البقرة: 117] يعني موجدهما بعد أن لم يكونا موجودتين، فهو المبتدع، وهو الموجد، فهو المحدِث .. ،

إلى آخره فهذه بدعة لغة لكن لماذا ندخلها في مسمى لفظة البدعة التي أطلق الرسول عليها قوله: كل بدعة ضلالة، هكذا فإذا قامت الأدلة الشرعية على وجوب بدعة نقول بوجوبها لا لأنها حدثت وإنما لأنها وجبت، وكذلك إذا قام الدليل على جواز شيء لا نقول هذا جائز لأنها حدثت! لا هي جائزة ولو لم تحدث لأنها داخلة في النصوص الشرعية، وهكذا وفي ذلك نقول ختاماً أيضاً لهذا الموضوع .. إذا جاءت لفظة البدعة في لغة الشرع فيجب أن نفسّرها بعرف الشرع، فالبدعة حيثما جاءت في أحاديث الرسول عليه السلام فهي مضمونة أولاً والمقصود بها الابتداع في الدين ثانياً، وإذا جاءت في ألفاظ العلماء فتفسّر حسب المقام كما ذكرنا لكم من تقسيم بعض العلماء للبدعة إلى خمس أقسام نقول هذا تقسيم للبدعة اللغوية، أما البدعة الشرعية فهي مذمومة على الإطلاق؛ ولهذا قال عبد الله بن عمر بن الخطاب وبهذا الأثر الصحيح أختم الجواب عن ذاك السؤال .. قال رضي الله عنه: كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة .. كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة، هذا بدهي أنه يفسر البدعة في هذا الحديث بالبدعة الشرعية فكأنه يتكلم عن رأينا بأوجز عبارة .. كل بدعة أي شرعية ضلالة وإن رآها الناس حسنة.

غيره.

(الهدى والنور / 215/ 30: 00: 00)

ص: 269